الناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7849
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
إلى كل دعاة الحرية في تونس الذين إستماتوا في الدفاع عن قناة نسمة و مالكها بعد عرضها لفليم برسيبوليس الذي أساء للذات الإلاهية ضد من قالوا أنهم خطرا على حرية التعبير و هي الغالبية العظمى من الشعب التونسي التي هبت للتنديد و رفض الإساءة لمقدساتها خصوصا و أن الفيلم أساء لأقدس و أجل ما يحمله التونسيون في داخلهم و هو الله تعالى علوا كبيرا عن التشبيه و التمثيل و للتذكير فإن الفيلم المشار إليه هو فيلم إيراني أي أنه ليس من إنتاج تونسي و لا يمت لتونس بصلة و هذا معطى مهم سنعود إليه لاحقا .
أقول هذا لأذكر هؤلاء المتحدثين بإسم حرية التعبير أن هذا الرفض للمساس بالمقدسات و خصوصا الأديان ليس له علاقة بالحد من الحريات و هو من المسلمات في جميع المجتمعات و لدى كل الشعوب و هذا الكلام له ما يدعمه مثل الذي حدث مؤخرا في لبنان أين تم عرض فيلم بعنوان " تنورة مكسي " للمخرج جو بوعيد الذي رأى فيه المسيحيون إساءة لهم و لديانتهم فهبت جل القنوات و الصحف اللبنانية لمهاجمة الفيلم مما تسبب في تراجع نسب مشاهدته إلى حد مقاطعته و فتح ملف حرية التعبير مجددا في لبنان الذي يعتبر الدولة العربية الاولى من حيث المساحة الممنوحة للتعبير إلا أن النخب اللبنانية المسيحية و أيضا المسلمة نددت بما حصل و أكدت أن هذا الفليم لا يندرج ضمن حرية التعبير بل لا يدخل إلا في إطار التطاول و التعدي على المقدسات و لذلك فهو مرفوض شكلا و مضمونا لأنه يسيء لشريحة من الشعب و مقدساتها و للإشارة فإن فيلم "تونرة مكسي" لم يتناول الذات الإلاهية أو المسيح عليه السلام بل كل ما في الأمر أنه تعرض للممارسات الغير أخلاقية التي يقوم بها بعض القساوسة و الأساقفة في الكنائس .
فهل تتفضل نخبنا التي ساندت إبن أبيه الحنون المسكين المظلوم في تلك المحنة التي عاشها لإجابتنا عن موقفها من هذا الجدل الدائر في لبنان؟ و هل ستقوم بالتنديد بالنخب اللبنانية التي ظهرت منغلقة و رجعية في الدفاع عن مقدسات شعبها في حين أن جهابذة الفكر و الفن و الإبداع في بلدنا لا فعل لها إلا معادات ما هو مقدس بالنسبة للشعب و هي لا تنتج أفكارا بل همها الوحيد تبني أفكار لا علاقة لها لا من قريب و لا من بعيد بهوية هذا الشعب و مقدساته التي يعتقد بقدسيتها و يرفض المساس بها تحت أي العناوين كانت حتى ما قامت من أجله الثورة و هو حرية التعبير التي لا يمكن أن تكون جسرا يعتمده الرويبضة لإخراج ما بداخلهم من عفن نتن يصيبنا جميعا بالقرف عند سماعه أم مشاهدته.
لنعد إلى فيلم برسيبوليس الذي هو فليم إيراني صرف تم عرضه في تونس أي أنه ليس إنتاجا و لا إبداعا تونسيا فشخصيا تمنيت أنه لو كان كذلك حتى يكون لجدلنا قيمة فأن يقوم تونسي بإنتاج شيء ما و لو كان مما لا نحبذه فالأكيد أن النقاش حوله سيكون أكثر قيمة و جدوى أما أن يحكم علينا بالبقاء في دائرة الإستهلاك حتى في الرذائل فهذا ما يثير السخرية و الإشمئزاز فصاحب الفيلم الإيراني أكيد أنه إسمتتع بما حصل في تونس من جدل بسسب إنتاجه الذي من المؤكد أنه لم يحظى به في أي مكان أخر و هذا من غريب الأشياء.
قد يكون من يسمون أنفسهم نخبا في بلدي ليس لهم ما يقدموه لعامة الناس لذلك يلجأ معظمهم للتطاول على ما هو مقدس فأسهل طريقة لتصبح مفكرا و صاحب نظريات في تونس أن تقوم بالتشكيك فيما يعتقد الغالبية العظمى بصحته و قدسيته لكن إذا تأملنا قليلا و بحثنا عما أنتجه هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم من علياء القوم سنكتشف الإجابة سريعا لا شيء و حتى في صورة ما إذا تم إنتاج شيء ما فإنه إما يبقى نكرة لا يلتفت إليه أحد و إما يتم شراءه من قبل الدولة عن طريق الدعم أما أن يفرض هذا الإنتاج الإبداعي و الفني نفسه على الذائقة الفنية للناس فصعب جدا حصول هذا لأنه ببساطة أبعد ما يكون عنه و لا يعبر عنه و لا يشبهه في شيء و ليحاول كل منكم أن يتذكر فليم تونسي ناجح و نال و لو جائزة صغيرة أو أغنية نجحت في شد الجمهور أو كتاب تونسي طبع و سجل نسبا عالية من المبيعات أو ديوان شعر تعلقت به قلوب الناس...حاولوا ثم حاولو ثم حاولوا و من وجد الإجابة فليجبني.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: