البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

عصا مرسى

كاتب المقال السيد إبراهيم أحمد - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3711


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


ما إن تم الإعلان عن فوز الدكتور محمد مرسى بمقعد الرئاسة لجمهورية مصر العربية فى جمهوريتها الثانية حتى صفق من صفق ، وبكى من بكى ، وسارع كل من لم يعجبه الحكم بإطلاق وابل من الاتهامات ، كان معظمها من نصيب رئيس المجلس العسكرى بأنه انحاز للإخوان خوفاً من حشودهم بميدان التحرير ، التى بدأت فى حركة استباقية بالاحتفالات المبكرة بفوز مرسى ، لأنهم كانوا فى المقابل متخوفين من انحياز العسكرى لشفيق . لذا فقد جاء هذا الإعلان بالفوز ليقطع الشك باليقين ، ويعلن فى نفس الوقت براءة العسكرى من شبهة التآمر على الثورة ولو إلى حين .

أصبح المشهد لغالبية الشعب المصرى حتى لأولئك الذين لم ينتخبوا مرسى مريحاً وحاسماً ، أراح الأعصاب والأدمغة من التخمينات و الأقاويل والشكوك ؛ فالاجبار أكثر راحة أحياناً من الاختيار عند التردد ، ولكن هيهات أن يدع أنصار شفيق المشهد يمر بسلام ؛ فنزلوا ليملأوا الميدان أمام المنصة فى مدينة نصر ، مطالبين بشفيق رئيسا لمصر غير معترفين برئاسة مرسى .

ولم تهدأ تخمينات أهل العلم وما أكثرهم فى أيامنا هذه حتى بادروا بارسال حفنة منها إلى القنوات المعروفة ، والشخصيات المألوفة ، ليطلقوا الشائعات التى مفادها أن المشير طنطاوى والفريق عنان لن يؤديا التحية العسكرية للرئيس الجديد ، أو سيماطلا فى تسليم السلطة له ، ليخيب الله زعمهم هذا بانتهاء المشهد بتأدية التحية ، وتسليم السلطة .

مازال الموروث الشعبى فى الثقافة المصرية يحتفظ فى ذاكرته بسيرة أولئك الحكام الفوارس الذين حققوا للبسطاء من الشعب أحلامهم ، فهجروا عزهم وأبهتهم من أجل تحقيق أحلام الرعية ، والسهر على تطبيب آلامها ، ورد المظالم إليها ، والقصاص ممن ظلمها ، وكان آخر هؤلاء الفوارس الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والذى تصور بعضهم كونه ناصرى ، وتحلى بلقب ( المناضل) أن يأتى به الشعب رئيساً ، لكن هيهات ..هيهات .

لقد تم تتويج الدكتور محمد مرسى كأول رئيس مدنى منتخب بانتخابات نزيهة على سدة الحكم فى البلاد ، فتتعلق به قلوب وعيون قطاعات عريضة من بسطاء الشعب المصرى ،أملاً فى تحقيق أحلامها وأمانيها المؤجلة بل المدفونة كلها دفعة واحدة ، التى لم تكتف بميدان التحرير فشدت الرحال لتحاصر الرجل فى قصر إقامته الجديد ، وكأن مرسى يمسك بعصاً سحرية يستطيع بإشارة منه أن يعزف لحناً جديداً طالما اشتاقوا سماعه ، ولمَ لا ..؟! .. أليس هو المايسترو أى الحاكم ..؟ .. وما أدراكم ما معنى الحاكم فى اللاوعى الجمعى لشعوب المنطقة العربية بعامة ومصر بخاصة ، إنه الرجل الذى يصدر الأمر فيصبح واجب النفاذ ، ولا يستطيع رده كائناً من كان .

وهكذا أصبح المشهد حول قصر الرئاسة كرنفالياً احتفالياً يعج بجماهير من مختلف الجهات والطبقات والنزعات ، وتتزاحم فيه اللافتات التى تحمل مطالبات مستحقة وأخرى واجبة وفورية وضرورية وعاجلة من وجهة نظر كل مطالب ، ورأى البعض أن يقدم شكواه فى رسالة ويمضى ، بينما رأى غيرهم أن مقابلة الرئيس هو الحل الأفضل ، وفى حالة منعهم عليهم القفز من فوق السور والدخول قسراً ورأساً إلى مكتبه ، فالرجل هو الذى نطق بلسانه أبوابى مفتوحة للجميع .

لم يكد يجلس الرجل فوق كرسى الرئاسة ، حتى أعد المذيعون ميكرفوناتهم ، والمحللون أوراقهم ، وهات يا كلام : ( مرسى يقدر ) لا..لا ( مرسى مايقدرش) كلا وألف كلا ( مرسى سيصطدم بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة لا محالة) لا ..لا ( مرسى سيميل نحو الحزب والجماعة ) لا.. لا واسمعوها منى (مرسى سيصطدم بالشاطر ) .. لماذا ؟.. (لأن الشاطر لن يستريح حتى يسيطر على مؤسسة الرئاسة).

ويزيد المشهد سخونة ببلاغ يتقدم به أحد نواب مجلس الشعب إلى مكتب النائب العام عن تلقيه رسالة تهديد له بالقتل وكذلك للسيد رئيس الجمهورية المنتخب لتوه ، لتتفاعل الأصوات الناصحة بتحذير الرئيس من انقلاب قد يدبره الإخوان له إذا ما فكر مجرد تفكير فى الانقلاب عليهم ، بينما الكلام الأكيد هو صدام آتٍ فى الأفق بين المجلس العسكرى والرئيس مرسى ، ينتهى كما انتهى فى عام 1954 ذلك الصراع المحموم على تملك زمام البلاد بين ناصر والإخوان ، مع اختلاف الشرعية فى المشهد الأخير ، بينما تردد أحد الحناجر القضائية النسائية فى الفضائيات والجرائد أن على مرسى مغادرة مقعده فوراً بعد صدور الدستور الجديد للبلاد .

ولا يكاد يمر يوم حتى تخرج أصوات من أهل المشورة والخبرة والرأى تنصح الرئيس بأن يكون جاداً وصارماً وحاسماً وحاداً تجاه الرعية ، ورأى ناصح آخر يطالبه ألا يؤسس الوزارة الجديدة والمجلس الرئاسى بمبدأ التوافق ، لأن من الصعب ارضاء جميع الأطراف ، بينما يطالبه أحد المتصفين بالحيادية هامساً أن من حقه أن يأتى بالكفء من التكنوقراط أى أهل الاختصاص سواء كان انتماؤه إخوانياً أو سلفياً أو قبطياً أو ليبرالياً.. وتدخل المرأة المشهد محتجة لأنها ترى أن تعيين واحدة منهن فى منصب نائب الرئيس ليس كافياً ، ليعترض الليبراليون أيضاً على تعيين قبطى فى نفس المنصب لما فيه من إهدار لقيمة المواطنة ، لتختتم المشهد علاوة شهر يوليو السنوية للعاملين والمعاشات بالدولة والتى زادها الرجل عن العام السابق عليه فى عهد المخلوع ، ومع هذا لم يرض عنها أحد بل طالبوا برفعها إلى الضعف ، وطالبه بعضهم بالافصاح عن مصدر هذه الزيادة.

نعم .. الرئيس مرسى لايملك عصاً سحرية لتنفيذ مطالب الشعب العادية أحياناً والمتعارضة فى أحايين كثيرة ، كما أنه لا يستطيع أن يرضى جميع طوائف الشعب ، فى مثل هذا الوقت القصير ، ومع موارد الدولة المحدودة بل والمتناقصة عن ذى قبل .. فهل يركب الرئيس صهوة عناده ، ويشهر عصا الطاعة على الجميع ، بأمر القانون تارة ، وبأمر السلطة تارة أخرى ، فتخرس الألسنة التى لا تمل من رصد ومراقبة ونقد حركاته وسكناته، وهمسه وكلامه ، وما قاله وما لم يقله ، وما قاله لماذا قاله ، ولما تأخر فى قول ما لم يقله .

أما إذا ظل المشهد الهزلى هذا على ما هو عليه من شعب يتظاهر ويطالب ويحاصر القصر ، والبرامج التى تبثها الفضائيات وتتمادى فى غيها من إثارة ، وعمل شو إعلامى على حساب الرئيس باستضافة نفس الوجوه التى كره الشعب رؤيتها لكثرة ما رآها ، ثم ما يتردد من تهديد بالانقلاب عليه ، أو اغتياله ، أضف إلى ذات المشهد الضغوط الدولية التى يتحملها ، وتلويحات اسرائيل باحتلال سيناء مرة أخرى بزعم وجود رجال من نظام القاعدة فيها ، ثم سلبه بعض صلاحياته فى سطو غير مبرر من المجلس العسكرى بإعلان دستورى مكمل ، وأخيراً مجلس للشعب منحل قضائياً ، ويطالبه بالعودة للعمل تحت القبة .

أبعد كل هذا الارتباك فى المشهد الافتتاحى لتولى الرئيس محمد مرسى سدة الرئاسة ــ الذى سردنا مجمله ولم نتطرق إلى تفاصيل تفاصيله ــ ألا يدعوه إلى التفكير فى أن يؤثر السلامة ، ويحمل عصاه ليرحل غير نادم على أيام عصيبة قضاها وعائلته تحت شمس الحكم الحارقة ، فيتجه بسيارته مع أنسام المساء نحو منطقة التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة حيث يسكن ، وهو يتمتم بحمد الله على سلامته ونجاته من حكم مصر التى كان يظن أنه يعرفها ، ويعرف أهلها ، فإذا هىَّ مصر جديدة ، وشعب جديد ، فى حاجة إلى فكرٍ ثورى جديد ورشيد .


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

مصر، الثورة المصرية، محمد مرسي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 22-09-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سيد السباعي، رضا الدبّابي، أحمد النعيمي، عبد الله زيدان، أشرف إبراهيم حجاج، فتحـي قاره بيبـان، أحمد ملحم، د. عبد الآله المالكي، عبد الله الفقير، فهمي شراب، د- هاني ابوالفتوح، محمود فاروق سيد شعبان، محمد الطرابلسي، الهادي المثلوثي، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - الضاوي خوالدية، حسن الطرابلسي، د - مصطفى فهمي، صفاء العراقي، إيمى الأشقر، أحمد بن عبد المحسن العساف ، طلال قسومي، د - عادل رضا، أنس الشابي، د - صالح المازقي، فتحي العابد، صباح الموسوي ، إياد محمود حسين ، حسن عثمان، المولدي الفرجاني، مصطفي زهران، محرر "بوابتي"، وائل بنجدو، فتحي الزغل، ضحى عبد الرحمن، إسراء أبو رمان، صلاح المختار، د. طارق عبد الحليم، رافد العزاوي، سفيان عبد الكافي، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد الياسين، د. ضرغام عبد الله الدباغ، جاسم الرصيف، د - محمد بنيعيش، عمر غازي، محمد العيادي، علي الكاش، سلام الشماع، العادل السمعلي، صالح النعامي ، د- جابر قميحة، ماهر عدنان قنديل، كريم فارق، أحمد الحباسي، أ.د. مصطفى رجب، د. مصطفى يوسف اللداوي، أبو سمية، فوزي مسعود ، محمد يحي، عواطف منصور، د- محمد رحال، صفاء العربي، رشيد السيد أحمد، د.محمد فتحي عبد العال، حاتم الصولي، محمود سلطان، مراد قميزة، عمار غيلوفي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سامح لطف الله، ياسين أحمد، خالد الجاف ، سعود السبعاني، د- محمود علي عريقات، أحمد بوادي، تونسي، حميدة الطيلوش، يحيي البوليني، يزيد بن الحسين، عبد الرزاق قيراط ، الناصر الرقيق، رافع القارصي، عراق المطيري، عبد الغني مزوز، صلاح الحريري، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. صلاح عودة الله ، منجي باكير، محمد عمر غرس الله، خبَّاب بن مروان الحمد، د - شاكر الحوكي ، د. أحمد بشير، حسني إبراهيم عبد العظيم، مجدى داود، نادية سعد، رمضان حينوني، محمد أحمد عزوز، د - المنجي الكعبي، محمود طرشوبي، الهيثم زعفان، د - محمد بن موسى الشريف ، سامر أبو رمان ، د. أحمد محمد سليمان، عزيز العرباوي، د. خالد الطراولي ، علي عبد العال، محمد شمام ، سليمان أحمد أبو ستة، مصطفى منيغ، كريم السليتي، سلوى المغربي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. كاظم عبد الحسين عباس ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة