يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يسعى بعض الأشخاص المثيرون للجدل إلى استصدار رخصة قانونية لما يسمى"جمعية الدفاع عن العلمانية في تونس", وهي جمعية تثير لغطا منذ تأسيسها في 24 ماي 2007, و السبب ناتج عن جرأة مطالبها وغرابتها.
وللمرة الثانية في أقل من شهرين, يعمل الموقع الأمريكي "مغاربية" على التعريف برموز هذه الجمعية الجديدة, فبعد لقاء أول عقده هذا الموقع الأمريكي مع إحدى الأعضاء المؤسسين, هاهو لقاء تعريفي آخر مع بعض الأعضاء الآخرين.
يذكر ان موقع مغاربية هو موقع أمريكي ترعاه القيادة الأمريكية الأوروبية، وهي القيادة العسكرية المشتركة المسئولة عن إدارة العمليات العسكرية والإستخبارية الأمريكية في أوروبا وأفريقيا.
و في حديث أجري مع السيد صالح الزغيدي، أحد الأعضاء المؤسسين لهذه الجمعية, أبان هذا الأخير عن مجموعة من القناعات التي تحكم الأعضاء المؤسسين و بعض من مطالبهم التي ينوون العمل من أجلها.
فلقد قال السيد صالح الزغيدي ان التكوين الشخصي للرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة يميل للعلمانية, وإذا علمنا أن العلمانية مناقضة للإسلام, فيستغرب إذن أن يتهم رئيس دولة مسلمة بأنه علماني, ولا يعرف ما إذا كان مثل هذا الكلام يعد ثلبا في حق الرئيس التونسي السابق ام لا.
كما قال السيد صالح الزغيدي أنهم لا يرضون بأن يبقى قانون الميراث التونسي مستمدا من الشريعة الإسلامية وهم يسعون "للنضال" من أجل وضع حد لهذا الارتباط.
كما انهم في جمعيتهم الجديدة يعملون على محاربة بعض الأحكام الأخرى المنبثقة من التشريع الإسلامي كمنع زواج المسلمة بغير المسلم, و أضاف المتحدث انهم يقرون ان المسافة بين الدين والدولة و الانفصال الواقع بينهما هو في تونس أوسع منه بالمقارنة مع دول أخرى كمصر والسعودية, لكنهم يريدون مزيدا من هذا الانفصال.
و ظهر من خلال حديث أحد المؤسسين أن هذه الجمعية تسعى لإبدال أو حذف الفصل الأول من الدستور التونسي الذي ينص على أن تونس دولة دينها الإسلام, إذ أوضح السيد صالح أن العمل على حذف هذا الفصل هو محل مطالبة قديمة قبل أن يؤسسوا جمعيتهم, كما زعم ان هذا الفصل محل جدل, في مسعى تضليلي واضح منه لترسيخ الانطباع أن هدفهم بحذف هذا الفصل هو انعكاس لمطالب متعددة قديمة, والحال انه لا يوجد من طالب بإبدال أو حذف هذا الفصل باستثناء بعض الأطراف المشبوهة ذوات الارتباطات الأجنبية.
و في بادرة استباقية ذكية لإرهاب من سيعارض مطالبهم, قال السيد صالح أن معارضيهم سلفيون تكفيريون, وهو بالطبع قول غريب إذ ليس كل من ينتقدهم هو تكفيري, وهو نوع من الحجر الفكري يهدف إلى منع الناس من أن ينتقدوهم أو يعارضوهم.
يذكر أن العلمانيين بارعون في إرهاب خصومهم الفكريين بالتلويح بمصطلح "إرهابي ومتطرف" في وجوههم, وهو ما يعد نقل حرفي ناجح لمنهج اليهود في إرهاب خصومهم عن طريق استعمال مصطلح "معاداة السامية".
جدير بالذكر ان فصائل من العلمانيين او ما يمكن ان يسمى بالعلمانيين المتطرفين لهم ارتباطات أجنبية, حيث يتلقون دعما ماليا غربيا, وتغطية إعلامية للتعريف بهم وبجمعياتهم, كما يحضرون لقاءات دورية بالسفارات الأجنبية أو بمراكز بحثية تابعة لها, مقابل إعداد دراسات تدعو لتغييرات تشريعية بالدولة المعنية.
من ناحية أخرى وعكس ما يحصل في تونس, فإن بعض الدول العربية انتبهت أخيرا لتحركات هؤلاء المتطرفين العلمانيين, وأوقفت نشاطات بعضهم وصادرت رخصهم, في حين أحالت بعضهم للمحاكمات, كما حدث في مصر أخيرا.
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
14-09-2007 / 13:28:00 عادل
@httm
لم يمنع أحد شخصا من ابداء الرأي و لست أدري إن كنت تتكلم عن هذا الموقع . و لعل هذا بهتان منك لأنهم إن منعوا ابداء الرأي لما رأيت الرأي المخالف و لرأيت الكل يتحدث لغة واحدة. و لما قرأنا ما كتبته!
و التنصيص على الدين في الدستور راجع إلى أن أغلبية التونسيين هم من المسلمين و هذا يعكس حكم الأغلبية من الشعب للشعب و هو انعكاس واضح للقيم الديمقراطية.أم تريدنا أن ننكر على أنفسنا انتمائنا الديني و الثقافي لحساب أفراد لا يمكن اعتبارهم أقلية أو حتى وضعهم في الحسبان لأنهم من الشواذ و الشاذ يحفظ و لا يقاس عليه.و هم ما يريدون هذا إلا لتسنى لهم تهميش مجتمعنا فهل أن العلمانية هي الحل و نحن نرى بقية الدول العربية التي تبنت العلمانية في دستورها كسوريا و العراق و لبنان كم تعاني من مشاكل اجتماعية و مآزق تشريعية؟
13-09-2007 / 15:15:07 فوزي
@hhm
لتتفضل بالتالي:
- لا أدري وما أرى القراء إلا كذلك يجهلون كيف ان موقعنا يقف ضد حرية الناس, فهل تعرف مثلا أحدا كتب رأيا أو أرسل لنا مقالا ومنعناه ؟
- لعلك لا تعرف أن موقعنا نشر مقالا وردودا لأحد التونسيين ممن يجاهر بإلحاده, وما منعني ما اعرف منه من أن أنشر له.
- نحن ننشر كل الآراء الفكرية بموقعنا, ولا يعني ذلك أني أساند ما انشر أو أتبناه, ولكني على قناعة ان كل ماعدا الإسلام فهو ضلال وهوى نفس وإن تلبس بسمات الفكر والنظريات وما شابهها, كما إنني على ثقة بديني إلى حد أني أجزم أنه لن يغلب أبدا في جدال فكري, بل بالعكس إذ المشكل يكمن في أن الأباطيل المنتشرة في مجتمعاتنا من نظريات وحلول غربية, ما استقوت وعمت إلا بغياب الجدال الفكري والرأي الإسلامي.
- بقي أن أقول أن كلامك يحمل نوعا من أساليب التمويه الفكري, المرتكز على الهجوم للدخول من خلال تراجع الطرف المقابل, وهو أسلوب يبرع فيه اليهود ونظرائهم العلمانيين ببلادنا, حيث هاجمت برمي تهمة تعرف انت مسبقا بطلانها, لكن هذا الهجوم يقصد منه جعل الطرف المقابل يدافع وينفي التهمة, وساعتها تستغل التراجع الذي يصاحب أي عملية دفاع (أي دفاع هو تراجع في آخر المطاف, نسبة للوضع القياسي), وتسرب طلبك الأصلي وهو ما يقلقك من المقالة كلها, إذن وكأنك تنوي القول: كفوا عن فضح الذين يطالبون بتغيير الدستور بحذف التنصيص عن الدين الإسلامي, وهو ما قلته في آخر ردك.
13-09-2007 / 12:46:21 DIFT
@hhm
Et vous êtes qui déjà? Tunisien pas tunisien? chrétien musulman...? ces paramètres influent sur la définition de la liberté qui semble ne pas avoir le même sens pour nos cerveaux limités.
13-09-2007 / 08:19:47 hhm
Votre site est toujours contre la liberté des gens bien qu'il prétend le contraire.
Laissez les gens faire et demander ce qu'ils veulent, et pourquoi insister sur l'islam dans la consititition
3-09-2007 / 15:23:21 تونسي آخر
يعني لم نفهم يا أخ "التونسي", هل انت ترى ان الدستور لا يجب ان ينص على ان الإسلام دين الدولة في تونس, لأن ذلك بديهي أم ماذا؟
إن كان الامر كذلك, فاسمح لي ان أقول لك, أن البديهيات لا معنى لها كمرجعية, إذ ما هو بديهي لدى طرف قد يكون غاية في الغموض والمعارضة لدى طرف آخر.
نقطة اخرى, دعوى اتركوا كل حر في اختيار دينه, يجب ان توجه للذي يريد ان يفرض اختياراته على الأغلبية, وهم الذين يسعون لإبدال الدستور وحذف التنصيص على دين الدولة على انه الإسلام, وليس للذين يريدون الدفاع عن انفسهم وهم القائلون بصد الاطراف المشبوهة التي تسعى لتغيير الدستور استجابة لرغبات الاطراف الغربية التي تحركهم
3-09-2007 / 10:15:47 التونسي
السلام على من اتبع الهدى
من فضلكم اتروكوا الناس أحرار في أفكارهم و اختياراتهم
من شاء آمن و من شاء كفر
لا إكراه في الدين
كيف لبلد عريق التاريخ كتونس أن تفرض عليه الاسلام كدين و في أول بند من الدستور
هذا الشئ مشين فعلا
و كل الفضل لله سبحانه و تعالى
31-08-2007 / 12:52:45 عادل
في البداية أريد أن أشكرالقائمين على هذا الموقع لتميزهم في اختيار مواضيعه الجادة
إن ما يسترعي انتباهنا في هذه الجمعية التي تدافع عن العلمانية هو تغييبها للمجتمع التونسي و لإرادته. فلا يمكن لجمعية أن تنساق لتنادي بالعلمانية دون النظر إلى عواقب هذا الاختيار.و المدهش حقا هو تزيين العلمانية و الدعوة لاستخدام شبابنا في الثورة على الاسلام و ذلك بالترويج لها في كل المناسبات و بكل الطرق و لو تأملنا البرامج الدراسية في مدارسنا للاحظنا الأمر نفسه:تغييب لسلبيات العلمانية و تقديمها على أنها الحل و الطرف الذي يتحلى بعدم الانحياز بحيث يصبح رفض الدين هو الأمر الأمثل للتحلي بالعدالة و الإيجابية و الموضوعية في حين تم الباس الدين ثوب الظلم و البعد عن الموضوعية و السلبية و التخلف.كما نلاحظ تمجيدا للعلمانية و اسقاطا للتجربة الكنسية الغربية على الاسلام بطريقة غير مباشرة و التنويه بالثورة الفرنسية و إبرازها بأنها السبب الوحيد في تقدم الغرب و كأنها دعوة غير مباشرة إلى الثورة و انتزاع الدين من كل أشكال الحياة. و المؤسف حقا هو أن القائمين على القيام بهذه الكتب لم يعملوا على التخلص من النقل السلبي من الثقافة الغربية و هذا ما يجعل كتبنا التي تدرس أطفالنا تحمل أفكارا مسمومة و تعمل على تثبيت هذه الأفكار بطريقة ما في العقل الباطني مما يجعلهم عرضة إلى رفض كل تقيد بالدين و الأخلاق في تفكيرهم الشيء الذي يمكن أن ينعكس بسهولة على الواقع.كما أننا نلاحظ عدم اعطاء أية أولوية للفرد التونسي والوطن بل إن الوطن بات مجرد إطار مكاني يمكن تعويضه بأي إطار آخر كما تصبح المعني الوطنية معاني جوفاء و يصبح الحديث كله مجردا من كل خصوصية و يصبح التونسي هو الانسان الآخر الذي يعيش معنا على نفس الأرض و تختفي كل القيم الوطنية و الحضارية و التاريخيةفلا معنى للمشاركة و انما المعنى الأول و الأخير يهتم بالمصالح..هذه السلبية الموجودة في كتبنا تنعكس في إلقاء كل القيم في سلة واحدة سواء أن كانت قيما دينية أو قيما وطنية.و قد تحدثت إلى مجموعة من المربين في مدارسنا في بعض المناسبات و قد أكد كلهم على سلبية الشاب التونسي اليوم في الحوار حتى داخل قاعة الدراسة في المواضيع الوطنية و الدينية...و الملاحظ عندنا هو نزعة شبابنا إلى الحلم بالهجرة إلى أوروبا أو أمريكا و تحدثهم عن هذه لمجتمعات بكل إعجاب و عدم رفض حتى الوجوه السلبية فيها و تقاعسهم عن العمل للنهوض بالوطن أو حتى الحلم بالعمل على جعل الوطن بتقدم مماثل لهذه البلدان.بل إن الكثير منهم يتماوت فيقدم الغالي و الرخيص للذهاب إلى أوروبا بما في ذلك محاولة الزواج بالأجنبيات و التسخير لذلك كل أموال العائلة و لو كان الواحد منهم شابا و المرأة عجوز في الستينات و كذلك بدأنا نألف في الصيف رؤية شاب تونسي يصاحب عجوزا اوروبية و هكذا بدأت فتياتنا تحاولن منافسة الشبان في الزواج بأوروبي ضاربات عرض الحائط قيمهن الاسلامية و ظربت العنوسة البقية... قد يبدو للبعض بأني أبالغ و لكن يكفي للواحد منا أن يجلس إلى أي شاب أو شابة و يحادثهم فسوف يسعق بكمية الاستلاب الفكري التي ابتلوا بها و لست بهذا أعمم و لكني أتحدث عن أغلبية بدأت تتكاثر في السنوات الماضية.
لننظر إلى معنى كلمة العلمانية فبل البداية في النقاش من قاموس ميريام ويبستر المعروف. التعريف كما ترجمته حرفيا: "عدم المبالاة أو رفض أو إبعاد الدين أو الإعتبارات الدينية". وهو ليس خاصاً بالأمور السياسية فقط، بل هو أسلوب حياة قائم على عدم المبالاة بالدين أو رفضه و قد جاءت العلمانية لتقوض و لتفرض تحولات اجتماعية كذلك و ليست فقط سياسية هناك تحول اجتماعي يتم في مجال الدين نفسه ويتمثل "في تراجع سلطة الدين بسبب عدم التوافق بينه وبين روح حضارة مبنية على التكنولوجيا"، مما أدى إلى قيام صراع بين الكنيسة والعلم الحديث وقد كان من جملة مظاهره الأولى إخضاع العالم الإيطالي الشهير جليلو (1564-1642) لمحاكم التفتيش التي حكمت عليه بالتراجع عن قوله بدوران الأرض. ولن يمر وقت طويل حتى يمتد الصراع بين الكنيسة والفكر الحديث إلى مجال الأخلاق حين ظهرت دعوات إلى "تحرير الأخلاق من وصاية الدين". ثم ما لبث الأمر أن تطور إلى الدعوة إلى تحرير "المجتمع السيكولاري التكنولوجي من الوصاية الدينية في جميع وظائفه"، الشيء الذي يعني نزع طابع القداسة عن أشياء الطبيعة وبالتالي نزع الطابع السحري عن العالم وعن الدين نفسه (مما يلزم عنه عدم الإيمان بالكرامات والمعجزات الخ)، وهذا يعني عند بعضهم "عقلنة المعرفة والفعل". وهكذا يتبين أن نقل مفاهيم مثل التي ذكرنا من تجربة حضارية تقوم خصوصيتها على اعتناق نظام ديني معين، كالنظام الكنسي، إلى تجربة حضارية أخرى تقوم خصوصيتها على نظام ديني لا يعترف أصلا بالكنيسة، أمر يستلزم تبيئتها في المجال الحضاري المشار إليه. وعملية التبيئة، تبيئة المفاهيم عموما، تتطلب القيام بخطوتين: الأولى التعرف عن قرب على تاريخ المفهوم الذي يراد نقله، تاريخه كما تعطيه المرجعية التي ينتمي إليها، أما الخطوة الثانية فهي النظر في كيفية إعادة استنبات ذلك المفهوم في المرجعية التي يراد نقله إليها.
و هنا يتضح لنا أن تبييئة مفهوم العلمانية في مجتمع مسلم كالمجتمع التونسي هو أمر لا يستند إلى أرضية لأن الدين لا بحارب العلم و هو يتماشى مع الروح الحضارية المعاصرة. لذلك يلجؤ المنادون به إلى المطالبة بأشياء يدعون بأنها حقوق مستوجبة و شعارات ك ّ الأخوة و العدالة و الحرية ّ و هي شعارات فياضة يمكن أن تتم إساءة استخدامها إن لم نحتكم إلى قانون يحدد ما هو الصحيح و ما هو الخطأ. و هكذا فإن استخدام المرأة كموضوع يتم زجه في كل المناسبات كمقدمة لأغراض خفية لم يكفوا عن استخدامه و كأن المرأة المسلمة كانت مقهورة مستغلة. فالإقرار بمبدإ مساوات الإرث بين الأنثى و الذكر يبدو في ظاهره عادلا و لكن واقعه ليس كذلك لأن المرأة المسلمة ليست مطالبة بالعمل لتعيل نفسها و لكن الرجال المقربون منها كالأخ و الزوج و الأب و الابن...مطالبون بالقيام بحاجياتها. و هذا ليس استنقاصا للمرأة و النظر إليها كعنصر فاشل في إعالة نفسه و إنما لأن المرأة هي أم و زوجة كذلك و توكل إليها عامة الأعمال المنزلية و القيام بحاجات الأسرة من طبخ و تنظيف و تنشأة للأطفال و هذا العمل في ذاته متعب و مشق لأنه يتطلب منها اليوم كله دون إجازات. و لو أننا قمنا بإعطاء المرأة الحقوق نفسها من الإرث و خلصنا الرجل من مهمته بإعالتها لظلمناها كل الظلم لأنه لا يمكن لها أن تعمل خارج المنزل لتعيل نفسها و أن تقوم بخدمة الأسرة في الوقت ذاته دون مساعدة و أحيانا يستحيل على أم أن تكلف نفسها بالعمل خارج المنزل...و الإرث في ذاته يمكن أن يقوم بحاجيات المرأة كما يمكن أن يكون قليلا بحيث لا يكفي قوت يوم أو حتى أسبوع فمن سيعيلها حين ذاك؟؟
و المطالبة بالتخلص من كل قيمنا الاسلامية و إعادة صياغة الدستور التونسي أمر ليس بلعبة أو بشيء هين. و هو أمر إنما يدل على البعد الحقيقي للعلمانية، وفضح منهجها الإقصائي الذي يلغي وجود المعتقدات الدينية و هو أمر يوقف بذلك الضجيج السائد حول الفكر البدائلي الذي كانت تجسده الأحلام العلمانية في زمان سقوط الإيديولوجيات، وهي بهذا الشكل التوتاليتاري المذكور، فقد طوق العقل العربي داخل جغرافيا المصطلح بشكل شمولي، فقرأ فيزيولوجيا مفردة العلمانية ، وبحث في إيتيمولوجيا العبارة (هل هي من العلم بالمعنى الموضوعي، أم أنها معتقد ينافس كل معتقد)، وفحص أيديولوجيا الدلالة (إذا كانت مواقفية ترتطم بالدين، أم أنها مشروع ليبرالي ينتظم كل دين)، وقد غاب عن هذه التحريات والتحقيقات النظرية الإشكال الحيوي الذي تثيره المسألة العلمانية في بلادنا من حيث علاقتها الالتباسية بالحقوق الاجتماعية وبالمعتقدات وبالمؤسسات. إنها تبدو من الأنساق الكبرى التي لا تقف على أرضية حيادية، ومواقف موضوعية تبرئها من الانحياز والانزياح الأيديولوجي.فالعلمانية المتفرعة عن الأيديولوجيات اليسارية المنقرضة تظل حليفة دائمة للأنظمة القائمة تدفعها إلى ذلك عقلية انتفاعية خالصة، من أجل هذا لا تجيب عن القضايا المستعصية في البلاد العربية، والاستفهامات الملحة التي تفجر نفسها لتكشف التناقض بين الشعار والأداء، والخطابات الديماغوجية: هل الحرية الدينية المباحة والمفروضة تتماثل مع الحرية السياسية المفترضة؟ أم أن الليبرالية السياسية تبقى من التابوهات والممنوعات الأبدية؟ وهل يكون البرنامج السياسي ممارسة ديمقراطية واقعية تظل محايدة بإزاء الاختبارات الوطنية، ولو ناهضت السياسات العلمانية القائمة؟ أم أن البرنامج العلماني مجرد خفير وحارس لنظام دوغمائي منقفل يتمنى المصادرة والهيمنة على الزمان والمكان والإنسان؟
و يعكس الدفاع المسبق للسيد صالح خطابه الدوغمائي من حيث اتهامه لمعارضيع بالسلفية .و لكنه لم يتفهم إلى الآن بأن بورقيبة على الرغم من اعجابه بأتاتورك لم يتبنى العلمانية و هو ليس بعلماني و لا يمكنه أن يكون كذلك .و إنما تم اتهام بورقيبة بالعلمانية و هو اتهام يحمل طابعا تكفيريا من البعض لمحاولته البحث عن حلول دينية معاصرة و لكنه لم يعلن يوما علمانيته أو انسلاخه عن الاسلام. و مهما يكن فإن بورقيبة زعيم وطني عمل فأصاب أحيانا و أخطأ أحيانا و سنظل نعترف بفضله علينا و لا نر من داع إلى الإختباء وراءه كما يختبؤ العلمانيون الأتراك وراء أتاتورك ليسبوا الإسلام و المسلمين
14-09-2007 / 13:28:00 عادل