البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات محرر بوابتي

الرد على المغالطات في مسألة اليوم العالمي للمرأة

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7275


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


تنادى الكثير للاحتفال بما أعلنوه كيوم عالمي للمرأة، ثم إن طائفة من التيار الإسلامي من أولئك الذين ما انفكوا مهمومين بالتماهي مع الواقع المحلي والغربي على السواء والسعي لإرضائه، سرعان ما أعلنوا تبنيهم لتلك المناسبة.

سأحاول أن أبرهن على أن اليوم العالمي للمرأة لا يعدو أن يكون احد مظاهر الفهم الغربي في آخر مراحله بسياقه التاريخي والمكاني للفرد والأسرة والمجتمع، وان تلك المناسبة من جانب آخر لا تنبني على أسس علمية من حيث فكرتها.

- الفكرة في مختلف تنزيلاتها وهي الكلام والفعل والكمون، من حيث قيمتها هي علم مؤدي لليقين أو الظن الغالب (حسب المنهج التجريبي المادي الذي يرفض اليقينات) الممكن البرهنة عليه، أو هي دون ذلك.

-العلم إما أن يكون نظريا مبنيا على قبليّات عقلية أولية وثانوية (مبدأ عدم التناقض ...) أو استقرائيا، والاستقراء أما أن كون نظريا وإما أن يكون تجريبيا.

- خلو الفكرة من العلم يجعلها من دون قيمة بل وينزع عنها أصلا اصطلاح الفكرة، وذلك إنما يكون نتيجة تلبسها بخاصيات شابت عملية إنتاجها منها التوهم والانطباع والمصادرة والدور والتسلسل وغيرها.

- المصادرة كأسلوب لإنتاج المعاني الفاسدة تعتبر الطريقة الأكثر استعمالا في المغالطات بتونس حسبما أرى، وهي إما مصادرة على المطلوب وإما مصادرة مطلقة. أما الأولى فهي حينما يكون الانطلاق من افتراض صحة احتمال دون الآخر لموضوع ذي احتمالات متعددة هو محل تناول، فهي عملية ترجيح من دون مرجح وهذا لا يصح منطقيا. والثاني أن يكون أيضا ترجيح من دون مرجح ولكن من دون تعلقه بموضوع محل نقاش و إنما يكون المتحدث صاحب المغالطة هو الذي يختار الموضوع ويحدد فرضيات الصحة لوحده.

- أَصِل بعد كل هذا لخلاصة تتعلق بموضوعنا وهي أن فكرة اليوم العالمي للمرأة يجب لتناولها تناولا علميا أن ننظر في مدى توفرها على شروط التفكير العلمي أم تراها مبنية على مصادرات وتحكم خارجي.

- إفراد المرأة بيوم عالمي هو نتيجة تطور التجربة الغربية في تناول مسالة المرأة في بداية القرن العشرين، وبالتحديد الفكر اليساري بخلفيته الفلسفية ورؤيته للفرد والمجتمع والكون، فالأمر إذن يتعلق بفكر بشري نتيجة واستجابة لمتطلبات تاريخية وجغرافية تتعلق بارورويا أساسا، ونقل تلك التجربة لباقي العالم يفترض أن تلك التجارب ومشاكل الأسرة و المرأة من ضمنها وتصورات الناس لهذين العنصرين وحلولهم لها هي ذاتها بباقي العالم، وهذا افتراض غير مبرهن عليه فهو مجرد مصادرة وتحكم لتفسير عملية الإسقاط تلك، وهي بالتالي عملية غير علمية.

- إسقاط حلول لقضايا غير قضايانا، سيكون طريقا لاستيراد مشاكل غير متأصلة لدينا، لان الحل المستورد يستبطن وجود تلك المشاكل، وفرض حل مشاكل غير موجودة ابتداء لا يمكن أن يتم إلا بعد أن يتم إيجاد تلك المشاكل بالاصطناع، وهي وان كانت غير موجودة بالطريقة التي وقع تناولها بالغرب يتم محليا تطويعها لتصبح كما وقع تصويرها هناك، فيصبح حل قضية المرأة بمشاكلها التي عرفتها في التجربة الغربية منبتا وإعادة زرع تلك المشاكل من جديد لدينا، وعليه فان إسقاط الحلول والتجارب الغربية يكون عادة أداة لإيجاد مشاكل إضافية لدينا.

- يقوم الفكر الغربي المنشئ لفكرة اليوم العالمي للمرأة على أصل ينادي بشيء مستحدث يسميه قضية المرأة. وهو يتبني معيار الجنس (ذكر / أنثى) حين الحكم ومناقشة القضايا.

- إفراد المرأة بالتناول هو تصور مبني على النظرة الجنسية للأشياء، وهذا الوجه للنظر إما أن يكون متأت من مسلمات عقلية قبلية أو متأت من استقراء، أما عقليا فهذا غير ثابت، والدليل عليه أن البشرية العاقلة لم تجد حاجة أولية لاعتماد مقياس الذكر والأنثى في النظر كحاجتها للوصول للبديهيات من مثل أن الواحد مع الواحد يساوي اثنين، وان الوجود والعدم يستحيل إجتماعهما معا، فهذا الكلام إذن ليس علما عقليا قبليا بديهيا بل هو من النظر الاستقرائي، ولنرى الآن مدى صحته في ذلك الجانب.

- الجنس (ذكر / أنثى) هو أحد صفات أو خواص أو أعراض الموضوع، مثله مثل باقي الخواص كاللون والوزن والعمر والمستوى التعليمي، وإفراد إحدى الصفات بالإعتماد كمقياس من دون علة لايجوز، وثبت بالتالي أن التناول المبني على الجنس كلام غير علمي وإنما هو مجرد تحكم ومصادرة.

- لو افترضنا صحة التناول الجنسي لعلة ما غير معروفة يمكن أن يثبت وجودها فيما بعد، فان التناول الجنسي يجب أن يشمل الذكر والأنثى وليس جنس الأنثى فقط، ولكن هذا لا يحصل واقعا، مما يؤكد أن التناول الجنسي ليس كذلك وإنما هو تناول أنثوي، وهو تفريع عن خاصية، فهو تفريع عن تفريع عن موضوع، فالأمر هو فعلا مصادرة وعمل انطباعي، مما يجعله غير مؤهل لأن يعتمد كمقياس علمي للنظر والتصنيف.

- الجنس (ذكر / أنثى) هو صفة متأخرة في الوجود عن موضوعه أو بأكثر دقة عن أصل موضوعه أي ماهيته، أي أن الجنس هو صفة / خاصية / عرض مضافة لموجود ما، والتناول إنما يتعلق بما هو سابق في الوجود وهو لا يكون إلا الموضوع بطريقة تجوّز أو بالماهية، ولذلك يوصف التناول العلمي بالتناول الموضوعي، وإذا كان يصح أحيانا اختزال الموضوع وتكثيفه في صفة / خاصية / عرض، فإن الاختزال يقع في خاصية الماهية، وهي الخاصية التي تمثل بطريقة فريدة وغير متكررة الموضوع ككل، والجنس لما كان خاصية مشتركة بين العديد من الموجودات فإنه يستحيل أن يكون ماهية، ويستحيل اعتماده بالتالي كمقياس تناول علمي.

- بمعنى آخر فان التناول العلمي المؤدي ليقين أو ما قاربه من ظن غالب، لا يكون إلا موضوعيا وليس مبنيا على أي صفة أخرى ومنها صفة الجنس، لان صفة الجنس ليست صفة في كل موجود ثم إنها لا تعكس كل حقيقة الموضوع المدروس في الحالات التي توجد بها خاصية الجنس.

- ونصل من كل هذا لان التناول المبني على إفراد المرأة بالاحتفال ومنه اليوم العالمي للمرأة، مواقف انطباعية لا قيمة لها، وتبني مثل تلك المناسبات هو من نوع الإمعية الثقافية التي يجب الكف عنها.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

اليوم العالمي للمراة، ذكرى يوم المرأة، المرأة، حرية المرأة، الغزو الفكري،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 12-03-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
مراد قميزة، أحمد النعيمي، عبد الرزاق قيراط ، خالد الجاف ، د - صالح المازقي، د - شاكر الحوكي ، حاتم الصولي، د. طارق عبد الحليم، منجي باكير، سليمان أحمد أبو ستة، د- جابر قميحة، العادل السمعلي، حسن عثمان، حسن الطرابلسي، أحمد الحباسي، عزيز العرباوي، علي عبد العال، صلاح الحريري، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د- محمد رحال، عبد الغني مزوز، سامر أبو رمان ، د - مصطفى فهمي، محمود فاروق سيد شعبان، رافع القارصي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، سعود السبعاني، مجدى داود، أحمد ملحم، د - المنجي الكعبي، د. أحمد بشير، عمار غيلوفي، د. عبد الآله المالكي، أنس الشابي، د. أحمد محمد سليمان، ماهر عدنان قنديل، فتحي العابد، فوزي مسعود ، وائل بنجدو، سفيان عبد الكافي، سيد السباعي، محمود طرشوبي، د.محمد فتحي عبد العال، سلوى المغربي، محمد شمام ، رضا الدبّابي، محرر "بوابتي"، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صفاء العربي، رافد العزاوي، د - محمد بن موسى الشريف ، أ.د. مصطفى رجب، عمر غازي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أبو سمية، حسني إبراهيم عبد العظيم، يحيي البوليني، محمد اسعد بيوض التميمي، د - عادل رضا، د - الضاوي خوالدية، حميدة الطيلوش، صفاء العراقي، الهيثم زعفان، محمد أحمد عزوز، عراق المطيري، محمد عمر غرس الله، كريم فارق، د. خالد الطراولي ، رمضان حينوني، مصطفى منيغ، تونسي، صلاح المختار، عبد الله زيدان، الناصر الرقيق، سامح لطف الله، إسراء أبو رمان، د- محمود علي عريقات، د- هاني ابوالفتوح، يزيد بن الحسين، كريم السليتي، فتحـي قاره بيبـان، محمود سلطان، محمد الطرابلسي، عبد الله الفقير، إياد محمود حسين ، ضحى عبد الرحمن، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رشيد السيد أحمد، د. صلاح عودة الله ، إيمى الأشقر، المولدي الفرجاني، عواطف منصور، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد العيادي، د. مصطفى يوسف اللداوي، جاسم الرصيف، د. عادل محمد عايش الأسطل، نادية سعد، صالح النعامي ، طلال قسومي، د - محمد بنيعيش، محمد الياسين، محمد يحي، علي الكاش، فتحي الزغل، ياسين أحمد، فهمي شراب، الهادي المثلوثي، أحمد بوادي، سلام الشماع، أشرف إبراهيم حجاج، رحاب اسعد بيوض التميمي، صباح الموسوي ، مصطفي زهران،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء