(316) ملاحظات حول خطة بحث بعنوان دور مؤسسة بنك الطعام فى الحد من مشكلة الفقر فى المجتمع
د - أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6122
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
وفقا لقاعدة :" الحسن يظهره الضد"، ومن باب الارتقاء بالخطط البحثية لطلابنا، ليسمح لى الأساتذة الأفاضل بعقد مقارنة بين الخطة البحثية المعروضة أمامنا الآن، ورسالة ماجستير نوقشت فى كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة "ولاية كاليفورنيا " لباحثة إسمها "أليسون لومير" Alison Le Meur ، فى صيف 2011، فى نفس تخصص الخدمة الاجتماعية، وفى نفس مجال المشكلة البحثية وهو "بنك الطعام"، لعل الباحثة تستفيد منها فى تطوير خطتها.
أول ما يلفت الانتباه فى عنوان رسالة "لومير" هو أن أساتذة الخدمة الاجتماعية فى الولايات المتحدة لا يسيرون على نفس النهج الذى ننتهجه مع باحثينا . نحن نشترط على الباحثين عدم تضمين عنوان الرسالة المجال المكانى الذى سيجرى عليه البحث لاحتمال حدوث تطورات تتطلب تغيير هذا المكان، ولصعوبة تغيير العنوان من قبل إدارة الجامعة، ونشترط عليهم أيضا ضرورة بيان المتغير المستقل والمتغير التابع بالعنوان. الملاحظ فى رسالة "لومير" أن الأساتذة الأمريكيين لا يشترطون هذين الشرطين . فعنوان الرسالة هو :
" انعدام الأمن الغذائى فى منطقة "ساكرامنتو" : المستفيدون من خدمات بنك الطعام فى " ساكرامنتو":رسالة ماجستير فى الخدمة الاجتماعية .
SACRAMENTO’S FOOD INSECURE: WHO IS UTILIZING SACRAMENTO’S FOOD BANK EMERGENCY FOOD SERVICES
الملاحظة الثانية على رسالة "لومير" أن عدد صفحاتها مائة صفحة بالضبط وهى مكملة لمقتضيات الحصول على درجة الماجستير.
أما أهم الفروق بين خطة "الباحثة المصرية " ورسالة "لومير" فتكمن فى الآتى
أولا: المجال التطبيقى لخطة الباحثة المصرية هو : جمعية أهلية تابعة لبنك الطعام المصرى تقدم العديد من الخدمات مثل : تشغيل الخريجين والمساعدة على الزواج وإقامة مشروعات حرفية ومراكز تدريب مهنى، فى حين أن "لومير" أجرت دراستها على مؤسسة من مؤسسات بنك الطعام مهمتها الأولى تحقيق الأمن الغذائى . وتتسق هذه المهمة مع التعريفات المقررة لبنك الطعام وهى أنه تنظيم غير ربحى يعمل كخزانة لتلقى ما يقدمه المحسنون وجماعات المجتمع المحلى من مساعدات لإطعام الجوعى. هذا يعنى أن الباحثة الأمريكية ركزت على خدمات الأمن الغذائى دون غيرها من الخدمات فى المؤسسة التى اختارتها .
ثانيا : المجال العام الذى تنتمى إليه المشكلة البحثية فى خطة “الباحثة المصرية” هو"الفقر" وهو مجال واسع ومتشعب وله نظرياته الخاصة به، فى حين حددت الباحثة الأمريكية هذا المجال فى "الجوع " الذى نظرت إليه على أنه ظاهرة ومشكلة اجتماعية ناتجة عن عدم تحقيق العدالة الاجتماعية وأنه يرجع إلى عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية، ويمثل خللا فى عمق البناء الاجتماعى، وأنه انتهاك مباشر لحقوق الانسان الأساسية.
ثالثا : ركزت “الباحثة المصرية” اهتمامها على مثلث الواقع والمعوقات ومقترحات تفعيل مؤسسة بنك الطعام، فى حين ابتعدت "لومير" عن ذلك كله،واقتصرت فى تساؤلاتها على ما يلى :
من هم المستفيدون من خدمات البنك ؟
ماهى الأسباب التى تدفعهم إلى الذهاب إلى بنك الطعام؟
درجة رضاء المستفيدين عن هذه الخدمات ؟
ماهى الخدمات الأخرى التى تقدم للمستفيدين غير الغذاء؟
رابعا : المنطلق النظرى الباحثة المصربة هو "نظرية المنظمات"، فى حين أن النظرية التى انطلقت منها "لومير" هى نظرية "الأنساق" . الاختلاف بين الباحثتين يكمن فى أن الباحثة المصرية اقتصرت على شرح طبيعة وأهمية وعناصر وخصائص المنظمات، فى حين أن "لومير" شرحت بالتحديد أهمية استخدامها لنظرية "الأنساق" فى مشكلتها البحثية . وبينت كيف أن قوة نظرية الأنساق تكمن فى أنها تعترف بأن البيئة يمكن أن تؤثر فى البناء التنظيمى للبنك، وفى وظيفته. ولهذا اعتنت الباحثة الأمريكية بإعطاء شرح تفصيلى للحالة الاجتماعية والاقتصادية للبيئة المحيطة بمؤسسة بنك الطعام، وبينت كيف أن هذه البيئة تعانى من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة والاعتداء على الأطفال والإهمال والانحراف والضياع،كما اعتنت أيضا بتوضيح المشاكل المختلفة التى يعانى منها المستفيدون،كما أوضحت كيف أن نظرية الأنساق تسمح بدراسة خصائص المستفيدين، وهذا مالم تعره الباحثة المصرية انتباهها.
خامسا : الدراسات السابقة التى رجعت إليها "لومير" ترتبط جميعها بالمشكلة البحثية ومحصورة فى مجال الأمن الغذائى، والتشريعات الخاصة بمحاربة انعدام الأمن الغذائى، والعدالة فى توزيع ال-
غذاء، وكيف يؤثر انعدام الأمن الغذائى على السكان الذى يعيشون فى مناطق ذات مستوى اجتماعى واقتصادى متدن، كما ناقشت الباحثة الدراسات التى تدور حول برامج المساعدة الغذائية التى تقدمها الدولة والقطاع الخاص،وعرضت للإحصائيات التى تعطى صورة عن الأمن الغذائى وانعدامه على مستوى الدولة، فى حين كانت معظم الدراسات السابقة لـ”الباحثة المصرية” مركزة على الجمعيات الأهلية والمجتمع المدنى باستثناء دراستين أحدهما صورة مطابقة لدراستها عن تقويم أساليب الجمعيات الأهلية العاملة فى مشروع الحد من الفقر .
سادسا :الجديد فى رسالة " لومير" أنها وجهت نتائج الدراسة لصالح الخدمة الاجتماعية والاخصائيين الاجتماعيين وممولى برامج الغذاء على المستوى الميكرو والميزو والماكرو، فأوضحت أن الاخصائيين الاجتماعيين الذين يعملون فى البيئات ذات الدخل المنخفض يمكن أن ينتفعوا بنتائج دراستها فى اكتساب خبرة حول انعدام الأمن الغذائى مما يحقق تفاعلا أقوى مع عملائهم، كما أن تخصص الخدمة الاجتماعية ذاته يمكن أن يستفيد من نتائج دراستها المزيد من الاهتمام لقضايا الجوع وبرامج المساعدة الغذائية. وهذه القضايا لم تنوه إليها الباحثة “الباحثة المصرية” فى بيانها لأهمية دراستها .
سابعا :اختلفت الخطة عن الرسالة فى العديد من النقاط أهمها :
أ- تفاعل "لومير" مع مشكلتها البحثية :أوضحت الباحثة الأمريكية الأسباب الشخصية لاختيارها مشكلة البحث فى حين أن الباحثة المصرية أغفلت ذلك تماما. تقول "لومير :"يعود اختيارى لهذه المشكلة البحثية لخبرتى الشخصية مع الجوع، لم يكن لدى مال أو طعام فى بيتى، فاضطررت إلى أن أذهب إلى بنك الطعام، وكانت الرحلة شاقة، وكما كنت أشعر بوصمة العار بالاحتقار كنت أعتبرها تجربة تعليمية ذات جدوى"، كما فصلت الباحثة طريقة تقديم الخدمة وعدم المساواة فى توزيعها معاناة المستفيدين البدنية والنفسية والشعور باللإنسانية منذ لحظة تقديهم لطلبات الخدمة إلى لحظة الحصول عليها . ولم توضح “الباحثة المصرية” الدوافع الشخصية لتفكيرها فى هذه المشكلة البحثية.
ب- رجعت "لومير" إلى قاعدة البيانات والتقارير والدراسات التى أجريت سواء على المستوى القومى أو مستوى منطقة الدراسة لتثبت أن الذين يعانون من الجوع فى الولايات المتحدة وبالذات من الأطفال والبالغين أعدادهم بالملايين، وهذا مالم يظهر فى خطة “الباحثة المصرية” .
ج- أوضحت "لومير" أن مشكلة الجوع ليست جديدة على المستوى القومى فرجعت إلى جذور المشكلة من الناحية التاريخية، وهذا لم تنوه إليه خطة الباحثة المصرية.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: