البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الاتفاق الجنائي

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - ألمانيا    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 991


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لست ضليعاً بالقانون لأتفلسف بموضوعاته وفروعه، ولكني درست القانون بدرجة جيدة في الكلية على أيدي أساتذة أفاضل، وأعتقد أنهم بذلوا جهداً طيبا معنا، بدرجة صار بوسعنا التعامل مع قضايا قانونية، وبالنسبة لي، أظن أنه صار بمقدوري أن أستخدم فهمي للقانون فيما أريد استخدامه في مجالات السياسة والعلوم السياسية. وأريد بهذه المداخلة أن ألقي الضوء وأشعل مصباح التنبيه ...!

أخ وزميل بل هو صديق العمر، (اللواء الدكتور حكمت موسى) أنجز أطروحة دكتوراه رائعة قرأتها بدقة تامة، وتولى هو مشكوراً إيضاح فقرات منها لي، والأطروحة كانت بعنوان " موانع المسؤولية الجنائية " وحضرت دفاعه في جامعة بغداد ونال الدكتوراه بأستحقاقه وتميزه بدرجة الأمتياز حقاً وفعلاً، ومما يفيدني الآن ذكره واقتباسه، هو أن موانع المسؤولية عديدة منها: فقدان المتهم الأهلية العقلية (لأي سبب من الأسباب العديدة)، ومن مباحث موانع المسؤولية، أن يزعم موظف حكومي (جندي، شرطي، موظف حكومي) الدفع عن مسؤوليته بجريمة ارتكبها، أن " قادتي / مدرائي/ المسؤولين الكبار، أمروني بالقيام بهذا الفعل ". على أساس دفع مسؤوليته عن الجريمة التي ارتكبها.

وهذه الذريعة (أمرني رؤسائي) تذرع بها مجرموا حرب ممن أتهموا بأعمال قتل منظمة، أو إبادة للسكان، أو تصفيات سياسية وعرقية، خلال الحرب العالمية الثانية، وأثارت هذه مناقشات عميقة في فقه القانون لدى محاكمة هؤلاء المجرمين أمام المحكمة الدولية في نورنبرغ في أعقاب الحرب العالمية الثانية / 1945. وتوصل مشرعون وفقهاء من عدة دول عدم اعتبار مقولة " أمرني رؤسائي " ذريعة، ودفعاً غير مقبول عن إسناد الجريمة والتجريم، باعتبار ليست هناك سلطة قانونية تتيح فعل مخالف للقوانين، وبالفعل أدين عدد من هؤلاء ومنهم مدراء سجون وآمري وقادة تشكيلات قامت بتصفيات بشرية على أساس العرق، وأطباء أجروا تجارب طبية على أسرى حرب وسجناء، أو منعوا عن السجناء المرضى العلاج ليموتوا ببطء. فهؤلاء الأشخاص ومن يماثلهم بالفعل تنطبق عليه بدقة تامة جرائم القتل والإبادة. وأن هذا الصنف من الجرائم لا تسقط بالتقادم. بل ويمكن إثارة الدعوى على من قام بها حتى بعد وفاته ومقاضاته وتجريمه.

كنت قد كتبت غير مرة عن هذا الموضوع، ولكن ما أريد إليه الإشارة اليوم، هو مسؤولية، ليس من يصدر الأوامر فحسب (القائد، الآمر، رؤساء الهيئات)، بل ومن معه ممن يشترك في القرار بحكم المسؤولية الجماعية للقيادات السياسية والحكومية بالتكافل والتضامن، ولا ينفعه قوله ودفعه أني لم أكن أعلم ما يدور، أو لم أكن أعلم أنها جريمة فهناك قاعدة فقهية معروفة " لا يجوز الدفع بجهل القانون " فعلى سبيل المثال أن أعضاء أي حكومة هم في الواقع متضامنون متكافلون، في الأعمال والنتائج خيرها وشرها. وهنا أريد التنويه، أن الموافقون على القرارات في معرض الحاجة إليه، يشتركون في المسؤولية الجنائية بحكم الاتفاق الجنائي كفريق واحد وتحملون تبعات قاراتهم وما ينجم عنها.

ويسري في هذه الحالات أحكام وتفاسير الاتفاق الجنائي:

ــ إذا أتفق شخصان أو أكثر على ارتكاب مخالفة للقانون، جناية كانت أو جنحة، واتخذوا العدة على وجه لا يتوقع معه أن يعدلوا عما اتفقوا عليه، ويعد كل منهم مسئولاً عن اتفاق جنائي ولو لم تقع الجريمة موضوع الاتفاق، أو خاب أثره .

ــ إن الاتفاق الجنائي، او كما يسمي الاتفاق علي إتيان جريمة معينة، إنما هو عبارة عن تلاقي إرادتين بين شخصين أو أكثر علي ارتكاب جريمة معينه، علي ان تكون لكلا منهما مصلحه فيها، ويقوم كلا منهما بارتكاب فعل او جزء من الركن المادي المكون للجريمة، وفي تلك الحالة، ويعد من اتفق علي أن يقوم بإتيان الجريمة، شريكا في الجريمة، أو شريكا في الركن المادي للجريمة وبالتالي فأنه ينال عقوبة الفاعل الأصيل، إلا إذا نص القانون علي عقوبة اخري للشريك في الجريمة.

ــ الاتفاق الجنائي هو اتفاق بعض الأشخاص على القيام بجريمة للوصول إلى هدف معين .سواء نفذ هذا الاتفاق أو لم ينفذوا وسواء أن وقع الفعل أم لم يقع .ومجرد الاتفاق على تلك الفعلة لا يعفي المتفقين من العقوبة، لأن ركن الجريمة قد تم اكتمل حتى ولو كان المتفقون يجهلون القانون الجهات المعنية لا تنتظر وقوع الجريمة لكنها تسعى لمنع وقوعها.

هذه مداخلة قانونية أعتقد أنها تصلح لسوق كل من ساهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بحكم وجوده ضمن مجموعة الاتفاق بالنتائج ومستحقاتها. وبتقديري من يمارس مسؤولية تنطوي على أفعال وإجراءات ينبغي عليه أن يتأكد سلامة هذه الأعمال وعدم تعارضها مع القانون بما لا يضعه تحت طائلته، لا سيما .. وهنا يستحق التأكيد أن :
• جرائم الإبادة والمنافية للحقوق الإنسانية لا تسقط بالتقادم، وشخصيا شهدت محاكمات على جرائم مر أكثر من 30 عاماً على حدوثها،
• وليس بوسع جهة أو دولة أن تمتنع من تسليم مدان بواحدة من هذه الجرائم.

أفترض أن هذه المداخلة ستثير العديد من ردود الأفعال، وهي غاية البحث وهدفه، إشاعة وعي قانوني بين الناس، وأعتقد أن ملاحظات ومداخلات الزملاء القانونيين ستكون ذا أهمية وفائدة خاصة.



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

القانون، العقاب، الأحكام، الجزاء،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 12-04-2021  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا
  من معارك العرب الكبرى : معركة أنوال المجيدة
  نظرية المؤامرة Conspiracy Theory
  نوع جديد من الحروب
  نبوءة دقيقة
  الولايات المتحدة منزعجة من السياسة المصرية ...!

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سليمان أحمد أبو ستة، ضحى عبد الرحمن، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أنس الشابي، محرر "بوابتي"، عبد الغني مزوز، رافع القارصي، عمر غازي، مراد قميزة، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سامر أبو رمان ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد ملحم، مجدى داود، سلوى المغربي، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد أحمد عزوز، د.محمد فتحي عبد العال، عواطف منصور، يحيي البوليني، كريم السليتي، د. صلاح عودة الله ، فهمي شراب، محمد الطرابلسي، حسني إبراهيم عبد العظيم، كريم فارق، د - محمد بن موسى الشريف ، حسن الطرابلسي، علي الكاش، خالد الجاف ، أحمد بوادي، د. أحمد محمد سليمان، مصطفى منيغ، صلاح المختار، مصطفي زهران، د - محمد بنيعيش، فتحي العابد، د - صالح المازقي، صفاء العربي، محمد عمر غرس الله، د- جابر قميحة، فتحـي قاره بيبـان، جاسم الرصيف، أ.د. مصطفى رجب، محمد اسعد بيوض التميمي، يزيد بن الحسين، وائل بنجدو، تونسي، د- محمود علي عريقات، رضا الدبّابي، حسن عثمان، ياسين أحمد، د. طارق عبد الحليم، محمد يحي، محمد العيادي، د. عبد الآله المالكي، علي عبد العال، خبَّاب بن مروان الحمد، سعود السبعاني، أحمد الحباسي، د- محمد رحال، سلام الشماع، إيمى الأشقر، د. أحمد بشير، الناصر الرقيق، أشرف إبراهيم حجاج، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. خالد الطراولي ، منجي باكير، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - المنجي الكعبي، رحاب اسعد بيوض التميمي، صلاح الحريري، د- هاني ابوالفتوح، سيد السباعي، فتحي الزغل، رمضان حينوني، عزيز العرباوي، حميدة الطيلوش، محمد شمام ، ماهر عدنان قنديل، الهادي المثلوثي، نادية سعد، صباح الموسوي ، طلال قسومي، فوزي مسعود ، سامح لطف الله، د - عادل رضا، إياد محمود حسين ، رشيد السيد أحمد، محمد الياسين، الهيثم زعفان، د - شاكر الحوكي ، أحمد النعيمي، رافد العزاوي، صالح النعامي ، حاتم الصولي، عمار غيلوفي، محمود فاروق سيد شعبان، سفيان عبد الكافي، صفاء العراقي، عبد الرزاق قيراط ، إسراء أبو رمان، عبد الله الفقير، محمود سلطان، عبد الله زيدان، المولدي الفرجاني، العادل السمعلي، محمود طرشوبي، عراق المطيري، د - الضاوي خوالدية، د - مصطفى فهمي، أبو سمية،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة