البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

مصالحة خطِرة

كاتب المقال د. عادل محمد عايش الأسطل - فلسطين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3621


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


على الرغم من توقيع اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس وتشكيل حكومة الوفاق الوطني، والتي أعلنت بأنها ستبذل جهدها من أجل إزالة آثار الانقسام وتبعاته على جملة حياة الشعب الفلسطيني من خلال التزامها ببنود المصالحة، إلاّ أن إعلانها لا تبدو عليه علامات البشرى، ولم يفلح بعد في خلق جزء من التفاؤل لدى المؤمنين بها على الأقل. إذ برغم إعلانها لم تستطع التقدّم خطوة واحدة إلى الأمام، وبدت عاجزة عن إنجاز أي شيء، ليس لسبب أنها لا تجيد العمل، وإنما بسبب أن كل واحدة من الحركتين قد بدأت تتحسس رأسها على حِدة، وكأنها وجدت نفسها في الحفرة الأعمق، وأصبحت نادمة على ما أقدمت عليه، وبدل صبرها على المكاره، وإطباقها على الصمت، وصمودها حتى بلوغ الانتخابات المقررة بعد ستة أشهرٍ من الآن، - فيما لو صدقت الرؤيا-، ذهبت عمداً إلى ما يُخالف بنود الاتفاق المُعلنة على الأقل، حتى لم تدع للحكومة متنفساً كي تستمر في ترتيب أولوياتها، ولم تسمح لها بأن تعمل في هدوء، وبات وجودها ضمن هذه البيئة – صورياً- فقط، وكأن مهمتها مقتصرة في إنتاج وتقديم الأماني والتأملات وحسب.

تجاهل الحكومة، التمرّد على الاتفاق، التمترس خلف المواقف، الإكثار من التصريحات، العودة إلى النبرة التوتيرية، تبادل الأخطاء، مواصلة الأنشطة العدوانية، صناعة وتصدير الأزمات، تناوب الاتهامات، كلها جعلت الاعتقاد وعلى نحوٍ أكبر بأن هناك تصعيد ما.

أزمة البنوك في قطاع غزة كانت الأبرز، حيث قامت الشرطة في القطاع بتغليقها وحالت بين الموظفين ورواتبهم، بحجة وجوب المساواة أمام حكومة الوفاق في نظر حماس، وموظفو حماس هم مسؤولية حركتهم كما هي لدى الرئيس "أبومازن".
لم تتوقف الأمور عند هذه الأزمة، بل تخلّقت أزمات مترتبة عليها وأخرى بمعزلٍ عنها، ورزحت الحركتين معاً تحت وطأة اتهامات مُغلظة، فقد خضعت حركة فتح لاتهامات صارخة بتضييعها لبّ القضية الفلسطينية، وكانت سبباً مباشراً في تآكل مقدرات وحقوق الشعب الفلسطيني. وتلقّت حماس اتهامات مشددة، بأنها تسعى إلى كسب بعض ما خسرته، بلجوئها إلى تصدير أزماتها دفعةً واحدة، للسلطة وحكومة الوفاق الوطني وسواء السياسية أو المالية، وهي تعلم بأن مهمّة الحكومة هي مهمة واحدة لا ثاني لها، وهي الإعداد وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، على أن الحكومة المقبلة، هي من ستجد الحلول للمشكلات الناجمة عن الانقسام، وأنها – حماس- حتى هذه الأثناء هي المسؤولة عن نزع شوكها بنفسها، بسبب أنها هي من أوصلت الأمور إلى هذا الحد، سواء بسبب مراهناتها السياسية الخاطئة أو بسبب ارتباطها بأجندات وقوى خارجية،

ربما يكون ذلك صحيحاً، ولكن ما تُبرر به حماس موقفها، هو أنها ليست لديها حكومة تقوم بمقتضاها بأعمالها وبواجباتها، وأن استمرار تحميلها مسؤولية موظفيها يعني عدم تركها مقاعد الحكومة، وأن حكومة التوافق منذ تم تشكيلها، هي المسؤولة تلقائياً أمام عموم الموظفين الفلسطينيين ومن دون تمييز، وإلاّ ما فائدة إعلانها من أنها ستعمل على محو آثار الانقسام، والمحو هنا لا يتم بمعزل عن المساواة التامة بين جميع أبناء الشعب الفلسطيني.

حماس لم تكن ناجحة وفتح أيضاً، في إقناع بعضهما بشأن الأزمات الحاصلة - بغض النظر عن تصريح مُريح هنا أو هناك-، ولا بضرورة منع تجدد أو خلق المشكلات لديهما، وبقيت الخشونة المتبادلة هي المسيطرة - مع إغفالنا القضايا الكبرى التي تم اجتنابها- ولم تكتفيا بعدم النجاح، بل تعمّدتا إحداث احتكاكات واعتداءات مختلفة باتجاه بعضهما وعلى المستويات كافّة، فعلى الرغم من تواصل عمليات الاعتقال السياسي والمضايقات بأنواعها، فقد استمرت حماس بالدعوة إلى خلق المزيد من النشاطات الوطنية، وبالتأكيد على ضرورة تفعيلها كونها امتدادات لبرامج وطنية خالصة، ويتم إبلاغ الجهات المسؤولة بشأنها، وأصرّت السلطة بالمقابل، على أن تلك الفعاليات هي ضد القانون والأمن العام، وتستوجب الملاحقة، بعد مسارعة مؤسستها الأمنية إلى اتهام حماس، بأنها مضطرّة إلى توظيف قضايا وطنية سعياً منها إلى تفجير الأوضاع القائمة، وتصدير أزماتها للسلطة والشعب الفلسطيني، وصولاً إلى مرتبة الفوضى والتصادم من جديد.

ربما هذه الأجواء التوتيرية والصاخبة، تعيد إلى الأذهان، الاعتقاد بأن ليس هناك سبيل (صافٍ) إلى المصالحة الحقيقية، وتجعلنا نميل أكثر إلى التخيّل بأن المصالحة هي مناورة تكتيكية، اتخذتها الحركتان لتحقيق أهدافهما، ففي إطارها وافقتا على تسليم بعضاً من التنازلات، كي تزيح النار إلى قُرصِها، وعن النوايا الحقيقية فهي مؤجّلة لحين نهزة.

كما تُعزز التقارير الإسرائيلية ذلك الميل، إلى أن المصالحة هي تكتيكية بالفعل وهي تتجه نحو التلاعب، الذي من شأنه أن لا يُعظم بشكل أكبر الأرباح الإسرائيلية فقط، والتي راهنت منذ البداية على فشل المسيرة التصالحية، حيث لم تُخفِ إسرائيل سرورها حول ما تؤول إليه المصالحة الوطنية من مطبات وحُفر قاتلة، بل تقضي على الآمال الفلسطينية برمّتها. وكان وزير الجيش الإسرائيلي "بوغي يعالون" قد أوضح بناءً على تلك التقارير وعلى ما يراه بعينه ويسمعه بأذنيه على مدار الساعة، بأن المصالحة الفلسطينية هي عبارة عن تضليل وبأنها لن تستمر.

المصالحة بلا مواراة، تشقّ طريقها كُرهاً، وجملة المنغّصات المتواترة إلى حد الآن، ربما تكون سبباً رئيساً في إفساد الكل، وهذا في حد ذاته صعب، وما يجعله أكثر صعوبة هو أن تحصل في ظل مسؤولين، يتقاذفون الحجارة وهم على يقين بأنها تسقط على غير رؤوسهم، ويجدر بناءً على ذلك، المجاهرة بضرورة الكشف عن بنود المصالحة واحداً تلو الآخر، فيما إذا كانت سليمة ووطنية، وإذا ما كانت كذلك، فإنه محظورٌ عليهم، الإتيان بما يهدف إلى تفجيرها أو هجرانها إلى إشعارٍ آخر.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

حماس، فلسطين، فتح، المصالحة الفلسطينية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 11-06-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  كيف نتواطأ على الكذب ؟
  البحرين تتكلم العبرية
  نصر محفوف بالمخاطر
  سنوات حالكة على القدس
  عباس يتوعّد بسلاح معطوب
  حماس، ما بين التهدئة والمصالحة
  الأمل الإسرائيلي يصدح في فضاء الخليج
  واشنطن: فرصة للابتزاز ..
  الهجرة اليهودية، سياسة الاستفزاز
  ثورة 25 يناير، قطعة مشاهدة
  الاتحاد الأوروبي والقضية الفلسطينية، صوت قوي وإرادة مُتهالكة
  عن 70 عاماً، الأونروا تحت التفكيك!
  دوافع الاستيطان ومحاسنه
  مطالب فاسدة، تُعاود اقتحام المصالحة الفلسطينية
  الفلسطينيون تحت صدمتين
  "نتانياهو" وصفقة القرن .. السكوت علامة الرضا
  حماس .. مرحلة التحصّن بالأمنيات
  دعاية تقول الحقيقة
  الولايات المتحدة.. الزمان الذي تضعُف فيه !
  سياسيون وإعلاميون فلسطينيون، ما بين وطنيين ومأجورين
  القرار 2334، انتصار للأحلام وحسب
  سحب المشروع المصري، صدمة وتساؤل
  المبادرة الفرنسية، والمصير الغامض
  دماء سوريا، تثير شفقة الإسرائيليين
  البؤر الاستيطانيّة العشوائية، في عين اليقين
  "نتانياهو" يعيش نظرية الضربة الاستباقية
  "أبومازن" – "مشعل"، غزل مُتبادل في فضاءات حرّة
  "نتانياهو"، حياة جديدة في اللحظات الأخيرة
  السّفارة الأمريكيّة في الطريق إلى القدس
  ترامب، "السيسي" أول المهنّئين و"نتانياهو" أول المدعوّين

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
مجدى داود، سلوى المغربي، د. أحمد محمد سليمان، أشرف إبراهيم حجاج، علي الكاش، فتحـي قاره بيبـان، صفاء العربي، د - عادل رضا، رافد العزاوي، صباح الموسوي ، حسن الطرابلسي، فوزي مسعود ، أ.د. مصطفى رجب، د. خالد الطراولي ، صلاح الحريري، يزيد بن الحسين، عواطف منصور، فتحي العابد، الناصر الرقيق، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أحمد بوادي، صلاح المختار، مصطفي زهران، د- محمد رحال، كريم السليتي، عبد الله الفقير، إيمى الأشقر، ياسين أحمد، إسراء أبو رمان، عبد الرزاق قيراط ، سيد السباعي، د. مصطفى يوسف اللداوي، حميدة الطيلوش، نادية سعد، سلام الشماع، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، رحاب اسعد بيوض التميمي، مصطفى منيغ، جاسم الرصيف، يحيي البوليني، د.محمد فتحي عبد العال، محمود طرشوبي، حاتم الصولي، د - مصطفى فهمي، محمد أحمد عزوز، أحمد الحباسي، محمد الطرابلسي، تونسي، د. أحمد بشير، إياد محمود حسين ، ضحى عبد الرحمن، فتحي الزغل، د - المنجي الكعبي، محمد الياسين، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أبو سمية، د- جابر قميحة، د - محمد بن موسى الشريف ، سليمان أحمد أبو ستة، محمد شمام ، رضا الدبّابي، طلال قسومي، خالد الجاف ، عمر غازي، د- محمود علي عريقات، د. عادل محمد عايش الأسطل، مراد قميزة، فهمي شراب، رمضان حينوني، محرر "بوابتي"، محمد عمر غرس الله، رافع القارصي، خبَّاب بن مروان الحمد، د - محمد بنيعيش، سفيان عبد الكافي، حسني إبراهيم عبد العظيم، عبد الله زيدان، الهادي المثلوثي، سامح لطف الله، صالح النعامي ، د - الضاوي خوالدية، عزيز العرباوي، د. طارق عبد الحليم، أنس الشابي، د - شاكر الحوكي ، د- هاني ابوالفتوح، عمار غيلوفي، د. صلاح عودة الله ، العادل السمعلي، ماهر عدنان قنديل، رشيد السيد أحمد، د - صالح المازقي، حسن عثمان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. عبد الآله المالكي، أحمد ملحم، وائل بنجدو، أحمد النعيمي، محمد العيادي، منجي باكير، الهيثم زعفان، عراق المطيري، علي عبد العال، سعود السبعاني، المولدي الفرجاني، محمد يحي، سامر أبو رمان ، محمد اسعد بيوض التميمي، محمود سلطان، كريم فارق، محمود فاروق سيد شعبان، صفاء العراقي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الغني مزوز،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة