البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

جمر الفتنة بين مصر وغزة

كاتب المقال د. مصطفى يوسف اللداوي - بيروت    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4341 moustafa.leddawi@gmail.com


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


تزداد الأزمة بين مصر وقطاع غزة يوماً بعد آخر، فلا ينقضي يومٌ دون تصريحاتٍ ومقالاتٍ تحريضية، غصت بها الصحف، وعمت مختلف الفضائيات، تزيد كلها في عمق الأزمة بين الطرفين، وتنفخ في جمر الفتنة، وتحاول أن تسعر نارها بجهالةٍ بين الشعبين، مما يثير الاستغراب والتساؤل، من المستفيد من هذه الأزمة، ومن الذي يتولى كبرها، وينفخ في كيرها، وهل هي أزمةٌ حقيقية، أم أنها محاولة من أطراف الأزمة السياسية المصرية للاستفادة من ورقة قطاع غزة، وسيطرة حركة حماس عليه، لإضعافِ فريقٍ في مصر لصالح آخر، واتهامه بالانشغال بدعم الفلسطينيين على حساب المصالح المصرية، رغم أن حجم الأضرار التي لحقت بسكان قطاع غزة في ظل القيادة المصرية الجديدة، أكثر بكثير من تلك التي مني بها في ظل الحكم المصري البائد، ولكن سكان قطاع غزة تفهموا الظروف، واستوعبوا الأزمة، وعضوا على جرحهم، ومنوا أنفسهم بانتهاء الأزمة المصرية، لأن في استقرار مصر رخاء غزة، وفي أمن مصر نعيم سكانها.

تكاد تكون هذه الأزمة هي الأخطر والأشد التي تواجه الفلسطينيين عموماً وسكان قطاع غزة على وجه الخصوص، بل لعلها تتجاوز في أخطارها وتداعياتها جريمة اغتيال الكاتب المصري يوسف السباعي في قبرص في العام 1977، مما يوجب على العقلاء من أبناء الشعبين، من المسؤولين والمثقفين، ومن كل صاحب رأي ومشورة، أن يساهم في إطفاء نار الفتنة، وإنهاء هذه الأزمة، ووقف الحملات التحريضية التي تضر بمصالح الأمة، وتعود بالنفع فقط على الاحتلال الإسرائيلي ومن والاه، الذي يستفيد من الاختلاف، ويفرح لما أصاب العلاقة بين الشعبين من تدهورٍ وتراجع، ولا أعتقد أن هناك ما يجب أن يشغل المسؤولين عن هذه الأزمة، فلها الأولوية المطلقة، ولمواجهتها ينبغي تسخير كل الجهود والأوقات والطاقات.

مخطئ من ظن من المصريين أن سكان غزة يرومون بشعب مصر شراً، أو يتطلعون إلى إيذائها وإلحاق الضرر بها، أو أنهم يقدرون على الإساءة إليها، أو التشويش عليها، فمصر أكبر من أن تنال منها جهودٌ تخريبية، أو تلحق بها مجموعاتٌ أو أفرادٌ إساءاتٍ أو اضطرابات، فهي بثورتها مستقرة، وبرجالها قوية، وبأهلها عزيزة، وهي وإن كانت اليوم جريحة أو مشغولةً بهمومها، إلا أنها تبقى قادرة على مواجهة كل الخطوب الخارجية وتحديها أياً كانت مصادرها أو مرتكبوها.

ومجرمٌ من ظن واعتقد من الفلسطينيين أن مقاومتهم تمر عبر الأزمة المصرية، وأن نجاح المقاومة يشترط فقدان مصر لأمنها، واختلاط الأمور فيها، وضياع استقرارها، واضطراب قيادتها واختلاف أهلها، فالمقاومة بخير ما بقيت مصر قوية وقادرة ومستقرة، تقف إلى جانب المقاومة وتساندها، وتدافع عنها وتعززها، وتدعم صمود أهلها وتكون عوناً لهم، فالأمة العربية بخير ما كنت مصر عزيزة، وهي كريمة ما كانت مصر قوية، وهي مهابة ما كانت مصر مستقرة، والمقاومة في خطر إن ابتعدت عنها مصر وتخلت عنها، أو انشغلت بهموها ومشاكلها عنها، ولم تعد قادرة على نصرتها.

تقف إسرائيل فرحةً سعيدة وهي ترى الثورة المصرية في مواجهةٍ مع المقاومة الفلسطينية، وهي الثورة التي قامت لأجل فلسطين وأهلها، ونصرةً لغزة وسكانها، ولا تخفي إسرائيل سعادتها لهذه النتيجة التي آلت إليها العلاقة بين الشعبين، وهي مطمئنة إلى الجهود القذرة التي تبذل، والأقلام المأجورة التي تعمل، والمساعي الخبيثة التي تبذل، فهي وإن غابت عن الفعل والتآمر المباشر، فإنها أوكلت إلى عملائها من الطرفين، ليقوموا بما عجزت هي عن فعله، ليباعدوا بين الشعبين، ويزيدوا في حجم الهوة بينهما، ويسعروا الفتنة نار الفتنة المقيتة، فكل قلمٍ كتب، ولسانٍ ذكر، وفضائية نشرت، بما يعقد الأزمة ويحول دون تطويقها، إنما لبى أماني العدو وحقق رغباته، ووضع نفسه موضع الشبهة والتهمة، وهو بما يقوم به إنما يتآمر على الأمة ومقدراتها، ويخون المقاومة وأهلها، ولا يخدم بخوفه أو قلقه مصالح شعبه وأهداف أمته، بل يشمت العدو ويسعده، ويرضي المتآمرين ويثلج صدورهم، ويطمئنهم على ما فقدوه من أنظمةٍ وعملاء جراء الثورات العربية.

أما إن كان هناك مخطئون أو مجرمون، ممن يتعمدون الإساءة إلى الشعبين، والإضرار بمصالح الأمة، بقصدٍ أو بحسن نية، ولكنهم باجتهادهم يسببون الفتنة، ويلحقون الضرر بمصر وأهلها، أو يسيئون إلى المقاومة وأهلها، فينبغي محاسبتهم، والضرب عليهم بأيدٍ من حديد، وألا تأخذنا بهم رأفةٌ أو شفقة، إذ هم إما جهلاء سفهاء، لا يفهمون ولا يقدرون، ولا عقل عندهم ولا رشد فيهم، أو أنهم عملاء مأجورين، ومتآمرين خائنين، ينفذون ما يطلبه العدو ويتمناه، فيكونون هم وإياه سواء في عدائهم للأمة.

قد لا تكفي التصريحات والمؤتمرات الصحفية، ولا تفي بالغرض محاولات التبرئة والتنصل من الجرائم المنسوبة، ولا يجدي حسن النية والاعتماد على وعي الشعبين وإرادة الأمة لتجاوز الأزمة، إنما يجب أولاً على القيادة الفلسطينية أن تتفرغ لإنهاء المشكلة، والاجتماع مع القيادات المصرية على أعلى المستويات، السياسية والأمنية والعسكرية، لتسوية المشاكل العالقة، ووقف أبواق الفتنة، وإشاعة علاقات المودة والمحبة بين الشعبين كما كانت، وكما ينبغي أن تكون، ولا ينبغي أن يشغلها عن هذا الواجب شئ، فهو الفرض والمقدم، والواجب الأهم، إذ لا مصلحة للفلسطينيين في فقدان مصر لأمنها، ولا في حرج قيادتها، ولا نفع يعود عليهم جراء تدخلهم في الأزمة المصرية لصالح فريقٍ ضد آخر، فالله الله يا عقلاء مصر، ويا حكماء أرض الكنانة، فلتعجلوا في وأد الفتنة، وردم الهوة، وتطمين الأمة، وكشف ما أصابها من غمة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

مصر، غزة، فلسطين، حماس، الحدود بين مصر وغزة، قطاع غزة، التهريب عبر قطاع غزة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 15-03-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  يومٌ في الناقورة على تخوم الوطن
  فرنسا تضيق الخناق على الكيان الصهيوني
  ليبرمان يعرج في مشيته ويتعثر في سياسته
  يهودا غيليك في الأقصى والكنيست من جديد
  عيد ميلاد هدار جولدن وأعياد الميلاد الفلسطينية
  ليبرمان يقيد المقيد ويكبل المكبل
  سبعون عاماً مدعاةٌ لليأس أم أملٌ بالنصر
  ويلٌ لأمةٍ تقتلُ أطفالها وتفرط في مستقبل أجيالها
  سلاح الأنفاق سيفٌ بتارٌ بحدين قاتلين
  دلائل إدانة الأطفال ومبررات محاكمتهم
  طبول حربٍ إسرائيلية جديدة أم رسائلٌ خاصة وتلميحاتٌ ذكية
  سياسة الأجهزة الأمنية الفلسطينية حكيمةٌ أم عميلةٌ
  العلم الإسرئيلي يرتفع ونجمة داوود تحلق
  نصرةً للجبهة الشعبية في وجه سلطانٍ جائر
  طوبى لآل مهند الحلبي في الدنيا والآخرة
  تفانين إسرائيلية مجنونة لوأد الانتفاضة
  عبد الفتاح الشريف الشهيد الشاهد
  عرب يهاجرون ويهودٌ يفدون
  إيلي كوهين قبرٌ خالي وقلبٌ باكي ورفاتٌ مفقودٌ
  إرهاب بروكسل والمقاومة الفلسطينية
  المساخر اليهودية معاناة فلسطينية
  الدوابشة من جديد
  المهام السرية لوحدة الكوماندوز الإسرائيلية
  المنطقة "أ" إعادة انتشار أم فرض انسحاب
  إعلان الحرب على "فلسطين اليوم" و"الأقصى"
  عظم الله أجر الأمريكيين وغمق لفقيدهم
  الثلاثاء الأبيض وثلاثية القدس ويافا وتل أبيب
  الهِبةُ الإيرانية والحاجةُ الفلسطينية
  هل انتهت الانتفاضة الفلسطينية ؟
  سبعة أيامٍ فلسطينيةٍ في تونس

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عمر غازي، محمد العيادي، خبَّاب بن مروان الحمد، أحمد ملحم، عزيز العرباوي، محمد يحي، كريم السليتي، صفاء العراقي، فتحـي قاره بيبـان، صفاء العربي، عمار غيلوفي، ضحى عبد الرحمن، أبو سمية، ياسين أحمد، سامح لطف الله، سعود السبعاني، د - محمد بن موسى الشريف ، د - المنجي الكعبي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د- محمد رحال، وائل بنجدو، حسن الطرابلسي، علي عبد العال، طلال قسومي، أحمد بوادي، محمود سلطان، سفيان عبد الكافي، عواطف منصور، حاتم الصولي، د. عادل محمد عايش الأسطل، محرر "بوابتي"، جاسم الرصيف، سيد السباعي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عبد الغني مزوز، الهادي المثلوثي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، الهيثم زعفان، د. طارق عبد الحليم، د. عبد الآله المالكي، أحمد النعيمي، سليمان أحمد أبو ستة، منجي باكير، فتحي العابد، إيمى الأشقر، سلوى المغربي، إياد محمود حسين ، د- هاني ابوالفتوح، فهمي شراب، صالح النعامي ، رمضان حينوني، رافع القارصي، رافد العزاوي، د.محمد فتحي عبد العال، رحاب اسعد بيوض التميمي، أ.د. مصطفى رجب، د - صالح المازقي، سلام الشماع، أحمد الحباسي، مصطفى منيغ، محمد شمام ، خالد الجاف ، د. خالد الطراولي ، د- محمود علي عريقات، د. صلاح عودة الله ، عبد الرزاق قيراط ، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد أحمد عزوز، د. أحمد بشير، مراد قميزة، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صلاح المختار، محمود طرشوبي، د - الضاوي خوالدية، فوزي مسعود ، مصطفي زهران، العادل السمعلي، المولدي الفرجاني، يزيد بن الحسين، د. أحمد محمد سليمان، محمد عمر غرس الله، الناصر الرقيق، تونسي، محمد الياسين، د- جابر قميحة، صلاح الحريري، رشيد السيد أحمد، عبد الله زيدان، سامر أبو رمان ، أشرف إبراهيم حجاج، د - محمد بنيعيش، نادية سعد، ماهر عدنان قنديل، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، يحيي البوليني، مجدى داود، د - مصطفى فهمي، صباح الموسوي ، فتحي الزغل، عراق المطيري، كريم فارق، حميدة الطيلوش، علي الكاش، رضا الدبّابي، إسراء أبو رمان، محمد الطرابلسي، د. مصطفى يوسف اللداوي، د - شاكر الحوكي ، محمود فاروق سيد شعبان، حسن عثمان، عبد الله الفقير، أنس الشابي، د - عادل رضا،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة