الارتفاع بالمسؤولية فوق الصدمة أو حالة الدكتور المنصف المزروقي
د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4961
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
مسؤولية الدكتور المنصف المرزوقي على الأحداث التي آلمت كل التونسيين، لسماع مؤيديه ببعض مدن الجنوب لمؤشرات عن عدم نجاحه نهائياً في الانتخابات الرئاسية، جعلته يركز في كلمته الأولى بعد إقراره بالنتيجة والتهنئة من طرف اللسان للفائز بها، على الدعوة الى التهدئة مع حفظ حقهم في التظاهر السلمي.
ولكن المثير في كلمته إشارته الى كلمة ثانية له في اليوم التالي لاستعراض ما يسميه خروقات انتخابية على أسماعهم وعلى الرأي العام، مزدهياً هذه المرة بعدم إحالة طعونه الى المحاكم لعدم الفائدة، وربحاً للوقت لما يسميه حرصَه على التكليف السريع للحكومة وحاجة البلاد الماسة الى الاستقرار، كما وعد في السياق نفسه بشرح ما يسميه كذلك موقفَه من كثير من القضايا السياسية.
ولعله، إذا حملناه على حسن النية وتصديق ما قاله في هذه الكلمة، لا يسعى بالظهور من جديد على الملأ لهذا الغرض الى بلورة ما قد يفهمه مؤيدوه أو بعضهم على الأقل من أنه يفتح باباً للتعبير بحرية على حقهم في التظاهر السلمي على النتائج المعلنة نهائياً بعدم فوزه، دون أن يحصل عنف أو اضطراب.
لعله أيضاً - وهنا نصدّقه في نيته الإرادية أو مملاة للتهدئة - إذا سلمت كل الأمور على مسؤوليته يكون أقرب الى استحقاق وسام توشيح على صدره قبل مغادرته قصر الجمهورية، يمكن أن نسميه وسام الاستحقاق على الإذعان للديمقراطية والتسليم بنتائج الانتخابات والتداول السلمي للسلطة. ويحمله الى جانب ما يحمله من تتويجاته الخارجية باوسمة الحقوق والحريات والفكر والثقافة.
ولكن، ما يكون موقفه - لا قدر الله - إذا لم يمنع أن يؤجج خطابه الجديد المشاعر فيفلت زمام ضبط النفس والتظاهر السلمي الذي سوغه لمؤيديه، في مثل هذه الحالة الانقلابية المحددة بظهور النتائج النهائية للهيئة العليا المستقلة للانتخابات؟
مع ما للتذكير بالآية الكريمة «أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ» من وقع شديد في كلمة السيد الرئيس الجديد للجمهورية الباجي قايد السبسي، لمن سماهم بالأيدي الخبيثة التي حركت تلك الأحداث.
فكلنا يعلم أن من الأحداث ما تستدعي مثلها في التاريخ.
أما إذا كان يحاول استنفاد حقه في تتبع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على خروقات أو غيرها تحيفت حقوقَه في هذه الانتخابات الرئاسية المباشرة الأولى بعد الثورة ورئاسته المؤقتة، فكل المؤشرات كانت تدل على أن ملاحقته ستستمر الى ما لا نهاية، لأن معجمه من المعاني للحقوق والحريات والديمقراطية سوف لا يستنفده قبل أن يصل بملفة من هذه الطعون الى المحكمة الدستورية العليا، التي اقترح إنشاءها على الأمم المتحدة قبل وقت بعيد، توقعاً لكل المعاكسات التي قد تصبيه في مسيرته لتجاوز قوانين بلاده ودستورها. ولا تكون هذه الملاحقة وإن لم تأت بنتيجة - لعدم قيام هذه الهيئة بعد - إلا وقتاً إضافياً للاستمدامة في منصبه على كل حال.
وبإمكانه أن يُخلِف كل هذه الظنون السيئة بحقه، إبقاء على صورته النضالية في بعض جوانبها، إذا كذبها بإشارة إيجابية، تزن الأمور بميزان المصلحة العليا التي طالما ردد مع الأسف أنه لا يجدها الا من خلال مصلحته الشخصية قبل كل شيء (في مذكراته الأخيرة خاصة).. وحتى لا يقول أحد ممن قد يغرَّر بهم في مغامرته: ندمتُ ولات مندم.
----------
❊ تعليقنا على الكلمة الأولى التي توجه بها السيد المنصف المرزوقي بعد اعلان النتائج النهائية.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: