د- هاني ابوالفتوح - مصر / الكويت
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4912
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
مع الساعات الأولى من عام ميلادي جديد هَلًّ علينا وبين عام ودعناه بكل ما فيه بحلوه ومره وبين عام نستقبله بكل الأمنيات والأحلام، وجدتني أتساءل..هل لابد من وقفة حساب مع النفس والزمن لنفهم ما الذي اكتسبناه وماالذي خسرناه في العام الفائت حتى نعرف كيف نستفيد من أخطائنا وما الواجب فعله في العام الجديد ليكون أفضل وأكثر سعادة ؟ أم أن الأيام تمر علينا هكذا لا قيمة للتمعن فيها ولا حاجة بنا للنظر خلفنا ولا قيمة للقادم كيف نفكر فيه، يتساوى إذاً رأس السنة مع أولها مع آخرها مع تاليها جميع الأيام سواءاً بسواء،
وجدتني أتساءل ما الذي ميز به الله تعالى الإنسان عن سائر مخلوقاته واختصه به ؟ فكانت الإجابة العقل وحكمة الحياة،
من هنا يأتي مبدأ الحساب والثواب والعقاب لأن الحياة لها قيمة ومعنى ومغزى وهدف وغاية، فإن كان كذلك فلابد إذا من نظرة صادقة واعية نتمعن فيها، نفكر فيما مضى وفيما هو آت ونحاسب أنفسنا ونتحاسب وندرس ونتدارس لا للتوقف فقط أمام ما حدث لمجرد الذكرى بل للإستفادة والتذكير وما قيمة التذكير إن لم ننتفع به وقد أمرنا الله بذلك في قوله تعالى
" وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ "( سورة الذاريات آية 55 )،
إذاً هو ليس مجرد دعوة للتفكر وحسب بل هو فضيلة وواجب، فإن كان كذلك مع النفس والغير فهل هو واجب أيضا لمصلحة أمة بأكملها لنرى ماذا يمكن صنعه لنرتقي بها ونبني لانهدم ونتراحم فيها وبها لا أن نتكالب عليها لنسقطها كل حسب أهوائه وفكره وغاياته خاصة أن الكل يتأثر بالفرد وكما قيل إنما النار من مستصغر الشرر فلربما كانت دعوة فرد إنجذب لها من أعجبتهم فتطاير الشرر ليمتد وهكذا دائماً ألسنة اللهب تبدأ صغيرة وتتصاعد فإن لم تجد من لم يخمدها منذ البداية إنحرق بها الجميع لا فرق بين من أشعلها وبين من شاهدها واكتفى وبين من أعجبته وبين لم تعجبه وسكت عنها، وهكذا أيضا الفتن التي تحيط بنا وتأكلنا فالفتنة نائمة ملعون من أيقظها فكم من فتن أثيرت ونعرات فرقة وطائفية إنتشرت وسرت كالنار في الهشيم جميعها بدأت من رأس شيطانية لم تفكر في الله والوطن بل زرعت الشر واستأنست به ولا أدري أي عقول تلك التي تجمع شتات فكرها على الفرقة والنزاع وأي تجمع هذا الذي لايفكر ولو للحظة واحدة ماحصاد فكره وما أثره على الفرد والمجتمع،
العام الماضي بخيره وشره حصيلة كبرى لأفكار شتى منها الصالح والطالح وجميعها تأثرنا بها وتأثر المجتمع بأسره،
كم من أرواح لاقت وجه بارئها وألقي بها في أتون اللهب والشرر المتطاير بلا ذنب ولا جريرة منها إلا بقدر الله تعالى فيها،
أيها العام المنصرم كم من جرائم ارتكبت وأعراض إنتهكت وكم من آثام فعلت فيك ؟
أيها العام الجديد كم من الأحلام فيك نتمناها وما الواجب فعله ليتحقق الحلم وهل ننتظر لتكون خلفا لأسوأ سلف أم نفكر فيك أن تكون أحسن حظا وأوفر أملا وأكثر بهجة وسعادة،
ما أنت إلا بنات أفكارنا ونبت زرعنا وحصاد عقولنا، و ما أنت إلا الفرق بين أن نفكر فيك كما يجب وبين أن نساوي بين الأيام كلها لتكون مجرد ذكرى وساحات عبور مضت وجسور سرنا عليها ولم يعنينا إن كنا قد هدمنا تلك الجسور خلفنا أم تركناها ليستفيد بها من هو قادم بعدنا،
2012
هل نفكر فيك كيف نصنعك ونبنيك ونسعدك ونفرح بك أم أنك مجرد رقم وعدد يسير معنا ويلفنا ويدور بنا، إن كنت كغيرك ليتك ماجئت فالأيام تتساوى والساعات تمر بلا قيمة ولا جدوى، وإن كنت غير ذلك وتريد أن تترك أثراً وذكرى يذكرها لك الذاكرون ويوثقها المؤرخون بأنك كنت أكثر حظاً وحظوة وأكثر وعياً وإدراكاً فلا تصمت ولا تسكت كسائر الأيام التى طواها الزمن،
إن كنت تريد أن تصنع لنفسك مجدا كالأيام الخالدة التي لازلنا نذكرها منذ نشأ الله الأرض ومن عليها فقل.. قفوا عندكم.. أماكنكم.. إنتبهوا لست مجرد رقم جديد ولست مجرد عدد في عداد الأيام،
إصرخ منذ أول ساعات مولدك وأعلن صوتك للدنيا بلا صمت ولا وجل أنك عنا غير راض وأنك غير راض عن ماسبقك من أيام مضت وأنك لاترضى لنفسك ماارتضيناه لما سبقك، وأنك تنتظر منا أن نفعل بك مايخلدك.. بالنجاح والبناء والإزدهار، لا بالقتل والحرق والسلب والنهب والضرب والشجب،
إعلن نفسك عاماً للتراحم والرحمة والتواصل والنقاء واللقاء لا عاماً للفرقة والشقاء، إعلن نفسك وارفع رايات العزة والكبرياء،
لعل نبضك يسير فينا ولعل ناظرينا ومسامعنا ومدامعنا تفكر فيك لحظة أن نتوقف عن كل مفاسدنا وكل آثامنا وكل خطايانا
2012
كن ذاتك وكن غير غيرك، لا تنتظر منا أن نبدأ الخطى ففينا من استمرأ ما فيه، وفينا من تبلد حسه، وفينا من ينتظر أن يطويك كغيرك، فإطويه أنت وقض مضجعه بأنك لست غيرك حتى يكون هو غير ماسبق،
2012
إن فعلت ذلك حقا فلك من الله السلام والنجاة، ولك منا التحية والمحبة والعهد والوفاء أن نكون كما تحب وترضى لأنك أخيراً أعلنتها أنك إبن أبيك من أصحاب الأمجاد والخلد الذي لايضيع.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: