البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

إلى الذين يلوّحون بالإمساك عن التصويت

كاتب المقال محمد المختار القلالي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5485


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لا حديث هذه الأيّام، في بلادنا، إلاّ عن السّباق نحو قصر ‘قرطاج’. وهذا طبيعيّ بالنّظر إلى أنّه لأوّل مرّة في التّاريخ يتسنّى للتّونسيين ممارسة حقّهم في اختيار من يتولّى النّهوض بشأنهم العام. ولا بأس هنا من الإشارة إلى أنّ الفضل في ذلك يعود لله أوّلا ثمّ للثّورة من بعده. أذكّر بهذا خاصّة أولائك الذين سعوْا إلى التّهوين من شأنها (الثورة) غداة قيامها، ومن عملوا بعد ذلك على الانقلاب عليها من خلال مطالبتهم بحلّ ‘التأسيسي’، والتخلّي عن إنجاز الدستور، بل وحتّى بالزّحف على مؤسّسات الدّولة، بغية قفل المسار برمّته، المسار نحو الحياة الديمقراطية التي قامت من أجلها ثورة الشّعب.

وإنّه لمن المفارقات العجيبة أن نجد هؤلاء اليوم في مقدّمة من يتفيّؤون ظلال هذه الثورة التي ناهضوها بالأمس القريب، ومن يجنون، قبل غيرهم، بواكير ثمارها.

وبعد، ها قد انتهى الآن الدّور الأوّل من السّباق بتأهيل شخصيّـتيْن، لكلّ منهما تاريخها وخلفيّتها ومشروعها لخوض غمار ما تبقّى من السّباق. ما يعني أنّه لم يبق أمام النّاخب غير أن يختار واحدا من إثنين، لا ثالث لهما (2 sans 3)، وهذا الاختيار سوف يقوده بالضّرورة إمّا إلى الاصطفاف مع المنادين بوجوب المرور إلى ‘جمهوريّة ثانية’، ندخل بها العصر، بكلّ ما تبشّر به هذه الأخيرة من قيم جميلة، وبما تنضوي عليه من أمل في تحقيق الحياة الحرّة الكريمة للجميع، وإمّا إلى الانخراط في زمرة الماسكين بأهداب منظومة استوفت حظّها من الحياة.

إلى ذلك سمعت من يلوّح باعتزامه مقاطعة الانتخابات بدعوى أنّه لا خير من هذا ولا من ذاك. قال لي أحدهم يوم أمس في معرض حوار متّصل بـ’حديث السّاعة’ : لقد قرّ قراري على الامتناع عن التّصويت لعدم ثقتي في كلا المترشّحين.

قلت: هب أنّي معك في تحفّظك على الرّجلين، لكن هل يعني ذلك بالضّرورة أنّهما على نفس القدر من السّوء، لا يختلف أحدهما إطلاقا عن الآخر ولو بمقدار مهما يكن حجمه؟

قال : كلاّ، يجوز أن يكون أحدهما أقلّ عيوبا ربّما من الثّاني، والعكس صحيح.

قلت : ما دام الأمر كذلك، ألا يغدو إذن توظيف صوتك في قطع الطّريق على ‘شرّ الشرّين’ أدنى إلى المصلحة من الإمساك عن التّصويت ؟ أليس من الحكمة في غياب من يمكن أن نسلّم له ‘محاذيرنا ومعاذيرنا’ ترجيح كفّة الأقلّ سوءا من غيره ؟ ألست معي، يا صديقي، في أنّ العطشان لا يختار لون الماء ؟ أقول ذلك على الرّغم من أنّي سأظلّ على اعتقادي الجازم أنّ ما بين المتنافسيْن بَوْنًا بائنا. هذا إن استقامت المقارنة أصلا.

أشير كذلك إلى أنّي قد لاحظت في إطار متابعتي للتّصريحات والتعاليق المتعلّقة بـ ‘قضيّة السّاعة’ ما يتردّد على ألسنة البعض من كونه سيّان عندهم فوز زيْد على عمْرو أو العكس، متعلّلين بأنّ الانتخابات تحمل أهميّتها في ذاتها أكثر ممّا تحمله في نواتجها ومخرجاتها. هذا القول بعيد، في الأرجح، عن الجديّة. إنّه من قبيل الكلام الديبلوماسي، يلوذ به أصحابه من حذّاق القول تحسّبا من الوقوع في الحرج. ولمّا كنت ممّن لا يعنيهم تبعات الإصداع بما يرونه الحقّ أقول إنّه مع إقراري بأهميّة الانتخابات في حدّ ذاتها، فإنّ التّقليل من شأن ‘الاختيار’ لا يجوز إطلاقا بما هو ‘شهادة’ سنتحمّل تبعاتها نحن ومن سيأتي بعدنا من الأجيال.

أخيرا إنّ ما يثير خشيتي حقّا هو هذا الانقسام في الصفّ الذي بدأ يشهده مجتمعنا، والذي ما انفكّ، مع الأسف الشّديد، يستفحل يوما بعد يوم، بفعل من لا يتورّعون عن صبّ الزّيت على النّار من سياسيين وصوليين، وإعلاميّين موتورين، ومن ‘طليعة’ (أو هكذا خلناها على الأقل) محسوبة على المثقّفين والأكاديميين والخبراء والمبدعين، ممّن يأبوْن أن يتّقوا الله في شعبنا لكونه فقط لم يعد يرى خيرًا في منظومة عانى من أمرها رهقًا، متغافلين عن ‘أنّ الحرب أوّلها كلام’.

إنّ ما يقضّ مضجعي، بقطع النّظر عمّن سيكون الفائز بقصب السّبق في الدّور الثّاني للإنتخابات الرئاسية، هو ما يمكن أن تغرق فيه بلادنا في القادم القريب، لا قدّر الله، من فوضى يمكن أن تعيدنا إلى أسوأ ممّا كنّا عليه قبل الثورة، على غرار ما هو حاصل في بلدان شقيقة أخرى تشهد مثلنا نفس الصراع بين قديم وجديد، أو إن شئت قل بشيء من التجوّز ربّما، بين الحقّ والباطل. ولا يغرنّكم خطاب التهوين من خطر ذلك ‘الشيطان’ الرابض خلف السّتار بدعوى أنّنا أكثر ذكاء وتسامحا وتجانسا من غيرنا. وليعد من شاء إلى التّاريخ ليقف على ما شهدته بلادنا في فترات عديدة من حالات فوضى واقتتال منكر مريع سالت فيها دماء التونسيّين سواقي.

كلّ ما أتمنّاه، وبقطع النّظر عمّن سيحالفه الحظّ في السّباق نحو القصر الرئاسي، أن ينحني الجميع في الآخر لحكم الصّندوق بما هو إنعكاس لإرادة الشّعب، وأن يقدّموا مصلحة الوطن على كلّ ما سواها من المآرب والمناصب والمكاسب.
وقى الله تونس من كلّ سوء، وهدى شعبها سبيل الرّشاد.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الثورة المضادة، بقايا فرنسا، الإنتخابات الرئاسية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 5-12-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
فتحـي قاره بيبـان، رضا الدبّابي، محمد يحي، حميدة الطيلوش، عمار غيلوفي، حسن عثمان، صلاح المختار، كريم السليتي، مراد قميزة، د - محمد بنيعيش، محمد شمام ، سليمان أحمد أبو ستة، خالد الجاف ، محمود فاروق سيد شعبان، سعود السبعاني، عواطف منصور، د- هاني ابوالفتوح، سلام الشماع، رشيد السيد أحمد، تونسي، عمر غازي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صفاء العربي، محمد أحمد عزوز، أحمد النعيمي، سفيان عبد الكافي، عبد الغني مزوز، عبد الله الفقير، د- جابر قميحة، د - شاكر الحوكي ، د - صالح المازقي، حسني إبراهيم عبد العظيم، المولدي الفرجاني، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صفاء العراقي، ضحى عبد الرحمن، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - المنجي الكعبي، رمضان حينوني، صالح النعامي ، د.محمد فتحي عبد العال، أحمد بوادي، أنس الشابي، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - محمد بن موسى الشريف ، خبَّاب بن مروان الحمد، د - مصطفى فهمي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمود سلطان، د. طارق عبد الحليم، فتحي الزغل، علي عبد العال، طلال قسومي، فوزي مسعود ، مصطفى منيغ، منجي باكير، محمد اسعد بيوض التميمي، أحمد ملحم، حسن الطرابلسي، د. خالد الطراولي ، يحيي البوليني، د. مصطفى يوسف اللداوي، سيد السباعي، عبد الرزاق قيراط ، د - الضاوي خوالدية، مجدى داود، أحمد الحباسي، محمد الياسين، د. صلاح عودة الله ، عزيز العرباوي، د. أحمد بشير، د- محمود علي عريقات، علي الكاش، محمد الطرابلسي، سامح لطف الله، د. عبد الآله المالكي، صلاح الحريري، يزيد بن الحسين، وائل بنجدو، إياد محمود حسين ، ياسين أحمد، جاسم الرصيف، الهادي المثلوثي، أشرف إبراهيم حجاج، العادل السمعلي، صباح الموسوي ، الناصر الرقيق، رافع القارصي، د- محمد رحال، د - عادل رضا، إيمى الأشقر، كريم فارق، سامر أبو رمان ، عراق المطيري، حاتم الصولي، د. أحمد محمد سليمان، محرر "بوابتي"، رافد العزاوي، أبو سمية، فهمي شراب، عبد الله زيدان، ماهر عدنان قنديل، محمد العيادي، إسراء أبو رمان، فتحي العابد، أ.د. مصطفى رجب، سلوى المغربي، مصطفي زهران، الهيثم زعفان، محمود طرشوبي، نادية سعد، محمد عمر غرس الله،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء