البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الجرف الصامد، المهمّة الأصعب

كاتب المقال د. عادل محمد عايش الأسطل - فلسطين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4075


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لو كانت الأسماء تُشترى، لسمّى الفقير ابنه أبخس الأسماء أو يتركه بلا اسم، ولأنها بغير ثمن فإنّ في استطاعته أن يبطر حتى على أعلى الأسماء وأسماها، وإن كانت لا تليق بالمسمّى ولا تنطبق عليه من قريبٍ أو بعيد.

هكذا أبدى الجيش الإسرائيلي فقره مرّةً أخرى، عندما أقدم على إطلاقه تسمية الجرف الصامد، على عمليته العسكرية المشتعلة في الأثناء ضد الفلسطينيين وبالذات ضد حركات المقاومة داخل القطاع وعلى رأسهم حركة حماس، بعد فشل حملته العسكرية مباشرةً (عودة الإخوة) في تحقيقه الأهداف المرجوة، والتي أعلنها رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتانياهو" وهي عودة المستوطنين إلى بيوتهم وتشتيت شمل حماس والعودة إلى الهدوء.

لم يجتهد الجيش، ولم يبذل كثيراً من الفكر، في شأن اختياره اسم (الجرف الصامد) على عمليته العدوانية الجارية، رغم علمه بحسب تجاربه الماضية، بأنه لن ينطبق لا عليها ولا على الواقع الأمني بشكلٍ أدق، وبيقينه أيضاً بأن مصيرها لن يختلف عمّن سبقها من العمليات العسكريّة التي قامت إسرائيل بها من قبل، وعلى مدار السنوات الست الفائتة، حيث لم تجنِ منذ بداية كل عملية وأثناءها وفي أعقابها، إلاّ الفشل والمزيد منه كلّما تقدم الزمن. حيث كان قادته يأملون في كل مرّة أن ترفع هذه الأسماء، الروح المعنوية والقتالية لديهم قبل رفعها لدى الجندي الإسرائيلي على جبهات القتال، ومن ناحيةٍ أخرى، فهم يعوّلون عليها بأن تُلقي الرعب والرهبة لدى فصائل المقاومة تمهيداً لتحقيق أهداف.

عمليات لا تحصى ولا تُعد، تلك التي قامت إسرائيل بتنفيذها ضد المقاومة لهدف القضاء عليها أو بهدف كسر شوكتها وترويضها على الأقل، فمنذ بدء عمليتها العسكرية الأولي حقل الأشواك بداية فبراير/شباط 2008، ومروراً بجهنم المتدحرجة والسور الواقي والحديد البرتقالي والعنب العنابي، ووصولاً إلى عودة الإخوة أواخر يونيو/حزيران الماضي، إلاّ أنها أخفقت حتى الآن ولا يُنتظر من ورائها أن تحقق شيئاً، وخاصةً عملية الجرف الجارية في الأثناء، برغم اعتماد الجيش خلالها على الغارات الجوية وتميزت باستهداف المنازل الآهلة بالسكان، والسيارات المدنية، والإعلان عن استئناف عمليات الاغتيال لشخصيات وقيادات كبيرة داخل الحركة، سيما وأن المقاومة كانت جاهزة لصد تلك الحملة، حيث أفقدتها عنصري المفاجأة والمخادعة التي كانت يعتمدهما قادة الجيش في جل حروبهم ضد القطاع، وكان قد قتل أكثر من مائة من الشرطة والمقاومة معاً، في أول لحظة من بداية عملية الرصاص المصبوب أواخر 2008، واغتالت القيادي في حماس وقائد أركان كتائبها المسلحة "أحمد الجعبري" مع ثُلّة من مرافقيه، لتبدأ بهما على حين غرة، عملية عمود السماء أواخر 2012، ومن ناحيةٍ أخرى لم تكلل نشاطات إسرائيل الاستخبارية بأيّة نجاحات يمكن ذكرها، في التمهيد لتحقيق أهداف مهمّة وذات شأن، حيث يرجع ذلك إلى فقدانها عيونها العاملة، نتيجة لقيام المقاومة باستئصالها خلال السنوات الفائتة، إضافةً إلى حيازتها القدرة، على إخفاء مجهوداتها بما لا يعيق العمل بسلاسة أكبر في مواجهة أية تطورات أمنية مفاجئة.

على مدار الأيام الفائتة وبعد جولات صاخبة متتالية، لم يستطع الكابنيت الإسرائيلي من الخروج بقرار يسمح بتنفيذ عملية بريّة شاملة ضد القطاع، كما كان يطلب عدد من الوزراء – وزير الخارجية "أفيغدور ليبرمان" ووزير الاقتصاد "نفتالي بينت"-، ليس بسبب التقليل من قدرهما أو الاستخفاف بهما، وإنما لأن الأمر أشد من ذلك، مع رغبتهم الجامحة في تلبية الطلب باعتباره مهم جدّاً لسحق المقاومة ولكسب أوراق جديدة أيضاً، لكن ما يُوقف ذلك الجري وتلك الرغبة هي الأثمان المطلوب دفعها، والخسائر التي ستنجم لتحقيق تلك الرغبة. وقد قالوا قديما للفأر: لك عشراً إن أنت مررت بجانب شوارب القطّة، فأجاب: واللهِ إن الكراء جيّد، ولكن الدرب شطّة.

أثناء كل عملية عدوانية، كان القادة العسكريون الإسرائيليون يعلنون أهدافاً محددة، والتي كانت تتمحور حول ضرورة التخلص من المقاومة الفلسطينية ووقف الصواريخ، كما أعلنوا عنها أول مرّة، خلال عملية حقل الأشواك، وتارة حول كسر تهدئة وقلب وتغيير أوضاع، كما أعلنوا بذلك عشيًة عملية الرصاص المصبوب، وتارة أخرى لتحرير مختطفين ومحو حماس من على الخارطة السياسية والأمنية، كما في عملية عودة الإخوة أواخر يونيو/حزيران الفائت، وأيضاً العملية العسكرية الجارية الآن -الجرف الصامد- التي تهدف إلى تدمير البنى التحتية لحماس ونزع شوكتها والتخلص منها، وهكذا، ولكن أياُ من هذه الأهداف لم تتحقق، سيما وأن حماس لم تُمحَ بعد، وكما يبدو فهي غير قابلة للاختفاء أيضاً، بسبب – كما هو مكتوبٌ لديها- أنها حركة مقاومة إلى جانب العديد من الفصائل المقاومة الأخرى، وهي مضطرّة بلا خيارات أخرى، إلى القتال ضد الجيش الإسرائيلي كلّما سمحت الفرصة، بإمكاناتها القليلة نسبة إلى آلته العسكرية الغير قابلة للتصور، وفي ضوء أن مقاومتها ومن معها من الفصائل ليس لها من عونٍ أو سند.

وعلى الرغم من انطلاق عملية الجرف الصامد، بطيشٍ أكبر وبجنونٍ أشد، ولا أحد يعرف ما إذا كانت ستنتهي بسرعة أو ستمتد إلى أيّام أُخر، لكن الكل يعلم بأن إسرائيل عموماً، لا تنام لحظة بدون البحث عن تهدئة أو هدنة ناجحة وثابتة وبالذات مع حركة حماس، والكل يعلم أيضاً بأن العملية ذاتها، ستلحق بالعمليات العدوانية المخزية الأخرى التي سبقتها، وستُضاف حتماً إلى السجلاّت الإسرائيلية السوداء، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

غزة، إسرائيل، العدوان على غزة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 8-07-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  كيف نتواطأ على الكذب ؟
  البحرين تتكلم العبرية
  نصر محفوف بالمخاطر
  سنوات حالكة على القدس
  عباس يتوعّد بسلاح معطوب
  حماس، ما بين التهدئة والمصالحة
  الأمل الإسرائيلي يصدح في فضاء الخليج
  واشنطن: فرصة للابتزاز ..
  الهجرة اليهودية، سياسة الاستفزاز
  ثورة 25 يناير، قطعة مشاهدة
  الاتحاد الأوروبي والقضية الفلسطينية، صوت قوي وإرادة مُتهالكة
  عن 70 عاماً، الأونروا تحت التفكيك!
  دوافع الاستيطان ومحاسنه
  مطالب فاسدة، تُعاود اقتحام المصالحة الفلسطينية
  الفلسطينيون تحت صدمتين
  "نتانياهو" وصفقة القرن .. السكوت علامة الرضا
  حماس .. مرحلة التحصّن بالأمنيات
  دعاية تقول الحقيقة
  الولايات المتحدة.. الزمان الذي تضعُف فيه !
  سياسيون وإعلاميون فلسطينيون، ما بين وطنيين ومأجورين
  القرار 2334، انتصار للأحلام وحسب
  سحب المشروع المصري، صدمة وتساؤل
  المبادرة الفرنسية، والمصير الغامض
  دماء سوريا، تثير شفقة الإسرائيليين
  البؤر الاستيطانيّة العشوائية، في عين اليقين
  "نتانياهو" يعيش نظرية الضربة الاستباقية
  "أبومازن" – "مشعل"، غزل مُتبادل في فضاءات حرّة
  "نتانياهو"، حياة جديدة في اللحظات الأخيرة
  السّفارة الأمريكيّة في الطريق إلى القدس
  ترامب، "السيسي" أول المهنّئين و"نتانياهو" أول المدعوّين

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أ.د. مصطفى رجب، سفيان عبد الكافي، عمار غيلوفي، د - صالح المازقي، نادية سعد، عبد الله الفقير، د - مصطفى فهمي، محمد عمر غرس الله، صفاء العراقي، صباح الموسوي ، حاتم الصولي، عبد الله زيدان، أحمد الحباسي، د.محمد فتحي عبد العال، سلوى المغربي، كريم فارق، سامح لطف الله، مصطفي زهران، سلام الشماع، د - محمد بن موسى الشريف ، أبو سمية، محمود فاروق سيد شعبان، أشرف إبراهيم حجاج، طلال قسومي، عمر غازي، د. أحمد بشير، عواطف منصور، فهمي شراب، د. أحمد محمد سليمان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، ماهر عدنان قنديل، د. طارق عبد الحليم، ضحى عبد الرحمن، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - محمد بنيعيش، صالح النعامي ، منجي باكير، د. صلاح عودة الله ، محمد الياسين، مصطفى منيغ، فتحي الزغل، د - المنجي الكعبي، د. مصطفى يوسف اللداوي، د- محمد رحال، رافع القارصي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عزيز العرباوي، سيد السباعي، خبَّاب بن مروان الحمد، عبد الغني مزوز، خالد الجاف ، حسني إبراهيم عبد العظيم، صلاح الحريري، أنس الشابي، حسن الطرابلسي، د. عادل محمد عايش الأسطل، رافد العزاوي، محمد الطرابلسي، الهيثم زعفان، رمضان حينوني، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سامر أبو رمان ، فوزي مسعود ، إيمى الأشقر، د - شاكر الحوكي ، عبد الرزاق قيراط ، كريم السليتي، د. خالد الطراولي ، د - الضاوي خوالدية، أحمد ملحم، العادل السمعلي، إياد محمود حسين ، جاسم الرصيف، تونسي، مراد قميزة، محمد العيادي، محمود طرشوبي، حميدة الطيلوش، وائل بنجدو، يحيي البوليني، إسراء أبو رمان، سعود السبعاني، فتحي العابد، المولدي الفرجاني، يزيد بن الحسين، محمد اسعد بيوض التميمي، د- هاني ابوالفتوح، سليمان أحمد أبو ستة، صلاح المختار، محمد شمام ، د- محمود علي عريقات، محرر "بوابتي"، الهادي المثلوثي، علي عبد العال، عراق المطيري، محمود سلطان، د. عبد الآله المالكي، ياسين أحمد، د - عادل رضا، الناصر الرقيق، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد أحمد عزوز، حسن عثمان، فتحـي قاره بيبـان، صفاء العربي، مجدى داود، رضا الدبّابي، أحمد بوادي، أحمد النعيمي، علي الكاش، رشيد السيد أحمد، محمد يحي، د- جابر قميحة، د. كاظم عبد الحسين عباس ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة