البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

فساد وغسيل أموال.. قصة شراء تونسيين مساكن في إسبانيا

كاتب المقال عائد عميرة - تونس   
 المشاهدات: 2079



لم تمض أيام قليلة على إعلان تونس خروجها من قائمة أوروبية للبلدان ذات المخاطر العالية في مجال مقاومة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، حتى تفجرت فضيحة جديدة أبطالها أطباء وسياسيون قاموا بشراء منازل فاخرة بإحدى المدن الإسبانية السياحية دون المرور بالبنك المركزي التونسي.

قضية فساد
يناير/كانون الثاني الماضي، تقدم مُبلّغ عن الفساد إلى النيابة العمومية بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي بتونس وأبلغ عن شبهات فساد بخصوص اقتناء تونسيين لشقق فاخرة في مدينة "أليكانتي" التابعة لكوستا بلانكا في جنوب شرق إسبانيا.

إثر وصول هذه المعلومات إليها، أجرت النيابة العمومية أعمالًا أولية للتأكد من مدى جدية موضوع التبليغ، قبل الإذن إلى فرقة من الضابطة العدلية المختصة بإتمام إجراءات الأبحاث الأولية، وفق ما أفاد به نائب وكيل الجمهورية، رئيس وحدة الإعلام والاتصال بالمحكمة الابتدائية بتونس، محسن الدالي.

تفيد المعلومات التي وصلت مكتب الادعاء العام، أن تونسيين يملكون عقارات فاخرة في منطقة فخمة من مدينة أليكانتي التي تقع في منطقة كوستا بلانكا الإسبانية وتقدر أثمانها بملايين الدولارات، حيث أن الصناعة السياحية متطورة للغاية.

تعد كوستا بلانكا، المعروفة باسم "الساحل الأبيض"، الوجهة الأكثر شعبية على مدار العام في إسبانيا، حيث تضم شواطئ رملية خلابة وقرى ساحرة والكثير من المنتجعات السياحية النابضة بالحياة التي تقع على البحر الأبيض المتوسط، لذلك يحبذ الكثير من المشهورين الاستثمار فيها.

قامت النيابة العمومية بالاتصال والتعاون مع السلطات الإسبانية، ومن ثم استجوبت المتهمين (لم تكشف هوياتهم) فيما يتعلق بأصل المبالغ الكبيرة بالعملة الأجنبية التي مكنت من شراء هذه العقارات في "مدينة الأغنياء" دون أن يتم التصريح بأي شيء لدى البنك المركزي التونسي.

جدير بالذكر أن تحركات الادعاء العام في تونس، جاءت بعد وقت قليل من بدء الشرطة المالية والشرطة الوطنية والحرس المدني حملة لمكافحة غسيل الأموال وتجارة المخدرات، اتضح أن أغلب المشبوه فيهم مغاربة وجزائريون وتونسيون لهم أنشطة مشبوهة في إسبانيا وفي بلدانهم.

تبييض وغسل أموال؟
بعد استكمال الأبحاث الأولية، قررت النيابة العمومية بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي بتونس نهاية الأسبوع الماضي، الاحتفاظ بأربعة أشخاص من المشمولين بالبحث في قضية اقتناء الشقق بإسبانيا، عن طريق إحدى الشركات دون المرور بالبنك المركزي التونسي.

الأشخاص الأربع المحتفظ بهم "هم من جملة نحو 35 شخصًا شملتهم الأبحاث في القضية ذاتها، بسبب جرائم صرفية لعدم تعاملهم عن طريق البنك المركزي التونسي، إضافة إلى وجود شبهة تبييض وغسل أموال بالنسبة إلى الشركة التي توسّطت في عملية اقتناء هذه الشراءات"، وفق النيابة التونسية.

وينص القانون الإسباني منذ عام 2013، على منح الأجانب حق الحصول على تصريح إقامة في إسبانيا إذا اشتروا عقارًا بأكثر من 500 ألف يورو أو استثمروا مليوني يورو في وصولات الخزينة، وهو ما مثل منفذًا لشبكات الجريمة المنظمة لتبييض وغسل الأموال.


تعد إسبانيا، وفق تقارير عديدة ملجأ لعدد كبير من العصابات الإجرامية المنظمة التي تشارك بشكل رئيسي في غسيل وتبييض الأموال والاستثمارات العقارية وتجارة الكوكايين والحشيش ومخدرات الأمفيتامين غير القانونية.

ويمنع القانون التونسي تحويل أموال إلى الخارج دون العبور على المسالك البنكية التونسية، ويعد هذا الأمر جريمة صرفية، حيث يجرّم القانون "الحصول على مكتسبات بالخارج دون اتباع الإجراءات القانونية المعمول بها في التحويلات المالية ودون إعلام البنك المركزي".

وتقدر المبالغ المالية موضوع شبهة الفساد، مبدئيًا بـ25 مليون دينار، ورغم عدم كشف هوية المتهمين، فقد أكدت تقارير عدة وجود أطباء وسياسيين ومحامين ورجال أعمال ضمنهم، وقد استغلوا الأزمة الاقتصادية التي تمر بها إسبانيا لشراء العقارات هناك.

جريمة رائجة
هذه القضية ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فغسيل وتبييض الأموال في تونس جريمة رائجة رغم الترسانة القانونية والمؤسساتية لمنع غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في البلاد التي تعزّزت مع صدور قانون 2015 مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال.

وتنتعش ظاهرة غسل الأموال في تونس، منذ تفشي الفساد في البلاد، واحتلت تونس المرتبة 74 في التصنيف العالمي لمكافحة الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، من مجموع 180 دولة، ويعود تأخر ترتيب تونس في مؤشر مدركات الفساد أساسًا إلى تواصل ظاهرة الإفلات من العقاب وتواصل السياسة الانتقائية في تحريك ملفات الفساد بالإضافة إلى غياب تطبيق قانون حماية المبلغين.

وسبق أن أدرجت مجموعة العمل المالي (منظمة حكومية دولية مقرها باريس تأسست سنة 1989 وتهدف إلى محاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب) والبرلمان الأوروبي تونس، ضمن القائمة السوداء لغسل الأموال وتمويل الإرهاب.

كما سبق أن أدرج وزراء مالية الاتحاد الأوروبي، تونس في الـ5 من ديسمبر/كانون الأول 2017، على قائمة سوداء تتعلّق بالملاذات الضريبية الآمنة على مستوى العالم، تضمنت 17 دولة، قبل مراجعة التصنيف في 23 من يناير/كانون الثاني 2018، ليتم إدراجها ضمن القائمة الرمادية، بعد تعهّد حكومي حينها بإجراء العديد من الإصلاحات.

وتقول الحكومة التونسية إنها أجرت عدة إصلاحات تشريعية لتجاوز النقص في أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، على غرار تركيز السجل الوطني للمؤسسات إلى جانب إصدار المعايير المهنية المتعلقة بالتزامات الخبراء المحاسبين فيما يتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإعداد أدلة للمراقبين المعنيين بالرقابة على المهن المالية وغير المالية، فضلًا عن إصدار القائمة الوطنية للعناصر الإرهابية والتنظيمات الإرهابية وتجميد أموال وأصول تلك العناصر.


رغم كل ذلك، تبقى جريمة غسل وتبييض الأموال من الجرائم الأكثر رواجًا في تونس، في ظل تواصل ثقافة الإفلات من العقاب وعدم وجود إرادة سياسية للقضاء على هذه الآفة التي أضرت بصورة البلاد في الخارج وباقتصادها الذي يعاني أزمات متعددة.

وسبق أن أطلق رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (حكومية) شوقي الطبيب، صيحة فزع أكد خلالها أن "الفساد انتشر بشكل وبائي وتونس قد تتحول إلى دولة مافيات، ما لم نفعل شيئًا لمكافحته"، وشدد على أن "بارونات الفساد اخترقوا وزارة الداخلية ووزارة المالية والجمارك والقضاء ووسائل الإعلام ومجلس النواب والأحزاب السياسية"، مشيرًا إلى أن قرابة ملياري دينار تونسي (نحو مليار دولار) تُستنزف من ميزانية الدولة نتيجة غياب الحوكمة والتصرف الرشيد في مؤسساتها.

قضية شراء مساكن فاخرة في إحدى المدن السياحية بإسبانيا دون المرور بالمسالك المالية الرسمية، من شأنها أن تسلط الضوء مجددًا على قضايا الفساد في تونس وملف غسل الأموال، خاصة في ظل تعهد الحكومة الحاليّة بمحاربة الفساد دون انتقائية أو تمييز لدفع عجل اقتصاد البلاد.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، اليسار التونسي، الثورة المضادة، بقايا فرنسا،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 8-06-2020   المصدر: نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د- هاني ابوالفتوح، د - محمد بنيعيش، د- جابر قميحة، كريم فارق، خبَّاب بن مروان الحمد، سفيان عبد الكافي، فتحي العابد، رحاب اسعد بيوض التميمي، سعود السبعاني، فتحي الزغل، رشيد السيد أحمد، ضحى عبد الرحمن، سليمان أحمد أبو ستة، عبد الله الفقير، محمود سلطان، د. عادل محمد عايش الأسطل، صفاء العربي، د. مصطفى يوسف اللداوي، علي عبد العال، علي الكاش، د- محمد رحال، منجي باكير، ياسين أحمد، سلوى المغربي، صفاء العراقي، أحمد ملحم، سلام الشماع، د - عادل رضا، رافد العزاوي، وائل بنجدو، تونسي، د - صالح المازقي، إيمى الأشقر، محمد اسعد بيوض التميمي، د.محمد فتحي عبد العال، صلاح المختار، فوزي مسعود ، عمر غازي، محمود فاروق سيد شعبان، رافع القارصي، محمد أحمد عزوز، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أبو سمية، محمد عمر غرس الله، يحيي البوليني، د. أحمد بشير، إياد محمود حسين ، حاتم الصولي، مصطفى منيغ، د. عبد الآله المالكي، أحمد النعيمي، أحمد بوادي، رضا الدبّابي، ماهر عدنان قنديل، يزيد بن الحسين، الهادي المثلوثي، صالح النعامي ، د- محمود علي عريقات، فتحـي قاره بيبـان، د. صلاح عودة الله ، خالد الجاف ، محمد يحي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، طلال قسومي، مصطفي زهران، أ.د. مصطفى رجب، سامح لطف الله، فهمي شراب، حسن عثمان، صباح الموسوي ، محرر "بوابتي"، رمضان حينوني، صلاح الحريري، المولدي الفرجاني، نادية سعد، محمد الطرابلسي، أحمد الحباسي، محمود طرشوبي، محمد الياسين، حميدة الطيلوش، أنس الشابي، عبد الله زيدان، إسراء أبو رمان، محمد العيادي، د. خالد الطراولي ، سيد السباعي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - الضاوي خوالدية، كريم السليتي، د - مصطفى فهمي، عبد الرزاق قيراط ، د - محمد بن موسى الشريف ، د - شاكر الحوكي ، د. طارق عبد الحليم، مجدى داود، الهيثم زعفان، عبد الغني مزوز، العادل السمعلي، د. أحمد محمد سليمان، حسن الطرابلسي، جاسم الرصيف، حسني إبراهيم عبد العظيم، أشرف إبراهيم حجاج، عواطف منصور، عراق المطيري، الناصر الرقيق، د - المنجي الكعبي، مراد قميزة، سامر أبو رمان ، عزيز العرباوي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عمار غيلوفي، محمد شمام ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة