البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الأصل والبديل

كاتب المقال د - صالح المازقي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5551


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يعلم الجميع النّكبة التي حصلت لتنظيم الإخوان المسلمون في مصر، أزمة سياسية ومجتمعية تمضي به مباشرة نحو نهايته المحتومة، تنبئ باجتثاثه من جذوره. لقد تجاوزت النّكبة حدود مصر، لتحّل بكلّ فروع هذا التّنظيم الأخطبوطي، المنتشر في أكثر من ثمانين دولة عربية وإسلامية، خرجت جميعها من رحم التّنظيم الأم في مصر. لن أخوض في تاريخ الإخوان منذ النشأة في عام 1928 على يد حسن البنّا، وصراعاته مع السّلطة المصرية التي اندلعت شرارتها مع حادثة المنشية بالاسكندرية التي حاول فيها الإخوان اغتيال الزّعيم الرّاحل جمال عبد النّاصر في 26/10/1954.

سأترك كلّ ذلك للمختصّين في تاريخ الإخوان المسلمين من المصريين وغير المصريين، لأبحث باختصار في تداعيات سقوطهم بعد سنة من اعتلائهم عرش مصر في 30/6/ 2012، على إثر ثورة شعبية عارمة، خرج فيها المصريون إلى ساحات وشوارع بلدهم التي غصّت بأكثر من ثلاثين مليون نسمة، مطالبين بعزل الرئيس الإخواني محمد مرسي. تحققت رغبتهم في 3/7/2013 بعد تدّخل الجيش في عملية أصبحت محلّ خلاف بين من يصفها بالانقلاب على الشّرعية ومن يحسبونها حركة مخلّصة للمصريين والعرب من مآمرة إخوانية/دولية، تستكمل مشروع تمزيق أوصال الأمة وتحويلها إلى أشلاء، شبيهة بدويلات ملوك الطوائف في الأندلس، ضمن مخطّط الشرق الأوسط الكبير.

لن يمكّن التحليل السّطحي للأحداث الجسيمة التي تعيشها مصر وستظّل تصارع للخروج منها لفترة زمنية (أتمنى أن لا تطول كثيرا)، من فهم واستيعاب خطورة المرحلة التي لن ينجو من تداعياتها كل عربي، ما لم نتوصل إلى عمق القضية وشرح ما لا تدركه العين المجرّدة.

دعوني أبسّط المسألة في كلمات واضحة وموجزة فأقول، لقد عقد الشعب المصري العزم على اقتلاع الإخوان المسلمين من الخارطة السياسية المصرية، فاستكمل جيشهم الوطني المهمّة التاريخية على خلفية قراءة واقعية للمشهد الدّاخلي ودراسة موضوعية لردّة الفعل الدولية بكل إيجابيتها وسلبياتها على مصر والمنطقة والعالم.

كسّرت حركة الجيش المصري العقل النّمطي المسيطر على تحاليل المراقبين الدّوليين والمهيمنة على استنتاجات مراكز البحوث الاستراتيجية الأمريكية، وهي المسؤولة عن تحديد رؤى القوى العالمية وتوجيه قرارات البيت الأبيض. لم يقدّر عباقرة العالم مكانة الجيش المصري التاريخية ولم يستشعروا مدى إقدامه وشجاعة قيادته وأركان حربه على خوض حرب عالمية، ولم يعلموا عن شهادة الرسول الكريم فيجند مصر حين قال فيهم "خير أجناد الأرض"(1).

تلك هي الحقيقة الغائبة عن الأذهان، الجيش المصري لم يطح بحكم الإخوان المسلمين، بقدر ما أطاح بأمميتهم، وانهى وجودهم وسفّه أحلامهم في بناء دولة الخلافة التي تدعمها تركيا التي يئست من الانضمام للاتحاد الأوروبي، رغم عضويتها في حلف الناتو الذي يرفض عضوية إسرائيل. لقد قبل الجيش المصري التّحدي الدولي في سبيل انقاذ مستقبل الأمة العربية بأسرها.

لكن تبقى جملة من الأسئلة الجوهرية مطروحة، هل ستقبل الأممية الإخوانية بالهزيمة، فتعود إلى التّقية والعمل السرّي، بعد أن تكشّفت خارطتها للقاصي والدّاني؟ هل ستفض التّيارات الإسلامية المختلفة تحالفاتها مع الإخوانية العالمية، لتمضي في جهاديتها منفردة ضدّ العلمانيين والزّنادقة بأموال وتسليح أجنبيين؟ هل اقتنعت أمريكا بعجز الإخوان في تحقيق أهدافها؟ وهل ستغفر الولايات المتحدة الأمريكية لهم ولمن أطاح بهم تغيّير مسار التاريخ باتجاه غير معلوم؟ وأهمّ سؤال يخامرني ويؤرقني، ما هو مصير الأممية الإخوانية ومن سيرث تركتها الثقيلة والمثقلة بالهزائم؟

سبق أن قدمنا إجابات عن جلّ الأسئلة في مقالات سابقة، نشرت على موقع بوابتي الإلكتروني بتواريخ مختلفة، ولم ننتبه في واقع الأمر إلى مسألتين أساسيتين. تتعلق المسألة الأولى بالظّاهرة الجهادية في العالم العربي. وتعنى المسألة الثانية بمستقبل الإخوان في الدّاخل والخارج.

أمّا الظاهرة الجهادية في العالم العربي فستستمر (في رأيي المتواضع) باستمرار ثلاثة عوامل متفاعلة فيما بينها :
1/ تفشّي الأميّة في الأوساط الشّعبية وانتشار الفكر الخرافي بين الشباب السلفي. لقد عشّشت الخرافة في أذهان هؤلاء الشباب وأدخلتهم في عالم إفتراضي، عزلهم عن واقعهم وشلّ عقولهم عن معالجة أحوال فردية وجماعية مزرية. كذلك أسّست الخرافة في مخيالهم الجمعي لفلسفة العنف المقدّس كطريق إلى الجنّة. فتمّت برمجة التّلاعب بالدّين بإسرائيليات ضاربة في التاريخ، لتشويه تاريخ الإسلام والمسلمين الذين أقاموا حضارتهم على القيّم العليا والأخلاق السّامية التي تحرّم القتل وتمنع الإساءة لكل كائن حيّ.

أخرج أبو داوود عن أنس بن مالك: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان إذا بعث جيشا قال "انطلقوا باسم الله، لا تقتلوا شيخا فانيا، ولا طفلا صغيرا، ولا امرأة، ولا تغلوا، وضمّوا غنائمكم، وأصلحوا وأحسنوا إنّ الله يحبّ المحسنين"(2). وجاءت نفس المعاني النّبيلة في وصية خليفة رسول الله عليه الصلاة والسّلام، أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه، ليزيد بن أبي سفيان عند خروجه لغزو الشّام قوله: "لا تقتلوا صبيا ولا امرأة ولا شيخا كبيرا ولا مريضا ولا راهبا ولا تقطعوا مثمرا ولا تخرّبوا عامرا ولا تذبحوا بعيرا ولا بقرة إلا لمأكل ولا تغرقوا نخلا ولا تحرقوه"(3). قيم ومبادئ أقرتها اتفاقية جينيف، "وهي أربع اتفاقيات دولية تمّت صياغة الأولى منها في 1864 وأخيرتها في 1949 تتناول حماية حقوق الإنسان الأساسية في حالة الحرب، أي طريقة الاعتناء بالجرحى والمرضى وأسرى الحرب، حماية المدنيين الموجودين في ساحة المعركة أو في منطقة محتلة إلى آخره..."(4).

أين عنف وعدوانية (الجهاديين) في الزّمن الرّاهن، وهم يفجّرون أنفسهم ويقتلون الأبرياء ويحطّمون ممتلكات الغير، من سماحة ورقّة ورفق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وخليفته الرّاشد سيدنا أبي بكر وهما يوصيان قادة الجيوش الفاتحة، خيرا بالضعفاء والمسالمين. ثمّ يخرج علينا المنحرفون، يبرّرون جرائمهم باسم الإسلام وكأنّ عقولنا أصابها الغباء وعيوننا أصابها العمى.

2/ إصرار الدول وأجهزتها الأمنية على معالجة العنف السياسي بالعنف البوليسي، وتمسّكها بأساليب عجزت عن اخماد فتنة، لا تلبث أن تخمد حتى تشتعل من جديد. لقد أخطأت السّلطات التي ركزّت على معاملة العنف بالعنف، وغرّتها فترات كانت فيها الدولة الوطنية قوية، فتوهّمت القضاء على الظّاهرة الجهادية على طريقة (رامبو)، أوصل إليها غرور الحاكم الذي أصيب بداء العظمة. حالة نفسية مرضية أسست بدورها لواقع إفتراضي، صوّر للحكّام حالة من الانسجام المجتمعي في ظلّ الاستبداد بالرأي والاستعباد الممنهج من خلال ممارسات القمع الجماهيري. والحال أنّ للحاكم العربي أسوة حسنة في خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي وضع قاعدة الحكم العادل، بنشر المساواة بين مختلف رعاياه في قولته الشهيرة "متى استعبدتم النّاس وقد ولدتهم أمّهات أحرارا".

3/ والأهمّ في هذا الصّراع ذو الخلفية الإيديولوجية، وهو يجري في عالم الواقع من منطلق إفتراضي مزدوج، هو الغياب التّام للبحث العلمي المعمّق ومتعدّد التخصصات للإسلام في بعديه العقدي والحضاري. إنّ المجتمعات العربية الإسلامية في أمسّ الحاجة لقراءة جديدة، تكون أكثر التصاقا بحياة المسلمين (حكّاما ومحكومين) في عالم لا يرى فيهم سوى أغبياء / أغنياء. قراءة تنقّي التاريخ الإسلامي من كلّ الشوائب التي علقت به من مبالغات خرافية وتضخيم للوقائع والسّكوت عن الهزائم وتجنّب استخلاص العبرة منها(5).

بهذه الطريقة تساعد الجامعة في اقتلاع زيف التاريخ وإرساء الحقائق العلمية، وتنزع من أدمغة الشباب المسلم أساطير سيطرت على مراكز التّفكير العقلاني، فاستسلم فريق منهم للسّمع والطّاعة وكفر بنعمة العقل التي وهبها الله لعباده وميّزهم بها عن سائر مخلوقاته. هذا إلى جانب الشّروع في قراءة حديثة للقرآن الكريم والسّنة النبويّة العطرة، تتخذّ من مستجدّات العصر أرضية لتقديم تفسيرات جديدة، أكثر ملاءمة مع واقع الأمّة، تبتعد عن المنهج التّشخيصي للعلل، وتركّز على البحث العلمي الجاد، لإيجاد حلول منطقية، يقبل بها العقل الجمعي العربي/المسلم، فتكون أول علامات انفراج أزمة الفكر العربي، وبداية القضاء على الإرهاب من جذوره وكسر قيود سجنه الإيديولوجي.

من هنا يبدأ التّخفيف التّدريجي من الحلّ الأمني الجاف، الذي يبقى لازما وغير كاف، في ذات الوقت يحيي الوسطية الإسلامية من خلال تأسيس مدرسة فكرية متطوّرة، تحفّز الشباب على الدّخول في منافسة حضارية مع الآخر، والمحافظة على خصوصياتهم التي هي مقوّمات شخصيتهم القاعدية وضمان هويتهم في عولمة زاحفة لن تبقي ولن تذر. إنّ مسؤولية الأكاديميين العرب ثقيلة أمام الله وأمام الأجيال، وسنسأل عمّا فعلنا بحاضرنا وبمستقبل أبنائنا الذين زُجَّ بهم في تخريب بيوتهم بأيديهم، وبناتنا اللاّتي غرّر بهن واستدرجهن الجهلة لارتكاب كبيرة الزّنا (جهاد النّكاح) باسم الإسلام.

لقد أسهم غياب علماء الأمّة في خلق هوّة سحيقة بين كلّ العناصر المكوّنة للمجتمعات العربية، زادها تعقيدا افتقار قياداتها السياسية للحكمة والموعظة الحسنة. حان الوقت لإعادة النّظر في الوضع العلمي/الاجتهادي في أمّة اكتفت على امتداد 12 قرنا بأربعة مذاهب اجتهادية/فقهية وهي: المذهب المالكي، والمذهب الحنفي، والمذهب الشّافعي وأخيرا المذهب الحنبلي.

إجمالا ودون تفاصيل، يمكن الإقرار بدخول المسلمين في سبات معرفي عموما وفقهيا اجتهاديا خصوصا منذ منتصف القرن الثالث هجري، أي مع وفاة الإمام أحمد بن حنبل وهو تاريخ نشأة الفكر السلفي. ففي الوقت الذي كانت فيه الأمم الأخرى تتطوّر علميا ومعرفيا، كانت الأمّة العربية الإسلامية تتطوّر عدديا خارج إطار مرجعي، إلى أن اتسع الرّتق الحضاري والثّقافي على الرّاتق العربي، فانصرف السلفيون يدّسون رؤوسهم في اجتهادات تعطّل ولا تقدّم، بعيدا عن عالم السياسية والسياسيين خوفا من بطش سلطات تكلّست في قوالب من الظّلم الأعمى والاضطهاد الغبي.

كانت السلبيات تتوالى والنّكسات تتعاقب على الجميع، وفرص الخروج من التّخلف تتحوّل إلى سراب وحكماء العرب والمسلمين ينظرون لا يحرّكون ساكنا. واليوم جاء التّغيير على غير علم ودون اعداد ولا استعداد مسبق، محدثا فوضى عارمة، كشفت عيوب الدولة وضعفها في إدارة الشأن العام المنفلت، كما عرّت العنف المتجذّر في أعماق شريحة متأسلمة، عجزت عن فهم التّحولات التاريخية إلا من زاوية افساد الحاضر والمستقبل.

لم يكن دور الإخوان المسلمين في شتّى أنحاء العالم العربي خافيا في تحريك السلفيين واستغلال سذاجة فكرهم السياسي، وتوظيف اندفاعهم الفطري في زعزعت أمن المجتمع. لقد اتخذ الإخوان المسلمون من السلفيين رأس حربة لكسر شوكة المعارضة الدّاخلية من ناحية، وتهديد الغرب حليف المرحلة الرّاهنة من ناحية أخرى.

أمّا الإجابة على السؤال الثاني، من سيخلف الإخوان المسلمين في مصر ومن سيرث تركتهم ويحافظ عليها إلى حين عودتهم إلى عالم السياسية والمال والأعمال؟ في تقديري ستقوم حركة النّهضة في تونس بهذا الدور.
لماذا حركة النّهضة دون سواها؟
1/ لأنّها الإبنة الوفيّة للفكر الإخواني الدولي.

2/ لا تزال قدماها راسخة في السلطة، وهي تعمل جاهدة على البقاء، رغم كل جهود القوى التونسية في اقناعها بتغيّير نهجها السياسي الفاشل في التّصرف والإدارة.

3/ تفيد قراءة التّسريبات التي تطالعنا بها الصحف الوطنية والعربية والدولية حول ترشيح رئيس حركة النّهضة لمنصب المرشد العام للإخوان المسلمين في العالم، بدعم من تركيا وغيرها من الدول التي ترى في شخص السيد راشد الغنّوشي مفكرا إسلاميا معتدلا، قادرا على قيادة الإخوان إلى برّ الأمان. يتمّ ذلك في ظلّ مؤشرات تنبئ بتخلّي الإدارة الأمريكية عن الإخوان، كشريك فشل في تحقيق أهداف المعركة الثانية من الجيل الرّابع للحرب العالمية التي يشنّها الغرب بقيادة حلف الناتو على الثّورة العربية. لهذا تردّد وسائل الإعلام خبر نقل مقّر الإرشاد العام من (المقطّم) بالقاهرة إلى (مونبليزير) بتونس العاصمة. لا يزال الإخوان في مصر يرفضون هذا المقترح السرّي، وتمسّكهم بحق الإرشاد العام وفاء منهم لروح حسن البنّا مؤسس الجماعة.

4/ يتجه الإخوان المسلمون في العالم للأخذ بهذا المقترح، اعترافا لإخوان تونس بالجميل، بفتح طريق السّلطة، وتأسيس منهج الانحراف السياسي على الشّرعية الانتخاببية التي أوصلتهم للمجلس التأسيسي فقط، فتسلّلوا إلى الحكومة بعد أن خرجوا من السرّ إلى العلن، ليمارسوا الحكم من نفس منطلقات المنظومة الفاسدة التي كانوا وجهها الخفي. هكذا انتقلت العدوى النّهضوية التونسية إلى الإخوان في مصر، فبادروا بعد استيلائهم على الدولة المصرية، إلى التحكّم وسعوا إلى التّمكن السّريع بمباركة صهيونية ورعاية أورو- أمريكية.

5/ قدرة حركة النّهضة في إدارة الأزمة الإخوانية بالمناورة والالتفاف على الحقائق التاريخية من ناحية، وصمودها في مجابهة خصومها السياسيين، العلمانيين واليساريين واللّيبراليين من ناحية ثانية، ونجاحها في تفتيت القوات المسلحة التونسية إلى ثلاثة جيوش، بعد توحدّها في قيادة مشتركة واخراجها من ساحة العمل السياسي من ناحية ثالثة، وأخيرا وليس آخرا تمكّنها من إزاحة خصمها الدّيني اللّدود، سماحة مفتي الدّيار التونسي حامي المذهب المالكي الوسطي، تمهيدا لإرساء المذهب الوهّابي في ربوع لم تعرف التّطرف الدّيني منذ انتفاضة صاحب الحمار في القرن الرّابع هجري التي حاول قائدها المدعو مخلد بن كداد اليفرني " وهو من قبائل زناته البربرية بنو يفرن الذي ثار ضد الحكم الفاطمي (942م -947م). عاش في مدينة توزر وكان يختلف (أي يتردّد) إلى بلاد السودان بالتّجارة... وخالط النّكارية من الخوارج... فمال إلى مذهبهم وأخذ به... وكان يذهب إلى تكبير أهل ملّته واستباحة الأموال والدّماء والخروج عن السلطان"(6).

كلّ هذه المعطيات التاريخية رفعت حركة النّهضة التونسية إلى مرتبة الأمين و/أو المؤتمن على مصير الإخوان المسلمين، باعتبارها خطّ دفاعهم الأخير عن وجودهم وحامية تحالفاتهم مع الشيطان الأكبر في سبيل التّمكين والتّحكم في انتظار استقرار الأوضاع. لقد قبل مجلس شورى حركة النّهضة أن ينوب عن الأصل، ويلعب دور البديل الجاهزة في مغامرة تاريخية خطيرة.

لذلك نراها تراوغ حينا وتتصلّب أحيانا أخرى ولا تهادن ولا تتنازل عن أفكارها في الحوار الوطني برعاية الرّباعي لحلحلت الأزمة السياسية في تونس. إنّ صالبة شكيمتها ليست موجّهة للتونسيين بل هي محاولة لاقناع التّنظيم الدّولي الذي لم يحسم المنافسة بين إخوان تونس وإخوان ماليزيا في مسألة الإرشاد العام. رهان قرّرت قيادة النّهضة كسبه مهما كان الثمن، ولو أدى بها الأمر إلى التّضحية بوطن يغرق ويغرق... ويتيه في مشاكل ثانوية... وهو يرسل برسائل استغاثة من تحت الماء. لن يتعلّم الإخوان المسلمون حيثما كانوا، الدّرس حتى بعد انتهائه، وعنادهم المتأصل في شخصيتهم الأساسية سيقضي على وجودهم وسيعجّل بنهايتهم وسيكون الأمر بيدهم لا بيد عمرو.

----------
1) ورد الحديث في خطبة عمرو بن العاص خطبها في أهل مصر عند فتحها، رواه عن عمر بن الخطّاب رضي الله الذي سمع رسول الله يقول: "إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا ، فذلك الجند خير أجناد الأرض". إمتاع الأسماع للمقريزي.
2) سنن أبي داوود
3) أخرجه البيهقي بسنده عن أبي عمران، السنّن الكبرى
4) عن موقع ويكيبيديا الإلكتروني
5) انظر توطئة المقدمة لعبد الرّحمان بن خلدون. المجلد الأول، الطبعة الثانية. مكتبة درا الكتاب اللبنانيللطباعة والنشر – بيروت- 1961
6) إبن خلدون، المقدمة، المصدر السّابق.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الحركات الجهادية، الحركات الإسلامية، النهضة، تونس، مصر، العلمانيون، محاربة الإسلام، الإخوان المسلمون،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 11-11-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  صباح الخير يا جاري !!!
  متطلبات التّنشيط الثّقافي بمدينة حمام الأنف (1)
  نحن في الهمّ واحد
  روسيا تمتص رحيق الرّبيع العربي
  الشّعب والمشيــــــــــــــر
  التّوازي التّاريخي
  في سقيفة "الرّباعي- الرّاعي"
  الأصل والبديل
  المواطنة في أقطار المغرب العربي... أسطـــورة لا بد منها
  أسئلـــة تنتظــــــــــــــــر...
  إصرار "أوباما"... لماذا؟
  في معنى الخزي
  الحمق داء ما له دواء
  تونس في قلب الجيل الرّابع من الحروب
  إلى متى نبكي أبناءنا؟
  إنّه لقول فصل وما هو بالهزل
  مصر... انتفاضة داخل ثورة
  ما ضاع حق وراءه طالب
  مثلث برمودا Triangle des Bermudes
  عالم الشياطيــــــــن
  بلا عنــــــوان !!!
  إنّها النّكبة يا سادة !
  نخرب بيوتنا بأيدنا
  تطبيق أحكام الشريعة في تونس، فرصة مهدورة !
  فرنسا تحتفل بعيد استقلال تونس !
  "شومقراطية" الحكم في بلدان الربيع العربي
  حكومة السير على الشريطة Un gouvernement funambule
  ما خفى كان أعظم !
  خروج مشرّف أم خطة محكمة؟
  الصراع السياسي في تونس من الميكرو إلى الماكرو

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
جاسم الرصيف، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، مصطفي زهران، صلاح المختار، سامح لطف الله، إسراء أبو رمان، حاتم الصولي، عبد الغني مزوز، رافد العزاوي، ضحى عبد الرحمن، د. عادل محمد عايش الأسطل، سيد السباعي، د. خالد الطراولي ، محمود فاروق سيد شعبان، طلال قسومي، عواطف منصور، د - محمد بنيعيش، د. عبد الآله المالكي، سفيان عبد الكافي، فتحي الزغل، كريم السليتي، الهيثم زعفان، رمضان حينوني، عبد الله الفقير، د. مصطفى يوسف اللداوي، العادل السمعلي، ماهر عدنان قنديل، وائل بنجدو، د- محمود علي عريقات، منجي باكير، د- هاني ابوالفتوح، فتحـي قاره بيبـان، محمد الياسين، محمد عمر غرس الله، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. طارق عبد الحليم، أحمد الحباسي، د- محمد رحال، خبَّاب بن مروان الحمد، د - شاكر الحوكي ، علي عبد العال، محمود سلطان، إيمى الأشقر، صباح الموسوي ، محمد أحمد عزوز، فتحي العابد، علي الكاش، سلام الشماع، يزيد بن الحسين، د - المنجي الكعبي، د - محمد بن موسى الشريف ، صفاء العربي، مصطفى منيغ، مراد قميزة، د. صلاح عودة الله ، الناصر الرقيق، تونسي، عزيز العرباوي، د - عادل رضا، عراق المطيري، سلوى المغربي، أحمد ملحم، محمود طرشوبي، صلاح الحريري، د.محمد فتحي عبد العال، محمد اسعد بيوض التميمي، صالح النعامي ، صفاء العراقي، أبو سمية، أ.د. مصطفى رجب، محمد شمام ، أنس الشابي، سعود السبعاني، عمار غيلوفي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، كريم فارق، يحيي البوليني، فهمي شراب، ياسين أحمد، محمد الطرابلسي، عمر غازي، أحمد بوادي، الهادي المثلوثي، فوزي مسعود ، حسن عثمان، سليمان أحمد أبو ستة، رشيد السيد أحمد، محمد يحي، محرر "بوابتي"، نادية سعد، أحمد النعيمي، رحاب اسعد بيوض التميمي، حميدة الطيلوش، المولدي الفرجاني، محمد العيادي، خالد الجاف ، إياد محمود حسين ، رافع القارصي، سامر أبو رمان ، رضا الدبّابي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الرزاق قيراط ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - صالح المازقي، د. أحمد محمد سليمان، د - الضاوي خوالدية، د - مصطفى فهمي، د. أحمد بشير، د- جابر قميحة، أشرف إبراهيم حجاج، عبد الله زيدان، حسن الطرابلسي، مجدى داود، حسني إبراهيم عبد العظيم،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة