البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الخلط بين الواقع والصواب

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 6258


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


من ضمن أسباب الانحطاط لدينا يوجد عامل الخلط بين الواقع والصواب، أي أن هناك تصور يقوم على افتراض أن كل ما هو واقع فهو صواب.
قد يكون هذا التصور لدى البعض مباشرا وواضحا، ولكنه أحيانا أخرى ضمنيا فقط، وفي كل الحالات لا يتم تتبع الواقع ونقده باعتباره مصنفا صحيحا أي صوابا.

لا أريد الإطالة في الرد على فساد هذا الخلط المنهجي، يكفي لذلك القول أن الصواب هو ما يجب ان يكون نسبة لمرجعية حكم أما الواقع فإنه ما هو كائن كمحاولة لفهم تلك المرجعية، والمسافة بينهما هي المسافة بين النظري وبين التطبيقي، بين المبدأ في أصوله وبين المبدأ المنزل، بين ما هو بالقوة وما هو بالفعل كما يقول الفلاسفة.

إذا أردنا التعمق، فإن الفرق قد يكون معرفيا فلسفيا، فيصبح مقابلة بين من يعتمد على المبادئ كخلفية وبين من يعتمد على الواقع كمرجع، أي مقابلة بين أصالة المجردات من فكر وعقل وبين أصالة الواقع المادي، بين نظرية المعرفة الإسلامية وبين نظرية المعرفة الغربية الواقعية المادية.

يمكن ملاحظة هذا الخلط في الاستعمالات العادية، حيث يقول بعضهم في معرض الكلام: الحقيقة أن ذلك الأمر هو كذا وكذا عوض أن يقول: الواقع أن ذلك الأمر هو كذا وكذا، والعكس بالعكس، لاستواء الحقيقة بالواقع لديه.

تتفاقم نتائج الخلط هذا حينما ننظر لبعض عينات ممارساتها، إذ يصبح كل متحكم بالواقع مقبولا وتتناسى فضاعاته.

فسيئ الذكر مثلا وقع تناسي انه مؤسس تبعية تونس للغرب والمسؤول عن مجمل ما نعيشه من مآسي من ضمنها التفكك المجتمعي والتبعية الذهنية لعموم التونسيين للغرب وضعف حس الانتماء الحضاري وكره الذات لدى التونسيين وغياب المساهمة العلمية والتقنية لتونس باعتبار أن المسلوب حضاريا في تونس لن يمكنه إلا أن يكون عاجزا ذهنيا، أكبر أمانيه أن يدرس في فرنسا ويشتغل بها ويستحيل لديه أن يجاوز فرنسا بإنجاز او غيره، فكيف يمكنه ان يفكر في صناعة سيارة مثلا أو غيرها، هذا غير ممكن لدى تلك العقليات المسلوبة التابعة.

ثم تمّ تناسي كل أفاعيل سيئ الذكر تلك، بل وتم الاتفاق بين اغلب الفاعلين المتحكمين بالواقع الآن الذين يمثل اغلبهم ضحاياه، اتفقوا انه يجب المحافظة على انجازات سيئ الذكر تلك، مما يعني انه تم ضمنيا اعتبار ان الواقع صواب، وأن صوابية الواقع المفترضة ألغت صوابية الأفكار والمبادئ التي تحكم على الواقع ذلك بالفساد.

مثل آخر، لو رجعنا لنماذج من تاريخينا الإسلامي، يمكن أن نجد عينات أخرى للخلط بين الواقع و الصوابية، فحكام بني أمية قتلة الناس يتغاضى عن أفاعيلهم ويستعاض عنها باعتبار واقعهم صوابا ومرجعا، أي أن صوابية الواقع غلبت صوابية المبدأ الذي يحتم الحكم عليهم كمجرمين، فضلا على أن يكونوا قدوات يعلى من شأنهم بل منهم من تروى عنه الأحاديث النبوية.

مثل آخر، فعموم من نعرف من علماء بل ومؤسسي مذاهب، كانوا مجرد فقهاء سلطان متواطئين مع الحكام وساكتين عن الحق، ولكنه تم تاريخيا الإعلاء من شأنهم لمصلحة الحكام في ذلك، وتم بالمقابل التغاضي عن سقطاتهم، وانتهى بنا الحال أن اعتبرناهم فعلا قدوات كما اعتبرهم المتحكمون في ذلك الواقع من قبل، أي انه تم تغليب صوابية الواقع على صوابية المبدأ الذي يحتم أن نرفض كون أولئك هم قدوات فضلا على أن يرووا الأحاديث فضلا على أن يكونوا مؤسسي مذاهب


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الخلط، الواقع، الصواب، التاريخ الإسلامي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 22-04-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  لايكفي أن تفعل وإنما ماذا تفعل: الفعل كمسار وليس كنقطة، ووجوب النظر في تأسيسات تونس الحديثة
  الإختصاص لازم في المعارف وليس في الفكر
  من له تعاملات مع منظمات أجنبية لا يجب أن يُتوقف عنده حتى وإن عارض الإنقلاب
  في فهم بعض أسباب تتالي هزائم حركة "النهضة"
  الوعي الموجه، نموذج الشيعة وخطرهم: من أنتجه وكيف نشأ
  إنها القناعة بما تعتقد في نفسك، هي التي تنتج الفاعلية
  لايمكن أن تقاوم من تتخذه مسطرة: نموذج القبول بالتحقيب الغربي وبمصطلح "الديكولونيالية"
  الفرق بين الفكرة ومحورية الفكرة: حالة الغنوشي
  شروط لنجاح أفعال تغيير الواقع
  الذين يشيدون بالعفيفة لابسة الحجاب، وإذا تزوجوا اختاروا المتبرجة المتهتكة
  نقاش الانتخابات: الأفضل أن نبحث في كيفية خروجنا من السجن لا تحسين ظروف البقاء فيه
  تأملات في الغيب (5): العجز الذهني هو الذي ينتج الجرأة على الله والقرآن
  الواقع تغيره الفاعلية وليس المبادىء والحق
  المصطلح الدعائي المكثف كأداة للفعل السياسي "الناجح": الخوارج، الخوانجية، الإرهاب...
  تماثيل شكري بلعيد، أعمال عدائية يجب أن تزال
  لقد أثبتت الأحداث أن تُهَمَكم ضد "النهضة" باطلة: من يجعل مُغالِبه مسطرة فلن تنتظر منه غير الهزيمة
  "الوطد" ليس هو المسؤول الأول ولا الوحيد عن سوئنا، وماهو إلا مجرد مقاول صغير
  "الكيل بمكيالين": نموذج لصيغ الإخضاع الذهني
  حول اغتصاب الفلسطينيات
  من يدعو لترك الفرز الايديولوجي إنما يريد تسهيل عمليات إخضاعنا
  "المعارضة الديموقراطية": المسلمة الفاسدة التي تصر على إلزامك بتأسيسات تونس الاولى
  المفاضلة بين درجات السوء تنزع عن مواقفك السند الأخلاقي: نموذج حادث الفتيات السائبات
  الوعي الموجه، ظاهره جيد وباطنه تأسيس للإمّعية الذهنية
  خواطر حول الجمال والمنفعة
  الخضوع الذهني التلقائي للفرد التابع
  تعاملنا مع الأفعال نقطيا يجعل الأخطاء حتمية
  الأعمال التلفزية المتهتكة يجب رفضها لأصلها وليس لتفاصيلها
  نقاشات التونسيين حول الديموقراطية والحرية، تشبه عراك ركاب حافلة
  التضاد في المصطلحات: "على مسؤوليتي"، "إسلام التسامح"
  الاذاعات والتلفزات التونسية تمثل أكبر مصدر للتعفين الذهني: بداية من السجناء السياسيين وصولا لعموم الناس

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الله الفقير، فتحـي قاره بيبـان، سلام الشماع، منجي باكير، مصطفي زهران، د.محمد فتحي عبد العال، حسن عثمان، ضحى عبد الرحمن، صلاح المختار، رمضان حينوني، يزيد بن الحسين، محمد يحي، صلاح الحريري، علي عبد العال، وائل بنجدو، د. أحمد محمد سليمان، أنس الشابي، سفيان عبد الكافي، كريم السليتي، حسن الطرابلسي، أحمد الحباسي، د. خالد الطراولي ، د. صلاح عودة الله ، د. مصطفى يوسف اللداوي، كريم فارق، محمود سلطان، سلوى المغربي، محرر "بوابتي"، أ.د. مصطفى رجب، سعود السبعاني، محمد العيادي، سيد السباعي، جاسم الرصيف، الناصر الرقيق، خالد الجاف ، أحمد النعيمي، أحمد ملحم، رضا الدبّابي، حميدة الطيلوش، حاتم الصولي، أشرف إبراهيم حجاج، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، ماهر عدنان قنديل، فتحي العابد، العادل السمعلي، مراد قميزة، مجدى داود، رافد العزاوي، علي الكاش، سليمان أحمد أبو ستة، المولدي الفرجاني، إيمى الأشقر، خبَّاب بن مروان الحمد، د - مصطفى فهمي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد أحمد عزوز، صالح النعامي ، ياسين أحمد، عبد الرزاق قيراط ، عراق المطيري، د - المنجي الكعبي، مصطفى منيغ، د. عادل محمد عايش الأسطل، سامر أبو رمان ، د- هاني ابوالفتوح، يحيي البوليني، طلال قسومي، فتحي الزغل، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد عمر غرس الله، تونسي، سامح لطف الله، صباح الموسوي ، د - شاكر الحوكي ، د. عبد الآله المالكي، رشيد السيد أحمد، د- محمود علي عريقات، فهمي شراب، عواطف منصور، رافع القارصي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد الياسين، عبد الله زيدان، عمر غازي، د - محمد بنيعيش، عزيز العرباوي، عمار غيلوفي، أبو سمية، محمد الطرابلسي، د - عادل رضا، إسراء أبو رمان، صفاء العراقي، محمود فاروق سيد شعبان، رحاب اسعد بيوض التميمي، صفاء العربي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. أحمد بشير، محمد شمام ، د - الضاوي خوالدية، الهيثم زعفان، د- جابر قميحة، أحمد بوادي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، الهادي المثلوثي، فوزي مسعود ، د- محمد رحال، محمود طرشوبي، عبد الغني مزوز، نادية سعد، د. طارق عبد الحليم، حسني إبراهيم عبد العظيم، إياد محمود حسين ، د - صالح المازقي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة