الناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7866
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
إلى الباحثين عن مجد نضالي مفقود لم يحققوه في الأيام الخوالي، أيام الصمت المطبق، نتوجه بالتحية لأنهم يوما بعد يوم يكشفوا لنا عن وجههم الحقيقي الذي حاولوا إخفاؤه عنا زمنا طويلا.
إن صفة النضال من أشرف الصفات التي يحملها الإنسان الذي يقف مدافعا عن حقوق الأخرين المنتهكة، و كرامتهم المهدورة، معرضا بذلك نفسه و عائلته لشتى أنواع القمع و الهرسلة.
هكذا هو حال جل الحكام الجدد لتونس، فأغلبهم عانى من استبداد النظامين السابقين، و جميعهم له باع و ذراع في مجال النضال ضد الدكتاتورية، مما جعل هذا الشعب العظيم الذي ثار على الظلم يضع ثقته في هؤلاء القادة دون غيرهم، و جاء بهم إلى سدة الحكم و أئتمنهم على الثورة، غير أن الثورجية الجدد و منذ ظهور نتائج الإنتخابات التي جاءت بما لا تشتهي أنفسهم المتعطشة للسلطة، ظلوا يزايدون على المنتخبين، بل وصل بهم الأمر إلى حد التشويش و تعطيل العمل الحكومي ظنا منهم أن ذلك سيساعدهم في إستعطاف قلوب التونسيين و إستملاتهم علهم يمنحوهم الأغلبية في الإنتخابات القادمة.
تلك أمانيهم لأن تصرفاتهم التي يظنون أنهم يحسنون صنعا من خلالها شيئا فشيئا بدأت تفقدهم أخر أوراقهم التي يلعبونها الواحدة تلو الأخرى، التي في أحسن الأحوال إما فشلت أو عادت بنتائج عكسية لما خططوا له.
و أخر هذه التحركات ما قامت به كتائب الثورجيين الجدد من تظاهر في شارع الحبيب بورقيبة حيث رأينا زعماء هاته الكتائب المنهزمة حديثا في موقعة الصناديق، مرفوعة على الأعناق تنشد حرية ليست بالمفقودة كما يريدون أن يوهموا الشعب بذلك بل هي أي الحرية أصبحت في متناول الجميع و الكل يعيشها كما يحلو له، فإنتقاد المسؤولين و الإحتجاج على سياساتهم أصبح سهلا جدا و هذا معلوم لدى الخاصة و العامة، فحتى جدتي حين تغضب يمكن أن تنتقد من تشاء بدءا بالرئيس إلى أصغر مسؤول، لذا فهذا ليس من الثورية في شيء خصوصا الأن بعد أن إستقر الأمر للثوار.
إذن لا يمكن لمن لم يكن مناضلا بالأمس أن يتحدث اليوم عن النضال، فشهادة مناضل إنتهى الشعب من توزيعها على أحراره الذين يعرفهم جيدا يوم 14 جانفي، أما اليوم فهو يريد أن ينكب على العمل و بناء مؤسسات الدولة و إعمارها من الشمال إلى الجنوب، فمناضل الامس الذي كان يحارب من أجل إسقاط الدكتاتورية تحول اليوم إلى خادم لهذا الشعب و صاحب مشروع حضاري لبناء هذه البلاد، أما الذي كان يقضي أغلب وقته متنقلا بين حانات شارع الحبيب بورقيبة و هو يراقب المناضلين و هم يقمعون من خلال الواجهات البلورية لتلك الحانات و لم يحاول حتى مجرد التفكير في نصرة هؤلاء لأن الحرية لم تكن اولوية عنده في ذلك الوقت و هو الذي لم يتعرض في يوم من الأيام إلى أي شيء من التضييق حتى وظل يتمتع بإقامة مريحة و وظيفة تدر عليه أموال كثيرة ثم يأتي هذا الثورجي اليوم محمولا على الاعناق خطيبا في الجماهير مناديا بأعلى الأصوات القبيحة تسقط حكومة العار فعن أي عار يتحدث أمثال هؤلاء إنها عقدة من ليس له تاريخ نضالي و يريد بكل قواه أن يقال له إنك مناضل بعد أن يتظاهر بأنه أهين و قمع عندما أراد تحرير شارع الحبيب بورقيبة.
ليعلم أصحاب الوهم الثوري أن أقلام النضال جفت و صحفه رفعت بعد أن سقطت الدكتاتورية و المناضل الحقيقي اليوم هو الباحث عن حلول لمشاكل البطالة و التنمية و المديونية و غلاء الأسعار...التي تعاني منها تونس و ليس الذي يكثر من الثرثرة في وسائل الإعلام فيصيبنا بالملل الشديد فيضطرنا في نهاية الأمر إلى تغيير القناة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: