البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الإسلاميون الوسطيون والتبعية الذهنية للغرب: نموذج إعدام مطيع الرحمن نظامي

كاتب المقال ساري عرابي   
 المشاهدات: 2877



لم تأخذ حادثة إعدام مطيع الرحمن نظامي، زعيم الجماعة الإسلامية في بنغلاديش، حظها من الاهتمام العربي، بما في ذلك لدى الإسلاميين العرب، أولى الناس بمقاربة هذه الحادثة بما يجري في المجال العربي، من جهة السعي المحموم لاجتثاث الحركة الإسلامية بأكثر الأدوات وحشية ودموية وامتهانا للكرامة الآدمية، وبأكثر صور انتهاك حقوق الإنسان، واحتقار الحريات، وإهانة العقل البشري، وقاحة، وما الحدث المصري ببعيد.

فإذا كانت الثورة المسلحة في سورية على نظام الطاغية هناك، وتداخل المصالح الإقليمية والدولية فيها، قد وفّرت للبعض فرصة للتشويش على أصل القضية، فإنّ الموضوع المصري شديد الوضوح، ولا يحتمل الالتباس أبدا، مهما كانت المشاعر الإيديولوجية المعادية للإسلاميين، أو المزدرية لآدميتهم حاكمة للبعض، فالقضية المصرية باختصار شديد، انقلاب عسكري على أول رئيس مدني، وقتل لآلاف العزّل في الطرقات، بدعم وإسناد إقليمي من بقية الطغاة العرب، وبغطاء غربي مكشوف.

من جهة ثانية، لفكرة الموالاة الإيمانية مركزية ضخمة في القرآن الكريم، ويُفترض أن تنعكس هذه المركزية في سعي من يحاولون الاهتداء بالوحي لاستنهاض الأمة، وفي اللحظة الراهنة، يصدّق الواقع حقيقة موالاة خصوم الإسلام لبعضهم، بما هو، أي الإسلام، مشروع تحرري وحضاري واستنهاضي شامل، لا بما هو دين طقوسي شعائري، وهذه الحقيقة المصدّقة واقعيّا، بمعنى اندراج خصوم الإسلام، بهذا المعنى، في معسكر واحد، مهما بلغت خلافاتهم وتناقضاتهم، بيّن القرآن بأنه إذا لم يقابلها موالاة إيمانية، فإنّ النتيجة "تكن فتنة في الأرض وفساد كبير".

هذا الاجتراء الفاجر على دماء الناس، كرها في معتقداتهم، أو خشية من حضورهم السياسي، ينبغي أن يلحّ على حسابات الإسلاميين، التي تلحظ اجتماع خصومهم على إبادتهم، وتواطؤ العالم على الصمت، وهو العالم، ويا للعجب، الذي لا حكاية له إلا الديمقراطية وحريّة الإنسان وحقوقه، وقد لاحظنا كيف أن مدخل هذا العالم، بما في ذلك أتباعه من مثقفين وساسة في حواضرنا العربية، للتشكيك بالإسلاميين هو موضوع الحريات وحقوق الإنسان، فلو أن حدثا عابرا، أو موقفا اعتراه سوء الفهم، اقترفه إسلامي في واحدة من بلادنا العربية، لانشغل مثقفو هذه البلاد وإعلاميوها، قبل مثالهم الغربي الأعلى، في هجاء الإسلاميين والتشهير بهم كلهم جملة.

بيد أن ما يجدر بالعجب أكثر هو استمرار الإسلاميين في محاولة إثارة إعجاب هؤلاء الدجاجلة، وكيف أن بعضا من المثقفين المشتغلين بالفكر الإسلامي لا شغل لهم إلا التبشير بنموذج النفاق الغربي، مع أن مذبحة حقوق الإنسان، أكثر ما تكون واقعة على الإسلاميين، وباسم حقوق الإنسان، ولك أن تعجب من استهانة هؤلاء المجرمين بالعقل الآدمي وقدرته على التمييز، ثم من استمرار سعي الإسلاميين لنفي اقترافهم ما هو واقع عليهم، واجتهادهم، أي الإسلاميين، في نفي وحدتهم، فانقسموا، وحُظرت جماعاتهم بالدماء، أو بقفازات الحرير، وعلى حدود فلسطين، تجد نعرة الجاهلية، والإسلاميون في البلد الواحد ينقسمون على أساس الخطوط التي رسمتها لهم مسطرة الاستعمار البريطاني، وكرّسها الاستعمار الصهيوني، ثم لك أن تسأل أي فكرة إسلامية حمل هؤلاء طول العقود المنصرمة من عمر دعوتهم!

وإذا كانت الفجائع في البلاد العربية تخنق ناسها، وفي القلب منهم إسلاميّوهم، وتحجب عنهم النظر إلى ما يتجاوز جراحهم النازفة في كلّ مساحات أجسادهم، لتخلق بذلك سببا معقولا يطغى فيه الألم القريب على ما هو أبعد منه من الآلام، إذ ينشغل المرء بمصيبته القائمة والفادحة، وإذا كان الإسلاميون قد اشتغلوا في حقبة ماضية بما يتعدّى حدود بلادهم، فإن الفجائع التي تسدّ أفق البلاد العربية اليوم، على جسامتها وهولها، ليست السبب الوحيد في ضعف الانتباه للمأساة القائمة مثلا في بنغلاديش، فقد بدت هذه المأساة مجهولة للكثير من مثقفيهم، على خلاف قضايا أخرى اهتمّ بها الإسلاميون في حقبة ماضية.

ولو أخذنا القضية الأفغانية، فترة الجهاد الأفغاني ضد الاحتلال السوفياتي، مثلا، وهي القضية التي حشد لها الإسلاميون إعلاميّا وثقافيّا وإغاثيّا وجهاديّا، لتبين أن ذلك الاهتمام استغل الثغرات التي فتحتها أنظمة البلاد العربية، التي اختطت سياساتها، وفقا لمجريات لحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، فأمكن للإسلاميين أن يلجوا من تلك الثغرات إلى نصرة القضية الأفغانية، وأيضا في تعبير عن الفقر المحلي، إذ بدا الإسلاميون العرب، حينها، أكثر تصالحا مع أنظمتهم، على نحو لا يملكون فيه خطاب تغيير داخلي جديّ، أو مشروعا مقاوما للعدو الصهيوني إلى ما قبل تأسيس حماس، ومن ثمّ فإن خطابهم غلب عليه التجريد، أو ارتبطت عمليته وفاعليته بإرادات وسياسات الأنظمة الحاكمة، حتى انتهى ذلك، كما هو الحال اليوم، إلى حشد مضاد لاستئصالهم، وعجز من طرفهم عن التصرف كجسد واحد.

وإذا كان الحال كذلك، فإن اللحظة الراهنة بما تكشف عنه، فائضة بالدروس الأليمة، لمن أراد أن يظلّ فاعلا في قلب التاريخ.

--------------
وقع تحوير العنوان الأصلي للمقال
محرر موقع بوابتي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

مطيع الرحمن نظامي، بنغلاداش، الإسلام الوسطي، العلمانية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 17-05-2016   المصدر: موقع عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
مراد قميزة، أ.د. مصطفى رجب، د. أحمد محمد سليمان، رمضان حينوني، سعود السبعاني، د - مصطفى فهمي، د. طارق عبد الحليم، العادل السمعلي، د- محمود علي عريقات، خالد الجاف ، د. عادل محمد عايش الأسطل، مصطفي زهران، مجدى داود، د. خالد الطراولي ، المولدي الفرجاني، علي عبد العال، نادية سعد، محمود سلطان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، ماهر عدنان قنديل، سيد السباعي، د - المنجي الكعبي، محمد أحمد عزوز، د. صلاح عودة الله ، محمود فاروق سيد شعبان، سلام الشماع، عبد الله زيدان، عبد الرزاق قيراط ، عراق المطيري، محمود طرشوبي، د - صالح المازقي، سلوى المغربي، فهمي شراب، عمر غازي، رافد العزاوي، سفيان عبد الكافي، ضحى عبد الرحمن، أحمد بوادي، د. عبد الآله المالكي، الهادي المثلوثي، سليمان أحمد أبو ستة، د- محمد رحال، حسني إبراهيم عبد العظيم، أحمد ملحم، صالح النعامي ، سامر أبو رمان ، صلاح المختار، منجي باكير، د - الضاوي خوالدية، ياسين أحمد، محمد الطرابلسي، تونسي، صفاء العراقي، حسن عثمان، حاتم الصولي، أحمد الحباسي، عزيز العرباوي، حميدة الطيلوش، عمار غيلوفي، د. مصطفى يوسف اللداوي، الهيثم زعفان، رضا الدبّابي، الناصر الرقيق، سامح لطف الله، رافع القارصي، يزيد بن الحسين، طلال قسومي، يحيي البوليني، محمد العيادي، أشرف إبراهيم حجاج، د - شاكر الحوكي ، د - عادل رضا، إياد محمود حسين ، رحاب اسعد بيوض التميمي، عواطف منصور، رشيد السيد أحمد، صباح الموسوي ، جاسم الرصيف، إسراء أبو رمان، د. أحمد بشير، محمد اسعد بيوض التميمي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أبو سمية، كريم فارق، حسن الطرابلسي، د - محمد بن موسى الشريف ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د.محمد فتحي عبد العال، فتحي الزغل، د- جابر قميحة، إيمى الأشقر، وائل بنجدو، صلاح الحريري، د - محمد بنيعيش، مصطفى منيغ، علي الكاش، محمد يحي، فتحي العابد، كريم السليتي، محمد الياسين، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد عمر غرس الله، عبد الله الفقير، فوزي مسعود ، صفاء العربي، أحمد النعيمي، محرر "بوابتي"، عبد الغني مزوز، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أنس الشابي، د- هاني ابوالفتوح، فتحـي قاره بيبـان، محمد شمام ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة