البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

لماذا يريدون تخريب تونس؟ ولماذا سيفشلون؟

كاتب المقال فراس أبو هلال   
 المشاهدات: 1782



لا تخطئ عين المراقب عندما تلاحظ أن ثمة "حملة" على تجربة ثورة تونس هذه الأيام، من أطراف داخلية وخارجية، اعتادت أن تضع العصي في دواليب الانتقال الديمقراطي في هذا البلد الجميل، الذي يخط تجربته الخاصة، ببطء، ولكن بمسار واضح.

وليس المقصود هنا فقط تكثيف الهجوم على رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة "راشد الغنوشي"، باتهامات سخيفة تتعلق بالمال العام والإثراء، ولا بكمية المقالات التي تنشرها صحف ومواقع مصرية وسعودية وإماراتية تتهمه وتتهم حركته بآخر شيء يمكن أن تتهم به وهو التطرف والسلطوية، في حين أن الحركة تتهم من بعض مؤيديها بالمبالغة في انفتاحها وتنازلها عن حصتها العادلة في السلطة بحسب نتائج الانتخابات، ولكننا نعني حملة بالمعنى الحرفي للكلمة، يقودها ويخططها "مايسترو" واحد، يسيطر على حركتها في الداخل والخارج.

فإضافة لتكثيف الضخ الإعلامي ضد النهضة ورئيسها، يمكن ملاحظة معالم أخرى للحملة على مسار تونس:


- صناعة حركة احتجاج وهمية، يقودها أشخاص مجهولون، تحت شعار "اعتصام الرحيل 2"، تهدف بحسب صحف سعودية! "لإعادة كتابة الدستور، وإقالة رئيس مجلس النواب لأنه غير منتخب من قبل الشعب، وصياغة قانون انتخاب جديد"، وكأن هناك رئيس مجلس نواب ينتخب مباشرة من قبل الشعب في أي بلد بالعالم!

- نشر تقارير إعلامية مفبركة في قنوات وصحف محور "الثورة المضادة"، كان آخرها تقرير لقناة الغد المقربة من الإمارات عن مظاهرات احتجاجية في 7 مدن تونسية، تبين أنها مظاهرات جرت قبل أسبوع من قبل جمهور كرة القدم. هكذا تتحول احتجاجات رياضية معزولة ببساطة إلى مظاهرات سياسية في سبع مدن!

- ترويج إعلامي لمزاعم عن صراع على السلطات بين رئيس مجلس النواب ورئيس الدولة، واستغلال بعض الخطابات ذات الرسائل المختلطة من قبل الرئيس قيس سعيد لتعزيز هذه المزاعم، في حين أن أي طفل أو مبتدئ بالسياسة يعلم أن لا علاقة بين صلاحيات الرئيس في الدستور التونسي وصلاحيات رئيس مجلس النواب، وإذا كان هناك إمكانية لتنازع صلاحيات فمن الممكن أن يحصل بين الرئيس ورئيس الوزراء وليس رئيس مجلس النواب، الذي لا يملك صلاحيات تنفيذية!

لماذا يريدون تخريب تونس؟

لم تكن هذه المحاولة لتخريب مسار تونس هي الأولى. فقد بدأت دول الثورة المضادة سعيها للانقضاض على الانتقال الديمقراطي في عام 2013 بالاستفادة من أجواء خلقها الانقلاب العسكري في مصر، واستطاعت تحقيق بعض النقاط، ولكنها لم تنجح بشكل كامل حتى الآن، ولهذا فإنها تواصل المحاولة عند أي فرصة ممكنة.

باعتبارها موطن انطلاق الربيع العربي، ومصدر إلهام الشعوب العربية بإمكانية انتصار الثورات، فهي التي أثبتت أن الشعوب إذا أرادت الحياة "فلا بد أن يستجيب القدر"، وهو الأمر الذي شكل إلهاما لا يمكن القبول باستمراره بالنسبة لمحور الثورة المضادة، ولهذا فإنهم يريدون إنهاءه بأي ثمن.

أما السبب الآخر، فهو أن تونس تمثل جزءا من مجموعة دول تمتلك مسارا انتقاليا ناجحا بدرجات متفاوتة، ونعني بذلك المغرب تحديدا، ثم الجزائر بدرجة أقل، وأضيف لها مؤخرا ليبيا التي صارت الأحداث فيها تسير باتجاه يمكن أن يجعل تجربتها مؤهلة لنجاح نسبي. هذه النجاحات المتفاوتة جعلت محور الثورة المضادة ينشط في تلك الدول، في محاولة لتخريب مسارها الانتقالي.



وهو ما يحدث في تونس والمغرب سياسيا بشكل واضح، في حين يتخذ طابعا عسكريا في ليبيا عبر دعم الجنرال الانقلابي خليفة حفتر.

ولعل النجاحات النسبية في ليبيا، هي ما صعّدت من حملة محور الثورات المضادة في تونس بشكل علني، وفي المغرب بشكل ناعم أدى لظهور الخلافات المكبوتة على السطح خلال الأسابيع الماضية، ما يؤكد رغبة هذا المحور بمنع تشكّل منظومة ديمقراطية من عدة دول متجاورة في شمال إفريقيا.

لماذا سيفشلون؟

لا نشك للحظة أن محاولات تخريب تونس من قبل "الثورة المضادة" ستفشل فشلا ذريعا، لأسباب موضوعية كثيرة.

لقد كانت تونس عصية على التخريب منذ البداية وستبقى كذلك، لأن شعبها أثبت تصميمه على عدم العودة للماضي. صحيح أنه غير راض تماما عن المسار الانتقالي، وغاضب بسبب تأخير قطف ثمار الثورة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، ولكنه بنفس الوقت يدرك أهمية التغيير الذي حدث على صعيد الحياة السياسية ومستوى الحريات، وهو لا يريد العودة لدولة البوليس وعهد السرقة والفساد المحميّ بالقمع والاستبداد.

وإذا كانت بعض النخب المعزولة في تونس رضيت بأن ترهن نفسها لأجندات التخريب الخارجية، بسبب انغماسها بالصراع الأيدولوجي مع النهضة، فإن غالبية النخب التونسية رضيت بالصراع داخل قوانين اللعبة الديمقراطية. فقد تمارس هذه النخب ألاعيب السياسة بأبشع صورها، ولكن ضمن إطار الدستور، ولذلك فإنها لن تقبل أن تكون جزءا من محاولات تخريب المسار الديمقراطي برمته، لأنها ستكون في مقدمة ضحايا هذا التخريب، إن حصل.

قد تخطئ بهذا القرار أو ذاك، ولكنها منذ نجاح الثورة غلّبت مصلحة التوافق وحفظ المسار الانتقالي على مصالحها وحقها بالحصول على نصيبها من السلطة، وهو هدف أي حزب سياسي في العالم.

وفوق كل هذه الأسباب التي تجعلنا متأكدين من فشل محاولات تخريب تونس، فإن رئيسا جاء بطريقة دستورية وشعبية، لن يقبل أن يرهن قرار بلاده لمشاريع تغيير غير دستورية.

قد يكون لديه خلافاته مع الحكومة أو البرلمان، وقد يمارس خطابا "انتخابيا شعبويا" مع أنه على رأس السلطة الآن، ولكنه في نهاية اليوم لن يقبل أن يكون معولا في عملية تخريب للمسار الذي جاء به لرأس السلطة، خصوصا أنه يمثل مؤسسة مهمة في بلد كانت مؤسساته العسكرية والبيروقراطية منذ يوم 14 يناير 2011 جزءا من الثورة ومسار الانتقال الديمقراطي، ولن تقبل أن تضع في سجلها أنها حادت عن هذا المسار، لصالح مساعي التخريب، التي ستكون تونس بلدا وشعبا أول الخاسرين فيها، لا قدر الله.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، فرنسا، بقايا فرنسا، التبعية، الثورة المضادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 1-06-2020   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
خبَّاب بن مروان الحمد، د. طارق عبد الحليم، رحاب اسعد بيوض التميمي، حاتم الصولي، محمد شمام ، عبد الغني مزوز، محمود طرشوبي، د- محمود علي عريقات، د. عادل محمد عايش الأسطل، عراق المطيري، مراد قميزة، محمود فاروق سيد شعبان، د.محمد فتحي عبد العال، صلاح الحريري، محمد يحي، مصطفي زهران، علي الكاش، فتحي العابد، رضا الدبّابي، عمر غازي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد عمر غرس الله، محمد اسعد بيوض التميمي، د - مصطفى فهمي، المولدي الفرجاني، سيد السباعي، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسن الطرابلسي، سامر أبو رمان ، تونسي، سامح لطف الله، حسن عثمان، أحمد ملحم، أشرف إبراهيم حجاج، رافع القارصي، كريم فارق، صلاح المختار، منجي باكير، عمار غيلوفي، مصطفى منيغ، د- جابر قميحة، محمد الطرابلسي، محمد الياسين، د- هاني ابوالفتوح، إيمى الأشقر، د. كاظم عبد الحسين عباس ، حسني إبراهيم عبد العظيم، يحيي البوليني، رشيد السيد أحمد، يزيد بن الحسين، أنس الشابي، د - المنجي الكعبي، د - محمد بن موسى الشريف ، رمضان حينوني، عواطف منصور، ياسين أحمد، أحمد النعيمي، سليمان أحمد أبو ستة، صفاء العراقي، مجدى داود، رافد العزاوي، صباح الموسوي ، سفيان عبد الكافي، ضحى عبد الرحمن، وائل بنجدو، طلال قسومي، محرر "بوابتي"، د. عبد الآله المالكي، صالح النعامي ، حميدة الطيلوش، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - الضاوي خوالدية، الهادي المثلوثي، العادل السمعلي، إياد محمود حسين ، محمد أحمد عزوز، د. أحمد بشير، فتحـي قاره بيبـان، فتحي الزغل، عبد الله زيدان، د. أحمد محمد سليمان، د- محمد رحال، كريم السليتي، أ.د. مصطفى رجب، أحمد بوادي، محمود سلطان، د. خالد الطراولي ، أحمد الحباسي، ماهر عدنان قنديل، د - شاكر الحوكي ، صفاء العربي، عبد الرزاق قيراط ، د - صالح المازقي، أبو سمية، إسراء أبو رمان، عبد الله الفقير، فوزي مسعود ، سعود السبعاني، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، جاسم الرصيف، فهمي شراب، خالد الجاف ، محمد العيادي، د. صلاح عودة الله ، علي عبد العال، سلام الشماع، د - عادل رضا، د - محمد بنيعيش، نادية سعد، الهيثم زعفان، عزيز العرباوي، سلوى المغربي، الناصر الرقيق،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة