(231) الأخطاء الشائعة فى اختيار مشكلة البحث وسبل علاجها
د - أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 12272
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
فى دراسته القيمة بعنوان " اختيار وصياغة مشكلات البحث "حدد الدكتور "محمد سيد حمزاوى" هذه الأخطاء ووضع عدة مقترحات للتغلب عليها على النحو التالى :
أولا : أخطاء الباحثين
1- اختيار مشكلة عامة عريضة المجال تحتاج لحزمة من البحوث ولا يمكن لبحث واحد ان يغطيها، كما لا يمكن للباحث الواحد أن يوفيها حقها، لحاجتها إلى وقت وجهد كبيرين . وتتداخل فى هذه المشكلة العامة العديد من المتغيرات المؤثرة والمتأثرة، والعلاقات الارتباطية، مما يجعل طرحها على بساط البحث أمرا غير دقيق ويصعب معه الوصول إلى نتائج أو استنتاجات محددة.
2- اختيار الباحث لأول مشكلة تخطر على باله دون العناية بالتفكير في أبعادها ومتطلبات قياسها. وقد لا يهتم بعض الباحثين بالرسالة إلا بصفتها عملاً روتينياً كمتطلب للحصول على الدرجة العلمية من أجل الترقي الوظيفي أو المكافآت، ولذلك لا يهمه موضوع دون آخر، ولا مشكلة بحثية دون أخرى. فقد يسال الباحث المشرف العلمي هل أكتب في موضوع كذا؟ فيسأله المشرف ببساطة:عن أى شيئ فيه ؟ ولأن الباحث لا يعرف ولا يهتم يرد على سؤال المشرف بقوله : لا داعى لهذا الموضوع ، هل أكتب في موضوع كذا؟ وهكذا يتنقل الطالب من حقل علمي لآخر لأنه لم يقرأ في أي منهما ولم يهتم قبلا بأي منهما على وجه التحديد، فيذكر أول موضوع أو مشكلة بحثيه تخطر على باله دون العناية بالتفكير في أبعاد ومتطلبات بحث هذه المشكلة.
3- على العكس من الخطأ السابق، هناك التسرع والسطحية وعدم التمسك بفكرة
محددة . فقد يقع الباحث في خطأ آخر هو الارتباط والتمسك "بمشكلة محدودة لا يرى غيرها ولا يفكر إلا فيها ولا يقرأ إلا ماله علاقة مباشرة بها، ويعود ذلك غالبا إلى أن الباحث قد يكون يعيش معاناة خاصة مع هذه المشكلة، ويسقط هذه المعاناة بشكل متحيز تماما على هذه المشكلة، فيخرج بحثه بعيداً عن الموضوعية وبطابع غير علمي، وقد تمر الرسالة بالمراحل المختلفة تحت الضغط والإلحاح ويحصل الطالب على الدرجة العلمية بدون أن يعرف حقيقة ما المقصود بالبحث العلمي، وبدون ان يضيف للمعرفة العلمية الجديد، وبدون ان يستفيد الباحثون بعده من رسالته. ولما كان من الطبيعي أن لا يختارالباحث الالتزام ببحث يكرهه، فيجب أن يكون لديه ما يبرر قيامه بهذا البحث .
4 قد يقع باحثون آخرون ممن يعانون من التردد وعدم الثقة والشكوك فى خطأ آخر وهو التفكير والقراءة لعدة أشهر وكذلك ملاحقة الأساتذة والمتخصصين، ثم الشك فى كل يقال لهم، ويظلون على هذا الحال دون الاستقرار على مشكلة بحثية محددة واضحة المعالم، حتى يمضي الوقت ويفتر الحماس ويصبح الوقت المتاح محدداً فيقبل الباحث في النهاية بأي مشكلة بحثية للتخلص من ضغط الوقت وروتين الإجراءات .
5- يقع بعض الباحثين في خطأ عدم وضوح صياغة مشكلة البحث، فيعبرون عنها بلغة ركيكة او غامضة لا يدري المقصود بها إلا الباحث نفسه، وتحتاج دائما إلى من يشرح المقصود بها . وهذا خطا كبير في البحث العلمي ذلك لأن البحث المكتوب هو درجة في سلم المعرفة، يبني عليه الباحثون الآخرون معرفة أخرى .ولهذا يجب أن يكون البحث واضحاً مفهوماً لا يحتمل الغموض أو التأويل أو الاختلاف في التفسير. ولعل الخطأ الأكبر هو أن الباحث قد يضيق صدره بملاحظات أساتذته أو المشرف العلمي حول عدم وضوح صياغة مشكلة البحث أو غموضها ويعتبر هذه الملاحظات عبء عليه، وتعقيد لا لزوم له يعطله عن المضي في كتابة الرسالة فيتهرب من الأخذ بهذه الملاحظات عن المشكلة البحثية التي تعتبر الأساس الذي يبنى عليه الباحث باقي أجزاء الرسالة التى هى الأساس لجودة الرسالة العلمية بصفة عامة .
ثانيا: سبل علاج هذه الأخطاء
يضع الدكتور " حمزاوى " عدة شروط على الباحث أن يلتزم بها عند اختياره وصياغته لمشكلة بحثه التى من شأنها أن تعالج هذه الأخطاء السابقة . ويصيغ هذه الشروط على النحو التالى
1- يفضل أن يكون للباحث مجال اهتمام خاص به يقرأ فيه وينمي معلوماته،ويتابع أحدث ما يكتب فيه من أبحاث ومقالات وكتب، ليس لأنه يعاني من مشكلة خاصة به في هذا المجال، ولكن كتفضيل علمي وفضول طبيعي وحب الاستطلاع . والإنسان المثقف لن يحيط بكل شئ علما ولكن غالبا ما يكون له هواياته الخاصة، وحقل المعرفة القريب إلى عقله ونفسه. فيكون في حالة اختياره موضوع ومشكلة بحث داخل مجال الاهتمام الخاص به هو اقرب إنسان لمعرفة ما يريد أن يبحث فيه، وسيسهل عليه اختيار وصياغة وتناول مشكلة البحث والإلمام بأبعادها وبواطنها وعلاقاتها، وهو الذي سيعيش معها طوال مدة البحث.
2- من الضروري أن يمارس الباحث لونا من الحوار مع زملائه وأساتذته لكي يمكنه تحديد وبلورة مشكلة البحث. فمشكلة البحث في صورتها النهائية لا تخطر على ذهن الباحث في عصر انفجار المعرفة بصورة مفاجئة وٕانما التطور الطبيعي أن تبدأ المشكلة في ذهن الباحث كفكرة عامة غير محددة الأبعاد، ومن خلال القراءة والتفكير والحوار مع الآخرين يبدأ الباحث في شحذ الفكرة من خلال أسئلة ذكية مثل : ما هو المتغير المستقل وما هو المتغير التابع؟ وما هي النتائج المتوقع الخروج بها، وما هي أبعاد هذه المشكلة وعناصرها، وعلاقتها.
3- لابد أن يتوقع الباحث قبل صياغة مشكلة البحث ما قد يقابله من صعوبات إذا لم تكن المشكلة معروفة ومصاغة بأحكام.ويتطلب هذا من الباحث الإلمام بأصول البحث العلمي، ليس كمجرد مقرر يحفظه لينجح فيه دون استيعاب وتأمل وتفكير في كيفية ارتباط المشكلة بتساؤلات البحث وأهدافه ومنهجه وأدواته وطرق قياس المتغيرات الواردة فيه. وهو ما ينصح به كثير من الكتاب في أصول ومناهج البحث العلمي.
4 -هناك شروط تقليدية للاختيار الجيد للمشكلة البحثية مثل جديتها وجدتها وأصالتها وجاذبيتها، وهو ما يتطلب من الباحث الإطلاع بصورة نقدية على البحوث والدراسات السابقة في مجال بحثه وحتى في مجالات أخرى. ويتطلب هذا حسا بحثيا لا يتكون لدى الباحث إلا بارتياد المكتبات والاطلاع والتأمل والتفكر. والوقت الذي يقضيه الباحث في المكتبة ليس وقتاً ضائعا ولكنه يساعد على اتساع الآفاق الفكرية لدى الباحث وقدرته على ربط الظواهر ببعضها البعض وتنمية الحس البحثي لديه.
5- لابد أن يقتنع الباحث بأن الكمال لله وحده سبحانه وتعالى،ولذلك فكل ما يكتبه الباحث يكون قابلا للنقد والتعديل، حتى من الباحث نفسه بعد فترة من كتابته. ولكن ذلك لا يمنع الباحث من الانطلاق في التعبير عما يفكر فيه حتى لو قام بتعديله بعد شهور أو سنوات . ويجب على الباحث ألا يتردد عند كتابته لبحثه عندما يقرأ أو يعلم باحتمال وجود آراء مختلفة عن رؤيته. ولكن تلك هي رؤيته وتلك هي أسانيده في هذه اللحظة والتي بناها على إطلاع عميق لما هو متاح للباحث من دراسات وأبحاث سابقة حتى لو عدلت هذه الرؤية بعد سنوات نتيجة لخاصية التراكم في الفكر العلمي .
هذه هى الأخطاء التى يقع فيها الباحثون عند اختيارهم لمشكلة البحث،وسبل علاجها كما حددها الدكتور محمد سيد حمزاوى .
----------
المصادر :
أولا : محمد سيد حمزاوى،اختيار وصياغة مشكلات البحث، كلية الدراسات العليا، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الملتقى العلمي الأول،تجويد الرسائل والأطروحات العلمية،وتفعيل دورها في التنمية الشاملة والمستدامة،2011من 10 إلى 12 ديسمبر 2011 الرياض، السعودية، ص 6-7 ( بتصرف)
ثانيا : انظر بعض تفاصيل عناصر البحث العلمى ونماذج مناقشة لبعض خطط الباحثين، ونماذج مناقشة لبعض رسائل الماجستير والدكتوراة فى ( د أحمد إبراهيم خضر، موقع بوابتى تونس ) على النحو التالى :
(229) خطة البحث : تعريفها،أهدافها، عناصرها، شكلها،أدلة جودتها
(228) إحدى وعشرون نصيحة علمية لطلاب الماجستير والدكتوراة
(227) ضوابط استخدام الألقاب فى رسائل الماجستير والدكتوراة
(226) واحد وعشرون خطأ عن فكرة البحث ومضمونة وأفكاره فى رسائل الماجستير والدكتوراة
(225) سبعة عشر خطأ شكليا يجب تلافيها فى رسائل الماجستير والدكتوراة
(224) مواطن الخلل فى عرض الباحثين للمفاهيم العلمية والإجرائية فى رسائل الماجستير والدكتوراة
(223) فروض البحث: ماهيتها وأنواعها وشروطها ومصادرها
(222) التساؤلات فى البحث العلمى، ماهيتها وأهدافها وصياغتها والفرق بينها وبين الفروض
(221) شروط صياغة العنوان الجيد فى بحوث الماجستير والدكتوراة
(220) الفرق بين الاستبيان والاستبار
(219) الفارق بين البيانات والمعلومات
(218) الفروق بين المفهوم والمصطلح والتعريف
(217) ثلاث عشرة وسيلة للتوصل إلى مشكلة جديرة بالدراسة فى مرحلتى الماجستير والدكتوراة
(216) مواطن الخلل فى تعامل طلاب الماجستير والدكتوراة مع الدراسات السابقة
(215) كيف يربط طلاب الماجستير والدكتوراة النظرية بالبحث الميدانى
(214) مصطلحات (الميكرو- الميزو- الإكسو- الماكرو) فى الخدمة الاجتماعية
(213) الفارق بين نوع البحث ومنهج البحث فى العلوم الاجتماعية
(212) الفروق بين المتغير المستقل والمتغير التابع والمتغير الوسيط
(210) قواعد استخدام الهوامش والحواشي فى رسائل الماجستير والدكتوراة
(208) خطة عمل مبدئية لأول مرحلة بعد تسجيل رسالة ماجستير أو دكتوراة
(207) ضوابط استخدام وتوثيق الآيات القرآنية والأحاديث النبوية فى رسائل الماجستير والدكتوراة فى العلوم الاجتماعية
(206) طرق توثيق المادة المستخدمة فى رسائل الماجستير والدكتوراة
(205) الطريقة الصحيحة لاستخدام الأرقام فى صلب الرسائل العلمية لطلاب الماجستير والدكتوراة
(204) استعمالات علامات الترقيم فى بحوث الماجستير والدكتوراة
(203) ملاحظات على خطة بحث :" التنشئة الاجتماعية للفتيات وعلاقتها بتنمية مهارات الحياة الزوجية لديهن من منظور العلاج الأسرى" *
(202) تطبيق قواعد تحكيم المواد العلمية على رسالة ماجستير بعنوان : (الطلاق والدور الوظيفى للأسرة المصرية)
(201) مناقشة خطة بحث رسالة ماجستير بعنوان : إطار بحث مقترح بعنوان : فاعلية الرعاية الاجتماعية المقدمة لضحايا العنف المصاحب لثورة 25 يناير
(200) ملاحظات على جانب من خطة بحث دكتوراة بعنوان تقويم جهود بعض الهيئات الحكومية العاملة بالمشروعات الصغيرة لتحسين نوعية الحياة للأسر الفقيرة دراسة حالة للمساعدات الأجنبية
(199) ملاحظة عامة على معظم خطط رسائل الماجستير والدكتوراة الخاصة بتقويم البرامج والمشروعات الاجتماعية
(198) تعليق على خطة بحث دكتوراة بعنوان: "المشروعات التنموية الممولة من لجان الزكاة ودورها فى تمكين فقراء الريف من منظور التخطيط الاجتماعى"
(196) تعليق على أحد جوانب خطة بحث ماجستير بعنوان :"تقويم دور الكوادر الصحية المدربة فى تنفيذ برامج وخدمات الصحة الانجابية"
(195) محاضرة عن بعض المهارات البحثية اللازمة لطلاب الماجستير والدكتوراة
(194) مناقشة رسالة ماجستير بعنوان ": اتجاهات القرويين نحو تنظيم الأسرة : دراسة اجتماعية لعينة من الأسر الريفية ببنى سويف" *
(193) تعقيب على خطة بحث ماجستير بعنوان :" فاعلية خدمات الإدارة العامة للجمعيات العاملة بالمجال التعليمى فى تنشيط المشاركة المجتمعية
(192) تعقيب على خطة بحث دكتوراة بعنوان "العلاقة بين ممارسة خدمة الفرد من المنظور الإسلامى وتعديل الاتجاهات الوالدية السالبة نحو الطفل المعاق ذهنيا
(191) نموذج الممارسة المستندة إلى البراهين فى الطب والخدمة الاجتماعية، إثراء للعلم أم محاولة لتدميره: قراءة فى ضوء نظرية الفوضى الخلاقة
(182) توجيهات الأساتذة لطلاب الدراسات العليا (1)
(180) متابعات (1): رسائل الماجستير والدكتوراة
(179) دليل الإرشادات العشر لطلاب الدراسات العليا (ماجستير- دكتوراة)
(178) مناقشة خطة بحث دكتوراه بجامعة الأزهر
(177) مناقشة رسالة للدكتوراه بجامعة الأزهر
(176) مناقشة خطة رسالة للماجستير بجامعة الأزهر
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: