البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

نفحات ودروس قرانية - 2 - الفرق بين مغفرة الذنوب، وتكفير السيئات في القرآن الكريم

كاتب المقال أ. د/ احمد بشير - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3900


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


قال تعالى : {رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ } ( آل عمران : 193 )
***
" لا تنثروه نثر الدقل، ولا تهذوه هذ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكون هم أحدكم آخر السورة " ( عن القرآن الكريم، عبد الله ابن مسعود، أخرجه الآجري في " حملة القرآن )

******************
الحمد لله رب العالمين كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، الحمد لله الذي عـمَّ فضـله جميع الكائنات، ووسعت رحمته كل شئ في الأرض والسماوات، وأفضل الصـلاة وأتم السـلام على سيد السادات، ونبي المعجزات الباهرات، سيدنا محمد صاحب الخلق العظيم، المرسل من قبل الله تعالى رحمة للعالمين، عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، والصحابة النجباء، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،
أما بعد :
عجائب القرآن لا تنتهي، وفرائده لا حصر لها، والوقوف أمام عجائب القرآن وفرائده أمر لا يستغني عنه مسلم، استجابة لأمر الله تعالى لنا بتدبر آيات القرآن، وفهم دلالاتها ومعانيها ومراميها، مما يزيد المؤمن تعلقا بكتاب الله، ووعيا بأسراره، وفهما لدقائقه، ويسرا في العمل به وتطبيق ما جاء فيه من قيم ومبادئ وأحكام،
ولذلك فإننا سنحاول في هذه السلسلة أن ننتقي بعضا من فوائد القرآن، ونماذج من فرائده التي نقف عليها من خلال تلاوتنا لكتاب الله تعالى، وما يدور حوله من كتب التفسير والقراءات، والبلاغة والاعجاز ...وغيرها،
وسوف نعيش في هذه العجالة السريعة مع بعض الفوائد القرآنية، واللمسات البيانية التي تدور حول الفرق بين مغفرة الذنوب وتكفير السيئات في استعمال القرآن الكريم، حيث يجد المتأمل لآيات القرآن الكريم أنه يستعمل المغفرة مع الذنوب، والتكفير مع السيئات، وكثيرا ما يرد التساؤل عن الحكمة في هذا، وعما إذا كان هناك ثمة فرق بينهما، وفي هذا الصدد استنبط بعض أهل العلم هذه القاعدة التي تقول :
- حيثما وردت الذنوب في القرآن الكريم فالمراد بها الكبائر، وحيثما وردت السيئات فالمراد بها الصغائر،
والْكَبَائِرُ : هِيَ مَا كل ذنب فِيهَ حَدٌّ فِي الدُّنْيَا أَوْ فِي الْآخِرَةِ : كَالزِّنَا، وَالسَّرِقَةِ، وَالْقَذْفِ، ....الَّتِي فِيهَا حُدُودٌ فِي الدُّنْيَا، وَكَالذُّنُوبِ الَّتِي فِيهَا حُدُودٌ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْوَعِيدُ الْخَاصُّ، مِثْلُ الذَّنْبِ الَّذِي فِيهِ غَضَبُ اللَّهِ وَلَعْنَتُهُ، أَوْ جَهَنَّمُ ؛ وَمَنْعُ الْجَنَّةِ : كَالسِّحْرِ، وَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ، وَالْفِرَارِ مِنْ الزَّحْفِ، وَعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ، وَشَهَادَةِ الزُّورِ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ ,,,,,,وَنَحْوِ ذَلِكَ. هَكَذَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَة وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ. قَالَ تَعَالَى : {إنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} وَقَالَ تَعَالَى : {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ }( الشورى : 37 ) (1)،

قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْكَبَائِرِ أَسَبْعٌ هُنَّ؟ قَالَ : هُنَّ إِلَى السَّبْعِمِائَةِ أَقْرَبُ، إِلَّا أَنَّهُ لَا كَبِيرَةَ مَعَ الِاسْتِغْفَارِ، وَلَا صَغِيرَةَ مَعَ الْإِصْرَارِ، وَقَالَ : كُلُّ شَيْءٍ عُصِيَ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ كَبِيرَةٌ، مَنْ عَمِلَ شَيْئًا مِنْهَا فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُخَلِّدُ فِي النَّارِ مِنَ الْأُمَّةِ إِلَّا مَنْ كَانَ رَاجِعًا عَنِ الْإِسْلَامِ، أَوْ جَاحِدًا فَرِيضَةً، أَوْ مُكَذِّبًا بِالْقَدَرِ.(2)

وثمة قاعدة أخرى ذكرها بعض أهل العلم تتعلق بموضوع الذنوب والسيئات وهي :
- أن لفظ المغفرة – في القرآن الكريم – يرد مع الذنوب، ولفظ التكفير يرد مع السيئات،
- يقول الإمام " ابن القيم " رحمه الله : " ....وعند التأمل في آيات القرآن الكريم نجد أن لفظ ( المغفرة ) يرد مع الذنوب، ولفظ ( التكفير ) يرد مع السيئات، قال تعالى : { رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا}، وذلك لأن لفظ المغفرة يتضمن الوقاية والحفظ، ولفظ التكفير يتضمن الستر والإزالة، والدليل على أن السيئات هي الصغائر، والتكفير لها : قوله تعالى : {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً } ( النساء :31 ) (3)،
ولقد عقد " ابن القيم " فصلا في كتابه " مدارج السالكين " بعنوان : " فَصْلٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ تَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ وَمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ " : جاء فيه :
- " وَقَدْ جَاءَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُمَا مُقْتَرِنَيْنِ، وَذِكْرُ كُلًّا مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا عَنِ الْآخَرِ، فَالْمُقْتَرِنَانِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ : {رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} ( آل عمران : 193 )، وَالْمُنْفَرِدُ كَقَوْلِهِ : {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} ( محمد : 2 )، وَقَوْلِهِ فِي الْمَغْفِرَةِ : {وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ} ( محمد : 15 )، وَكَقَوْلِهِ : {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا} ( آل عمران : 147 ) وَنَظَائِرِهِ، فَهَاهُنَا أَرْبَعَةُ أُمُورٍ : ذُنُوبٌ، وَسَيِّئَاتٌ، وَمَغْفِرَةٌ، وَتَكْفِيرٌ.
فَالذُّنُوبُ : الْمُرَادُ بِهَا الْكَبَائِرُ، وَالْمُرَادُ بِالسَّيِّئَاتِ : الصَّغَائِرُ، وَهِيَ مَا تَعْمَلُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ مِنَ الْخَطَأِ، وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ، وَلِهَذَا جُعِلَ لَهَا التَّكْفِيرُ، وَمِنْهُ أُخِذَتِ الْكَفَّارَةُ، وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا سُلْطَانٌ وَلَا عَمَلٌ فِي الْكَبَائِرِ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، فَلَا تَعْمَلُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ، وَلَا فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَأَبِي حَنِيفَةَ،
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ " الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ "،
وَلَفْظُ الْمَغْفِرَةِ أَكْمَلُ مِنْ لَفْظِ التَّكْفِير وَلِهَذَا كَانَ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَالتَّكْفِيرُ مَعَ الصَّغَائِرِ، فَإِنَّ لَفْظَ الْمَغْفِرَةِ يَتَضَمَّنُ الْوِقَايَةَ وَالْحِفْظَ، وَلَفْظَ التَّكْفِيرِ يَتَضَمَّنُ السَّتْرَ وَالْإِزَالَةَ، وَعِنْدَ الْإِفْرَادِ يَدْخُلُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْآخَرِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى :{كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ}( محمد : 2 ) يَتَنَاوَلُ صَغَائِرَهَا وَكَبَائِرَهَا، وَمَحْوَهَا وَوِقَايَةَ شَرِّهَا، بَلِ التَّكْفِيرُ الْمُفْرَدُ يَتَنَاوَلُ أَسْوَأَ الْأَعْمَالِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : {لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا} ( الزمر : 35 )،
وَإِذَا فُهِمَ هَذَا فَهْمَ السِّرِّ فِي الْوَعْدِ عَلَى الْمَصَائِبِ وَالْهُمُومِ وَالْغُمُومِ وَالنَّصَبِ وَالْوَصَبِ بِالتَّكْفِيرِ دُونَ الْمَغْفِرَةِ، كَقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : " مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ هَمٍّ وَلَا غَمٍّ وَلَا أَذًى - حَتَّى الشَّوْكَةُ يَشَاكُهَا - إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ "، فَإِنَّ الْمَصَائِبَ لَا تَسْتَقِلُّ بِمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ، وَلَا تُغْفَرُ الذُّنُوبُ جَمِيعُهَا إِلَّا بِالتَّوْبَةِ، أَوْ بِحَسَنَاتٍ تَتَضَاءَلُ وَتَتَلَاشَى فِيهَا الذُّنُوبُ، فَهِيَ كَالْبَحْرِ لَا يَتَغَيَّرُ بِالْجِيَفِ، وَإِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ، فَلِأَهْلِ الذُّنُوبِ ثَلَاثَةُ أَنْهَارٍ عِظَامٍ يَتَطَهَّرُونَ بِهَا فِي الدُّنْيَا، فَإِنْ لَمْ تَفِ بِطُهْرِهِمْ طُهِّرُوا فِي نَهْرِ الْجَحِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ :
0 نَهْرُ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ،
0 وَنَهْرُ الْحَسَنَاتِ الْمُسْتَغْرِقَةِ لِلْأَوْزَارِ الْمُحِيطَةِ بِهَا،
0 وَنَهْرُ الْمَصَائِبِ الْعَظِيمَةِ الْمُكَفِّرَةِ،
فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ خَيْرًا أَدْخَلَهُ أَحَدَ هَذِهِ الْأَنْهَارِ الثَّلَاثَةِ، فَوَرَدَ الْقِيَامَةَ طَيِّبًا طَاهِرًا، فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى التَّطْهِيرِ الرَّابِعِ (4)،

الفرق بين الذنوب والسيئات :

هذا ولقد تعددت أقوال العلماء والمفسرين حول الفرق بين الذنوب والسيئات بوجه عام، ففي تفسير قول الله تعالى : { رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ } ( آل عمران : 193 )، جاء في " بحر العلوم " : " ....وقال الكلبي : الذنوب الكبائر ودون الكبائر، والسيئات الشرك، وقال الضحاك : ذنوبنا يعني ما عملوا في حال الجاهلية، وكفر عنا سيئاتنا، يعني : ما عملوا في حال الإسلام، ويقال : الذنوب والسيئات بمعنى واحد، ويقال : الذنوب هي الكبائر، والسيئات ما دون الكبائر التي تكفر من الصلاة إلى الصلاة " (5)،
وقال النيسابوري : " أصل الغفر والتكفير كلاهما الستر والتغطية، وأما الذنوب والسيئات فقيل : هما واحد والتكرار للتأكيد والإلحاح، إن الله يحب الملحين في الدعاء، وقيل : الأوّل الكبائر، والثاني الصغائر، وقيل : الأوّل أريد به ما تقدم منهم، والثاني المستأنف، وقيل : الأول ما أتى به الإنسان مع العلم بكونه معصية وذنبا، والثاني ما أتى به مع الجهل بكونه ذنبا " (6)،
وقال " الشوكاني " في تفسير الآية السابق ذكرها : " ...قِيلَ : الْمُرَادُ بِالذُّنُوبِ هُنَا: الْكَبَائِرُ، وَبِالسَّيِّئَاتِ: الصَّغَائِرُ. وَالظَّاهِرُ: عَدَمُ اخْتِصَاصِ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، وَالْآخَرِ بِالْآخَرِ، بَلْ يَكُونُ الْمَعْنَى فِي الذُّنُوبِ وَالسَّيِّئَاتِ وَاحِدًا، وَالتَّكْرِيرُ لِلْمُبَالَغَةِ وَالتَّأْكِيدِ، كَمَا أَنَّ مَعْنَى الْغَفْرِ وَالْكُفْرِ: السَّتْرُ " (7)،
وقال صاحب تفسير " حدائق الروح " : " .. {رَبَّنَا فَاغْفِرْ}؛ أي: فاستر لنا {ذُنُوبَنَا} الكبائرَ، أو الماضية، ولا تفضحنا بها {وَكَفِّرْ}؛ أي: وغط وامح بفضلك ورحمتك {عَنَّا سَيِّئَاتِنَا} الصغائر، أو المستقبلة، وقيل : المراد بالأول ما يزول بالتوبة، وبالثاني ما تكفره الطاعة العظيمة، وقيل: المراد بالأول ما أتى به الإنسان مع العلم بكونه معصيةً، وبالثاني ما أتى به الإنسان مع جهله بذلك. والظاهر : عدمُ اختصاص أحد اللفظين بأحد الأمرين، والآخر بالآخر، بل يكون المعنى في الذنوب والسيئات واحدًا، والتكرير للمبالغة، والتأكيد كما أن معنى الغفر، والتكفير واحد. والغفران: الستر، والتغطية، يقال: رجل مكفر بالسلاح؛ أي: مغطى به، قال لبيد:
في لَيْلَةٍ كَفَرَ النُّجُوْمَ ظَلاَمُهَا، وكذلك التكفير معناه الستر، فهما بمعنى واحد، وإنما ذكرَهما للتأكيد؛ لأن الإلحاحَ في الدعاء، والمبالغةَ فيه مندوب إليه (8)،

------------------------------------------------------

الهوامش والاحالات :
=============
(1) - تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني ( ت : 728هـ) : " مجموع الفتاوى "، تحقيق : عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية، 1416هـ/1995م، ج11، ص : 658،
(2) - محمد بن أبي بكرابن قيم الجوزية : " مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين "، تحقيق : محمد حامد الفقي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط2، 1393 هـ - 1973م، ج1، ص : 330
(3) – " نفس المرجع السابق "، ج1، ص : 319،
(4) – " نفس المرجع السابق "، ص : 319،
(5) - أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي ( ت : 373هـ) : " بحر العلوم "، ج1، ص : 274، المصدر : موقع المكتبة الشاملة على الانترنت، http://www.shamela.ws
(6) - نظام الدين الحسن بن محمد بن حسين القمي النيسابوري ( ت : 850هـ) : " غرائب القرآن ورغائب الفرقان "، تحقيق : الشيخ زكريا عميرات، دار الكتب العلميه، بيروت، لبنان، 1416 هـ، ج2، ص : 323،
(7) - محمد بن علي بن محمد الشَّوكاني ( ت : 1250هـ ) : " فتح القدير الجامع بين فَنَّي الرِّوَاية والدِّرَاية من علم التفسير " ، تحقيق : سعيد محمد اللحَّام، طبع دار الفكر، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى، 1412هـ - 1992م، ج1، 471،
(8) - الشيخ العلامة محمد الأمين بن عبد الله الأرمي العلوي الهرري الشافعي : " تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن "، إشراف ومراجعة: الدكتور هاشم محمد علي بن حسين مهدي، دار طوق النجاة، بيروت، لبنان، 1421 هـ - 2001 م، ج5، ص : 342،


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تأملات في القرآن، الإيمان، التقوى، التوكل،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 15-02-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  محاضرة تمهيدية حول مقرر مجالات الخدمة الاجتماعية والرعاية الاجتماعية لمرحلة الدراسات العليا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -44- الميثاق الاخلاقي للخدمة الإجتماعية Social Work Code Of Ethics
  وقفات مع سورة يوسف - 5 - المشهد الأول - رؤيا يوسف – أحد عشر كوكبا
  من روائع مالك بن نبي -1- الهدف أن نعلم الناس كيف يتحضرون
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -43- خدمة الجماعة المجتمعية : Community Group Work
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -42- مفهوم البحث المقترن بالإصلاح والفعل Action Research
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -41- مفهوم التقويم Evaluation
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -40- مفهوم التجسيد – تجسيد المشاعر Acting out
  نفحات ودروس قرآنية (7) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 7 ثمان آيات في سورة النساء ....
  نفحات ودروس قرآنية (6) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 6 ثمان آيات في سورة النساء .... أ
  من عيون التراث -1- كيف تعصى الله تعالى وانت من أنت وهو من هو من نصائح ابراهيم ابن ادهم رحمه الله
  وقفات مع سورة يوسف - 4 - أحسن القصص
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 5 ثمان آيات في سورة النساء ....
  طريقتنا في التفكير تحتاج إلى مراجعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -39 - الانتقائية النظرية في الخدمة الاجتماعية Eclecticism
  قرأت لك - 1 - من روائع الإمام الشافعي
  نماذج من الرعاية الاجتماعية في الإسلام – إنصاف المظلوم
  وقفات مع سورة يوسف - 3 - قرآنا عربيا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -38- مفهوم التقدير في التدخل المهني للخدمة الاجتماعية Assessment
  الشبكات الاجتماعية Social Network
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 4 ثمان آيات في سورة النساء ....
  وقفات مع سورة يوسف - 2 - تلك آيات الكتاب المبين - فضل القرآن الكريم
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -36- مفهوم جماعة النشاط Activity Group
  رؤية تحليلية مختصرة حول الإطار النظري للخدمة الاجتماعية (9)
  وقفات مع سورة يوسف - 1 - مع مطلع سورة يوسف " الر " والحروف المقطعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -35- مفهوم الهندسة الاجتماعية Social Engineering
  نفحات قرآنية ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة المحمدية 3 ثمان آيات في سورة النساء ....
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -34- مفهوم التثاقف – او المثاقفة - التثقف Acculturation
  من عجائب القران – نماذج وضاءة لجماليات الأخلاق القرآنية
  من عجائب القرآن الكريم والقرآن كله عجائب –1- الأمر بالعدل والندب إلى الاحسان والفضل في مجال المعاملات

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عزيز العرباوي، وائل بنجدو، طلال قسومي، د. عبد الآله المالكي، رحاب اسعد بيوض التميمي، حسن الطرابلسي، يحيي البوليني، خالد الجاف ، د. مصطفى يوسف اللداوي، أبو سمية، كريم فارق، د. أحمد بشير، أحمد بوادي، محرر "بوابتي"، مصطفي زهران، د - المنجي الكعبي، إسراء أبو رمان، تونسي، حاتم الصولي، د - صالح المازقي، عبد الله الفقير، محمود طرشوبي، كريم السليتي، صلاح المختار، محمد يحي، فتحي الزغل، أنس الشابي، المولدي الفرجاني، محمود فاروق سيد شعبان، د- محمود علي عريقات، عواطف منصور، محمد العيادي، الناصر الرقيق، سعود السبعاني، د - الضاوي خوالدية، د. طارق عبد الحليم، ماهر عدنان قنديل، حسن عثمان، محمد الياسين، د- جابر قميحة، مراد قميزة، رشيد السيد أحمد، أ.د. مصطفى رجب، عمار غيلوفي، نادية سعد، فهمي شراب، منجي باكير، سلام الشماع، رافد العزاوي، رافع القارصي، محمود سلطان، أحمد النعيمي، محمد اسعد بيوض التميمي، سامر أبو رمان ، د- محمد رحال، علي عبد العال، ياسين أحمد، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رضا الدبّابي، مجدى داود، سلوى المغربي، د. أحمد محمد سليمان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، إياد محمود حسين ، جاسم الرصيف، فوزي مسعود ، سفيان عبد الكافي، أشرف إبراهيم حجاج، أحمد ملحم، أحمد الحباسي، عبد الرزاق قيراط ، سيد السباعي، إيمى الأشقر، صفاء العربي، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد شمام ، د- هاني ابوالفتوح، الهيثم زعفان، سامح لطف الله، صباح الموسوي ، عراق المطيري، د - عادل رضا، محمد عمر غرس الله، عبد الغني مزوز، د. كاظم عبد الحسين عباس ، فتحي العابد، د.محمد فتحي عبد العال، حسني إبراهيم عبد العظيم، العادل السمعلي، سليمان أحمد أبو ستة، صلاح الحريري، عمر غازي، د. خالد الطراولي ، رمضان حينوني، محمد الطرابلسي، د - شاكر الحوكي ، ضحى عبد الرحمن، حميدة الطيلوش، فتحـي قاره بيبـان، د - مصطفى فهمي، علي الكاش، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - محمد بن موسى الشريف ، د - محمد بنيعيش، صفاء العراقي، عبد الله زيدان، د. صلاح عودة الله ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد أحمد عزوز، مصطفى منيغ، صالح النعامي ، يزيد بن الحسين، الهادي المثلوثي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة