البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الذي له الكثير له القليل

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4304


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


هناك مبدأ عام، وأظنه حتى في القانون، وبالأخص القانون الدستوري الذي يعنينا هنا التعليق عليه، يقول "من له الكثير له القليل". وترجمة هذا في القانون وفي غيره من شؤون الناس له عباراته الخاصة وله ألفاظه الاصطلاحية.

وعليه، فأن يكون الدستور أعطى الحق لرئيس الحكومة أن يشكل حكومته من وزراء وكتاب دولة لا يعني أنها إن كانت من وزراء فقط تكون باطلة أو العكس كذلك، ولا يعني كذلك أنها إن كانت بهذا العدد أكثر من كل نوع من الآخر أنها باطلة كذلك. أو إن رأى من المصلحة أن تكون من كتاب دولة فقط أو كلهم من نواب رئيس وزراء تكون لاغية دستورياً. أو إن كان يحذف من عضوية حكومته بما شاء من عدد أو يزيد يُعترض عليه دستورياً. فالأمر راجع بالتقدير اليه ومتوقف على الهيئات الدستورية الراجع اليها بالنظر، للاقتناع بتقديره ودفاعه عن حكومته أو التعلل عليه بسحب الثقة.

وهناك مبدأ آخر، وهو في معنى "من طلب عيباً وجده". واسم "مبدأ" قوي عليه، لأنه في الحقيقة موقف أو سلوك نوعي شائع بين البشر. وهذا أمر خفي، أي يخفيه كل الناس حتى عن التصريح به ظاهراً، لأنه قادح في أصحابه بل مقدوح به كتمشٍّ معلن أخلاقياً أو أدبياً. ولذلك يسقط اعتباره لدى بعض العارفين بخلفيات من يوجهون اليهم النقد، إذا كانوا من ذوي التلدّد على الآخرين أو المعارضين المتصلبين في مواقفهم حتى مع الحق ومع الواقع ومع الأوفق، لأنهم يطلبون التعجيز من خصومهم، وربما وصفوا أصحابه بالسفسطائيين.

وهناك مبدأ آخر أو اتجاه ثالث في استكناه الأشياء أو في فهم اللغة، وإن شئت قلتَ في ترجمة عباراتها، وهو التأويل أو حق التأويل والاجتهاد عند التباس المعنى، أو عند إرادة التوسع في تقدير الأمور، أو كذلك عند إرادة التضييق على المخالف في فتح الباب أمامه لطرد القاعدة على الاستثناء، أو بعبارة أخرى منع الاستثناء من أن يكون قاعدة. ولذلك لا تكاد تخلو عبارة أمامهم في الدستور أو فيما هو حكم (بفتح الكاف او تسكينها) في القوانين للفصل في النوازل والقضايا كما يقولون. وتاريخ التشريعات أو فقه القضاء عامة مليء بذلك على ما يعرف العارفون.

وهذا كله راجع في الحقيقة الى ثقافة القانوني إن كانت ضيقة وحرْفية مقتصرة على أدنى الجهد في التعامل مع اللغة، أو تتسع لروحها ولأحكامها كقضية المجاز والإيجاز والظاهر والمقدر وما يسمى في علم المعانى بأسلوب الحكيم وبالمعنى المطلق وظلال المعنى ونحو ذلك من مفاهيم دقيقة، قد تغيب إلا على الراسخين في اللغة وفنونها؛ ولذلك يحتاج اليهم كل ذوي اختصاص من رجال القانون والتشريع، ممن بضاعتهم التصرف في فهم اللغة على وجوهها السليمة، لأن القائمين على وضع النصوص المؤصلة للمفاهيم والمصطلحات، في ميادين المعاملة والتواصل والأحكام مع الناس، يكونون في الغالب من العارفين بأسرار اللغة ومقتضيات التعبير الدقيق والمصطلحات الموضوعة في بابها، "الجامعة المانعة"، كما يقولون.

يضاف الى ذلك أننا في تونس مشتتون بين الاجتهاد من النص الفرنسي المترجم أو النص العربي المفترض أنه أصيل وليس اقباساً أو ترجمة حرفية من سواه.

ولا يفوتني هنا أن أنوه الى التنكيد الذي يتعمده ذوو الجهل بثقافتنا الذاتية للغمط من حق كل من ينازعهم الرأي في تمحّلاتهم اللغوية أو اجتهاداتهم الفكرية في مادة القوانين الوضعية لحساب الحط من الاختلافات الفقهية والمذهبية المقررة في تراثنا، والتي هي من أكبر الغنى لحياتنا الحديثة على أيدي كبار الأئمة والعلماء. كأنما لا اجتهاد في المذهب أو في القانون إلا لهم أو لأساتذتهم من غير ثقافتتا وديننا ولساننا.
ولذلك سنظل نجد منهم إلا من يتعلل بحرفية النص المستنقص من الوضوح أو المعيب بالثغور أو التناقض، كلما لم تسعفه ذاكرته بفتوى من عالَم المثُل، الذي هو عالمه سواء في القانون الدولي أو عند بعض أساتذته.

حتى لا يبقى شأننا في كل أمورنا استدعاء كل تفسير سليم لمواقفنا وتفكيرنا وسائر شؤوننا في التنظيم والحكم من الخارج أو لا نكون.

تونس في ٨ جانفي ٢٠١٦


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، نداء تونس، الحبيب الصيد، تشكيل الحكومة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 8-01-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  ‏حرب يتحمل تبعاتها الطرف المتسبب
  ‏لا خيار أمام ترامب غير خيار الحق
  لابن خلدون نظر وتحقيق
  ‌في ذكرى انبعاث الطوفان لحمل العدو وآلته العسكرية إلى حيث مصيره
  قتل بحجم النصر لقضية ‏المتوفى
  الإسلاموية في فرنسا
  حبر الانتخاب أو بيعة الرضوان
  ‌قدس يسوى أغلى من حسن وهنية
  ‏لينعم السيد حسن نصر الله باستشهاده
  ‌‏بقتل سيد المقاومة اللبنانية تخسر ‏ إسرائيل
  الرمز يُعلى بالإستشهاد ولا يسقط بالموت
  اللائكية كدين يستقلع الأديان ليحل محلها
  الحرب سجال والإنتصار قتال
  قليل من قلة الذوق ‏والشعارات الفارغة
  عملية أللنبي الأخيرة
  جامعة وكلية وقانون‏ ونفوس معقدة من مخلفات الاستعمار ومقبلات الاستقلال
  المستقبل السعيد
  ونقول للمحسن أحسنت
  ‌الرد المستور أقوى من الرد المكشوف الظهر
  ‌الحرب من أجل أمريكا والعالم
  ويذيق بعضكم بأس بعض
  ‌‏الرد الممدود
  ‌نُصرت بالرعب
  سفرة ناتنياهو إلى واشنطن استئذان بايدن على قتل هنية
  ‌إسرائيل أخطأت بقتل هنية بناتنياهو أي وهي تريد ناتنياه
  تناقل أقوال تشومسكي عضو بيت الحكمة في تونس
  مخطوط قيرواني نادر الوجود في بيت آل الكعبي
  وثائق زيتونية شابية عن إحالة الأستاذ الدكتور المنجي الكعبي على مجلس التأديب بتاريخ 25/03/1991
  تحلّ المشاكل بالأقوياء لأنها تنشأ بالضعفاء
  حادث بمثقال ‏الحادي عشر من سبتمبر

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - الضاوي خوالدية، ماهر عدنان قنديل، د- جابر قميحة، خبَّاب بن مروان الحمد، وائل بنجدو، صلاح الحريري، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - محمد بنيعيش، د. عبد الآله المالكي، صلاح المختار، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صفاء العربي، د - محمد بن موسى الشريف ، حسن الطرابلسي، مراد قميزة، صباح الموسوي ، خالد الجاف ، سفيان عبد الكافي، كريم السليتي، سلام الشماع، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سامر أبو رمان ، أحمد الحباسي، محمود فاروق سيد شعبان، عبد الغني مزوز، مصطفى منيغ، عبد الله زيدان، رضا الدبّابي، عمار غيلوفي، محمد الياسين، كريم فارق، جاسم الرصيف، د. أحمد محمد سليمان، د. خالد الطراولي ، فتحـي قاره بيبـان، بيلسان قيصر، محمود سلطان، د.محمد فتحي عبد العال، عبد العزيز كحيل، المولدي الفرجاني، محمود طرشوبي، فتحي العابد، عراق المطيري، عمر غازي، إسراء أبو رمان، رشيد السيد أحمد، د. كاظم عبد الحسين عباس ، العادل السمعلي، عبد الرزاق قيراط ، إيمى الأشقر، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - شاكر الحوكي ، د - مصطفى فهمي، فتحي الزغل، رحاب اسعد بيوض التميمي، صفاء العراقي، د. مصطفى يوسف اللداوي، الهادي المثلوثي، المولدي اليوسفي، الهيثم زعفان، تونسي، أحمد النعيمي، حسن عثمان، رافد العزاوي، نادية سعد، محمد شمام ، د- هاني ابوالفتوح، د. طارق عبد الحليم، د- محمد رحال، فهمي شراب، محمد علي العقربي، أحمد ملحم، د. صلاح عودة الله ، د- محمود علي عريقات، إياد محمود حسين ، سعود السبعاني، محمد اسعد بيوض التميمي، سليمان أحمد أبو ستة، حميدة الطيلوش، سيد السباعي، سلوى المغربي، علي عبد العال، مصطفي زهران، يزيد بن الحسين، محمد أحمد عزوز، منجي باكير، رمضان حينوني، أنس الشابي، عزيز العرباوي، محمد العيادي، د. أحمد بشير، حاتم الصولي، طلال قسومي، ضحى عبد الرحمن، طارق خفاجي، محمد عمر غرس الله، مجدى داود، د - صالح المازقي، د - عادل رضا، محرر "بوابتي"، فوزي مسعود ، ياسين أحمد، رافع القارصي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد بوادي، أشرف إبراهيم حجاج، عواطف منصور، سامح لطف الله، الناصر الرقيق، يحيي البوليني، محمد الطرابلسي، د - المنجي الكعبي، محمد يحي، صالح النعامي ، أ.د. مصطفى رجب، عبد الله الفقير، علي الكاش، أبو سمية، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة