البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

بناء المعتقلات الاسرائيلية كنموذج في العراق

كاتب المقال هيفاء زنكنة - لندن    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 2852


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


أثار خبر رضوخ أكبر شركة أمن في العالم جي فور أس»G4S» البريطانية، لضغوط حملة عالمية تشنها حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS)، منذ أكثر من أربع سنوات، الفرح (وهو عملة نادرة في زمننا هذا) في اوساط المؤمنين بعدالة القضية الفلسطينية وكل من يسعى لتحقيق الحرية والعدالة والعودة للشعب الفلسطيني. اذ قررت الشركة، إنهاء عقودها الإسرائيلية خلال 12 – 24 شهراً. والتي تتضمن عملها في سجون الاحتلال الاسرائيلية، حيث يتم تعذيب الأسرى الفلسطينيين وسجنهم دون محاكمة، وتوفير الخدمات والمعدّات الأمنية لحواجز الاحتلال ومستعمراته ومركز تدريب للشرطة الإسرائيلية.

وقد انضمت، في الأسابيع الأخيرة، منظمة اليونيسيف، في الأردن، وسلسلة مطاعم كبرى في كولومبيا إلى الجهات التي أنهت عقودها مع G4S بعد حملات المقاطعة التي كشفت تواطؤ الشركة في جرائم نظام الاحتلال والاستعمار- الاستيطاني والأبارتهايد (الفصل العنصري) الإسرائيلي. يأتي النجاح الأخير في اعقاب سلسلة من النجاحات التي دفعت المحتل إلى اعتبار نشاطات المقاطعة خطرا أمنيا يستوجب المجابهة بكافة الاشكال ومنها محاولاته لتشويه سمعة الحركة، والضغط من أجل تمرير قوانين تمنع عمل الحركة في أوروبا والولايات المتحدة.
من الناحية المادية، بلغت خسائر G4S، منذ عام 2010، عقوداً تقدر بملايين الدولارات في عشرات الدول حول العالم استجابةً لنداء حركة المقاطعة إسرائيل، الا ان هذه الخسارة لم تمتد إلى العراق. اذ قرر مجلس وزراء «العراق الجديد»، في 16 شباط/فبراير، من العام الحالي، تمديد عقد الشركة في البلاد، الذي وقعته في العام الماضي بقيمة 187 مليون دولار، أي ما يعادل مائتي مليار دينار، على امل تجديده ليصبح واحدا من اكبر عقود الشركات الأمنية في البلد، في ذات الوقت، الذي اعلنت فيه منظمة اليونسيف الغاء عقدها. وقد تم تمرير خبر التجديد في نهاية بيان طويل صادر عن مكتب المجلس يتناول فيه مرور البلد بأزمة اقتصادية خانقة.

فهل أراد مجلس الوزراء العراقي تعويض الشركة، التي ارتبطت، عالميا، بانتهاكات حقوق الانسان الفلسطيني واماكن اخرى، بالاضافة إلى فسادها وانتهاكاتها في العراق نفسه، عن خسارتها في الاردن، ام ان دور الشركة الاجرامي، في البنية التحتية للمستوطنات والأمن للمحتل العنصري، أمر عادي لا يستحق التوقف عنده واتخاذ موقف اخلاقي وانساني وقانوني منه؟ ما الذي حدث لروح دعم النضال الفلسطيني الذي تربينا عليه، كعراقيين، مؤمنين بأن القضية الفلسطينية بوصلتنا الاخلاقية، ومقياسنا لفهم انسانيتنا والآخرين؟

رسميا، لا يجد النظام العراقي حرجا في التعامل مع الشركة مهما كانت جرائمها. فحاضرها يتماهى مع حاضره. «معا نبني العراق» هو شعارها الناعم، لتوحي بانها قوة بناء واعمار بدلا من الشعب. وهي أقوى من الجيش والقوات الأمنية لأنها القادرة على «توفير الحلول الأمنية وتدريب الموظفين الموهوبين لتعزيز مكانتها على المدى الطويل في البلاد». وتفتخر الشركة بأرثها المتغلغل في «القطاعات الحكومية والقطاعات التجارية على حد سواء، في فترة ما بعد الحرب». وفي الوقت الذي اعلن فيه النظام ان عمل الشركة يركز بالدرجة الاولى على توفير الأمان للمستثمرين الدوليين، ومنهم شركات النفط والغاز، فإنها تذكر، على موقعها، انها تقدم «خدمات أمنية شاملة في مطار بغداد الدولي» ويمتد عملها، كما هو الحال في اسرائيل، ليشمل «إدارة التسهيلات للبنية التحتية الأساسية ومن ضمنها المحاكم وادارة السجون»، وأن الشركة مسجلة رسميا لدى وزارة الداخلية العراقية. وكأن سجل وزارة الداخلية الأسود فيما يخص المعتقلات والسجون وممارسة التعذيب حتى الموت، بأيد عراقية، ليس كافيا، لتقوم الحكومة بمنح عقود ضخمة لشركات أمنية لتساهم، بشكل مباشر وغير مباشر، كما في معتقلات الكيان الصهيوني، في منظومة الاعتقال وانتهاك حقوق الانسان وامتهان كرامته. أي اننا ندفع تكلفة تعذيبنا عقودا مجزية. ولعل الشعار الأصلح للحكومة والشركات الأمنية التي تتعاقد معها ان يكون «معا ننهي العراق».

يقابل هذه الصورة الرسمية القاتمة، مبادرات مجتمعية، تمنحنا، فسحة من الأمل قد تتسع مستقبلا لتشمل العراق كله. منذ ثلاثة اعوام، مثلا، أطلقت «المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي»، الهادفة لخلق صلات للتضامن بين المجتمع الدولي من جهة وبين المجتمع المدني العراقي ومنظماته من جهة اخرى، حملة « قاطعوا جي فور اس» ضمن حملة لمناهضة ووقف عمل الشركات الامنية الخاصة. وتطالب الحملة بوضع «اتفاقية دولية ملزمة للحد من الاعتماد على الشركات الخاصة في توفير الامن وكذلك لإخضاع ما هو موجود للمحاسبة. خصوصا بعد التجربة المريرة التي مرت بالعراق من جراء الاستعانة بمثل هذه الشركات، للأسف ما تزال الشركات الامنية الخاصة جزءا من واقع العراق الامني السيئ».

وبينما يزداد الوعي العام بضرورة محاسبة الشركات العسكرية والأمنية الخاصة على انتهاكاتها لحقوق الانسان بسبب الحصانة التي تمتع بها او الفجوة القانونية في اطار القانون الدولي، الا ان الدول الفاشلة التي لا تأتمن شعوبها، والشركات الاحتكارية عابرة البلدان، وشركات السمسرة المحلية اللاهثة وراء نسبة من غنائم الفساد، لاتزال تجد فيها الأداة الاصلح لحمايتها، متعامية عن كون الشركات الأمنية العالمية جزءا من شبكة مرتبطة عضويا بالأوساط الإستعمارية الأكثر تطرفا في الولايات المتحدة، و بإسرائيل كونها الملاذ الآمن لتلك الأوساط سياسيا وعسكريا. مما يعني تقديم اجهزة المخابرات بأشكال «وطنية» ما دامت تدار من خلف الستار كجزء من أكثر السياسات الإمبريالية خطرا. مما يعكس غباء الحكومات المتعاونة معها، ومن بينها العراقية، مقابل تصاعد الوعي العام بأن الضمان الوحيد لاي بلد هو الدولة الوطنية، مستقلة الإرادة، ذات إستراتيجيات بعيدة المدى اقتصاديا وتنمويا، وقوانين تعامل الانسان كقيمة عليا.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إسرائيل، العراق، الخيانة، حكام العراق، المعتقلات،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 22-03-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
المولدي الفرجاني، حاتم الصولي، أحمد ملحم، أحمد بوادي، د - صالح المازقي، منجي باكير، سعود السبعاني، عزيز العرباوي، عراق المطيري، حسن عثمان، عمار غيلوفي، رحاب اسعد بيوض التميمي، حميدة الطيلوش، إسراء أبو رمان، إيمى الأشقر، نادية سعد، د. خالد الطراولي ، فتحي الزغل، تونسي، سامح لطف الله، يزيد بن الحسين، د. أحمد بشير، عبد الغني مزوز، سفيان عبد الكافي، مصطفي زهران، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سامر أبو رمان ، د. مصطفى يوسف اللداوي، سليمان أحمد أبو ستة، د. صلاح عودة الله ، العادل السمعلي، الهادي المثلوثي، طلال قسومي، د. طارق عبد الحليم، صلاح المختار، مجدى داود، د. أحمد محمد سليمان، أ.د. مصطفى رجب، محمود فاروق سيد شعبان، فتحـي قاره بيبـان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عمر غازي، فهمي شراب، جاسم الرصيف، د- محمد رحال، أشرف إبراهيم حجاج، خبَّاب بن مروان الحمد، علي الكاش، د - المنجي الكعبي، د. عادل محمد عايش الأسطل، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صفاء العربي، كريم السليتي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد اسعد بيوض التميمي، خالد الجاف ، فوزي مسعود ، رمضان حينوني، سيد السباعي، رافد العزاوي، محمد يحي، الهيثم زعفان، حسني إبراهيم عبد العظيم، أحمد الحباسي، سلوى المغربي، مراد قميزة، د- جابر قميحة، محمود طرشوبي، أبو سمية، فتحي العابد، د- محمود علي عريقات، د - مصطفى فهمي، ضحى عبد الرحمن، مصطفى منيغ، د.محمد فتحي عبد العال، أحمد النعيمي، رضا الدبّابي، محمود سلطان، ياسين أحمد، وائل بنجدو، علي عبد العال، محمد الياسين، أنس الشابي، محمد عمر غرس الله، الناصر الرقيق، محمد الطرابلسي، صباح الموسوي ، صفاء العراقي، كريم فارق، د - عادل رضا، محرر "بوابتي"، د. عبد الآله المالكي، إياد محمود حسين ، رشيد السيد أحمد، صلاح الحريري، حسن الطرابلسي، د- هاني ابوالفتوح، محمد شمام ، د - الضاوي خوالدية، محمد أحمد عزوز، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عواطف منصور، محمد العيادي، د - محمد بن موسى الشريف ، يحيي البوليني، رافع القارصي، سلام الشماع، صالح النعامي ، عبد الرزاق قيراط ، ماهر عدنان قنديل، د - محمد بنيعيش، عبد الله الفقير، عبد الله زيدان، د - شاكر الحوكي ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة