البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

حيال تصاعد وتيرة الإعدامات في الأقطار العربيّة و الإسلاميّة، أما آن الأوان لإلغاء عقوبة الإعدام؟

كاتب المقال محمد المختار القلالي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 2969


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط




لا تزال ‘ عقوبة الإعدام’ في بلادنا العربيّة و الإسلاميّة ، محلّ خلاف بين الدّاعين إلى إلغائها و المتحمّسين للإبقاء عليها . و لكل من الفريقين مبرّراته و احترازاته.

يرى المتمسّكون بالإبقاء عليها أنّ من الجرائم ما يبلغ من البشاعة و الشناعة ما يستوجب ما هو أشدّ قسوة من القتل إن كان يوجد ماهو أشدّ قسوة و أوجب للأخذ بالجريرة من القتل . و لَبتر العضو برأيهم أولى حين يتحوّل هذا إلى خطر يهدّد حياة صاحبه. و في اعتقادهم أيضا أن الإبقاء على هذه العقوبة يجعل منها رادعا قويّا عن اقتراف الجرائم الفادحة. ما يصبّ بالنّهاية في حماية المجتمع من اعتداءات أفراده بعضهم على بعض . و يستدلّ الكثيرون على ‘مشروعيّة’ حكم الإعدام بكون الشرع الإلهي بدوره لم يستثن هذه العقوبة ضمن ما سنّه من أحكام و حدود للنّاس.

بماذا يبرّر الآخرون في المقابل مناهضتهم لهذه العقوبة؟
يستند هؤلاء إلى جملة من الحجج و الاعتبارات منها أنّهم يستبعدون أن يقدم مقترف الجريمة على فعلته وهو في كامل مداركه العقليّة، مسيطر بصفة مطلقة على مشاعره و نوازعه. ما يوجب النّظر إليه، برأيهم، على كونه ‘ المذنب’ و ‘الضحيّة’ معا، الفاعل و المفعول به في الآن نفسه.

كذلك هم لا يسلّمون بأنّ ‘ القتل هو بالضرورة أنفى للقتل ‘ ، و يرون أنّ للحدّ من جرائم القتل سبلا و وسائل أخرى أكثر نجاعة من مقاربتها بمجرّد القصاص من المعتدين .

و ينبّه هؤلاء بالخصوص إلى إستحالة تدارك أحكام الإعدام بعد تنفيذها في حال التفطّن إلى حصول شبهة في تقدير الجريمة أو خطإ في نسبتها إلى من تمّت محاكمته على أساسها.

إلى ذلك هم ينوّهون إلى الخطر من تحوّل هذه العقوبة إلى سيف مسلّط بأيدي المستبدّين يلجؤون إليه لتصفية مخالفيهم كلّما توجّسوا خيفة على سلطانهم .

شخصيّا لا أستطيع أن أقتنع بمشروعيّة الإبقاء على هذه العقوبة أيا يكن حظ هذه الذّريعة أو تلك من المعقوليّة . و رفضي لها ظل يتصاعد بتصاعد وتيرة الإعدامات التي تشهدها منطقتنا العربيّة و الإسلاميّة . و قد بلغ بي القلق أشدّه أخيرا بعد أن ذاع خبر إقدام السلطات السعوديّة على تنفيذ حكم الإعدام بحقّ سبعة و أربعين شخصا بتهمة ممارسة العنف و التحريض عليه ، من بينهم ‘ رجل دين’ على غير مذهب أهل السنّة، تقول عنه الأخبار التي وصلتنا إنّ الرّجل أدين على أقوال قالها يجوز أن تكون مزعجة لسلطات بلاده أو حتّى محرّضة عليها.
صدمني بصراحة هذا الخبر ، إذ ما ضرّ لو استبدلت السّلطات السعوديّة هذه الأحكام الثقيلة بأخرى أخف(كالمؤبّد إن كان ولا بدّ )؟ أليست المملكة، وهي من تشهر على الدّوام التزامها بالقيم الإسلاميّة ، مدعوّة أكثر من سواها إلى ترجمة هاتيك القيم على أرض الواقع ، و ذلك بانتهاج سياسة أكثر تسامحا و رحمة، و صبرا على المخالف، و اقتصادا في الزّجر عملا بوصيّة رسول الإسلام عليه السّلام ‘ ادرؤوا الحدود بالشبهات’؟

لا أنطلق فيما أقول من موقع المشكك في ما يمكن أن يكون قد أتاه المتوّرطون لجهلي بملابسات’ المأساة ‘. كما لا يحقّ لي و لا لغيري أن ينكر على السلطات السعوديّة حقها و واجبها معا في ما تراه مناسبا لحفظ الأمن في بلادها، و إنّما أنطلق من موقع الرّافض من حيث المبدإ لعقوبة الإعدام أوّلا ، و من موقع الوَجِل على أمّته من فتنة تسرّ العدوّ ثانيا، و من موقع المؤمن بأنّ الرّحمة تعلو على كلّ ما سواها ثالثا.
أمّا التصريحات التي تفيد رفض المملكة التدخل في شؤونها الدّاخليّة فقول تجاوزه في الحقيقة منطق العصر، إذ ما من دولة هي اليوم بمعزل عمّا يجري في العالم تأثّرا و تأثيرا. و مصطلح ‘ السّيادة الوطنيّة’ بمفهومه التّقليدي أضحى خاضعا للنسبيّة بحكم ما طرأ على المشهد السياسي في العالم من تحوّلات، و ما بات مُتواطأ ًعليه من معايير مستحدثة . كما و أنّ ‘ قضايا الإنسان’ في كل مكان أمست محلّ متابعة و اهتمام الرأي العام في العالم بأسره رغما عن إرادة الجميع
.
إنّ الإعدام كان و سيظلّ وصمة عار في جبين الإنسانيّة ، و إذا لم نعد نسيغ اليوم ‘ بتر الأطراف’ كإحدى العقوبات التي كانت شائعة في الماضي ، فمن باب أحرى أن نستنكر عقوبة تقضي بإزهاق الرّوح، هبة الخالق، و صاحب الحقّ الوحيد في التحكّم بمصيرها.
‘إنّ قاتل القاتل قاتل’، فمتى يا ترى يتمّ إلغاء هذه العقوبة الإنسانيّة في بلادنا العربيّة و الإسلاميّة أسوة بغيرنا من الدّول التي حظرت على نفسها ‘ جزّ الرّقاب’، تلك العقوبة التي تعود إلى ماض كان سفك الدّماء و الماء فيه سيّان لا يختلفان أم أنّنا سنظلّ نمضي، كما هو دأبنا في سائر شؤون حياتنا، في عدم ‘اعترافنا بالعصر’. و نتساءل في الوقت نفسه، و بمنطق السّاذج، كيف هو لا يعترف بنا.
أودّ أن أشير في السّياق إلى أنّ عتبي على شقيقتنا السعوديّة يتساوى مع عتبي على دول أخرى في المنطقة باتت معروفة هي الأخرى بولوغها في دماء مواطنيها .

أمّا بخصوص الخلاف الرّاهن بين السعوديّة و إيران ، و الذي نقرّ بملابساته المعقّدة، و نتحسّس أخطاره على البلدين بل على الأمّة بأسرها، فلا نملك إزاءه غير التوجّه بالقول إلى القادة في الدّولتين أن اتّقوا اللّه في أمّة الإسلام، و إلى ‘ الأنصار المتحمّسين’ في الجانبين أن ألقوا الرّماد على النّار بدلا من تأجيجها، رجاءً. أليس بربّكم ما فينا يكفينا؟
كلمة أخيرة:’ أوّل ما يُقضى فيه يوم القيامة الدّماء’(حديث)

-----------
محمد المختار القلالي
عضو اتّحاد الكتّاب التّونسيّين


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الإعدام، أحكام الإعدام، الإعدامات بالسعودية، حقوق الإنسان،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 10-01-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد بوادي، رمضان حينوني، عمر غازي، طلال قسومي، د- هاني ابوالفتوح، أحمد ملحم، حسني إبراهيم عبد العظيم، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، جاسم الرصيف، فتحـي قاره بيبـان، حاتم الصولي، العادل السمعلي، رافع القارصي، محرر "بوابتي"، سامر أبو رمان ، صفاء العربي، ماهر عدنان قنديل، سيد السباعي، كريم السليتي، عبد الله الفقير، وائل بنجدو، محمد أحمد عزوز، عبد الله زيدان، فتحي الزغل، صلاح المختار، الهيثم زعفان، د- محمود علي عريقات، أحمد الحباسي، أحمد النعيمي، أ.د. مصطفى رجب، سامح لطف الله، ياسين أحمد، المولدي الفرجاني، د. صلاح عودة الله ، د - مصطفى فهمي، إسراء أبو رمان، رحاب اسعد بيوض التميمي، سعود السبعاني، أنس الشابي، إيمى الأشقر، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، حسن الطرابلسي، مصطفي زهران، مجدى داود، محمد اسعد بيوض التميمي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، فوزي مسعود ، محمد الطرابلسي، صالح النعامي ، رشيد السيد أحمد، رضا الدبّابي، فهمي شراب، يزيد بن الحسين، مصطفى منيغ، صفاء العراقي، عمار غيلوفي، د - محمد بن موسى الشريف ، ضحى عبد الرحمن، فتحي العابد، الناصر الرقيق، مراد قميزة، منجي باكير، أشرف إبراهيم حجاج، محمد يحي، د- جابر قميحة، د. أحمد بشير، سلوى المغربي، د. عبد الآله المالكي، محمد شمام ، محمد عمر غرس الله، د - عادل رضا، الهادي المثلوثي، نادية سعد، محمد العيادي، عواطف منصور، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. أحمد محمد سليمان، حميدة الطيلوش، د - الضاوي خوالدية، إياد محمود حسين ، تونسي، د. طارق عبد الحليم، محمود فاروق سيد شعبان، سليمان أحمد أبو ستة، محمود طرشوبي، محمود سلطان، يحيي البوليني، د. مصطفى يوسف اللداوي، د - شاكر الحوكي ، عبد الغني مزوز، د - المنجي الكعبي، علي عبد العال، عزيز العرباوي، كريم فارق، صلاح الحريري، عراق المطيري، د.محمد فتحي عبد العال، سلام الشماع، د - محمد بنيعيش، صباح الموسوي ، محمد الياسين، علي الكاش، حسن عثمان، أبو سمية، د - صالح المازقي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سفيان عبد الكافي، خبَّاب بن مروان الحمد، عبد الرزاق قيراط ، رافد العزاوي، خالد الجاف ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. خالد الطراولي ، د- محمد رحال،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة