البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

بمناسبة استشهاد الزواري: قانون تجريم التطبيع في تونس

كاتب المقال طارق الكحلاوي - تونس   
 المشاهدات: 2486



تمر هذه الأيام الذكرى الأولى لاستشهاد المواطن التونسي محمد الزواري أمام منزله، يوم 15 كانون الأول/ ديسمبر 2016. تبين بسرعة أن الاغتيال بمسدس كاتم للصوت؛ عملية محترفة، وأنها تستهدف أحد كوادر حركة "حماس" المختصين في تصنيع وتطوير طائرات صغرى بدون طيار لصالح المقاومة الفلسطينية. ومن ثم توجهت أصابع الاتهام للموساد، وهو الأمر الذي أكدته طريقة الاحتفاء الإسرائيلي بشكل علني بما حصل. وإذ تمر هذه الذكرى أمام صمت مطبق من قبل السلطات التونسية، التي لم تقم بأي إعلان جديد منذ حوالي العام حول تقدم التحقيق في هذه الجريمة، فإن تزامن هذه الذكرى مع إعلان ترامب القدس "عاصمة لإسرائيل"، والهبة الشعبية الرافضة لذلك، أعاد لطاولة الجدال موضوع قانون لتجريم التطبيع في تونس.

رغم صمت السلطات التونسية، فقد قام محامون بإحياء ذكرى الشهيد الزواري من خلال ندوة صحفية في "دار المحامي" يوم 15 كانون الأول/ ديسمبر، عرضوا فيها ما توصلوا إليه من نتائج. وقد أكد الأستاذ عبد الرؤوف العيادي؛ على تراخي السلطات التونسية في هذه القضية، مشيرا - مثلا - إلى أن "حاكم التحقيق منذ تقديمه الإنابة لفرقة مكافحة الإرهاب لم يتخذ أي قرار". واتهمت محامية أخرى شاركت في الندوة، وهي الاستاذة الخميري، السلطات باتهامات أقوى، حيث قالت إن التواطؤ يبرز أثناء القيام بالعملية وبعدها، مضيفة أن هناك وثيقة حول الجهات المتواطئة، حيث طرحت سؤالا عن أسباب اختيار الصحفي لنزل أفريكا المحاذي لوزارة الداخلية حتى ينزل فيه، ولماذا تم إخلاء سبيله دون التحقيق معه، مؤكدة في هذا الصدد؛ أن الجهات المحقّقة ترفض التعرّف عن هذا الشخص، والأطراف التي ساعدته، خاصة وأنه توجد تقارير لدى وزارة الداخلية تحتوي على أسماء ضالعة في القضية.

يعيد كل ذلك، طُرح موضوع قانون تجريم التطبيع، الذي تم طرحه أولا كمشروع قانون في المجلس التأسيسي سنة 2012؛ من قبل نواب يتبعون أحزاب المؤتمر ووفاء وآخرين، وتم تجاهله، والتحق به مشروع آخر سنة 2016، من قبل نواب الجبهة الشعبية. وأكد جل نواب المعارضة أثناء جلسة خاصة للبرلمان؛ دعما للقدس دعوتهم لمناقشة مشروع القانون في جلسة عامة.

والحقيقة، إن وجد جدل سنة 2012 حول مبدأ "دسترة" تجريم التطبيع، فإنه كان هناك توجه أقوى نحو الالتجاء لوضع قانون خاص بتجريم التطبيع، مثلما هو الحال في لبنان. ومقابل دفاع نواب المعارضة من توجهات سياسية وإيديلوجية مختلفة على القانون، نجد في المقابل توافقا بين الحزبين الأساسيين في السلطة؛ حول رفضه. وكانت حركة النهضة قد عبرت عن ذلك، في تصريحات أوخر سنة 2016 على لسان أحد أهم قيادييها، وهو رئيس الحكومة الأسبق علي العريض؛ الذي قال حينها إن القانون "لا يحل مشكلة قائمة، ولم يطلبه الفلسطينيون باعتباره لن يضيف لهم شيئا، وإنما يضع تونس أمام مشاكل جديدة وعويصة مع عدد كبير من الدول الشقيقة والصديقة، ومع عديد المؤسسات الدولية". وأضاف: "تونس لا تحتاج إلى سنّ مشروع قانون لتجريم التطبيع،" داعيا إلى أن "يكون التعاطي مع كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية والسياسة الأمنية؛ متّسما بأعلى درجات الروية والتمحيص"، كما شدد على "ضرورة تجنّب التسرع والانفعال والمزايدات عند تناول هذه المواضيع الأكثر خصوصية وحساسية من الملفات الاقتصادية والاجتماعية".

وإذا كان موقف حزب النداء، سليل التجمع المنحل، منسجما مع تاريخ التطبيع لمنظومة ما قبل الثورة، فإن موقف النهضة كان مناقضا لدعواتها وموقفها المعلن قبل الثورة؛ في رفض التطبيع والوقوف ضده. والحقيقة، من الضروري التفاعل مع أي موقف يرى أن قضية التطبيع يجب أن تعالج من زاوية عقلانية. سأعرض هنا بعض الحجج من زاوية عقلانية حول أهمية رفض اللتطبيع وأنه ليس مسألة شعبوية.

وقد حررت مقالا باسمي المستعار قبل الثورة (الطاهر الأسود)، في سياق نقاش مماثل سنة 2007، حين تورطت صحيفة تونسية في مبادرة تطبيعية مع مركز يتبع بيريز؛ خصصت فيها فقرة خاصة حول "المغزى الإسرائيلي من التطبيع". وأشرت حينها - على سبيل الذكر لا الحصر - إلى أن مطلب "التطبيع" كان قبل عقد اتفاقية "الحل النهائي" (أي حل القضية الفلسطينية)، بشكل دائم، في صدارة المطالب الإسرائيلية في أي مفاوضات مع الجانب العربي. ومثلما توضح إحدى وثائق الأرشيف السري الأمريكي، أنه خلال مفاوضات "كامب ديفيد" سنة 1978 بين الجانبين الإسرائيلي والمصري، كان من بين أهم هواجس الجنرال دايان، والتي حرص على تكرارها أمام الرئيس كارتر، ما اعتبره نوايا مصرية "لإبطاء التطبيع في العلاقات".. حيث من الواضح أن مطلب "التطبيع" مع الطرف المصري كان على رأس أولويات الجانب الإسرائيلي، وواحدا من بين الأسباب الأساسية لعقد "اتفاقية سلام". لكن ما يلفت الانتباه؛ أن ذلك المطلب كان مرتبطا بفصل المفاوضات حول سيناء عن أي مطالب أخرى في علاقة بالقضية الفلسطينية. وبمعنى آخر، كان الإسرائيليون يرغبون في تطبيع العلاقات مع مصر من دون الالتزام بأي حل في علاقة بالصراع الأساسي في المنطقة، وهو احتلال الأراضي الفلسطينية، وهو الأمر الذي قبله في نهاية الأمر الرئيس السادات، وأدى إلى عزلة مصر عن محيطها العربي، وهو الأمر الذي أدى لسياسة "التطبيع الباردة" التي بدأها الرئيس مبارك بعد مقتل السادات.

أيضا، سبق التحضير لـ"مؤتمر مدريد" بداية التسعينات؛ ورقة لإسحاق شامير عرفت باسم "خطة الأربع نقاط" (Shamir’s four-point plan). وكانت تلك الورقة المرجعية الرئيسية بالنسبة للإدارة الأمريكية أثناء التحضير للمؤتمر. ومن بين النقاط الأربع، تبين أن النقطة الثانية كانت على رأس أولويات الجانب الإسرائيلي. وتتعلق هذه النقطة بمطلب إسرائيلي يتمثل بتطبيع العلاقات مع مجمل الأطراف العربية، من خلال مفاوضات ثنائية مباشرة، قبل التوصل لأي حل سياسي نهائي في القضية الفلسطينية، وذلك "لبناء جو من الثقة". ويتم تقديم هذه الرؤية بطريقة مشابهة للغاية مع أفكار سافير المذكورة أعلاه.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الشهيد الزواري، محمد الزواري، تونس، الموساد،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 15-12-2017   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. ضرغام عبد الله الدباغ، صالح النعامي ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أحمد النعيمي، كريم فارق، محمد الطرابلسي، د - صالح المازقي، سلوى المغربي، العادل السمعلي، د. أحمد محمد سليمان، ضحى عبد الرحمن، جاسم الرصيف، محمد شمام ، د - الضاوي خوالدية، فهمي شراب، مصطفى منيغ، منجي باكير، د- محمد رحال، أشرف إبراهيم حجاج، محمد أحمد عزوز، محمد اسعد بيوض التميمي، سعود السبعاني، سلام الشماع، د - مصطفى فهمي، فوزي مسعود ، كريم السليتي، محمد يحي، عبد الله الفقير، د- هاني ابوالفتوح، سليمان أحمد أبو ستة، صباح الموسوي ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، وائل بنجدو، مجدى داود، أحمد بن عبد المحسن العساف ، إسراء أبو رمان، د. أحمد بشير، الناصر الرقيق، د. طارق عبد الحليم، فتحي العابد، د. صلاح عودة الله ، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد الياسين، المولدي الفرجاني، خبَّاب بن مروان الحمد، د - محمد بنيعيش، محمد عمر غرس الله، رضا الدبّابي، فتحـي قاره بيبـان، د. مصطفى يوسف اللداوي، د - محمد بن موسى الشريف ، الهيثم زعفان، رشيد السيد أحمد، أنس الشابي، رافع القارصي، مراد قميزة، صفاء العراقي، إياد محمود حسين ، رحاب اسعد بيوض التميمي، عمر غازي، فتحي الزغل، يزيد بن الحسين، حاتم الصولي، الهادي المثلوثي، محمد العيادي، د. خالد الطراولي ، تونسي، عبد الغني مزوز، أحمد ملحم، حسن عثمان، علي الكاش، أحمد بوادي، طلال قسومي، عواطف منصور، ياسين أحمد، صلاح المختار، حسن الطرابلسي، د - المنجي الكعبي، إيمى الأشقر، أحمد الحباسي، سفيان عبد الكافي، علي عبد العال، د - عادل رضا، يحيي البوليني، محمود فاروق سيد شعبان، أ.د. مصطفى رجب، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سامر أبو رمان ، عمار غيلوفي، حميدة الطيلوش، سيد السباعي، محمود طرشوبي، صفاء العربي، عبد الرزاق قيراط ، د.محمد فتحي عبد العال، عبد الله زيدان، د. عبد الآله المالكي، د- جابر قميحة، محمود سلطان، رافد العزاوي، رمضان حينوني، مصطفي زهران، خالد الجاف ، محرر "بوابتي"، د - شاكر الحوكي ، ماهر عدنان قنديل، عراق المطيري، نادية سعد، أبو سمية، صلاح الحريري، د. عادل محمد عايش الأسطل، د- محمود علي عريقات، عزيز العرباوي، سامح لطف الله،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة