البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

من قواعد النصر في القران الكريم – 20 – ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين

كاتب المقال أ. د/ احمد بشير - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4590


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


" جاء الإسلام بعقيدة التَّوحيد ليرفع نفوس المسلمين، ويغرس في قلوبهم الشَّرَف والعِزَّة والأَنَفَة والحَمِيَّة، وليعتق رقابهم من رقِّ العبوديَّة، فلا يَذِلُّ صغيرهم لكبيرهم، ولا يهاب ضعيفهم قويَّهم، ولا يكون لذي سلطان بينهم سلطان إلا بالحقِّ والعدل " ( مصطفى المنفلوطي : النظرات، ج2، ص : 18).

قيل في الحِكَم : " إذا أردت أن يكون لك عزٌّ لا يفنى، فلا تستعزَّ بعزٍّ يفنى، العطاء من الخَلْق حرمان، والمنع من الله إحسان، جلَّ ربُّنا أن يعامل العبد نقدًا فيجازيه نسيئة، إنَّ الله حَكَم بحكم قبل خَلْق السَّماوات والأرض : أن لا يطيعه أحد إلَّا أعزَّه، ولا يعصيه أحد إلَّا أذلَّه، فرَبَط مع الطَّاعة العزَّ، ومع المعصية الذُّلَّ، كما رَبَط مع الإحراق النَّار، فمن لا طاعة له لا عزَّ له " ( المناوي : فيض القدير، ج6، ص : 73 )

" و الله لو علمت أن شرب الماء يثلم مروءتي ما شربته طول حياتي " ( الإمام الشافعي )

***************
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،
أمـــا بعد :
فإن القاعدة التي نقف معها في هذه الحلقة مؤداها : " أن العزة الحقيقية إنما هي لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وللمؤمنين "، قال تعالى حكاية عن المنافقين : {يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ } ( المنافقون : 8 )، والمعنى : " يقول هؤلاء المنافقون : لئن عُدْنا إلى "المدينة" ليخرجنَّ فريقنا الأعزُّ منها فريق المؤمنين الأذل , ولله تعالى العزة ولرسوله صلى الله عليه وسلم , وللمؤمنين بالله ورسوله لا لغيرهم , ولكن المنافقين لا يعلمون ذلك ؛ لفرط جهلهم " ( التفسير الميسر )،
فالله عز وجل في هذه الآية حكم بالعزة لنفسه جل جلاله، وللرسول صلى الله عليه وسلم، وللمؤمنين بالله ورسوله، وبالتالي فهي لا تكون أبدا للكفرة والمشركين والمنافقين أعداء الله وأعداء رسوله، وأعداء المؤمنين، وهو أمر أكد عليه القرآن الكريم في مواضع عديدة :
- فأكد أن العزة لله جميعا، فهو المتفرد بها سبحانه، وليست لأحد غيره كائنا من كان إلا من آمن به واتبع منهجه، ومن ثم فهي لا تطلب إلا من الله تعالى : قال تعالى : {وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } ( يونس : 65 )، أي : ولا يحزنك - أيها الرسول - قول المشركين في ربهم وافتراؤهم عليه، وإشراكهم معه الأوثان والأصنام ; فإن الله تعالى هو المتفرد بالقوة الكاملة، والقدرة التامة المطلقة في الدنيا والآخرة , وهو السميع لأقوالهم , العليم بأفعالهم ونياتهم،

وقال تعالى : {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ } ( فاطر : 10 )، من كان يطلب عزة في الدنيا أو الآخرة فليطلبها من الله , ولا تُنال إلا بطاعته , فلله العزة جميعًا , فمن اعتز بالمخلوق أذلَّه الله , ومن اعتز بالخالق أعزه الله , إليه سبحانه يصعد ذكره والعمل الصالح يرفعه، والذين يكتسبون السيئات لهم عذاب شديد , ومكر أولئك يَهْلك ويَفْسُد , ولا يفيدهم شيئًا.

ومن هنا فمخطئ من يبتغى العزة عند غير الله تعالى من الكفرة والمشركين من أعداء الله وأعداء المسلمين، فالعزة لا تطلب إلا من الله تعالى وحده، قال تعالى : {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً } ( النساء139 )، والمعنى : الذين يوالون الكافرين , ويتخذونهم أعوانًا لهم , ويتركون ولاية المؤمنين , ولا يرغبون في مودتهم، أيطلبون بذلك النصرة والمنعة عند الكافرين ؟ إنهم لا يملكون ذلك , فالنصرة والعزة والقوة جميعها لله تعالى وحده،
- وما دامت العزة لله جميعا، فمن الطبيعي أن تكون لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وهو الذي أعزه الله تعالى بعزته، وطلب من الناس أن يؤمنوا به وأن ينصروه، وأن يتبعوا النور الذي أنزل معه، فقال في حقه : { ....فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } ( الأعراف : 157 )، أي : فالذين صدَّقوا بالنبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم وأقروا بنبوته, ووقروه وعظَّموه ونصروه, واتبعوا القرآن المنزل عليه, وعملوا بسنته, أولئك هم الفائزون بما وعد الله به عباده المؤمنين.( التفسير الميسر )،

- وما دامت العزة لله جميعا - وتلك حقيقة قرآنية - يصبح من الطبيعي أن تكون العزة كل العزة في الاتباع الكامل لمنهج الله عز وجل، والذلة كل الذلة في الابتداع واتباع الهوى ومخالفة المنهج :
ففي الحديث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بعثت بين يدي الساعة بالسيف، حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصَّغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم " ( صححه الألباني : أنظر : صحيح الجامع، رقم : 2831)، قال " ابن رجب " رحمه الله : " هذا يدل على أن العزَّ والرفعة في الدنيا والآخرة بمتابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم لامتثال متابعة أمر الله " (1)،
وقال " المناوي " رحمه الله : " وكما أن الذلة مضروبة على من خالف أمره، فالعز لأهل طاعته ومتابعيه، قال تعالى : {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ }، وعلى قدر متابعته تكون العزة والكفاية والفلاح " (2)، وعلى هذا فاتباع السنة عزة للمؤمن، والابتداع في دين الله ذلة وهوان وصغار،
ولكن ما معنى العزة :
العزة في اللغة – كما تفيد المعاجم اللغوية – مصدر قولهم : عزَّ يعزُّ وعِزا، واصل هذه المادة : ( ع، ز، ز ) (3)، وتدور " العزة " لغويا حول معاني : الغلبة والقهر والشدة والقوة ونفاسة الشيء وعلو قدره، قال " ابن منظور " : العز خلاف الذل .. والعز في الأصل القوة والشدة والغلبة، يقال : عزَّ يعزُّ بالفتح إذا اشتدَّ، ورجلٌ عزيزٌ : منيعٌ لا يغلب ولا يقهر . وعزَّ يعزُّ – بالكسر – عزا وعزةَّ وعزازةً وهو عزيزٌ قلَّ حتى لا يوجد – ورجلٌ عزيزٌ من قوم أعزةٍ ... واعزَّ الرجل : جعله عزيزا، وملكٌ أعزُّ : عزيز ... وتعزز الرجل : صار عزيزاً، وتعزز : تشرف (4)
أما في الاصطلاح : فلقد تعددت تعريفات العلماء للعزة، نذكر منها :
- قال " الراغب الأصفهاني " : " العزة حالة مانعة للإنسان من أن يغلب " (5)، أي أنها الغلبة الدائمة،
- وعرفها " الكفوي " : العزة : " الغلبة الآتية على كلية الباطن والظاهر " ( وهذا في جناب الله تعالى ) (6)،
- وقال " أبو حامد الغزالي " : " من رزقه الله القناعة حتى استغنى بها عن خلقه، وأمده بالقوة، والتأييد حتى استولى بها على صفات نفسه، فقد اعزه الله في الدنيا، وسيعزه في الآخرة بالتقريب إليه " (7)،
وثمة من يعرفها بأنها : " ارتباط بالله تعالى، وارتفاع بالنفس عن مواضع المهانة، والتحرر من رق الأهواء ومن ذل الطمع، وعدم السير إلا وفق ما شرع الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم "،
ومن خلال ما سبق يتبين لنا أن العزة لا بد أن يجتمع فيها مجموعة من الأمور التي يمكن لنا أن نوجزها فيما يلي (8):
- القوة الكاملة حتى أنه لا يغلب، أي القوة الإيمانية، والجسدية، والعلمية،
- القناعة التامة حتى يستغني بها عن الناس جميعا،
- أن يمده الله بنصره وقوته وأييده، بعد استيفاء الشروط التي تجعله أهلا لذلك،
- أن يسير على وفق ما أراده الله تعالى، وأن يتبع شرعه ومنهجه في كل ما يأتي وكل ما يدع،
فالعزة إذا حالة مانعة للإنسان من أن يغلب أو يقهر، وهي إحساسٌ يملأ القلب والنفس بالإباء والشموخ والاستعلاء والارتفاع.
والغاية منها : الرفعة والفخر على الآخرين بلا تكبر، وهي نابعةٌ من الخيرية التي ينتج عنها الخير للبشر من مناصرة للفضيلة، ومقارعة للرذيلة، واحترام للمثل العليا،
العزيز من أسماء الله تعالى :
- ومن أوصاف الله تعالى وأسمائه ( الْعَزِيزُ) أي : العزيز الذي لا مثيل له ولا ند له ولا نظير له، والعزيز أيضا هو الغالب القوي الذي لا يغلبه شيء، والعزيز هو القوي الشديد، يقول " النابلسي " : " العزيز يجب أن تتوافر فيه صفات ثلاث : أن يقل وجود مثله، وأن تشتد الحاجة إليه، وأن يصعب الوصول إليه، فقد تشتد الحاجة إلى شيء ولكنه غير نادر كالهواء، كلنا في أمس الحاجة إليه ولكنه متوافر، قد تشتد الحاجة إلى الماء والماء موجود في بعض البلاد بكثرة، والله تعالى يحتاجه كل شيء في كل شيء، قوام كل شيء به، وهو مصدر حياة كل شيء (9)
والله تعالى أيضاً هو " المعز المذل " الذي يهب العزة لمن يشاء من عباده، ويمنعها أو ينزعها عمن يشاء، قال تعالى : ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ﴾ ( آل عمران الآية: 26 )،
والإيمان باسم الله العزيز، والوعي الكامل به، يعطي المسلم شجاعةً وثقةً كبيرةً به , لأن معناه : أن ربه لا يمانع ولا يرد أمره سبحانه، وأنه ما شاء كان وإن لم يشأ الناس، وما لم يشأ لم يكن، وإن شاء الناس،
هذا ولقد تكرر وصف الله تعالى بوصف ( الْعَزِيزُ ) في القرآن ما يقرب من تسعين مرة، ومن الأمثلة على ذلك :
0 قول الله تعالى على لسان سيدنا عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام : ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)﴾ ( المائدة )،
0 وقوله تعالى : ﴿وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37)﴾ ( الجاثية )،
0 وقوله عز وجل : ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180)﴾ ( الصافات )
العزة خلق من أخلاق المؤمنين :
- وقد أشار القرآن الكريم إلى أن العزة خلق من أخلاق المؤمنين التي يجب أن يتحلوا بها ويحرصوا عليها فقال : { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ }، وقال عن عباده الأخيار : { أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ }، وقال : { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ }، والشدة على الكافرين تستلزم العزة ولا شك , وقال : { وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }، وهذا يقتضي أن يكونوا أعزاء، وهذه الآية الأخيرة تُفهِّمُنا أن كتاب الله جل جلاله يعلم المؤمنين إباء الضيم، وهو خلقٌ يفيد معنى الاستمساك بالعزة والقوة، والثورة على المذلةِ والهوان، وإذا كنا قد عرفنا أن القرآن قد كرر وصف ذات الله القدسية بصفة ( الْعَزِيزُ ) ما يقرب من تسعين مرة فكأنه أراد بذلك ـ وهو أعلم بمراده سبحانه ـ أن يملأ أسماع المؤمنين بحديث العزة والقوة، فإذا ما سيطر عليهم اليقين بعزة ربهم، واستشعروا القوة في أنفسهم، واعتزوا بمن له الكبرياء وحده في السماوات والأرض، وتأبوا على الهوان حين يأتيهم من أي مخلوقٍ، وفزعوا إلى واهب القوى والقدر ( بضم القاف ) يرجونه أن يعزهم بعزته , وكأن الله عز وجل قد أراد أن يؤكد هذا المعنى في نفوس عباده حين جعل كلمة الله أكبر تتردد كل يوم في أذان الصلاة مراتٍ ومراتٍ، ثم يرددونها كل يوم في صلواتهم كل يوم مراتٍ ومراتٍ، فتشعرهم بأن الكبرياء لله عز وجل، وأن عباده يلزمهم أن يلتمسوا العزة من لدنه وأن يستوهبوا القوة من حماه : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ } يقول ابن كثير ـ رحمه الله ـ : " من كان يحب أن يكون عزيزاً في الدنيا والآخرة فليلزم طاعة الله تعالى "، { قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }(10)،
- ولقد أراد القرآن الكريم أن يهدي المؤمنين إلى الطريق الذي يصون لهم العزة، ويحصنهم ضد الرضا بالهوان أو السكوت على الضيم، وأن يلتمسوا سبيل العزة والاستعلاء بالايمان، فأمرهم بالإعداد الذاتي، والأخذ بأسباب القوة، والاستعداد لحفظ الكرامة، والذود عن العزة فقال لهم جل جلاله : { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ }، ذلك لما هو معلوم من أن القوة – بكافة جوانبها وأبعادها - تجعل صاحبها في موطن الهيبة والاقتدار فلا يسهل الاعتداء عليه من غيره من الضعفاء، كما علمهم الله تعالى في القرآن أيضا الإقدام والاحتمال والثبات في مواطن اليأس، موقنين أنه سبحانه معهم فقال لهم : { وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً }، وفي موضع آخر يقول لهم : { فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ }، وينبغي التأكيد هنا على أن هذه ليست دعوة إلى بغيٍ أو طغيانٍ، أو عدوان، وإنما يُعوِّدُ القرآن أتباعه أن يكونوا أولاً على حيطةٍ وحذرٍ فيقووا أنفسهم بكل وسائل التقوية والتحصين حتى يكونوا أصحاب رهبةٍ في نفوس أعدائهم، وإلا تطاولوا عليهم وعصفوا بهم ( كما هو حادث الآن ) , ومن هنا قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوْ انفِرُوا جَمِيعاً }، ويقول : { وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ }، (11)،
حقائق مرتبطة بالقاعدة :
- أسباب تورث الذل وتقضي على العزة :
ولقد تحدث أهل العلم عن بعض العوامل والأسباب التي من شأنها أن تورث الذل والمهانة، ومن تلك الأسباب :
الاحتيال على الشريعة،
شيوع البدع واتباع الهوى ومخافة السنة،
انتشار الذنوب والمعاصي، وتفشي الشهوات والشبهات،
حب الدنيا والتكالب متاعها الفاني،
ترك الجهاد في سبيل الله تعالى،
كراهية الموت في سبيل الله، ...وغير ذلك من الأسباب،
ولقد سبق أن ذكرنا حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما الذي جاء فيه : " وجعل الذلة والصَّغار على من خالف أمري "، فطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم والاقتداء به، واتباع السنة عزة للمؤمن وأي عزة، وومعصية الرسول ومخالففة سنة والابتداع في دين الله ذلة وهوان وصغار، قال تعالى : {. فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) } ( النور )، قال سفيان بن عيينة رحمه الله : " الفتنة أن يطبع الله على قلوبهم " (12)
ولقد تحدث شيخ الاسلام " ابن تيمية " رحمه الله عن فوائد ترك اتباع الهوى في كتابه "مجموع الفتاوى" (13) ومما أشار إليه في هذا الصدد قوله : " والفائدة الثالثة : قوة القلب وثباته وشجاعته، فيجعل الله له سلطان النصرة مع سلطان الحجة، ولهذا يوجد في المتبع لهواه من الذل ؛ ذل النفس وضعفها ومهانتها ما جعله الله لمن عصاه، فإن الله جعل العزة لمن أطاعه، والذلة لمن عصاه".
وهكذا فإن من خالف أمره صلى الله عليه وسلم من أجل الشهوات فهو من العصاة، فله ولهم نصيب من الذلّة والصغار، بسبب ما يلحقهم من ذل المعصية، ومن خالفه من أجل الشبهات فهو من أهل الأهواء والمبتدعات، فله ولهم نصيب من الذلة والصغار، بسبب ما يلحقهم من ذل البدعة، وكلّهم بحسب مخالفتهم لأوامره.
كما أن الاحتيال على الشريعة - وهو ضرب من ضروب التفلت من الأحكام الشرعية - يورث الذّل، ففي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا : " إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلَّط الله عليكم ذلاًّ لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم".( صححه الألباني في السلسلة الصحيحة : 1 / 15 )، قال المناوي " (14) في شرح الحديث : " ( تبايعتم بالعينة ) بكسر العين المهملة وسكون التحتية، أن يبيع سلعة بثمن لأجل، ثم يشتريها منه بأقل منه، وهي مكروهة عند الشافعية، محرمة عند غيرهم ( وأخذتم أذناب البقر ) كناية عن الاشتغال بالحرث ( ورضيتم بالزرع ) أي بكونه همتكم ونهمتكم ( وتركتم الجهاد ) أي غزو أعداء الدين، ( سلط الله عليكم ذلا ) بضم الذال المعجمة وكسرها ضعفا واستهانة، ( لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) أي إلى الاهتمام بأمور دينكم، جعل ذلك بمنزلة الردة والخروج عن الدين لمزيد الزجر والتهويل "
" ويرجع نص الحديث في نهاياته إلى تصحيح ما صُنع في أوليَّاته، وهو ضرورة الرجوع إلى دين الله على منهاج النبوة والسلف، لذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم في ختام الحديث إلى سبيل العزة بقوله : (حتى ترجعوا إلى دينكم)، فعلى من انتهج منهاج النبوة والسلف وقال : (أنا سلفي) أن يخاف من الذلّة والغضب، لأن هذه الدعوة المباركة هي دعوة الأنبياء والرسل، بعثهم الله بها، فلا تقبل، ولا يمكن لها أن تقبل في صفوفها الخونة، وتنفي ـ بفضل من الله ـ خبثها بالغربلة التي يجريها الحكيم الحميد متى شاء (15)،
ولنقرأ قول الله تعالى : {سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (124) }( الأنعام )، والصّغار : أشد الذلِّ، قال الشوكاني رحمه الله : وأصله من الصِّغر، كأنّ الذلّ يصغر إلى المرء نفسه "، سيصيب الذين فعلوا الآثام الذي عند الله من الذل والهوان، ليناسب كِبْرهم وعُتُوّهم وعصيانهم الله تعالى، والمقصود تعظيم شأن أهل الحديث ؛ أصحاب منهاج النبوة والسلف، ورفعهم بالعزة، وتحقير وإذلال أهل الباطل والكفر والنفاق والمبتدعة والمحتالين، لأنهم تكبروا على الحق، ومكروا، فأذلهم الله.
قال " الشنقيطي " رحمه الله : " فعلى المسلم أن يخاف من الذِّلة والغضب، ولا يفتري في دين الله، ولا ينتحل ولا يبتدع، بل يبقى على المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك " (16)
هذا ولقد حافظ الصحابة رضوان الله عنهم على العزة التي أعزهم الله بها وهي العزة بدين الله الإسلام، فقد روى " الحاكم " من طريق ابن شهاب قال : " خرج عمر بن الخطاب إلى الشام ومعنا أبو عبيدة بن الجراح، فأتوا على مخاضة وعمر على ناقة، فنزل عنها وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة، فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين، أأنت تفعل هذا؟! تخلع خفيك وتضعهما على عاتقك، وتأخذ بزمام ناقتك وتخوض بها المخاضة؟! ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك! فقال عمر: أوه لو يقل ذا غيرك أبا عبيدة جعلته نكالا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله"، وفي رواية له : "يا أمير المؤمنين تلقاك الجنود وبطارقة الشام وأنت على حالك هذه؟! فقال عمر: إنا قوم أعزنا الله بالإسلام فلن نبتغي العز بغيره " ( صححه الألباني في السلسلة الصحيحة )،
ولهذا كان في كلام الشيوخ : "الناس يطلبون العز من أبواب الملوك ولا يجدونه إلا في طاعة الله "(17)،
- أن من آثار الذنوب والمعاصي أنها " تولد الذل والمهانة "، ولذلك كان بعض السلف يدعو فيقول : " اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك، فصنه كذلك عن المسأله من غيرك، اللهم لا تشغل قلبي بما تكفلت لي به يارب العالمين , اللهم أعزني بالطاعه ولا تذلني بالمعصيه يارب العالمين "، (18) ويروى أن " الحسن البصري " رحمه الله كان يقول : " إنهم ( أي الأعداء ) وإن هملجت بهم البغال، وطقطقت بهم البراذين (19) ؛ فإن ذل المعصية لفي قلوبهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه " (20)، ولله در ابن المبارك عندما قال (21) :
رأيت الذنوب تميت القلوب **** وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب **** وخيرٌ لنفسك عصيانها
وهل أفسد الدين إلا الملوك **** وأحبار سوءٍ ورهبانها
- العزة والاعتزاز لا يكون إلا بالإسلام :
لاشك أن من طبيعة البشر وفطرتهم التي فطرهم الله عليها، أن يعتزوا دائما بنسب، أو مال، أو جاه، .....أو غيره , فالإنسان مجبول بطبعه على حب البحث عن العزة بأي سبب من الأسباب،
والناس في حقيقة الأمر على أقسام :
القسم الأول : هم الكفار : وهم هؤلاء الذين يعتزون بكفرهم وشركهم، وقديما اعتز المشركون بعبادتهم للأوثان , فقال تعالى {واتخذوا من دون آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا} , وهؤلاء سحرة فرعون ظنوا أن العزة بيد فرعون فتحدوا موسى بذلك , فقال تعالى : { وقالوا بعزة فرعون إنّا لنحن الغالبون}، وهذا القسم من الناس خائب في الدنيا، خاسر في الآخرة .
والقسم الثاني : هم المنافقون : الذين يطلبون العزة من موالاة الكفار والترامي في أحضان أعداء الأمة، ظانين أن الغلبة لهؤلاء الكافرين أن حالهم بالعلو دائم، متجاهلين سنن الله في الكون، فقال تعالى في وصف هؤلاء : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين}، وتجد هؤلاء القوم يصرون على موقفهم مع أن الله سبحانه أخبرنا في كتابه خطأ ظنهم , وحسم العزة لنفسه جل جلاله , فقال تعالى : {بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا }، وهذا القسم خائب أيضا في الدنيا، وخاسر في الآخرة والعياذ بالله .
أما القسم الثالث : فهم المؤمنون الصادقون الذين ارتضوا بالله ربا، وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا : هؤلاء الذين علموا وتيقنوا أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين , وساروا طلبا للعزة منطلقين من قوله تعالى : { من كان يريد العزة فلله العزة جميعا }.
ومن هنا فالمؤمن يعلم أن الله سبحانه هو الذي يعز ويذل , وهو الذي يؤتي الملك وينزعه، ولا يقوم بذلك إنس ولا جن لا ملك ولاحاكم ولا طاغوت ولا سواهم ؛ مصداقا لقوله تعالى : { قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير }، ومن هنا اعتز هؤلاء النفر بالله وبدينهم وبإسلامهم , لم يلتفتوا للباطل ولا لأهله , ولم ينظروا للظلم وجولته , وإنما زرعوا في قلوبهم قول الله تعالى : {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون }، فلم ينظروا إلى المجرمين من الكفار واستكبارهم في الأرض , ولم يلتفتوا إلى علو الطغاة الظالمين , ولم يأبهوا بالهجمة الحاقدة على هذا الدين , وبالترصد الغادر للمجاهدين , فلم ينحنوا إلا لله ولم يقبلوا الدنية في دينهم بحجة الواقع , كما فعل البعض فتبرأ من دينه وعقيدته وكال التهم والشتائم للجهاد والمجاهدين , مبرئا نفسه من الإرهاب وأهله كما يدعون .
إن الاعتزاز بالإسلام والانتساب إليه إنما هو من أهم أسباب الرفعة والعلو للأمم , وهذا عمر الفاروق رضي الله عنه يسطر هذه القاعدة خالدة إلى يوم الدين فقال : " كنا أذلة فأعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزة في غير الإسلام أذلنا الله " ؛ فإلى اللاهثين وراء الطواغيت وإلى الراكعين لأعدائهم وإلى الراكضين وراء المال والجاه هلا تمعنتم في قول الفاروق الذي لم يكن في قومه في الجاهلية ذليلا ولم يكن عبدا مهانا وإنما كان سيدا مهابا ورجلا عزيزا ومع ذلك يقول هذه المقولة عن تجربة وخبرة وعلم ؛ فيا ليت قومي يفقهون !!.
إن العزة بالإسلام إنما هي قوة وشدة على أعداء الله، وجهادا لهم، وثباتا وصبرا على أذاهم، وإرغاما لأنوفهم بكل وسيلة شرعها الله،، وسنتها قوانين العدل , وهي في الوقت ذاته رحمة للمؤمنين، ولين عليهم، وألفة لهم، وبهذا يقول الحق تعالى : {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم }, ويقول تعالى : {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله}, فالعزة طريق النصر ولا يمكن لمرء يخجل من دينه وانتمائه لهذا الإسلام أن يكون قويا مدافعا عن فكرته ومبادئه لأن فاقد الشيء لا يعطيه , فالذي دخل الوهن والضعف في قلبه أنى له أن يقنع الآخرين بما يحمل من أمانة ورسالة !؟
ولو رجعنا إلى تاريخنا وسيرتنا وماضي أمتنا لوجدناه يمضي على نسق واحد , أنه كلما رجعت الأمة إلى دينها وتمسكت به , سادت الأمم ووصلت إلى القمة , وكلما حادت عن الطريق وابتعدت عن الاعتزاز، والافتخار بهذا الدين سقطت في أودية الذل لا يرفعها إلا عودتها لدينها وتمسكها به واعتزازها به،
كيف لا يكون ذلك والإسلام دين رضيه الله لنا وهو جل جلاله الذي خلقنا وهو أعلم بما يصلح حالنا، فقد قال الله تعالى : {اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا}, ويقول تعالى : { إن الدين عند الله الإسلام }, وهو القائل سبحانه : { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلت يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}، إذن لا بد لكل مسلم أن يعلنها بكل صراحة , مدويا أن ديني الذي أحمل هو الإسلام وبكل فخر , فهو الدين الذي سينقذ البشرية من ظلام ظلم الظالمين , ويرفعها من الهوان والذل الذي تغرق فيه وإنه لقادر على ذلك بإذن الله .
- يقول " الشعراوي "(22) : " أن العزة قد تكون بغير إثم، ومادام الله قد قال : { أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ }، فهناك إذن عزة بغير إثم، نعم، لأن العزة مطلوبة للمؤمن والله عز وجل حكم بالعزة لنفسه وللرسول وللمؤمنين :{ ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } ( المنافقون : 8 )،
وهذه عزة بالحق وليست بالإثم، وما الفرق بين العزة بالحق وبين العزة بالإثم؟ ولنستعرض القرآن الكريم لنعرف الفرق. ألم يقل سحرة فرعون : فيما حكاه الله عنهم : { بِعِزَّةِ فِرْعَونَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ }( الشعراء : 44 )، هذه عزة بالإثم والكذب، وكذلك قوله تعالى : { بَلِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ }( ص : 2 )، وهي عزة كاذبة أيضا أما قوله عز وجل : { سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ }( الصافات : 180 )، فتلك هي العزة الحقيقة، إذن فالعزة هي القوة التي تَغْلِبُ، ولا يَغْلِبها أحد، أما العزة بالإثم فهي أنفة الكبرياء المقرونة بالذنب والمعصية، والحق سبحانه وتعالى يقول لكل من يريد هذا اللون من العزة بالإثم : إن كانت عندك عزة فلن يقوى عليك أحد، ولكن يا سحرة فرعون، يا من قلتم بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون، أنتم الذي خررتم سجداً لموسى وقلتم : { قَالُواْ آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَىا وَهَارُونَ }( الشعراء : 47 - 48 )، ولم تنفعكم عزة فرعون ؛ لأنها عزة بالإثم، لقد جاءت العزة بالحق فغلبت العزة بالإثم، لذلك يبين لنا الحق سبحانه وتعالى أن العزة حتى لا تكون بالإثم، يجب أن تكون على الكافر بالله، وتكون ذلة على المؤمن بالله، { أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ }( المائدة : 54 )، وكذلك قوله الحق : { أَشِدَّآءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ }( الفتح : 29 )، وهذا دليل العزة بالحق، وعلامتها أنها ساعة تغلب تكون في منتهى الانكسار، ولنا القدوة في سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي خرج من مكة لأنه لم يستطع أن يحمي الضعفاء من المؤمنين، وبعد ذلك يعود إلى مكة فاتحاً بنصر الله، ويدخل مكة ورأسه ينحني من التواضع لله حتى يكاد أن يمس قربوس سرج دابته، تلك هي القوة، وهي على عكس العزة بالإثم التي إن غلبت تطغى، إنما العزة بالإثم التي إن غلبت تطغى، إنما العزة بالحق إن غلبت تتواضع، { وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ }، أي أن الأنفة والكبرياء مقرونة بالإثم، والإثم هو المخالف للمأمور به من الحق سبحانه وتعالى، { فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ }، أي عزة هذه التي تقود في النهاية إلى النار؟ إنها ليست عزة، ولكنها ذلة، فلا خير في عمل بعده النار، ولا شر في عمل بعده الجنة. فإن أردت أن تكون عزيزاً فتأمل عاقبتك وإلى أين ستذهب؟ { فَحَسْبُهُ } أي يكفيه هذا فضيحة لعزته بالإثم، وأما كلمة " مهاد " فمعناها شيء ممهد ومُوطأ، أي مريح في الجلوس والسير والإقامة. ولذلك يسمون فراش الطفل المهد. وهل المهاد بهذه الصورة يناسب العذاب؟ نعم يناسبه تماماً؛ لأن الذي يجلس في المهاد لا إرادة له في أن يخرج منه، كالطفل فلا قوة له في أن يغادر فراشه. إذن فهو قد فقد إرادته وسيطرته على أبعاضه. فإن كان المهاد بهذه الصورة في النار فهو بئس المهاد. هذا لون من الناس وفي المقابل يعطينا سبحانه لوناً آخر من الناس فيقول سبحانه : { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ... ..... فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } ( الأنفال : 49 )،

وما دام الله هو العزيز، فالذي آمن به عزيز، وسبحانه وتعالى يقول :{ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ }( المنافقون : 8 )، وقد حدث أن ادعى بعضهم ( وهم المنافقون ) العزة لنفسه وقالوا : { لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ }( المنافقون : 8 )، وكان مغزى قولهم هو ادعاء العزة لأنفسهم، وادعاء الذلة للمؤمنين، إذن فالعزة قد ادُّعيت، وما دامت قد ادعيت فلماذا لم تأت بأسلوب القصر؟ نقول: لا، لقد شاء الحق سبحانه أن يقول : { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ }( المنافقون : 8 )، فالعزة لله لا تتعداه، ولكنه سبحانه شاء أن تكون عزة رسوله صلى الله عليه وسلم وعزة المؤمنين من باطن عزة الله تعالى، قوله تعالى عن المنافقين : { لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ }( المنافقون : 8 )، فصدّق القرآن على قولهم بأن الأعزَّ سيُخرج الأذلّ، لكن : { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ }( المنافقون : 8 )، وما دام الأمر كذلك فأنتم الأذّلة، وأنتم الخارجون، وقد كان.

- وقول الحق سبحانه هنا :{ إِنَّ الْعِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً } أي : في كل ألوانها هي لله سبحانه وتعالى، إن كانت عزة حكمه فهو الحكيم، وإنْ كانت عزة القبض على الأمور فهو العزيز، وإن كانت عزة الحلْم فهو الحليم، وإنْ كانت عزة الغضب والانتقام فهو المنتقم الجبّار، وكلُّ ألوان العزة لله تعالى : { هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } ( يونس : 65 )، وما دامت العزة – كما أوضحنا - هي الغلبة والقهر، فالله سبحانه يسمع من يستحق أن يُقهر منه، وما دام الأمر فيه قول فهو يجيء بالسمع، وإنْ كان فيه فعل، فهو يأتي بصفة العليم، فهو السميع لما يُقال والعليم بما يُفعل.(23)،

- أن مفهوم العزة في التصور الاسلامي يختلف جذريا عن مفهومها في التصورات الوضعية، والمذاهب والأفكار البشرية،
إذ أن عزة المؤمنين التي نعنيها هنا والتي تكرسها وتؤكدها القاعدة التي نحن بصددها ليست للذات، ولا الاستعلاء للنفس، وليست مستمدة من كثرة مال، أو نسب أو حسب أو مكانة أو أي شيء من متاع الدنيا الزائل، وإنما هي العزة للعقيدة وبالعقيدة، والاستعلاء للراية التي يقف المسلم تحتها في مواجهة الكافرين،
- وعن العزة في منظور الاسلام يقول العلامة " ابن القيم " رحمه الله : " إن العزة والعلو إنما هما لأهل الإيمان الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، وهو علم وعمل وحال، قال تعالى : {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (آل عمران:139) فللعبد من العلو بحسب ما معه من الإيمان، وقال تعالى : {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (المنافقون:8)، فله العزة بحسب ما معه من الإيمان وحقائقه، فإذا فاته حظ من العلو والعزة، ففي مقابله ما فاته من حقائق الإيمان، علماً وعملاً ظاهراً وباطناً، فمن نقص إيمانه نقص نصيبه من النصر والتأييد، وقال تعالى : {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (فاطر: 10)، أي من كان يريد العزة فيطلبها بطاعة الله من الكلم الطيب والعمل الصالح (24)،
يقول " زيدان " (25) : " إن في هذا العصر قد انحسر حُكم الإسلام عن بلاد الإسلام، وغربت شمس العزة الإسلامية عن الدنيا، وأصبحت السيادة للطواغيت، واستلم زمام الأمور في أكثر بلاد الإسلام أناس ينفذون مخططات أعداء الله والإسلام، وأصبحت بلاد الإسلام هدفاً لكل طامع، وغاية لكل مريد. لذا وجب على المربين من المسلمين الاقتداء بتربية الرسول  أصحابه، وبخاصة تلك الفترة المكية التي اشتملت على معاني الإسلام وفقه أصوله العظيمة التي تقوم عليها العقيدة الإسلامية. وبتلك التربية العميقة الصارمة التي صفت نفوس أولئك الكرام، وامتلأت بحقائق الإسلام وصاروا طليعة الإسلام الأولى وكتيبته المظفرة، ومكنتهم تلك التربية من تحمل ما لا يطيقه غيرهم من المحن في سبيل الله ونصرة دينه ونشره في الآفاق "،
- إن العزة بالايمان إنما تعني أن يعلم المسلمون على وجه اليقين بان ما معهم هو الخير المحض ( المنهج الالهي )،
وان دورهم هو دعوة الآخرين إلى ما معهم من الخير، وأن يطوعوهم للخير الذي يحملونه، لا أن يطوعوا الآخرين لأنفسهم، ولا أن يطوعوا أنفسهم للآخرين وما عند الآخرين! (26)،

- أن العبد إذا رزق العزة، فإنه يرزق الاستعلاء على ركام الأرض فلا تستذله دنيا، ولا طغاة،
ولعل من أبرز النماذج التي تؤكد هذا المعنى ما وقع لصاحب الظلال – رحمه الله - الذي طلب منه أن يكتب استرحاماً ليتم العفو عنه بعد أن حكم عليه بالاعدام، مع الوعد بأن يضعونه في أعلى المناصب فقال : " إن أصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية في الصلاة، يأبى أن ينحني فيخط كلمة يسترضي بها طاغية " (27)،

- وختاما : فما أحوج الأمة اليوم – إزاء ما تعيشه من أزمات وما تتعرض له من إهانات متتالية - إلى استشعار العزة بالإسلام، والاستعلاء بالايمان، في مواجهة سيطرت مشاعر الهزيمة النفسية التي أضحت من المعالم الأساسية في تعاملنا ونظرتنا للغرب المعادي للإسلام والمسلمين، إن العزة بالإسلام والايمان تعتبر صمام أمان للمجتمع المسلم من الشرور والأخطار، فهي تنمي الفضيلة، وتمحق الرذيلة، و بها تستجلب المكارم، وتستدفع المكاره، وبها يرقى المجتمع بسواعد أناس يعتزون بأنفسهم ويثقون في قدراتهم، وهم على يقين بأنهم يأوون إلى ركن شديد هو الله تعالى الذي يؤمنون به ويستجيبون له، ويتبعون منهجه،
********
الهوامش والاحالات :
===========
(1) - عبد الرحمن بن رجب الحنبلي زين الدين : " الحكم الجديرة بالإذاعة من قول النبي صلى الله عليه وسلم بعثت بالسيف بين يدي الساعة "، تحقيق : زهير شاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، لبنان، 1403هـ - 1983م، ص : 35،
(2) – محمد عبد الرؤوف المناوي ( 952هـ - 1031هـ ) : " فيض القدير شرح الجامع الصغير "، دار الكتب العلمية بيروت - لبنان الطبعة الاولى 1415 ه - 1994 م، ج3، ص : 266،
(3) - أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا : " معجم مقاييس اللغة "، دار الكتب العلمية، ط3، بيروت، 2012م، ج4، ص : 38،
(4) - محمد بن مكرم بن على جمال الدين ابن منظور الأنصاري ( ت : 711هـ ) : " لسان العرب "، دار صادر، بيروت، ط3، 1414 هـ، مادة " عزز "،
(5) - الراغب الأصفهاني : " مفردات ألفاظ القرآن "، تحقيق : صفوان عدنان داوودي، دار القلم، الدار الشامية، 1430 – 2009م، ص : 333،
(6) - أيوب بن موسى الحسيني الكفوي (ت1094 هـ ) : " الكليات معجم المصطلحات والفروق اللغوية "، تحقيق : عدنان درويش، ومحمد المصري، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، الطبعة الثانية 1413هـ -1992م، ص : 639،
(7) - أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي ( ت : 505هـ) : " المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى "، تحقيق : بسام عبد الوهاب الجابي، الجفان والجابي، قبرص، ط1، 1407 هـ - 1987م ص : 47،
(8) - محمد بن عبد الله الهبدان : " العزة مصادرها ـ أسبابها ـ مواقف وأحداث "، دار الوطن، 1422هـ، المصدر : مؤسسة نور الاسلام، www.islamlight.net
(9) - محمد راتب النابلسي : " اسم الله العزيز "، العقيدة الإسلامية - اسماء الله الحسنى 1996 - الدرس (06-99)، بتاريخ : 2/3/ 1991م، المصدر :
http://www.nabulsi.com/blue/ar/art.php?art=3405&id=55&sid=600&ssid=601&sssid=603
(10) – سعد البريك : " عزة المسلم "، المصدر :
http://audio.islamweb.net
(11) - عبدالرحمن بن فؤاد الجار الله : " العزة "، سلسلة المذكرات التربوية التوجيهية (3)، المصدر : www.saaid.net/Doat/aljarallh/3.htm
(12) - عبد الرحمن بن رجب الحنبلي زين الدين : " الحكم الجديرة بالإذاعة من قول النبي صلى الله عليه وسلم بعثت بالسيف بين يدي الساعة "، تحقيق : زهير شاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، لبنان، 1403هـ - 1983م، ص : 40،
(13) - انظر : شيخ الإسلام أحمد بن تيمية : " مجموع الفتاوى "، جمع وترتيب : الشيخ عبد الرحمن بن قاسم وابنه الشيخ محمد، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف، المدينة النبوية، ١٤١٢ هـ، ج 21، ص 258،
(14) - الإمام الحافظ زين الدين عبد الرؤوف المناوي : " التيسير بشرح الجامع الصغير "، مكتبة الإمام الشافعي، الرياض ، السعودية، 1408هـ - 1988م، ط3، ج1، ص : 167،
(15) - هشام بن فهمي العارف : " كم للدينار والدرهم من عزّةٍ عند هؤلاء الأذلَّة "، في : 1/11/2009م، المصدر :
http://vb.alaqsasalafi.com/showthread.php?1883-
(16) – محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي : " العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير "، خالد بن عثمان السبت، مجمع الفقه الإسلامي بجدة، دار عالم الفوائد، 1426هـ، ج4، ص : 185،
(17) – ابن تيمية : " مرجع سبق ذكره "، ج21، ص : 258،
(18) - رضا السيد شطا : " بماذا نعتز بالإسلام ولماذا"، المصدر :
www.redashata.com/Arabic/text/lectures/pride_in.../pride_in_Islam_4.doc
(19) - " جمع برذون "، قيل هو ما بين الحصان والبغل, قصير إذا ركبه صاحبه مشى به متراقصاً مهتزاً. فلا يركبه إلا المترفون "،
(20) – ابن تيمية : " مرجع سبق ذكره "، ج21، 148،
(21) – أنظر : http://poem.afdhl.com/text-6644.html
(22) – محمد متولي الشعراوي : " مرجع سبق ذكره "، ص : 309،
(23) – " نفس المرجع السابق "، ص : 1416،
(24) - الامام العلامة ابن القيم : " إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان "، تحقيق : محمد سيد كيلاني، دار المعرفة – بيروت، ط2، 1395هـ - 1975م، ج 1، ص : 644 - 247،
(25) - عبدالكريم زيدان : " أنظر أصول الدعوة "، مكتبة القدس، ط 6، 1992م، ص ص : 444 – 445،

(26) – أنظر : سيد قطب : " في ظلال القران "، دار الشروق، القاهرة، ط 38، 2005م، ص : 919،
(27) - هاشم محمد : " سلسله المنهاج 1/6 في ضوابط السلوك والمنجيات "، دار البيان، الكويت، ط2، 1410هـ، ج1، ص : 98،

------------
أ.د/ أحمد بشير – جامعة حلوان، القاهرة



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

بحوث إسلامية، النصر الإلاهي، الفاعلية، العمل الإسلامي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 9-02-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  محاضرة تمهيدية حول مقرر مجالات الخدمة الاجتماعية والرعاية الاجتماعية لمرحلة الدراسات العليا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -44- الميثاق الاخلاقي للخدمة الإجتماعية Social Work Code Of Ethics
  وقفات مع سورة يوسف - 5 - المشهد الأول - رؤيا يوسف – أحد عشر كوكبا
  من روائع مالك بن نبي -1- الهدف أن نعلم الناس كيف يتحضرون
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -43- خدمة الجماعة المجتمعية : Community Group Work
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -42- مفهوم البحث المقترن بالإصلاح والفعل Action Research
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -41- مفهوم التقويم Evaluation
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -40- مفهوم التجسيد – تجسيد المشاعر Acting out
  نفحات ودروس قرآنية (7) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 7 ثمان آيات في سورة النساء ....
  نفحات ودروس قرآنية (6) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 6 ثمان آيات في سورة النساء .... أ
  من عيون التراث -1- كيف تعصى الله تعالى وانت من أنت وهو من هو من نصائح ابراهيم ابن ادهم رحمه الله
  وقفات مع سورة يوسف - 4 - أحسن القصص
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 5 ثمان آيات في سورة النساء ....
  طريقتنا في التفكير تحتاج إلى مراجعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -39 - الانتقائية النظرية في الخدمة الاجتماعية Eclecticism
  قرأت لك - 1 - من روائع الإمام الشافعي
  نماذج من الرعاية الاجتماعية في الإسلام – إنصاف المظلوم
  وقفات مع سورة يوسف - 3 - قرآنا عربيا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -38- مفهوم التقدير في التدخل المهني للخدمة الاجتماعية Assessment
  الشبكات الاجتماعية Social Network
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 4 ثمان آيات في سورة النساء ....
  وقفات مع سورة يوسف - 2 - تلك آيات الكتاب المبين - فضل القرآن الكريم
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -36- مفهوم جماعة النشاط Activity Group
  رؤية تحليلية مختصرة حول الإطار النظري للخدمة الاجتماعية (9)
  وقفات مع سورة يوسف - 1 - مع مطلع سورة يوسف " الر " والحروف المقطعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -35- مفهوم الهندسة الاجتماعية Social Engineering
  نفحات قرآنية ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة المحمدية 3 ثمان آيات في سورة النساء ....
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -34- مفهوم التثاقف – او المثاقفة - التثقف Acculturation
  من عجائب القران – نماذج وضاءة لجماليات الأخلاق القرآنية
  من عجائب القرآن الكريم والقرآن كله عجائب –1- الأمر بالعدل والندب إلى الاحسان والفضل في مجال المعاملات

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
علي الكاش، وائل بنجدو، سفيان عبد الكافي، سامر أبو رمان ، محمد اسعد بيوض التميمي، د- محمد رحال، ماهر عدنان قنديل، ياسين أحمد، المولدي الفرجاني، رافد العزاوي، د - محمد بنيعيش، صفاء العراقي، صفاء العربي، د. عبد الآله المالكي، محمود فاروق سيد شعبان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، رضا الدبّابي، صلاح الحريري، فتحي العابد، د. عادل محمد عايش الأسطل، فهمي شراب، د- محمود علي عريقات، يحيي البوليني، خبَّاب بن مروان الحمد، علي عبد العال، العادل السمعلي، إسراء أبو رمان، منجي باكير، سلام الشماع، د- جابر قميحة، عمر غازي، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمود سلطان، عبد الله زيدان، د. أحمد محمد سليمان، يزيد بن الحسين، الهيثم زعفان، د- هاني ابوالفتوح، صباح الموسوي ، حسن عثمان، محمد عمر غرس الله، سعود السبعاني، عزيز العرباوي، د. طارق عبد الحليم، محمد أحمد عزوز، د. خالد الطراولي ، حميدة الطيلوش، فوزي مسعود ، د - صالح المازقي، نادية سعد، مصطفي زهران، أنس الشابي، أحمد الحباسي، رافع القارصي، رمضان حينوني، عبد الغني مزوز، سليمان أحمد أبو ستة، إيمى الأشقر، أ.د. مصطفى رجب، عبد الله الفقير، تونسي، حسن الطرابلسي، د - مصطفى فهمي، محمد الطرابلسي، محمود طرشوبي، د - المنجي الكعبي، عواطف منصور، د. أحمد بشير، د. كاظم عبد الحسين عباس ، الهادي المثلوثي، د.محمد فتحي عبد العال، مجدى داود، كريم فارق، صالح النعامي ، د. صلاح عودة الله ، محمد العيادي، حسني إبراهيم عبد العظيم، مصطفى منيغ، فتحـي قاره بيبـان، عبد الرزاق قيراط ، صلاح المختار، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، كريم السليتي، أبو سمية، د. مصطفى يوسف اللداوي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، إياد محمود حسين ، فتحي الزغل، د. ضرغام عبد الله الدباغ، خالد الجاف ، ضحى عبد الرحمن، محرر "بوابتي"، محمد يحي، حاتم الصولي، رشيد السيد أحمد، الناصر الرقيق، د - شاكر الحوكي ، محمد الياسين، جاسم الرصيف، أشرف إبراهيم حجاج، عراق المطيري، سامح لطف الله، سلوى المغربي، أحمد بوادي، د - عادل رضا، عمار غيلوفي، مراد قميزة، أحمد ملحم، د - الضاوي خوالدية، طلال قسومي، د - محمد بن موسى الشريف ، سيد السباعي، أحمد النعيمي، محمد شمام ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة