البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

أزمة الحرية الأكاديمية في العالم العربي

كاتب المقال محمد مسعد ياقوت   
 المشاهدات: 8138



لاتقدم في العلم إلا بتوفر الحرية .. وإن البحث العلمي يكون حيث تكون الحرية، والإبداع العلمي لا يمكن أن يتحقق إلا في مناخ ديمقراطي حر، فعلاقة البحث العلمي بالحرية علاقة تأثير وتأثر، تجعل حرية البحث العلمي إلى جوار قمم الحقوق الإنسانية الكبرى، كحق الحياة .. !
هذا، والحرية الأكاديمية ـ أوحرية البحث العلمي ـ من الأهمية القصوى، باعتبار هذه الحرية الأكاديمية، بمثابة المناخ الصحي ، الذي يكفل تحرر البحث من آية التزامات قد تؤثر على مصداقيته وصحة نتائجه ومسار أهدافه ..
فلا بحث علمياً حقيقياً بلا حرية فكرية لا تعرف التوقف سوى عند ثوابت قليلة، تقننها الشريعة الإسلامية ..
وتوسيع دائرة الثابت ليصل إلى حساسية اجتماعية أو ثقافية أو سياسية ؛ هو نوع من الحجر الفكري.. وهو قمع لفكرة البحث العلمي أساساً الذي يقوم على عاملين مهمين.. المنهج الحر في الفحص والتحليل .. والمعلومة الدقيقة الموثقة ..

فقط ، الثابت الوحيد للبحث العلمي، معطيات الشرع النصية، قطعية الثبوت قطعية الدلالة.. أما عدا ذلك .. فلا !

هذا، و البحث العلمي العربي يتعرض لعملية " إضطهاد" من قبل كثير من الأنظمة والسياسات الحالية .. واضطهاد البحث العلمي يحدث حينما تشعر الفئات الحاكمة أن من مصلحتها الحفاظ على الوضع الراهن في المجتمعات العربية، وترى هذه الأنظمة في البحث العلمي وسيلة لإحداث تغيرات في القيم والمفاهيم لا تكون في صالحها .. ومن ثم يحدث الصدام بين البحث العلمي والسلطان .. الأول يمتلك المصداقية العلمية ، والثاني يمتلك القوة المادية والإعلامية، والكفيلة لإجهاض أي محاولة بحثية تكشف عن صورة النظام الحاكم أمام الشعب .. ولعل الأمثلة في التاريخ الإنساني، كثيرة على ذلك ومن أبرزها التعذيب البدني البشع الذي تعرض له الإمام أحمد ابن حنبل، في سبيل التخلي عن معتقدات كان ينادي بها . والاضطهاد والسجن الذي تعرض له شيخ الإسلام ابن تيمية بسبب بعض اجتهاداته وأبحاثه .. كما أن جاليلو ـ عالم الفلك الشهيرـ قد تعرض للقمع الشديد عندما جاء بآراء جديدة في مجال الفلك ، تتعارض مع المعتقدات السائدة في المجتمع آنذاك .. ولقد تم تنفيذ حكم الإعدام في الإديب المصري سيد قطب ـ عام 1966 ـ بسبب دراسته الشهيرة : "معالم في الطريق ".. !!

إن الباحث العربي ـ في هذه العقود التي نعيشها ـ لا يتمتع بكامل الحرية، أثناء ممارساته البحثية، فهو مقيد بكثير من الجهات الرقابية والإدارية التي تتصف بضيق الأفق والبيروقراطية .. فالجهات الرقابية تحول دون قيام الأساتذة بتدريس كتب بعينها؛ وتفرض شروطاً للحصول على تصاريح لإجراء استبيانات ودراسات مسحية، الأمر الذي يعمل على إعاقة البحوث في مجال العلوم الاجتماعية .. كما أن الباحث لا يستطيع أن يعلن نتائج بحثه علانية، وبشكل رسمي؛ طالماً أن هذه النتائج لا تتفق ورؤية الجهات الرسمية والسياسية والإدارية ..

قوانين مقيدة للحرية الأكاديمية :


فعلى المستوى العربي والمحلي، نجد قوانين كثيرة مقيدة للعمل البحثي والأكاديمي، مثل القانون المصري رقم 20 لسنة 1936 الذي يسمح بفرض رقابة على جميع الكتب الدراسية المستوردة. كذلك المرسوم الرئاسي رقم 2915 لسنة 1964 الذي يضع شروطاً تستوجب الحصول على تصريح لإجراء أبحاث في مجال العلوم الاجتماعية، مما يمنع في الواقع الفعلي إجراء أبحاث حول قضايا مثيرة للجدل. أما قانون الجامعات لسنة 1979 فهو يمنح العمداء المعينين من قبل الدولة سلطة لا مسوغ لها على الأنشطة الطلابية، البحثية منها والسياسية ...
وعلى المستوى العالمي ، يجد الباحثون عقبة خطيرة، أسمها، قانون معادة السامية الذي أصدره الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن، فقد أعلن أواخر أكتوبر/ تشرين الأول 2004، أنه اصدر قانوناً جديداً ينص على أن تلاحق وزارة الخارجية الأميركية كل الأعمال المعادية للسامية في العالم وتقيم موقف الدول حول هذا الموضوع .. مما دفع بعض سلطات الدول المتخلفة، إلى إغلاق بعض المراكز السياسية البحثية التي لا تتفق ووجهة النظر الأميركية .. فقد تم إغلاق مركز "زايد للتنسيق والمتابعة في أبو ظبي"؛ بسبب الضغوط الأميركية والإسرائيلية ؛ لأنه قدم دراسات وبحوث على مستوى علمي عال، واستضاف شخصيات دولية وعلمية ودينية (مسيحية ويهودية ومسلمة) في رسالته الحضارية الحوارية .
ومن يومها، شُنت الحروب الكلامية على رموز بحثية وإعلامية كبيرة، بدعوى أن هذه الرموز تعادي السامية .. مثال ذلك : اتهام رئيس مجلس إدارة وتحرير صحيفة الأهرام الرسمية السابق "إبراهيم نافع" بمعاداة السامية، وإغلاق واتهام قناة المنار اللبنانية، بمعاداة السامية ومنع بثها في فرنسا .. مما شجع المراكز والقوى الصهيونية المتحالفة مع اليمين الأميركي على التحرك بقوة لإصدار هذا القانون .. !

وضع الحرية الأكاديمية في المواثيق الدولية :


ومن البديهي إذن أن قانون معاداة السامية الذي أصدره بوش، والمقيد للحرية الأكاديمية ، يتعارض مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان .. بل ويتعارض مع أهم مرجعية قانونية للحرية الأكاديمية هو الحق فى التعليم ، بالإضافة إلى الكثير من الحقوق المتفرقة فى المواثيق الدولية، خصوصاً تلك التى تتضمن الحق فى حرية الفكر والرأى والتعبير، وتكوين وتنظيم الجماعات والاجتماع ، الذى نصت عليه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان الصادرة بعد الحرب العالمية الثانية، وأيضا اتفاقية اليونسكو المناهضة للتمييز فى التعليم ( 1960 )..

لكن ليس هناك إلى الآن وثيقة دولية عالمية للحرية الأكاديمية، بحيث تدخل " الحرية الأكاديمية" تحت مظلة القانون الدولى ولا أى آلية دولية لحمية الحرية الأكاديمية في جميع بلدان العالم . ولكن اهتمت الكثير من الجمعيات والمنظمات غير الحكومية ، ومنظمات الأمم المتحدة بموضوع الحرية الأكاديمية بداية من 1981 .. وتمخض ـ عن هذه السنوات الأخيرة ـ عدد لابأس به من المواثيق والمؤتمرات الداعمة للحرية الأكاديمة ، ومن أهما :
- ميثاق حقوق وواجبات الحرية الأكاديمية : الذي أعلنته الرابطة الدولية لأساتذة ومحاضرى الجامعات في مؤتمر سيينا ،عام 1982.
- الميثاق الأعظم للجامعات الأوروبية : الذي صدر فى بولونيا فى إيطاليا عن مؤتمر الجامعات الأوروبية ورؤسائها عام 1988.
- إعلان " ليما " للحريات الأكاديمية : الذي صدر فى اجتماع الهيئة العامة للخدمة الجامعية العالمية المنعقد فى " اكبيرو" فى سبتمبرمن نفس العام عام 1988.
- إعلان " كمبالا " : الذي صدر عن ندوة الحرية الأكاديمية والمسئولية الاجتماعية للمثقفين بالمركز الدولى للمؤتمرات بكمبالا فى أوغندا. فى عام 1990.
- إعلان مركز حقوق الإنسان البولندي : الذي نظمه مركز حقوق الإنسان البولندى، فى مدينة يوزنان عام 1993.

إذن نستطيع القول بأن " الحرية الأكاديمة" معترف بها في الوثائق والأعراف الدولية .. لكن لا تأخذ نفس الأهمية التي تأخذها قضايا حقوق المرأة في الشرق الأوسط مثلاً، مما يشي بوجود توجيهات أمريكية للمنظمات الحقوقية، بعدم طرح قضية الحرية الأكاديمية في المؤتمرات الدولية بالقدر الكافي، إذ أن تعرض المنظمات الدولية لقضية الحرية الأكاديمية له درجة من الحساسية، على سياسة أمريكا، لا سيما وأن الأدارة الأمريكية تريد أن تسوغ لذلك القانون المسمى بـ " معاداة السامية"، ليصبح سيفاً مسلطاً على رأس كل باحث، يتناول بالنقد والدراسة لطبيعة وتاريخ اليهود، أو حتى جرائم الجيش الأمريكي ضد المسلمين في أفغانستان والعراق والسجون السرية، ولعل هذا القانون سوف يتطور ويعدل إلى قانون " تفتيش معاداة السامية في العقول" !


 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 06-02-2008   nabialrahma.com

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /htdocs/public/www/actualites-news-web-2-0.php on line 785

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمد يحي، عبد الغني مزوز، يحيي البوليني، د - شاكر الحوكي ، د- محمود علي عريقات، كريم السليتي، فوزي مسعود ، خالد الجاف ، عبد الله الفقير، د. صلاح عودة الله ، محمود سلطان، سفيان عبد الكافي، د- هاني ابوالفتوح، أحمد بوادي، محمد الطرابلسي، فتحي الزغل، علي عبد العال، أحمد بن عبد المحسن العساف ، تونسي، ضحى عبد الرحمن، ياسين أحمد، علي الكاش، د- جابر قميحة، محمد عمر غرس الله، فتحي العابد، د. خالد الطراولي ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أبو سمية، كريم فارق، د. ضرغام عبد الله الدباغ، العادل السمعلي، محمد أحمد عزوز، طلال قسومي، سلوى المغربي، رمضان حينوني، منجي باكير، سيد السباعي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سلام الشماع، إسراء أبو رمان، د - محمد بن موسى الشريف ، أحمد الحباسي، د. عادل محمد عايش الأسطل، صلاح الحريري، عبد الله زيدان، أشرف إبراهيم حجاج، رافع القارصي، حميدة الطيلوش، صفاء العراقي، رحاب اسعد بيوض التميمي، أحمد النعيمي، د. عبد الآله المالكي، حاتم الصولي، عمر غازي، د- محمد رحال، صالح النعامي ، د - مصطفى فهمي، عراق المطيري، عزيز العرباوي، رافد العزاوي، وائل بنجدو، محمد شمام ، مصطفي زهران، عبد الرزاق قيراط ، محمد الياسين، د - صالح المازقي، حسني إبراهيم عبد العظيم، مجدى داود، محرر "بوابتي"، يزيد بن الحسين، إيمى الأشقر، رشيد السيد أحمد، د - المنجي الكعبي، د - محمد بنيعيش، الهيثم زعفان، فهمي شراب، فتحـي قاره بيبـان، د. أحمد بشير، أ.د. مصطفى رجب، سامر أبو رمان ، د. أحمد محمد سليمان، حسن عثمان، نادية سعد، رضا الدبّابي، المولدي الفرجاني، د - عادل رضا، د.محمد فتحي عبد العال، د. طارق عبد الحليم، مراد قميزة، محمود طرشوبي، ماهر عدنان قنديل، سليمان أحمد أبو ستة، خبَّاب بن مروان الحمد، الناصر الرقيق، الهادي المثلوثي، أنس الشابي، مصطفى منيغ، صباح الموسوي ، عمار غيلوفي، حسن الطرابلسي، محمد العيادي، إياد محمود حسين ، صفاء العربي، سعود السبعاني، د. مصطفى يوسف اللداوي، د - الضاوي خوالدية، أحمد ملحم، سامح لطف الله، عواطف منصور، صلاح المختار، محمد اسعد بيوض التميمي، محمود فاروق سيد شعبان، جاسم الرصيف،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة