البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

نقول في زمن الفتن: رجاؤنا في الله وحده أن ينتشلنا مما نحن فيه (2)

كاتب المقال د. أحمد يوسف محمد بشير - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5517


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،
أما بعد :

تناولنا في الحلقة ألأولى في معرض حديثنا عن مجموعة من القواعد العقدية التي ينبغي على المسلم أن يكون على إيمان تام بمضامينها ، وعلى وعي كامل بمقتضيات هذا الإيمان ، وذكرنا أن القاعدة الأولى تتمثل في الإيمان والتصديق بأنه لا يقع في كون الله أمرا إلا إذا أراده الله وشاءه وقدره ، وبينا أن تلك القاعدة متصلة بالركن السادس من أركان الإيمان التي لا يصح ولا يكتمل إيمان المرء إلا بها وهو الإيمان بالقدر خيره وشره ،
ولذلك تحدث أهل العلم عن منزلة الإيمان بالقضاء والقدر بين بقية أركان الإيمان ، يقول ( المحمود ) : " ترجع أهمية هذا الركن ومنزلته بين بقية أركان الإيمان إلى عدة أمور :

الأول : ارتباطه مباشرة بالإيمان بالله تعالى ، وكونه مبنياً على المعرفة الصحيحة بذاته تعالى وأسمائه الحسنى وصفاته الكاملة الواجبة له تعالى ، وقد جاء في صفاته سبحانه صفة العلم والإرادة (1) والقدرة والخلق ، ومعلومٌ أن القدر إنما يقوم على هذه الأسس ،

ولا شك أن الإقرار بتوحيد الله وربوبيته لا يتم إلا بالإيمان بصفاته تعالى ، فمن زعم أن هناك خالقاً غير الله تعالى فقد أشرك ، والله تعالى خالق كل شيء ، ومن ذلك أفعال العباد.
الثاني: حين ننظر إلى هذا الكون ونشأته ، وخلق الكائنات فيه ومنها هذا الإنسان نجد أن كل ذلك مرتبط بالإيمان بالقدر فأول ما خلق الله القلم ، قال له : اكتب ، قال : ربّ ، وماذا أكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ، والإنسان يوجد على هذه الأرض ، وينشأ تلك النشأة الخاصة ، ويعيش ما شاء الله في حياة متغيّرةٍ فيها الصحة والسقم ، والغنى والفقر ، والقوة والضعف ، وينظر الإنسان من حوله فيرى تفرّق هذه الصفات على الناس ؛ فلا يجد إلا العقيدة الصحيحة ، وعلى رأسها الإيمان بالقدر.
الثالث : الإيمان بالقدر هو المحكّ الحقيقيّ لمدى الإيمان بالله تعالى على الوجه الصحيح ، وهو الاختبار القويّ لمدى معرفة الإنسان بربّه تعالى ، وما يترتب على هذه المعرفة من يقين صادق بالله ، وبما يجب له من صفات الجلال والكمال ، وذلك لأن القدر فيه من التساؤلات والاستفهامات الكثيرة لمن أطلق لعقله المحدود العنان فيها ، ولقد كثر الاختلاف حول القدر، وتوسع الناس في الجدل والتأويل لآيات القرآن الواردة بذكره ، بل وأصبح أعداء الإسلام في كل زمان يثيرون البلبلة في عقيدة المسلمين ، ودسّ الشبهات حوله ، ومن ثم أصبح لا يثبت على الإيمان الصحيح واليقين القاطع إلاّ من عرف الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا ، مسلِّماً الأمر لله ، مطمئنَّ النفس ، واثقاً بربه تعالى ، فلا تجد الشكوك والشبهات إلى نفسه سبيلاً ، وهذا ولا شك أكبر دليل على أهمية الإيمان به بين بقيّة الأركان (2) ،

* القاعدة الثانية : لا يقع في كون الله أمر عبثا :

وهي قاعدة وثيقة الصلة والارتباط بسابقتها ( القاعدة الأولى ) ومتفرعة منها شرعا وعقلا ، فكما أننا أيقنا أنه لا يقع في كون الله ما لا يريده الله وشاؤه ويقدره ، فكل ما يقع في كون الله إنما يقع لحكمة ومصلحة يعلمها علام الغيوب سبحانه وتعالى مهما خفيت على البشر ،
فلا يقع في ملك الله شيء عبثا ، ولا لغير معنى ولا مصلحة ولا حكمة ، فكما أن الله تعالى لم يخلق شيئا عبثا ، ومادام الله تعالى هو المدبر لأمر الكون والخلق ، فلا يتصور أن أمرا ما عبثا يمكن أن يقع في ملك الله وكونه ،
أن ما قدر في هذا الكون لحكمة ومصلحة نعلمها وقد لا نعلمها ، والله سبحانه لا يقدر الأقدار ولا يخلق الخلق لغير حكمه فهو سبحانه منزه عن العبث واللعب ،
قال تعالى : {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ، فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ }( المؤمنون : 115 – 116 ) ، وقال تعالى : {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ }( الأنبياء : 16 ) ، ونفس الآية تكررت في موضع آخر : قال تعالى : {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ }( الدخان : 38 ) ، وقال تعالى : { وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْل لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ النَّار } ( ص : 27 ) ،
وقال جل وعلا : {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ }( الحجر : 85 ) ، وأن حال المؤمنين – كما وصفهم القرآن الكريم - إذا تفكروا في ملكوت الله وخلقه أن قالوا : {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }( آل عمران : 191 ) ،
إذا علم هذا فعند حلول المصائب ونزول الأزمات تطمئن النفوس وترضى وتسلم لقضاء الله وقدره ، وتحسن الظن بالله تعالى لأنه ما قدر هذه المصائب التي تحل بالأمة أو بالأفراد إلا لحكمة بالغة لأنه سبحانه الحكيم الخبير ،

ولذلك يقول ابن القيم رحمه الله " إنه سبحانه حكيم ، لا يفعل شيئاً عبثاً ، ولا لغير معنى ومصلحة وحكمة ، وهي الغاية المقصودة بالفعل ، بل أفعاله سبحانه صادرة عن حكمة بالغة لأجلها فَعَل ، كما هي ناشئة عن أسباب بها فعل ، وقد دل كلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم على هذا " (3) ، ومن تلك الأدلة التي ذكرها ابن القيم (4) فقال : " وهذا في مواضع لا تكاد تحصى ولا سبيل إلى استيعاب أفرادها فنذكر بعض أنواعها ،

النوع الأول : التصريح بلفظ الحكمة وما تصرف منه كقوله : {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ} وقوله : {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} وقوله : {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً} والحكمة هي العلم النافع والعمل الصالح وسمي حكمة لأن العلم والعمل قد تعلقا بمتعلقهما وأوصلا إلى غايتيهما ، وكذلك لا يكون الكلام حكمة حتى يكون موصلا إلى الغايات المحمودة والمطالب النافعة فيكون مرشدا إلى العلم النافع والعمل الصالح فتحصل الغاية المطلوبة فإذا كان المتكلم به لم يقصد مصلحة المخاطبين ولا هداهم ولا إيصالهم إلى سعادتهم ودلالتهم على أسبابها وموانعها ، ولا كان ذلك هو الغاية المقصودة المطلوبة ، ولا تكلم لأجلها ولا أرسل الرسل وأنزل الكتب لأجلها ، ولا نصب الثواب والعقاب لأجلها لم يكن حكيما ولا كلامه حكمة فضلا عن أن تكون بالغة ،

النوع الثاني : إخباره أنه فعل كذا لكذا وأنه أمر بكذا لكذا كقوله : {ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} وقوله : {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} وقال : {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} وقوله : {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} وقوله : {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} وقوله : {لِئَلا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلاّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} وقوله : {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} وقوله : {فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ} ، أي ليتمكنوا بهذا الحفظ والرصد من تبليغ رسالاته فيعلم الله ذلك واقعا وقوله: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ} وقوله : {وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ} وقوله: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ} وقوله : {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا} وقوله : {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً} وقوله : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} وقوله : {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} وقوله : {هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ} وقوله : {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ} وقوله : {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} وقوله : {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ} وهذا في القرآن " ،
إن كل ما سبق من أدلة إنما يؤكد أن كل ما يقع في الكون إنما يقع لحكمة إلهية ، علمها من علمها ، وجهلها من جهلها ، وفي هذا الصدد يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وخلاصة الأمر أن يقال(5) :
كل ما خلقه الله تعالى فله فيه حكمة ، والحكمة تتضمن شيئين :
أحدهما : حكمة تعود إليه تعالى: يحبها ويرضاها ،
والثاني : حكمة تعود إلى عباده ، هي نعمةٌ عليهم ، يفرحون بها ، ويلتذون بها ، وهذا يكون في المأمورات وفي المخلوقات ،

ومما تجدر الإشارة إليه والتأكيد عليه من المنطلق الإسلامي عقديا أن الشرّ المطلق غير موجود في الكون على الإطلاق ، والشرّ للشرّ كذلك غير موجود ، إنما هناك شر نسبي موظف لخير مطلق ، لو أنَّ أباً وابنه اتفقا على إجراء عَمَلِيَّة جراحية ، فإنّ الطبيب الجراح لا يمكن أن يفتح بطْن ابنه إلا بموافقة الأب ، وفَتْحُ البطْن شرّ إلا لإجْراء عَمَلِيَّة لشفاء ابنه ، فلا يكون هذا الأمر إلا لِهَدَفٍ نبيل جداً ومطلوب جدا ، كاسْتِئْصال عضوٍ تالف ، إذا فالشرّ المُطْلق لا يمكن أن يكون ، أما الشرّ النِّسبي فَمَوْجود ، كَخَرْق السفينة ، في قصة موسى عليه السلام والخضر : قال تعالى :
{فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً}( سورة الكهف ) ،
ثمَّ تَبَيَّن أنّ خرْقها كان هو سبب نجاتِها ،
وكقتل الغلام : قال تعالى :{فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً } ( الكهف : 74 ) ، فبينما كان موسى والخضر يمشيان على الساحل إذ أبصرا غلامًا يلعب مع الغلمان ، فقتله الخَضِر، فأنكر موسى عليه وقال : كيف قتلت نفسًا طاهرة لم تبلغ حدَّ التكليف ، ولم تقتل نفسًا، حتى تستحق القتل بها ؟ لقد فَعَلْتَ أمرًا منكرًا عظيمًا ، ثم يجلي القرآن حقيقة الأمر : {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً }( الكهف : 80 ) ، والمعنى - والله أعلم - أن الغلام الذي قتلته فكان في علم الله كافرًا ، وكان أبوه وأمه مؤمِنَيْن ، فخشينا لو بقي الغلام حيًا لَحمل والديه على الكفر والطغيان ؛ لأجل محبتهما إياه أو للحاجة إليه ، قال الشعراوي يرحمه الله : وحين نأتي لقتل الغلام ، لا بد من التساؤل : وما ذنب الغلام ؟ فيفسر العبد الصالح الأمر : { وَأَمَّا الغلام فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً } ( الكهف : 80 ) ، والأبوان قد يدللان هذا الابن ، ويطعمانه من مال حرام ، ويكون فتنة لهما ، فقتل الغلام ليظلا على الإيمان ، وعجلّ ربنا بالولد إلى الجنة مباشرة " ، وقال في موضع آخر يقول : " الغلام : الولد الذي لم يبلغ الحُلُم وسِنّ التكليف ، وما دام لم يُكلَّف فما يزال في سِنِّ الطهارة والبراءة من المعاصي ؛ لذلك لما اعترض موسى على قتله ، قال : { أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً . . } ( الكهف : 74 ) ، أي : طاهرة ، ولا شكَّ أن أخْذ الغلام في هذه السِّنِّ خَيْر له ومصلحة قبل أنْ تلوّثه المعاصي ، ويدخل دائرة الحساب ، إذن : فطهارته هي التي دعتْنَا إلى التعجيل بأخذه . هذا عن الغلام ، فماذا عن أبيه وأمه ؟ يقول تعالى : { فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ . . } ( الكهف : 80 ) وكثيراً ما يكون الأولاد فتنة للآباء ، كما قال تعالى : { ياأيها الذين آمنوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فاحذروهم } ( التغابن : 14 ) ، والفتنة بالأولاد تأتي من حِرْص الآباء عليهم ، والسعي إلى جعلهم في أحسن حال ، وربما كانت الإمكانات غير كافية ، فيُضطر الأب إلى الحرام من أجل أولاده . وقد عَلِم الحق سبحانه وتعالى أن هذا الغلام سيكون فتنة لأبويه ، وهما مؤمنان ولم يُرِد الله تعالى لهما الفتنة ، وقضى أن يقبضهما إليه على حال الإيمان ، وكأن قضاء الله جاء خيراً للغلام وخيراً للوالدين ، وجميلاً أُسْدِي إلى كليْهما ، وحكمة بالغة تستتر وراء الحدَث الظاهر الذي اعترض عليه موسى عليه السلام ، لذلك يُعَدُّ من الغباء إذا مات لدينا الطفل أو الغلام الصغير أَنْ يشتد الحزن عليه ، وننعي طفولته التي ضاعتْ وشبابه الذي لم يتمتع به ، ونحن لا ندري ما أُعِدَّ له من النعيم ، لا ندري أن مَنْ أُخِذ من أولادنا قبل البلوغ لا يُحدِّد له مسكن في الجنة ، لأنها جميعاً له ، يجري فيها كما يشاء ، ويجلس فيها أين أحب ، يجلس عند الأنبياء وعند الصحابة ، لا يعترضه أحد ، ولذلك يُسمَّوْن " دعاميص الجنة " (6) ،

إن ما سبق يعني أنه لا يُمكن لنا أن نفهم ما يجْري في الأرض من شرّ إلا وَفْقَ هذه الحقيقة إلا أنَّك قد لا تعرف ما وراء كلّ حادِث ، ألسْتَ مؤمناً بأنَّ الله سبحانه وتعالى صادِق ، وأنّ هذا الكلام كلامه ، وأنَّهُ تعالى في آياتٍ كثيرة كثيرةٍ نفى عن نفْسِه الظلم ، قال تعالى : {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيراً } ( سورة النِّساء ) ،

قال الشيخ ( النابلسي ) : " كنت أسير مرَّةً في أحد أسواق احدى المدن، فاسْتَوْقفني أحد المارَّة، وقال لي: فلان الفلاني جاء إلى مَحَلِّه التِّجاري لِيَكْسب قوت أولاده، فَسَمِع إطلاقَ نارٍ، وكان اثنان يتشاجران، فَمَدَّ رأسه فجاءَت رصاصةٌ في عموده الفقري ، وأصبح مشْلولاً من حينه ، فقال لي هذا الأخ : وما ذَنْبُه؟ ولماذا فُعِلَ به هكذا ؟ فقلتُ : لا أدْري ، فهذه الكلمة تُشَرِّف أحْياناً ، وبعد حينٍ أخٌ كريم قال لي : هناك رجل يسْكن في الحيّ الفلاني ، وله أوْلاد أخ أكل أموالهم بالباطل ، وقد احْتَكَموا إلى أحد العلماء فلما طولب بما عليه لأولاد أخيه رفض! فَتَوَجَّه هذا العالم إلى أولاد الأخ ، وقال لهم : إياكم أن تشْتكوا على عَمِّكم ، فهذا لا يليق بكم ، ولكن اشْكُوه إلى الله تعالى! فهذا الكلام تَمَّ في الساعة الثانِيَة ليلاً ، ففي الساعة الثامِنَة صباحاً أصْبح مَشْلولاً ، فَيَجب أن تعلم أنّ كل شيء وقع وراءه حِكمة ، سواء عَرَفْتها أم لم تعْرفها " (7)

* القاعدة الثالثة : أن الإنسان لا يعلم أين الخير وأين الشر فيما وقع ويقع من أحداث :

وتلك حقيقة ثابتة مؤداها أننا بقدرتنا الإنسانية المحدودة وعقولنا القاصرة لا نعلم أين الخير واين الشر فيما يحث في ملك الله ، وفي كون الله ، فقد نرى الأمر خيرا وهو في حقيقته شر مستطير ، وقد نرى الأمر شرا وهو في حقيقته خير عميم ، تلك حقيقة عقدية أكدها القرآن الكريم قال تعالى : {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }( البقرة : 216 ) ، لقد فرض الله عليكم - أيها المؤمنون - قتال الكفار, والقتال مكروه لكم من جهة الطبع; لمشقته وكثرة مخاطره, وقد تكرهون شيئًا وهو في حقيقته خير لكم, وقد تحبون شيئًا لما فيه من الراحة أو اللذة العاجلة, وهو شر لكم. والله تعالى يعلم ما هو خير لكم, وأنتم لا تعلمون ذلك. فبادروا إلى الجهاد في سبيله ، وأنا أريدك أن تقف عند قوله تعالى : " والله يعلم ، وأنتم لا تعلمون " ، الله أكبر ، سبحان علام الغيوب ، علم ما كان ، وعلم ما يكون ، وعلم ما لا يكون لو كان كيف كان يكون ، سبحانه يعلم دبيب أرجل النملة السمراء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ، فوحدوا رب الأرض والسماء ،

وفي نفس المعنى إسمع إلى ما قاله الحق تعالى الإنسان حينما تقع كراهية الزوجة من قلبه موقعا إسمع قال تعالى : { فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً }( النساء : 19 ) ، أي فإن كرهتموهن لسبب من الأسباب الدنيوية فاصبروا; فعسى أن تكرهوا أمرًا من الأمور ويكون فيه خير كثير ،

* لله في كل محنة منحة :

لقد علمنا الإسلام أن الله سبحانه لا يقدر شراً محضاً ليس فيه خير ، بل كل ما قدر وإن ظهر لنا أنه شر كله ، فإن من وراءه من الخير مالا يعلمه إلا الله ، كتكفير السئيات ، ورفعة الدراجات ، وتمحيص المؤمنين وتبصيرهم بعيوبهم وكشف ما يخطط لهم ، أو دفع شر أعظم مما حل بهم كحفظ دينهم ولو ذهب شيء من دنياهم ، والفرز والتمييز وفضح المواقف والأشخاص ، ونحو ذلك من المصالح التي لا تخطر على البال ، وقد جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لربه ( والشر ليس إليك ) (8) ، وهذا إبليس أساس الشر في العالم خلقه الله سبحانه ، وقدر وجوده في الكون ليختبر العباد ويعلم الصادق من الكاذب ، وغيرها من الحكم التي ظهر فيها الخير للعباد ولكن أكثر الناس لا يعلمون ،
فإذا حلت المصائب لا تظن ظن السوء ، أيها العبد المسكين يامن علمك ناقص وبصرك محدود ، إعلم أن الحكيم الخبير والرؤوف الرحيم لا يمكن أن يقدر على خلقه أمراً ليس فيه خير ومصلحة لهم.

إذا تأزمت معك الأمور ، وضاقت بك الدنيا بما رحبت ، فأين أنت من قول الله تعالى في سورة الطلاق : { لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } ( الطلاق : 1 ) ، قد ننسى أو نجهل أنه قد يكون وراء تلك الأزمة ؛ منحة ربانية ، وعطية إلهية ،
إن القرآن الكريم يضع المراهم الشافية على الجراح الدامية فيحيلها بإذن الله تعالى لتصبح أثرا بعد عين ،
فالله الله في تربية النفس على الرضا بالأقدار, وتسليم الأمر لله تعالى ، والنظر للحياة من زاوية الأمل والرجاء في الله تعالى , والاعتقاد بأن الأيام القادمة تحمل معها ألواناً من الأمن والأمان والسعادة والفرح والبهجة وسعة الأرزاق.
واذا كان الناس يقولون – كما في الثقافة الشعبية - لا يقلق من كان له أب ، واللي له ظهر لا يضرب على بطنه ، فكيف بمن كان له رب حكيم قادر بيده مقاليد السماوات والأرض ، الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم ،
ولذلك ، وانطلاقا من الفهم العميق لهذا المعنى ، كان أحد الصالحين إذا أصابه هم أو غم أو كرب أو ضيق يهتف من أعماق قلبه مناجيا رب العزة والجلال : لا كرب وأنت رب ، نعم لا كرب ولا هم ولا غم ما دام لنا رب نؤمن به وبطلاقة قدرته سبحانه كل يوم هو في شأن ، شؤون يبديها ولا يبتديها ، يرفع أقواما ويخفض آخرين ،

نعم نحن لا نعلم على وجه اليقين أين الخير وأين الشر فيما وقع ويقع من أحداث ، ومن زعم ذلك نقول له من أين لك هذا { أَاطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً} ( مريم : 78 ) ، قال تعالى : {وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }( البقرة : 80 ) ، كان هذا هو حال بنو إسرائيل الذين تألوا على الله وقالوا بزعمهم : لن تصيبنا النار في الآخرة إلا أيامًا قليلة العدد ، فكان الرد والجواب على هذه الفرية وهذا الجهل والضلال : قل لهم - أيها الرسول مبطلا دعواهم - : كيف علمتم هذا ، أعندكم عهد من الله بهذا , فإن الله لا يخلف عهده؟ بل إنكم تقولون على الله ما لا تعلمون بافترائكم الكذب ،

بل إن الله تعالى أعطانا درسا بليغا في واقعة الإفك في القرآن الكريم ، حينما خاضت الألسنة في عرض الطاهرة الحصان الرزان أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، ورغم ما كان في هذا الأمر من الشرور والمصائب ، نقرأ قول الله تعالى معقبا على تلك الواقعة في سورة النور : {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }( النور : 11 ) ، ومحل الشاهد هو قول الله تعالى : لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم " ، والإفك هو الكذب المختلق ، ومعنى الآية كما قال أهل التفسير : إن الذين جاؤوا بأشنع الكذب، وهو اتهام أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالفاحشة، جماعة منتسبون إليكم - معشر المسلمين- لا تحسبوا قولهم شرًّا لكم, بل هو خير لكم، لما تضمن ذلك مِن تبرئة أم المؤمنين ونزاهتها والتنويه بذكرها, ورفع الدرجات، وتكفير السيئات، وتمحيص المؤمنين. لكل فرد تكلم بالإفك جزاء فعله من الذنب، والذي تحمَّل معظمه، وهو عبد الله بن أُبيِّ بن سلول كبير المنافقين- لعنه الله- له عذاب عظيم في الآخرة، وهو الخلود في الدرك الأسفل من النار.

* القاعدة الرابعة : أن المؤمن الحق في كل أحواله هو في خير :

نعم المؤمن وحده في هذا الكون كله على ستعنه وامتداه هو وحده أمره وشأنه وحاله كله له خير ، فلا ننخدع بظواهر الأمور والأحداث ، تلك عقيدة علمنا إياها من لا ينطق عن الهوى ، وإلا فلنستمع إلى هذا الحديث النبوي العجيب الذي كثيرا ما نغفل عنه ،
فلقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن صهيب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " ( أخرجه مسلم ) ،

ويترتب على تلك القاعدة أن للإسلام منهجا وسطا للتعامل مع كافة المواقف التي تمر بالمسلم في هذه الحياة سواء كانت مواقف العطاء والسعادة والسرور ، أو مواقف الأحزان والمصائب والشدائد والمحن والأزمات ، فالمؤمن في كل أحواله هو في خير،

ويؤمن المسلم أيضاً : بأنه بمجرد حصول المصيبة فإنه سيؤجر عليها ـ ناهيك عن موضوع الصبر عليها - فهذا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم يقول : " ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ، ولا هم ولا حزن ، ولا أذى ولا غم ؛ حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه " ( رواه البخاري ومسلم ) ،
ومع هذا الأجر العظيم ، فالمسلم موعود من الله عز وجل - إن هو صبر - بالحصول على أجر أكبر ، قال الله تعالى { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب }( سورة الزمر : 10 ) ،

ولذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : " العبد دائما بين نعمة من الله يحتاج فيها الى شكر ، وذنب منه يحتاج فيه الى الاستغفار ، وكل من هذين من الأمور اللازمة للعبد دائما ، فإنه لايزال يتقلب فى نعم الله وآلائه ، ولا يزال محتاجا الى التوبة والاستغفار " ،

القاعدة الخامسة : أن الاختيار الحق للولاية والملك هو لله تعالى ونحن في الحقيقة نختار ما اختار الله لنا

فالله تعالى هو الذي يختار من عباده من يشاء ، ويصطفي منهم من يريد ، قال تعالى : {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } ( القصص : 68 ) ،
فالله تعالى يخلق ما يشاء أن يخلقه , ويصطفي لولايته مَن يشاء من خلقه , وليس لأحد من الأمر والاختيار شيء , وإنما ذلك لله وحده سبحانه , تعالى وتنزَّه عن شركهم ،
وقال تعالى في موضع آخر يؤكد على تلك الحقيقة : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً }( الأحزاب : 36 ) ، وهكذا تقرر الآية الكريمة أنه لا ينبغي لمؤمن ولا مؤمنة إذا حكم الله ورسوله فيهم حُكمًا أن يخالفوه , بأن يختاروا غير الذي قضى فيهم ، ومن يعص الله ورسوله فقد بَعُدَ عن طريق الصواب بُعْدًا ظاهرًا ،
وقال تعالى : {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ( آل عمران : 26 ) ،

والمعنى والله أعلم : قل - أيها النبي متوجها إلى ربك بالدعاء - : يا مَن لك الملك كلُّه , أنت الذي تمنح الملك والمال والتمكين في الأرض مَن تشاء مِن خلقك , وتسلب الملك ممن تشاء , وتهب العزة في الدنيا والآخرة مَن تشاء , وتجعل الذلَّة على من تشاء , بيدك الخير , إنك – وحدك - على كل شيء قدير، وفي الآية إثبات لصفة اليد لله تعالى على ما يليق به سبحانه ،

نعم إخوة الإيمان إنها حقائق راسخة ، وبراهين دامغة ، يوقن بها المؤمنون في كل زمان ومكان ، تملأ قلوبهم رجاء في الله ، وثقة في الله ، وحسن ظن بالله ، حقائق تقرع أسماعنا ليل نهار ، فما للقلوب قد غفلت ، وما للأبصار قد زاغت ، وما للظنون قد انحرفت ، آيات تزلزل الجبال الراسيات :
- قل إن الأمر كله لله ،
- بل لله الأمر جميعا ،
- لله الأمر من قبل ومن بعد ،
- وإليه يرجع الأمر كله ،
- وإلى الله ترجع الأمور ،
- يدبر الأمر ،
- ألا له الخلق والأمر ، َبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }الأعراف54 )

* خبر هام من جزر القمر

في أواخر عام 1991م رصدت أجهزة البراكين والزلازل أن بركاناً سينفجر في دولة ( جزر القمر) يوم كذا , و سارع العلماء والصحفيون , و المصورون من أنحاء العالم لمراقبة هذا الحادث وتصويره وتسجيله ، و من بين هؤلاء العلماء فريق من المهندسين الفرنسيين , فلما وصلوا إلى جزر القمر سمعوا أصواتاً , فسألوا عن مصدر هذه الأصوات ، فقالوا : هذه أصوات المسلمين في مساجدهم ، قال رئيس المهندسين : ماذا يفعلون ؟ قالوا : إنهم يدعون ويتضرعون إلى ربهم أن يدفع عنهم هذا البركان فلا ينفجر، فقال : و هل يمكن أن ينصرف هذا البركان المتحقق الوقوع بهذا الكلام ؟ أحضروا لي هؤلاء المسلمين ، فقال لهم : إن البركان سينفجر في ساعة كذا من يوم كذا كما رصدت الأجهزة ذلك , و كما صورت الغليان تحت القشرة الأرضية في اتجاهه إلي أعلى الذي لا يمكن أن يتراجع قط ، فقال المسلمون : لكننا نؤمن أن الأرض لله , و السماء لله , و الكون لله , فالخلق خلقه , و الأمر أمره , و الحكم حكمه , و القضاء قضاؤه , فلا يكون شيء في كونه إلا بأمره , و لا يحدث شيء في كونه إلا بإذنه , فإن شاء انفجر البركان , و إن لم يشأ لم ينفجر ، فقال : افعلوا ما بدا لكم , وإن لم ينفجر البركان دخلت معكم في دينكم ، فذهب المسلمون إلي مساجدهم يهرعون إلي ربهم بالتضرع و الدعاء راجين منه – سبحانه - أن يدفع عنهم هذا البلاء , و ألا يخزيهم أمام هذا الرجل المنكر الجاحد ، وجاءت ساعة الصفر, و الجميع في انتظار الانفجار من المصورين والصحفيين والأقمار الصناعية أرسلت أشعتها للتصوير, ولكن المفاجأة الكبرى ، أن البركان لم ينفجر ومضى الوقت المحدد ولم ينفجر, ومر يوم و يومان و ثلاثة ولم ينفجر البركان بقدرة من يقول للشيء كن فيكون , فأعلن المهندس إسلامه و شهد ( أن لا إلـــــــه إلا اللــــــه و أن محمـــــد رســــول اللــــــه ) (9)

أيها الإخوة الأحباب :

هكذا علمنا القرآن ، وعلمنا الإسلام ، وعلمنا خير الأنام ، جملة من الحقائق التي لا يصح إيمان المرء إلا باعتقادها ، وتصديقها ، وعقد القلب عليها :
أن الذي يدبر الأمر هو الله ، وليس لأي قوة على وجه الأرض من الأمر شيئا ، بل إن الله تعالى قال ذلك لخير خلق الله تعالى محمد بن عبد الله فقال له : {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ }( آل عمران : 128 ) ،
أن الذي إليه يرجع الأمر كله هو الله ،
أن الذي يملك مقاليد الأمور هو الله ، {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }( الزمر : 63 ) ،

ولذلك فلا أمل ولا رجاء إلا فيه سبحانه ،
يارب ما أقرب منك الفرجا
أنت الرجا وإليك الملتجا
يارب نشكو لك أمرا مزعجا
ابهم ليل الخطب فيه ودجا
يارب فاجعل لنا منه مخرجا

أيها الإخوة الأحباب :

في هذه اللحظات العصيبة التي تمر بها أمتنا اليوم ، أعلم أن كل واحد منا يخشى على هذا البلد مما يمكن أن ينجر إليه مما لا تحمد عقباه في وسط هذا الإنقسام الذي نعيشه اليوم ، أعلم أن كل واحد منا يضع يده على قلبه ، ويتطلع إلى لحظة يجتمع فيها شمل أبناء هذا الوطن على كلمة سواء ونرجوا أن يكون ذلك قريبا ، إننا على يقين من أن كل ما يحدث إنما هو بقدر الله وإرادته ، والقاعدة القرآنية واضحة جلية : {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }( التوبة : 51 ) ، نعم لن يصيبنا إلا ما قدَّره الله علينا وكتبه في اللوح المحفوظ, هو ناصرنا على أعدائنا, وعلى الله , وحده فليعتمد المؤمنون به ،
وختاما فإننا نرفع أكف الضراعة إلى الله جل في علاه ، أن يحفظ مصر وأهلها ، وأن يرد الشاردين من أبنائها إلى رشدهم وصوابهم ، وأن يجمع شمل المصريين على كلمة سواء ، تحقن بها الدماء البريئة ، وتجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وهو ولي ذلك والقادر عليه ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ،
إنتهت بحمد الله ،

الهوامش والإحالات :
===========
(1) - من الأمور التي يجدر بنا إيضاحها ونحن نتكلم عن القدر وإرادة الله ومشيئته ، أن العلماء بينوا أن إرادة الله ـ عز وجل ـ على قسمين :
ـ إرادة كونية قدرية : وهي مرادفة للمشيئة ، وهذه الإرادة لا يخرج عن مرادها شيء ؛ فالكافر والمسلم تحت هذه الإرادة الكونية سواء ؛ فالطاعات ، والمعاصي ، كلها بمشيئة الرب ، وإرادته ، ومن أمثلتها قوله ـ تعالى ـ : {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ } (الرعد : 11 ) ، وقوله : {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ } ( الأنعام : 125 ) ،
ـ إرادة شرعية دينية : وتتضمن محبة الرب ، ورضاه ، ومن أمثلتها قوله تعالى : {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} ( البقرة : 185 ) ، وقوله : {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ } ( النساء : 27 ) ، وقوله {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ } ( المائدة : 6 ) ، .
وبين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية فروق تميز كل واحدة منهما عن الأخرى ، ومن تلك الفروق ما يلي :
- الإرادة الكونية قد يحبها الله ويرضاها ، وقد لا يحبها ولا يرضاها أما الشرعية فيحبها الله ويرضاها ؛ فالكونية مرادفة للمشيئة ، والشرعية مرادفة للمحبة .
- الإرادة الكونية قد تكون مقصودة لغيرها كخلق ابليس مثلاً ، وسائر الشرور ؛ لتحصل بسببها محاب كثيرة كالتوبة ، والمجاهدة ، والاستغفار .
أما الشرعية فمقصودة لذاتها ؛ فالله أراد الطاعة وأحبها ، وشرعها ورضيها لذاتها .
- الإرادة الكونية لابد من وقوعها ؛ فالله إذا شاء شيئاً وقع ولا بد ، كإحياء أحد أو إماتته ، أو غير ذلك .
أما الشرعية كالإسلام ـ مثلاً ـ فلا يلزم وقوعها ، فقد تقع وقد لا تقع ، ولو كان لابد من وقوعها لأصبح الناس كلهم مسلمين .
- الإرادة الكونية متعلقة بربوبية الله وخلقه ، أما الشرعية فمتعلقة بألوهيته وشرعه.
- الإرادتان تجتمعان في حق المطيع ، فالذي أدى الصلاة ـ مثلاً ـ جمع بينهما ؛ وذلك لأن الصلاة محبوبة لله ، وقد أمر بها ورضيها وأحبها ، فهي شريعة من هذا الوجه ، وكونها وقعت دل على أن الله أرادها كوناً فهي كونية من هذا الوجه ؛ فمن هنا اجتمعت الإرادتان في حق المطيع .
وتنفرد الكونية في مثل كفر الكافر ، ومعصية العاصي ، فكونها وقعت فهذا يدل على أن الله شاءها ؛ لأنه لا يقع شيء الإ بمشيئته ، وكونها غير محبوبة ولا مرضية لله دليل على انها كونية لا شرعية
وتنفرد الشرعية في مثل إيمان الكافر ، وطاعة العاصي ، فكونها محبوبة الله فهي شرعية ، وكونها لم تقع ـ مع أمر الله بها ومحبته لها ـ هذا دليل على أنها شرعية فحسب ؛ إذ هي مرادة محبوبة لم تقع .
- الإرادة الكونية أعم من جهة تعلقها بما لا يحبه الله ولا يرضاه ، من الكفر والمعاصي ، وأخص من جهة أنها لا تتعلق بمثل إيمان الكافر ، وطاعة الفاسق .
والإرادة الشرعية أعم من جهة تعلقها بكل مأمور به ، واقعاً كان أم غير واقع ، واخص من جهة أن الواقع بالإرادة الكونية قد يكون غير مأمور به .
هذه فوارق بين الإرادتين ، فمن عرف الفرق بينهما سلم من شبهات كثيرة ، زلت بها أقدام ، وضلت بها أفهام ، فمن نظر إلى الأعمال الصادرة عن العباد بهاتين العينين كان بصيراً ومن نظر إلى الشرع دون القدر أو العكس كان أعور ، أنظر : - علي بن نايف الشحود ( جمع وإعداد ) : " موسوعة الرد على المذاهب الفكرية المعاصرة 1-29 " ، ج34 – 169-170 ،
(2) - عبدالرحمن بن صالح المحمود : " القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة ومذاهب الناس فيه " ، دار الوطن ، ط2 ، 1418هـ ، ص ص : 83 – 85 ،
(3) - محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية أبو عبد الله : " ، تحقيق : الحساني حسن عبد الله ، دار التراث ، القاهرة ، ج2 ، ص : 189 ،
(4) - " نفس المرجع السابق " ، ج2 ، ص ص : 190 – 192
(5) – أنظر :
- عبد الرحمن بن صالح بن صالح المحمود : " موقف ابن تيمية من الأشاعرة " ، مكتبة ابن رشد ، 1415هـ - 1995هـ ، ج3 ، ص : 1310،
- شيخ الإسلام أحمد بن تيمية : " مجموع الفتاوى " ، جمع وترتيب : الشيخ عبد الرحمن بن قاسم وابنه الشيخ محمد ، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف ، المدينةالنبوية ،بدون ، 1412 هـ ، ج8 ، ص ص : 35-36 ،
(6) - محمد متولي الشعراوي : " تفسير الشعراوي " ، مطابع أخبار اليوم ، القاهرة ، ج 1 ، تفسير سورة الكهف ، الآية رقم : 2 ، ص : 41 ،
(7) - محمد راتب النابلسي : العقيدة – العقيدة الطحاوية – الدرس (05-20) : " الله قديم بلا ابتداء ودائم بلا انتهاء " ،
(8) - عن حذيفة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يجمع الله الخلق في صعيد واحد " أي يوم القيامة " فينفذهم البصر ويسمعهم الداعي ، فيقول يا محمد فأقول لبيك وسعديك والخير في يديك ، والشر ليس إليك ، وعبدك بين يديك ، وبك وإليك ، والمهدى من هديت ، ولا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، تباركت وتعاليت ، سبحانك رب البيت " ، قال حذيفة : فذلك المقام المحمود الذي يغبطه الأولون والآخرون " ( قال الألباني : صحيح ) ، أنظر : - محمد ناصر الدين الألباني : " ظلال الجنة في تخريج السنة لابن أبي عاصم " ، المكتب الإسلامي – بيروت ، ط3 ، 1413هـ - 1993م ،
(9) - عبد الرحمن السنجري : " إلى الذي يسأل أين الله " ، دار البشائر الاسلامية ، 2002م ،



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الفتن، فتنة الدين، الثورات العربية، مصر، تونس، الحركات الاسلامية، العلمانية، معاداة الاسلام،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 29-06-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  محاضرة تمهيدية حول مقرر مجالات الخدمة الاجتماعية والرعاية الاجتماعية لمرحلة الدراسات العليا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -44- الميثاق الاخلاقي للخدمة الإجتماعية Social Work Code Of Ethics
  وقفات مع سورة يوسف - 5 - المشهد الأول - رؤيا يوسف – أحد عشر كوكبا
  من روائع مالك بن نبي -1- الهدف أن نعلم الناس كيف يتحضرون
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -43- خدمة الجماعة المجتمعية : Community Group Work
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -42- مفهوم البحث المقترن بالإصلاح والفعل Action Research
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -41- مفهوم التقويم Evaluation
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -40- مفهوم التجسيد – تجسيد المشاعر Acting out
  نفحات ودروس قرآنية (7) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 7 ثمان آيات في سورة النساء ....
  نفحات ودروس قرآنية (6) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 6 ثمان آيات في سورة النساء .... أ
  من عيون التراث -1- كيف تعصى الله تعالى وانت من أنت وهو من هو من نصائح ابراهيم ابن ادهم رحمه الله
  وقفات مع سورة يوسف - 4 - أحسن القصص
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 5 ثمان آيات في سورة النساء ....
  طريقتنا في التفكير تحتاج إلى مراجعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -39 - الانتقائية النظرية في الخدمة الاجتماعية Eclecticism
  قرأت لك - 1 - من روائع الإمام الشافعي
  نماذج من الرعاية الاجتماعية في الإسلام – إنصاف المظلوم
  وقفات مع سورة يوسف - 3 - قرآنا عربيا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -38- مفهوم التقدير في التدخل المهني للخدمة الاجتماعية Assessment
  الشبكات الاجتماعية Social Network
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 4 ثمان آيات في سورة النساء ....
  وقفات مع سورة يوسف - 2 - تلك آيات الكتاب المبين - فضل القرآن الكريم
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -36- مفهوم جماعة النشاط Activity Group
  رؤية تحليلية مختصرة حول الإطار النظري للخدمة الاجتماعية (9)
  وقفات مع سورة يوسف - 1 - مع مطلع سورة يوسف " الر " والحروف المقطعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -35- مفهوم الهندسة الاجتماعية Social Engineering
  نفحات قرآنية ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة المحمدية 3 ثمان آيات في سورة النساء ....
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -34- مفهوم التثاقف – او المثاقفة - التثقف Acculturation
  من عجائب القران – نماذج وضاءة لجماليات الأخلاق القرآنية
  من عجائب القرآن الكريم والقرآن كله عجائب –1- الأمر بالعدل والندب إلى الاحسان والفضل في مجال المعاملات

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
كريم فارق، محمد الطرابلسي، عبد الغني مزوز، محمد عمر غرس الله، أحمد النعيمي، ياسين أحمد، سعود السبعاني، خبَّاب بن مروان الحمد، أحمد الحباسي، عبد الله الفقير، رافد العزاوي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، رمضان حينوني، د. خالد الطراولي ، ماهر عدنان قنديل، د - عادل رضا، عبد الرزاق قيراط ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، مراد قميزة، د - شاكر الحوكي ، محمد الياسين، فتحي الزغل، العادل السمعلي، فتحي العابد، د. طارق عبد الحليم، خالد الجاف ، رحاب اسعد بيوض التميمي، رضا الدبّابي، محمود طرشوبي، محمد أحمد عزوز، الهيثم زعفان، علي الكاش، حميدة الطيلوش، أحمد بن عبد المحسن العساف ، مجدى داود، د- هاني ابوالفتوح، عمر غازي، د- محمد رحال، فوزي مسعود ، نادية سعد، صباح الموسوي ، أنس الشابي، د - محمد بن موسى الشريف ، سامح لطف الله، صلاح الحريري، المولدي الفرجاني، صالح النعامي ، د- محمود علي عريقات، سلوى المغربي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - المنجي الكعبي، أبو سمية، رشيد السيد أحمد، عراق المطيري، د - محمد بنيعيش، د. صلاح عودة الله ، د- جابر قميحة، عمار غيلوفي، منجي باكير، د. أحمد بشير، إياد محمود حسين ، إيمى الأشقر، محمود سلطان، د - مصطفى فهمي، د - صالح المازقي، محمد اسعد بيوض التميمي، د. مصطفى يوسف اللداوي، مصطفي زهران، علي عبد العال، وائل بنجدو، د. عبد الآله المالكي، يحيي البوليني، سامر أبو رمان ، إسراء أبو رمان، سلام الشماع، حسني إبراهيم عبد العظيم، مصطفى منيغ، سيد السباعي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صفاء العربي، الهادي المثلوثي، أحمد بوادي، حسن عثمان، محمد يحي، محمد العيادي، حسن الطرابلسي، عبد الله زيدان، كريم السليتي، الناصر الرقيق، سليمان أحمد أبو ستة، صلاح المختار، أحمد ملحم، فهمي شراب، تونسي، رافع القارصي، د.محمد فتحي عبد العال، أ.د. مصطفى رجب، محمد شمام ، عواطف منصور، د - الضاوي خوالدية، محرر "بوابتي"، يزيد بن الحسين، سفيان عبد الكافي، د. عادل محمد عايش الأسطل، حاتم الصولي، صفاء العراقي، د. أحمد محمد سليمان، طلال قسومي، ضحى عبد الرحمن، فتحـي قاره بيبـان، عزيز العرباوي، جاسم الرصيف، محمود فاروق سيد شعبان، أشرف إبراهيم حجاج،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة