(147) رؤية شافيز وزعماء أمريكا اللاتينية لتدخل الناتو فى ليبيا
د. أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6528
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
(1)
" هوجو تشافيز " هو رئيس فنزويلا الثالث والخمسين، معروف بحكومته المسماة بـ" الديموقراطية الاشتراكية "، ماركسى التوجه، ومعاد للرأسمالية، يدعى أنه أخذ من الفكر الماركسى كل شيئ إلا الإلحاد (1)، وأعلن أن المسيح كان أول اشتراكي (2)، وأنه سيسير على خطاه وفق مباديء الماركسية. عرف أيضا بمعاداته للاستعمار، وانتقاده الحاد لأنصار العولمة من الليبراليين الجدد، وكذلك انتقاده الحاد للولايات المتحدة الأمريكية. اختير فى عام 2006 كأحد أبرز مائة شخصية مؤثرة فى العالم. وعُرِف "تشافيز" على المستوى العالمى أيضا بدعوته لتوطيد العلاقات بين الدول الأكثر فقرا فى العالم، وبدعوته إلى تكامل دول أمريكا اللاتينية سياسيا واقتصاديا، ودعوته كذلك إلى تأسيس حلف أفريقي- كاريبى – جنوب أمريكى . كما تتمتع حكومته بعلاقات جيدة مع الدول العربية. ولإدارة "تشافيز" روابط اقتصادية ودبلوماسية غير مسبوقة بالشرق الأوسط ودول أفريقيا، وكان يدعو إلى تشكيل ما أسماه بـ "عالم متعدد الأقطاب" لا يخضع لسيطرة أى من الدول العظمى.
"تشافيز " صاحب سجل عسكرى متميز مع الجيش الفنزويلى. قام بمحاولة انقلاب فاشلة عام 1992، قبض عليه وأُودع فى السجن وبعد أن أُطلق سراحه فى عام 1994 أسس ما يعرف بحركة الجمهورية الخامسة. اختير كرئيس لفنزويلا فى عام 1998 بسبب الوعود التى أطلقها لدعم فقراء البلاد الذين يشكلون الأكثرية من السكان، وأعيد انتخابه عام 2006 بأغلبية ساحقة. أطلق حملات عدة بهدف محاربة الأمية والأمراض وسوء التغذية والفقر والأمراض الاجتماعية الأخرى.
أثارت حملات الإصلاح الواسعة التي أطلقها " تشافيز " الجدل في فنزويلا وخارجها، بين منتقدين ومرحبين. البعض اعترف بأنه أمد الفقراء باحتياجاتهم، واتهمه البعض الآخر بسوء إدارة الاقتصاد.
قامت ضده محاولة انقلاب فاشلة فى الحادى عشر من أبريل عام 2002 بدعم من الكنيسة والولايات المتحدة، لكن الانقلاب فشل بعد ثمان وأربعين ساعة بعد أن خرجت الطبقات الشعبية والمتوسطة لمناصرته، وإعلان تسعة عشر رئيسا من رؤساء دول أمريكا اللاتينية رفضهم للإنقلاب.
تعد فنزويلا رابع منتج للنفط في العالم، وثاني أكبر مصدر للولايات المتحدة الأميركية. إلا أن الولايات المتحدة غير راضية عن "تشافيز" لعدة أسباب، منها علاقته الخاصة بالرئيس الكوبي "فيدل كاسترو"، وزيارته للعراق وليبيا، وانتقاده قصف أمريكا لأفغانستان في حربها ضد طالبان، والتزامه الحياد في حرب النظام الكولومبي ضد الثوار الشيوعيين.
دأب "شافيز" على إطلاق إسم "امبراطورية اليانكى" على الولايات المتحدة، واسم "اليانكى" على الأمريكيين، وهو مصطلح له استعمالات عدة، فهو يستعمل فى بريطانيا للإشارة إلى سكان الولايات المتحدة، وإلى سكان "نيوانجلند" بصفة خاصة. أما خارج الولايات المتحدة، فهو تعبير عامى يطلق على أى أمريكى، ويشوبه فى كثير من الأحيان نوع من عدم الاستحسان والتحقير.
Yankee - Wikipedia, the free encyclopedia
أدان " شافيز" العدوان الإسرائيلى على غزة، وأعلنت حكومته أن السفير الإسرائيلي شخص غير مرغوب فى وجوده على الأراضي الفنزويلية، كما سحب "تشافيز" السفير الفنزويلي من إسرائيل وأعلن خفض مستوى التمثيل مع تل أبيب إلى حده الأدنى لأنه يرى أنه لا فائدة من التعامل مع إسرائيل. وقال : " أنه ينبغي جر الرئيس الإسرائيلي إلى محكمة دولية ومعه الرئيس الأميركي، لو كان لهذا العالم ضمير حي............ يقولون إن الرئيس الإسرائيلي شخص نبيل يدافع عن شعبه! أي عالم عبثي هذا الذي نعيش فيه ؟".
ar.wikipedia.org/wiki / هوجو تشافيز
لا يزال " تشافيز" يتخذ موقفا معارضا من التدخل العسكرى للولايات المتحدة ودول حلف الناتو فى ليبيا. وقال فى خطاب له وجهه إلى خريجى الجامعة فى فنزويلا فى الثانى من مارس 2011 :" نحن لا نؤيد الغزو، أو أى شيئ مشابه له أيا كان من يقوم به ".
لخص الباحثون الفنزويليون موقف " تشافيز " وموقف دول أمريكا الجنوبية من هذا التدخل ومن بوادر ما يحدث فى سوريا على النحو التالى :
1- أن " تشافيز " ينتقد بشدة هذا التدخل ويرى أنه تدخل لا مبرر له فى الشئون الداخلية لبلد ذى سيادة ويرى أن الهدف الأساس من هذا التدخل هو الاستيلاء على الثروة النفطية لليبيا ودول شمال أفريقيا.
2- أنه يدين " أوباما" الذى حصل على جائزة نوبل المضللة للسلام فى شنه هذه الحرب على ليبيا، التى يجريها على نفس نمط الحرب على العراق وأفغانستان، كما يدين النفاق الفرنسى والأوربى ويدين اعتقادهم جميعا أنه من حقهم تملك العالم والتحكم فيه.
3- أن هناك حملة من الكذب تنسج خيوطها الآن ضد ليبيا بغرض الإطاحة بالقذافى. وأن الأمر يشبه محاولة الإطاحة بـ "تشافيز" عن طريق الانقلاب العسكرى الذى دعمته الولايات المتحدة فى عام 2002.
4- أن الأمم المتحدة تؤيد هذه الحرب ضد ليبيا على الرغم من أن هذا الأمر يناقض مبادئها الأساسية التى قامت عليها، ويناقض القانون الدولى، وكان من المفروض عليها أن ترسل لجنة لتقصى الحقائق، بدلا من أن تترك ليبيا عرضة للضرب بالقنابل، وقتل الناس ومعاناة الكثيرين منهم.
5- أن العالم كله يرى الآن الطريقة التى تتصرف بها الدول الاستعمارية حينما تتاح أمامها الفرصة، فى الوقت الذى تتحدث فيه عن الديموقراطية وحقوق الإنسان. فهم كانوا بالأمس يداهنون القذافى ويغازلون نفطه، وهم الآن يخترعون مشكلة معه، ثم يضربونه بالقنابل والصواريخ.
6- أن تجميد حسابات ليبيا فى المصارف الأمريكية والأوربية والتى تقدر بمائتى بليون دولار هى سرقة اعتبروها غنيمة لهم مستفيدين من الصراع الليبى الداخلى.
7- أن العالم كله يعرف أن القذافى والحكومة الليبية لايملكون فعل أى شيئ إزاء هذا التدخل.
8- أن الزعيم الكوبى "فيدل كاسترو"، و إيفو موراليز" رئيس بوليفيا، و"دانييل أورتيجا" رئيس نيكاراجوا، وكريستينا فيرديناندز" رئيسة الأرجنتين أيدوا موقف"تشافيز" ضد هجوم الولايات المتحدة ودول الناتو على ليبيا، مشيرين إلى أن التعلل بالتدخل لحماية المدنيين إنما هو كذبة كبرى، وأنهم يرون أن الفعل العسكرى الليبى المضاد هو دفاع بطولى وطنى ضد متمردين تحميهم قوى أجنبية تسعى للإستيلاء على المصادر الطبيعية للبلاد.
9- أن فنزويلا تؤيد جهود الاتحاد الإفريقى لحل الأزمة الليبية، لكن القوات الغربية تحاول تدمير ليبيا قبل الوصول إلى مثل هذا الحل.
10- أن " تشافيز " قد اقترح قبل التدخل العسكرى تشكيل مفوضية متعددة القوميات مدعمة من رؤساء دول أمريكا اللاتينية للتوسط من أجل حل سلمى للصراع بين القذافى والثوار، وقَبِل القذافى هذا الاقتراح، لكن الثوار المدعمين من الولايات واسرائيل ودول أخرى رفضوا هذا الاقتراح.
11- أن الولايات المتحدة وحلفائها يسعون للتدخل عسكريا فى سوريا مستخدمين نفس الاستراتيجية التى استخدموها فى ليبيا. فالحركات الشعبية تبدأ سلمية، وسيكون فيها قتلى، وهنا سيتهم الغرب الرئيس بأنه يقتل شعبه، ثم تأتى قوات "اليانكى" وحلفاؤها ويضربون الشعب بالقنابل فى الوقت الذى يدعون فيه أنهم جاءوا لإنقاذه. وهذه استراتيجية جديدة اخترعها الغربيون لتوليد الصراعات المسلحة، ثم يريقون الدماء ويتدخلون للاستيلاء على مصادر البلاد الطبيعية.
12- يلخص الباحث الفنزويلى " لوس بلوغ " وجهة نظر دول أمريكا اللاتينية فى فقرة بالغة الأهمية يقول فيها :
" العالم اليوم فى حرب. الإعلام يتحدث عن الحرب على الإرهاب. وهذه الحرب هى الحرب العالمية الثالثة. والواقع أن الحرب على الإرهاب هى حرب ذات شقين لا نهاية لها. إنها حرب من أجل الهيمنة الاستعمارية، ومن أجل أرض إسرائيل.
صمم هذه الحرب وأطلقها مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية الذى تقوده "الوول ستريت "، والكارتلات المصرفية الدولية والمؤسسات النفطية الكبرى، والآباء الإسرائيليون فى اللوبى الصهيونى مثل الآيباك AIPAC. (3) لقد نجحوا بمضى الزمن فى ادماج أعضاء عصاباتهم فى كيان واحد يضم أقدام جنودهم فى الـ "سى إن إن" ووسائل الإعلام الأخرى ليأخذ شكل تحالف دولى. ومنذ الحادى عشر من سبتمبر عام 2001 أطلقوا "كلبهم المجنون" الذى يسمى بـ "البنتاجون" المشبع بالقوة الكبيرة والرغبة فى القتل. إن هذا الوحش ذو العين الواحدة يطوف اليوم حول العالم ويبحث كل يوم عن ضحية جديدة ليروى ظمأه إلى الدماء، وشغفه فى الاستيلاء على المصادر الطبيعية وجنى الأرباح ".
(2)
وفى رؤية تحليلية أخرى ركزت بصفة خاصة على موقف "تشافيز" من العقيد " معمر القذافى" ورد فعله للأحداث فى ليبيا، انتهى الكاتب والصحفى، وعالم الاجتماع الفنزويلى " جريجورى ولبرت " إلى ما يأتى :
أولا : أن الأحداث فى ليبيا جعلت " تشافيز" فى حيرة من أمره. فهو يعلن مرارا أن "القذافى" صديقه، وأنه يثق فيه، لكنه لا يثق فى ما يقوله الإعلام الدولى عن ليبيا. ولهذا فان "ولبرت" يرى أن موقف " تشافيز" موقف حذر وعادل، فهو يقف فى صف " القذافى" طالما أنه يشك فى الأخبار والتقارير التى تتحدث عن الاستبداد الذى يتسم به "القذافى".
ثانيا : أن " تشافيز" يعتمد فى سياسته الخارجية على علاقته الشخصية بقادة الدول إلى حد كبير، وأنه ما أن يؤسس هذه العلاقة، فأنه يمنح الثقة لرئيس الدولة ضمنا، ومن هنا لا يثق "تشافيز" فى الإعلام الذى يهاجم هذا الرئيس أو ذاك لأن خبرته الشخصية به تكشف أن مايقوله الإعلام هو مجرد كذب وافتراء وتحيز. أما عن السؤال كيف يؤكد "تشافيز" على سلطة الشعب فى بلاده ويوثق علاقاته بقادة لا يتمتعون بشعبية فى بلادهم مثل "القذافى " و" نجاد"، يقول " ولبرت" : " أن ذلك يرجع إلى اعتقاد"تشافيز" بأهمية القائد والقيادة فى تحريك المجتمعات، بالإضافة إلى أن علاقاته الشخصية مع هؤلاء القادة تجعله يغض الطرف عن بعض أوجه قصورهم ".
ثالثا : أن القول بأن "تشافيز" مغرم بـ"القذافى" الرجل الاستبدادى إلى حد كبير قول يحتاج إلى مراجعة، فهو أى "تشافيز" صديق لـ " لولا دا سيلفا" فى البرازيل وهو رجل ذو سمعة ديموقراطية قوية. والواقع هو - ان " تشافيز" يضع اصدقاءه عبر متصل يتراوح بين الديموقراطية والأوتوقراطية بغض النظر عن أنماط حكوماتهم.
رابعا : هناك تساؤل مؤداه : هل لعبت خبرة "تشافيز" المتعلقة بالانقلاب الذى تآمرت فيه الولايات المتحدة ضده، والدور الذى لعبه الإعلام الخاص فى فنزويلا فى تشويه سمعته دورا هاما فى تحديد رد فعله حول ما يحدث فى ليبيا، أم أن موقفه من ليبيا هو جزء من سياسته الخارجيه ؟ يقول "ولبرت" : ان الجانبين معا هما السبب فى اتخاذه هذا الموقف. فهو أى " تشافيز" مهتم جدا بتقوية علاقة الجنوب بالحنوب ولهذا فهو يقيم علاقات شخصية مع زعماء مثل "القذافى" وإن كانت سمعته رديئة، لكنه يرى فى نفس الوقت أن ثورة "القذافى" فى عام 1969 هى ثورة تحررية ضد الاستعمار، ولهذا منحه نسخة مطابقة لسيف " سيمون بوليفار". لكن " ولبرت" يرى أن "القذافى " قد تغير كثيرا منذ الثورة حتى الآن، وأن " تشافيز" لا يزال ينظر إليه من خلال تاريخه الماضى دون أن يضع فى حسبانه هذه التغيرات.
خامسا : انتقاد "تشافيز" بأنه لم يُعلن إدانته لـ "القذافى" وأن هذا من شأنه أن يؤثر على شرعية " تشافيز" نفسه، مردود عليه بأن هناك من اليساريين من يشارك "تشافيز" فى تأييده للقذافى، وهناك رؤساء آخرون مثل "دانييل أورتيجا " فى نيكاراجوا وهو أكثر تأييدا للقذافى من " تشافيز". كما أخذ " رافائيل كوريا" موقفا مشابها لموقف " تشافيز" فى تأييده لـ "القذافى".
سادسا : يرى الإعلام الفنزويلى الخاص والمعارضون لـ"تشافيز" أن أحداث منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تنذر بأن الدور قادم على " تشافيز" على أساس أنه دكتاتور مثل "القذافى". ومن هنا تعرض "تشافيز" لحملة هجوم شرسة. يفند " ولبرت" ذلك بقوله أن هذه مجرد أمنيات، لأن الموقف فى "فنزويلا" مختلف تماما عما يجرى فى دول الشرق العربى. فالظلم والقمع أمر يسود منطقة الشرق الأوسط منذ عقود عديدة، فى حين تشهد فنزويلا ارتفاعا فى نسبة المشاركة السياسية والمساواة والعدالة فى فترة حكم "تشافيز". وفى الوقت الذى تفتقد فيه الدول العربية إلى الديموقراطية الفعالة هناك ديموقراطية مزدهرة فى فنزويلا. أوجه التشابه الوحيد بين "تشافيز" ورؤساء الدول العربية، أنهم جميعا من العسكر سواء أكان "مبارك" أم "القذافى" أم "تشافيز".
سابعا: يسود التساؤل عن سبب اهتمام "تشافيز" بلعب دور الوسيط فى النزاع الليبى. يجيب" ولبرت" بأن "تشافيز" لعب مثل هذا الدور فى مناسبات سابقة كما كان الحال فى الحرب الكولومبية وانقلاب هوندوراس. ان دافع " تشافيز" يأتى من رغبته فى إزالة التصور الشائع عنه بأنه زعيم محارب وفى أن يقدم دليلا فى نفس الوقت على أن سياسته الخارجية متوجهة نحو السلام وعلى النقيض من سياسة الولايات المتحدة الموجهة نحو الحرب.
هذه رؤية فنزويلية لموقف دول أمريكا اللاتينية من التدخل العسكرى فى ليبيا وعن العلاقة الخاصة التى تربط بين "تشافيز" و"القذافى"، وهى رؤية ذات طبيعة خاصة تختلف عن الرؤى الأخرى السائدة. وتظهر أهمية هذه الرؤية فى أن " تشافيز" ومعظم دول أمريكا اللاتينية يقفون إلى جانب القضايا العربية بصفة عامة، وقضية فلسطين بصفة خاصة. كما عانت قارتهم كثيرا من التدخل الأمريكى ولهم خبرة خاصة وتاريخ خاص مع الولايات المتحدة، وهذا من شأنه أن يعطى لرؤيتهم – مع استبعاد التوجهات الماركسية والنصرانية لـ "شافيز" - وزنا خاصا يجب وضعه فى الاعتبار عند تقويم الحالة الليبية.
-----------------
(1) الواقع أن فصل "تشافيز" الإلحاد عن الماركسية فصل تعسفى، ففكرة الاشتراكية الماركسية تقوم أصلا على مايسمى بالمادية الديالكتيكية والمادية التاريخية. أما الأولى فهى النظرية العامة للاشتركية ومنها الشيوعية. وقد سميت بالمادية الديالكتيكية لأن أسلوبها فى النظر إلى الحوادث جدلى أى أن طريقتها فى البحث والمعرفة هى اكتشاف تناقضات الفكر والمصادمة بين الآراء بالنقاش أى هى جدلية، ولأن تعليلها لحوادث الطبيعة وتصورها لهذه الحوادث مادى، أى أن نظرتها مادية. وأما المادية التاريخية فهى توسع أفكار المادية الديالكتيكية حتى تشمل دراسة الحياة فى المجتمع، وتطبق هذه الأفكار على حوادث الحياة فى المجتمع. وتعنى النظرية المادية أن الحياة والإنسان والكون مادة تتطور من نفسها تطورا ذاتيا، فلا يوجد خالق، ولا مخلوق، وإنما تطور ذاتى فى المادة. فالإلحاد كامن فى صلب الفكرة ذاتها، ولا يمكن فصله عنها. يقول الإمام الشاطبى فى "الموافقات" مؤكدا على عدم انفصال فروع فكرة ما عن أصلها :" الفرع مبنى على أصله، يصح بصحته، ويفسد بفساده، ويتضح باتضاحه، ويخفى باختفائه، وبالجمله فكل وصف فى الأصل مثبوت فى الفرع إذ كل فرع فيه ما فى الأصل ". ج1/58
(2) لم يقع "تشافيز" فى هذا الخطأ وحده، فقد وقع فيه الكتاب والشعراء المسلمون وعلى رأسهم أمير الشعراء " أحمد شوقى" الذى قال فى مدح الرسول صلى الله عليه وسلم (الاشتراكيون أنت إمامهم..... لولا دعاوى القوم والغلواء). والواقع هو أن الأمر لا يخرج عن كونه دعاية لما يسمى باشتراكية الدولة التى هى من صنع الرأسماليين أنفسهم لمواجهة الاشتراكية الماركسية. وقد صارت كلمة الاشتراكية محببة للناس لما توحى به من معنى العدالة والمساواة الاجتماعية، وهذه العدالة والمساواة ليست نظاما اقتصاديا كالاشتراكية إنما هى أحكام معينة يراد بها التخفيف من الظلم الفاحش الذى توجده الرأسمالية فى المجتمع . لكن الاشتراكية فى حقيقتها كلها فاسدة سواء منها اشتراكية ماركس أو اشتراكية الدولة.
(3) "الآيباك" هى لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية وتسمى اختصاراً بـ (الأيباك) American Israel Public Affairs Committee. و هي أقوى جمعيات الضغط على أعضاء الكونغرس الأمريكي. هدفها تحقيق الدعم الأمريكي لإسرائيل، ولا تقتصر عضوية الأيباك على اليهود فقط بل يوجد بها أعضاء ديموقراطيون وجمهوريون. تأسست في عهد إدارة الرئيس الأمريكي" دوايت أيزنهاور." وهى فى الأصل منظمة صهيونية، وكان إسمها السابق الذي تأسست به هو American Zionist Committee for Public Affairs اللجنة الصهيونية الأمريكية للشؤون العامة وتم تأسيسها في سنة 1953، تم تغير مسماها إلى ما هو معروف اليوم بالأيباك بعد تدهور علاقة داعمي إسرائيل والرئيس الأمريكي" دوايت أيزنهاور".
تهدف الآيباك إلى تحقيق ما يلى :
1. الضغط على الحكومة الفلسطينية الديموقراطية وعلى حماس بالذات على تحقيق المطالب الإسرائيلية.
2. تقوية العلاقات ما بين واشنطن وإسرائيل عبر التعاون بين أجهزة مخابرات البلدين والمساعدات العسكرية والاقتصادية التى.
3. إدانة كل المحاولات الساعية للحصول على التكنولوجيا النووية فى المنطقة.
4. إدانة كل المواقف المنكرة للهولوكست.
5. الدفاع عن إسرائيل ضد الأخطار المستقبلية.
6. إعداد جيل جديد من القيادات الداعمة لإسرائيل.
ar.wikipedia.org/wiki/أيباك
المصادر
1- Les Blough - Axis of Logic,
venezuelanalysis.com/analysis/5945
2- Venezuela and Libya: An Interview with Gregory Wilpert
By Greg Wilpert and Venezuelanalysis.com, March 6th 2011
venezuelanalysis.com/analysis/6044