يحيي البوليني - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5717
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
وقف محمد باسندوة الذي يرأس حكومة الوفاق الوطني ليناشد مجلس النواب الموافقة على إقرار القانون الذي طلبه صالح بمنحه الحصانة الكاملة من أي ملاحقة قانونية حتى يقبل أن يغادر ويترك السلطة في اليمن ويحقن دماء اليمنيين التي تسيل كل يوم في وجوده.
وطلب صالح أيضا أن تُمنح الحصانة من الملاحقة القانونية للمسئولين الذين عملوا معه في الأعمال ذات الدوافع السياسية، وطلب بأن يكون القانونان من أعمال السيادة التي لا يجوز إلغاؤهما أو الطعن فيهما، وأن يشمل نطاق نفاذهما كل الفترة التي قضاها صالح كرئيس لليمن حتى صدور هذا القانون.
وبين قسوة هذين القرارين على الشعب اليمني كله وعلى مجلسه التشريعي بالأخص - لوقوع اليمنيين جميعهم بين خيارين أحلاهما مر - يقف باسندوة وهو يجهش بالبكاء طالبا من المجلس التشريعي الموافقة على هذين القرارين لتخليص البلاد والعباد من هذا الغاشم المستبد.
وأقر نواب المجلس هذين القانونين وهم يتجرعون كئوس المرارة، فبيدهم يعطون السارق صك البراءة، وبأصواتهم سيمرح القاتل والدماء لا تزال تلطخ يديه ليلهو في أصقاع الدنيا في زهو وخيلاء.
ما أقساهما من خيارين، فالقبائل الموالية لصالح تتعامل بمنطق جاهلي، تنصر أخاها ظالما ومظلوما، لا تردعه عند ظلمه بل تسانده وتستبيح الدم من أجل نصرته.
والشباب اليمنيون معذورون، فهم يعتبرون قرار الموافقة على الحصانة يوما أسودا في تاريخ اليمن – ومعهم كل الحق في غضبهم – فالحرية قيمة لا تتجزأ والعدل لا يعرف أنصاف الحلول، ولكن مقاييس زمن الفتنة مختلفة عن غيرها من الأزمنة العادية، ففي زمن الفتنة لا يختار المرء بين خير وشر واضحين جليين، ولكنه يختار بين شرين وضررين، فينظر أيهما أقل شرا وأخف ضررا فيقبله على مضض وكراهة حتى يدفع به الشر الأكبر والخطر الأعظم.
وقد ظن صالح بهذا القانون أنه نجا من المساءلة، وكذب ظنك يا صالح، فالقانون الذي طلبته ونلته – بتهديدك الدائم بإراقة المزيد من الدماء - باطل في أصله وباطل في ثناياه من أوجه متعددة قانونية ودستورية، فكل الدساتير والتشريعات الدولية تعتبر القانون نافذا منذ إصداره ولا يعمل بأثر رجعي وليس له حكم على الماضي.
وحتى إن نجوت بهذه الحصانة، فلا تفرح يا صالح وتظن انك قد نجوت حقا، فلئن نجوت في الدنيا – ولا أظنك ستنجو – فمن يجادل الله عنك يوم القيامة ؟!، ستذهب عشيرتك وتذهب قوتك ويذهب جاهك، وستقف بين يدي ربك عاريا خائفا لا قوة لك ولا سند يدعمك ولا مال ينجيك ولا ولد يدافع عنك.
ستنظر عن يمينك وشمالك فلن ترى إلا صحيفة أعمالك، فيها كل دم أرقته وكل مال سرقته وكل مظلمة ارتكبتها أنت ورجالك من تطلب لهم اليوم حصانة فهل تنفعهم أو ينفعوك غدا ؟؟.
أخطأت يا صالح كما تخطئ دائما في حساباتك، طلبت الأمان ممن لا يملكه لك، وطلبت عدم المساءلة، وأنت تعلم أنه ليس هناك من لا يسأل عن أفعاله في الكون كله إلا واحد أحد هو الله سبحانه.
سلكت السبيل الخطأ يا صالح حين طلبت العفو ممن لا ينفعك عفوهم في الدنيا ولا في الآخرة، فما كان أعضاء مجلس النواب أولياء دم القتلى الذين قتلتهم حتى تطلب منهم العفو، ولا يستطيع هؤلاء الأعضاء أن يعطوك صك غفران في الآخرة، لأنك تناسيت أن تطلب العفو ممن يملكه وحده سبحانه.
يا صالح : لقد آثرت عائلتك وذويك ومكنتهم من رقاب العباد والبلاد في اليمن وكأنها ملك مستباح لك تهبها من تشاء وتمنعها ممن تشاء ونسيت أن الأرض لله يورثها لمن يشاء من عباده.
يا صالح : إن غدا لناظره قريب وأني لأراك مجندلا في أغلالك أو معلقا على حبل مشنقة، فلا تظنه بعيدا، بل إني أسأل الله أن يكون قريبا، فلا تحسب أن دعاء الأسحار عليك وعلى كل الظالمين أمثالك سيذهب هباء.
وليستبشر كل مظلوم بات ليله وعينه تبكي من ظلم صالح وأعوانه، ولتستبشر كل أم فقدت فلذة كبدها برصاص الموالين لصالح، فليستبشروا، فوالله إنه لقريب، وساعتها سوف يفرح المؤمنون بقطع دابر الظالمين، وساعتها سنحمد الله سبحانه بملئ أفواهنا وبكل حرارة أنات قلوبنا تحقيقا للآية الكريمة " فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: