البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

زراعة الفساد في تونس

كاتب المقال أحمد الحباسى - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4014


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لا أحد يصدق رئيس الحكومة المكلف عندما يتحدث عن مقاومة الفساد، لا أحد يصدقه لأنه و ببساطة شديدة قد فات وقت التصدي للفساد فضلا عن كون الدولة لا تملك حاليا وسائل قوية لهذه المواجهة، طبعا كلنا يعلم أن مواجهة الفساد لا تكون بالأماني و الدعاء بل بتحديد الوسائل اللازمة و بتوفر الإرادة القوية و وجود إجماع وطني حول ضرورة هذه الحرب المكلفة و هي جملة العناصر التي لا تتوفر لهذه الحكومة الفاشلة مسبقا نظرا لكونها ستتشكل للترضيات الحزبية و لا للقيام بواجباتها الوطنية المنتظرة منذ سنة 2011، يشار أيضا إلى أن ‘هروب’ القاضية ليلى عبيد من متابعة ملفات المصادرة و هذه الجعجعة التي يثيرها السيد شوقي الطبيب رئيس هيئة مكافحة الفساد هي علامات سلبية تضاف إلى هروب السيد محمد عبو من وزارة مكافحة الفساد في حكومة السيد حمادي الجبالى و تطرح أسئلة كثيرة حول طبيعة هذه الظاهرة و من يقف وراءها و من يحميها في عدة مواقع في الدولة.

لا يمكن لدولة على شفا حفرة من الإفلاس أن تحارب الفساد، و الذين زرعوا الفساد في تونس يمثلون منظومة كاملة من الفاسدين من رجال الأعمال و الإعــلام و الأمن و السياسيين و القضاء و الأحزاب التي كشفت الانتخابات الأخيرة علاقتهم بالمال الفاسد ، بطبيعة الحال، هناك سؤال ملح يتبادر دائما للذهن يتعلق بالأسباب التي تؤدى إلى زراعة الفساد على اعتبار أنه كما تتم زراعة المخدرات يزرع الفساد لينمو داخل المجتمعات و يتحول مع الوقت من ظاهرة إلى منظومة إلى دولة داخل الدولة تماما كما يحدث في ايطاليا حين تحولت الدولة نفسها إلى جزء مشارك في منظومة مافيا الفساد بدليل محاكمة الوزير الايطالي السابق للخارجية جيوليو اندرويتى بتهمة الانتماء و التستر على الفساد، لعلم من بين الأسباب التي تؤدى إلى ظاهرة الفساد هي البيروقراطية المتعمدة من الدولة بحيث يؤدى المطالبة بكثرة الوثائق إلى دفع المواطن أو الشركة أو المستثمر إلى دفع الرشاوى، دعوة اتحاد الشغل للإضرابات العشوائية المتواصلة في بعض القطاعات الحساسة تنهك موارد الدولة و تزيد من العجز الاقتصادي و تصاعد أرقام البطالة مما يخلق جيلا ناقما يسهل جذبه من المهربين، إصرار منظومة الأعراف على دفع أجور متدنية للعمال تؤدى إلى قلة الإنتاج و استغلال المهربين لهذه الظاهرة لتوريد السلع المهربة البديلة .

لعل الفشل العام للرياضة التونسية في الألعاب الاولمبية الدائرة بالبرازيل يؤكد شلل الفكر الذي يدير الرياضة التونسية و يؤكد فشل المنظومة بكاملها بحيث تكون الاستثمارات الخيالية المخصصة قد ذهبت في غير موضعها على حساب جيل العاطلين فيما يشكل حالة من التبذير المجرم قضائيا و أخلاقيا على حساب موارد الدولة و تطلعاتها الاجتماعية و الاقتصادية، في حين يعتبر فشل الحكومة في التعاطي مع ملف الإضرابات المتواصلة في قطاع المناجم خطيئة سياسية و اقتصادية من شانها المس بالسلم الاجتماعية و التفريط المتعمد في موارد الدولة بما سيؤدى إلى تعكير السلم الاجتماعية الهشة و حصول اضطرابات اجتماعية متنقلة تدمر المرافق العمومية و الخاصة و تعطى فرصة للمهربين لمزيد التغلغل في جسد الاقتصاد المنهك، لكن من المفارقات العجيبة أن رئيس حكومة تصريف الأعمال لم يتعرض إلى جملة هذه النقاط المختزلة التي تؤكد مسؤوليته المباشرة في زراعة و توطين الفساد في البلاد مكتفيا ببعض العبارات الخارجة عن الموضوع محاولا التهرب من المسؤولية كالعادة ملقيا تبعاتها على بعض الأفراد في موقف مشين أثار انتقاد المراقبين .

لعل تكالب الأحزاب السياسية على المناصب هو أحد الظواهر التي تؤدى إلى نمو الفساد و ترسيخه مفاهيمه لدى العموم، فالملاحظ لحد الآن أنه لا أحد يملك من هذه الأحزاب أية خارطة طريق منطقية قابلة للتنفيذ للخروج بتونس من عنق الزجاجة، و حتى هؤلاء الذين يملئون الدنيا ضجيجا من الجبهة إلى ‘الديمقراطيين’ إلى السيد محمد المرزوقي و جليسه عدنان منصر لا يملكون أي حل بل هي مجرد خطب سردية مملة تعود عليها هؤلاء طيلة سنوات ‘ العمل’ السياسي و باتت جزءا من لغتهم الحوارية لا يكلون من إعادتها ألف مرة في اليوم متجاهلين عدميتها و فراغها و سقوط الاتحاد السوفييتي منذ أكثر من عشرين سنة، لكن من المهم التأكيد أن أحداث بنقردان الأليمة قد كشفت أن هذا الشعب من معدن خاص بحيث يفوق عشقه لهذا الوطن كل المؤامرات و الخيانات و سيبقى صامدا دائما في وجه المقامرين بقوت المواطن و الباحثين على الثروات الحرام و المتنازلين على واجب حمايته من حكومات الفشل التي تلت الثورة .


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الفساد، مقاومة الفساد،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 22-08-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  أنظمة جبانة ، أنظمة بلا ضمير
  متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا
  تونس : قيس سعيد و القضاء، تفاهمات خفية
  لماذا يتم التنكيل بعبير موسى ؟
  "ميزيريا" زرقاء
  التآمر على أمن الدولة، التهمة الأكثر إضحاكا في تونس
  إن عدتم عدنا، فها أنا عدّت
  تونس : رغيف عيش يا أولاد الحلال
  بلاغ للنائب العام
  هل باع حمة الهمامى دم الشهيد شكري بلعيد؟
  لبن، سمك، تمر هندي
  كيف أتقيّد بقواعد النشر ؟
  هل الشعب هو سبب البلاء ؟
  قيس سعيد، هذا " النظيف" الذي يتسخ كل يوم
  قاللك تحيا تونس
  حرب الاسكات، من يريد بحرية التعبير شرا ؟
  لماذا يريد الرئيس توريث ابنه بالقوة ؟
  سهام طائشة و كلام في الممنوع
  نهضاويات
  عزيزي المتابع تخيل لو نجحوا ...فقط تخيل ...
  لو تحدثنا عن البقايا ...
  تونس : انقلاب الجنرال، الأسئلة و الأجوبة
  يوسف الشاهد، من الغباء السياسي ما قتل
  سى الطبوبى : ياريت تنقطنا بسكاتك
   قناة التاسعة : تلفزيون "شالوم" و أبناء "شحيبر"
  صراخ فلسطين و صمت العرب
  عبير موسى، هذا القضاء الفاسد
  مسلسل هابط اسمه ‘ مجلس نواب الشعب ‘
  نقابة المرتزقة، الحبيب عاشور لم يمت
  بورقيبة، وردة على قبر الزعيم

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الغني مزوز، صباح الموسوي ، ماهر عدنان قنديل، حسن عثمان، د- محمد رحال، جاسم الرصيف، سامر أبو رمان ، محمد اسعد بيوض التميمي، نادية سعد، فوزي مسعود ، د- محمود علي عريقات، المولدي الفرجاني، د. خالد الطراولي ، حاتم الصولي، أشرف إبراهيم حجاج، عواطف منصور، د. صلاح عودة الله ، سعود السبعاني، فهمي شراب، رضا الدبّابي، وائل بنجدو، د- جابر قميحة، رشيد السيد أحمد، رمضان حينوني، الناصر الرقيق، خالد الجاف ، علي الكاش، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عبد الرزاق قيراط ، د - عادل رضا، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صفاء العراقي، د - مصطفى فهمي، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد ملحم، سامح لطف الله، فتحـي قاره بيبـان، فتحي الزغل، سلام الشماع، محمود فاروق سيد شعبان، فتحي العابد، د - الضاوي خوالدية، د. أحمد بشير، محمد الياسين، د. أحمد محمد سليمان، صفاء العربي، أحمد بوادي، يزيد بن الحسين، إيمى الأشقر، العادل السمعلي، صالح النعامي ، كريم فارق، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عزيز العرباوي، طلال قسومي، أنس الشابي، محرر "بوابتي"، كريم السليتي، حسن الطرابلسي، مجدى داود، صلاح المختار، سليمان أحمد أبو ستة، د.محمد فتحي عبد العال، حميدة الطيلوش، د - شاكر الحوكي ، د- هاني ابوالفتوح، عبد الله زيدان، محمد الطرابلسي، محمد العيادي، علي عبد العال، د - محمد بنيعيش، الهادي المثلوثي، رحاب اسعد بيوض التميمي، أحمد الحباسي، الهيثم زعفان، رافد العزاوي، حسني إبراهيم عبد العظيم، رافع القارصي، محمد أحمد عزوز، سفيان عبد الكافي، د - محمد بن موسى الشريف ، عمار غيلوفي، محمود طرشوبي، سيد السباعي، د - صالح المازقي، محمد يحي، ياسين أحمد، ضحى عبد الرحمن، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عمر غازي، مصطفى منيغ، د. طارق عبد الحليم، صلاح الحريري، محمد شمام ، عراق المطيري، د - المنجي الكعبي، د. عبد الآله المالكي، سلوى المغربي، خبَّاب بن مروان الحمد، د. عادل محمد عايش الأسطل، يحيي البوليني، عبد الله الفقير، د. ضرغام عبد الله الدباغ، تونسي، مراد قميزة، أحمد النعيمي، منجي باكير، إسراء أبو رمان، محمد عمر غرس الله، أبو سمية، محمود سلطان، إياد محمود حسين ، مصطفي زهران، أ.د. مصطفى رجب،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة