البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

من قواعد النصر في القران الكريم – 10 - والله يؤيد بنصره من يشاء

كاتب المقال أ. د/ احمد بشير - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4044


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


" ....لذا فمن أسباب النصر زرع الأمل بالتبشير بالوعد الحق، وهو نصر المؤمنين وتمكينهم، كي لا يتسرب اليأس إلى النفوس، فقد كان النبي يبشّر العصبة المؤمنة بالنصر والتمكين وهم تحت وطأة التعذيب ويقول: ويقول: " إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زُوي لي منها " ( أخرجه مسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه ) خطيب الحرم : عبد الباري الثبيتي

******
سئل البطل الليبي الشهيد : عمر المختار :
" س : لماذ حاربت بشدة متواصلة الحكومة الفاشيستية ؟
ج : لأن ديني يأمرني بذلك.
س : هل كنت تأمل في يوم من الأيام أن تطردنا من برقة بإمكانياتك الضئيلة وعددك القليل ؟
ج : لا كان هذا مستحيلاً.
س : إذا ما الذي كان في اعتقادك الوصول إليه؟
ج : لا شيء إلا طردكم من بلادي لأنكم مغتصبون، أما الحرب فهي فرض علينا، و ما النصر إلا من عند الله "
( عمر المختار )

**********
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم باحسان إلى يوم الدين،
أمــا بعد :

لا زلنا نواصل مسيرتنا المباركة في رحاب أعظم كتاب على وجه الأرض أكرمنا الله به وهو القرآن الكريم، كلمة الله الوحيدة الصحيحة الثابتة الخالدة في دنيا الناس اليوم، وما عداها من كلمات وما عداه من كتب حرفها أولئك الذين استحفظهم الله إياها فغيروا وبدلوا، وكتبوا بأيديهم، ونسبوا ما كتبوا إلى الله تعالى، وتوعدهم الله تعالى بالويل والثبور وعظائم الأمور في الدنيا والآخرة، فبنو إسرائيل حرفوا التوراة ونص القرآن الكريم على ذلك وأثبته قال تعالى : {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }( البقرة : 75 )، والمعنى : أيها المسلمون أنسيتم أفعال بني إسرائيل, فطمعت نفوسكم أن يصدِّق اليهودُ بدينكم؟ وقد كان علماؤهم يسمعون كلام الله من التوراة, ثم يحرفونه بِصَرْفِه إلى غير معناه الصحيح بعد ما عقلوا حقيقته, أو بتحريف ألفاظه, وهم يعلمون أنهم يحرفون كلام رب العالمين عمدًا وكذبًا ( التفسير الميسر )، وقال عز من قائل : {مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً }( النساء : 46 )، أي : من اليهود فريق دأبوا على تبديل كلام الله وتغييره عمَّا هو عليه افتراء على الله, ويقولون للرسول صلى الله عليه وسلم: سمعنا قولك وعصينا أمرك واسمع منَّا لا سمعت, ويقولون: راعنا سمعك أي: افهم عنا وأفهمنا, يلوون ألسنتهم بذلك, وهم يريدون الدعاء عليه بالرعونة حسب لغتهم, والطعن في دين الإسلام. ولو أنهم قالوا: سمعنا وأطعنا, بدل و"عصينا", واسمع دون "غير مسمع", وانظرنا بدل "راعنا" لكان ذلك خيرًا لهم عند الله وأعدل قولا ولكن الله طردهم من رحمته; بسبب كفرهم وجحودهم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم, فلا يصدقون بالحق إلا تصديقًا قليلا لا ينفعهم.( التفسير الميسر )، وقال أيضا : {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }( المائدة : 13 )،

أما القرآن فقد تعهد الله بحفظه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } ( الحجر : 9 )، أي : إنَّا نحن نزَّلنا القرآن على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وإنَّا نتعهد بحفظه مِن أن يُزاد فيه أو يُنْقَص منه, أو يضيع منه شيء،
أقول : أن مسيرتنا المباركة مع القرآن الكريم ما زالت مستمرة حول البحث عن قواعد النصر وسننه ونواميسه، في وقت اشتد فيه الكرب، وعم فيه البلاء، وتداعت فيه قوى البغي والظلم والجور والاستكبار، وهي تستهدف القضاء على الإسلام واقتلاع الامة الاسلامية من جذورها، حتى لا تقوم لها قائمة، في هذا الوقت وقد بلغ السيل في الزبى، واستأسدت فيه أمم الأرض، وتحالفت واجتمعت كلمتها على استهداف الإسلام وأهله بغرض الإبادة الكاملة، والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها لا حول لهم ولا قوة، قلوبهم واجفة، وأبصارهم زائغة، يترقبون تحقق النصر الذي يقرأون بشرياته في كتابهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم،

ونحن اليوم على موعد مع القاعدة العاشرة من قواعد النصر كما جاءت في القرآن الكريم وهي قاعدة عقدية في المقام الأول مؤداها : أن يعلم المسلم يقينا : " أن الله تعالى يؤيد بنصره من يشاء من عباده، وأن نصر الله يأتي ولو من غير أسباب ، كما أنه ليست الأسباب المادية هي كل شيء في المعركة بين الحق والباطل، لأن لله جنودا لا يرونها"، قال تعالى : { .....وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ } ( التوبة : 26 )، وقال : { .....وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا ...} ( التوبة : 40 )، وقال تعالى : { ....وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } ( الفتح : 4 )، وقال : {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }( الفتح : 7 )، وقال : { ....وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ..} ( المدثر : 31 )،

إنها قاعدة نستخلصها من قوله تعالى في سورة آل عمران : {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ } ( آل عمران : 13 )، والمعنى : " قد كان لكم - أيها اليهود المتكبرون المعاندون - دلالة عظيمة في جماعتين تقابلتا في معركة " بَدْر " : جماعة تقاتل من أجل دين الله عز وجل , وهم محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه , وجماعة أخرى كافرة بالله , تقاتل من أجل الباطل , ترى المؤمنين في العدد مثليهم رأي العين , وقد جعل الله ذلك سببًا لنصر المسلمين علبهم، والله يؤيِّد بنصره من يشاء من عباده، إن في هذا الذي حدث لَعِظة عظيمة لأصحاب البصائر الذين يهتدون إلى حكم الله وأفعاله "، ( التفسير الميسر )،

وتكرر هذا المعنى وتلك القاعدة في القرآن الكريم، فهو نفس المعنى الذي جاء في قول الله تعالى : {وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } ( الأنفال : 26 )، أي : واذكروا أيها المؤمنون نِعَم الله عليكم إذ أنتم بـ"مكة" قليلو العدد مقهورون, تخافون أن يأخذكم الكفار بسرعة, فجعل لكم مأوى تأوون إليه وهو "المدينة", وقوَّاكم بنصره عليهم يوم "بدر", وأطعمكم من الطيبات - التي من جملتها الغنائم - لكي تشكروا له على ما رزقكم وأنعم به عليكم، ( التفسير الميسر )،
وأيضا في قوله تعالى : {وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ } ( الأنفال : 62 )، أي : وإن أراد الذين عاهدوك المكر بك فإن الله سيكفيك خداعهم; إنه هو الذي أنزل عليك نصره وقوَّاك بالمؤمنين من المهاجرين والأنصار ( التفسير الميسر )،
وقوله تعالى : {...... وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } ( الروم : 4 - 5 )، أي : ويوم ينتصر الروم على الفرس يفرح المؤمنون بنصر الله للروم على الفرس، والله سبحانه وتعالى ينصر من يشاء, ويخذل من يشاء, وهو العزيز الذي لا يغالَب, الرحيم بمن شاء من خلقه. وقد تحقق ذلك فغَلَبَت الرومُ الفرسَ بعد سبع سنين, وفرح المسلمون بذلك ; لكون الروم أهل كتاب وإن حرَّفوه ( التفسير الميسر )،
وقال تعالى في تأييد عباده المؤمنين الصادقين : "أولئك كتب في قلوبهم الإيمان و أيدهم بروح منه" ( المجادلة : 22 )،

* مصطلح " التأييد " في القرآن الكريم :
والتأييد يعني الحفظ والتقوية والتعضيد والتسديد، ولقد ورد اللفظ : " أ ي د ـ أيّد " : في القران الكريم في (9) آيات (1)، و " يدل على القوة والحفظ، يُقال أيّده الله، أي قواه الله " (2)، فلقد ورد في قوله تعالى : { إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ } ( المائدة : 100 )، أيّدتك يعني قويتك (3)، وفي قوله تعالى : { أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ } ( المجادلة : 22 )، وفي قوله تعالى : { وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ } ( البقرة : 87 )، وفي قوله تعالى : { وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ } ( آل عمران : 13 )، جاء الفعل أيّد في هذه الايات بمعنى قوّى ،
* سياق الآية والقاعدة :
ولقد جاءت هذه القاعدة في سياق قوله تعالى : { قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ{12} قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ{13} زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ } ( آل عمران : 12 – 14 )، ولتمام الفائدة وللتعمق في فهم هذه القاعدة، فإن لنا مع هذه الآيات الثلاث وقفات :

* البشارة للمؤمنين، والنذارة للكافرين : فالكافرون سيغلبون في الدنيا حتما، ويحشرون إلى جهنم في الآخرة تلك قاعدة قرآنية :
قال تعالى في الآية الأولى من السياق : { قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ}( آل عمران : 12 )، والمعنى : قل -أيها الرسول-، للذين كفروا من اليهود وغيرهم والذين استهانوا بنصرك في "بَدْر": إنكم ستُهْزَمون في الدنيا وستموتون على الكفر, وتحشرون إلى نار جهنم; لتكون فراشًا دائمًا لكم, وبئس الفراش ( التفسير الميسر ) (4)، وقد صدق وعده بقتل قريظة، وإجلاء بني النضير، وفتح خيبر، وضرب الجزية على من عداهم، فقد غُلِبوا أينما ثُقفوا، وحشروا إلى جهنم، إلا من أسلم منهم.
وحول معنى هذه الآية يقول " الشعراوي " رحمه الله، في خواطره : " إنه أمر من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم وهو المبلغ عن الله، أن يحمل للكافرين خبراً فيه إنذار، من هم هؤلاء الكفار؟ هل هم كفار قريش؟ الأمر جائز، هل هم اليهود؟ الأمر جائز. فالبلاغ يشمل كل كافر،
إنه بلاغ إلى كفار قريش أو إلى مطلق الذين كفروا، والغلب سيكون في الدنيا، والحشر يكون في الآخرة، فإذا ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل النص القرآني { سَتُغْلَبُونَ } فمتى قالها رسول الله؟ لقد قالها والمسلمون قلة لا يستطيعون حماية أنفسهم، ولا يقدرون على شيء، وكل مؤمن يحيا في كنف آخر، أو يهاجر إلى مكان بعيد، فهل يمكن أن يأتي هذا البلاغ إلا ممن يملك مطلق الأسباب؟ لقد قالها الرسول مبلغا عن الله، والمسلمون في حالة من الضعف واضحة ومادام قد قالها، فهي حجة عليه، لأنّ مَن أبلغه إياها وهو الله قادر على أن يفعلها، { قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ } ليس العقاب في الدنيا فقط، ولكن في الآخرة أيضا { وَتُحْشَرُونَ إِلَىا جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ } هذه المسألة بشارة لرسول الله ولأصحابه وإنذار للكافرين به، ويتم تحقيقها في موقعة " بدر "، فسيدنا عمر بن الخطاب لما نزل قول الله :{ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ }( القمر: 45 )، تساءل عمر بن الخطاب : أي جمع هذا؟ إنه يعلم أن المسلمين ضعاف لا يقدرون على ذلك، وأسباب انتصار المسلمين غير موجودة، ولكن رسول الله لم يكن يكلم المؤمنين بالأسباب، إنما برب الأسباب، فإذا ما تحدى وأنذرهم، مع أنه وصحبه ضعاف أمامهم، فقد جاء الواقع ليثبت صدق الحق في قوله : { سَتُغْلَبُونَ } ويتم انتصار المسلمين بالفعل، ويغلبون الكافرين، ألا يُجعل صدق بلاغ الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يحدث في الدنيا دليل صدق على ما يحدث في الآخرة؟ إن تحقيق { سَتُغْلَبُونَ } يؤكد { وَتُحْشَرُونَ إِلَىا جَهَنَّمَ }، وفي هذه الآية شيئان : الأول ؛ بلاغ عن هزيمة الكفار في الدنيا، وهو أمر يشهده الناس جميعا، والأمر الآخر هو في الآخرة وقد يُكذبه بعض الناس، وإذا كان الحق قد أنبأ رسوله بأنك يا محمد ستغلب الكافرين، وأنت لا تملك أسباب الغَلَبَة عليهم، ومع ذلك يأتي واقع الأحداث فيؤكد أن الكافرين قد تمت هزيمتهم، ومادام قد صدق الرسول صلى الله عليه وسلم في البلاغ عن الأولى ولم يكن يملك الأسباب، فلابد أن يكون صادقا في البلاغ في الثانية وهي البلاغ عن الحشر في نار جهنم "،

ثم يقول : " وبعض المفسرين قد قال : إن هذه المقولة لليهود ؛ لأن اليهود حينما انتصر المسلمون في بدر زُلزِلوا زِلزَالا شديدا، فلم يكن اليهود على ثقة في أن الإسلام والمسلمين سينتصرون في بدر، فلما انتصر الإسلام في بدر ؛ قال بعض اليهود : إن محمداً هو الرسول الذي وَعَدَنا به الله والأوْلَى أن نؤمن به، فقال قوم منهم : انتظروا إلى معركة أخرى، أي لا تأخذوها من أول معركة، فانتظروا، وجاءت معركة أحد، وكانت الحرب سجالا،

ولنا أن نقول : وما المانع أن تكون الآية لليهود وللمشركين ولمطلق الذين كفروا؟ فاللفظ عام، وإن كان قد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جمع اليهود في سوق بني قينقاع وقال لهم : يا معشر اليهود احذروا مثل ما نزل بقريش وأسْلِموا قبل أن ينزل بكم ما نزل بهم، فقد عرفتم أني نبيّ مرسل، فماذا قالوا له؟ قالوا له : لا يَغُرنَّك أنك لقيت قوما أغماراً ـ أي قوما من غمار الناس لم يجربوا الأمور ـ لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة، لئن قاتلتنا لعلمت أنّا نحن الناس، فأنزل الله قوله : { قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ.. ........الآية }،
وصفوة القول أننا نجد أنفسنا هنا أمام قاعدة تحمل بشرى إلهية للمؤمنين في كل مكان وزمان، تقول القاعدة أن الكافرين في نهاية المطاف مغلوبون ومنهزمون – في الدنيا - أمام قوى التوحيد والايمان، مهما انتفشت قوى الباطل، ومهما حققوا من انتصارات هي في الحقيقة انتصارات وقتية، وسيؤول الأمر في نهاية المطاف إلى انتصار المؤمنين، وأنهم في الآخرة حتما سيحشرون إلى جهنم إلا أن يدخلوا الإسلام، (5)

* آية ومعجزة ربانية للعبرة والعظة :
وفي الآية الثانية من السياق قال الله تعالى : { قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ}( آل عمنران : 13 )، والمعنى : قد كان لكم -أيها اليهود المتكبرون المعاندون- دلالة عظيمة في جماعتين تقابلتا في معركة "بَدْر": جماعة تقاتل من أجل دين الله, وهم محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه, وجماعة أخرى كافرة بالله, تقاتل من أجل الباطل, ترى المؤمنين في العدد مثليهم رأي العين, وقد جعل الله ذلك سببًا لنصر المسلمين علبهم. والله يؤيِّد بنصره من يشاء من عباده. إن في هذا الذي حدث لَعِظة عظيمة لأصحاب البصائر الذين يهتدون إلى حكم الله وأفعاله.( التفسير الميسر )،
قال " الشعراوي " (6) : " ........فكلمة { فِئَةٌ } تدل على جماعة من الناس في عملية واحدة، وتأتي الكلمة دائما في الحرب لتصور كل معسكر يواجه آخر. وحين يقول الحق: { قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا } أي أن هناك صراعا بين فئتين، ويوضح الحق ماهية كل فئة فيقول: { فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَىا كَافِرَةٌ }. وحين ندقق النظر في النص القرآني، نجد أن الحق لم يورد لنا وصف الفئة التي تقاتل في سبيل الله ولم يذكر أنها فئة مؤمنة، وأوضح أن الفئة الأخرى كافرة، وهذا يعني أنّ الفئة التي تقاتل في سبيل الله لابد أن تكون فئة مؤمنة، ولم يورد الحق أن الفئة الكافرة تقاتل في سبيل الشيطان اكتفاء بأن كفرها لابد أن يقودها إلى أن تقاتل في سبيل الشيطان، لقد حذف الحق من وصف الفئة الأولى ما يدل عليه في وصف الفئة الثانية، وعرفنا وصف الفئة التي تقاتل في سبيل الله من مقابلها في الآية وهي الفئة الأخرى، فمقابل الكافرة مؤمنة، وعرفنا - أيضاً - أن الفئة الكافرة إنما تقاتل في سبيل الشيطان لمجرد معرفتنا أن الفئة الأولى المؤمنة تقاتل في سبيل الله. ويسمون ذلك في اللغة " احتباك ". وهو أن تحذف من الأول نظير ما أثبت في الثاني، وتحذف من الثاني نظير ما أثبت في الأول، وذلك حتى لا تكرر القول، وحتى توضح الالتحام بين القتال في سبيل الله والإيمان، والقتال في سبيل الشيطان والكفر.

إذن فالآية على هذا المعنى توضح لنا الآتي : لقد كان لكم آية، أي أمر عجيب جدا لا يسير ولا يتفق مع منطق الأسباب الواقعية في فئتين، فعندما التقت الفئة المؤمنة في قتال مع الفئة الكافرة، استطاعت الجماعة المؤمنة المحددة بالغاية التي تقاتل من أجلها - وهي القتال في سبيل الله - أن تنتصر على الفئة الكافرة التي تقاتل في سبيل الشيطان.

وبعد ذلك يقول الحق: { يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ } فنحن أمام فئتين، فمن الذي يَرى؟ ومن الذي يُرى؟ ومن الرائي ومن المرئي؟ إن كان الرائي هم المؤمنين فالمرئي هم الكافرين. وإن كان الرائي هم الكافرون فالمرئي هم المؤمنون ولنر الأمر على المعنيين :
فإن كان الكافرون هم الذين يرون المؤمنين، فإنهم يرونهم مثليهم؛ أي ضعف عددهم، وكان عدد الكافرين يقرب من ألف. إذن فالكافرون يرون المؤمنين ضعف أنفسهم، أي ألفين. وقد يكون المعنى مؤديا إلى أن المؤمنين يرون الكافرين ضعف عددهم الفعلي. وقل يؤدى المعنى الى أن الكافرين يرون المؤمنين ضعف عددهم وكان عدد المؤمنين يقرب من ثلاثمائة وأربعة عشر، وضعف هذا العدد هو ستمائة وثمانية وعشرون مقاتلا.

فأن أخذنا معنى " مِّثْلَيْهِمْ " على عدد المؤمنين، فالكافرون يرونهم حوالي ستمائة وثمانية وعشرين مقاتلا، وإن أخذنا معنى " مِّثْلَيْهِمْ " على عدد الكافرين فالكافرون يرون المؤمنين حوالي ألفين. وما الهدف من ذلك؟ إن الحق سبحانه يتكلم عن المواجهة بين الكفر والإيمان حيث ينصر الله الإيمان على الكفر. وبعض من الذين يتصيدون للقرآن يقولون: كيف يقول القرآن: } يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ { وهو يقول في موقع آخر: { إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَـاكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ }( الأنفال : 43-44 )،

وهذه الآية تثبت كثرة، سواء كثرة المؤمنين أو كثرة الكافرين، والآية التي نحن بصدد تناولها بالخواطر الإيمانية تثبت قلة، والمشككون في القرآن يقولون: كيف يتناول القرآن موقعة واحدة على أمرين مختلفين؟ ونقول لهؤلاء المشككين: أنتم قليلو الفطنة؛ لأن هناك فرقاً بين الشجاعة في الإقبال على المعركة وبين الروح العملية والمعنوية التي تسيطر على المقاتل أثناء المعركة، والحق سبحانه قد تكلم عن الحالين: قلل الحق هؤلاء في أعين هؤلاء، وقلل هؤلاء في أعين هؤلاء، لأن المؤمنين حين يرون الكافرين قليلا فإنهم يتزودون بالجرأة وطاقة الإيمان ليحققوا النصر.
والكافرون عندما يرون المؤمنين قلة فإنهم يستهينون بهم ويتراخون عند مواجهتهم. ولكن عندما تلتحم المعركة فما الذي يحدث؟ لقد دخلوا جميعا المعركة على أمل القلة في الأعداد المواجهة، فما الذي يحدث في أعصابهم؟ إن المؤمن يدخل المعركة بالإستعداد المكثف لمواجهة الكفار. وأعصاب الكافر تخور لأن العدد أصبح على غير ما توقع، إذن فيقول الحق:{ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ }( الأنفال : 44 )، يصور الحالة قبل المعركة؛ لأن الله لا يريد أن يتهيب طرف فلا تنشأ المعركة. لكن ما إن تبدأ المعركة حتى يقلب الحق الأمور على عكسها، إنه ينقل الشيء من الضد إلى الضد ونقل الشيء من الضد الى الضد إيذان بأن قادرا أعلى يقود المشاعر والأحاسيس، والقدرة العالية تستطيع أن تصنع في المشاعر ما تريد.
لقد قلل الحق الأعداد أولا حتى لا يتهيبوا المعركة، وفي وقت المعركة جعلهم الله كثيراً في أعين بعضهم البعض، فترى كل فئةٍ الطرف الآخر كثيرا، فتتفجر طاقات الشجاعة المؤمنة من نفوس المؤمنين فيقبلون على القتال بحماسة، وتخور نفوس الكافرين عندما يواجهون أعدادا أكثر مما يتوقعون. والحق سبحانه وتعالى يقول :
{ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَىا كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ إِنَّ فِي ذالِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ } ( آل عمران : 13 )،

إن هذه الأية هي خبر تبشيري لكل مؤمن بالنصر، وهي في الوقت نفسه خبر إنذاري لكل كافر بأن الهزيمة سوف تلحق به إن واجه الجماعة المؤمنة. فإياكم أن تقيموا الأمور بمقاييس الأسباب، فالأسباب المطلوبة منكم هي المقدور عليها للبشر وعليكم أن تتركوا تتمة كل ذلك للقدر، فلا تخور الفئة المؤمنة أمام عدد كثير، ولا تغتروا معشر الكفار بأعدادكم الكثيرة؛ فالسابقة أمامكم تؤكد أن عدداً قليلا من المؤمنين قد غلب عددا كثيرا من الكافرين.
ومن معاني الآية - أيضا - أن الكافرين يرون المؤمنين مثلى عدد الكافرين، أي ضعف عددهم. ومن معانيها - ثالثا - أن الكافرين يرون المؤمنين ضعف عدد المؤمنين الفعلي. ومن معاني الآية - رابعا - أن يرى المسلمون الكافرين مثليهم، أي مثل المؤمنين مرتين، أي ستمائة نفر وقليلا، وحينئذ يكون عدد الكافرين في عيون المؤمنين أقل من العدد الفعلي لهؤلاء الكافرين. إذن فما حكاية " مِّثْلَيْهِمْ " هذه؟ لقد وعد الله المؤمنين بنصره حين قال : { ياأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ }( الأنفال : 65 )، والنسبة هنا أن المؤمن الواحد يخرج إلى عشرة من الكافرين فيهزمهم، ذلك وعد الله، وحين أراد الله التخفيف قال الحق:{ الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ }( الأنفال : 66 )، لقد خفف الله النسبة، فواحد من المؤمنين يغلب اثنين من الكافرين. فالمؤمنون موعودون من الله بالغلبة حتى وهم ضعاف. والحق يقول في الآية المبشرة للمؤمنين، المنذرة للكافرين، والتي نحن بصددها الآن : { وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ إِنَّ فِي ذالِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ }، ثم يقول الشعراوي : " ونحن نسمع كلمة " عبرة " كثيرا، والمادة المأخوذة منها تدل على الدخول من مكان إلى مكان، فقال عن ذلك " عُبور "، ونحن في حياتنا العادية نخصص في الشوارع أماكن لعبور المشاة، أي المسافة التي يمكن للمشاة أن ينفذوا منها من ضفة الشارع إلى الضفة الأخرى من الشارع نفسه. وعبور البحر هو النفاذ من شاطئ إلى شاطئ آخر.

إذن فمادة " العبور " تدل على النفاذ من مكان إلى مكان، و " العَبرة " أي الدمعة لأنها تسقط من محلها من العين على الخد. و " العِبارة " أي الجملة التي نتكلم بها، فهي تنتقل من الفم إلى الأذن، وهي عبور أيضا. و " العبير " أي الرائحة الجميلة التي تنتقل من الوردة البعيدة عن الإنسان قليلا لتنفذ إلى أنفه. إذن فمادة " العبور " تدل على " النفاذ ".

وحين يقول الحق: { إِنَّ فِي ذالِكَ لَعِبْرَةً } أي تنقلكم من أمر قد يخيفكم أيها المؤمنون لأنكم قليل، وهم كثير، إنها تنقلكم إلى نصر الله أيها المؤمنون، وتنقلكم أيها الكافرون إلى الهزيمة برغم كثرة عُدتكم وعَددكم. فالعبرة هي حدث ينقلك من شيء إلى شيء مغاير، كالظالم الذي نرى فيه يوما، ونقول إن ذلك عبرة لنا، أي إنها نقلتنا من رؤيته في الطغيان إلى رؤيته في المهانة، وهكذا تكون العبرة هي العظة اللافتة والناقلة من حكم إلى حكم قد يستغربه الذهن، فتذييل هذه الآية الكريمة بهذا المعنى هو إيضاح وبيان كامل، فالحق يقول في بداية هذه الآية : { قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا } وتنتهي الآية بقوله : { إِنَّ فِي ذالِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ }،

إذن فالعبرة شيء ينقلنا من أمر إلى أمر قد تستغربه الأسباب وذلك إن كنت متروكا لسياسة نفسك، لكن المؤمن ليس متروكا لسياسة نفسه؛ لأن الله لو أراد أن يعذب الكفار بدون مواجهة المؤمنين وحربهم لعذبهم بدون ذلك، ولكن الله يريد أن يكون عذاب الكافرين بأيدي المؤمنين : { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ }( التوبة : 14 )، ولو كان الله يريد أن يعذب الكافرين بغير أيدي المؤمنين لأحدث ظاهرة في الكون تعذبهم، كزلزال يحدث ويدمرهم، ولكن الله يريد أن يعذب الكافرين بأيدي المؤمنين، { وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ إِنَّ فِي ذالِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ }، و " الأيد " هو القوة، إذن فهو يريد منك فقط النواة العملية، ثم بعد ذلك يكملها الله بالنصر، " وأيَّده " أي قواه، ويؤيد الله بنصره من يشاء، وتكون العبرة لأولي الأبصار.

وقد يقول قائل : أتكون العبرة لأولي الأبصار؛ أم لأولي البصائر؟ وهنا نقول: إن العبرة هنا لأولى الأبصار لأن الأمر الذي تتحدث عنه الآية هو أمر مشهدي، أمر محسوس، فمن له عينان عليه أن يبصر بهما، فإذا كان التفكير والتدبر ليس أمرا موهوبا لكل مخلوق من البشر، فإن البصر موجود للغالبية من الناس، وكل منهم يستطيع أن يفتح عينيه ليرى هذا الأمر المشهدي.

وإذا ما نظرنا إلى المعركة بذاتها وجدنا الدليل الكامل على صدق العبارة؛ فالمؤمنون قلة وعددهم معروف محدود، وعتادهم قليل، ولم يخرجوا بقصد حرب، إنما خرجوا لقصد الاستيلاء على العير المحملة بالأرزاق من طعام وكسوة تعويضا عما اغتصبه المشركون من أموالهم في مكة، ولو أنّهم استولوا على العير فقط لما كان النصر عظيما بالدرجة التي كان عليها؛ لأن العِير عادة لا تسير بعتاد ضخم إنما تحفظ بالحراسة فقط. ولكن الله يريد لهم النصر على ذات الشوكة، أي الطائفة القوية المسلحة، لقد وعدهم الله بالنصر على إحدى الطائفتين :{ وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ }( الأنفال : 7 )،

لقد كان وعد الله أن ينصر المؤمنين على إحدى الطائفتين، والأمل البشرى كان يود الانتصار على الطائفة غير ذات الشوكة أي الطائفة غير المسلحة وهي العير، ولكن مثل هذا النصر لا يكون له دَوِيُّ النصر على الطائفة المسلحة، فقد كان من السهل أن يقال: إن محمداً ومن معه تعرضوا لجماعة من التجار لا أسلحة معهم ولا جيش، ولكن الله يريد أن يجعل من هذه المعركة فرقانا وأن يحق الحق.

إنكم أيها المؤمنون لم تخرجوا إلاَّ لِقصد العير أي لم يكن استعدادكم كافيا للقتال، أما الكفار فقد جاءوا بالنفير، أي بكل قوتهم فقد ألقت مكة في هذه المعركة بأفلاذ أكبادها. وعندما يأتي النصر من الله للمؤمن في مثل هذه الموقعة فهو نصر حقيقي، ويكون آية غاية في العجب من آيات الله. وتصير عبرة للغير. لذلك نجد العجائب في هذه المعركة - معركة بدر - الغرائب أنك تجد الأخوين يكون لكل منهما موقف ومجابهة. وتجد الأب والابن لكل منهما موقف ومجابهة برغم عمق الصلة بينهما، فمثلا ابن أبي بكر رضي الله عنه، وكان هذا الابن لم يسلم بعد، وكان في جانب الكفار، وأبوه الصديق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد أن أسلم ابن أبي بكر يحكي الابن لأبيه بشيء من الامتنان والبر: لقد تراءيت لي يوم بدر فزويت وجهي عنك. فيرد أبو بكر الرد الإيماني الصدِّيقي: والله لو تراءيت لي أنت لقتلتك.

وكلا الموقفين منطقي، لماذا؟ لأن ابن أبي بكر حين يلتقي بأبي بكر، ويرى وجه أبيه، فإنه يقارن بين أبي بكر وبين ماذا؟ إنه يقارن بين أبيه وبين باطل، ويعرف تمام العلم أنه باطل، فيرجح عند ابن أبي بكر أبوه، ولذلك يحافظ على أبيه فلا يلمسه. لكنَّ أبا بكر الصديق حينما يقارن فهو يقارن بين الإيمان بالله وابنه، ومن المؤكد أن الإيمان يزيد عند الصديق أبي بكر، فلو رآه يوم بدر لقتله.

ولله حكمة فيمن قُتل على أيدي المؤمنين من مجرمي الحرب من قريش، ولله حكمة فيمن أبقى من الكفار بغير قتل؛ لأن هؤلاء مدخرون لقضية إيمانية كبرى سوف يبلون فيها البلاء الحسن. فلو مات خالد بن الوليد في موقعة من المواقع التي كان فيها في جانب الكفر لحزنا نحن المسلمين؛ لأن الله قد ادخره لمعارك إيمانية يكون فيها سيف الله المسلول، ولو مات عكرمة لفقدت أمة الإسلام مقاتلا عبقريا.

لقد حزن المسلمون في موقعة بدر لأنهم لم يقتلوا هؤلاء الفرسان؛ لأنهم لم يعلموا حكمة الله في ادخار هؤلاء المقاتلين؛ لينضموا فيما بعد إلى صفوف الإيمان. والله لم يمكِّن مقاتلي المسلمين يوم بدر من المحاربين الذين كانوا على دين قومهم آنئذٍ إلاّ لأن الله قد ادخرهم لمواقع إيمانية قادمة يقفون فيها، ويحاربون في صفوف المؤمنين وهذا نصر جديد.

ونرى أبا عزيز وهو شقيق الصحابي مصعب بن عمير الذي أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبشر بدين الله، ويعلِّم أهل المدينة، وكان مصعب فتى فريش المدلل صاحب ترف، وأمه صاحبة ثراء، وبعد ذلك رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلبس جلد شاة بعد أن كان يلبس الحرير، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " انظروا إلى الإيمان ماذا فعل بصاحبكم ".

والتقى مصعب في المعركة مع أخيه أبي عزيز، وأبو عزيز على الكفر، ومصعب رضي الله عنه مسلم يقف مع النبي صلى الله عليه وسلم، وحين يرى مصعب رضي الله عنه أخاه أبا عزيز وهو أسير لصحابي اسمه أبو اليسر، فيقول مصعب: يا أبا اليسر اشدد على أسيرك؛ فإن أمه غنية وذات متاع، وستفديه بمال كثير، فيقول له أخوه أبو عزيز: أهذه وصاتك بأخيك؟ فيقول مصعب مشيراً إلى أبي اليسر: هذا أخي دونك.

كانت هذه هي الروح الإيمانية التي تجعل الفئة القليلة تنتصر على أهل الكفر، طاقة إيمانية ضخمة تتغلب على عاطفة الأخوة، وعاطفة الأبوة، وعاطفة البنوة. وقد جعل الله من موقعة بدر آية حتى لا يخور مؤمن وإن قل عدد المؤمنين، أو قلت عُدّتهم، وحتى لا يغتر كافر، وإن كثر عددُ قومه وعتادهم.

وقد جعلها الله آية للصدق الإيماني، ولذلك يقال: احرص على الموت توهب لك الحياة. وقد كانت القضية الإيمانية هي التي تملأ نفس المؤمن، إنَّها قضية عميقة متغلغلة في النفوس. ولماذا يتربص الكفار بالمؤمنين؟ إنهم إن تربصوا بهم، فسيدخل المؤمنون الجنة إن قُتِلوا أو ينتصرون على الكفار، وفي ذلك يقول الحق على لسان المؤمنين:{ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ } ( التوبة : 52 )، فالظفر هنا بأحد أمرين: إما النصر على الكافرين، وإما الاستشهاد في سبيل الله، ونيل منزلة الشهداء في الجنة وكلاهما جميل. والمؤمنون يتربصون بالكافرين، إما أن يصيب الله الكفار بعذاب من عنده، وإما أن يصيبهم بأيدي المؤمنين. إنها معادلة إيمانية واضحة جلية.،

المعارك الإيمانية تتطلب التعالي على الشهوات :
وبعد ذلك يقول الحق سبحانه : {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ }( آل عمران : 14 )، والمعنى : حُسِّن للناس حبُّ الشهوات من النساء والبنين, والأموال الكثيرة من الذهب والفضة, والخيل الحسان, والأنعام من الإبل والبقر والغنم, والأرض المتَّخَذة للغراس والزراعة. ذلك زهرة الحياة الدنيا وزينتها الفانية. والله عنده حسن المرجع والثواب, وهو الجنَّة.( التفسير الميسر )،
يقول " الشعراوي " (7) : " ...الموضع الذي تأتي فيه هذه الآية الكريمة هو : موقع ذكر المعركة الإسلامية التي جعلها الله آية مستمرة دائمة ؛ لتوضح لنا أن المعارك الإيمانية تتطلب الانقطاع إلى الله، وتتطلب خروج الإنسان المؤمن عما ألف من عادة تمنحه كل المتع، والمعارك الإيمانية تجعل المؤمن الصادق يضحي بكثير من ماله في تسليح نفسه، وتسليح غيره أيضا، فمن يقعد عن الحرب إنسان تغلبه شهوات الدنيا، فيأتي الله بهذه الآية بعد ذكر الآية التي ترسم طريق الانتصارات المتجدد لأهل الإيمان ؛ وذلك حتى لا تأخذنا شهوات الحياة من متعة القتال في سبيل الله ولإعلاء كلمته، ويقول أيضا جاءت هذه الآية بعد الحديث عن المعارك والنصر، وذلك ليرشدنا إلى أن الإنسان المؤمن لا يصح أن يضحى بشهوته الحقيقية وهي إدراك الشهادة في سبيل الله أو النصر على العدو بسبب الشهوات الزائلة التي تتمثل في النساء، وفي البنين، وفي القناطير المقنطرة من الذهب والفضة، وفي الخيل المسوَّمة والأنعام

هكذا نرى المفاتيح التي قد تجذب الإنسان لينحرف عن مراد الله في منهجه، إنه - سبحانه - يطلب من عبده المؤمن أن يبني حركة حياته على مراد الله، فما الذي يجعل المؤمن يترك مراد الله من حكم لينصرف إلى حكم يناقضه؟.
لا شك أنه الهوى، والهوى هو الذي يُميل ويُزيغ القلوب، ولكل هوى مفتاح، ولكل شخصية من المكلفين بمنهج الله مفتاح لهواه، فواحد مفتاحه النساء، وواحد مفتاحه البنون، يحب أن يرعاهم رعاية تفوق دَخْلَه من عمل أو صناعة مثلا فقد يسرق أو يرتشي ليسعد هؤلاء. وأناس مفاتيحهم الشخصية المال، أو في زينة الخيل، والعدة والعتاد فلكل شخصية مفتاح هوى.

ثم ندبهم للاعتبار بما وقع من النصر للمسلمين يوم بدر، فقال لهم: { قد كان لكم } يا معشر اليهود، { آية } أي: عبرة ظاهرة، ودلالة على صدق ما أقول لكم: إنكم ستغلبون، { في فئتين } أي: جماعتين { التقتا } يوم بدر، وهم المسلمون، وكانوا ثلاثمائة وأربعة عشر، والمشركون كانوا زهاء ألف، { فئة تقاتل في سبيل الله } وهم المؤمنون، { وأخرى كافرة }، وهم المشركون، { ترونهم مثليهم } أي: ترون، يا معشر اليهود، الكفارَ مثلي عدد المسلمين رأي تحقيق، ومع ذلك أيدهم الله بالنصر والمدد حتى نصرهم على عدوهم، وكذلك يفعل بهم معكم.
والرؤية، على هذا، علمية. ومن قرأ (بالياء) يكون الضمير راجعاً للكفار، أي : يرى الكفارُ المسلمين مثليهم، وذلك بعد أن قللهم الله في أعينهم حتى اجترأوا عليهم، وتوجهوا إليهم، فلما لاقوهم كثروا في أعينهم حتى غلبوا، مدداً من الله للمؤمنين.
أو : يرى المؤمنون المشركين مثلي المؤمنين، وكانوا ثلاثة أمثالهم، ليثبتوا لهم، ويتيقنوا بالنصر الذي وعدهم الله بقوله:
{ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ... }( الأنفَال : 65 )،
{ والله يؤيد } أي: يقوي { بنصره من يشاء } نصره، كما أيد أهل بدر، { إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار } المفتوحة. وذلك حين نصر الله قوماً لا عدد لهم ولا عدة، على قوم لهم عدد وعدة، فلم تغن عنهم من الله شيئاً.
* أن الله تعالى يمنح التأييـد بنصره لمن يشاء :
- إن الله يؤيد بنصره من يشاء كما قال : { وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ } ( آل عمران : 13 )، ولذلك فإن مما يلزم كل مسلم :
- أن يقوم بنصرة دين الإسلام، وذلك بتطبيقه ونشره في الأرض ودعوة الناس إليه وليعلم كل مسلم أن الله سينصره إن قام بذلك، وقد قال تعالى : { وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } ( الحج : 40 )،
- أن يعلم يقينا أن الله ناصر دينه ومؤيده على أعدائه ومعليه حتى وان قام من قام بالكيد والمكر، بل إن الله من حكمته أن يؤيد هذا الدين ببعض الفجرة، وفي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ قِتَالًا شَدِيدًا فَأَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الَّذِي قُلْتَ لَهُ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَإِنَّهُ قَدْ قَاتَلَ الْيَوْمَ قِتَالًا شَدِيدًا وَقَدْ مَاتَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّارِ قَالَ فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَابَ فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ قِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَلَكِنَّ بِهِ جِرَاحًا شَدِيدًا فَلَمَّا كَانَ مِنْ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى الْجِرَاحِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى بِالنَّاسِ إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ " ( رواه البخاري )،
- أن يقوم بنصرة ومساعدة من يقوم بالدعوة إلى الله ، ومن يسعى في تعلم القران الكريم وتعليمه، وذلك بالمال وغيره حسب الاستطاعة، وإن كان المسلم من الدعاة إلى الله، ولكن يحتاج إلى مساعدة في ذلك، فليعرض نفسه على من يستطيع مساعدته في الدعوة إلى الله، ونشر القران والسنة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، استئناسا بحديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حيث قَالَ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ فِي الْمَوْقِفِ فَقَالَ أَلَا رَجُلٌ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي " ( صححه الألباني في السلسلة الصحيحة )
- أن يدعوا إلى سبيل ربه، كما قال تعالى : { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } ( النحل : 125 )، وليهتم بموضوع الدعوة إلى الله، وليسأل نفسه : ماذا قدمت للدعوة من التأييد ؟ فإن كان كاتبا في صحيفة فليقم بالدعوة إلى الله في صحيفته، أو في قناة أو على منبر أو في مجلس أو غير ذلك، وليقم بتأييد العلماء (علماء الشريعة ) في كتاباتهم وتقريراتهم، وليقم بالرد على أعداء الإسلام ممن يسعون إلى نشر الفساد في الأرض، ونشر الرذيلة والشرك والمحرمات، ليكون من حزب الله وقد قال الحق تعالى : { أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }( المجادلة : 22 )، (8)
* أن الأمة تملك من الأسلحة ما يجعلها بإذن الله تعالى من أولئك الذين يشاء الله أن يؤيدهم بنصره، فهي تملك أعظم وأمضى سلاح وهو سلاح الإيمان بالله تعالى : والإيمان بالله له شأن عظيم، فهو يزرع اليقين والثقة بوعد الله ونصره، وهو من أعظم أسباب الثبات في المعارك مع الأعداء، فالمؤمن لديه قوة وشجاعة وإقدام وتوكل على الله سبحانه، ولديه يقين بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه قال الله تعالى : {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} ( الأحزاب : 22)، وقال تعالى: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} ( التوبة : 51)، فمن لديه الإيمان بقوة الله المطلقة فلن يخاف إلا الله، ومهما امتلك الأعداء من الطائرات المدمرة والسفن الهائلة والمدرعات المحرقة وصواريخ عابرات القارات، فهي تحت قدرة الله وملكه، فلو شاء لعطلها جميعاً فالسماء سماؤه، والأرض أرضه، والبحر من جنوده، فأين يذهبون؟.
وتملك أيضا سلاح معيَّة الله لعباده المؤمنين: لا شك أن ميزان القوى ومعادلة التكافؤ بين الأطراف المتحاربة تخضع لمن يناصر كل طرف، ومن يقف بجانبه ويؤيده، وإن كان بمجرد التأييد العاطفي والتشجيع المعنوي، فكيف تكون المعادلة إذا كان الله -جل وعلا- مع أهل الإيمان يؤيدهم وينصرهم؟ كما قال تعالى : {وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ( الأنفال : 26)، وقال تعالى : {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ} ( آل عمران : 13)، وقال تعالى: {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} ( النحل : 128)، فهو معهم سبحانه وتعالى بالإعانة والكفاية والنصر والتأييد والهداية والتوفيق والتسديد، وغير ذلك مما تجفو عبارة المخلوق عنه ويقصر تعريفه دونه، وهذه هي معية الله الخاصة لأحبابه وأوليائه، ومن كان الله معه كان النصر حليفه، مهما ملك عدوه من قوة، وأصبح ذلك العدو أحقر من الذباب في نظره، -وإن كانت الأسباب المادية كلها في يده-، كما قال موسى -عليه السلام- حينما خرج فرعون بغطرسته وجنوده يطاردونه هو والقلة المؤمنة معه، حتى قال فرعون: {إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} ( الشعراء : 54)، وهذه المفارقة العظيمة بين الطرفين جعلت بعض من كان مع نبي الله موسى عليه السلام يقول : {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} ( الشعراء : 61)، ولكن موسى عليه السلام لمـا كان يعي حقيقة المعادلة {قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} ( الشعراء : 62)، ثم قال الله -سبحانه وتعالى- بعد ذلك: {وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ} ( الشعراء : 65-67)، وكذلك نبينا -صلى الله عليه وسلم- حينما خرجت قريش بغطرستها وكبريائها تطارده فأوى إلى الغار ومعه صاحبه الصديق -رضي الله عنه-، وما كانا يملكان من القوة المادية شيئاً يذكر، حتى خاف أبو بكر رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم حينما رأى أن القوم قد وصلوا إليهم، ولكن الثقة بموعود الله جعلت النبي -صلى الله عليه وسلم- يُطَمئن صاحبه ويقول: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا} ( التوبة : 40)، كما قال سبحانه وتعالى : {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ( التوبة : 40)، وحينما تمتلئ قلوب أهل الإيمان يقيناً بأن الله معهم لن يأبهوا بعدوهم مهما يكن معه من قوة.(9)،

وختاما :
فإن هذه القاعدة التي تناولناها في الأسطر السابقة تمثل ومضة نور لا يراها إلا الربانيون، وحكمة تربوية لا يخطئها ذوو الألباب، أما الومضة النورانية فقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾ أي : إن الله هو الذي يقوي بنصره من يشاء من عباده المؤمنين، هو القادر على أن يجعل الفئة القليلة والضعيفة تنتصر على الفئة القوية والكثيرة، إذا أراد إمضاء أمر قلل الكثير وكثر القليل، وقوى الضعيف وأضعف القوي، وإذا لُبِّس على البصيرة لم ينفع البصر ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ ( آل عمران : 126)، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } ( محمد : 7 )،
وأما الحكمة التي تشرئب لها العقول النيرة، فقد دعاهم الله تعالى إليها بقوله عقب ذلك : ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَار ﴾ أي: إن في انتصار الفئة القليلة المجاهدة على الفئة الكثيرة الكافرة، دلالة واضحة يتعظ بها ذوو البصائر والأبصار هي أن النصر من الله تعالى وحده لا شريك له.
ولعل من المناسب هنا – وقبل أن نختم هذه الحلقة – أن نشير إلى قصة طريفة بالغة الدلالة – وإن كنا لا نملك الدليل على صحتها ولكن المعنى فيها صحيح – تصلح لأن تكون أساسا يفسر لنا ما تمر به الأمة الاسلامية اليوم من ظروف بالغة الصعوبة، وتضعنا وجها لوجه أمام إجابة نحسب أنها شافية عن السؤال الذي يتردد كثيرا : لماذا تأخر النصر عن الأمة ؟ وها هي القصة : " يحكى ان ابنة هولاكو زعيمِ التتار – وهم وحوش بشرية أهلكوا الحرث والنسل ودمروا البلاد، قبل أن يسلموا - كانت تطوف في بغداد – التي غزاها التتار واستولوا عليها - تتفحص الأحوال – ويبدو من قصتها انها كانت مثقفة حصيفة على درجة كبيرة من العقل والثقافة - فرأت جمعاً من الناس يلتفـون حول رجل معمم، فسألت عنه، فقالوا انه عالم من علماء المسلمين، فأمرت بإحضاره، فلما حضر سألته : ألستم من المؤمنين بالله؟، قال : بلى، قالت : ألا تزعمون أن الله يؤيد بنصره من يشاء؟، قال : بلى، قالت : ألم ينصرنا الله عليكم؟ قال : بلى، قالت : أفلا يعني ذلك ان الله يحبنا ويبغضكم ويبغض دينكم؟
قال : لا، قالت : لم؟!، قال : ألا ترينَ راعي الغنم ؟ قالت : بلى، قال : ألا يصطحب قطيعه بعض الكلاب؟ قالت : بلى، قال : فما يفعل الراعي إذا شردت بعض أغنامه وخرجت عن سلطانه ؟ قالت : يرسل عليها كلابه لتعيدها إلى قطيعه وسلطانه، قال : فكم تستمر الكلاب في مطاردة الخراف؟ قالت : ما دامت شاردة، قال : فأنتم - ولله المثل الأعلى - أيها التتار كلاب الله في أرضه، وطالما بقينا شاردين عن منهج الله وطاعته فستبقون ورائنا حتى نعود إلى طاعته ومناهجه وقوانينه!.( 10)،
وإذا ما أرجعنا البصر، وتأملنا هذه القصة لوجدنا أنها تشير إلى حقيقة عظيمة عامة وسيالة، فما دمنا بعيدين عن الإسلام والقرآن والسنة، وما دمنا بعيدين عن طاعة الله وعن قوانينه ومناهجه وقيمه – كالتعاون والإيثار والصدق والوفاء والحريات والنزاهة والأمة الواحدة - فان البلاء سيستمر حتى نعود الى الله وكتابه ورسوله ونهج سلفنا الصالح،
يقول " الشيرازي " : " ....فالغرب يعمل على (الاشراط) التكوينة ويعد ويستعد قبل ان يقوم باي عمل وقد يخطط للخمسين أو المائة سنة القادمة – أو أكثر -، ولا زالوا يخططون، بينما تجدنا لا زال عازفين عن الانشغال بالإعداد الجاد والتخطيط البعيد المدى بل ولا توجد لدينا مراكز دراسات جادة بمستوى التحديات، ولذا لا نرى العلامات والاشراط ولا نشعر بالنُذُر رغم وجودها في كثير من الأحيان (11)،
ونختم بما قاله " شيخ الاسلام ابن تيمية " (12) : " وأما انتصار الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ولأتباعه وإعلاء ذكره، ونشر لسان الصدق له، وإهلاك أعدائه، وإذلال من يحاده ويشاقه، وإظهار دينه على كل دين باليد واللسان والدليل والبرهان، فهذا مما يطول وصف تفصيله قال تعالى : { قد كان لكم ءآية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار}

وإلى حلقة قادمة بإذن الله تعالى،،،،،،
*******

الهوامش والاحالات :
============
(1) - أنظر : محمد قؤاد عبد الباقي : " المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم "، دار الحديث، القاهرة، 1987م،
(2) - أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا : " معجم مقاييس اللغة "، دار الكتب العلمية، ط3، بيروت، 2012م، ج1، ص : 163،
(3) - أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي : " الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل "، تحقيق : عبد الرزاق المهدي، دار النشر : دار إحياء التراث العربي – بيروت، ج1، ص : 653،
(4) – روي أنه لمَّا رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من " غزوة بدر " غالباً منصوراً بالغنائم والأسارى، جمع اليهود في سوق بني قينقاع، وقال لهم: يا معشر اليهود، اتقوا الله وأسلموا، فإنكم تعلمون أني رسول الله حقّاً، واحذوا أن يُنزل الله بكم من نقمته ما أنزل على قريش يوم بدر، فقالوا: يا محمد، لا يَغُرَّنَّكَ أنك لقيت أغماراً لا علم له علم لهم بالحرب، لئن قاتلتنا لتعلَمنَّ أنَّا نحن الناس. فأنزل الله فيهم هذه الآية،
(5) - محمد متولي الشعراوي : " تفسير الشعراوي "، مطابع أخبار اليوم، القاهرة، ج 1، تفسير سورة آل عمران،
(6) – محمد متولي الشعراوي : " نفس المرجع السابق "، ص ص : 404 – 408
(7) – نفس المرجع السابق "، ص : 406،
(8) - محمد بن شامي مطاعن شيبه : " رســائــل فـي صـفـات الله عــز وجــل "، المصدر :
http://www.khaat.net/vb/showthread.php?t=42536
(9) - ناصر بن محمد الأحمد : " أسلحة الأمة "، المصدر :
www.alminbar.net/alkhutab/khutbaa.asp?mediaURL=9032
(10) - أنظر : مرتضى الحسيني الشيرازي : " مقاييس الاختيار الالهي الجمع لإشراط الطاعات والاعداد المتواصل للنجاح في المنعطفات الكبرى " المصدر :
http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=932
(11) - أنظر : مرتضى الحسيني الشيرازي : " مقاييس الاختيار الالهي الجمع لإشراط الطاعات والاعداد المتواصل للنجاح في المنعطفات الكبرى " المصدر :
http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=932
(12) - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس : " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح "، تحقيق : علي حسن ناصر‏,د.عبد العزيز إبراهيم العسكر , حمدان محمد، دار العاصمة، الرياض، الطبعة الأولى، 1414هـ، ج6، ص : 411،

*********
أ.د/ أحمد بشير – جامعة حلوان، القاهرة


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تأملات، النصر الإلاهي، الفاعلية، العمل الإسلامي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 16-01-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  محاضرة تمهيدية حول مقرر مجالات الخدمة الاجتماعية والرعاية الاجتماعية لمرحلة الدراسات العليا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -44- الميثاق الاخلاقي للخدمة الإجتماعية Social Work Code Of Ethics
  وقفات مع سورة يوسف - 5 - المشهد الأول - رؤيا يوسف – أحد عشر كوكبا
  من روائع مالك بن نبي -1- الهدف أن نعلم الناس كيف يتحضرون
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -43- خدمة الجماعة المجتمعية : Community Group Work
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -42- مفهوم البحث المقترن بالإصلاح والفعل Action Research
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -41- مفهوم التقويم Evaluation
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -40- مفهوم التجسيد – تجسيد المشاعر Acting out
  نفحات ودروس قرآنية (7) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 7 ثمان آيات في سورة النساء ....
  نفحات ودروس قرآنية (6) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 6 ثمان آيات في سورة النساء .... أ
  من عيون التراث -1- كيف تعصى الله تعالى وانت من أنت وهو من هو من نصائح ابراهيم ابن ادهم رحمه الله
  وقفات مع سورة يوسف - 4 - أحسن القصص
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 5 ثمان آيات في سورة النساء ....
  طريقتنا في التفكير تحتاج إلى مراجعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -39 - الانتقائية النظرية في الخدمة الاجتماعية Eclecticism
  قرأت لك - 1 - من روائع الإمام الشافعي
  نماذج من الرعاية الاجتماعية في الإسلام – إنصاف المظلوم
  وقفات مع سورة يوسف - 3 - قرآنا عربيا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -38- مفهوم التقدير في التدخل المهني للخدمة الاجتماعية Assessment
  الشبكات الاجتماعية Social Network
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 4 ثمان آيات في سورة النساء ....
  وقفات مع سورة يوسف - 2 - تلك آيات الكتاب المبين - فضل القرآن الكريم
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -36- مفهوم جماعة النشاط Activity Group
  رؤية تحليلية مختصرة حول الإطار النظري للخدمة الاجتماعية (9)
  وقفات مع سورة يوسف - 1 - مع مطلع سورة يوسف " الر " والحروف المقطعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -35- مفهوم الهندسة الاجتماعية Social Engineering
  نفحات قرآنية ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة المحمدية 3 ثمان آيات في سورة النساء ....
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -34- مفهوم التثاقف – او المثاقفة - التثقف Acculturation
  من عجائب القران – نماذج وضاءة لجماليات الأخلاق القرآنية
  من عجائب القرآن الكريم والقرآن كله عجائب –1- الأمر بالعدل والندب إلى الاحسان والفضل في مجال المعاملات

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. صلاح عودة الله ، مراد قميزة، أحمد ملحم، د. عادل محمد عايش الأسطل، إيمى الأشقر، عزيز العرباوي، سامح لطف الله، د. خالد الطراولي ، مصطفى منيغ، الهيثم زعفان، صفاء العربي، رضا الدبّابي، رشيد السيد أحمد، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صلاح الحريري، خبَّاب بن مروان الحمد، علي عبد العال، فهمي شراب، د - محمد بن موسى الشريف ، د. مصطفى يوسف اللداوي، د- محمود علي عريقات، عبد الرزاق قيراط ، صفاء العراقي، د - عادل رضا، الناصر الرقيق، عمار غيلوفي، العادل السمعلي، حميدة الطيلوش، سفيان عبد الكافي، د - صالح المازقي، عبد الغني مزوز، عراق المطيري، محمد أحمد عزوز، د- جابر قميحة، صلاح المختار، يحيي البوليني، فتحي الزغل، طلال قسومي، منجي باكير، أحمد النعيمي، فتحـي قاره بيبـان، د - محمد بنيعيش، وائل بنجدو، محمد يحي، محمد العيادي، د- هاني ابوالفتوح، إياد محمود حسين ، عواطف منصور، تونسي، محمود طرشوبي، أنس الشابي، أ.د. مصطفى رجب، د- محمد رحال، أبو سمية، ضحى عبد الرحمن، الهادي المثلوثي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أشرف إبراهيم حجاج، رافع القارصي، د - مصطفى فهمي، حسن الطرابلسي، د - المنجي الكعبي، سلام الشماع، صالح النعامي ، عمر غازي، علي الكاش، المولدي الفرجاني، محمد الياسين، إسراء أبو رمان، مجدى داود، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. أحمد محمد سليمان، د - الضاوي خوالدية، محمد الطرابلسي، د - شاكر الحوكي ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، كريم فارق، أحمد بوادي، محمد اسعد بيوض التميمي، يزيد بن الحسين، صباح الموسوي ، سلوى المغربي، مصطفي زهران، خالد الجاف ، د.محمد فتحي عبد العال، فتحي العابد، عبد الله الفقير، رمضان حينوني، محمد عمر غرس الله، فوزي مسعود ، ماهر عدنان قنديل، حاتم الصولي، رافد العزاوي، محمود فاروق سيد شعبان، كريم السليتي، د. عبد الآله المالكي، نادية سعد، أحمد الحباسي، رحاب اسعد بيوض التميمي، سامر أبو رمان ، حسن عثمان، ياسين أحمد، د. طارق عبد الحليم، سليمان أحمد أبو ستة، محرر "بوابتي"، سعود السبعاني، محمد شمام ، جاسم الرصيف، سيد السباعي، د. أحمد بشير، محمود سلطان، عبد الله زيدان، د. ضرغام عبد الله الدباغ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة