د. عقيل بن سلامة - ألمانيا/ تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6004
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
هذه رسالة مفتوحة إلى كل من له حكمة و تبصر في تونس و رسالة للضمائر الحية و كل مدافع عن حق التونسيين في العيش الكريم بأمن و أمان.
سؤالي هو إلى متى يتواصل نزيف الدماء التونسية سواء من الأمنيين أو العسكريين أو من الشباب المهمش أو المتحمس كي لا نقول المتهور.
أنا لا أريد أن أكون كبقية القطيع أندد بالإرهاب الأعمى و أتغاضى عن ذكر الأسباب و المحرك الرئيسي لها، هذا صوت للتعقل و التبصر و النظر في مصلحة تونس بعيدا عن الشعارات الرنانة المنادية بالانتقام بعد كل حدث إرهابي و التي لم تولد سوى مزيد من القتل و نزيف الدماء و تعاظم مشاعر الكراهية و الحقد و حب الانتقام.
هل الإرهاب موجود نعم، هل يهدد الدولة التونسية نعم، هل هناك استفزازات و مسوغات له من قبل أجهزة الدولة و الإعلام نعم أيضا و هناك سعي من بعض الأطراف لتأجيج المعركة بين الدولة و شبابها، بل هناك من يدفع بالشباب المعتدل المهمش إلى صعود الجبال لقتال الدولة.
قد يتهمني بعض السطحيين بتبيض الإرهاب و ما أسهل قذف كل مخالف لرأي القطيع خاصة في ظل إعلام يتسم بالسطحية المبالغ فيها و بالرأي الواحد الأوحد.
اليوم التونسيون أمام مفترق طرق، إما أن يصححوا المسار و يتصدوا بكل حزم للاستفزازات القوية من أجهزة الدولة لمشاعر عموم التونسيين و خاصة فئة الشباب منهم أو أنهم سينتهوا بما انتهت به الأحداث في الجزائر في عشريتها السوداء و سوريا و العراق و سيناء. و سنجد العشرات بل قل المئات أو الآلاف من شباب تونس المهمش ينضم إلى التنظيمات المقاتلة.
نحن لسنا في معرض تبرير الجرائم الخطيرة التي تستهدف أرواح الأمنيين و العسكريين نحن نحاول إيجاد حل للنزيف الدامي الذي يهدد كيان الدولة من أصله.
إن الاستفزازات المتتالية مثل غلق الروضات القرآنية و الجمعيات الخيرية و بعض الإذاعات و القنوات الاسلامية المعتدلة و منع تعليم مبادئ الإسلام بالمساجد و غيرها، هو من المؤشرات لدى الشباب في تونس على وجود أجندة لمحاربة الإسلام في تونس و تجفيف منابعه و العودة بتونس لعصر القمع و الظلم. إن عمليات التعذيب البشعة التي تمت و تتم تجاه الشباب المتدين و شباب الثورة و شمل حتى بعض الفتيات هو رسالة سلبية للشباب التونسي، إن استفزاز الإعلام التونسي لمشاعر التونسيين بتشويه صورة المتدينين و نشر قيم الرذيلة و تطبيعها في حياة التونسيين من شأنها أن تخلق حاضنة للتنظيمات الجهادية و تبريرا لتدخلها.
نحن كلنا نتحمل المسؤولية عن كل قطرة دم تزهق من هذا المعسكر أو ذاك، و على الحكومة أن تشكل لجنة حكماء يدرسوا أسباب الظاهرة و يتخذوا قرارات قوية لوقف التعذيب البشع الذي لا ينتج إلا مشاعر حب الانتقام من الدولة ، ووقف الاستفزازات المجانية لمشاعر التونسيين و إعطاء حرية دينية و دعوية أكبر للشباب التونسي حتى يجد إطارا و متنفسا يتحرك فيه بحرية تحميه من الاستقطاب نحو التنظيمات المقاتلة.
أما إذا اختار الجميع الصمت و الهروب إلى الأمام و التغاضي عن مسببات الأعمال المسلحة و الدعوة إلى الانتقام من المسلحين و من المتدينين بصفة عامة، فسنرى أن حاضنة "داعش" و "القاعدة " ستكبر و تتسع في البلاد و كل المؤشرات تشير إلى ذلك، و سنرى مزيدا من الدماء التونسية تنزف من هنا و هناك و سنرى مزيدا من" اللا استقرار" و هروبا للسياح و للاستثمارات الأجنبية و مزيدا من البطالة و التهميش.
صوت العقل و الحكمة يقول أوقفوا التعذيب البشع، أوقفوا تجفيف منابع الإسلام، أوقفوا الاستفزازات الإعلامية لمشاعر المسلمين في تونس، أعطوا مزيدا من الحرية الدينية و الدعوية للشباب، أوقفوا الظلم المسلط على الشباب المتدين و عاملوهم على أنهم مواطنون كاملي الحقوق و ليسوا مندسين، لا تعطلوا المشاريع الخيرية أو الإسلامية و ستورون أن الإرهاب سيختفي و لن يجد له حاضنة في تونس.
------------
د. عقيل بن سلامة
أستاذ محاضر في العلوم السياسية
ألمانيا
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: