البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

صوت العقل

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 1489


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


ما وصلنا اليه اليوم بعد عشر سنوات من الثورة وصلنا اليه بسبب إسقاط نظام رئاسي مطلق، كان يحكمنا تحت مسمى نظام جمهوري ديمقراطي دستوري مقيّد بسلطات ثلاث مستقلة وبرلمان ذي غرفتين ومحكمة دستورية، وكلها مؤسسات صورية. وهو نظام موروث عن نظام سابق بنفس الاسم ولكن بغرفة واحدة ولون حزبي واحد ومحكمة دستورية غير قائمة حتى تاريخ نهايته. وهذا النظام الموروث من عهد الاستقلال مع تغيير شكلي فيه هو النظام الرئاسي الجمهوري البورقيبي خلفاً للنظام الملكي الحسيني المقيد بالحماية الفرنسية الذي كان سائداً قبل الاستقلال.

وكالاقتصاد، كل نظام اقتصادي تبنيناه بعد الاستقلال لا نكاد نمضي فيه سنوات قليلة حتى نتراجع عنه الى غيره بعنوان فشله حتى لا نقول فشلنا فيه لعدم الأخذ به بحكمة واعتدال وملاءة وتضحيات، وكذلك نظام التربية، مع أننا أمة مترامية الأطراف ولها مقومات وثوابت واستعداد للتضحية من أجل المبادئ العليا.

وكل شعب تسوء تربيته تحت الاستعمار أو الاحتلال أو تحت مسمى أيّ نظام غير وطني، بالمفهوم السامي للوطنية القائمة على احترام الأصول والمقومات، يكون نظامه السياسي هو المرآة له أو العكس بالعكس.

فقد أورثنا الاستعمار التنازع على السلطة لتفشل ريحنا بمقابل إحكام سيطرته على مصائرنا الاقتصادية والاجتماعية، والسياسية طبعاً. فقامت السياسة عندنا على الرفض والاعتراض وعدم التسليم بأمر من الأمور إلا بعد تمحيصه بالمصالح القريبة والأغراض الدنيا، فإن لبّاها كالحيوان أخذْنا به وإلا نازعناه حتى تفشل ريحنا، ولولا أن عمقنا الديني بعيد تاريخاً وجغرافية لفرطنا في كلّ نضال أو جهاد انخرطنا فيه لاستعادة كرامتنا وحريتنا قبل كل شيء.

فهل سنقبى سنيناً أخرى بعد المدة الطويلة من استلام زمام أمورنا بأيدينا قبل أن نتخلص من مخلفات الماضي الذي ابتلانا الله به على يد محتلين أو مغتصبين لأرضنا ومناوئينا لحريتنا وحرمتنا وكرامتنا، فنصير الى جهاد من نوع جديد هو جهاد الإسلام أي الاذعان للسلطة التي تحكمنا لنترك السبيل أمامَها لتعبيد الطريق امامَنا من أجل التنمية والتقدم العلمي لضمان الغلبة والقوة في عالم متصارعة دوله على مثل ما نتوق اليه.

فكل ما هو نزاع بين السلطات الثلاث كالمشاهد اليوم هو نتيجة طبيعية لدستور وقوانين وُضعت بعد الثورة لاتّقاء عودة الديكتاتورية تحت أي مسمى مغشوش لابتزاز الشعبية والديمقراطية وصندوق الانتخاب.

وما دام متعذراًً بسبب هذا الدستور وقانونه الانتخابي من قيام نظام يحظى بالأغلبية المطلقة لحزب من الأحزاب بمجلس النواب، فيتبقّى أن نتعوّد بهذه الأغلبيات النسبية المتألفة من أحزاب ومستقلين حتى الأكثر تضارباً فيما بينها في المبادئ والمصالح، كالتحالفات التي شاهدناها أكثر من مرة.

و«النهضة» أو أي حزب يكون له التقدم على غيره انتخابياً إلا ويجد نفسه مدفوعاً بحكم هذه النسبية للتحالف مع غيره واعتبار نفسه نواة للحكومة المنبثقة دستورياً عنه مع تجديد الثقة لها أو سحب الثقة منها دفاعاً عن تصدره للعملية الديمقراطية بمجلس نواب الشعب، وشعوره العميق بأنه مغدورٌ بأغلبيته الشعبية من المنطلق سياسياً بعد الثورة.

فالتطرف اللفظي للمعارضة فيما بينها كأحزاب وبينها وبين أحزاب الموالاة وارد، ومهما يبلغ مبلغه في العنف والمشاكلة فإنه معبر على وضع دستوري وديمقراطي يمكن أن يعيشه كل طرف يقبل بالدخول في برلمان بهذا اللون المتعدد الأطياف الذي اخترناه بعد الثورة بديلاً عن النظام ذي اللون الوحيد حزبياً وبرلمانياً.

والتنافس قد يرقى الى التنازع في الصلاحيات بين السلطات، ولا ينتعش هذا التنازع إلا في ظلّ غياب المحكمة الدستورية، لأنها الوحيدة التي تكون لها الكلمة الفصل في النزاع. ولا يمكن أن نقول إن غيابها كان مقصوداً لكيلا تشعر كل جهة من جهات السلطة أنها مضروب على يدها في الدفاع عن مصالحها عند كل اعتداء حتى مفترض، على مشمولاتها ومهامها. ولذلك سيبقى قيام هذه المحكمة التي انتهت رسمياً مدة قيامها في الأجل المقرر دستورياً بعام واحد معلقاً دون أن تقوم تبعات على أي مجلس نواب قادم بحلّه في صورة عجزه عن تحقيق وجودها في المشهد الدستوري المتوازن للمؤسسات في الدولة.

فهذا الوضع الدستوري الذي نعيشه أصبح بالتعوّد قابلاً لكل تبرير قانوني أو دستوري مناوئ للآخر، لأن التنازع أصل للأشياء المتنافسة على المصلحة، كل من وجهة النظر التي يتولاها وهو على رأس أحد هذه السلطات أو الرئاسات الثلاث، رئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة ورئاسة الدولة. ولذلك يصبح كل خرق ليس أهون من غيره، الى أن نصل الى وضع أفضل بعيد عن المغامرة والتآمر، يلتقي فيه الجميع على قاعدة من التعاون والاحترام والتفاهم، منعاً للفتنة لأن الفتنة يمكن أن تأتي من أعتاب هذه المؤسسات، والتي يعلّق الشعب على نضج مسؤوليها وأطرافها وحكمة زعمائها. لأن الوحيد الذي سوف لا يفقد بوصلة المستقبل هو الشعب وحُكمه دون ريب أقسى ما يكون على غير الرحماء به والمتلاعبين بثقته.

-----------------------------
تونس في ١٦ جمادى الآخرة ١٤٤٢ ه‍‍

٣٠ جانفي ٢٠٢١م


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، قيس سعيد، هشام المشيشي، راشد الغنوشي، النظام الإنتخابي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 31-01-2021  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  المرحوم قاسم بوسنينة مثال نادر من الرجال المخلصين
  فعل المستحيل، أو بعبع حق النقض في يد إسرائيل بالتناظر لأمريكا
  أفكار يجرفها الطوفان
  كل ما تخسره إسرائيل بتطاول مدة الحرب تكسبه حماس
  يهود العالم في ولايات متحدة أمريكية صهيونية
  هدنة تفتح على حل دائم وإلا عودة لحماس أشد بأسا
  معركة الأسرى أقوى من معركة السلاح وفتيل النار
  كل الغثاء حمله الطوفان
  رب درس تأخذه من عند غير مدرس ولو من طوفان
  في غزة طوفان دموع اختلط بطوفان الأقصى
  فرنسا من المعاداة للسامية إلى المؤاخاة للصهيونية
  قمة العرب والمسلمين لمساندة طوفان الأقصى في غزة بما أوتوا من قوة الإختلاف والإئتلاف
  فلسطين بطوفان الأقصى دخلت حرب التحرير بالمعنى الجزائري الفريد
  إهلال الإسلام على الكون الجديد
  "‏الفيتو" الأمريكي البريطاني الفرنسي ملطوخ في غزة
  ‏إسرائيل تقتل نفسها عرقا عرقا في غزة
  إسرائيل «غريبة» أوروبا في الشرق الأوسط
  هذه حرب ظالمة لا حرب دفاع عن النفس
  مال الإسلام إرهاب
  الصراع الأمريكي الإسرائيلي
  ‏تركيا وإيران ومصر
  حل الدولة الواحدة
  التهور مزلة والإقدام عن تبصر مأمون
  الموقف التونسي
  ‌على أنفاس غزة
  لمحات شابية
  نيتشه الموت والحياة
  من وحي قلم الشيخ محمد الصادق بسيس
  تطبيق نظرية الإعجاز على الشعر
  مباحثاتي مع المستشرق الانجليزي بوزوورث

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
إيمى الأشقر، د- محمود علي عريقات، أحمد الحباسي، سليمان أحمد أبو ستة، عراق المطيري، يزيد بن الحسين، حسني إبراهيم عبد العظيم، عمار غيلوفي، عبد الله زيدان، صباح الموسوي ، وائل بنجدو، أحمد النعيمي، د- هاني ابوالفتوح، رضا الدبّابي، سلوى المغربي، محمد عمر غرس الله، سامح لطف الله، محرر "بوابتي"، محمد العيادي، د - محمد بن موسى الشريف ، أنس الشابي، يحيي البوليني، أحمد بوادي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أحمد ملحم، د- محمد رحال، أشرف إبراهيم حجاج، حسن الطرابلسي، كريم السليتي، د. أحمد بشير، عواطف منصور، أبو سمية، مصطفى منيغ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. عبد الآله المالكي، مراد قميزة، حسن عثمان، صالح النعامي ، د - صالح المازقي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، رحاب اسعد بيوض التميمي، د - عادل رضا، محمد اسعد بيوض التميمي، المولدي الفرجاني، عبد الرزاق قيراط ، خالد الجاف ، طلال قسومي، عبد الغني مزوز، فتحـي قاره بيبـان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د- جابر قميحة، فوزي مسعود ، ياسين أحمد، علي عبد العال، كريم فارق، سلام الشماع، حاتم الصولي، محمد الياسين، محمود سلطان، د - مصطفى فهمي، سفيان عبد الكافي، رافد العزاوي، إياد محمود حسين ، د. صلاح عودة الله ، أ.د. مصطفى رجب، محمد أحمد عزوز، العادل السمعلي، الناصر الرقيق، علي الكاش، ضحى عبد الرحمن، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سعود السبعاني، حميدة الطيلوش، فتحي العابد، محمود طرشوبي، عبد الله الفقير، رمضان حينوني، د. طارق عبد الحليم، عزيز العرباوي، عمر غازي، سامر أبو رمان ، د - محمد بنيعيش، د - شاكر الحوكي ، مجدى داود، إسراء أبو رمان، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد شمام ، صلاح المختار، صلاح الحريري، د. خالد الطراولي ، مصطفي زهران، جاسم الرصيف، صفاء العربي، محمود فاروق سيد شعبان، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد الطرابلسي، د. أحمد محمد سليمان، رشيد السيد أحمد، الهيثم زعفان، صفاء العراقي، د.محمد فتحي عبد العال، فتحي الزغل، رافع القارصي، ماهر عدنان قنديل، منجي باكير، الهادي المثلوثي، د - الضاوي خوالدية، د. عادل محمد عايش الأسطل، تونسي، سيد السباعي، فهمي شراب، نادية سعد، د - المنجي الكعبي، محمد يحي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة