هل ألتحق يوسف الشاهد بصف الثورة كما ألحق ” الواو” ظلما بعمرو؟
عبد الرؤوف العيادي - تونس المشاهدات: 3380
عنصر المباغتة في إيقاف بعض رموز الفساد، وحديث رئيس الحكومة عن الشروع في حربه على الفساد، هل القصد منه تحويل الأنظار فجأة عما جرى في تطاوين، وإنهاء الحديث عن تورط الحكومة في أعمال قتل غير مبرر ضد الشباب المعتصم، وتعمد حرق خيامهم؟ أم أنّ الانخراط في الاستحقاق الثوري بات المخرج الوحيد من المأزق الذي آلت إليه الأوضاع في البلاد ؟
فجأة ودون مقدمات – وبما يذكر بالحروب الخاطفة – أعلن عن بدء الحرب وأصبح رئيس الحكومة في نظر البعض قائد العمليات المطلوب دعمه وحتى إغراءه بحصادها المثمر شرعية جديدة وشعبية واسعة..
وما يتعين التذكير به، أن “حركة وفاء”، طرحت استحقاق تقكيك منظومة الفساد منذ تأسست سنة 2012، وعقدت لذلك مؤتمرا وطنيا في بداية 2013 لطرح تصوراتها ومقارباتها للمسألة، باعتبارها استحقاقا ثوريا يقتضي الشروع في التفكيك المعرفي (التحقيق في آليات الفساد وأشكاله وحتى القوانين التي استعملت غطاءا في تلك الممارسات الإجرامية عبر كشف الأرشيف)، ثم نمر إلى التقكيك الإجرائي، عبر إحالة المورطين على القضاء، بعد تأهيله بما يمكن إعادة بناء المؤسسات وإصلاح التشريع الذي يحكم سيرها، واعتماد أساليب المراقبة والحوكمة وفق رؤية سياسية تقوم على عقيدة دولة القانون .
وللتذكير تسبب لنا هذا الطرح في عزلة، إذ عملت منظومة الفساد على تدعيم مواقعها والإفلات من التتبع والعقاب عبر تمويل عدة أحزاب تمكنت بذلك من صنع “ماكينات انتخابية “، وهو ما دعم تلك المنظومة، بل ساهم في عودتها إلى السلطة عبر انتخابات 2014.
ولنا روايات عديدة في تلقي ذلك التمويل نقدا “ملء الشكارة “، فكان طبيعيا أن تتخلى حركة النهضة عن استحقاق المحاسبة إذ أجابنا وزير العدل آنذاك نور الدين البحيري، عبر إحدى الصحف “أن التطهير في ديوان التطهير”.. و قصارى ما قدرت عليه هي “حملة اكبس”، وهي من قبيل العمليات البيضاء التي قصد منها التغطية على التهاون في مقاومة الفساد.
أما نداء تونس وهو الذي التجأ إليه كبار اللصوص فكان من الطبيعي أن يطرح المصالحة بما يعني طي الصفحة، والإفلات من المحاسبة .
لذلك كان من المشروع أن نعبّر عن شكوكنا في تصميم الحكومة المنبثقة من تحالف هذين الحزبين أساسا في محاربة الفساد، خاصة وأنه لم يقع تحديد الهدف بدقة، فهل المستهدفون بعض المفسدين أم الفساد بأشكاله المالية والمعنوية والسياسية من محاصصة وتكريس التبعية للخارج؟ ثم ماهي الوسائل لتحقيق هذا الهدف؟
ـــ فهل بالإعلام الذي شرّع للفساد، وبيّض رموزه، والذي لا ينقطع عن تخريب القيم والأخلاق سيخوض الشاهد حربه مع الفساد؟
ـــ وهل سيعتمد على “مكانسيانات ” mécaniciens الحملات الانتخابية جنودا لهذه الحرب؟
ـــ وهل “بقضاء الأجندات”، الذي سرح رموز النظام السابق قبل انتخابات 2014 (حتى أن احدهم “عبد الرحيم الزواري”، تجرأ على الترشح إلى رئاسة الجمهورية ) سيقع محاربة الفساد؟
ـــ ثم علينا أن نتساءل، أليس ما حصل من اعتصام بالكامور يندرج في صميم مقاربة
الفساد؟ فساد الشركات الأجنبية وشركائها من الـ “guouومية”؟
ـــ لماذا إذن لا يعتذر رئيس الحكومة عما ارتكب من قتل وحرق بإذن منه وينصف الشباب المتضرر وعائلاتهم؟
ما نخشاه هو أن تتحول حرب الحكومة على الفساد إلى حملة شبيهة بتلك التي نظمها الغنانشة (من قبيل ضرب الهجالة في بنتها)، عندها يكون التظاهر بمحاربة الفساد أخطر من الفساد نفسه، إذ أن أشرّ من الشر فاعله..
لذلك، ولكل هذه الأسباب نخشى أن يكون التحاق الشاهد بصف الثورة، وإعلان حربه على الفساد – كأحد أهم استحققاتها – كإلحاق حرف الواو بعمرو .
و الله اعلم …
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبد الرؤوف العيادي
رئيس “حركة وفاء”
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: