البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

صيدلية القرآن – ما شاء الله لا قوة إلا بالله (5-2)

كاتب المقال د. أحمد يوسف محمد بشير - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5419


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


الحمد لله رب العالمين ،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله ، وصفيه من خلقه وحبيبه ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،
أما بعــــــد :
أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل في السر والعلانية ،

أيها الإخوة الأحباب :
ونستكمل اليوم من الحديث ما انقطع مع مثل من الأمثال التي ضربها لنا القرآن الكريم للستفادة مما تحمله من دروس وعبر ، قال تعالى : { ......وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }( إبراهيم : 25 ) ، أي ليتذكروا ويتعظوا ويعتبروا ، قال تعالى : {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ }( العنكبوت : 43 ) ، نعم فنحن مع واحدة من قصص القرآن ، الذي ما جاء إلا لحكمة بالغة ، وغاية سامية ، حيث قال الله تعالى عنه في كتابه الكريم : {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }( يوسف111 ) ،
وقال جل جلاله : {.....فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }( الأعراف : 176 ) ، لعلهم يتدبرون ، وينتفعون بما في هذا القصص من الدروس والعبر التي هم في أمس الحاجة إليها ،
نحن إذا مع قصة صاحب الجنتين ، ووقفنا في اللقاء السابق عند قوله تعالى : {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً{32} كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَراً{33} وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً{34} وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً{35} وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً{36}( الكهف ) ،

وبينا أن الآيات تتحدث عن رجلين كانت بينهما صحبة وصلة ، أحدهما كافر ابتلي بالنعمة والثروة الطائلة والجاه والعشيرة ، والآخر مؤمن ابتلي بضيق ذات اليد وتقتير الرزق ، وقلة العشيرة والأنصار ، فماذا حدث ؟

لقد جعل الله لذلك الكافر جنَّتَيْن ، والمراد بالجنّة هنا " البستان " أو "المزرعة"، أي إنه كان يملك مزرعتين ، وصفهما القرآن الكريم بقوله تعالى :{جَعَلْنَا لأحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِن أعنابٍ وحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وجَعَلْنَا بينهما زَرْعًا ، كِلتا الجنَّتَيْن آتتْ أُكُلَهَا ولم تَظْلِم منه شَيئًا وفَجَّرْنَا خلالهما نَهَرًا ، وكان لهُ ثَمَرٌ} ( الكهف: 32-34 ) ، كانتا مزرعتين من أعناب ، وكانتا "مُسوَّرَتَيْن" بأسرابِ النخل من جميع الجهات، وكان صاحبهما يزرع الزرع بين الأعناب، وقد فجَّرَ الله له نهرًا، فكان يجري بين الجنَّتَيْن (المزرعتين)، وكان صاحبهما يجني ثمارَهما، ثمار الأعناب ، وثمار النخل، وثمار الزرع ، وكان له مال وفير متنوع من الذهب والفضة والأنعام والمزارع والثمار والأغلال والمتاع ، والخلاصة أنه كان في غاية الغنى والثراء ،
وتُقدم لنا الآيات إشارة لطيفة إلى " تنسيق " الحدائق والمزارع والبساتين وجمالهما الذي يأخذ بالألباب ، فكانت المزرعتان مِن أعناب متناسقة ، وكان النخل يشكل سورًا محيطًا بهما ، وكان الزرع والخضار والبقول يزرع بين أسراب الأعناب ، وكان النهر بينهما وقنواته تجري وسطهما ، فماذا تريد " تنسيقًا هندسيًّا " أبدع وأبرع وأروع من هذا التنسيق الزراعي فيهما؟ ثروة عظيمة ، وجمال يأخذ بالألباب ، وهكذا عطاء رب الأرباب ، فماذا حدث ؟
أُعجِبَ الرجلُ الكافر بجنَّتيه ، وافتخرَ بمزرعتَيْه ، واعتزَّ بهما ، وشعر بالكبر والغرور يملأ عليه جوانح نفسه ، فرأي نفسه أهلا لهذا التميز ، وشعر بالتعالى على صاحبه الفقير ، وظن المسكين أنه من طينة غير طينة صاحبه فقال : { أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا } ، غرور ، كبر ، جحود ، استعلاء ، افتتان بالمال والعشيرة ، فالمال فتنة ، والعشيرة فتنة ، آه من فتنة المال ،
إنه يتعالى على صاحبه الفقير ، لم يرعى صلة ولا صحبة
أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ، إياك أن تظن أننا متساويان ، أو أنه لا فرق بيني وبينك ، من أنت ، وماذا تملك مما أملك ،
ألا ترى مع من تتحدث ،
أنا أكثر منك مالا ، وأعز نفرا ، أنا الأفضل ، أنا الأغنى ، أنا الأعلى ، أنا الأسمى ، أما أنت فلا مال ولا عشيرة ، ولا قبيلة ولا عصبية ،
قال هذا لصاحبه تعاليا وغرورا وكبرا مع أن صاحبه لم يطلب منه شيئا ، ولم يقل له شيئا ، وإنما هو الغرور والتعالي ،
كأنه يقول له ابتداء : اعرف انت بتكلم مين ، كل واحد بعرف حجمه ،
إن الكافر الغني صاحب الثروة والعز والجاه يتباهى على صاحبه بما أعطاه الله تعالى من النعم والثراء ، هو يتطاول ويستعلي بماله وثروته ، ونسي المنعم المتفضل عليه بكل ما بين يديه من المال ، وهذا حال الإنسان عندما تستبد به الغفلة ، وينسى فضل الله عليه ، ويحسب أنه حصل الثروة والمال بذكائه وفطنته ، تماما مثلما فعل قارون الذي قص الله علينا قصته مع المال ، عندما اغتر بماله وثروته ، قال تعالى : {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ{76} وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ{77} قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ{78}( القصص ) ، نعم أيها الإخوة الأحباب إنها فتنة المال وقانا الله وإياكم شرها ، قال تعالى : {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى ، أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى ، إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى }العلق6
فالإنسان إذا شعر أنه اغتنى إذا أبطره الغنى فإنه يتجاوز حدود الله عز وجل فيغتر ويتكبر ويتجبر , وينسى كل طاغية أن المصير إلى الله تعالى ،
وهكذا كانت كلمات الغني لصاحبه الفقير تنضح بالكبر والغرور والاستعلاء والبطر وهي كلمات من جنس ما نسمعه اليوم من كثير ممن أنعم الله عليهم بالمال والثروات الطائلة ، أنا أكثر منك مالا ونفرا ، المال معروف ، والنفر هم العشيرة والبطانة والجوقة وماسحي الجوخ الذين يلتفون حول كل صاحب مال أو سلطان يزينون له الباطل ويوهمونه بما ليس فيه طمعا فيما عنده من المال ، وهكذا أكثر الناس في كل زمان ومكان ، يسارعون خلف الدرهم والدينار ، ويلتفون حول أصحاب الثروات ، لا ترى الغني يمشي وحده أبدا ، هكذا أغلب الناس ، وهكذا الحياة ، وهكذا الدنيا ، وصدق من قال :
رأيت الناس قد مالوا **إلى من عنده مال
ومن لا عنده مال *** فعنه الناس قد مالوا
رأيت الناس قد ذهبوا ** إلى من عنده ذهب
ومن لا عنده ذهب ** فعته الناس قد ذهبوا
رأيت الناس منفضة ** إلى من عنده فضة
ومن لا عنده فضة ** فعنه الناس منفضة
لا إله إلا الله ، إنه تجسيد حي لواقع الناس اليوم ، واقع نعيشه ونلمسه ونعاني منه ، قاتل الله المال إن لم يكن سبيلا إلى مرضاة الله عز وجل ، فهو نكبة على صاحبه ، ونقمة على من يبتلى به ، نسأل الله السلامة ،
أكثر الناس – إلا من رحم الله - يعظمون الأغنياء ، ويتملقون الأثرياء ، حتى وإن كانوا يعلمون أنهم لا ينفعونهم بشيء كما قال ابن دريد في المقصورة :
عبيد ذي المال إن لم يطمعوا*** من ماله في شربة تروي الصدى
وقال آخر :
إن الغني إذا تكلم بالخطأ ***قالوا أصبت وصدقوا ما قالا
وإذا الفقير أصاب قالوا كلهم*** أخطأت يا هذا وقلت ضلالا
إن الدراهم في الأماكن كلها ***تكسوا الرجال مهابة وجمالا
فهي اللسان لمن أراد فصاحة ***هي السلاح لمن أراد قتالا

وقال ثالث :
يمشي الفقير وكل شيء ضده ***والناس تغلق دونه أبوابها
وتراه ممقوتاً وليس بمذنب ***يرى العداوة لا يرى أسبابها
حتى الكلاب إذا رأت ذا غنية *** أصغت إليه وحركت أذنابها
وإذا رأت يوماً فقيراً ماشياً *** نبحت عليه وكشرت أنيابها
لا إله إلا الله ،

ونعود إلى صاحب الجنتين إذ يقول لصاحبه : أنا أكثر منك مالا ونفرا !!! توهم المسكين أن التفاضل بين الناس إنما يكون بالمال والعزوة وكثرة الأنصار ، ونسي قول الله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }( الحجرات : 13 ) ، نعم إن أكرمكم عند الله ، وأفضلكم في ميزان الإسلام أكثركم خشية لله ومراقبة له ، وأتقاكم لله عز وجل ، لم يقل أكرمكم أغناكم ، أو أعلمكم ، أو أكثركم جاها ، أو سلطانا ، أو أفضلكم نسبا وحسبا ، إن ميزان التفاضل بين الناس في الإسلام إنما هو شيء واحد فقط تقوى الله والعمل الصالح ، ولذلك جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أنا أتقاكم لله ، و أعلمكم بحدود الله " ( قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 583 ) ،
أما صاحب الجنتين فظن أن سر التمييز والتفاضل بين الناس إنما يكون في كثرة المال والعشيرة فقال لصاحبه : " أنا أكثر منك مالا ونفرا " ، ثم ماذا ؟
قال تعالى : " ودخل جنته وهو ظالم لنفسه " قال بعض أهل التفسير : أخذ بيد أخيه المؤمن يطيف به فيها ويريه إياها ، تماديا في العجب والكبر والتطاول والاستعلاء ، طاف به يريه ما فيها من أنواع الزروع والثمار ، وهو في ذلك كله ظالم لنفسه ولكمه لا يدري ، قالوا دخلها حال كونه ظالما لنفسه بكفره وغروره ، مكذب بالبعث بطر بنعمة الله عليه ، ولا شك أن من أدخل نفسه النار بكفره فهو ظالم لنفسه ، ولكن لماذا أفرد الجنة وهما جنتان لا جنة واحدة ؟ قالوا : وإنما أفرد الجنة هنا ( ودخل جنته ) بينما القصة تتحدث عن جنتين لأن الدخول إنما يكون لإحداها ، لأنه أول ما يدخل إنما يدخل إحداهما قبل أن ينتقل منها إلى الأخرى ، فما دخل إلا إحدى الجنتين ،
إن صاحب الجنتين غره الشيطان فاغتر (1) ، وخدعه فانخدع ، ووسوس له فاستمع لوسوسته ، واتبع خطواته ، فاغتر المسكين لما رأى فيها من الزرع والثمار والأشجار والأنهار، وتوهم أنه ملك الدنيا وما فيها ، وتوهم أنها خالدة باقية لا تفنى ولا تبيد ، ولا تنتهي ولا تهلك ، وهذا هو الوهم الثاني من سلسلة الأوهام التي وقع فيها وسيطرت عليه ، ولذلك لما نظر إلى جنتيه استبد به الغرور : " ودخل جنته وهو ظالم لنفسه ، قال : { مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا } ، نظر المسكين إلى جنته فلما رأى من حسنها ونضارتها وجمالها وتنسيقها ؟ صاح يقول لصاحبه لا أعتقد أن هذه الجنة يمكن أن تذهب وتهلك وتفنى أبدا ، قالوا : والظن بمعنى : الإعتقاد ، وإذا انتفى الظن بذلك ثبت الظن بضده ، أي بقاء الجنة وخلودها ، والإشارة في قوله ( هذه ) إلى الجنة التي هما فيها ، أي لا أعتقد أنها تنتقض وتضمحل وتفنى ، والأبَد : مراد منه طول المدة ، أي هي باقية بقاء أمثالها لا يعتريها ما يبيدها ، وهذا اغترار منه بغناه ، واغترار بما لتلك الجنة من وثوق الشجر وقوته وثبوته واجتماع أسباب نمائه ودوامه وما حولَه ، من مياه وظلال وارفة وجمال بديع ، فأنكر فناء الدار ، ونسي المسكين قول الله تعالى : {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ }( الرحمن26 – 27 ) ، وقوله تعالى : {وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }( القصص : 88 ) ،
ما في الحياة بقاء ** ما في الحياة ثبوت
نبني البيوت وحتما ** تنهار تلك البيوت
تموت كل البرايا ** سبحان من لا يموت

ونأتي إلى الوهم الثالث الذي وقع فيه هذا الكافر حيث قال : { وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً } ، أي لا أحسب البعث كائنا ، ولا القيامة قائمة ، ولا الساعة آتية ، فأنكر البعث والقيامة وكفر باليوم الآخر ، قال ابن عاشور في تفسيره : " وانتقل من الإخبار عن اعتقاده دوامَ تلك الجنة ، إلى الإخبار عن اعتقاده بنفي قيام الساعة ، ولا تلازم بين المعتقَدَيْن ، ولكنه أراد التورك على صاحبه المؤمن تخطئة إياه ، ولذلك عقب ذلك بقوله : { ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً } ، تهكماً بصاحبه . وقرينة التهكم قوله : { وما أظن الساعة قائمة } وهذا كقول العاصي بن وائل السهمي لخباب بن الأرت رضي الله عنه { ليكونن لي مال هنالك فأقضيكَ دينك منه } ، وأكد كلامه بلام القسم ونون التوكيد بقوله : ( لأجدن ) مبالغة في التهكم . (2) ، وهذا هو الوهم الرابع الذي وقع فيه وهو قوله : { وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنقَلَبًا } ، أي وعلى افتراض أن هناك بعث وقيامة – على حد زعمك - فكما أعطاني الله هذه النعم في الدنيا ، فسيعطيني أفضل منها في الآخرة لكرامتي عليه ، وهو معنى قوله : {لأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً} ، وفي قراءة : { لأجدن خيرا منهما } على التثنية ، وإنما قال ذلك لما دعاه أخوه إلى الإيمان بالحشر والنشر ، (3) وكأنه المسكين قد أخذ عهدا على الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ،
وقوله: {مُنْقَلَباً} أي مرجعاً وعاقبة ، كما أعطاني هذا في الدنيا سيعطيني أفضل منه في الآخرة ، ومدار هذا الطمع الذي لا أساس له ، واليمين الفاجرة التي أكد بها زعمه ، إعتقاده أن الله تعالى إنما أولاه ما أولاه في الدنيا ، لاستحقاقه لذاتِهِ ، وكرامته عليه ، ولم يَدْرِ المسكين الغافل أن ذلك محض استدراج من الله له من حيث لا يعلم ،
قال صاحب أضواء البيان (4) : " وما تضمنته هذه الآية الكريمة: من جهل الكفار واغترارهم بمتاع الحياة الدنيا، وظنهم أن الآخرة كالدنيا ينعم عليهم فيها أيضاً بالمال والولد ، كما أنعم عليهم في الدنيا ـ جاء مبيناً في آيات أخر، كقوله تعالى : في سورة فصلت : {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى} ( فصلت : 50 ) ، وقوله سبحانه في سورة مريم : {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً} ( مريم : 77 ) ، وقوله جل جلاله في سورة سبأ : {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} ( سبإ : 35 ) ، وقوله تعالى هنا {فَقَالَ لَصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَاْ أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً} ،
وبين جل وعلا كذبهم واغترارهم فيما ادعوه : من أنهم يجدون نعمة الله في الآخرة كما أنعم عليهم بها في الدنيا في مواضع كثيرة ، كقوله تعالى : {يَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ} ( المؤمنون : 55 – 56 ) ، وقوله تعالى : {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ وَأُمْلِى لَهُمْ إِنَّ كَيْدِى مَتِينٌ} ( القلم : 44-45 ) ، وقوله عز وجل : {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} ( آل عمران : 178 ) ، وقوله تعالى : {مَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى...}الآية ( سبأ : 37 ) ، وقوله تعالى: {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} ( المسد : 2 ) ، إلى غير ذلك من الآيات.
الهوامش والإحالات :
============
(1) - الغرور لغة : الخداع، والباطل، وإظهار النفع فيما فيه الضرر، قال ابن عرفة: الغرور ما رأيت له ظاهرًا تحبه وله باطن مكروه ، قال تعالى : { وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا } ، وهذا إخبار عن الواقع، فإن الشيطان يعد أولياءه ويمنيهم بأنهم هم الفائزون في الدنيا والآخرة ، وأخبر تعالى عن عمله مع آدم وحواء، فقال: { وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ } ،
(2) - الشيخ محمد الطاهر بن عاشور : " التحرير والتنوير " ، الطبعة التونسية ، دار سحنون للنشر والتوزيع - تونس - 1997 م ، ج15 ، ص : 320 ،
(3) – نفس المرجع السابق ،
(4) - محمد الأمين الشنقيطي : " أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن " ، الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ، الرياض ، 1983م ، ج19 ، ص : 158 ،


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تأملات في القرآن، التفويض الى الله،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 14-03-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  محاضرة تمهيدية حول مقرر مجالات الخدمة الاجتماعية والرعاية الاجتماعية لمرحلة الدراسات العليا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -44- الميثاق الاخلاقي للخدمة الإجتماعية Social Work Code Of Ethics
  وقفات مع سورة يوسف - 5 - المشهد الأول - رؤيا يوسف – أحد عشر كوكبا
  من روائع مالك بن نبي -1- الهدف أن نعلم الناس كيف يتحضرون
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -43- خدمة الجماعة المجتمعية : Community Group Work
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -42- مفهوم البحث المقترن بالإصلاح والفعل Action Research
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -41- مفهوم التقويم Evaluation
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -40- مفهوم التجسيد – تجسيد المشاعر Acting out
  نفحات ودروس قرآنية (7) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 7 ثمان آيات في سورة النساء ....
  نفحات ودروس قرآنية (6) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 6 ثمان آيات في سورة النساء .... أ
  من عيون التراث -1- كيف تعصى الله تعالى وانت من أنت وهو من هو من نصائح ابراهيم ابن ادهم رحمه الله
  وقفات مع سورة يوسف - 4 - أحسن القصص
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 5 ثمان آيات في سورة النساء ....
  طريقتنا في التفكير تحتاج إلى مراجعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -39 - الانتقائية النظرية في الخدمة الاجتماعية Eclecticism
  قرأت لك - 1 - من روائع الإمام الشافعي
  نماذج من الرعاية الاجتماعية في الإسلام – إنصاف المظلوم
  وقفات مع سورة يوسف - 3 - قرآنا عربيا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -38- مفهوم التقدير في التدخل المهني للخدمة الاجتماعية Assessment
  الشبكات الاجتماعية Social Network
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 4 ثمان آيات في سورة النساء ....
  وقفات مع سورة يوسف - 2 - تلك آيات الكتاب المبين - فضل القرآن الكريم
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -36- مفهوم جماعة النشاط Activity Group
  رؤية تحليلية مختصرة حول الإطار النظري للخدمة الاجتماعية (9)
  وقفات مع سورة يوسف - 1 - مع مطلع سورة يوسف " الر " والحروف المقطعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -35- مفهوم الهندسة الاجتماعية Social Engineering
  نفحات قرآنية ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة المحمدية 3 ثمان آيات في سورة النساء ....
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -34- مفهوم التثاقف – او المثاقفة - التثقف Acculturation
  من عجائب القران – نماذج وضاءة لجماليات الأخلاق القرآنية
  من عجائب القرآن الكريم والقرآن كله عجائب –1- الأمر بالعدل والندب إلى الاحسان والفضل في مجال المعاملات

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الرزاق قيراط ، د - شاكر الحوكي ، سلام الشماع، المولدي الفرجاني، سامح لطف الله، صلاح الحريري، نادية سعد، فتحي العابد، صفاء العراقي، د. أحمد محمد سليمان، إسراء أبو رمان، أ.د. مصطفى رجب، رمضان حينوني، جاسم الرصيف، أحمد الحباسي، د.محمد فتحي عبد العال، مراد قميزة، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمود سلطان، فتحي الزغل، محمد يحي، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. صلاح عودة الله ، أحمد ملحم، تونسي، كريم فارق، صلاح المختار، د- محمد رحال، كريم السليتي، رافع القارصي، الهادي المثلوثي، خالد الجاف ، وائل بنجدو، صالح النعامي ، عبد الغني مزوز، يحيي البوليني، عبد الله زيدان، د - محمد بنيعيش، محمد عمر غرس الله، محمد الياسين، مصطفي زهران، محمد شمام ، حسن عثمان، العادل السمعلي، مجدى داود، سامر أبو رمان ، ضحى عبد الرحمن، إياد محمود حسين ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد العيادي، أحمد النعيمي، علي عبد العال، د- محمود علي عريقات، د - الضاوي خوالدية، حسن الطرابلسي، عزيز العرباوي، خبَّاب بن مروان الحمد، عمار غيلوفي، أبو سمية، مصطفى منيغ، ماهر عدنان قنديل، حاتم الصولي، فتحـي قاره بيبـان، د - عادل رضا، منجي باكير، يزيد بن الحسين، علي الكاش، عبد الله الفقير، سليمان أحمد أبو ستة، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عمر غازي، د. خالد الطراولي ، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. طارق عبد الحليم، د. عبد الآله المالكي، ياسين أحمد، الهيثم زعفان، محمود فاروق سيد شعبان، د- هاني ابوالفتوح، أشرف إبراهيم حجاج، د- جابر قميحة، إيمى الأشقر، صفاء العربي، محمود طرشوبي، محمد أحمد عزوز، فهمي شراب، فوزي مسعود ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، سفيان عبد الكافي، د - صالح المازقي، طلال قسومي، رشيد السيد أحمد، د - مصطفى فهمي، عواطف منصور، سيد السباعي، عراق المطيري، سعود السبعاني، محمد الطرابلسي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رافد العزاوي، الناصر الرقيق، د - المنجي الكعبي، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محرر "بوابتي"، أحمد بوادي، د - محمد بن موسى الشريف ، صباح الموسوي ، حميدة الطيلوش، رضا الدبّابي، محمد اسعد بيوض التميمي، أنس الشابي، د. أحمد بشير، سلوى المغربي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة