البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات محرر بوابتي

الإسلام الرسالي مقابل الإسلام الوظيفي

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7013


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


عمل منذ بواكير التاريخ الإسلامي على تدجين دين الإسلام وتحويله لأداة تخدير وتبرير للواقع، وكان مصداق ذلك تضخيم جانب العبادات مقابل الإضعاف حد التغييب للجوانب الأخرى التي تتناول الأبعاد الجماعية كالجانب السياسي والجانب الاقتصادي والجانب الثقافي وغيرها.

تواصل هذا المنحى الاختزالي للإسلام عبر التاريخ بل وتفاقم من خلال استحداث المذاهب الفقهية التي كرست تغول الجانب التعبدي الفردي وإفراده بأطنان من المجلدات التي تحولت أحيانا لما يشبه العبث في مسائل هي أساسا مجرد جانب مرتبط في اصل وجود مبرره بواقع ذي أبعاد تم تجاهلها بذلك الفقه الوظيفي الذي لقي دعما من كل الحكام عبر التاريخ مادام يمثل فقها يعمل على الإغراق في قضايا لا تمس الواقع الذي يديره الحكام كما يريدون
أي أن لازم وجود الفقه الحالي مرهون في وجوده بأبعاد أخرى رغم أهميتها لم يتناولها الفقه الوظيفي

كانت عمليات تجزئة فهم الإسلام تعمل على إنتاج تدين وظيفي، يؤدي أدورا تابعة للمتحكمين بالواقع، سياسيين غالبا ولكنهم أحيانا أخرى أصحاب مصالح إقتصادية ومرتزقة دين وغيرهم من المنتفعين من المحافظة على الواقع

حديثا وقع الأخذ بالتصور التجزيئي للإسلام ووقع العمل بالفقه الوظيفي وانتهينا لإسلام محصور في جوانب التعبد الفردي

انتهينا أن أصبح الفرد الملتزم النموذجي هو من يكون مواظبا على عباداته الفردية فقط، مهملا للواقع.
انتهينا لفرد يفهم الإسلام انه غض الطرف عن الدنيا وتركها لأصحاب الدنيا كما يقال، همه التنقيب عن دقائق الفقه في الغسل وشروط صحة الصلاة وما شابه، رغم أنها مسائل أشبعت درسا عبر قرون ويكفيه منها ما تيسر بل وان اخطأ فيها فليس ذلك مما يمثل خطرا على وجوده كمسلم، مقابل عدم اهتمامه بل نفيه لان يكون تغيير الواقع حسب منهج الأنبياء من الإسلام، رغم ان فساد الواقع وتركه تحت سيطرة أعداء الإسلام يهدده كفرد مسلم في دينه بل وفي وجوده.

وصلنا لإسلام أصبح فيه الفرد النموذجي يتبع منهجا غريبا ما دعا إليه الإسلام وما استنّه نبي الإسلام ولا الأنبياء من قبل
وصلنا لإسلام أصبح فيه الفرد النموذجي يختزل الإسلام في حفظ القرآن رغم أهميته متناسيا أن الإسلام قام على أناس لم يكونوا يحفظون من القرآن إلا اقله وهم الصحابة خيرة المسلمين، حيث لما مات نبي الإسلام لم يكن يحفظ كل القرآن من جملة الاف الصحابة الا حوالي العشرة.

وصلنا لفرد يتصور انه بالتمكن من الفقه فقط قد أفلح ولم يعرف انه بفساد الواقع وتركه بيد أعداء الإسلام، فلن ينفعه الفقه ولا حفظ القرآن.

وقع تغييب حقيقة أن الإسلام هو أساسا رسالة لتغيير الواقع وما العبادات الفردية إلا أداة لحسن أداء أمر خالق الكون في أسلمة الواقع بكل أبعاده وهي المهمة التي أنتدب إليها و أداها كل الأنبياء، فموسى لم يكن داعيا للصلاة فقط و إلا فلماذا يتصدى لفرعون، والدعوة للصلاة لم تكن دافع لوط في التصدي لقومه، أما شعيب فكان همه محاربة الفساد الاقتصادي وليس إقامة الصلوات، ولو كان الأنبياء همهم إقامة الصلاة مجردة من أي بعد آخر أو العمل العبثي على التعمق في الفقه، لما كان من داع لبعثتهم أصلا، فكل الديانات المحرفة والوضعية لها طقوس صلاة إبتداء، والصلاة ان لم تكن ذات هدف توحيدي رسالي، يستوي فيها ان تؤديها لخالق الكون او تؤديها لمخلوق صنما او غيره.

لقد انتهينا لإسلام أصبحت فيه الوسيلة هي الهدف

الإسلام الرسالي يجعل من أتباعه مهمومين بخطورة انتشار اللغة الفرنسية و تغلغل التواجد الفرنسي بتونس مثلا أكثر من اهتمامهم بالجوانب التعبدية الفردية على أهميتها، مشغولين باستنباط طرق التصدي للتبعية للغرب أكثر من انشغالهم بدرس صلاة الجنازة أو غسل الحائض أو أيهما أفضل النوم على الشق الأيمن أو الشق الأيسر.

التصور الرسالي للإسلام يجعل أتباعه رافضين لفكرة أن تكون تابعا للغير العقدي فضلا على أن تستشيره في ما تفعل، فضلا على أن تقبل سماع شيوخ يبررون ذلك.

الإسلام الرسالي يجعل المسلم ذا أفق بعيد وسقف عال يرفض الإغراق في الفقه الوظيفي الموروث مقابل إلهائه عن الواقع.

المسلم الرسالي يرفض الفهم القائل أن الإسلام دين للآخرة فقط، لأنه يعتبر على العكس الإسلام دين خلق للدنيا خلق لتغيير الدنيا وأسلمتها حسب مفاهيمه.

المسلم الرسالي يرى ان النجاح في الآخرة لن يكون ممكنا ما لم يكن هناك سعي في أسلمة الدنيا، وهو يفهم ان هذا هو معنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.




 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الإسلام، الإسلام الرسالي، الرسالة، الإسلام الوظيفي، الإسلام التخديري،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 18-04-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. مصطفى يوسف اللداوي، المولدي الفرجاني، إسراء أبو رمان، صالح النعامي ، د - محمد بنيعيش، أحمد بوادي، نادية سعد، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د- محمد رحال، مصطفي زهران، د- محمود علي عريقات، عزيز العرباوي، سيد السباعي، سليمان أحمد أبو ستة، علي الكاش، د - عادل رضا، أحمد ملحم، ماهر عدنان قنديل، الهادي المثلوثي، حسني إبراهيم عبد العظيم، مجدى داود، طلال قسومي، فتحي العابد، أحمد النعيمي، محمد الطرابلسي، محمد عمر غرس الله، محمود طرشوبي، مراد قميزة، يزيد بن الحسين، الناصر الرقيق، د - شاكر الحوكي ، د. عادل محمد عايش الأسطل، د.محمد فتحي عبد العال، محمد اسعد بيوض التميمي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. عبد الآله المالكي، فتحـي قاره بيبـان، عراق المطيري، حميدة الطيلوش، محمد شمام ، عبد الغني مزوز، سامر أبو رمان ، سامح لطف الله، سلام الشماع، صفاء العربي، ضحى عبد الرحمن، عبد الله زيدان، رمضان حينوني، محمد الياسين، خالد الجاف ، حسن عثمان، د. أحمد بشير، أبو سمية، أحمد الحباسي، صلاح الحريري، حاتم الصولي، كريم السليتي، إيمى الأشقر، رافع القارصي، مصطفى منيغ، د- جابر قميحة، رشيد السيد أحمد، فوزي مسعود ، كريم فارق، أنس الشابي، علي عبد العال، خبَّاب بن مروان الحمد، سعود السبعاني، ياسين أحمد، د - محمد بن موسى الشريف ، إياد محمود حسين ، د - الضاوي خوالدية، محمد أحمد عزوز، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رحاب اسعد بيوض التميمي، محرر "بوابتي"، د - صالح المازقي، د. أحمد محمد سليمان، أ.د. مصطفى رجب، منجي باكير، يحيي البوليني، محمود سلطان، د. طارق عبد الحليم، فهمي شراب، رافد العزاوي، صفاء العراقي، أشرف إبراهيم حجاج، الهيثم زعفان، حسن الطرابلسي، عبد الله الفقير، محمد يحي، صباح الموسوي ، د. صلاح عودة الله ، عبد الرزاق قيراط ، د- هاني ابوالفتوح، العادل السمعلي، عمر غازي، رضا الدبّابي، وائل بنجدو، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صلاح المختار، د. خالد الطراولي ، عمار غيلوفي، د - مصطفى فهمي، محمد العيادي، د - المنجي الكعبي، محمود فاروق سيد شعبان، سلوى المغربي، فتحي الزغل، تونسي، جاسم الرصيف، عواطف منصور، سفيان عبد الكافي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء