البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

غزة إتفاقٌ يفرضه الجوع أم تصنعه المصالح

كاتب المقال د. مصطفى يوسف اللداوي - بيروت    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3703


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


هل ينجح الجوعُ والحصارُ المحكم المفروض على قطاع غزة، فيما فشلت فيه كل المحاولات الفلسطينية والعربية السابقة، فيفرضُ الجوعُ إلى جانب المرض والحاجة، والحصارُ والفقرُ والفاقةُ، والحرمانُ والمعاناةُ والضائقةُ، الإتفاق على الفرقاء الفلسطينيين، والتنازل عن شروطهم، والتخلي عن مواقفهم السابقة، والانحياز إلى مصالح الشعب وثوابت الوطن، والاحساس بحاجة الناس ومرارة عيشهم، وقسوة ظروفهم، والإصرار على ضرورة الإتفاق، ووجوب المصالحة.

فقد باتت أوضاع الفلسطينيين في قطاع غزة مأساوية، وبلغت حداً لا يطاق، وتجاوزت في سوئها وبؤسها الوصف والبيان، وتساوى في المعاناة الفقراء والأغنياء، والقادرون والعاجزون، والمالكون والمحرومون، إذ يرى فلسطينيون من القطاع أن هذا الحصار هو الأشد والأنكى، وهو الأقسى والأكثر ضراوة، وهو الأطول والأكثر إحكاماً، فقد خلت الأسواق من البضائع، وشحت المحطات من الوقود، وتوقفت السيارات والعربات عن الحركة، وتعذر على العامة الانتقال من مكانٍ إلى آخر.

وتوقفت عجلةُ الاقتصاد البسيط عن الدوران، فلا مشاغل ولا معامل، ولا مصانع ولا مزارع، ولا كهرباء ولا مولدات، ولا طلاب يسافرون، ولا مرضى ينقلون، ولا علاج يدخل، ولا أموال تهرب، ولا سيولة بين أيدي الناس تجري، ولا أدواتٍ للعمل، ولا اسمنت أو حديد للبناء، ولا وقود للسيارات، ولا غاز للطهي والطعام، ولا قدرة لمسؤولٍ على إدخال بضائع، أو تهريب حاجات، ولا استجابة إسرائيلية للنداءات الفلسطينية والدولية، برفع الحصار، والسماح بإدخال الضروريات إلى القطاع، ما جعل حالة القطاع مأساويةً إلى أبعد مدى، وأسوأ من أي مرحلةٍ مضت.

كما انعدم الوسطاء، وغاب العرابون، وانشغل المصلحون، وتعذر اللقاء في العواصم، وامتنعت الاجتماعات المشتركة، وتغيرت الأحوال وتبدلت الظروف، وسقط حلفاءٌ، واستوى على الحكم خصومٌ، وفرضت قوانين جديدة، وأحكام مختلفة، تتناسب واللاعبين الجدد، وتتوافق وموازين القوى العائدة، مما أربك البعض، وأخاف آخرين، وأوهم فريقاً، وأقلق آخر، فأصيب البعض بالغرور، وتملكته مشاعر الإحساس بالقوة والغلبة، وظن أن الفريق الآخر قد أصبح وحيداً غريباً طريداً، مشرداً لا مكان له، ومحروماً لا سند عنده، وفقيراً لا عائل له، في الوقت الذي تزداد فيه حاجاته، وتتعاظم مهامه، وتكثر أولوياته.

وقد يقول قائلٌ ممن يراقب ويتابع، ويهتم ويقلق، بأن الأيامَ دولٌ، والأحداث تترى وتتابع، وهي كالعجلة أو الدلاب، لا تستقر على حال، ولا تثبت على منوال، فمن كان اليوم مستعلياً، فهو في الغد مستضعفاً، ومن كان يشعر أنه الأقوى وغيره الأضعف، فإن الأيام ستدور عليه، وستصيبه بما أصابت غيره، وستخضعه لذات الشروط، وستجبره على نفس المواقف، ولن ينفع طرفاً قوةً مضت، ولا أرضاً صلبة كانت، ولا سيولةً ووفرة مالية مرت، فثبات الحال من المحال، والاستقرار على نفس القوة لا يكون، فقد أفنى الكبيرَ، وأشابَ الصغيرَ، كرُ الغداة ومرُ العشي.

فإن كان فريقٌ قد أخطأ يوماً الحساب، وضل القرار، وأغمض عينيه، وسد أذنيه، وركن إلى القوة، واغتر بسمو الحال، ولم يستجب في ظل القوة لوجوب المصالحة، وضرورة الإتفاق، استجابةً لحاجات الناس، ومصالح الوطن، اعتقاداً منه أنه الأقوى والأبقى، وأنه الأغنى والأفضل، فلا يخطئ الفريق الآخر في القرار، ويعيد تكرار الموال، ويكون في مواقفه انتهازياً، وفي سياسته شخصانياً، ويسعى للثأر والانتقام، ويعمل على التشفي ورد الاعتبار، واستغلال الظروف والأحوال، للوصول إلى غاياتٍ غير وطنية، ومصالح غير شريفة.

يجب على الطرفين معاً أن يدركا أن الشعب في أزمة، وأن الوطن في منعطفٍ صعب، وأن المقدسات في خطر، وأن القضية الفلسطينية باتت في ظل نتائج الربيع العربي تتراجع، ولم تعد تتصدر الاهتمامات العربية والدولية، إذ انشغلت الشعوب بجراحها، واهتمت الحكومات بمداواة شعوبها، والتعامل مع أزماتها، بما لا يبقِ للقضية الفلسطينية متسعٌ من الوقت والاهتمام.

وقد استغل العدو الظرف، واستفاد من الأوضاع، فمضى في الأرض قضماً، وفي المقدسات تدنيساً، وفي الحقوق والممتلكات مصادرةً وانتهاكاً، فلا ينشغل الفريقان بمصالحهما عن الشعب والوطن، ولا يتفرغا للكسب والاستفادة، والتطويع والإخضاع، وليكونا على قدر المسؤولية والواجب، يتصديان للمرحلة، ويواجهان الخطب، ويلبيان مصالح الشعب والأمة، ويهيئان للشعب حاجاته، ويذللان العقابات في طريقه، ويحققان له ما يريده وما يطمح إليه.

وليعلموا أن الفلسطينيين قد ملوا الاستماع إلى اسطوانة المفاوضات المشروخة، ويأسوا من الأمل في الاجتماعات المتنقلة بين القاهرة والدوحة ومكة ودكار، كما باتوا لا يصدقون أحداً، ولا يؤمنون بصدقية أي مسؤول، ولا بحرص أي قائد، فقد أثبتت الوقائع أن أحداً من المسؤولين لا يهمه هموم الشعب ومصالح الوطن.

فهل يجدي الجوعُ الكافرُ، والفقرُ المدقعُ في إجبار الفرقاء على الإتفاق، ودفعهم للمصالحة، خوفاً من الثورة والإنقلاب، أو حرصاً على الشعب والوطن، أم أن حاجات الشعب كالصرخة في واد، لا قيمة لها ولا أثر، إذ أصم الفريقان آذانهما، ووضعوا في واحدةٍ طيناً وفي الأخرى عجيناً، وسيبقى الصي صياً، والعي عياً، وما لديهما ليس أكثر من طبخة حصى، لا تغني ولا تسمن من جوع، فلنغسل منهما أيدينا ولا ننتظر منهما خيراً أبداً.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

غزة، حصار غزة، السلطة الفلسطينية، تجويع الفلسطينيين،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 10-01-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  يومٌ في الناقورة على تخوم الوطن
  فرنسا تضيق الخناق على الكيان الصهيوني
  ليبرمان يعرج في مشيته ويتعثر في سياسته
  يهودا غيليك في الأقصى والكنيست من جديد
  عيد ميلاد هدار جولدن وأعياد الميلاد الفلسطينية
  ليبرمان يقيد المقيد ويكبل المكبل
  سبعون عاماً مدعاةٌ لليأس أم أملٌ بالنصر
  ويلٌ لأمةٍ تقتلُ أطفالها وتفرط في مستقبل أجيالها
  سلاح الأنفاق سيفٌ بتارٌ بحدين قاتلين
  دلائل إدانة الأطفال ومبررات محاكمتهم
  طبول حربٍ إسرائيلية جديدة أم رسائلٌ خاصة وتلميحاتٌ ذكية
  سياسة الأجهزة الأمنية الفلسطينية حكيمةٌ أم عميلةٌ
  العلم الإسرئيلي يرتفع ونجمة داوود تحلق
  نصرةً للجبهة الشعبية في وجه سلطانٍ جائر
  طوبى لآل مهند الحلبي في الدنيا والآخرة
  تفانين إسرائيلية مجنونة لوأد الانتفاضة
  عبد الفتاح الشريف الشهيد الشاهد
  عرب يهاجرون ويهودٌ يفدون
  إيلي كوهين قبرٌ خالي وقلبٌ باكي ورفاتٌ مفقودٌ
  إرهاب بروكسل والمقاومة الفلسطينية
  المساخر اليهودية معاناة فلسطينية
  الدوابشة من جديد
  المهام السرية لوحدة الكوماندوز الإسرائيلية
  المنطقة "أ" إعادة انتشار أم فرض انسحاب
  إعلان الحرب على "فلسطين اليوم" و"الأقصى"
  عظم الله أجر الأمريكيين وغمق لفقيدهم
  الثلاثاء الأبيض وثلاثية القدس ويافا وتل أبيب
  الهِبةُ الإيرانية والحاجةُ الفلسطينية
  هل انتهت الانتفاضة الفلسطينية ؟
  سبعة أيامٍ فلسطينيةٍ في تونس

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أنس الشابي، تونسي، ياسين أحمد، محمود طرشوبي، الهادي المثلوثي، سفيان عبد الكافي، سليمان أحمد أبو ستة، سامح لطف الله، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د- هاني ابوالفتوح، أبو سمية، ضحى عبد الرحمن، د - صالح المازقي، علي عبد العال، محمد العيادي، المولدي الفرجاني، إيمى الأشقر، عزيز العرباوي، إياد محمود حسين ، د - محمد بنيعيش، محمود سلطان، حاتم الصولي، د. مصطفى يوسف اللداوي، د - المنجي الكعبي، محمد عمر غرس الله، رافع القارصي، د.محمد فتحي عبد العال، د- محمد رحال، نادية سعد، صفاء العربي، سامر أبو رمان ، الناصر الرقيق، صباح الموسوي ، مجدى داود، رحاب اسعد بيوض التميمي، د - مصطفى فهمي، محمد اسعد بيوض التميمي، صلاح المختار، سلوى المغربي، محمد الطرابلسي، د - الضاوي خوالدية، فتحي العابد، د. أحمد محمد سليمان، محمد شمام ، عبد الغني مزوز، عمر غازي، د - شاكر الحوكي ، رافد العزاوي، د. عادل محمد عايش الأسطل، مراد قميزة، أحمد النعيمي، جاسم الرصيف، وائل بنجدو، محمد يحي، د. صلاح عودة الله ، د. أحمد بشير، كريم السليتي، حسن عثمان، فتحي الزغل، خالد الجاف ، د. خالد الطراولي ، العادل السمعلي، عواطف منصور، يزيد بن الحسين، سيد السباعي، علي الكاش، د- محمود علي عريقات، إسراء أبو رمان، د. عبد الآله المالكي، سلام الشماع، حميدة الطيلوش، أشرف إبراهيم حجاج، محمد أحمد عزوز، أحمد بوادي، عبد الله زيدان، صفاء العراقي، مصطفى منيغ، مصطفي زهران، خبَّاب بن مروان الحمد، طلال قسومي، ماهر عدنان قنديل، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، حسن الطرابلسي، أحمد الحباسي، صلاح الحريري، فتحـي قاره بيبـان، منجي باكير، محمود فاروق سيد شعبان، فهمي شراب، أحمد ملحم، فوزي مسعود ، محمد الياسين، الهيثم زعفان، سعود السبعاني، عبد الله الفقير، عراق المطيري، أ.د. مصطفى رجب، عبد الرزاق قيراط ، رشيد السيد أحمد، د. كاظم عبد الحسين عباس ، حسني إبراهيم عبد العظيم، عمار غيلوفي، صالح النعامي ، د - محمد بن موسى الشريف ، د - عادل رضا، محرر "بوابتي"، كريم فارق، يحيي البوليني، رضا الدبّابي، رمضان حينوني، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. طارق عبد الحليم، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د- جابر قميحة،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة