البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الغزو الروسي وفضيحة القوميين العرب

كاتب المقال د. ليلى بيومي - مصر   
 المشاهدات: 3385


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


تعيش أمتنا العربية والإسلامية حالة من الهزيمة والضعف والتبعية والهزال الحضاري، سبق أن مرت بها أكثر من مرة على امتداد تاريخها العامر، وفي فترات الضعف والهزيمة كانت الأمة تمر بنفس القواسم المشتركة، فحالة التجزئة تعم الأمة وكل حاكم يتمسك بإمارته الصغيرة أمام طوفان الاكتساح الصليبي، ويقدم فروض الطاعة والولاء لأعداء الأمة المنتصرين، علهم يتركونه على إمارته ولا يمسوه بسوء، وخلال ذلك كله تختفي المصلحة العامة للأمة وفريضة الدفاع عن العقيدة وحتمية الوحدة الإسلامية وعلو الهمة وشحذ النفوس وترغيب المسلمين في الشهادة دفاعًا عن الدين والهوية قبل أن يكون الدفاع عن النفوس والأوطان.

ومن هذه القواسم المشتركة أيضًا الهزيمة النفسية التي تجتاح قطاعًا غير قليل من النخبة الانتهازية التي تمسك بمفاصل القرار في الأمة، حيث يظهر الكثيرون منهم الذين يتماهون مع أعداء الأمة سياسيًا وثقافيًا ويأخذون على عاتقهم التشكيك في ثقافة الأمة وعقيدتها وثوابتها وتاريخها.

وفي أيامنا هذه التي تنتمي إلى عصور الضعف والهزيمة، انقض الروس على بلاد الشام المسلمة، التي أوصى بها رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم)، والتي هي من أعز أجزاء أمتنا العربية الإسلامية، وأصبح لهؤلاء الأعداء التاريخيين قاعدة بحرية في طرطوس وقاعدة جوية في حميميم، منهما ينطلقان ليحولا بلاد الشام إلى أنقاض، ويلقون ببراميل الموت فوق مسلمي الشام، لا لسبب فعله هؤلاء الضعفاء إلا إن حاكمًا ديكتاتورًا مستبدًا رفض أن يقوم شعبه بثوره ضده وضد ظلمه، فتمسك بالكرسي الفاني واستدعى أصدقاءه من أعداء الأمة، الذين لهم حسابات أخرى في لعبة مصالحهم مع أشقائهم الأوروبيين والأمريكيين.

الموقف إذًا واضح شديد الوضوح، فموقف الدكتاتور السوري معلوم بيقين أنه موقف خاطئ، وهل بعد أن يثور شعبه عليه لمدة خمس سنوات كاملة أدنى شك في أنه يقف الموقف الخطأ؟ وهل تجد أية نفس سوية صعوبة في أن تقرر خطأ هذا الديكتاتور الذي قتل من شعبه قرابة النصف مليون وأحال المدن والقرى السورية إلى أنقاض؟ وهل تجد أية نفس سوية – مهما كانت قليلة العلم والثقافة – صعوبة في أن تتأكد من أن ما فعله الروس إنما هو غزو وعدوان؟

لكن للأسف الشديد نجد أن قطاعًا من نخبتنا السياسية والثقافية في عالمنا العربي ممن يسمون "القوميون" يحجون إلى قصر هذا الحاكم الديكتاتور ويشدون على يديه ويدعمونه، ويرددون أنه يقف موقفًا بطوليًا في مواجهة الإرهابيين الإسلاميين!!

كما إن هؤلاء القوميين يؤيدون الغزو الروسي ولكنهم يسمونه بغير اسمه، فهو عندهم مجرد عمليات عسكرية لضرب أوكار الإرهابيين، كما إنه مساعدة أخلاقية ونبيلة من الأصدقاء الروس لحامي عرش القومية العربية وقائد المقاومة والممانعة ضد المشروع الصهيوني .. بشار الأسد!! كما إن هؤلاء القوميين العرب يعتبرون أن روسيا تاريخيًا تقف مع الحق العربي وتؤيد القضية الفلسطينية!!

بالتأكيد، الذي جعل القوميين العرب يقفون هذا الموقف المخزي والخائب والمهزوم، كراهيتهم للإسلاميين، واعتبارهم أن المعارضة السورية المسلحة يغلب عليها المكون الإسلامي، وبالتالي فإذا انتصرت هذه الثورة فسوف يكون الإسلاميون هم الرقم الأول والصعب في المعادلة السورية. ونسي هؤلاء القوميون أن الثورة السورية في أول شهورها كانت تعبر عن المجتمع السوري كله ولم يكن المكون الإسلامي يتعدى 15% من مكوناتها، وأن الجيش السوري الحر لم يكن فيه من المكونات الإسلامية إلا قليلاً، وإنما ظهرت المكونات الإسلامية بعد أن تعسكرت الثورة السورية بفعل جبروت وإرهاب نظام بشار ورده المسلح على الثورة السلمية، كما إن الثورة استمرت قرابة العامين ولم يكن تنظيم الدولة الإسلامية قد وصل إلى سوريا.

وهكذا فإنه من توفيق الله في الخذلان، وجدنا القوميين العرب يقفون في خندق أعداء الأمة، فهم مع الحكام الديكتاتوريين دائمًا، وهم مع الروس الغزاة، كما إن موقفهم أصبح متماهيًا مع الموقف الإيراني، خاصة بعد أن تحولت إيران إلى مشعل للحرائق في العالم العربي، وبعد أن وقفت ضد الثورات العربية، وبعد أن أعلن قادتها أنها أصبحت تسيطر على مجريات الأمور في أربع عواصم عربية.

وهكذا كشفت الثورات العربية هؤلاء القوميين المزيفين، فبعد أن وقف القوميون ضد هذه الثورات وعاونوا من انقلب عليها وبرروا كل جرائم وأد هذه الثورات، انكشف زيف تراثهم ومقولاتهم السابقة التي طالما نادت بالثورات الشعبية ضد الطغاة، وعندما ثارت الشعوب ضد الطواغيت وقفوا ضد الشعوب الثائرة التي فضحت هؤلاء الكذابين المنقلبين على شعوبهم، بل على أنفسهم وتاريخهم وأدبياتهم، واكتشف العالم العربي من شرقه إلى غربه، أن هذه الطغمة المسماة بـ"القومية" لا تقل خطورة على العرب عن الصهيونية والصفوية، وأنهم أكبر نخبة تنعم بتسهيلات ومناصب الأنظمة السياسية، التي وثقت فيهم وأوكلت إليهم مراكز صناعة القرار الثقافي والإعلامي في الكثير من بلداننا العربية.

وإلى القوميين العرب المخدوعين، نذكرهم بأن روسيا جزء من الرباعية الدولية ذات الشروط الأربعة الشهيرة التي يقف في مقدمتها شرط نبذ المقاومة، أو ما يسمونه العنف. كما نذكر هؤلاء المخدوعين بأن روسيا حينما بدأت ضرب أهداف المعارضة السورية على امتداد سبعة أشهر، أقامت تحالفًا معلومًا للكافة مع الكيان الصهيوني، وصل إلى حد أنه حتى لو حلقت الطائرات الروسية فوق تل أبيب، فإن الجيش الصهيوني لا يقوم بإسقاطها.

ثم نقول للقوميين العرب إن السبب الرئيس في الانسحاب الروسي الجزئي من سوريا كان إدراك روسيا بأنها لن تستطيع أن تفعل في المعارضة السورية أكثر مما فعلت، وأنها يستحيل أن تغير موقف هذه المعارضة من النظام، وغاية ما استطاعت فعله هي أنها أخرت سقوط نظام بشار الذي كان على وشك السقوط، مما حسّن من شروطه في التفاوض.

صحيح أن الانسحاب الروسي الجزئي من سوريا كانت له عدة أسباب وليس سببًا واحدًا، ومن هذه الأسباب نجاح التفاهمات الروسية ــ الأمريكية حول ضرورة الانتقال إلى الحل السياسي، وتأديب موسكو لبشار الذي عاندها فرفض فكرة الفيدرالية التي دعت إليها ولجأ إلى انتخابات تشريعية في منتصف الشهر المقبل، ثم الأزمة الاقتصادية التي واجهتها روسيا بعد انخفاض أسعار النفط الذي أدى إلى خفض الموازنة العسكرية خصوصًا أن تكلفة القوات الموجودة في سوريا قدرت بثلاثة ملايين دولار يوميًا، وكذلك قلق الرئيس الروسي من قرار الرئيس الأمريكي نشر قوات قتالية دائمة على طول دول البلطيق وأوروبا الشرقية المتاخمة للحدود الروسية. كل هذه الأسباب صحيحة ومعقولة، إلا إن صلابة المعارضة السورية ويأس روسيا من تطويع هذه المعارضة وخوفها من أن تتحول سوريا إلى مستنقع أفغاني للروس، خاصة مع التحذير الأمريكي بأنه إذا فشلت محاولات الحل السلمي للأزمة السورية، بفعل تصلب الموقفين الروسي والسوري، فإن الولايات المتحدة قد تلجأ إلى الخطة (ب) التي اتضح فيما بعد أنها تزويد المعارضة السورية بأسلحة نوعية من شأنها قلب المعادلة... كان هذا هو السبب الرئيس الذي جعل الروس يراجعون حساباتهم ويخطون خطوة إلى الوراء


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

سوريا، روسيا، الحرب الأاهلية بسوريا، التدخل الروسي بسوريا، القوميون العرب،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 24-03-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد عمر غرس الله، إياد محمود حسين ، سفيان عبد الكافي، صباح الموسوي ، سيد السباعي، صفاء العربي، د. طارق عبد الحليم، عزيز العرباوي، عبد الله زيدان، د - الضاوي خوالدية، كريم السليتي، خبَّاب بن مروان الحمد، المولدي الفرجاني، ضحى عبد الرحمن، إيمى الأشقر، صالح النعامي ، د - شاكر الحوكي ، وائل بنجدو، د- هاني ابوالفتوح، عمر غازي، الهيثم زعفان، محمد اسعد بيوض التميمي، عبد الرزاق قيراط ، أحمد الحباسي، كريم فارق، العادل السمعلي، خالد الجاف ، طلال قسومي، د - عادل رضا، عبد الغني مزوز، د- محمود علي عريقات، أبو سمية، أ.د. مصطفى رجب، رافع القارصي، د. خالد الطراولي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، عراق المطيري، سامح لطف الله، سلوى المغربي، رشيد السيد أحمد، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د- محمد رحال، مصطفي زهران، عبد الله الفقير، إسراء أبو رمان، حاتم الصولي، د.محمد فتحي عبد العال، تونسي، د- جابر قميحة، محمد أحمد عزوز، سعود السبعاني، فتحي العابد، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد بوادي، محمد العيادي، حميدة الطيلوش، فوزي مسعود ، محمد الطرابلسي، محمد الياسين، سليمان أحمد أبو ستة، أحمد النعيمي، حسن الطرابلسي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، فهمي شراب، ماهر عدنان قنديل، فتحـي قاره بيبـان، د - محمد بنيعيش، فتحي الزغل، يزيد بن الحسين، ياسين أحمد، د. أحمد محمد سليمان، د - مصطفى فهمي، رحاب اسعد بيوض التميمي، عواطف منصور، محمد شمام ، نادية سعد، محرر "بوابتي"، جاسم الرصيف، حسن عثمان، د - محمد بن موسى الشريف ، د - صالح المازقي، د. عبد الآله المالكي، مراد قميزة، علي عبد العال، مجدى داود، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عمار غيلوفي، صلاح المختار، سامر أبو رمان ، أشرف إبراهيم حجاج، منجي باكير، د. أحمد بشير، محمود فاروق سيد شعبان، الناصر الرقيق، صلاح الحريري، سلام الشماع، رافد العزاوي، الهادي المثلوثي، أنس الشابي، د - المنجي الكعبي، رضا الدبّابي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صفاء العراقي، محمد يحي، محمود سلطان، علي الكاش، د. صلاح عودة الله ، رمضان حينوني، مصطفى منيغ، محمود طرشوبي، أحمد ملحم، يحيي البوليني،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة