البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الاحتكارات الدولية في العصر الراهن، آثارها الاستعمارية الحديثة
ونضال الدول النامية ضد الإمبريالية

كاتب المقال بروفسور د. غيرد كيك ، هارتموت شلينغ / ترجمها عن الألمانية : د. ضرغام الدباغ    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 1285


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


من أهم القضايا التي اتخذت طابع المجابهة في العلاقات الاقتصادية الدولية والتي برزت بشكل واضح في السنوات الأخيرة، هو الصراع مع الاحتكارات الدولية والتي تسمى أيضاً " الشركات المتعددة الجنسية (ش. م. ج) " (Multinational Coroporations) . ومن الأسباب الرئيسية لاحتدام هذا الصراع هو في الدرجة الأولى، التطورات الداخلية لهذه الاحتكارات وافتضاح خطوطها الجوهرية المعادية للتقدم. (1)

ومن المعروف أن المرحلة الحالية الإمبريالية للرأسمالية تتسم بوجود وفاعلية الاحتكارات الدولية ذاتها (ش. م. ج)، ومن هنا تشكل هذه المقدمات والاستنتاجات الناجمة عنها جزءاً من أفكار الاشتراكية العلمية ومرحلة أولى هامة من المخططات الإستراتيجية لحركة التحرر العالمية المعادية للإمبريالية متوازياً مع تطور الأزمة العامة للرأسمالية، في وقت ازدادت فيها أهمية الاحتكارات (ش. م. ج) في الاقتصاد العالمي للرأسمالية بصورة هائلة، وبرز بشكل أوضح دورها المخرب، ويعبر عن ذلك العملية الموضوعية لتوزيع الإنتاج على الشركات دولياً في الرأسمالية، والتي هي التدويل المتنامي قانونياً عبر التمركز والتكثيف للرأسمال، بالإضافة إلى ظاهرة ثانية مهمة هي التدويل المتنامي لتنظيم احتكار الدولة، المتمثلة بهيئة تكامل الفعاليات بين الدول.

وبرغم أن الاحتكارات الدولية (ش. م. ج)، كما هي عليه اليوم، لم يطرأ عليها تغير في جوهرها، ولا تختلف كثيراً جداً في هيكلها القاعدي الأساسي، عن أشكالها المبكرة في بدايات القرن العشرين، إلا أنها قادت في كل المجالات، وبمقاييس مكبرة وشروط متغيرة، بالمقارنة مع الماضي، إلى خطوط جديدة تبرز الملامح العصرية للاحتكارات الدولية (ش. م. ج) بوضوح أكبر عما كانت عليه في مرحلة بدايات الرأسمالية. وتتمثل الاحتكارات الدولية (ش. م. ج) اليوم في مختلف الاتجاهات بأبعاد أعظم وتتسم بدرجة أعلى من القوة الاحتكارية، وبتنظيم وفاعلية أكثر ..الخ، كما تتسع حقول أعمالها بصورة ملموسة، وذلك يعني أن التوزيع الجغرافي للعمل الاحتكاري وأنشطة (ش. م. ج)، قد أزداد بصورة ملموسة خلافاً لما يعتقد خطأ البعض أحياناً بوصفها انحلال وتشتت المركز. وغالباً ما يضاف إليه توزيع فرعي حيث تتكون ارتباطات والتي عبرها ومن خلالها يؤثر الرأسمال المتمركز على مناطق ومجالات مختلفة بدون الحاجة إلى اتصالات مركزية، وهي مرحلة أخطر من السابق.

كما أن الثورة العلمية التكنيكية فتحت مجالات جديدة لعمالقة الاحتكارات(ش. م. ج)، التي تفتش عن مجالات لتوسيع مصالحها وفق السياقات الرأسمالية تنتهزها للحصول على أعلى نسبة من الأرباح، وهذا بدوره يزيد من حدة التناقضات الداخلية في الرأسمالية، وفي نفس الوقت يزيد من استمرار تطور العملية الثورية العالمية، وفي كلتا الحالتين، تؤدي إلى اتخاذ أشكال جديدة في إستراتيجية الاحتكارات الدولية (ش. م. ج).

ومع اشتداد تمركز احتياطيات الخامية والسيطرة الاقتصادية الكبيرة في أيدي الاحتكارات(ش. م. ج) ، ومع تكامل آليات التطبيق الشامل لهذه السيطرة وتلاحمها مع سيطرة الدولة الإمبريالية، ازدادت بصورة جوهرية عدوانيتها والنتائج المضرة لفعالياتها ليس فقط، في المجال الاقتصادي، بل وأيضاً في المجال السياسي وليس فقط في المراكز الإمبريالية، بل وأيضاً وقبل كل شيئ في الدول النامية وضدها.

ويستنتج من كل ذلك : أن احتداد التناقضات الموضوعية بين الاحتكارات الدولية (ش. م. ج)، كأحد الأضلاع الرئيسية لنظام الدولة الاحتكاري (نظام الدولة الإمبريالية)، وبين الطبقات والشعوب المستغلة المضطهدة، وكذلك الدول النامية التي تتعرض للتهديد في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، وقد بلغت خطورة هذه الظاهرة لدرجة لا يمكن غض النظر عنها، وتحولت إلى حقيقة واسعة في وعي الجمهور العالمي، وأطلقت ردود فعل سياسية في الساحة الدولية التي أدت إلى نهضة غير مسبوقة، وإلى أتساع واضح للحركة العالمية ضد الاحتكارات.

وقد أشارت كتابات كثيرة إلى النمو المهدد والدور الخطير للاحتكارات الدولية (ش. م. ج)، وتصدت لها، وما زالت تواصل المقاومة ضد الاحتكارات والنزاع الطبقي معها. وقد أشتد خلال السنوات الأخيرة في مناطق التحرر الوطني تطور حركة النقد ضد فعاليات الاحتكارات الدولية وتصاعد إلى حد كبير نشاط العمليات المضادة لها في الدول المتحررة وقد أتسمت هذه المرحلة من النزاع بأهمية خاصة، وذلك بمواصلة النضال ضد الاحتكارات الدولية (ش. م. ج)، وبنقل هذا النزاع على مستوى منظمة الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة.

وفي الوقت الحاضر، بدأ حتى علماء البورجوازية أنفسهم بالتعبير وإبداء النقد لظاهرة الاحتكارات الدولية (ش. م. ج)، ويشير إلى ذلك مثلاً الإعلان الصادر عن " نادي روما " الذي ورد فيه بأن الشركات المتعددة الجنسية تمثل مشكلة شاملة، واضطرت للاعتراف بالجوانب السلبية لنشاطاتها. وبالطبع لا تخلو أطروحات هذه المنصة الإصلاحية بمحتواها الفكري (إصلاحية اجتماعية) من تعليلات ومبررات لا تخدع أحداً للإيهام بأن لا يزال هناك تيار قوي لنظريون بورجوازيون ــ إمبرياليون ينتقدون الاحتكارات (ش. م. ج)، ولكنها في واقع الحال لا تعدو عن كونها أنشطة وكتابات تحاول تبرير أفعال الاحتكارات، وهي تعمل في النهاية لصالح الاحتكارات الدولية وليس النضال ضدها.

وتمت في عشرات من المؤتمرات السياسية والعلمية في السنوات الأخيرة تعرية أساليب الاحتكارات الدولية (ش. م. ج)، ورفعت توصيات هامة لفرض الرقابة عليها، وتحديدها أنشطتها ووضع الأسس لها. كما وطرحت أفكار استراتيجية ضد الاحتكارات ونوقشت وأقرت مناهج علمية مناسبة بهذا الصدد. كما اهتمت بهذه القضايا في العديد من البلدان وعلى مستوى دولي، لجان ومعاهد علمية وفرق عمل ومجالس نقابية ولجان برلمانية ...الخ وفي سنوات السبعينات وحدها، نشرت ما يقارب ألف بحث ومقالة صحفية حول هذه الحلقة من المشاكل.

وتشير نتائج البحوث، والمعلومات المكتسبة ومن خلال التحاليل لهذه المسائل بوضوح : كم هي معقدة ومتعددة العمليات، أو المراحل والظواهر التي يجب البحث فيها، ولا سيما وأن الفعاليات الاستعمارية الجديدة للاحتكارات الدولية وقضايا النضال ضد الإمبريالية، إذ لا يمكن البحث في هذه الموضوعات بشكل منفصل عن كامل النظام الاستعماري الجديد (New Colonialism) وشمولية العلاقات الاقتصادية الدولية للرأسمالية، والنضال التحرري الاجتماعي والوطني الشامل في البلدان النامية كجزء من العملية الثورية العالمية، لذلك نريد في هذا البحث أن نحدد ونرسم أبعاد المشكلة وتأشير وجهات النظر التي تضمها على اختلافها.

في البداية، لابد من الإشارة إلى أحجام الاحتكارات الدولية (ش. م. ج)، بالنسبة إلى الدول النامية واتجاهات تطورها. إذ أن وزن الاحتكارات الدولية بالنسبة إلى الدول النامية واتجاهات تطورها، في تصاعد، وإذا علمنا أن الاحتكارات يقارب عددها 7300، وعشرات ألوف الفروع التابعة لها التي تنمو بشكل متواصل في الاقتصاد العالمي الرأسمالي. ونعلم أن في مطلع السبعينات كانت (ش. م. ج)، تسيطر على ما يقارب 50% من الإنتاج الصناعي وأكثر من 60% من التصدير، وما يقارب 20% من الناتج القومي الإجمالي في بلدان العالم الرأسمالي.
وقد بلغ الثمن المدون لرأسمالها الموظف فقط في البلدان النامية بشكل استثمارات مباشرة عام 1975 أكثر من 69 مليار دولار، وإذا ما يقارن المرء هذا التركيب العضوي المنخفض للرأسمال قياساً إلى الدول الصناعية الرأسمالية، ودرجة الاستغلال المرتفعة في الدول النامية بالإضافة إلى حساب أن فروع الاحتكارات تغطي 40% من احتياجاتها للرأسمال من مصادر محلية، سوف يجد بأن حجم الاستثمارات المشار إليه يعادل قيمة وثمن إنتاج يمثل ثلث(1/3) الناتج القومي الإجمالي لكافة الدول النامية تقريباً والبالغ 816,35 مليار دولار (عام 1975). كما يلاحظ المرء بأن في العديد من البلدان النامية تمثل حصة الزراعة نسبة عالية في تكوين الناتج القومي الإجمالي، ونادراً ما عملت الاحتكارات الدولية (ش. م. ج)، في هذا المجال (الزراعة)، بصورة مباشرة، كما نجد (رغم عدم وضوح التفاصيل)، السبيل لقياس أهمية الوزن الذي يمتلكه الرأسمال الاحتكاري الخارجي في بقية فروع الاقتصاد لأغلب الدول النامية من خلال المساهمات في الرأسمال والقروض وامتلاك براءات الاختراع وإجازات وتقديم الرشاوي لموظفي الدولة الأمر الذي يضاعف في حقيقة الأمر من قوة التأثيرات الاقتصادية لهذه الاحتكارات.
وتشكل الروابط الدولية للاحتكارات الدولية (ش. م. ج)، بالتفاعل الوثيق مع جهاز الدولة الإمبريالية العاملة اقتصاديا بشكل مباشر (إضافة إلى المؤسسات الدولية الاستعمارية الجماعية) بشكل متنامي، تشكل العمود الحامل للنظام العالمي للاستعمار الجديد. إن الطاقة الاقتصادية التي تمتلكها الاحتكارات الدولية اليوم (ش. م. ج)، والسلطة الاقتصادية تتجسد، وتبرز بشكل واضح مع الدول النامية ليس بصورة المقارنة وإنما بصورة التهديد أيضا . مثلاً:

استطاع احتكار دولي متعدد الجنسية عملاق مثل شركة (Exxon) استطاع فقط في عام 1976 من البيع ب 48,6 مليار دولار، وبالمقارنة نفس العام كان الناتج القومي الإجمالي لخمس دول نامية فقط (البرازيل، الأرجنتين، الهند، المكسيك، إيران) أعلى من دخل احتكار إكسون، أما سائر البلدان النامية فكانت أقل من ذلك وأغلبها أقل بكثير ..! أما مبيعات أربعة من أقوى المراكز الصناعية للعالم الرأسمالي (Exxon, Genrak Motors, Royal Dutch, Shell, Ford) فقد كانت عام 1976 160,7 مليار دولار وهو أعلى بكثير من الناتج القومي الإجمالي لكافة الدول الأفريقية البالغ 146,6 مليار دولار.

ووفق مصادر هيئة الأمم المتحدة (وهي غير متكاملة) ، في أعوام السبعينات كانت 319 شركة احتكارية دولية تملك على الأقل 2845 فرع لها، في الحقول الإنتاجية للدول النامية فقط، لثمانية عشر منها 1463 فرع ملك للاحتكارات الأمريكية و936 شركة للاحتكارات الأوربية الغربية، و446 لاحتكارات خارج الولايات المتحدة وأوربا الغربية، إن هذه الاحتكارات التي تغلغلت في الدول النامية منذ الأربعينات، كانت في العام 1950 بعدد 395، وفي العام 1960 بلغت 903 وفي هذا دليل واضح على السعة وشدة التوسع الاستعماري الجديد للرأسمال الاحتكاري الدولي (ش. م. ج).

ويشير هذا التوسع أيضاً، على أن إزالة أو الحد من نشاط الاحتكارات ستؤثر بشكل حاد على الشروط التوسعية للرأسمال العالمي، وستكون عملية الوقوف بوجهها، المقدمة الجذرية لتحرير الدول النامية اقتصادياً من الإمبريالية وانتهاج طريق التقدم الاجتماعي والقضاء على النظام الرأسمالي ومخلفاته كما حدث ذلك فعلاً في بعض المستعمرات السابقة بما يشكل نموذجاً في سلسلة من الدول النامية المتحررة الأخرى وهنا تكمن أهميتها التاريخية العالمية.

ومن جهة أخرى يضمن هذا التقدم التاريخي العالمي وبطريقة ديالكتيكية أيضاً تكوين الشروط التي مكنت الاحتكارات الدولية المعاصرة من توسيع فعلي في العالم، عندما أزالت موانع قوية للأنشطة الاقتصادية الاستعمارية القديمة، في إطار التحرك الدولي للرأسمالية الإمبريالية المعاصرة. (2)

ووفقاً للشروط المتغيرة في ميزان القوى، ما زال بوسع الاحتكارات الدولية حالياً تشديد توسعها الاقتصادي في الدول النامية بأكملها، وبالطبع يجب التفريق في تقييم الحالات بشكل منفرد، أن هذا الاتجاه لتطور الحجم الكامل لتصدير الرأسمال الخاص من بلدان المتربولات الرأسمالية، وهو ما تؤكد عليه أيضاً، وبينما كان في العام 1956 حتى 1965 بمعدل 2,8 مليار دولار سنوياً، أرتفع إلى سبعة أضعاف ذلك، حيث بلغ عام 1975 إلى 21,9 مليار دولار، وذلك للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية. وشهدت السنوات الأخيرة (عقد السبعينات) تصاعداً في تصدير الرأسمال الخارجي الخاص من 7,02 مليار دولار عام 1970 ارتقى إلى ما يقارب 20 مليار دولار عام 1975، بما في ذلك الاستثمارات المباشرة من 3,05 إلى 10,2 مليار دولار. (3)
وبجانب القوى الاقتصادية الدافعة والمرتبطة بالنظام التي تؤثر باستمرار، كانت سرعة هذه العملية (بصفة خاصة) تتأثر بالعوامل التالية :

ــ الإرغام المتنامي للتطبيع على الشروط المتغيرة من خلال تقدم العملية الثورية العالمية في الدول النامية والذي يؤثر على الاحتكارات وخصوصاً الإرغام في المشاركة في العمليات الوطنية للتصنيع، وضمان تزويد المراكز الإمبريالية بالمواد الخام.
ــ الضغط الداخلي المتزايد للتناقضات الرأسمالية التي تحتد تحت تأثير الثورة العلمية التكنيكية المتقدمة من جهة، وعمليات الاحتكار من جهة أخرى، والتي أدت إلى تشابك عوامل الأزمة العامة للرأسمالية مع الأزمات الهيكلية الشاملة وإلى أزمة دورية اقتصادية شديدة في الاقتصاد العالمي الرأسمالي، وإلى احتداد التنافس الاحتكاري ونمو الفائض النسبي للرأسمال الذي يفتش عن توظيفات ..الخ.
ــ وأخيرا، الاستقرار النسبي لشروط التوظيف الرأسمالي الأجنبي المصدر وفي القطاع الصناعي قبل كل شيئ للعديد من الدول النامية التي يجعل تطورها الرأسمالي والمشدود في بعض الأحيان إلى الخصائص الرجعية لسلطة الدولة فيها ملائماً لشروط التوظيف للرأسمال الأجنبي. وفي حالات غير قليلة من خلال الوضع الاقتصادي لهذه الدول والذي تدهور بشكل حاد حيث حملت الإمبريالية ثقل أعباء الأزمة الاقتصادية العالمية العميقة على كاهل هذه البلدان.
إذن ومن دون ريب، إن الاحتكارات الدولية المعاصرة تمتلك طاقة هائلة وبالأخص في المجال التكنولوجي والمالي والتنظيمي والتي يمكن جعلها في خدمة الدول النامية التي لا تزال قاعدتها المادية التكنيكية متخلفة، ولأجل المساهمة في حل المهمات الاقتصادية. ولكن ليس بوسع أحد الافتراض واقعياً، بأن الاستثمارات الاحتكارات الدولية تزود الاقتصاد الوطني للدول النامية برأسمال، وبخلق أماكن عمل ونقل التكنولوجيا العصرية. بالطبع لا تفعل ذلك، ولكن الفائدة من ذلك للدول النامية يمكن أن تكون ذات طبيعة كامنة، ولكن من جانب آخر فهي تؤدي تحت ظل الشروط الحالية في أغلب الحالات إلى عواقب ونتائج سلبية. (4)

ومن خلال هجوم صادرات الرأسمالية الحديثة من جهة، وتوسع النشاطات الاستعمارية الجديدة للاحتكارات الدولية (ش.م. ج)، تتكاثر الأضرار التي تخرب اقتصادها. إن فعاليات وتأثيرات أعمال الاحتكارات الدولية الحديثة بدرجات متفاوتة، داخل وتجاه الدول النامية ، تنبثق من جوهر الاحتكار الذي يندفع دائماً نحو التوسع وتحقيق أعلى نسب من الأرباح والنفوذ، فلها صفات مشتركة حيث أنها تخرق مصالح أساسية وطنية للدول النامية سواء كانت من خلال خسائر اقتصادية مباشرة، أو تأثيرات هيكلية طويلة الأمد أو عمليات تخريب سياسية، أو في التدخل العلني في الشؤون الداخلية للدول النامية.

وتواصل الاحتكارات الدولية (ش.م. ج)، وتستمر في إحداث الأضرار للدول النامية، وتسبب لها خسائر اقتصادية فادحة، وتقدر هذه الخسائر سنوياً بين 50 إلى 100 مليار دولار، والأسباب المباشرة وغير المباشرة، أن الاحتكارات الدولية لها قنواتها المتعددة والتي تسيل من خلالها الأرباح وذلك يعني أن الاحتكارات الدولية الحديثة هي الأطراف الرئيسية التي تستغل الدول النامية.

ووفق مصادر رسمية، (وهي معطيات واطئة جداً)، حولت هذه الاحتكارات(ش.م. ج)، بين أعوام 1960 و1970 إلى رأسمالها الخاص أرباحاً تناهز 52 مليار دولار، مصدرها الدول النامية، وفي السنوات 1974 و 1975 فقط قدرت هذه الأرباح ب 25,5 مليار دولار. ولكن الدول النامية لا تنظر فقط من خلال تصدير الأرباح والرأسمال وما يسمى بالخسارة الصافية من العملة الصعبة،(رغم وضوح ذلك في هذه الحالة)، بل وأيضاً من خلال تحقيق الأرباح للاحتكارات الأجنبية عامة، كما أن هناك أيضا الجزء الموظف من جديد للربح الإجمالي، وبمعدل يبلغ على الأقل ربع المبالغ المحولة تلك التي تبقى تحت سيطرة الاحتكارات فتتراكم وفق مصالحها. وبالإضافة إلى ذلك تمارس الاحتكارات الدولية استغلال الدول النامية ليس فقط عن طريق توظيفها للرأسمال، بل وأيضاً وبحجم معين عن طريق تصدير رأس المال بواسطة الدولة والمساعدات والأساليب الاستعمارية الجديدة، والتي كما هو معروف بجانب مهمات اقتصادية أخرى، للرأسمال الاحتكاري ذات الوظيفة الاستغلالية. وهنا نذكر وقبل كل شيئ بأسلوب رفع الأسعار للبضائع المصدرة والمرتبطة بالقروض الحكومية التي بواسطتها تنال الاحتكارات الدولية أرباح إضافية بصفتها مصدر للبضائع وتلحق بذلك الضرر بالدول النامية. وبصورة عامة يجدر الانتباه بعناية بأن هذا الربح الاستعماري الجديد هو بشكل عام شكل من أشكال الربح الاحتكاري المنظم من احتكار الدولة، وكما هو في الاستعمار الجديد في مرحلة تطور النظام الإمبريالي التي تتسم برأسمالية الدولة الاحتكارية المتطورة.

ومن إحدى القنوات التقليدية الاستعمارية الجديدة لنهب الدول النامية من قبل الاحتكارات الدولية، هي آليات السوق العالمية الرأسمالية، نظام التجارة اللامتكافئ والفرض الاحتكاري للأسعار (مقص الأسعار)، هذا النظام ليس مستقلاً كما هو أحياناً يبدو في الإحصائيات وليس مجهولاً، بل هو جزء من خواص الرأسمال الاحتكاري والذي يناسب مصالحه في الأرباح ويسيطر عليه. كما تسيطر (ش.م. ج)، على عموم السوق الرأسمالية بوضوح من خلال الاحتكارات الرأسمالية العملاقة العصرية رغم شدة ارتفاع أسعار السوق العالمية للمواد الخام التي استمرت منذ أواسط السبعينات ولأسباب مختلفة لا زال تدهور علاقات المبادلات وانخفاض قيمة عائدات صادراتها مستمراً في أغلب الدول النامية، بل وتشتد هذه بدرجة رئيسية بسبب التضخم المستمر في الدول الإمبريالية الرئيسية، وتسحب من الدول النامية بهذه الطريقة (رغم عدم دقة الحسابات) مليارات من الدولارات التي يمتلكها الرأسمال الاحتكاري كربح استعماري جديد.
وتكبد الاحتكارات الدولية (ش. م. ج)، الدول النامية أضراراً فادحة من خلال التحويلات الداخلية لمنتجاتها على أساس حسابات داخلية، هذه المبيعات تجري داخل الاحتكار ذاته، بين الفرع والشركة الأم، أو بين الفروع في مختلف البلدان وبلغت حجماً هائلاً، فقد بلغ هذا الحجم عند فروع احتكارات الولايات المتحدة في الدول النامية لعام 1975، وعند الصادرات إلى الولايات المتحدة، بلغ 82% من إجمالي التصدير وفي صادرات إلى بلدان ثالثة 30% بينما الحصص المعادلة للفروع خارج منطقة الشرق الأوسط تقع فوق هذا المعدل بكثير.
ومن خلال تلاعب الاحتكارات بالأسعار في إطار حركة البضائع فهي على سبيل المثال تصدر البضائع بأسعار تفوق تكاليف المواد الخام التي هي غالباً من تصدير البلدان النامية، أو من خلال إجراءات تكميلية وبمستوى عال من الشركات الأم، وتنظم تدفق الأرباح بصورة أكثر دقة وأكثر ملائمة، تشوه من خلالها الاحتكارات علاقات التبادل للدول النامية وتكدس المزيد من الأرباح بأساليب منظورة وغير منظورة.

ومن الموضوعات ذات الأهمية الخاصة، استغلال ونهب الدول النامية من قبل الاحتكارات الدولية (ش. م. ج) من خلال ما يسمى بنقل التكنولوجيا المتمثل أساساً بتصدير المعلومات العلمية التقنية من المراكز الإمبريالية والتي تؤدي إلى تصاعد واردات الشركات من براءات الصنع والرخص وطرق الصنع والإدارة والاستشارة وتسليف أدوات الإنتاج، وهذا الاتجاه في الواقع لها علاقة وطيدة بالشروط المتغيرة للتوسع الرأسمالي للشركات وباستراتيجياتها الاستعمارية الجديدة التي لها أنماط مختلفة في المجال الاقتصادي بل وحتى في المجال الاجتماعي.
إن الأهمية الخاصة للأداة الاستغلالية الاستعمارية الجديدة للاحتكارات الدولية (ش. م. ج) هي ناجمة قبل كل شيئ من أن الأسواق العالمية للتكنولوجيا أساساً محتكرة، بدرجة عالية وهي غير شفافة (يكتنف الفساد أعمالها)، وهذا يعني أن منابع الاستيراد والأسعار والشروط المختلفة يمكن للاحتكارات أن تمليها وذلك هو ما يحصل في واقع الحال.

ومن جانب آخر تزداد بما يمثل القفزة، طلبات الدول النامية من الاستيرادات التكنولوجية بسبب تطور حاجات التصنيع الوطني الذي توصلت إليه. وكذلك بسبب النقص للطاقات الوطنية في البحوث والتطور التكنولوجي، وهذا ما يجذب الاحتكارات كما تجد الاحتكارات أنه ليس من المشترط أن ترتبط هذه باستثمارات رأس المال التي ربما قد تتعرض للتأميم، ومع ذلك توفر ظواهر تشابه عما عليه الحال في تصدير رأس المال. (5)

وينطبق هذا أيضا على مؤثرات النقل التكنولوجي للاحتكارات الدولية (ش. م. ج) العصرية التي تتمتع بقدرات استغلالية متفوقة، وبهذه الطريقة فإنها تساهم في خلق علاقات جديدة ومؤثرة جداً ألا وهي التبعية التكنولوجية للدول النامية وتساهم في توسيع الفجوة الاقتصادية بين الدول الرأسمالية الكبرى والدول النامية من خلال سيطرتها على مستوى التقدم العلمي ــ التكنيكي وترفض تزويد الدول النامية بالتكنيك الحديث وأساليب الصناعة المتطورة، بل وأحياناً تقدم لها تكنولوجيا ضارة وغير صالحة.

وترتبط سياسة جذب الكوادر والقوى المتخصصة للدول النامية بشكل مباشر ومنظم من قبل الاحتكارات الدولية(ش. م. ج)، وبهذا المعنى فقد نجحت الاحتكارات منذ عام 1961 وحتى عام 1972 بجذب 300 ألف عالم وفني واختصاصي، والخسائر التي تتعرض لها الدول النامية من خلال سرقة العقول يؤثر بشكل مباشر (خسائر تكاليف الدراسة) وبشكل غير مباشر (التخلف في الإنتاج)، وهي خسائر هائلة، وتدل معطيات الحسابات أن خسائر الدول النامية في هذا المجال عام 1972 كانت 20 مليار دولار على الأقل.(6)

ودون أدنى شك، يمثل الاستغلال والنهب الاقتصادي للدول النامية الوجه الشامل والحاد لفعاليات الاحتكارات الدولية (ش. م. ج)، ومن خلال ذلك تتعرض عملية التنمية الاقتصادية إلى عراقيل كما تؤدي إلى خفض التراكم في الاقتصاد الوطني، وتتسع الفجوة باستمرار تجاه المراكز الإمبريالية، وتتضاعف مظاهر وعناصر الضعف الاقتصادي للدول النامية الناجم عن هذه السياسة الإمبريالية، ويعمل على تواصل تبعيتها وتخلفها، وعلى استمرارية موقعها اللامتكافئ والمتأخر في مكانتها في الاقتصاد العالمي الرأسمالي، وأيضا على أساس ومصير سيادتها الوطنية.
ومن وجهة النظر هذه : لا تنتهي مؤثرات الاحتكارات الدولية (ش. م. ج)، بل وتستمر وتتواصل مما يستوجب والحالة هذه الاستمرار بتوجيه النقد الحاد إلى الاحتكارات في توجهاتها للحصول على أعلى نسبة من الأرباح وفي سبيل ذلك لا تحترم الإستراتيجية التنموية الوطنية للدول المتحررة وتحاول إيقافها وتخريبها أو عرقلتها، إن نشاطات هذه الشركات تتناقض والدور المتنامي المنظم التكاملي للدولة الوطنية بالنسبة إلى عملية إعادة الإنتاج (والذي هو مقسم وغير موحد) في الدول النامية وتقوي وتشجع الاتجاه إلى الفوضى وعدم التخطيط في الاقتصاد، وهي كقاعدة لا تخضع استثماراتها لخطط التنمية والتطور الوطنية، أي أنها تؤثر مصالحها واحتياجاتها تحقيق الأرباح على خطط التنمية .

وتدفع الاحتكارات (ش. م. ج)، في بعض الحالات حلفاءها المحليين من الفئة العليا للبورجوازية إلى مشاركتها، وإلى إسقاط الأنظمة القائمة على التخطيط، لإحلال اقتصاد سوق حرة محلها. وبصورة خاصة فيما يخص التخطيط ووضع البرامج. وتدل الخبرة والتجارب أن الاحتكارات الدولية بسبب تصرفها التجاري الضيق والمتوجه إلى الربح، ليست قادرة على تصور المشاكل الشاملة سواء كانت اجتماعية أو على صعيد الاقتصاد القومي في البلدان النامية، ولذلك فإنها لا تستطيع مطلقاً أن تكون الشريك الجدي في استراتيجية تنمية التي تتطلبها اليوم الأوضاع الاقتصادية في الدول المتحررة الوطنية.

ولا تتلاءم فعاليات (ش. م. ج)، أيضا بالنسبة إلى احتياطيات الثروات الطبيعية للدول النامية، مع المصالح الوطنية لهذه البلدان. فهي (الاحتكارات) إما تبذر هذه الاحتياطيات، أو تسرقها أو تبيعها بأسعار رخيصة جداً رغم أن هذه البلدان تعتمد بدرجة شبه مطلقة على وارداتها من هذه الثروات الطبيعية.

ومن المعروف أن هذه هي الأسباب الجوهرية التي أدت إلى تفاقم مشكلة المواد الخام في السنوات الأخيرة، وردود الفعل المضادة المعروفة والتي قادت إلى النزاعات الدولية المستمرة في هذا المجال، كما تعرقل استغلال منابع أخرى معروفة لها من أجل إتاحة المجال للتلاعب بأسعار المواد الخام وكذلك لإضعاف مواقف الحكومات الوطنية اقتصاديا أو تعمد بعض الأحيان إلى تقليص الإنتاج لأجل ممارسة الضغط على حكومات وأنظمة تقدمية وزعزعتها.

وبهذا المعنى أيضاً، وهذا مهم : من أجل تحقيق سياسة جني المزيد من الأرباح، فإن فروعها في حقول الصناعة التحويلية في الدول النامية لا تلجأ إلى المصادر المحلية للمواد الخام، بل تستوردها وتستورد كذلك مواد تكميلية من الشركة الأم أو من الفروع، في وقت تقوم بعكس ذلك في الحقول المالية، فحيثما يكون ذلك ممكناً تقوم الاحتكارات الدولية بتحريك وسائط " حرة " (نقود سائلة) في أسواق الرأسمال للدول النامية وتسجلها كرأس مال مستلف للتمويل الإضافي لاستثماراتها.

وتعمد فروع البنوك الاحتكارية الكبرى (كأداة للتحويل) في العديد من الحالات، التي تركز الوسائط المحلية (النقود) كودائع وتضخها عبر مكانتها التقريضية في الاحتكارات الصناعية واحتكارات المواد الخام، وبهذه الطريقة ترتفع تارة أرباحها عندما تستغل الفرق بين الربح والفائدة، وتمتلكه كربح عمل، وتارة أخرى يزداد تأثيرها في السيطرة، وفوق ذلك تضعف من استقلالية الرأسمال الوطني الذي يتناقص بفعل هذه الأساليب والفعاليات ويحرفون الخطط الوطنية عن نقاط ثقل أهداف التخطيط الوطني ويستغلونها لأهدافهم الاحتكارية. ومن خلال ذلك يتم إبطاء في وتائر التغيرات الهيكيلية الاقتصادية الضرورية والتوسعات المطلوبة والملحة لمنابع التراكم الداخلية للدول النامية بشكل شديد.

وفي إطار الإستراتيجية لاستعادة مليارات من البترو دولار التي يفترض أنها مخصصة للتراكم النقدي للبلدان النامية البترولية، لغرض الاستفادة منها في عملية إعادة الإنتاج للمراكز الإمبريالية في تمويل عمليات توسعها في بلدان نامية أخرى، وتقوم الاحتكارات الدولية (ش. م. ج)، بهذه العمليات على نطاق واسع ويؤثر سلبياً على طاقات القوى المنتجة المعاملة للدول النامية، وبدرجة أساسية توثر سياستهم في الأجور للشغيلة وغيرهم (بإعطاء رواتب وأجور مرتفعة نسبياً)، وكذلك من خلال تركيز القوى المنتجة الماهرة المؤهلة العاملة في العديد من الدول النامية في دوائر فروعها وأبعادها عن العمل في الحقول الوطنية، بالإضافة إلى أن هذه العملية تساهم في تشطير هذه القوى المنتجة وإضعافها، وحرمانها بالتالي من دورها في ممارسة تأثيراتها الاجتماعية كقوى رئيسية مناهضة للعمليات الاستعمارية في البلدان الصناعية. وبهذه المناسبة تجدر الإشارة إلى استثمارات الاحتكارات الدولية على وضع العمل والشغيلة في هذه البلدان بالقياس إلى أبعاد المشكلة هي تأثيرات لا توصف بأنها تأثيرات إيجابية دائماً، بل هي في الغالب لها تأثير سلبي.

وبذلك تؤثر السياسة التكنولوجية للاحتكارات ومساعيها المتواصلة لرفع درجة الاستغلال وبالتالي الأرباح من خلال عملية الترشيد الرأسمالية وتصعيد قوة العمل، وفي بعض الأحيان مستوى الإنتاجية، وحتى في حالة ارتفاع أجور العمل المدفوعة في شركات رأس المال الأجنبي على معدل الدولة النامية المعنية، لا يدل هذا على انخفاض درجة الاستغلال أو على تحسن أوضاع العمال المستخدمين هناك، كما تحاول دعاية الاحتكارات طرحه عادة.

ومن العوامل المؤثرة أيضاً، أنه يجب الانتباه بأن التنظيم العصري المتقن لعملية الاستغلال في الشركات الاحتكارية، يضمن تارة تطبيق القوة العاملة طيلة يوم العمل وتارة أخرى يضمن درجة عالية من شدة العمل حيث الأجور الاسمية فوق المعدل ولا يمكنها من تغطية تكاليف إعادة الإنتاج المرتفعة للقوة العاملة، وذلك أن التفاوت بين ثمن وسعر القوة العاملة في شركات الاحتكارات الأجنبية غالباً أكبر مما عليه في المعدل القومي، وإضافة لذلك وبالأخص في مناطق الإنتاج الحرة " مصانع السوق العالمية " وليس من النادر أن تدفع الاحتكارات الدولية أجور أسمية أقل من التي في الصناعة المحلية طالما تكون قوى العمل غير مؤهلة (كفوءة).

وكما هو ثابت في المعطيات التاريخية، أن الإستراتيجية الاقتصادية للاحتكارات الدولية (ش. م. ج)، تجاه الدول النامية قد اتخذت ولأسباب عديدة، أنماطاً مختلفة، ويمكن رسم أحد أهم واجهاتها كما يلي بدون تفاصيل : عندما ساد في زمن مواد الخام الرخيصة اتجاه وحيد الجانب لعمليات الاحتكار في نحقيق الأرباح من خلال تصدير الخامات الزراعية والمعدنية، ثم استكملت هذا التوجه في خلال انتشار واسع لتوظيفات رأس المال في استثمارات الصناعة التحويلية وفي مجالات الخدمات الصناعية. وهي توجهات حتمت على الاحتكارات الدولية أن تساهم في عملية التصنيع في الدول المتحررة، وتستغل بذلك الاحتياطي الهائل لقوى العمل الرخيصة لهذه البلدان عبر التصنيع لزيادة أرباحها، وهي تحاول تحويل وحرف هذه العملية إلى تطور صناعي ولكن بما يخضعها لمصالحها ولإحكام سيطرتها وربط كافة فروع الصناعة بما في ذلك فروع الصناعة الثقيلة وبناء الماكنات إلى منشئات تابعة لارتباطاتها المتفرعة والمتشابكة.

ولكن إلى جانب ذلك هناك ملاحظات لا ينبغي أن تهمل: أن الفعاليات الصناعية للاحتكارات الدولية لا تنطبق على كافة الدول النامية بنفس القياس والأسلوب، إذ أن حجم وشكل والمستوى التكنيكي لاستثماراتها الصناعية تختلف وتتفاوت وقبل كل شيئ في طاقة المواد الخام للبلدان النامية في الاستثمار والتي هي على أية حال هدف (ش. م. ج)، في استخدامها في عملية إعادة الإنتاج للمراكز الإمبريالية، وأيضا اعتبار وضعها السياسي والاجتماعي، وهذا يعني درجة تطور علاقات الإنتاج الرأسمالية المحلية واستقرار الهياكل السيادية لتتمكن من مساعدة (ش. م. ج).
إن انهماك الاحتكارات الدولية في تشييد الصناعات في الدول النامية قطعت أشواطا بعيدة بأساليب تخطت أساليبها القديمة التي كانت تقوم بها في البلدان النامية سابقاً مثل الإنتاج التجميعي (معامل التركيب) التي يجب استيراد الأجزاء الهامة أو كلها لإدارة الإنتاج، من المصنع الرئيسي أو من فرع آخر، أو القيام إنتاج مواد استهلاكية بديلة لتلك التي مستوردة وفي أكثر الحالات على أساس الإنتاج المحلي للمواد الخام، نرى اليوم أن الاحتكارات عمدت في الحالات التي تم فيها إنشاء صناعات كاملة وعصرية نسبياً في درجة الهيكلية وتبدو هذه الصناعات أنها قامت لاحتياجات السوق المحلية، ولكن إنتاجها لا تتسع له السوق الداخلية بقسمه الأعظم بل تعتمد في مبيعاتها على مصانع موالية للاحتكارات في دولة نامية أخرى.

وأفضل الأمثلة هي مصانع مركبات الكيمياء البترولية أو صناعة الألمنيوم في بعض الدول النامية البترولية في الشرق الأوسط التي تنشأ قرب موارد المواد الخام، أي قرب منابع الطاقة الرخيصة، ويتم تصنيع إنتاج هذه المصانع (النصف مصنعة) في بلدان مجاورة أخرى.
من خلال نقل التكنولوجيا والدخول في هذه الدائرة، تسيطر الاحتكارات الدولية (ش. م. ج)، على صناعات كهذه، ولو بصورة غير مباشرة، وتمنع إعادة الإنتاج القومية المستقلة في البلدان النامية وترفض تزويد البلدان النامية في هذه الحالات بفقرات مهمة من السلسلة التكنولوجية. وتحتفظ الاحتكارات بحلقات الوصل الإنتاجية المغلقة تكنولوجيا، ولكنها موزعة على عدة بلدان وعلى الأغلب لإنشاء فروع أو أقسام إنتاجية التي تتطلب تكثيف في العمل أو في الطاقة وقليلة الإنتاج وثانوية في الجانب الفني أو مضرة بالبيئة.

إن مخططات إنتاج من هذا النوع لا تصلح كإنتاج لاكتفاء حاجات البلدان النامية الأساسية بل أنها مجرد تزويد للمنهاج الكامل والمسلسل عموديا أو صادرات في إطار الإستراتيجية التسويقية الكاملة، أي في حالة الاتجاه إلى السوق الداخلية فإن الاحتكارات تضع في حساباتها إرضاء المصالح الاستهلاكية للفئات الاجتماعية المحلية وفي المقدمة الفئات العليا.

وعلى العكس من ذلك، تؤثر الاحتكارات من خلال قيود ترتبط الصادرات وإطلاق احتياجات إضافية للاستيرادات تؤثر سلبيا على أوضاع ميزان المدفوعات وتخلق في كل حالة تشابك تكنولوجي وارتباطات اقتصادية صغيرة هنا وهناك والتي تنعكس على الارتباط الاقتصادي العام للبلدان النامية بالاحتكارات (ش. م. ج)، وعلى مستوى وثيق.

هذه المؤشرات تبدو بوضوح خاصة فيما يسمى بالمناطق الإنتاجية الحرة والتي تفضلها الاحتكارات الدولية لاستثماراتها الصناعية بشكل متزايد. ففي عام 1975 كان يوجد في 25 بلد نام 79 منطقة حرة، و39 أخرى غيرها تحت الإنشاء ومن بينها 14 مشروع في 11 بلد نام آخر. وعملياً تعفى هذه المناطق من المراقبة الدقيقة للدولة، وتتحول إلى ما يشبه جزيرة للرأسمال الأجنبي في اقتصاد هذه البلدان. وفي بعض الأحيان اتخذت أشكال معاهدات تحميها قوانين الدولة. وبطبيعة الحال، فإن الاحتكارات (ش. م. ج)، تنتزع أفضل شروط الاستثمار لرأسمالها، وترغم السلطات المحلية على التخلي الجزئي عن سيادتها الوطنية في البلدان المعنية، كوسائط ضغط على الحكومات الوطنية كما هو الحال لما يجري للطبقة العاملة في قلاع الرأسمال، وهي في هذه الحالة فإنها تنقل وسائل الإنتاج إلى بلد آخر لاستثمار شغيلتها لمصالحها المالية.

ويحدث هذا أحياناً تجاه مقاييس الاقتصاد العالمي لإستراتيجية التصنيع الاستعمارية الجديدة، حيث لا تكون هذه تنظيمات في الصناعة أو تغيرات أساسية فيه بقدر ما هو هذا الشكل مجرد نظام ملائم للاستعمار الجديد ونمط آخر لتقسيم العمل الدولي الرأسمالي عندما تستمر الفجوة الاقتصادية بين الدول الإمبريالية والدول النامية التي تغلبت على التقسيم الاستعماري (إنتاج زراعي ومواد خام) وتدريجياً إلى صناعة تحويلية ولكن ليحل مكانها التقسيم بين درجات الصناعة المختلفة كماً وبين قمم الصناعة المتطورة علمياً وفنياً وهامشها المتخلف صناعة المواد الخام والذي هو مكمل لها.

وتوصف الإستراتيجية الاقتصادية للاحتكارات الدولية المعاصرة (ش. م. ج)، باشتداد التلاحم والتغلغل بعناصر مؤثرة سياسياً واجتماعيا وفق الهدف الرئيسي الاستراتيجي للاستعمار الجديد، وهذا ما تعبر عنه توجهها نحو تأثير أقوى على طريق التطور في بلدان ارتكازها وهذا يعني أيضا تسريع تطورها الرأسمالي، أي إخراج التطور الرأسمالي من أزمته في عالم الاستعمار السابق عن طريق شركاء وشركات مختلطة تحاول الاحتكارات (ش. م. ج)، وترسيخ وتوسيع تحالفها مع الفئات العليا للبورجوازية المحلية، أو مع أجزاء من الرجعية الداخلية لتعزيز مكانتها في المجال الاقتصادي.

ووفق هذه الشروط يكون هذا التوسع القاعدة الاجتماعية للتأثير الاستعماري الجديد للاحتكارات وليس مجرد مسألة المصالح الإمبريالية للحفاظ على النظام، بل أنها أكثر من مقدمة لعملية الاستثمار للرأسمال الاحتكاري ذاتها، وأنها أكثر من ذلك فإن الاحتكارات تذهب إلى حد الاتفاق على نظم مع حكومات معنية للحالات التي يتم فيها تأميم شامل أو جزئي. وبالتأكيد تعبر وجهة النظر هذه بوضوح أن إستراتيجية الاحتكارات الدولية (ش. م. ج)، تسودها عناصر دفاعية، أي بالمعنى التاريخي، وهذا لا يعني كف النظر عن طاقتها الهجومية التي لا زالت هائلة، وعن ديناميكيتها لهجومها المضاد الحالي، فبرغم كل شيئ لا زالت الإستراتيجية الاقتصادية للاحتكارات الدولية تحمل صفات استعمارية جديدة وهجومية ضد البلدان النامية وهي تهدف رغم بعض التنازلات إلى إحباط المصالح الوطنية والتوجهات الاستقلالية للدول المتحررة وإفشالها.

وعندما يدقق المرء في جوهر الأشياء، يرى أنها ليست مجرد عملية نقل للتكنولوجيا ولرأس المال من بلد إلى آخر، بل هي أكثر من ذلك، أن الإمبريالية بهذا الأسلوب إنما تفعل ذلك من أجل توسيع مجالات تأثيراتها والاستيلاء على منابع الأرباح إنما هو تتنازع لتقسيم العالم الرأسمالي من جديد. وأيضا يعني جوهر الأشياء أن الاحتكارات الدولية (ش. م. ج) لا تتعايش مع حركات التحرر الوطنية، وصراع البلدان النامية من أجل استقلالها الاقتصادي، بل وتحاول بكل وسيلة التمسك بمنابع المواد الخام والوقود من جديد، وتؤكد على ذلك الفعاليات الغير اقتصادية للاحتكارات الدولية، أي عملياتها السياسية والتي تهدف في النهاية سيطرة الاحتكارات والدول الإمبريالية على البلدان النامية.

والاحتكارات الدولية (ش. م. ج) العلاقة هي الركائز الرئيسية للأنظمة الاستعمارية والعنصرية في جنوب افريقيا (في عهد نظام الفصل العنصري / المترجم)، وهذه تتدخل عسكرياً ضد الدول التقدمية الفتية وضد حركات التحرر الشعبية كما هو الحال في الهند الصينية وانغولا وشابا في زائير، أو تقوم بهجوم مضاد كما هو الحالب في بينين وموزنبيق، أو بأنقلاب رجعي ضد السلطة كما حصل في تشيلي، وحركات انفصالية كما في نيجريا، اندونوسيا، وبأعمال الإرهاب ضد شخصيات سياسية تقدمية وغيرها في عمليات العنف وفي بعض الأحيان يقومون بأنفسهم بتنظيم لهذه العمليات بشكل عمليات تخريبية تهدف لنزع الاستقرار ضد حكومة غير مريحة لها، ويرشون شخصيات سياسية ويمارسون عن طريق تأثيرهم على الوسائط الإعلامية ومؤسسات التعليم، والتغلغل الآيديولوجي على الدول النامية لضمها تحت سيادتها ومصالحها من أجل المزيد من الأرباح. ويؤسسون علاقات سلطة رجعية في العالم الاستعماري القديم، ويحافظون عليها مثل الدول الرجعية في جنوب شرقي آسيا والشرق الأوسط، وديكتاتوريات فاشية عسكرية في أميركا اللاتينية، ويتوقعون من رسوخها توظيف مربح للرأسمال وفوق ذلك إمكانية استغلالها ضمن وظيفتها التبعية الجديدة بمكافحة التقدم والاشتراكية لأجل شطر وتجميد الحركات الوطنية المضادة الإمبريالية في البلدان النامية.

وكما هو الحال في المجال الاقتصادي، كذلك أيضاً في المجال السياسي وتتمثل بالأنشطة المضادة للسيادة الوطنية والتقدم الاجتماعي الحقيقي في الدول المتحررة، وتحت هذه الظروف ونظراً إلى العدوانية المتصاعدة للاحتكارات الدولية (ش. م. ج) ونظرا إلى البروز الواضح في توجهها الاستعماري الجديد الشدة المعادي للتقدم، أصبح من السهولة الإدراك أن التناقضات بين هذه الاحتكارات وبين شعوب البلدان أحدثت بشكل متصاعد ونتيجة لذلك اندلاع الكفاح في مناطق التحرر الوطني ضد الإمبريالية أيضاً ضد الاحتكارات الدولية (ش. م. ج) وبمقاييس متصاعدة، وإن لم تكن بصورة استمرارية وبتفاوت في الشدة وسنكتفي هنا بالإشارة إلى بعض وجهات النظر ومشاكل هذا الكفاح.

إن الموقف الأساسي للأغلبية الساحقة للبلدان النامية في هذه المسائل موثق في سلسلة من البيانات المهمة، فمثلاً في الإعلان الاقتصادي لمؤتمر كولومبو لدول عدم الانحياز في آب / 1979، حيث أدان رؤساء حكومات والدول المشاركة وعددها 85 دولة، أدانوا من جديد السياسة التي لا يمكن تقبلها وأعمال الشركات المتعددة الجنسية والتي لأغراض الأرباح الاستغلالية وتستنزف الموارد الطبيعية وتشوه الاقتصاد الوطني وتخرق سيادة البلدان النامية، وأيدت الرقابة والسيادة على الشركات المتعددة الجنسية في إطار قوانينها الوطنية وبالتوافق مع أهدافها ومثلها وبوضعها تحت سيطرتها وحق تأميمها.

ومن الضروري ملاحظة أن هذا الموقف جاء فقط في إطار الإعلان الرسمي لمواقف مختلف البلدان المساهمة في المؤتمر المذكور، علماً أن هناك مصالح ومحركات مختلفة جداً من دولة لأخرى بحسب أوضاعها الاقتصادية واتجاهاتها السياسية والاجتماعية وهي تفسر الأهداف المصاغة في الفقرة أعلاه بأشكال متفاوتة وتتابعها بعزم وشدة متفاوتة أيضاً.
ومع ذلك ينبغي عدم التقليل من أهمية بيانات كهذه لأنها :

* أولاً. هي تعبير عن الروابط المستمرة ضد الإمبريالية رغم الاختلافات المتنامية.
* ثانياً. تمثل هذه الإعلانات نقطة انطلاق وقاعدة سياسية لعمليات فعلية للدول المتحررة ضد الاحتكارات الدولية.
* ثالثاً . تمثل نقاط ارتباط ثمينة للدول ذات التوجه الوطني في التنمية وللقوى الديمقراطية على اختلافها لمساندة الطلبات العادلة لبلدان أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية تجاه الاحتكارات الدولية (ش. م. ج) وإلى تغيير في نمط العلاقات الاقتصادية الدولية.
ومن المؤكد أن البلدان النامية ذات التوجه الوطني اللارأسمالي التي تركز في علاقاتها على تحالفات وطنية إقليمية وقارية ودولية، تسعى إلى إجراءات ليست فقط للرقابة، بل وأيضا وذلك أهم، إلى التحديد الفعال لتأثير وعمل الاحتكارات الدولية (ش. م. ج)، وبنفس الوقت استغلال طاقات تكنولوجية ومالية وتنظيمية معينة للرأسمال الأجنبي. (7)

وتمارس البلدان النامية هذه العملية (عملية التطور اللارأسمالي) رغم أنه وبسبب ظروف اقتصادية معقدة وضغوط سياسية يجبرون على التراجع في هذه العملية. وتظهر لدى بعض هذه البلدان ظواهر المقاومة ضد الاحتكارات الدولية، وهذه تملك علاقات رأسمالية متطورة نسبياً والتي فيها مصالح البورجوازية الوطنية، وتصطدم مع القوة العظمى والطمع للربح والسيطرة للاحتكارات. وعموماً تحتوي صفات الهياكل الرأسمالية في المراحل المختلفة في التطور الاقتصادي والاجتماعي على اتجاه وإعطاء أفضل الشروط المفضلة للاحتكارات الدولية وفسح مجال تلاعب واسع نسبياً لها، على الأقل في إطار المناطق الإنتاجية السالفة الذكر.

ويبدو من هذا: أن العزيمة والشدة لتصرف بلد نام بمفرده تجاه فعاليات الاحتكارات الدولية لا يمكن استنتاجها آلياً من أرقام أساسية معينة للمستوى الاقتصادي والتوجه الاجتماعي، بل وتؤثر عليها الأوضاع الخصوصية للبلد المعني بقوة وكذلك العوامل الموضوعية المتوفرة. هذا وقبل كل شيئ النظر إلى مشاكل التسويق والتزويد والحاجة الملحة لرأس المال والتكنولوجيا والإلمام بقياسات واقعية تجاه استعداد وقابلية البلدان النامية في أن تناضل ضد عمليات الاحتكارات الدولية.

إن الاجراءات التي قامت بها البلدان النامية حتى الآن وكذلك الخطوات التي نصحت بها لجنة الأمم المتحدة للشركات المتعددة الجنسية، هي في الحقيقة لمفردها متفاوتة، ولكنها لا تتعدى في النهاية إجراءات تنبيه وتحذير لا أكثر ولا أقل، ما عدا القليل منها التي تناولت المسألة بشكل أعمق وقبل كل شيئ من جانب البلدان المصدرة للنفط.

وتشمل هذه (الإجراءات والنصائح (تحليلات لحقول الأعمال وأساليب واستراتيجيات الاحتكارات الدولية (ش. م. ج) وجمع المعلومات عنها، وتم لهذا الغرض تأسيس مركز استعلامات في كوبا يتولى مهمة جمع المعلومات والذي أقر رؤساء دول وحكومات بلدان عدم الانحياز في 1976 (كولومبو) إنشاؤه وتقدم الاستشارة في مجال تطبيق الأنظمة القانونية بالإجازة أو الرفض لطلبات الاستثمار الشركات الأجنبية، بما في ذلك إعادة الاستثمار. وحول مجالات التوظيفات وحجم الاستثمارات وفرص المشاركة في الرأسمال والخبرات (الأشخاص) وعلى طريقة التعامل وعلى كمية التصدير والاستيراد والواجب لضمان التدقيق الكامل والنظر في المستندات التجارية وكثير غيرها.

وشيئ آخر يسترعي الاهتمام في هذا المجال، وهو الشكل المؤثر من أشكال المقاومة ضد الاحتكارات والتي تمثلت حتى الآن بتأميم ممتلكات فروع الاحتكارات بين 1960 وعام 1976، إذا أممت في البلدان النامية بنحو 1369 حالة، ممتلكات شركات أجنبية، من بينها العديد من فروع الشركات الدولية العملاقة في مجال النفط. وغالبية التأميمات جرت في السبعينات، 914 حالة مقابل 455 في مرحلة ما قبل السبعينات (بزيادة أكثر من الضعف)، وهذا يؤكد على احتداد التناقضات بين البلدان النامية والاحتكارات الدولية(ش. م. ج)، ويظهر دور الدول المتحررة الجديد في التطور العالمي وعلى قدرتها المتنامية في التصدي للهيمنة الإمبريالية.

وعلى النطاق الإقليمي تفوقت الدول الأفريقية من جنوب الصحراء (بلدان القارة عدا أقطار الشمال الأفريقي) ب 650 حالة تأميم بينما تحقق في جنوب وشرق آسيا 291 حالة، وفي غرب آسيا وشمال أفريقا 275 حالة، وفي أميركا اللاتينية 198 حالة.

وعلى صعيد القطاعات (لا يزال الموضوع يدور عن التأميم للفترة المذكورة) فكانت في 349 حالة، كانت تأميمات في قطاع بنوك وشركات تأمين أجنبية، وفي 300 حالة في الصناعة الاستخراجية، منها 220 شركة عاملة في قطاع النفط، وفي 221 حالة في قطاع شركات الصناعة التحويلية.

ومن الطبيعي أن هذه الإحصائيات ليست بالضرورة تتساوي أهميتها السياسية بأهميتها الاقتصادية، ولكنها من المؤكد تعطي مؤشرات هامة ولذلك يقتضي الإشارة بأن هذه التأميمات أصابت بالدرجة الأولى شركات بريطانية في 521 حالة، و342 حالة شركات أمريكية، وفي 146 حالة لشركات فرنسية.

وبرغم أن هذه التأمينات قد أضعفت مواقع إمبريالية، بهذه الطريقة أو تلك، إلا أنه لا يجوز غض النظر بأن محتواها الاقتصادي / الاجتماعي ودرجة تأثيرها نظراً إلى ظروف الاستغلال للاحتكارات الأجنبية، ليس متساو في كافة البلدان، وهنا يلعب التوجه الاجتماعي في الدول دوراً أساسياً، ويتناول هنا سلطة الدولة والتي تتحول الشركة المؤممة أو جزء من رأسمالها إلى ممتلكات الدولة، وطبيعة العلاقات الإنتاجية المتكونة. وفي حالات عديدة تسمح التأمينات في البلدان النامية ذات النظام الاقتصادي المتجه نحو الرأسمالية، تسمح للاحتكارات الدولية إعادة تنظيم تأثيرها الاستعماري الجديد، واستحداث نشاطات تتمكن من خلالها الدخول إلى مجالات جديدة، كما وليس نادراً أن حدث إعادة الممتلكات الخاصة المؤممة إلى أصحابها..

ويمكن للتأميمات إن كانت مدروسة وفي ظل سياسة وخطط تنمية راسخة تحت شروط التوجه الوطني اللارأسمالي، أن تؤدي ترسيخ الاستقلال الوطني وتقوية الأسس المادية للتقدم الاجتماعي.

وتساهم الإجراءات الأخرى التي تتخذها البلدان النامية ضد الاحتكارات وتأثيراتها من كونها متعلقة بالشروط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتوفرة بالدرجة التي توصل إليها هذا البلد أو ذاك من السيادة الوطنية. وقد أثبتت لجنة الأمم المتحدة حول الشركات المتعددة الجنسية حيث ورد ما نصه " أن بعض البلدان النامية تبدي قلقاً متزايداً من نشاطات الشركات المتعددة الجنسية " وتتفاوت القدرات من بلد إلى آخر على إيجاد إستراتيجية للتصرف إزاء فعاليات الشركات المتعددة الجنسية وملاحظاتنا أعلاه والبراهين تجعل ما ذهبنا بصدده في غاية الوضوح، مع التزامنا التعبير عنها بدقة.

لا يمكن التصدي بسهولة لعمالقة الاحتكارات، وهم (بجشعهم وتقديسهم لمبدأ الأرباح) يمثلون المثل المعادية للإنسانية والإنسان في تطبيقهم بشكل شامل وصارم مثل وقيم الرأسمالية والإمبريالية، والتي تمثل الإنتاج المتقدم للنظام الرأسمالي، فهذه الاحتكارات (ش. م. ج) لا يمكن التصدي لهم بالمثل الأخلاقية وبتحذيرات تدعو لحسن التصرف، أو بطلبات العدالة في الأسعار، أو المساعدة في تكنولوجيات مؤثرة وفق أولوية حقوق الدول النامية. وسعي (ش. م. ج) نحو الأرباح والتسلط إنما هو نتاج موضوعي لقوانينها الداخلية لتراكم رأس المال ونتيجة لذلك. وفقط يمكن وضع الحدود لها والموانع لأعمالها عندما تصطدم بقوة حقيقية وبإرادة صلبة، أي عندما نعمل قوى اقتصادية وسياسية أقوى منها ضدها.

إن احتمالات النجاح في الصراع ضد الاحتكارات الدولية تعتمد بدرجة عالية على علاقات قوى وعوامل سلطة واقعية تصارع الاحتكارات على نطاق العالم، والمنطقة وعلى نطاق الأمة من القوى المعادية للاحتكارات واستخدام قواها بشكل فعال ومؤثر. ومن وجهة النظر هذه نجد أن الطاقات الاقتصادية للمقومة ضد الاحتكارات في الدول النامية في حد ذاتها محدودة نسبياً في الوقت الحالي، وتعتمد هذه قبل كل شيئ على ثرواتها الطبيعية وهنا تبدو أكثر مؤثرة ولكن ذلك يختلف بحسب البلدان. وينسحب ذلك في الوقت الحاضر على تراكم رأس المال لبعض الدول التي لا تزال تستغل بصورة رجعية وعدا ذلك تنسحب على احتياطي القوى العاملة وحجم السوق والاحتياطيات الكامنة للطاقة ...الخ.

وما يشبه ذلك نلاحظه عند القوى الاجتماعية المضادة: الطبقة العاملة كقوة اجتماعية رئيسية في النضال ضد الاحتكارات لا زالت في الكثير من البلدان النامية في طور التشكيل كطبقة وتنظيمها وقواها النضالية تصطدم بالعديد من العوامل القوية، ولا زالت تشارك بشكل غير كاف في النضال العام ضد الاحتكارات الدولية. أما البورجوازية الوطنية فلا زالت بالنسبة لعلاقاتها مع الاحتكارات منشطرة إلى أقسام مختلفة، والتي على أساس صفاتها الطبقية تميل قليلا أو كثيرا إلى المساومات لذا هي مشتتة، وغالباً ما تتخذ البورجوازية الصغيرة مواقف راديكالية ضد الاحتكارات الأجنبية ولكن بقاعدة اقتصادية ضعيفة ومبعثرة.

ولا يمكن أن تنال العوامل الاقتصادية في البلدان النامية أهمية أكبر من النزاع مع الاحتكارات الدولية (ش. م. ج) وقدرات السلطة السياسية للقوى الوطنية، وسلطة الدولة الوطنية، وتحقيق نتائج ملموسة إلا من خلال خلق علاقات عمل وتلاحم راسخة ضد الإمبريالية على الصعيد الوطني والدولي، وفقط من خلال تعبئة هذه القدرات يمكن أن تكون الطاقات الاقتصادية والاجتماعية للبلدان النامية مؤثرة في الصراع ضد الاحتكارات.

وأخيراً وليس آخراً، يستنتج من كل هذا لماذا نعتبر ترسيخ السيادة الوطنية للدول المتحررة حالياً مسألة رئيسية في الصراع ضد الاحتكارات الدولية ومن أجل التعبير الديمقراطي للعلاقات الاقتصادية العالمية الرأسمالية. وتعتبر قرارات الأمم المتحدة والميثاق الذي تم الاتفاق عليه في الاجتماع العام التاسع والعشرون " ميثاق الحقوق والواجبات الاقتصادية للدول " الإطار التوجيهي المناسب للتطبيق في القوانين الدولية وإعطاؤه محتوى مادي في البلدان ذاتها. وإذا كان تقرير ريو (Rio) يطلب تجاه ذلك التنازل الاختياري عن السيادة الوطنية، بسيادة توظيفية، فذلك يعني تحويل هذه السيادة إلى الشركات المتعددة الجنسية وهو اتجاه خاطئ تماماً.

نفس الشيئ ينطبق تماماً على التخطيطات الانفصالية والتي يمثلها نظرياً (على سبيل المثال) سمير أمين، أو التي توجد في نظرية الانحلال ل ديتر زتكهاز، وتزول هذه أخيرا أمام الواجب الصعب للتغير الديمقراطي والقضاء التام على الاستعمار في العلاقات الاقتصادية العالمية وتتجه أكثر أو أقل ضد التفاعل والتعاون الضروري والمتاح بين البلدان النامية في تحالفات عريضة صد الأنشطة الامبريالية ، ولكنهم يبالغون في تقدير الامكانات في التعاون الاقتصادي للبلدان النامية فيما بينها على شكل تشعبات اقتصادية إقليمية وبنوك تنمية وروابط إنتاجية ومعامل مشتركة ومؤسسات بحوث ... الخ لتقوية مواقعها ضد الاحتكارات الدولية (ش. م. ج). والدول الإمبريالية لإزالة وإضعاف ارتباطاتها الحالية. ويعملون هذا في إطار تخطيط تقوية الاستقلال الوطني والجماعي. إن تحقيق خطوات كهذه لا يمكن عزلها عن تغيرات اقتصادية واجتماعية ضرورية وإضافة إلى ذلك يجب الاهتمام بالأخطار الناجمة عن هذه التجارب لاستغلال التعاون الاقتصادي الإقليمي الاستعماري الجديد والخطوات الأولى للتكامل بشكل كبير.

إن النجاحات التي توصلت إليها البلدان النامية حتى الآن في تكوين اقتصاد وطني وفي ترسيخ السيادة قد ثبتت مواقعها تجاه الاحتكارات الدولية وأضعفت سيادة هذه الاحتكارات التي كانت في نهاية الستينات غير محدودة في دول آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية من مختلف الجوانب وإن كانت هذه الإجراءات ضد الاحتكارات ليست بطابع شمولي. (8)

هذا التطور الذي أصبح ممكناً بفضل علاقات القوى المغيرة في العالم والتوجه نحو الانفراج جعل كل ذلك ممكناً على أساس علاقات القوى المتغيرة في العالم والتوجه نحو الانفراج جعل ذلك مجالاً لتلاعب الاحتكارات الدولية أضيق، حيث وضعت حدود معينة لاندفاعها نحو التدخل المفتوح (في العادة باستخدام وسائل عسكرية أو أجهزة أمن الدول الإمبريالية) وهذا ما جعل الرجوع إلى سياسة القوة في حالات معينة وفي المستقبل أمراً وراداً في الإستراتيجية الامبريالية . وفي نفس الوقت أاضطرار الاستعمار الجديد إلى اكتساب خصائص جديدة في البلدان النامية. إن وضعاً كهذا ملائم أكثر للبلدان النامية، وسببه الرئيسي كان التأثير المتنامي لتيارات التحرر العالمية على الأحداث الدولية، والتأثير المتنامي للتوجهات المعادية للإمبريالية على الأحداث الدولية، الوقوف لأجل تحديد ومزاحمة تأثير الاحتكارات الدولية في البلدان النامية والذي في نفس الوقت محتواه (الوضع الجديد) الاستفادة الممكنة من القدرات الاقتصادية والفنية للاحتكارات لتطوير البلدان النامية بضمان مصالحها الوطنية هو جزء لا يتجزأ من الكفاح الذي باشرت فيه الدول ذات التوجه الوطني في التنمية منذ أمد طويل وتمارسه مع البلدان النامية لأجل تغير ديمقراطي للعلاقات الاقتصادية الدولية.

أن نجاح هذه المجهودات النهائي تعني قبل كل شيئ امتداد عملية إزالة الرأسمالية على المجال الاقتصادي، ووضع حد نهائي لعبودية الاحتكارات المسماة (الشركات المتعددة الجنسية) والإمبريالية لاستغلال الموارد الطبيعية والبشرية للدول النامية من قبل الدول الرأسمالية المتطورة.
وتنطلق السياسة العملية للبلدان النامية المتحررة من أن : عملية جعل الإنتاج جماعي غير قابلة للإعادة، وبأن الإنتاج الكبير الحجم وتعميق تقسيم العمل في القياس القومي وكذلك الدولي تمثل اتجاهات موضوعية لتطور قوى الإنتاج. لم يعد هناك من إمكانية لآمال خيالية بالرجوع إلى جنة المنافسة الحرة أو لتصورات غير واقعية عن رقابة ذاتية أو قلب جوهر الاحتكارات الدولية(ش. م. ج) .

ولا يمكن أن تتم إنجاز عمليات رقابة مؤثرة على فعاليات الاحتكارات الدولي (ش. م. ج) في البلدان النامية أو إجراء التأميم الديمقراطي وضمان تطبيق هذه المراحل، إلا من خلال تحالف وطيد ضد الإمبريالية على مستوى دولي وتغيرات داخلية اجتماعية واقتصادية وقاعدية (في البناء التحتي)، في هذا الإطار ترى البلدان المتحررة أيضاً الإمكانات والحدود للقوانين المحددة للشركات المتعددة الجنسية.

إن علاقات تعاون بين القوى الدولية من أجل التحرر وبين العمليات ضد الاحتكارات للحركات العمالية والتقدمية في البلدان الصناعية الرأسمالية والاتجاهات الوطنية في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية أصبح شرطاً ضرورياً لنجاح الكفاح الذي تقوده البلدان النامية لأجل التحرر الاقتصادي ومن أجل نظام اقتصادي دولي جديد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش
• الكاتبان يعبران عن مصطلح شركات متعددة الجنسية (M.N.C) (ش. م. ج) بالمصطلح الاقتصادية " الاحتكارات الدولية " والاحتكار هو مؤشر لعمل اقتصادي أكبر من شركة/ المترجم
• يعني المؤلفان هنا، نمط تحرك الرأسمالية الإمبريالية وظهور الاستعمار الجديد وتقلص نفوذ الدول الاستعمارية القديمة: إنكلترا، فرنسا، هولندة، البرتغال، وظهور الاستعمار الجديد، الإمبريالية (New Colonialism - Imerialism) بقيادة الولايات المتحدة. / المترجم.
• بلدان المتروبولات (Metopols) هي البلدان الرأسمالية الرئيسية " بلدان المركز ". / المترجم
• كما لدى الاحتكارات خبرائها القانونيين الذين يعرفون ولديهم الخبرة في التسلل والاستفادة من المعطيات الموجودة في كل بلد نام. / المترجم
• تصدير رأس المال (Capital Export) هو الظاهرة الأهم في الاقتصاد الرأسمالي. / المترجم.
• يندر أن يفلت خبير أو عالم جديد من خريجي الجامعات الغربية المتفوقين من البلدان النامية من براثن الشركات الاحتكارية العملاقة، فيتم إغراؤه وتوظيفه بشتى السبل. / المترجم
• البلدان النامية في نضالها من أجل تقليص التبعية، مضطرة إلى اللجوء إلى (ش. م. ج) في عمليات التوصل إلى التكنولوجيا، ولكن عليها أن تراقب فعالياتها بدقة، وتحاول أن تقلص ما استطاعت لذلك، من الآثار السلبية. / المترجم.
• يلاحظ القارئ أن الموقف على صعيد العمل الدولي قد تغير تغيراً ملحوظاً بتفكك الاتحاد السوفيتي ومنظومة البلدان الاشتراكية، لصالح المعسكر الإمبريالي لأسباب وظروف عديدة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

مقالات إقتصادية، الإقتصاد، الإحتكار، الاسواق، التبعية، الصراعات،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 16-10-2020  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا
  من معارك العرب الكبرى : معركة أنوال المجيدة
  نظرية المؤامرة Conspiracy Theory
  نوع جديد من الحروب
  نبوءة دقيقة
  الولايات المتحدة منزعجة من السياسة المصرية ...!
  لماذا أنهار الغرب
  قمة بريكس في جوهانسبرغ
  القضية العراقية في شبكة العلاقات الدولية
  نهاية مخزية للفرانكفونية .. وأمثالها

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سامح لطف الله، تونسي، مراد قميزة، منجي باكير، فوزي مسعود ، د. عادل محمد عايش الأسطل، سليمان أحمد أبو ستة، د. عبد الآله المالكي، جاسم الرصيف، أشرف إبراهيم حجاج، سامر أبو رمان ، حميدة الطيلوش، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حسن الطرابلسي، رضا الدبّابي، محمد الياسين، عبد الرزاق قيراط ، العادل السمعلي، محمد يحي، خبَّاب بن مروان الحمد، عواطف منصور، محمود طرشوبي، أنس الشابي، محرر "بوابتي"، عمار غيلوفي، د.محمد فتحي عبد العال، عبد الله الفقير، إياد محمود حسين ، د. صلاح عودة الله ، سعود السبعاني، عمر غازي، سلام الشماع، د - المنجي الكعبي، ماهر عدنان قنديل، د- جابر قميحة، فتحي الزغل، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - مصطفى فهمي، رشيد السيد أحمد، مصطفي زهران، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سيد السباعي، صلاح الحريري، محمد العيادي، حسن عثمان، صالح النعامي ، رافع القارصي، محمد أحمد عزوز، أحمد النعيمي، د - عادل رضا، د. مصطفى يوسف اللداوي، الناصر الرقيق، فتحي العابد، مجدى داود، مصطفى منيغ، خالد الجاف ، إسراء أبو رمان، سفيان عبد الكافي، د- محمد رحال، حاتم الصولي، كريم فارق، محمود فاروق سيد شعبان، عزيز العرباوي، إيمى الأشقر، ضحى عبد الرحمن، أحمد ملحم، د. طارق عبد الحليم، محمد شمام ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أحمد بوادي، د. خالد الطراولي ، د- هاني ابوالفتوح، أ.د. مصطفى رجب، علي الكاش، د - محمد بنيعيش، نادية سعد، يزيد بن الحسين، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أبو سمية، ياسين أحمد، د - صالح المازقي، طلال قسومي، رمضان حينوني، وائل بنجدو، أحمد الحباسي، د - شاكر الحوكي ، عبد الغني مزوز، صفاء العربي، المولدي الفرجاني، رحاب اسعد بيوض التميمي، فهمي شراب، الهادي المثلوثي، سلوى المغربي، محمد عمر غرس الله، علي عبد العال، يحيي البوليني، د - محمد بن موسى الشريف ، د - الضاوي خوالدية، صفاء العراقي، عبد الله زيدان، عراق المطيري، صباح الموسوي ، رافد العزاوي، محمد اسعد بيوض التميمي، صلاح المختار، محمود سلطان، محمد الطرابلسي، فتحـي قاره بيبـان، د. أحمد محمد سليمان، د- محمود علي عريقات، د. أحمد بشير، كريم السليتي، حسني إبراهيم عبد العظيم، الهيثم زعفان،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة