البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

(290) قراءة حديثة فى ظاهرة " البلطجة " فى المدارس

كاتب المقال د - أحمد إبراهيم خضر - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 6046


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يتفق الخبراء الاجتماعيون على أن " البلطجة " توجد فى كل مدرسة، وفى كل مجتمع، وفى كل دولة، وأنها تتصاعد بدرجة مخيفة. وتعترف الأكاديميات العلمية المتخصصة فى شئون الأطفال والمراهقين بتقديرات الأطباء النفسيين بأن نصف طلاب المدارس يتعرضون للبلطجة فى وقت ما من مراحل حياتهم الدراسية. وأن سلوكيات " البلطجة " متصل يتورط فيه الكثير من الطلاب على عدة مستويات، وأن معايشة " البلطجة " قائمة عند الطلاب سواء أكانوا فاعلين أم ضحايا، وأن كليهما – على الأغلب- يعانيان من حالات اكتئاب وقلق شديدتين.
وتحدث سلوكيات " البلطجة " فى المدرسة لأى طفل فى مختلف المراحل الدراسية، لكن أكثر الفئات تعرضا لهذه السلوكيات هم الأطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة، أو المعاقين.
والآتى بعد هو خلاصة البحوث والدراسات التى أجريت حول ظاهرة البلطجة.

أولا: مصطلح "البلطجة"
يرى بعض الباحثين أن مصطلح " بلطجى" مشتق من اللغة التركية والذى يعنى " حامل البلطة"، وبالرغم من أن هناك استخدامات أخرى أفضل من ذلك، كمصطلح "المتنمر" أو "المستأسد" أو حتى " الفتوة "، فإن ترجمة المصطلح إلى الانجليزية تعنى BULLY""، وهى ترجمة قريبة إلى اللغة التركية، ولهذا نرى أن شيوع استخدام مصطلح " البلطجة"، وعدم وفاء المصطلحات الأخرى بخصائصه، كل ذلك يجعله أكثر مناسبة لموضوعنا هنا.

ثانيا : تعريف " البلطجى"
يعرف "البلطجى" بأنه الشخص الذى يقوم بصفة متكررة وعبر الزمن بأفعال سلبية غير اجتماعية وغير مرغوبة ضد شخص آخر أو مجموعة أشخاص ممن يجدون صعوبة فى الدفاع عن أنفسهم.

ويتضمن هذا التعريف ثلاثة أمور هامة :
1- أن " البلطجة " سلوك عدوانى يشتمل على أفعال سلبية وغير مرغوبة.
2- أن " البلطجة " نمط سلوكى متكرر عبر الزمن، بمعنى أنه ليس مقصورا على فترة زمنية معينة.
3- أن " البلطجة " تتضمن عدم توازن فى القوة والسلطة.

ثالثا : دحض فكرة أن ظاهرة البلطجة مجرد أسطورة
يرى الباحثون أن العديد من أولياء الأمور والمدرسين وإدارات المدارس يتبنون منظومة فكرية قوامها أن ظاهرة " البلطجة " مجرد "أسطورة "، وأنها سلوك عادى سيأخذ وقته، وكمشكلة سوف تنتهى من تلقاء نفسها، وتمر كمجرد خبرة فى ذاكرة الطلاب، كما أنها غير شعبية، لكن الحقيقة الظاهرة هى أن ظاهرة " البلطجة " خبرة مشتركة للأطفال فى المدارس، وهى أكثر انتشارا عما هو متصور. وأن هؤلاء الآباء والمدرسين والإداريين كما يرى الباحثون واهمون، وهم كالنعامة التى تدفن رأسها فى الرمال، ذلك لأن الصغير الذى يتعرض لسلوكيات الـبلطجة" سوف يحمل معه حينما يكبر ذكريات ومخاوف عاطفية تؤثر على مستقبله. ولهذا فإن أكبر العوامل التى تساعد على انتشار سلوكيات " البلطجة " هو التسامح فيها، والتغاضى عنها، وعدم اتخاذ مواقف لمواجهتها.

ويؤكد هؤلاء الباحثون وجهة نظرهم بقولهم أنه " إذا كان لديك حيوانا تقوم بضربه باستمرار، وأصبح هذا السلوك ملازما له حتى عندما يكبر، فإن النتيجة أن هذا الحيوان سينظر إلى كل من يقترب منه على أنه معاد له. هكذا هو حال الطفل الذى يتعرض دوما لسلوكيات " البلطجة ". سينظر إلى الآخرين نظرة سلبية، إلى درجة أن مجرد ارتداء زملائه زيا مدرسيا واحدا، يجعلهم بالنسبة إليه أعداء محتملين. وطالما أنه يتعرض للإيذاء عبر مختلف المراحل الدراسية فإنه سيكبر وليست لديه صورة إيجابية عن المجتمع، ومن ثم تزيد احتمالات التمرد عنده، أو أن يكون شخصية غير مبالية، فمعظم الصغار الذين يتعرضون للمتاعب وهم كبار، كانوا تعرضوا أصلا للإيذاء وهم فى سن المدرسة.

رابعا : أشكال " البلطجة " :
تأخذ سلوكيات " البلطجة " أشكالا عدة حدد الباحثون تسعة أشكال منها :
1-" البلطجة " الشفهية : يوصم فيها الضحية بأسماء وتعليقات محطة بالكرامة وجعله موضع سخرية بين أقرانه .
2- " البلطجة " عن طريق عزل الآخر وإقصائه.
3- " البلطجة " البدنية مثل الضرب والركل والدفع العنيف والبصق.
4- " البلطجة " عبر الكذب ونشر إشاعات كاذبة عن سلوكيات سلبية عن الضحية بغرض تخويفه وإذلاله.
5- " البلطجة " عبر الاستيلاء على مال الضحية أو ممتلكاته.
6- " البلطجة " بتهديد الضحية أو إجباره على فعل أشياء لا يرغبها.
7- " البلطجة " العرقية عبر الحط من قيمة الآخر بسبب سلالته أو عرقه أو لونه...الخ.
8- " البلطجة " الجنسية.
9- " البلطجة " عبر الانترنت أو الهاتف المحمول.

خامسا : خصائص الأشخاص الذين يمارسون البلطجة والأسر والبيئات التى ينتمون إليها
صنف بعض الباحثين من يقومون بسلوكيات "البلطجة " إلى عدة أنواع.
1- الأكثر نشاطا : وهو الذى لا يفهم ما تعارف الناس عليه اجتماعيا، ومن هنا تكون سلوكياته ضد الآخرين غير مناسبة، وتميل إلى الإيذاء البدنى. وبسبب افتقار هذا الشخص إلى المهارات الاجتماعية والتفكير العميق، فإنه ينفجر لأسباب تافهة.
2- المخطط : وهو الذى يخطط لهجومه، ويتحدث مع كل أحد إلا ضحيته.
3- الدنيئ : وهو الشخص الذى يفتقد إلى الثقة فى النفس، ويتعامل مع الآخرين بصورة دنيئة، وغالبا ما يلجأ إلى نشر الإشاعات عن ضحيته.
4- العاجز : وهو الشخص الذى يتخلص من عجزه بالاستئساد على الآخرين .
وقام باحثون آخرون بتحديد خصائص هؤلاء الأشخاص على النحو التالى :
1- تزيد احتمالات مشاركات هؤلاء الأشخاص فى المشاجرات، كما تزيد احتمالات إصاباتهم فيها، وهم أكثر ميلا لتخريب الممتلكات، وشرب الكحوليات،التدخين والإدمان على تعاطى المواد المخدرة، وحمل السلاح، والسرقة، وضعف التحصيل الدراسى، بالإضافة إلى زيادة احتمالات اصابتهم بأعراض القلق والاكتئاب.
2- رغم أن سلوكيات هؤلاء التلاميذ تعتبر مؤشرا لسلوك عنيف وغير اجتماعى خطير، فإنه لا يمكن القول بأن جميعهم يعانون من مشاكل سلوكية، أو متورطون فى أنشطة فيها خرق للقواعد المعمول بها، ذلك لأن البعض منهم – على عكس السمة العامة لهؤلاء الأشخاص - يتميز بدرجة عالية من المهارات الاجتماعية، ويحظون بتقدير عال عند مدرسيهم وعند البالغين الآخرين، ورغم وجود هذه الخاصية عند الذكور، فإنها أكثر انتشارا عند الإناث ممن يمارسن سلوكيات " البلطجة "، إلا أنه من الصعب على المسئولين أو غيرهم اكتشاف ذلك أو حتى تخيل أن هذا النوع من التلاميذ يقوم بسلوكيات بلطجة.
3- قد لا يتعمد الشخص منهم التسبب فى الإيذاء البدنى لزميله، لأنه يبحث فقط عن جذب الاهتمام إليه. ونظرا لأنه يشعر بفقد احترامه لذاته، نجده يتعمد إذلال الآخرين لشعوره بأنه أفضل منهم.
4- يفتقر هذا النوع من الأشخاص – بصفة عامة - إلى التعاطف، والرحمة، والشفقة، والحكمة، وكذلك إلى المهارات الاجتماعية فى التعامل مع الآخرين – باستثناء القلة التى أشرنا إليها- ومن ثم يكونون قساة فى تعاملاتهم، وكثيرا ما يستخدمون " البلطجة " كوسيلة لإدارة الغضب، ويشبه الباحثون الواحد منهم بهذا الشخص الذى يقوم بضرب وسادة بشدة وعنف. فهو شخص متسلط ، يلوم الآخرين، ويزدرى من هو أصغر منه، وينظر إليه على أنه فريسة سهلة ضعيفة، وهم لا يقبلون تحمل المسئولية عن أفعالهم، ويعتنون فقط بأنفسهم، ومحاولة جذب الاهتمام إليهم.
5- الصغار الذين يقومون بسلوكيات بلطجة ضد أطفال آخرين أضعف منهم، هم أنفسهم كانوا عرضة لأفعال فيها بلطجة من قبل آخرين سواء فى المنزل أو المدرسة. وعلى مستوى الأسرة تبين الدراسات أن معظم أصحاب سلوكيات " البلطجة " كانوا قد استغلوا من قبل إخوة لهم أكبر منهم سنا، رغبة من هؤلاء الكبار إثبات سلطتهم فى المنزل.
6- يشعر الشخص الذى يقوم بهذه السلوكيات بأن هذا السلوك يستحوذ عليه، وأنه مجبر على الإتيان به، والإفراط فيه بحيث يكون غير قادر على الحياة بدون أن يستهدف ضحية أمامه.
7- غالبا ما يسود سلوك " البلطجة " فى الصغار الذين ينتمون إلى أسر لا يحترم أفرادها بعضهم البعض الآخر، ولا يتعلم الصغار فيها احترام حقوق الآخرين. كما كشفت البحوث والدراسات التى أجريت فى انجلترا وألمانيا والنرويج واليابان وجنوب أفريقيا، والولايات المتحدة أن سلوكيات " البلطجة " بين الصغار يعود إلى تنشئتهم فى أسر تتميز فيها سلوكيات الوالدين بالتسلط، والعداء، والأذى، والضرب البدنى. أما الأطفال الذين يعيشون فى بيئة ودية، وراعية، ومستجيبة يكونون أقل ميلا إلى سلوكيات " البلطجة ". ذلك لأن الأطفال يتعلمون من آبائهم كيف يتصرفون، وكيف يتفاعلون مع الآخرين. فإذا تعلم الصغار منهم الغضب، والعدوانية فى المنزل، فإنهم سوف يمارسون ذلك فى علاقاتهم مع الآخرين.
8- بينما تقول بعض الدراسات أن احتمالات سلوكيات " البلطجة " تزيد فى الأسر التى تنتمى إلى طبقات دنيا أو عليا، والأسر ذات الدخل المتدنى والعالى عن الأسر ذات الدخل المتوسط، ترى دراسات أخرى أنه ليست هناك ارتباطات هامة بين سلوكيات " البلطجة " وبين انتماء أصحابها إلى أى دين أو سلالة أو مستوى دخل معين أو طلاق أو أى عامل اقتصادى أو اجتماعى معين، فهم يأتون من كل الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية.
9- تتغير سلوكيات " البلطجة " بين المناطق والمدن الحضرية وشبه الحضرية عن مثيلاتها فى المناطق الريفية.
10- تكشف العديد من الدراسات أن سلوكيات " البلطجة " تزيد عند الأولاد، وتقل عند البنات. وهناك دراسات أخرى ترى أن الأولاد والبنات يتساوون فى سلوكيات " البلطجة "، إلا أن الأولاد أكثر ممارسة للإيذاء البدنى، والبنات أكثر ممارسة للإيذاء الشفاهى والنفسى.
11- يتفق الصغار الذين يقومون بسلوكيات بلطجة مع ضحاياهم فى مواجهة صعوبات فى التكيف الاجتماعى والنفسى مع البيئة المحيطة بهم، وفى تكوين الأصدقاء، كما يعانون من الانعزال الاجتماعى، والتخلف الدراسى ومعاناة مشاكل سلوكية.
12 - تبين بعض الدراسات أن هؤلاء الذين يمارسون على الآخرين سلوكيات بلطجة، تزيد احتمالات ارتفاع معدلات سلوكهم الإجرامى أو ارتكابهم أفعالا خارجة عن القانون، كالمخالفات المرورية حينما يكبرون ، ومنهم من قد يكون أدين فى جناية واحدة على الأقل، كما أنهن يعانون من العديد من المشاكل فى مستقبل حياتهم، فتزيد احتمالات اساءتهم التعامل مع زوجاتهم وأطفالهم، وقد يواجهون مشكلات فى الحفاظ على وظائفهم التى يشغلونها. لكن الأهم هنا هو زيادة احتمالات أن يمارس أبناؤهم سلوكيات بلطجة حينما يكبرون.

سادسا : خصائص آباء الصغار الذى يقومون بسلوكيات البلطجة :
أفرد الباحثون حيزا خاصا لخصائص هؤلاء الآباء حددوها على النحو التالى حددوها :
1- البعض من هؤلاء الآباء قد يكونون متسامحين مع أبنائهم وغير قادرين على وضع حد لسلوكياتهم العدوانية، ولهذا يتمادى هؤلاء الصغار فى سلوكياتهم طالما أنه ليس هناك من انضباط عليهم. قد يكون هؤلاء الآباء تعرضوا لمثل هذه السلوكيات العدوانية فى صغرهم، ولهذا يرون أن فرض المعايير الانضباطية علي صغارهم إساءة لهم. ويتراخى هؤلاء الآباء فى ضبط سلوكيات الأبناء فى المنزل فى علاقاتهم مع إخوانهم وأخواتهم الأصغر منهم، بحيث يسيطرون على الأسرة بأكملها ويجعلون كل شيئ فيها دائرا حول أجندتهم الخاصة. ولا يصلح هذا الأمر مع الصغار الأكثر عدوانية، إذ يؤدى إلى نتائج سلبية بصفة عامة.
2- هناك آباء آخرون لا يضبطون سلوكيات أبنائهم بصورة متسقة، فإذا كانت حالتهم المزاجية معتدلة، فإن سلوكيات أبنائهم تبتعد عن العنف، وإذا تعرض الوالدان لضغط ما، فإنهم يفجرون غضبهم فى صغارهم، وهذا من شأنه ألا يجعل الأبناء قادرين على استدماج قواعد السلوك الصحيحة، فلا يحترمون أى سلطة.
3- هناك من الآباء من هم مهملون ومتمركزون حول ذواتهم، فتكون النتيجة أنهم ينتجون أبناء باردين من ذوى سلوكيات "البلطجة"، فهم لا يضعون حدودا لسلوكيات أبنائهم، ولا يديرون أنشطتهم، ولا يهتمون بهم. ومن هنا يسيئ هؤلاء الأبناء إلى الآخرين طالما أنه ليست هناك من سلطة تردعهم، ويقومون بأفعال " بلطجة " يخططون لها، ويدعون آخرين إلى الانضمام إليهم، ويتميزون بالافتقاد إلى الرحمة، والتعاطف، والشفقة،فهم لم يتعلموها، كما نجدهم يعملون على إذلال ضحاياهم. كما يتميز آباء هذه الفئة من الصغار بالتعصب والاعتزاز بسلالتهم وجنسهم وثرواتهم وانجازاتهم، وإقصاء منافسيهم الذين يقفون فى طريقهم. يرى هؤلاء الآباء أن أبناءهم يجب أن يكونوا الأفضل فى ميدان التنافس الأكاديمى والرياضة وغير ذلك، أما الآخرون فيجب أن يكونوا فى وضع أدنى.

سابعا : دورة البلطجة :
ركزت بعض الدراسات على موقف كافة الأشخاص الذين يتعاملون مع المواقف التى تحوى سلوكيات البلطجة. وتوصلوا إلى أن هناك ثمانية أنواع من هؤلاء الأشخاص المحيطين بهذه المواقف، يعملون جميعا فى دائرة أطلقوا عليها "دورة البلطجة" لاحتمال انتقال بعضهم من موقف الضحية إلى موقف الفاعل.
يرى الباحثون أن واحدا على الأقل من كل جماعة من التلاميذ يمارس " البلطجة " فى الفصل المدرسى أما الباقون من الطلاب فتختلف مواقفهم، ولكنهم يدخلون فى هذه الدورة على أساس أن سلوكيات " البلطجة " فى المدارس تؤثر على الطلاب الآخرين الذين يلاحظون ويراقبون هذه السلوكيات. وعادة ما يشعر هؤلاء التلاميذ إما بأنهم فى بيئة غير آمنة وتنتابهم عادة مشاعر الخوف وعدم القدرة على التصرف، وإما بالشعور بالذنب بسبب عدم القدرة على التصرف، وإما بالشعور بالرغبة فى المشاركة.
رتب الباحثون هذه الفئات من الطلاب على النحو التالى :
1- التلاميذ الذى يقومون بفعل " البلطجة " : هؤلاء التلاميذ هم الذى يبدأون بفعل " البلطجة " ويلعب الواحد فيهم دورا قائدا.
2- الأتباع : هؤلاء التلاميذ يقومون بأدوار نشطة فى عملية " البلطجة "، لكنهم لا يبدأوون بها، ولا يلعبون دورا قياديا.
3- المؤيدون السلبيون : يؤيد هؤلاء التلاميذ فعل " البلطجة " بنشاط وفاعلية من خلال الضحك أو لفت انتباه الطلاب الآخرين لكنهم لا يشتركون فى عملية " البلطجة " ذاتها.
4- المؤيدون السلبيون أو ما يسمون بالفاعلين المحتملين : يحب هؤلاء التلاميذ سلوكيات " البلطجة "، لكنهم لا يظهرون ذلك بأى إشارات أو بتأييد خارجى لها.
5- المشاهدون من غير المتورطين : لا يتورط هؤلاء الصغار فى سلوكيات " البلطجة "، ولا يشاركون بأى نشاط فيها فى أى اتجاه، ولسان حاله أحدهم يقول : " ليس هذا شأنى، دعنى أشاهد فقط ".
6- المدافعون المحتملون : لا يحب هؤلاء التلاميذ سلوكيات " البلطجة "، ويعتقدون أنه بإمكانهم مساعدة الضحية، لكنهم لا يفعلون شيئا.
7- المدافعون الفعليون : لا يحب هؤلاء التلاميذ سلوكيات " البلطجة "، وهم يساعدون ويحاولون مساعدة الضحايا من التلاميذ.
8- الضحايا : وهم التلاميذ الذين يقع عليهم سلوكيات " البلطجة ". وتزيد احتمالات تعرض هؤلاء الصغار من ضحايا سلوكيات " البلطجة " إلى أمراض الاكتئاب والشعور بالعزلة والقلق والشعور باعتلال الصحة والتفكير فى الانتحار، كما أنهم يخشون الدخول إلى الحمامات، وركوب حافلات المدرسة.

ثامنا: العوامل المسببة لسلوكيات البلطجة، ودوافع هذه السلوكيات
يرى الباحثون أن هناك العديد من العوامل المسببة لسلوكيات " البلطجة "، وتعود معظم جذور هذه العوامل إلى الأسرة. قد تكون هذه العوامل جينية وقد تكون بيئية. من العومل الجينية هناك الحالة المزاجية والذكاء، أما العوامل البيئية فقد يدخل فيها تأثيرات الأسرة، والعلاقات بين الوالدين والأطفال، ومهارات الإدارة الأسرية، وهى العوامل الأشد تأثيرا سواْ أكانت تتسبب فى اذى الآخرين أم لا. وهذا يعنى أن الطفل الذى يمارس سلوكيات بلطجة لا يولد كذلك بالرغم من وجود الخصائص الجينية غالبا، لكن بعضهم عدوانى ومسيطر بطبيعته. وهذا لا يعنى أيضا أنه سيكون "بلطجيا" بصورة آلية. فـالبلطجة " سلوك متعلم، وليس سمة شخصية.
ويرى الباحثون أن سلوكيات " البلطجة " تنتقل من جيل لآخر. فإذا كانت العلاقات بين الأجيال المختلفة فى الأسرة الواحدة علاقات إيجابية، تقل احتمالات هذه السلوكيات بين أفرادها، أما إذا كانت هذه العلاقات سلبية فقد تزيد احتمالات هذه السلوكيات.. ويمكن القول بصفة عامة أن الأجداد والآباء الذين تنتشر بينهم سلوكيات غير اجتماعية تتشرب ذرياتهم هذه السلوكيات فى فترة المراهقة.
أما عن دوافع سلوكيات البلطجة فقد حددها الباحثون فيما يلى :
1- الحاجة القوية لممارسة السلطة أو السيطرة.
2- الشعور بالراحة عندما يتسببون فى أذى أومعاناة يصاب بها ضحاياهم.
3- الحصول على مكافأة مادية أو نفسية عند أذى الآخرين.
ويرى الباحثون فى سلوكيات " البلطجة " أن الغرض من هذه السلوكيات هو إخفاء الضعف، وترتبط درجة " البلطجة " بدرجة هذا الضعف. ويسقط هؤلاء الذين يمارسون هذه السلوكيات ضعفهم على الآخرين للأسباب الآتية :
1- تجنب مواجهة عدم كفاءتهم وتجنب فعل أى شيئ لمواجهة ذلك.
2- تجنب قبول المسئولية عن سلوكهم وتأثيره على الآخرين.
3- صرف الاهتمام بعيدا عن الشعور بالضعف
4- التقليل من الشعور بالخوف عند اكتشاف هذا الضعف، وعدم الكفاءة، وعدم القدرة على المنافسة.

تاسعا : آثار البلطجة على الضحايا
يصف أحد الشباب تأثير سلوك بلطجة زملائه عليه حينما كان صغيرا فيقول :
" تخيل أنك تذهب كل يوم إلى مكان تعرف أنك سوف تتعرض للأذى
فيه. إن الألم الملازم لك وأنت ذاهب إلى هذا المكان الذى تتعرض فيه لهذا التعذيب البطيئ يخترق عقلك فى كل ثانية فى اليوم. إن زميلك البلطجى يخترق عقلك، وهو يعرف كيف يفعل ذلك فعلا. كنت أحاول دوما وأنا فى المرحلة المتوسطة أن أعرف أين سيكون هذا البلطجى حتى أتجنب مواجهته بطريقة مباشرة. كنت أفكر دوما كيف أحتال عليه. حينما كان المدرس يشرح الدرس، ويساعد الطلاب على فهمه، كان ذهنى مشغولا فى مشكلتى الكبرى مع البلطجى : كيف أرضيه وأصرفه عنى حتى لا يؤذينى، ولا يحرجنى مع زملائى. لقد وصلت فى تفكيرى فى هذه المشكلة إلى درجة أننى لم أعد أود أن أبقى طويلا فى هذه المدرسة... شيئا فشيئا أصبحت صامتا، وكنت لا أحضر إلى المدرسة كثيرا. كنت أحاول أن أضع نفسى عمدا فى مشكلة حتى لا أذهب إلى المدرسة. إن وقوعك فى مشكلة يسعد البلطجى، وأحيانا يحبك بسبب ذلك، ولهذا يحاول البعض من الطلاب الوقوع فى مشاكل حتى يكونون مقبولين من هذا البلطجى، ومن ثم يتمكنون من التعامل معه، فسلوك البلطجى سلوك نفسى فى المقام الأول ".
وقد ركزت بعض الدراسات التى تتناول آثار البلطجة على الضحايا على تأثير سلوكيات البلطجة على نفسيات الضحايا وعلاقاتهم الاجتماعية، وتوصلت إلى ما يلى :
1- تأثير البلطجة على احترام الذات : يتصور الآباء أنه طالما تمكنوا من إيقاف سلوكيات " البلطجة " التى تقع على صغارهم فإن المشكلة تكون قد انتهت، خاصة حينما لا يكون الخطأ قد وقع من جانبهم. وعلى الرغم من صحة هذه النقطة فإن الطفل قد يحتاج إلى بعض المساعدة، لأن القضية التى ستشغله دوما هى لماذا استهدف هو بالذات لسلوكيات " البلطجة "، مما يعنى أن الطفل فى حاجة إلى استعادة ثقته بنفسه.
2- تأثير البلطجة على نمو الذات : من أهم الآثار البعيدة المدى للبلطجة فى المدارس التى يتعرض لها الطفل فى حياته المتأخرة هى افتقاده القدرة على تنمية ذاته. ويظهر هذا جليا فى المواقف التى يلزمه البروز فيها مثل المقابلات الشخصية عند التقدم لوظيفة ما، أوفى مواقف القيادة. وقد يملك الشخص المهارات الأكاديمية والقدرة على المنافسة، لكن خبرة الماضى قد تعوقه عن استكمال مقومات النجاح.
3- تأثير البلطجة على مهارات الاتصال : قد تؤثر خبرات " البلطجة " فى مرحلة الطفولة على قدرة الصغير حينما يكبر فى تنمية مهارات الاتصال مع الآخرين، وخاصة فى مجال العمل، والبيئة الاجتماعية.
4- تأثير البلطجة على علاقات الصداقة : قد يعانى البالغون الذين تعرضوا لسلوكيات بلطجة فى فترة الصغر لصعوبات فى تشكيل علاقات اجتماعية فى المستقبل مثل علاقات الصداقة، ولهذا يلزم مساعدتهم فى تعلم الثقة فى الآخرين، وإشعارهم بأنهم يستحقون ذلك.
5- تأثير البلطجة على التوافق مع الآخرين : إن شعور الصغير بعدم احترامه لذاته، وافتقاده ثقته بنفسه لا يمكن علاجه بمعجزة حينما يصبح بالغا. فلا بد من مواجهة هذه الصعوبات فى سن صغيرة حتى يمكن مساعدته على التوافق مع الآخرين من زملاء العمل والأصدقاء بكفاءة عند البلوغ.
كما تكشف دراسات أخرى عن أن الصغار يخشون إبلاغ ذويهم عن سلوكيات الطلاب الذي يمارسون ضدهم سلوكيات بلطجة، خشية أن يزيد البلطجى من عدوانيته، أو أن يقوم بإيذاء أحد أفراد أسرة الضحية، ولهذا يتحمل الصغار هذه السلوكيات على مضض شديد، وهذا من شأنه أن يعزز هذه السلوكيات على مستوى المجتمع بأسره.

عاشرا : مواجهة الأسرة لسلوكيات البلطجة
اهتمت بعض الدراسات بتوضيح الإشارات أو العلامات التى تعرف بها الأسرة أن صغيرها تعرض لسلوكيات بلطجة ( وخاصة بين الإناث )
ولخصتها فيما يلى :
1- انسحاب الفتاة من أنشطتها المفضلة.
2- قلة الاهتمام بالمدرسة وألأنشطة المدرسية.
3- التخلف كثيرا عن اللحاق بحافلة المدرسة.
4- فقد الشهية إلى الطعام أو زيادة هذه الشهية.
5- الانسحاب من الدائرة الاجتماعية والصديقات.
6- الغضب.
7- الشعور بالضغط.
8- سرعة الاستثارة العاطفية.
9- العودة من المدرسة بملابس أو حقيبة ظهر ممزقة.
10- العودة إلى المنزل بدون الكتب المدرسية أو الأدوات الدراسية، أو صندوق الطعام.
11- وجود كدمات أو إصابات نتيجة لشجار.
12- الرغبة فى الذهاب إلى المدرسة بأدوات حماية كالسكين..الخ.

وركزت دراسات أخرى على تقديم عدد من الاقتراحات التى تساعد الأسرة على الأخذ بيد صغيرها لمواجهة سلوكيات البلطجة وذلك على النحو التالى :
1- المحافظة على اتصال مفتوح مع هذا الصغير، وأن تتحدث معه يوميا عن تفاصيل ما جرى فى المدرسة سواء أكان شيئا صغيرا أم كان كبيرا. وأن تسأله مع من كان يلعب، ومع من كان يتناول طعامه سواء فى فناء المدرسة أو فى خلوة. وعلى الوالدين أن يبديا للطفل اهتمامهما بذلك،وأن استفسارتهما ليست مجرد معرفة عابرة للتلهى هدفها هو التفاعل مع عاطفة الطفل.
2- أن تؤخذ شكاوى الصغير بجدية وأن تتعرف الأسرة على نوع " البلطجة " التى تعرض لها الطفل شفهية كانت أم بدنية. وعلى الوالدين أن يعلما أن الطفل إذا قص عليهما حالة واحدة من " البلطجة "، فهناك العديد الذى لم يقله لهما.
3- أن تعلم الأسرة أن الأطفال يستاءون عادة من تدخل الوالدين لإنهاء حالة " البلطجة " التى يتعرض لها فى المدرسة، ذلك لأنه ينظر إلى هذا التدخل على أنه وصمة اجتماعية بأن والديه يحاربان معركته بدلا منه. لكن أمر التدخل يعود فى النهاية لتقويم الوالدين لحالة طفلهما، ودور هذا التدخل بالتعاون مع إدارة المدرسة فى الوصول بالطفل إلى حالة نفسية وبدنية جيده.

وتصيغ دراسات أخرى مقترحات أخرى للأبوين لعلاج مشكلة " البلطجة " فى صورة نصائح تقدم لهما على النحو التالى :

1- استمع إلى الطفل : من أسوأ الأمور التى يفعلها الوالدان هو تجاهل شكوى الطفل عن بلطجة الآخرين عليه، ذلك لأن أمر بوح الصغير لوالديه بحدوث هذه " البلطجة " يحتاج منه إلى الكثير من الشجاعة، فعلى الوالدين أن يحترما هذه الشجاعة ويعطيانه الوقت الكافى لشرح ما حدث له.
2- صدق الطفل : ليست " البلطجة " هى الشيئ الذى قد يحتمل أن يكذب الطفل فيه. ولهذا يجب تصديق الطفل فى شكواه، والحصول منه قدر الاستطاعة على كافة المعلومات المتعلقة بالموقف، وكذلك أسماء المدرسين والتلاميذ الذين شهدوا واقعة " البلطجة ". هذا بالإضافة إلى معرفة الكيفية التى استجاب فيها الصغير لهذه الواقعة.
3- دعم الطفل : حينما يقول أحد الوالدين لطفله : تجاهل موقف " البلطجة "، فإن هذا قد يفسره بأنه لا يعبأ بمشاعره، وأن الموقف لا يهمه. والطفل لا يريد ذلك، إنه يريد اهتماما بالموقف لشدة التأثير العاطفى الذى يتركه الموقف عليه.
4- عرف الطفل بأنه لا يلام على ما حدث: قد يشعر الطفل بأنه قد فعل شيئا خاطئا أدى إلى سلوك فيه بلطجة من الآخرين، ومن هنا يلزم أن يعرف الطفل أنه غير مسئول عما حدث له.
5- شجع الطفل : دع طفلك يحدد أفضل استجابة ممكنة للموقف. ابدأه بالسؤال : ( إذا كنت تستطيع أن تقول لهذا الذى قام بسلوك فيه بلطجة ضدك شيئا، فماذا تقول له؟). يجيب الطفل عادة : أقول له دعنى بمفردى ؟ ماذا تقصد بذلك؟ )
6- أكد حق الطفل فى مواجهة الموقف بنفسه : عندما يسمع الطفل من آخرين وصفا أو إسما يشينه، فإن من حقه أن يطلب من الآخرين احترامه.
7- اتصل بالمدرسة : الصغير الذى يمارس سلوكيات بلطجة على طفلك يمارسها أيضا ضد أطفال آخرين، ولهذا على الوالدين الاتصال بإدارة المدرسة وإبلاغها بما حدث للطفل حتى تضع حدا لسلوكيات الطفل المعتدى، وتتدخل حتى لا يقوم بهذه السلوكيات ضد أطفال آخرين.
8- ضع فى اعتبارك أن هذه الجهود لإيقاف سلوكيات " البلطجة " قد لا تتجه إلى الطريق الذى تريده : قد يعود ذلك إلى اعتقاد بعض المسئولين أن الأطفال هم أطفال. ولهذا على ولى أمر الطفل أن يواصل جهوده حتى يستجيب المسئولون لشكواه.
8- تابع الطفل: على الوالدين أن يسألا طفلهما بصورة دورية عما يحدث فى المدرسة وخاصة عن سلوكيات " البلطجة ". ذلك لأن المشكلة لن تحل فورا وقد تحتاج إلى لقاءات عديدة مع إدارة المدرسة حتى تحل المشكلة بصورة مرضية.

حادى عشر : دور المدرسة فى مكافحة " البلطجة " :
الواقع أنه إذا انتشرت سلوكيات " البلطجة " بصورة مستمرة فى المدرسة، ولم تتخذ المدرسة أية موقف لمواجهتها، فإن المناخ المدرسى قد يتأثر بالكامل ومن ثم تتسم بيئة المدرسة بالآتى :
1- سيادة مشاعر الخوف وعدم الاحترام، وعدم الشعور بالأمن، وكراهية المدرسة، وزيادة الإحساس بعدم فاعلية المدرسين وإدارة المدرسة بعدم القدرة على التصرف مع سلوكيات " البلطجة "، وأنهم لا يعتنون بهم.
2- تأثر العملية التعليمية ودرجة انتظام التلاميذ فى المدرسة.
ويرى الباحثون أن برامج مكافحة " البلطجة " فى المدارس يجب أن تكون فعالة، ويجب أن ينظر إلى المدرسة كمجتمع صغير يلزمه فى علاج مشاكله أن يغير مناخه ومعايير سلوكه، ويعمل على تحسين علاقات الطلاب مع بعضهم البعض بحيث تكون المدرسة بيئة سارة وأكثر أمنا.

ثانى عشر : خلاصة وتقويم
تنتهى هذه الدراسات إلى بيان حقيقة أن "البلطجة" سلوك متعلم وليس سلوكا ولد به الإنسان، خاصة وأن الدراسات الحديثة فجرت قنبلة أن "الجينات ليست مرتبطة بالسلوك ".
كما أكدت هذه الدراسات التى أشرنا إليها على الدور الكبير الذى تلعبه الأسرة فى سلوك صغارها، سواء فى تعلم هذه السلوكيات أو فى تصحيحها أو تعديلها.
وهذا يعنى أن الأسرة هى المسئول الأول عن سلوكيات أبنائها ومنها بالطبع سلوكيات "البلطجة".
وقد اعترف الليبراليون من ذوى التوجهات الماركسية بشكل خاص بأنه "إذا غاب تأثير الدين ظهر تأثير العوامل الاجتماعية "، ومن ثم ننتهى إلى حقيقة واضحة، وهى أن "البلطجة " كسلوك غير اجتماعى ناتج عن أن الأسرة التى ينتمى إليها صاحب هذا السلوك أسرة لا تقوم كلية على الدين، وإنما تقوم على ما تعارف عليه المجتمع، رغم أن طقوس الزواج وشكلياته تأخذ طابعا دينيا، وهذا ما دعا إليه عالم الاجتماع اليهودى "إميل دوركايم" فى مقولته الشهيرة بأن "الله هو المجتمع ".
والناظر إلى ظاهرة "البلطجة" من زاوية إسلامية يرى أنها ظاهرة " لا أخلاقية" لا يقرها الإسلام، لكن علاجها لا يكون من زاوية أخلاقية، وإنما من زاوية عقدية، ذلك لأن المفكرين الإسلاميين يؤكدون " أن الدعوة إلى الأخلاق يجب ألا تحتل المرتبة الأولى في إصلاح المجتمع أو إعادة بنائه، إنما يجب أن تكون الدعوة إلى العقيدة هي الأصل؛ لأن الأخلاق نتاج لأوامر الله، وهي تأتي من الدعوة إلى العقيدة وإلى تطبيق الإسلام بصفة عامة" فالمشكلة إذن ليست مشكلة صغار أفسدتهم تربية أسرية وعلينا إعادتهم إلى السلوك القويم بالدعوة إلى الأخلاق القويمة، إنما هى مشكلة مجتمع قد فسد كله بسبب بعده عن هذه العقيدة "، ومن ثم يكون التركيز على حل مشكلة "البلطجة" فى المدارس، وغيرها من مشاكل المجتمع، هو تركيز على جزئية هزيلة على هامش الحقيقة الإسلامية، وتفريغ الجهد لحلِّها أو التحمُّس لاستنكارها لن يجدي نفعاً؛ لأن المجتمع كله قد فسد، فلا جدوى إذن من الإصلاحات الجزئية، ولهذا ينبغي أن تبدأ المحاولة من الأساس، وتنبت من الجذور، وأن يتركز الجهد أصلاً على إقامة مجتمع صالح يقوم على دين الله، بدلاً من التركيز على إصلاحات جزئية. فكيف يمكن أن نتصور أن الزواج فى مجتمعنا بوضعه الحالى، الذى منذ الشروع فيه حتى إتمامه لا يقوم على التقوى، وإنما على جرف هار قاعدته أعراف المجتمع وتقاليده وقيمه المتلبسة بأعراف وقيم وتقاليد الحضارة الغربية، بعد أن نجح الغرب ومقلديهم فى بلادنا فى دعوة الناس إلى الانتقال من قاعدة الدين إلي قاعدة المجتمع، كيف يمكن لهذا الزواج أن يثمر عن ذرية صالحة تأتمر بأوامر الله وتنتهى عما نهى عنه، وتطبق ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم قولا وعملا. فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن فحاشا، ولا لعانا، ولا بذاء، ولا معتديا على الآخرين، وإنما بعث ليتمم مكارم الأخلاق، فقال لأمته :" ما نحل والدا ولدا من نحل أفضل من نحل حسن " وقال أيضا : " أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم " وعلمهم كذلك تخليق أولادهم منذ الصغر على الصدق، والأمانة، والاستقامة، والإيثار، وإغاثة الملهوف، واحترام الكبير، وإكرام الضيف، والإحسان إلى الآخرين، ومحبتهم، كما علمهم كذلك تنزيه ألسنتهم عن السباب، والشتائم، والكلمات النابية، وعن كل ما ينبئ عن فساد الخلق، وسوء التربية، وعن الترفع عن دنايا الأمور، وسفاسف العادات، وعن كل ما يحط بالمروءة والشرف والعفة، وعلمهم أيضا كل ما من شأنه أن يزرع فى الأبناء المشاعر الإنسانية الكريمة والإحساسات العاطفية النبيلة.. وقد أكمل الله تعالى له ولأمته دينهم حتى أنه علمهم آداب الغائط، قبله وبعده ومعه، وآداب الوطء والطعام والشراب، وقد توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وما من طائر يطير فى السماء إلا ذكر منه لأمته علما، وقال لهــــــم " تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك " وقال " ما بعث الله من نبى إلا كان حقا عليه ان يدل امته على خير ما يعلمه لهم ". وقال تعالى " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الأسلام " المائدة 3. لكن الناس اليوم – إلا من رحم الله - زاغوا عن هذا الدين، وعن هذه المحجة البيضاء، فكانت "البلطجة" أحد ثمار هذا الزيغ. ولن تحل هذه المشكلة الجزئية وغيرها من المشاكل إلا إذا رجع الناس إلى قاعدة الدين التى بناها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحرروا قيمهم ومعاييرهم وأعرافهم وتقاليدهم مما تلبس بها من قيم ومعايير الحضارة الغربية التى فصلت دينها عن حياتها، وجعلت الدين أمرا شخصيا لا علاقة له بشئون الحياة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الشغب بالمدارس، المدارس، العنف بالمدارس، العنف بالتعليم، مشاكل التعليم، البلطجية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 10-09-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  (378) الشرط الأول من شروط اختيار المشكلة البحثية
  (377) مناقشة رسالة ماجستير بجامعة أسيوط عن الجمعيات الأهلية والمشاركة فى خطط التنمية
  (376) مناقشة رسالة دكتوراة بجامعة أسيوط عن "التحول الديموقراطى و التنمية الاقتصادية "
  (375) مناقشة رسالة عن ظاهرة الأخذ بالثأر بجامعة الأزهر
  (374) السبب وراء ضحالة وسطحية وزيف نتائج العلوم الاجتماعية
  (373) تعليق هيئة الإشراف على رسالة دكتوراة فى الخدمة الاجتماعية (2)
  (372) التفكير النقدى
  (371) متى تكتب (انظر) و (راجع) و (بتصرف) فى توثيق المادة العلمية
  (370) الفرق بين المتن والحاشية والهامش
  (369) طرق استخدام عبارة ( نقلا عن ) فى التوثيق
  (368) مالذى يجب أن تتأكد منه قبل صياغة تساؤلاتك البحثية
  (367) الفرق بين المشكلة البحثية والتساؤل البحثى
  (366) كيف تقيم سؤالك البحثى
  (365) - عشرة أسئلة يجب أن توجهها لنفسك لكى تضع تساؤلا بحثيا قويا
  (364) ملخص الخطوات العشر لعمل خطة بحثية
  (363) مواصفات المشكلة البحثية الجيدة
  (362) أهمية الإجابة على سؤال SO WHAT فى إقناع لجنة السمينار بالمشكلة البحثية
  (361) هل المنهج الوصفى هو المنهج التحليلى أم هما مختلفان ؟
  (360) "الدبليوز الخمس 5Ws" الضرورية فى عرض المشكلة البحثية
  (359) قاعدة GIGO فى وضع التساؤلات والفرضيات
  (358) الخطوط العامة لمهارات تعامل الباحثين مع الاستبانة من مرحلة تسلمها من المحكمين وحتى ادخال عباراتها فى محاورها
  (357) بعض أوجه القصور فى التعامل مع صدق وثبات الاستبانة
  (356) المهارات الست المتطلبة لمرحلة ما قبل تحليل بيانات الاستبانة
  (355) كيف يختار الباحث الأسلوب الإحصائى المناسب لبيانات البحث ؟
  (354) عرض نتائج تحليل البيانات الأولية للاستبانة تحت مظلة الإحصاء الوصفي
  (353) كيف يفرق الباحث بين المقاييس الإسمية والرتبية والفترية ومقاييس النسبة
  (352) شروط استخدام الإحصاء البارامترى واللابارامترى
  (351) الفرق بين الاحصاء البارامترى واللابارامترى وشروط استخدامهما
  (350) تعليق على خطة رسالة ماجستير يتصدر عنوانها عبارة" تصور مقترح"
  (349) تعليق هيئة الإشراف على رسالة دكتوراة فى الخدمة الاجتماعية

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمود سلطان، سعود السبعاني، حميدة الطيلوش، مجدى داود، فهمي شراب، محمد عمر غرس الله، محمد الياسين، مراد قميزة، إيمى الأشقر، محرر "بوابتي"، رافد العزاوي، عمار غيلوفي، حاتم الصولي، محمد العيادي، رحاب اسعد بيوض التميمي، سفيان عبد الكافي، ضحى عبد الرحمن، أحمد بن عبد المحسن العساف ، ماهر عدنان قنديل، د- هاني ابوالفتوح، الهادي المثلوثي، د. أحمد محمد سليمان، الناصر الرقيق، د. خالد الطراولي ، أحمد ملحم، كريم السليتي، د. مصطفى يوسف اللداوي، مصطفي زهران، عمر غازي، علي عبد العال، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سيد السباعي، الهيثم زعفان، أنس الشابي، أحمد بوادي، محمد الطرابلسي، نادية سعد، محمد شمام ، سليمان أحمد أبو ستة، د- محمود علي عريقات، محمود طرشوبي، د - شاكر الحوكي ، د - الضاوي خوالدية، كريم فارق، المولدي الفرجاني، رافع القارصي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، يحيي البوليني، د - محمد بنيعيش، رشيد السيد أحمد، د. صلاح عودة الله ، صفاء العراقي، محمود فاروق سيد شعبان، يزيد بن الحسين، عزيز العرباوي، سلوى المغربي، مصطفى منيغ، عبد الرزاق قيراط ، رمضان حينوني، د- محمد رحال، إسراء أبو رمان، وائل بنجدو، فتحي الزغل، صفاء العربي، ياسين أحمد، صباح الموسوي ، خبَّاب بن مروان الحمد، أحمد الحباسي، د. طارق عبد الحليم، د.محمد فتحي عبد العال، د. أحمد بشير، د. عبد الآله المالكي، أ.د. مصطفى رجب، حسن الطرابلسي، سامح لطف الله، صلاح الحريري، طلال قسومي، د - مصطفى فهمي، سلام الشماع، أشرف إبراهيم حجاج، صالح النعامي ، إياد محمود حسين ، د - محمد بن موسى الشريف ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، حسني إبراهيم عبد العظيم، عواطف منصور، فوزي مسعود ، خالد الجاف ، د. عادل محمد عايش الأسطل، فتحي العابد، حسن عثمان، د- جابر قميحة، تونسي، سامر أبو رمان ، أبو سمية، د - عادل رضا، عراق المطيري، محمد اسعد بيوض التميمي، العادل السمعلي، صلاح المختار، أحمد النعيمي، جاسم الرصيف، رضا الدبّابي، علي الكاش، د - المنجي الكعبي، عبد الله زيدان، عبد الله الفقير، محمد يحي، فتحـي قاره بيبـان، محمد أحمد عزوز، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، منجي باكير، عبد الغني مزوز، د - صالح المازقي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة