أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3063
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
من المؤكد أن فريق السعودية المسمى اصطلاحا بفريق 14 آذار في لبنان قد أراد أن يؤرخ اغتيال اللواء وسام الحسن رئيس فرع المعلومات اللبناني السابق لمرحلة خطيرة ثانية من تاريخ العلاقة المتأزمة مع سوريا و مع حزب الله و مع إيران بالتبعية ، مرحلة خطيرة تقارب بعضا من مرحلة ما بعد اغتيال رئيس الحكومة السابق الشهيد رفيق الحريري ، و مع إقرار الجميع في لبنان و في دول الجوار بأن الراحل وسام الحسن لم يكن رجلا عاديا في مسار الحياة السياسية و الأمنية اللبنانية و أن طريقة الاغتيال لم تكن عادية بالمرة فضلا عن أن المناخ السياسي لم يكن يحتمل مثل تلك العملية الإرهابية الجبانة فقد ظلت الأسئلة متعددة حول حقيقة هوية القاتل الحقيقي الذي أراد إشعال المناخ المتقلب في لبنان بعد أن أستقر خيار جماعة 14 آذار على إعادة توجيه أصابع الاتهام كالعادة و بإصرار مشبوه لفريق سياسي و جهة سياسية واحدة هي حزب الله و سوريا .
لقد شكل انتصار حزب الله على القوات الصهيونية صيف تموز 2006 انتصارا عسكريا غير مسبوق في تاريخ الصراع العربي الصهيوني ، تقرير فينوغراد الصهيوني الشهير أكد هذه الحقيقة العسكرية و السياسية بوضوح ، لكن هذا الانتصار لم يكن يروق لأغلب الكيانات اللبنانية المعادية للمقاومة و في طليعتها طبعا تيار 14 آذار الملتحف بعباءة التيار العربي المتخاذل و في طليعته السعودية و مصر و الأردن ، و حتما شكل ذلك الانتصار التاريخي صدمة ذهنية و معنوية لهذه الكيانات المتآمرة على المقاومة في حين ارتفعت أسهم حزب الله و حلف المقاومة إلى السماء بحيث أصبح سماحة السيد حسن نصر الله في طليعة الأسماء التي تحتل الوجدان العربي المتعطش لانتصارات تعيد الهدوء النفسي بعد أن تفشت ظاهرة التطبيع الذهني التي تبثها فضائيات العار العربي .
جاء اغتيال وسام الحسن ليعيد خلط الأوراق من جديد ، و بالقطع لم تكن هناك مصلحة لحزب الله أو سوريا أو إيران في اغتيال الرجل رغم عديد المآخذ المهمة على طبيعة بعض ‘ المهمات’ القذرة التي كان ينفذها لصالح فريق سياسي معروف بعلاقته بالدوائر الأمريكية الغارقة في علاقتها بالصهيونية ، و بالقطع أيضا لم يكن لدى هذا الثلاثي القدرة التقنية العالية و المتطورة جدا لتنفيذ مثل هذه العمليات كما كان الحال بالنسبة لاغتيال رفيق الحريري ، و بالقطع أخيرا لم يكن فريق 14 آذار في نطاق توجهه المعلن ضد سوريا و حلفاءها قابلا بتوجيه أصابع الاتهام في غير الوجهة المسبقة التي وقع عليها خيار الاستهداف ، و عملية خلط الأوراق كانت تستهدف باغتيال وسام الحسن اغتيال حزب الله معنويا لدى جمهوره العربي و العالمي بعد انتصار تموز 2006 و هي عملية معقدة أريد من وراءها أن تشبه الاتهامات التلفيقية التي تحدثت عن تجارة الحزب في المخدرات.
لم تكن إسرائيل و فرنسا و أمريكا و دول الخليج بعيدة عن هذه العملية الإرهابية الجبانة و لا عن هذه الخطة التي أريد منها أن تصبح كرة الثلج المتحركة القادرة على تلطيخ سمعة المقاومة أمام جمهورها المتصاعد ، و بالقطع كان جميع هؤلاء ينتظرون أن يسترجع فريق الخيانة في لبنان بعض أشلاء كرامته الملطخة في وحل الخيانة بعدما قرر مساندة العدو في تلك الحرب القذرة ضد المقاومة و في مقدمة هذه الأشلاء سعد الحريري ووليد جنبلاط و فؤاد السنيورة و بقية الحلف الكتائبي المتحالف دائما مع الخيارات الصهيونية منذ احتلال فلسطين ، بطبيعة الحال ، لم يكن هذا هو الهدف الوحيد من توجيه الاتهام للمقاومة بل كانت العملية تستهدف السلم الاجتماعية الهشة في لبنان بإيقاظ الفتنة النائمة بين الشيعة و السنة و التي رأى الجميع إرهاصاتها و ارتداداتها في العراق ، و بنظرة شاملة يتأكد للجميع اليوم أن حزب الله قد تمكن رغم عديد الصعوبات المرحلية من تفادى كارثة سياسية وجودية كادت تدمر مصيره على الأرض و في الوجدان العربي و هي الأهداف الصهيونية من هذه العملية الإرهابية ضد اللواء وسام الحسن .
توقف الاغتيال في لبنان بعد اغتيال اللواء الحسن يطرح ألف سؤال عن الأسباب ، يطرح ألف سؤال عن أسباب فشل فريق التحقيق رغم مساعدة مكتب التحقيق الفيدرالي الأمريكي فيه مع أنه لم يكن من المنطقي أن تكون أحد الجهات المتهمة و التي لها مصلحة في هذا الاغتيال هي التي تساهم في التحقيق ، خاصة أن هذه الجهات الأمريكية ترتبط بعلاقة وطيدة مع الجهات الصهيونية ، و هي قادرة على تسريب معلومات التحقيق لهذه الجهة العدو بما يؤكد بطبيعة الحال أن هناك من يسعى في لبنان و في الخارج لتوجيه الاتهام وجهة باتت معلومة دون أن ينتبه أن هذا التعاون بين كل هذه الجهات المتآمرة على المقاومة قد فضحته عديد الشواهد و الأدلة و بات الجميع على قناعة و معرفة بطبيعة الجهة التي استهدفت اللواء الحسن و التي لا يمكن أن تخرج عن العدو الصهيوني و بعض زبانيته في المنطقة العربية .
لعله من المفارقات أن فريق الاتهام قد أصر على الاتهام لغاية أن يخسر الحزب صورته الناصعة في عيون محبيه لكنه لم ينجح إلا في خلق مناخ من التوتر و الخصومة المتحركة و لعله رغم اغتيال اللواء الحسن و الوزير محمد شطح لم يستطع هذا الفريق أن ينال من عزيمة المقاومة بدليل قدرتها على الرد الموجع ضد العدو الصهيوني منذ أيام في مزارع شبعا ، و من المؤكد طبعا أن الحزب لم يكن بدرجة الغباء التي عليها أعداؤه في الداخل و الخارج ليسقط في مهمات الاغتيالات و هو القادر على الرد بعدة طرق ضد كل محاولات جره إلى عنق الزجاجة ، و عندما يكتفي الوزير نهاد المشنوق منذ أيام بالإعلان عن قرب التوصل إلى خاتمة التحقيق فمن المؤكد أن الجميع بانتظار هذه ‘ النتيجة’ حتى يتوقف البعض عن الرقص فوق الدماء .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: