البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

من قواعد النصر في القران الكريم – 9 – من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة

كاتب المقال أ. د/ احمد بشير - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3831


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


القاعدة التاسعة من قواعد النصر في القرآن الكريم ومؤداها أن النصر في الدنيا والآخرة لهذا الدين ولرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأمته من بعده بالتبعية، إنما هو من الله تعالى، وأنه متحقق لا محالة، ومن كان لديه أدنى شك في هذا، إن أعمل كل ما في وسعه، من كيد النَّبي صلى الله عليه وسلم ليمنع عنه نصر الله، فإنه لا يقدر على ذلك، ولا يذهب كيده ما يغيظه من نصر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم،

وهذه القاعدة جسدها قول الله تعالى : {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (15)} ( الحج : 15 )، والمعنى : من كان يعتقد أن الله تعالى لن يؤيد رسوله محمدًا بالنصر في الدنيا بإظهار دينه , وفي الآخرة بإعلاء درجته ومكانته , وعذابِ مَن كذَّبه، { فلْيَمدُدْ بسبب } أي : فليمدد حبلا إلى سقف بيته وليخنق به نفسه (1), ثم ليقطع ذلك الحبل، ثم لينظر : هل يُذْهِبنَّ ذلك ما يجد في نفسه من الغيظ؟ فإن الله تعالى ناصرٌ نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم لا محالة،
ومما يشهد لهذه القاعدة قوله تعالى : { أَمْ لَهُم مٌّلْكُ السماوات والأرض وَمَا بَيَنَهُمَا فَلْيَرْتَقُواْ فِى الأسباب جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن الأحزاب } ( ص : 10-11 )، أم لهؤلاء المشركين مُلْك السموات والأرض وما بينهما، فيُعْطوا ويَمْنعوا؟ فليأخذوا بالأسباب الموصلة لهم إلى السماء , حتى يحكموا بما يريدون من عطاء ومنع، هؤلاء الجند المكذِّبون جند مهزومون، كما هُزم غيرهم من الأحزاب قبلهم،

قال تعالى : { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ (12) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ (13) إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ } ( ص : 14)، ( فلقد ) كذَّبت قبلهم قوم نوح، وعاد، وفرعون صاحب القوة العظيمة، وثمود، وقوم لوط، وأصحاب الأشجار والبساتين وهم قوم شعيب، أولئك الأمم الذين تحزَّبوا على الكفر والتكذيب واجتمعوا عليه، إنْ كلٌّ مِن هؤلاء إلا كذَّب الرسل، فاستحقوا عذاب الله، وحلَّ بهم عقابه.( التفسير الميسر )،

وقال بعضهم : إن الضمير في قوله : { أَن لَّن يَنصُرَهُ الله } راجع إلى الدين، أو الكتاب، لا يخالف قولهم قول من قال : إن الضمير للنبي صلى الله عليه وسلم، لأن نصر الدين، والكتاب هو نصره صلى الله عليه وسلم كما لا يخفى، ونصر الله له صلى الله عليه وسلم في الدنيا، بإعلائه كلمته، وقهره أعداءه، وإظهار دينه، وفي الآخرة بإعلاء درجته، والانتقام ممن كذبه، ونحو ذلك كما قال تعالى : { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا والذين آمَنُواْ فِي الحياة الدنيا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشهاد } ( غافر : 51 ) فإن قيل : قررتم أن الضمير في ينصره، عائد إليه صلى الله عليه وسلم، وهو لم يجر له ذكر، فكيف قررتم رجوع الضمير إلى غير مذكور،

فالجواب : هو ما قاله غير واحد : من أنه صلى الله عليه وسلم، وإن لم يجر له ذكر فالكلام دال عليه، لأن الإيمان في قوله في الآية التي قبلها : { إِنَّ الله يُدْخِلُ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات } ( الحج : 14 )..... الآية، هو الإيمان بالله، وبمحمد صلى الله عليه وسلم، والانقلاب عن الدين المذكور في قوله : { انقلب على وَجْهِهِ } ( الحج : 11 ) انقلاب عما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم (2)،
وإلى جانب ما عرضنا له في الحلقات السابقة من هذه السلسلة، من أن النصر بيد الله وحده، وأنه وعد صريح من الله لرسوله ولدينه وللمؤمنين، فإن هذه القاعدة من قواعد النصر في القرآن الكريم تتضمن جملة من المعاني نوجزها فيما يلي :

* أهمية اليقين بنصر الله تعالى لدينه ولرسوله وللمؤمنين :
- فهذه القاعدة تعلمنا أن النصر لا يأتي إلا بيقين فيه (3) ..يقين لا يساوره شك، ولا تخالطه ريبة .. "مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ"، فهذه الآية – كما يرى " سلطان " (4) – " تجتث كل بذور الشك بنصر الله للمؤمنين، وخذلانه للكافرين ليذهب غيظ المستضعفين، ويشفي صدور قوم مؤمنين، حيث لا يوجد أدنى سبب، ولا أثارة من علم أن الله تبارك وتعالى لن ينصرنا في الدنيا والآخرة "،

هذا هو اليقين الراسخ الذي نراه فيما قص الله علينا من شأن ؤسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم فقال : { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }( آل عمران : 173 )، أي : وهم الذين قال لهم بعض المشركين: إن أبا سفيان ومن معه قد أجمعوا أمرهم على الرجوع إليكم لاستئصالكم, فاحذروهم واتقوا لقاءهم, فإنه لا طاقة لكم بهم, فزادهم ذلك التخويف يقينًا وتصديقًا بوعد الله لهم, ولم يَثْنِهم ذلك عن عزمهم, فساروا إلى حيث شاء الله, وقالوا: حسبنا الله أي: كافينا, ونِعْم الوكيل المفوَّض إليه تدبير عباده.( التفسير الميسر )، وهكذا كان يقين الصحابة رضوان الله عليهم بقيادة سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بنصر الله تعالى وتأييده، فلما جاءهم هذا الخبر وما يحمله من التخويف والتهديد والوعيد، لم يفعلوا مثلما نفعل نحن في كثير من المواقف التي تواجهها الأمة، وما انهزموا نفسيا إزاء عدم توازن القوى بينهم وبين أعدائهم، ولم ينظروا إلى مدد من شرق أو غرب، وما عتمدوا على قوة مادية أو عسكرية، وما اسنتجدوا بأحد، ولكنهم بكل ما في قلوبهم من اليقين والطمأنينة قالوا قولتهم التي سجلها القرآن الكريم بأحرف من نور : { حسنا الله ونعم الوكيل }، فهم يعلمون يقينا أنه لا ناصر لهم إلا الله، ولا مؤيد إلا الله، فماذا كانت النتيجة ؟ يأتيك الجواب القرآني : {فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ }( آل عمران : 174 )، أي : فرجعوا من "حمراء الأسد" إلى "المدينة" بنعمة من الله بالثواب الجزيل وبفضل منه بالمنزلة العالية, وقد ازدادوا إيمانًا ويقينًا, وأذلوا أعداء الله, وفازوا بالسلامة من القتل والقتال, واتبعوا رضوان الله بطاعتهم له ولرسوله. والله ذو فضل عظيم عليهم وعلى غيرهم.( التفسير الميسر )،
فما أحوجنا اليوم ونحن نجتاز تلك المرحلة الحرجة من تاريخنا، ما أحوجنا إلى ترسخ معانى العقيدة الصحيحة فى وجدان الأمة الإسلامية، وإشاعة روح اليقين والإيمان فى نفوس المؤمنين، وتجديد العهد الوثيق مع الله تعالى، لابد أن نقوى اليقين بدين الله عز وجل، وبوعد الله ؛ ذلك أن تكالب الأعداء في هذا العصر على أمة الاسلام، فتّ في عضد بعض المؤمنين، وأضعف إيمانهم، والتمسوا الدنية في دينهم، وأعطوا التبعية لأعدائهم، ومنحوا بعض الذل والولاء والمداهنة لأعداء الله عز وجل،

إن الإيمان إذا رسخ في القلب، واليقين إذا تعمّق في النفس تولّد منه الصبر على ما يقّدره الله عز وجل من البلاء، وينبثق عن ذلك الثبات على نهج الرسل والأنبياء، ويؤسس كل ذلك على يقين راسخ برب الأرض والسماء، ثم لا يلبث الليل الطويل - من الظلم والعسف والطغيان - أن ينبلج بفجر النصر والعز والتمكين لأهل الأيمان، ولا تلبث القوى الأرضية -التي تتآمر على أهل الأيمان - أن تذهب ريحها، وتتفرق صفوفها، وأن يصبح بأسها بينها شديداً، وأن تكون حصاداً للأيدي المتوضئة تخلص منها البلاد والعباد وتدرأ شرورها عن هذه الحياة، وإذا تأملنا في كتاب ربنا، وفي سيرة نبينا محمد صلي الله عليه وسلم، ثم نظرنا إلى واقعنا الذي نعيشه؛ فإننا نرى أن تشبث أهل الأيمان بإيمانهم وصبرهم على ما يلاقون في طريق الأيمان والدعوة والجهاد في سبيل الله وثباتهم دون تغيير ولاتبديل هو الذي يؤذن - بإذنه - سبحانه وتعالى - أن ينزل نصر الله -جل وعلا - وأن يعجّل به، وأن يعجّل بهزيمة أعداء الله سبحانه وتعالى،

والصبر لا يدوم، والثبات لا يستمر إلا عندما يكون القلب موصولاً بالله، والثقة عظيمة في نصر الله، واليقين لا يعتريه الشك في وعد الله عز وجل، وذلك يثبت المؤمن بإذن الله عز وجل ، كما قال -سبحانه وتعالى : {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ } ( إبراهيم : 27 )، وقال أيضا : {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } ( النحل : 102 )، فانظر إلى وصف أهل الصبر والإيمان واليقين، الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في ظل هذه المحنة العصيبة، وفي ظل محاصرة هذه القوى الرهيبة : {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً *‏ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } ( الأحزاب : 22 – 24 )،

إنها مواقف المؤمنين.. الصابرين.. إنها مواقف أهل اليقين، وهذه كلمات أهل الثبات، الذين لا يشكون لحظة في وعد الله، ولا يعتريهم التزعزع أو التردد في دين الله عز وجل، يظل الواحد منهم ثابتاً واقفاً راسخاً لا يتزعزع.. فعلى أي شيء انتهي الأمر؟ وبأي شيء انجلى الموقف؟
إنها الآيات القرآنية تذكر لنا في صورة رائعة مشرقة كيف كان نزول النصر، وكيف كان بداية التمكين، لم تردهم السيوف ولا القوى ولا الخطط ولا الاستراتيجيات، وإنما هي قوة الله عز وجل ، وإنما هو نصر الله الذي تنزل : {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً * وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً } ( الأحزاب : 25 – 27 ) (5)،

* أن المؤمن على الحقيقة لا يمكن أن يشك في نصر الله أبدا مهما كانت المعوقات :
ففي غزوة الخندق كان الحبيب المصطفى يبشر المؤمنين بفتح البلاد وهو في هذا الوضع الصعب في يوم الخندق، يقينا بوعد الله، لذا قال الله في سورة الأحزاب : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً } ( الأحزاب : 21 )،
وقال في وصف المؤمنين الصادقين من أصحاب النبي : {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً }( الأحزاب : 22 )،
فلا يأس مع الإيمان والاسلام - وهو ما أكدناه في حلقات سالقة - ألم تر إلى قوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه الصلاة السلام : {قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ }( الحجر : 56 )، وقوله تعالى حكاية عن يعقوب عليه الصلاة السلام : {يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ }( يوسف : 87 )،

وكذا قال عبد الله ابن مسعود تلميذ محمد صلى الله عليه وسلم : " الكبائر : الإشراك بالله والأمن من مكر الله والقنوط من رحمة الله واليأس من روح الله " أي: اليأس من نصر الله.
والحقيقة الإيمانية الراسخة والتي ينبغي ألا تغيب عن وعي مسلم هي أن هذا الدين منصور...يضعف أهله لفترة من الزمن بمقدار تفلتهم منه، وبعدهم عنه، وغفلتهم عن تعاليمه، لكنه لن يُجتث ولن يندرس، ولن تهلك أمة محمد صلى الله عليه وسلم. والذي يحاول القضاء على الإسلام أسْفَهُ ممن ينقطع جوفه ويحمر وجهه وهو ينفخ على الشمس ليطفئ نورها تلك حقيقة دامغة، فالله تعالى طمأننا على ذلك، وأخبرنا أن أعداء هذا الدين سيريدون القضاء عليه، وسيحاولون النيل منه، ولكن هيهات هيهات، وأكد الحق على ذلك في موضعين من كتابه الكريم، حتى لا تضطرب القلوب وتستولي عليها الهواجس، الأول في سورة التوبة : {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } ( التوبة : 32 – 33 )
والآخر في سورة الصف : {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } ( الصف : 8 – 9 )،
نعم هذا الدين منصور، أخبرنا بذلك أيضا رسول الله صلى الله عليه وسلم، على سبيل البشرى، كما في الحديث : " بشر هذه الأمة بالسناء والتمكين في البلاد والنصر والرفعة في الدين. ومن عمل منهم بعمل الآخرة للدنيا فليس له في الآخرة نصيب " ( قال الألباني : إسناده صحيح على شرط البخاري).
وليعلم المسلم – انطلاقا من هذه الحقيقة – أن الذي يعمل بعمل الآخرة من أجل الدنيا كأنه أحس بأن قضية الدين خاسرة، فلا حاجة إلى التضحية من أجلها، فقال : " إذن أكسب بهذا العمل مكانة عند الناس لأنال شيئا بدلا من الخروج صفر اليدين "!
وهاهو النبي صلى الله عليه وسلم يزيدنا طمأنينة فيقول : " ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار. ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين. بعز عزيز أو بِذُل ذليل : عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يُذل به الكفر " ( رواه أحمد، وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم).
هذا وقد بشر عليه الصلاة والسلام بفتح القسطنطينية ثم رومية (روما) في الحديث الذي قال فيه الذهبي (على شرط البخاري ومسلم)، أما قسطنطينية فقد فتحت كما بشر عليه الصلاة والسلام، وبعد 800 سنة من بشرى النبي، وأما روما فلم تُفتح بعدُ، فنحن نوقن بأن ذلك كائن وأن المسلمين عندما يعز أمرهم فلن تقتصر العزة على استرداد ما احتل من أراضيهم. بل سيعودون إلى مبادأة الكفار بالقتال ونشر سلطان الإسلام في ربوع الأرض. فاللهم اجعل لنا من ذلك نصيبا (6)،

يقول " القنيبي " : " ....فإلى كل من لا زال في شك من وعد الله بعد هذا كله : { من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة } أي : من كان سيئ الظن بالله، فيظن أن الله سيخذل دينه ونبيه في الدنيا والآخرة... { فَلْيمدد بسبب إلى السماء}، أي : فليربط حبلا على عنقه ويربط طرفه الآخر بسقف بيته (فكل ما علاك فأظلك فهو سماء)... { ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ }، لِيشنق نفسه... فإن كان وعد الله لا يشفي صدر المنافق من الشك والهلع ولا يقطع أمل الكافر في القضاء على الإسلام فلعل قطع الأعناق يفي بالغرض! (7)،
* أن مما يكرس اليقين بنصر الله تعالى لهذا الدين وهذه الأمة قول الله تعالى : { إن ربي لطيف لما يشاء }:
ويقول " القنيبي " (8) في هذا الصدد : " .....فإن كنت يا أخي من المؤمنين لكنك يهولك ما ترى من انتفاش الباطل وتسلط أهله ولا يستوعب عقلك كيف يمكن أن ينصر الله دينه مع أن الأسباب المادية ليست في صالح الدين البتة فأقول لك ليطمئن قلبك : { إن ربي لطيف لما يشاء. إنه هو العليم الحكيم } ( يوسف :100)، أي : إذا أراد أمرا قيض له أسبابا وقدره ويسره بطريقة لطيفة لا تخطر بالبال، فمن كرب شديد إلى فرج عجيب، ومن ضعف إلى عزة وتمكين.

فهذه الآية حكاية عن يوسف عليه السلام الذي نقله الله من ظُلمة السجن إلى كرسي حكم يتبوأ من الأرض حيث يشاء برؤيا أُريَها الملك، {إن ربي لطيف لما يشاء }، وهو سبحانه بعد ذلك جعل فرعون يلتقط موسى من تابوت في البحر ويربيه في بيته ليكون هلاك فرعون وجنوده على يد موسى عليه السلام، { إن ربي لطيف لما يشاء }، وهو سبحانه الذي ألقى الإيمان في قلب نعيم بن مسعود يوم غدر بنو قريظة وأُتي المؤمنين من فوقهم ومن أسفل منهم فخَذَّل بين المشركين واليهود... ثم أرسل الله ريحا وكفى المؤمنين القتال { إن ربي لطيف لما يشاء }، وهو سبحانه الذي جعل "فاطميي" مصر يقتتلون فيستنجد بعضهم على بعض بنور الدين زنكي فيرسل صلاح الدين، لتبدأ رحلة تطهير مصر منهم وتنضم مصر المعادية إلى دولة صلاح الدين فيحارب بها الصليبيين، { إن ربي لطيف لما يشاء }، وهو سبحانه الذي جعل التتار يبيعون سيف الدين قطز في السبي بدراهم معدودة ليكون هلاكهم على يديه، { إن ربي لطيف لما يشاء }، وهو سبحانه الذي جعل الجيش الروسي يدرب أفرادا من الشيشان فيقودون بعد ذلك الجهاد الشيشاني على الروس ويمرغون أنف روسيا في التراب، { إن ربي لطيف لما يشاء }، وغير ذلك كثير، يمكر الكافرون فينقلب مكرهم عليهم : { ......وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ } ( الأنفال : 30 )، و { {اسْتِكْبَاراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ .....} ( فاطر : 43 )، والأعداء كما علمنا القرآن يكيدون كيدا بشريا هزيلا في مقابل كيد جبار السماوات والأرض سبحانه وتعالى : {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً، وَأَكِيدُ كَيْداً }( الطارق : 15 – 16 )،

والكافرون والجبابرة والعتاة من أعداء هذا الدين ينفقون أموالهم في الصد عن سبيل الله فتنقلب عليهم : {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ }( الأنفال : 36 )،
فيا أخي المؤمن لا تشغل نفسك بـ"كيف يمكن أن ينصر الله دينه؟" ولكن اشغل نفسك بأن تكون من الطائفة المنصورة العاملة لهذا الدين... فيكون لك شرف الإسهام في نصر الأمة ولو كان هذا النصر بعد مماتك. جعلني الله وإياك منهم.
* أن الشك في وعد الله بالنصر والتمكين لهذا الدين من سمات المنافقين :
ولا شك أن عدم اليقين بالنصر الإلهي للمؤمنين، والوعد الإلهي بالتمكين لهذا الدين يشكل مصيبة كبرى، وبلية عظمى، ولذلك فهو من سمات أهل النفاق، وهي سمة تشل إرادة المنافق عن نصرة الدين، والمنافحة عنه، وحماية بيضته، فهو بشكه هذا يرى أن قضية الدين خاسرة، فعلام يتعب من أجلها؟! قال الله تعالى : وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } ( الأحزاب : 24 )، فالمنافق لما كانت حساباته أرضية ورأى قوة الكفار وانتفاشهم ظن أن الإسلام هالك وأن الله تعالى لن ينصر دينه. وهذا ظن سوء يمقته الله. لذا كان جزاؤهم : { .....عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً } ( الفتح : 6 )، إنها كلمات يظهر فيها شدة غضب الله على من أساء الظن فيه تعالى بأن يظن أن الله يخذل دينه ولا يظهره، وأن رسول الله وطائفة المؤمنين يهلكون في الحرب فلا تقوم للإسلام بعدهم قائمة. قال تعالى بعدها بآيات : {بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً }( الفتح : 12 )،
فالمنافق ينظر إلى الكفار فيرى لديهم قوة مادية فتاكة ينخلع لها قلبه، فهم متفوقون عددا وعدة، ثم يلوي عنقه فينظر إلى المؤمنين الموحدين فلا يجد لديهم إلا عددا أقل، وعدة ضئيلة هزيلة هي غاية ما استطاعوه، لكنهم مع ذلك مقبلون على ساحة الوغى، مهللون مكبرون مستبشرون موقنون بنصر الله، ينظر المنافق إلى هذا المشهد فيضحك ساخرا وستهزءا قائلا : هؤلاء المساكين يعتقدون أن دينهم ينصرهم على الدبابات والطائرات والصواريخ!: {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } ( الأنفال : 49 ) (9)،
* أن الشك في وعد الله بالنصر لعباده المؤمنين سبب لكثير من صفات النفاق الأخرى:
فالشاك في نصر الله تنهزم نفسيته، وتخور عزيمته، وتنشل إرادته... خاصة إذا انضم إليه شك في اليوم الآخر الذي ينصر فيه الله عباده على أعدائه تمام النصر : {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ } ( غافر :51 )، فتراه بعد ذلك ينكص عن الجهاد، ويتقاعس عن الدخول في غمار معركة خاسرة في ظنه وتفكيره ...فعلام يجاهد إن كان الإسلام هو الخاسر عنده ولا أمل في فوزه وانتصاره، وتراه يكذب على المؤمنين، ويتذرع بمختلف الأعذار، ليعرضوا عنه ويدعوه ينسل من المواجهة مع الكفار، وتراه يسارع في طاعة الكفار، ويغرق في براثن التبعية والانبطاح والذلة والمهانة ولو على حساب دينه...فمعسكر الكفر هو الأقوى في نظره وفي حسبانه،
وتراه يخلف العهد مع الله تعالى... فهو كما شك في قدرة الله على نصر الدين، يشك في قدرة الله على عقاب من نقض العهد.
إنها أفعال سوء هي جميعا ثمار مشؤومة للشك في نصر الله، قال الله تعالى واصفا حال المنافقين أيام الخندق : {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً } ( الأحزاب : 12 )، فإلام قادهم هذا الاعتقاد الفاسد :
- النكوص عن الجهاد في سبيل الله : {وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا.....} ( الأحزاب : 13 )،
- الكذب على المؤمنين : وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً } ( الأحزاب : 13 )،
- المسارعة في الكفر وطاعة الكفار : {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيراً } ( الأحزاب : 14 )،
- إخلاف العهد مع الله : {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً } ( الأحزاب : 15 )،
قال ابن كثير في وصف حال المنافقين في غزوة الأحزاب : " أما المنافق فنجم نفاقه، والذي في قلبه شبهة أو حسكة، ضعُفَ حاله فتنفس بما يجده من الوسواس في نفسه لضعف إيمانه وشدة ما هو فيه من ضيق الحال ..... اهـ " (10)،
* أن الفهم الصائب لحقيقة المعركة وحقيقة الصراع يحيي الأمل في قلوب المؤمنين :

فالقاعدة التي نحن بصددها تشي بأن المعركة في حقيقتها ليست بين المؤمنين والكافرين، وليست بين فريق الايمان وفريق الكفر، وإنما هي في حقيقتها معركة بين الله عز وجل وبين من مرق عن دينه وشرعه من عباده الضعفاء المخلوقين له، فالعركة إذا بين الله جل جلاله الذي يتصف بطلاقة القدرة، وبين كل من حارب دينه وأولياءه والمؤمنين به، والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصى نذكر منها :
- قول الله تعالى : {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً، وَأَكِيدُ كَيْداً، فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً} ( الطارق : 15 - 17 )، فالكافرون وأهل الباطل يكيدون ويدبرون؛ ليدفعوا بكيدهم الحق ويؤيدوا الباطل , والله تعالى يؤكد أنه يكيد كيدًا لإظهار الحق , ونصر الدين ولو كره الكافرون, تلك هي حقيقة المعركة،
- قول الله تعالى : {......وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }(الأنفال : 30 )،
- قوله تعالى : {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى ...... } ( الانفال : 18 )، والمعنى : فلم تقتلوا -أيها المؤمنون- المشركين يوم "بدر", ولكن الله قتلهم, حيث أعانكم على ذلك, وما رميت حين رميت -أيها النبي- ولكن الله رمى, حيث أوصل الرمية التي رميتها إلى وجوه المشركين،
وهكذا، ما على المؤمنين إلا أن يتبعوا منهج الله تعالى، ويعدوا لأعدائهم ما استطاعوا من قوة، وأن يستوفوا الأخذ والأسباب، ويثبتوا عند ملافاة العدو، وسيتولى الله تعالى الدفاع عنهم، {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ } ( الحج : 38 )، وعلى قدر عظمة الله تعالى، وجبروته، وطلاقة قدرته، تفسر المعركة، قال تعالى : {مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } ( الحج : 74 )، وقال تعالى : {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } ( الزمر : 67 )،
وإلى القاعدة العاشرة بإذن الله تعالى،،،،،،،،،،،،،،،
**********************************************

الهوامش والاحالات :
============
(1) - السبب في اللغة : ما يُتوصَّل به إلى غيره، حسيَّاً كان أو معنويا،
فمثال الســبب الحســيّ : قـولـه تعالى : { من كان يظنّ أن لن ينصره الله في الـدنـيــــا والآخرة فليمـــــدد بســــــبب إلى الســماء ثمّ ليقطع فلينظر هل يُذهبنَّ كيده ما يغيظ }( الحج : 15 ) ؛ أي فليمدد بحبل ، ومثال السبب المعنوي قوله تعالى عن ذي القرنين : { وآتيناه من كلِّ شيء سبباً } ( الكهف : 84 ) ؛ أي آتيناه من كلّ شيء علماً، أو طريقاً يوصله إليه، وفي الاصطلاح : ما يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم لذاته، أنظر :
- محمد بن صالح بن محمد العثيمين ( ت : 1421هـ) : " مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين "، جمع وترتيب : فهد بن ناصر بن إبراهيم السليمان، ج 9 - 10 - فتاوى العقيدة، دار الوطن، دار الثريا، الرياض، السعودية، 1413 هـ، ص : 396،
(2) - محمد الأمين الشنقيطي : " أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن "، الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، الرياض، 1983م، ج23، ص : 71 – 72،
(3) - اليقين : العلم دون الشك , يقال منه : يقنت الأمر ( بالكسر ) يقنا , وأيقنت واستيقنت وتيقنت كله بمعنى , وأنا على يقين منه، أنظر :
- أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي، (المتوفى : 671 هـ) : " الجامع لأحكام القرآن "، تحقيق : هشام سمير البخاري، دار عالم الكتب، الرياض، المملكة العربية السعودية، 1423 هـ/ 2003 م، ج1، ص : 181،
(4) - صلاح الدين سلطان : " سورة الحج منهجيات في الإصلاح والتغيير - اليقين بنصـر اللـه القوي العزيـز "، في : 11/11/2011م، المصدر :
http://www.salahsoltan.com/mnAsrarAlquran/462/Default.aspx
(5) - علي بن عمر بادحدح : " الصبر واليقين طريق النصر والتمكين "، المصدر : http://islamselect.net/mat/9264
(6) - أبو الفارووق إياد القـنيبي : " هذا النفاق فاحذروه "، منبر التوحيد والجهاد، المصدر :
www.ilmway.com/site/maqdis/MS_11909
(7) – نفس المرجع السابق،
(8) – نفس المرجع السابق،
(9) – نفس المرجع السابق،
(10) - أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي ( 700 -774 هـ ) : " تفسير القرآن العظيم "، تحقيق : سامي بن محمد سلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع، ط2، 1420هـ / 2000م، سورة الأحزاب،

*****************************

أ.د/ أحمد بشير – جامعة حلوان، القاهرة


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تأملات، النصر الإلاهي، الفاعلية، العمل الإسلامي، ،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 14-01-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  محاضرة تمهيدية حول مقرر مجالات الخدمة الاجتماعية والرعاية الاجتماعية لمرحلة الدراسات العليا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -44- الميثاق الاخلاقي للخدمة الإجتماعية Social Work Code Of Ethics
  وقفات مع سورة يوسف - 5 - المشهد الأول - رؤيا يوسف – أحد عشر كوكبا
  من روائع مالك بن نبي -1- الهدف أن نعلم الناس كيف يتحضرون
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -43- خدمة الجماعة المجتمعية : Community Group Work
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -42- مفهوم البحث المقترن بالإصلاح والفعل Action Research
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -41- مفهوم التقويم Evaluation
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -40- مفهوم التجسيد – تجسيد المشاعر Acting out
  نفحات ودروس قرآنية (7) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 7 ثمان آيات في سورة النساء ....
  نفحات ودروس قرآنية (6) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 6 ثمان آيات في سورة النساء .... أ
  من عيون التراث -1- كيف تعصى الله تعالى وانت من أنت وهو من هو من نصائح ابراهيم ابن ادهم رحمه الله
  وقفات مع سورة يوسف - 4 - أحسن القصص
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 5 ثمان آيات في سورة النساء ....
  طريقتنا في التفكير تحتاج إلى مراجعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -39 - الانتقائية النظرية في الخدمة الاجتماعية Eclecticism
  قرأت لك - 1 - من روائع الإمام الشافعي
  نماذج من الرعاية الاجتماعية في الإسلام – إنصاف المظلوم
  وقفات مع سورة يوسف - 3 - قرآنا عربيا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -38- مفهوم التقدير في التدخل المهني للخدمة الاجتماعية Assessment
  الشبكات الاجتماعية Social Network
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 4 ثمان آيات في سورة النساء ....
  وقفات مع سورة يوسف - 2 - تلك آيات الكتاب المبين - فضل القرآن الكريم
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -36- مفهوم جماعة النشاط Activity Group
  رؤية تحليلية مختصرة حول الإطار النظري للخدمة الاجتماعية (9)
  وقفات مع سورة يوسف - 1 - مع مطلع سورة يوسف " الر " والحروف المقطعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -35- مفهوم الهندسة الاجتماعية Social Engineering
  نفحات قرآنية ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة المحمدية 3 ثمان آيات في سورة النساء ....
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -34- مفهوم التثاقف – او المثاقفة - التثقف Acculturation
  من عجائب القران – نماذج وضاءة لجماليات الأخلاق القرآنية
  من عجائب القرآن الكريم والقرآن كله عجائب –1- الأمر بالعدل والندب إلى الاحسان والفضل في مجال المعاملات

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
إسراء أبو رمان، فتحـي قاره بيبـان، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. خالد الطراولي ، د. صلاح عودة الله ، فتحي الزغل، عبد الرزاق قيراط ، د- محمود علي عريقات، المولدي الفرجاني، تونسي، عبد الغني مزوز، حميدة الطيلوش، إياد محمود حسين ، د - مصطفى فهمي، رافع القارصي، محمد الياسين، حسن عثمان، حسني إبراهيم عبد العظيم، صفاء العراقي، سلام الشماع، د. طارق عبد الحليم، مجدى داود، د - شاكر الحوكي ، د. أحمد بشير، سيد السباعي، ضحى عبد الرحمن، جاسم الرصيف، د - محمد بنيعيش، محمد اسعد بيوض التميمي، رضا الدبّابي، وائل بنجدو، أحمد ملحم، أحمد الحباسي، فتحي العابد، د- جابر قميحة، رحاب اسعد بيوض التميمي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، مراد قميزة، محمد شمام ، محمد الطرابلسي، فوزي مسعود ، د. أحمد محمد سليمان، خالد الجاف ، د.محمد فتحي عبد العال، محمد العيادي، صلاح الحريري، د. كاظم عبد الحسين عباس ، رافد العزاوي، صفاء العربي، منجي باكير، محمود طرشوبي، صباح الموسوي ، خبَّاب بن مروان الحمد، أنس الشابي، محمد يحي، العادل السمعلي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أبو سمية، فهمي شراب، ماهر عدنان قنديل، صالح النعامي ، د - صالح المازقي، سفيان عبد الكافي، د - الضاوي خوالدية، علي الكاش، د. عبد الآله المالكي، علي عبد العال، محمود فاروق سيد شعبان، د - عادل رضا، عمر غازي، رمضان حينوني، ياسين أحمد، رشيد السيد أحمد، عراق المطيري، د. عادل محمد عايش الأسطل، كريم فارق، عبد الله زيدان، عبد الله الفقير، حسن الطرابلسي، كريم السليتي، نادية سعد، أحمد النعيمي، حاتم الصولي، أشرف إبراهيم حجاج، يزيد بن الحسين، محمود سلطان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، إيمى الأشقر، أ.د. مصطفى رجب، د- محمد رحال، محرر "بوابتي"، طلال قسومي، محمد أحمد عزوز، عمار غيلوفي، د- هاني ابوالفتوح، الناصر الرقيق، عزيز العرباوي، مصطفى منيغ، مصطفي زهران، د - محمد بن موسى الشريف ، سلوى المغربي، سامح لطف الله، د - المنجي الكعبي، يحيي البوليني، أحمد بوادي، محمد عمر غرس الله، صلاح المختار، عواطف منصور، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سعود السبعاني، الهيثم زعفان، سليمان أحمد أبو ستة، الهادي المثلوثي، سامر أبو رمان ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة