البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

المشهد السياسي التونسي ينظم نفسه ولا عزاء للفاشلين

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 2429



توشك الهيئة المستقلة للانتخابات أن تعلن إغلاق باب الترشح للانتخابات البلدية في تونس، حصص القوم قدراتهم وتقدموا، على الهيئة الآن أن تدخل معركة الورق والمطابع لتكون القائمات جاهزة بعد شهرين، ويذهب الناس إلى اختيار ممثليهم في البلديات، خطوة قانونية سليمة في طريق الانتقال الديمقراطي، سبب للتفاؤل الحذر تزامن مع غيث عميم على أغلب مناطق البلد، يعد بإنقاذ موسم زراعي متعثر.

مشهد واعد بسلام اجتماعي يناقض مشهد الغوطة الشرقية، لن أركز هنا على الذين يتقدمون بقائمات انتخابية في تونس ويكبرون التداول الديمقراطي على السلطة بمستوياتها المختلفة ويكتبون في السوشيال ميديا مكبرين بطولات جزار الغوطة ويهللون للسيسي في مصر باعتباره نموذجًا وقدوة، لكنني سأنظر في جوانب أخرى من المشهد السياسي التونسي وهو يمجد نفسه ليخفي عاهاته المستديمة.

النهضة مدار الحديث

أحدث حزب النهضة في تونس حدثًا أولاً لم يسبق لحزب سياسي أن فعله منذ الاستقلال، لقد رشح الحزب مواطنًا تونسيًا من الطائفة اليهودية بمدينة المنستير(مدينة بورقيبة)، ولم يمر الحدث بهدوء، بل أحدث ضجة جعلت حزب النهضة يحتل النقاشات ويضمن دعاية مجانية كثيرًا ما يستفزها الحزب فتقدم له خدمة سياسية، يمكن للحزب أن يحمد الله على سهولة استدراج خصومه إلى مربع الدعاية لسياساته وقد وقعوا فعلاً، وانتهى المنصفون منهم وهم قلة إلى أن ترشيح مواطن يهودي سابقة مدنية تحسب له لم يفعلها حتى بورقيبة.

لقد كشف خصوم الحزب من كل الفئات قصر نظر غريب، فقد انكشف ارتباكهم إزاء الموقف من اليهود التونسيين، هل هم مواطنون كاملو الحقوق ويحق لهم الترشح والترشيح أم صهاينة متخفون في تونس؟ (علمًا أن الحضور اليهودي في تونس سابق للإسلام).

ذهب البعض منهم إلى كل يهودي صهيوني بالضرورة بما في ذلك فئة من الذين يحجون لمعبد الغريبة اليهودي في جربة كل ربيع مجاملة للطائفة (يأتي صهاينة الكيان كل سنة برحلات مباشرة من الكيان إلى تونس ويحظون باستقبالات رسمية) وفي مقدمة المشنعين على النهضة نجد السيد نجيب الشابي أحد أهم القائلين بأن ما فعلته النهضة مناورة سياسية ورسالة للخارج لإخفاء النوايا الحقيقية للحزب.

من جانب ثانٍ ذهب القائلون بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني إلى حد القول بأن هذا الترشيح هو بداية تطبيع حزب النهضة مع الصهاينة ولكن لم يجدوا بين أيديهم قانونًا يجرم ترشيح مواطن يهودي، فليس في القانون التونسي ما يمنع مواطنًا تونسيًا من حمل جنسية الكيان، علمًا أن كثيرين من المنادين بتجريم التطبيع (قيادة الجبهة الشعبية) يلتقون علنًا قيادات حزب العمل الصهيوني في باريس، غني عن التذكير هنا أن مُجرِّمي التطبيع في تونس يمجدون السيسي في مصر ولا يرونه مطبعًا.

لقد كانت ضربة إعلامية من النهضة صرفت الأنظار عن كل حديث عن قائمات الآخرين وعن نوعية مرشحيهم للانتخابات البلدية وخاصة عن صعوبات تطبيق القانون الانتخابي الذي اضطر بعض الأحزاب إلى شراء مرشحين لاستيفاء شروط القانون.

الغضب الكاذب أو الفشل الذريع

كيف تجعل حزب النهضة يخسر ويتراجع؟ هذا هو البرنامج الوحيد، وهذا برنامج مشروع وممكن لكل حزب سياسي ولكن بأي طريقة يمكن تحقيقه؟ هنا عجزت الأحزاب عن استثمار فشل الحزبين الحاكمين.

فبعد أربع سنوات من عمر التوافق الحاكم (النداء والنهضة) اتسمت بالفشل الذريع في إدارة الشأن الاقتصادي ووضعت البلد عل حافة الإفلاس والانهيار، انتظرنا أن تستثمر المعارضة هذا الفشل لتقلب الطاولة على الحزبين وتستغل الغضب العارم في النفوس فتقدم في الانتخابات البلدية ما يثبت قدرتها على الحكم محليًا ثم تؤسس على ذلك لانتخابات 2019 البرلمانية والرئاسية، فقانون الديمقراطية هو استغلال فشل من في الحكم لأخذ مكانه ببديل أرقى، لكن عشية إغلاق القائمات الانتخابية وجدنا أن كل طيف المعارضة ضعيف بل يعاني تشتتًا مفزعًا ولا يؤشر على أي تقدم عما كان عليه في 2014.

هذا المشهد هو العنوان أو الوجه الحقيقي للطبقة السياسة في تونس، طبقة كسولة وفقيرة في المال وخاصة فقيرة في الكفاءات وعاجزة عن الاستقطاب والدعاية لأفكارها، إن لديها فكرة واحدة أو برنامج واحد ووحيد في الحقيقة وقد عاف الناس ذلك منها فانغلقوا دونها.

زعامات كثيرة متمركزة حول ذواتها الصغيرة ولديها إحساس فائض بالنباهة ولكنها تكرر جملاً سياسية بائسة منذ سنوات طويلة، وقد استعاد بعض الساخرين هذه الأيام حكاية النملة والصرصار ليقارنوا بين عمل حزب النهضة واستعداداها للموعد الانتخابي ومكوث هؤلاء فوق ربوة الكسل ينتظرون أن يفشل الحزب من تلقاء نفسه ليستغلوا قواعده لصالحهم، لكن الحزب لم يفشل بل تقدم عليهم حتى إنه تكرم على بعض الأحزاب والقائمات المستقلة بنواب منه، وظهرت خطابات تهديد بنموذج الجزائر عند فوز جبهة الإنقاذ (الفيس) كأنما يقولون للحزب لا تنجح كثيرًا، هل كان عليه ألا يعمل وقد أفسحت له الطريق؟

حزبان لا ثالث لهما ولا عزاء للفاشلين

لم يمنع حزب النهضة أحدًا من النجاح، ولم يفعل حزب النداء ذلك أيضًا، أربع سنوات من المتابعة والساحة مفتوحة للنجاح ولم ينجح أحد في فتح طريق بين الحزبين ويصنع بديلاً يستقطب الغاضبين، بما يؤهل الساحة في المستقبل المنظور لتكون ملكًا للحزبين سواء اتفقا أو اختلفا، وسواء أبدعا في الحكم وتقدما بالبلد أم فشلا كما هو الحال الآن.

المشهد يتشكل لوضع دائم داخل الفشل، مشهد منقسم بين حزب النهضة وحزب النداء الذي يعيش بعد من قاعدة حزب التجمع (حزب بن علي)، كان هذا ماثلاً منذ بداية سنوات الثمانين وتأجل طويلاً بفعل عمليات تصفية حزب النهضة ولم تفعل الثورة إلا أن منعت الاستئصال بقوة الدولة فعاد المشهد إلى أجواء انتخابات 1981، هل كان يجب أن ننفق أربعين سنة لنعود إلى نقطة صفر؟

هذا الذي حصل وستؤكد ذلك الانتخابات البلدية لسنة 2018 ثم يتكرس ذلك في 2019 ولن نسأل عن اليسار التونسي ولا عن القوميين ولا عن طيف يتظاهر باحتلال وسط المشهد باسم الديمقراطية الاجتماعية، الذين عجزوا منذ 1981 لفتح هذه الطريق سيحملهم الفشل إلى نهاياتهم الوبيلة، لقد فقد اليسار مواقعه في النظام بالتدريج واستهلك كل ورقاته بما في ذلك النقابة التي حولها إلى عدو للشعب تقهره أكثر ما تفعل به الحكومات الفاشلة.

كان يجب أن يحصل هذا وها هو يحصل بقوة، الفرز الديمقراطي السلمي رغم كل المثبطات الاقتصادية، نكتب هذا بكثير من الألم ونقول هي الضارة النافعة، فهذا الغثاء يجب أن يتلاشى ليمكن التعامل مع مشهد منظم ويمكن معارضته لاحقًا من موقع مختلف لا يعيش من المزايدات الكسولة، متى سيمكن تنظيم معارضة مختلفة عن المشهد الحاليّ؟ صدمة ما بعد 2018 ستكون مؤسسة والزمن كفيل بالباقي.



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الإنتخابات البلدية، حركة النهضة، حركة نداء تونس،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 24-02-2018   المصدر: نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سفيان عبد الكافي، عراق المطيري، أحمد ملحم، د - الضاوي خوالدية، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أشرف إبراهيم حجاج، عبد الله الفقير، د. خالد الطراولي ، عبد الرزاق قيراط ، فهمي شراب، د - مصطفى فهمي، صلاح الحريري، كريم السليتي، د- هاني ابوالفتوح، وائل بنجدو، د - المنجي الكعبي، أحمد بوادي، رحاب اسعد بيوض التميمي، سليمان أحمد أبو ستة، يحيي البوليني، علي عبد العال، د - محمد بنيعيش، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد يحي، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد الياسين، د.محمد فتحي عبد العال، محمود سلطان، محرر "بوابتي"، عبد الغني مزوز، مصطفي زهران، د. طارق عبد الحليم، العادل السمعلي، د- جابر قميحة، د- محمد رحال، محمد عمر غرس الله، د. كاظم عبد الحسين عباس ، صلاح المختار، علي الكاش، إياد محمود حسين ، محمود طرشوبي، د. أحمد بشير، أ.د. مصطفى رجب، د - محمد بن موسى الشريف ، د- محمود علي عريقات، محمد العيادي، صباح الموسوي ، مصطفى منيغ، صالح النعامي ، سلام الشماع، عمار غيلوفي، محمد أحمد عزوز، حاتم الصولي، محمد شمام ، صفاء العربي، د. صلاح عودة الله ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حميدة الطيلوش، صفاء العراقي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، إسراء أبو رمان، رافع القارصي، د. أحمد محمد سليمان، الناصر الرقيق، د. عبد الآله المالكي، سلوى المغربي، حسن عثمان، فتحـي قاره بيبـان، رضا الدبّابي، سيد السباعي، مراد قميزة، ضحى عبد الرحمن، رمضان حينوني، سامح لطف الله، كريم فارق، فوزي مسعود ، سامر أبو رمان ، رافد العزاوي، طلال قسومي، نادية سعد، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أبو سمية، ماهر عدنان قنديل، حسن الطرابلسي، أحمد النعيمي، فتحي الزغل، تونسي، مجدى داود، رشيد السيد أحمد، سعود السبعاني، د - عادل رضا، د - صالح المازقي، أحمد الحباسي، ياسين أحمد، المولدي الفرجاني، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد الطرابلسي، خبَّاب بن مروان الحمد، د - شاكر الحوكي ، عمر غازي، أنس الشابي، إيمى الأشقر، جاسم الرصيف، منجي باكير، الهادي المثلوثي، عزيز العرباوي، فتحي العابد، عواطف منصور، يزيد بن الحسين، عبد الله زيدان، الهيثم زعفان، خالد الجاف ، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمود فاروق سيد شعبان،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة