يزيد بن الحسين - ألمانيا
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4244
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لقد اعتاد البشر وما يزالون عند اندلاع المشاكل اتهام الاخر وتنزيه الذات وهذا يحمل مجموعة من الاخطاء القاتلة لان اتهام الاخرين وتنزيه الذات تلحق الشلل الكامل بألية تطهير الذات وامكانية تصويبها وان قصة ادم والشيطان فى القران الكريم تحمل مجموعة من الرموز
فالتناقض بين موقفى ادم والشيطان انبثقت من مراجعة الذات بالنسبة لادم والى اتهام الاخر بالنسبة للشيطان فالشيطان اختار اتهام الاخر وهو الرب فأخرج تفسه من المشكلة فهو غير متهم ولاملام عن موقفه حين احال خطأه الى مصدر خارجى مغزاه الى الله )بما اغويتنى( فهو اذا لم يخطىء وهو اذا كامل بكلمة اخرى رفع نفسه الى درجة الكمال الالهى الذى لايعتريه النقص ولايقاربه الخطأ فى حين كان موقف ادم انه قام بمراجعة قاسية للذات وكانت حواء معه يدا بيد فى هذا الاختيار القاسى فأنشد كلاهما )ربنا ظلمنا انفسنا( ومع هذه المراجعة النفسية ومواجهة الذات والاعتراف بالخطأ غفر الله لهم ذنوبهم وبدون ان تتحمل ذريتهم بالذنب بعدهم كما يدعى النصارى ذلك.
وهذه القاعدة المهمة فى النقد الذاتى تؤسس عندنا ان لانلوم احدا عند وقوعنا فى الخطأ مع ادراكنا الكامل ان الاخر المشترك فى توليد الحدث لان ذلك يؤدى الى شلل عملية الاصلاح والدخول فى التوبة فالشيطان حينما قام يتبرير خطئه بانه غير متسبب فيه وان الله هو الذى دفعه اليه )بما اغويتنى( ترتب عليها ان دخل فى طريق اللاعودة بالنسبة للتوبة والرحمة اى قطع الطريق لاى امكانية فى الاصلاح المستقبلى
ومن الغريب ان الشيطان ينتبه الى هذه الحقيقة ولكن بشكل متأخر حيث لا فائدة. فالقران يذكر عنه انه يقوم يوم القيامة فيعترف انه لم يكن له سلطان على الناس ) الا ان دعوتكم فاستجبتم لى فلا تلومونى ولوموا انفسكم( وهذه الحكمة التى نطقها الشيطان تمثل قانونا صارما فى التعاملات اليومية وهى ان لانسلط اللوم على احد حتى ولو كان الشيطان ولعل القران انفرد بمصطلح غفل عنه العالم الاسلامى حتى اليوم وهو )ظلم النفس( فعشرات الايات تقود الى ظلم الانسان لنفسه اكثر من ظلم الاخرين ) فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون( وعندما شعر نبى الله يونس عليه السلام انه غرق فجأة فى بطن الحوت لم يلعن الظروف التى قادته الى هذا المصير الفظيع بل توجه باللوم الى نفسه) فنادى فى الظلمات ان لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين( ان العالم الاسلامى عنده استعدادا ان يبحث بدون ملل فى توجيه اللوم وتوزيع اللعنات فى كل اتجاه واكتشف الاعداء الذين يقفون خلف عجزه وليس عنده استعداد للوقوف لحظة واحدة لاكتشاف مرض ظلم الانسان لنفسه فالفرد يلعن الافراد الاخرين المتسببين فى وضعه الذى لايعجبه فاذا رسب الطالب فى الامتحان لعن الاستاذ او الاسئلة الصعبة او الحظ السىء او الشيطان الرجيم بينما لايلعن نفسه الظالمة وهو نفس السلاح الذى عمد اليه الشيطان فى تبرير خطئه )بما اغويتنى( فيتم التوجه الى الارادة الالهية التى هى خلف هذا الفشل
ومن هنا نرى ان عملية النقد الذاتى والقدرة على الاعتراف بالخطأ والاعتذار اى التوبة حسب مصطلح القران هى عملية النضج التام فادم دخل مرحلة جديدة بعد تجربة السقوط المريرة وكانت مرحلة النضج هذه هى )رب انى ظلمت نفسى( التى توجت رأسه بأكليل خلافة الله فى الارض استكبار الشيطان
ان اول من استكبر وعصى امر ربه فى السجود للانسان واختياره الهوى فى معارضة الامر ثم سارت فى الخليقة حتى صارت مذاهب وبدع وضلالة هى عصيان الشيطان امر الله فى السجود لادم عليه السلام وقد ذكرت فى الكتب المقدسة متفرقة على شكل مناظرات بينه وبين الملائكة بعد الامر بالسجود والامتناع منه. وتيدأ الحكاية هكذا. يقول الشيكان للملائكة انى سلمت ان البارى تعالى الهى واله الخلق عالم قادر ولايسألأ عن قدرته ومشيئته وانه مهما اراد شيئا قال له كن فيكون وهو حكيم الا انه يتوجه على مساق حكمته اسئلة قالت الملائكة ماهى؟ وكم هى؟ قال لعنه الله سبعة
الاول. انه قد علم قبل خلقى اى شىء يصدر منى ويحصل منى فلم خلقنى اولا؟ وما الحكمة فى خلقه اياى
الثانى. اذ خلقنى على مقتضى ارادته ومشيئته فلم كلفنى بمعرفته وطاعته وما الحكمة فى هذا التكليف بعد ان لاينتفع بطاعة ولا يتضرر بمعصية
الثالث. اذ خلقنى وكلفنى فالتزمت تكليفه بالمعرفة والطاعة فعرفت واطعت فلم كلفنى بطاعة ادم والسجود له؟ وماالحكمة فى هذا التكليف على الخصوص يعد ان لايزيد فى معرفتى وطاعتى اياه
الرابع. اذ خلقنى وكلفنى على الاطلاق وكلفنى بهذا التكليف على الخصوص فاذا لم اسجد لادم فلم لعننى واخرجنى من الجنة؟ وما الحكمة فى ذلك بعد ان لم ارتكب قبيحا الا قولى لااسجد الا لك
الخامس. اذ خلقنى وكلفنى مطلقا وخصوصا فلم اطع فلعننى وطردنى فلم طرقنى الى ادم حتى دخلت الجنة ثانيا وغررته بوسوستى فاكل من الشجرة المنهى عنها واخرجه من الجنة معى ؟ وما الحكمة فى ذلك بعد ان لومنعنى من دخول الجنة لاستراح منى ادم وبقى خالذا فيها
السادس. اذ خلقنى وكلفنى عموما وخصوصا ولعننى ثم طرقنى الى الجنة وكانت الخصومة بينى وبين ادم فلم سلطنى على اولاده حتى اراهم من حيث لايرونى وتؤثر فيهم وسوستى ولايؤثر فى حولهم وقوتهم وقدرتهم واستطاعنهم وما الحكمة فى ذلك بعد ان لو خلقهم على الفطرة دون من يحتالهم يصرفهم عنها فيعيشوا طاهرين سامعين مطيعين كان احرى بهم واليق بالحكمة
السابع. سلمت هذا كله خلقنى وكلفنى مطلقا ومقيدا واذ لم اطع لعننى وطردنى واذ اردت دخول الجنة مكننى وطرقنى واذ عملت عملى اخرجنى ثم سلطنى على بنى ادم فلم اذ استمهلته امهلنى؟ وما الحكمة فى ذلك بعد ان لو اهلكنى فى الحال استراح ادم والخلق منى ومابقى شر ما فى العالم اليس بقاء العالم على نظام الخير خيرا من امتزاجه بالشر قال فهذه حجتى على ماادعيه فى كل مسألة. فأوحى الله تعالى الى الملائكة قولوا له انك فى تسليمك الاول انى الهك واله الخلق غير صادق ولامخلص اذ لو صدقت انى اله العالمين مااحتكمت على بلم فاننا الله لا اله لا انا لااسال عما افعل والخلق مسئولون
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: