البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات محرر بوابتي

إرتداء الحجاب الإسلامي بين الرّساليّة والإمّعيّة

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 6894


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


كان الحجاب الإسلامي لفترة طويلة ممثلا للمرأة الرسالية وريثة الأنبياء حيث الوعي الوقّاد منتج الفاعلية والفرد الإيجابي، وكانت مرتديته ينظر إليها بحق على أنها كتلة مبادئ متحركة بالواقع مع ما يمثله ذلك من خطر محدق بأصحاب الطرح العقدي الإلحاقي بالغرب وهم عموم بقايا فرنسا وعلى رأسهم سيئ الذكر ومشروعه الإقتلاعي التغريبي.

وقد فهم هذا الأخير دلالات ارتداء الحجاب الإسلامي، ولذلك تصدى له، واستعمل للغرض أدوات الدولة على عادته في تمرير مشروعه الهجين المفروض قسرا على التونسيين، فكان أن استصدر ما يشبه القانون يحارب من خلاله الرساليات.

كانت مرتديات الحجاب الإسلامي في الثمانينات والتسعينات نماذج للمرأة المسلمة صاحبة الرسالة الهادفة لتغيير الواقع على أسس الإسلام وتصوره الخاص، تعتز بنفسها وبدينها وتعتبره منظومة متكاملة جديرة أن تغالب كل المنظومات البشرية، فضلا على أن تكون متماهية مع الواقع المحلي متزلفة للمتحكمين فيه طالبة رضاهم.

ثم كان أن تبدلت الأحوال، واضمحلت مفاهيم الإسلام الرسالي القاصد تغيير الواقع حسب منظومته الشاملة عبر منهج الأنبياء، لأسباب يطول شرحها.

ثم حدث أن برزت بعدها بكثافة أدوات تشكيل أذهان من تلك التي تغذيها مفاهيم تدور حول استعمال الإسلام كأداة تأبيد للواقع، وصْلا لعادة قديمة أبتدعها بنو أمية، تقوم على إيجاد فيلق من مرتزقة يحوزون على ثلاث خصلات وهي الكفاءة في علوم الدين والكفاءة في خدمة الحكام والكفاءة في تبرير الواقع من خلال الدين.

وكما كان لبني أمية ولبني العباس مرتزقة دين يسكتون عن الحق ويشرعون الواقع ضمنيا من خلال سكوتهم أو تبريرهم، من مثل مالك بن انس وأبي هريرة وغيره العشرات من أولئك الذين يحملون ألقاب الصحابي والتابعي، كان لآل سعود مرتزقة من مثل العثيمين وابن باز وآل الشيخ وغيرهم ممن يدور في فلكهم.

أنتجت أدوات تشكيل الأذهان الحديثة وخاصة التلفزات مفاهيم لإسلام حسب الطلب، إسلام وظيفي يخدم مصلحة السلطة التي تزعم شرعية دينية، إنتهى لتأبيد الواقع والإقناع بصوابيته ووجوب عدم مراجعته.

يتمحور الإسلام الوظيفي الذي تتقن إنتاجه آلة الدعاية التابعة لآل سعود، حول تضخيم التعبد الفردي وتغييب شبه تام للجانب الاجتماعي والجماعي.

أسرفت أدوات دعاية آل سعود في نشر مفهومها ذلك للإسلام الذي زينته بتسمية السلفية ومنهج أهل السنة والجماعة، وزاد البعض في تمييزه بان وسمه باسم السلفية العلمية، واسميه أنا سلفية ولاة الأمور و أخرى الإسلام الوظيفي.

تكاثرت تكاثر الفطر قنوات تروج لشيوخ يتحدثون في الدين يقولون حقا ولكنه حق ناقص، إذ أغرقوا الناس في الجانب التعبدي الفردي من صلاة وطهارة ومشتقاتهما، وغيبوا عنهم حقيقة كون الإسلام في أصله رسالة تغيير للواقع لن يتم من دون جوانب أخرى غير التعبد الفردي، وان الواقع لن يتغير ولو أنفقت عمرك كله بالصلاة والطهارة فقط.

غيبوا عنهم أن الإسلام لا يصح أن يكون أداة تبرير للواقع الفاسد، وأن الإسلام لا يمكنه أن ينتج إمعات يقادون كالأنعام، وأن الإسلام إنما جاء لتنشئة طاقات من الأحرار وليس عبيدا غايتهم أن يتخذوا الغير أربابا من دون الله، وأن الإسلام دين التحرر من كل العبوديات وعلى رأسها عبودية البشر للبشر وأخصها عبودية الناس للحكام والزعماء والشيوخ.

غيبوا عنهم أن الإسلام لا يمكن أن يكون مناطا للتقرب مع من يحاربك، وأنسوهم حقيقة أن العبادات هي أساسا أدوات للمهمة الرسالية الأصلية وان دورها تنشئة الفرد الرسالي المعد لتأدية المهمة الأكبر، ولكنهم غالطوهم، أن جعلوا الوسيلة هي الغاية بعدما غيبوا الغاية الأصيلة.

غالطوهم بعدما ضخموا الجانب الفردي التعبدي وقزموا الجانب الاجتماعي، فكان معنى ذلك أننا بإزاء مخادعين يستعملون أدوات الإسلام لتضليل الناس، فصح عليهم أنهم مرتزقة وعلماء سوء.
تنامي انتشار هذا التدين الوظيفي المشوه، ولما كان تدينا مشوها، فإن نتائجه لن تكون إلا مشوهة.

ثم إن من نتائج القصف الذهني الذي عملت أدوات آل سعود على رعايته، القول بوجوب لبس الحجاب باعتباره رمزا للعفة والتدين النسوي هكذا في المطلق من دون حديث عن تكوين شخصية إسلامية متكامة صاحبة تصور رسالي شامل يتناول كل الواقع يرفض أن يكون إمعة مستكينا طالبا رضاء الغير العقدي، وكيف لآل سعود أن يبنوا تلك الشخصية وهم أصلا يخشون أمثالها، فهم لن يعملوا إلا على بناء نماذج مشوهة، فاختزلوا التدين في لبس غطاء الرأس، اختزلوا التدين في الشكل، أعطوا تصورا مجتزئا عن التدين على عادتهم في تجزئة الإسلام.

لم تستتبع دعوات تغطية الرأس بدعوات لبناء شخصية المرأة المتكاملة التي تقوم على تقوى الله في السر والعلن وأنها لا تتميز بلباسها فقط وإنما هو الجانب الظاهر من حقيقة كونها صاحبة أمر خطير داخل مجتمع يناصبها العداء لوعيها بدورها التغييري، وأنها متميزة لأنها حاملة للواء منظومة تستهدف التغيير على خطى الأنبياء حيث لا قدسية لشيء إلا ما أمر به خالق الكون، وأنها منبوذة لأنها صاحبة موقف ترفض التبعية للغير وترفض القبول بالواقع، وأنه يوم يرحب بها فذلك الدليل على أنها أصبحت فردا من قطيع سلبي لا فرق بينها وبين الآخرين.

ولما أن كان انتشار ذلك الحجاب الشكلي إنما تمّ من طرف أدوات آل سعود، فهو الدليل على انه تدين شكلي وظيفي يخدم مفاهيم أولئك للدين وللإسلام خصوصا وللتدين بالأخص ويكرسه واقعا، وهو بعد ذلك حجاب يشترك في ظاهرة اللباس من ذلك الذي يسمى موضة، في أمرين:
أولا، أنه لباس يخضع لمقاييس التقييمات الموضوعية الواقعية من زينة وقبول ورفض، فهو بهذا المعنى لا قيمة للدين فيه.
ثانيا، هو يؤشر على شخصية سلبية متأثرة بالواقع حد الخضوع، إمعة، مجرد فرد من قطيع يقبل أن يقع التقرير له ما يلبس وما لا يلبس.

ولما كان هذا التدين الوظيفي لا يحمل من الدين إلا الشكل، فهو تدين حري أن يجابه ويسفه، و لن يتم ذلك إلا بتبيين أسسه المغالطة، وهي أن التدين الوظيفي على نمط بني أمية وآل سعود، تدين فاسد لا ينتج إلا مسلمين شكليين بعيدون من أن يكونوا مسلمين رساليين أصحاب هدف وسعْي تغييري بالواقع.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الحجاب، التدين، الإسلام الوظيفي، آل سعود، بورقيبة، المرأة الرسالية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 8-06-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سفيان عبد الكافي، محمود طرشوبي، أبو سمية، محمد شمام ، أحمد الحباسي، عبد الغني مزوز، صالح النعامي ، مصطفى منيغ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، سعود السبعاني، مراد قميزة، ضحى عبد الرحمن، طلال قسومي، صلاح الحريري، رضا الدبّابي، رحاب اسعد بيوض التميمي، يزيد بن الحسين، فتحي العابد، د- هاني ابوالفتوح، فوزي مسعود ، إيمى الأشقر، أ.د. مصطفى رجب، علي عبد العال، عمر غازي، الناصر الرقيق، د - محمد بن موسى الشريف ، إسراء أبو رمان، أشرف إبراهيم حجاج، يحيي البوليني، خبَّاب بن مروان الحمد، صفاء العربي، محمد عمر غرس الله، د - عادل رضا، الهادي المثلوثي، د. عبد الآله المالكي، سليمان أحمد أبو ستة، حسني إبراهيم عبد العظيم، الهيثم زعفان، أحمد بوادي، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد الطرابلسي، د. أحمد بشير، كريم السليتي، عراق المطيري، رشيد السيد أحمد، د.محمد فتحي عبد العال، وائل بنجدو، رافد العزاوي، إياد محمود حسين ، د. أحمد محمد سليمان، محرر "بوابتي"، سلوى المغربي، خالد الجاف ، صفاء العراقي، عبد الله زيدان، د. خالد الطراولي ، د- جابر قميحة، د- محمود علي عريقات، د - صالح المازقي، فتحي الزغل، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد الياسين، د. كاظم عبد الحسين عباس ، مصطفي زهران، منجي باكير، محمود فاروق سيد شعبان، محمد أحمد عزوز، د. صلاح عودة الله ، د - محمد بنيعيش، جاسم الرصيف، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، حميدة الطيلوش، صباح الموسوي ، فهمي شراب، كريم فارق، د - شاكر الحوكي ، محمود سلطان، سامح لطف الله، تونسي، العادل السمعلي، محمد اسعد بيوض التميمي، أحمد ملحم، سلام الشماع، ياسين أحمد، أنس الشابي، علي الكاش، مجدى داود، عبد الله الفقير، رافع القارصي، د- محمد رحال، محمد العيادي، حسن الطرابلسي، سيد السباعي، ماهر عدنان قنديل، نادية سعد، المولدي الفرجاني، عزيز العرباوي، عواطف منصور، د. مصطفى يوسف اللداوي، سامر أبو رمان ، عبد الرزاق قيراط ، د - الضاوي خوالدية، أحمد النعيمي، د - المنجي الكعبي، محمد يحي، صلاح المختار، رمضان حينوني، د - مصطفى فهمي، عمار غيلوفي، د. طارق عبد الحليم، حسن عثمان، فتحـي قاره بيبـان، حاتم الصولي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء