البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

بنية النظام و أركانه المتشبثة بالحكم

كاتب المقال وائل بنجدو - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 9266


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


كانت اللحظة التي أضرم فيها الشاب "البوعزيزي" النار في جسده إعلانا عن بداية النهاية لنظام سياسي و اقتصادي لطالما كانت رائحة الفساد و الاستبداد اللتان تفوحان منه تزكمان الأنوف. و منذ فترة شهد المدّ الثّوري تراجعا و تحولت الثورة من وضعية الهجوم إلى وضعية الدفاع نتيجة المحاولات المتعدّدة للمسار الثوري.
- فكيف يقع الإلتفاف على ثورتنا؟
- و كيف السبيل لإستعادة الزّخم الثوري و حماية الثورة؟

لم يكن "بن علي" يمارس السلطة بمفرده فرغم كلّ الصّلاحيات اللاّمتناهية التي تمتع بها إلاّ أنّه كان يمثل الجزء البارز من جبل الجليد الذي جثم على صدور التونسيين على مدى عقود. أمّا الجزء الذي يوجد تحت الماء فلا يزال قائما رغم الشقوق التي أصابته.
كانت السلطة في تونس بيد "كارتيل حاكم" تشكّل عبر تحالف بين مجموعة من مصاصي الدّماء، أول عناصر هذا التحالف جسّده بن علي و أقرباؤه و أصهاره في ما أصبح يسمى بـ "الأسرة الحاكمة". و بات من الصّعب التمييز ما إذا كنا نعيش في نظام ملكي أم جمهوري حيث كان صهر الرئيس و زوجة الرئيس و ابن أخ الرئيس (...) يعتبرون البلاد مزرعة ورثوها في جدّهم في غياب تام لمؤسسات الرقابة.
و أصبحنا لا نكاد نعرف اسم وزير الخارجية في حين نحفظ كلّ أسماء أقارب الرئيس!

أنشأت "الأسرة الحاكمة"، في إطار تكديسها للثروة، علاقات حميمية بكبار رجال الأعمال و أمّنت لهم التسهيلات و مكّنتهم من تقلّد عديد المناصب السياسية المهمة. يقول عزمي بشارة عن هذه الفئة التي تمتعت بالقرب الاجتماعي و الجهوي من النظام السياسي و الأمني: "فئات البورجوازية الجديدة المستفيدة من الخصخصة و البرامج الليبرالية / التسلطيّة أصبحت أكثر تصالحا مع الاستبداد السياسي و شكّلت عنصرا جديدا في قاعدة النظام السياسي".

هذا التزواج بين السلطة و المال الذي ميّز النظام الاستبدادي كان يتطلب إيجاد جهاز أمني قوي يحمي هذا التحالف و يثبت دعائم الحكم.
فقد أدرك قادة إنقلاب 7 نوفمبر منذ اليوم الأوّل أن وجودهم على سدّة الحكم غير شرعي لذلك حاولوا أن يؤمّنواحكمهم من خلال الجهاز الأمني حتّى يجنبّهم التآمر الدّاخلي و الخارجي و كلّ محاولات إضعاف النّظام.
أصبح الجهاز الأمني بمثابة الذراع العسكرية بيد الأسرة الحاكمة و رجال الأعمال الفاسدين و نشأت داخل وزارة الداخلية تتصارع في ما بينها و تصارع النّاس. تغول هذا الجهاز و لم يتوقف عند حماية النظام و مصالح رؤوس الأموال بل تجاوز ذلك لتتحوّل وزارة الداخلية مطبخا للقرار السياسي. و تؤكد بعض التسريبات أن إقالة وزير الداخلية السابق فرحات الراجحي- الذي حاول تطهير وزارة الداخلية- كان بقرار من بعض القادة الأمنيين المتنفذين داخل الوزارة.

تقاسمت العناصر المكوّنة لهذا "الكارتيل الحاكم" (الأسرة الحاكمة + رؤوس الأموال + الجهاز الأمني) المغانم التي يمتصّونها من دم الشعب المسكين.
لا يمكن لهؤلاء الفاسدين التسليم في شبكة المصالح- التي اقاموها على مدى سنوات- بين عشية وضحاها. و إذا كان قيام نظام ديمقراطي يؤدي إلى إنشاء مؤسسات مراقبة وإلى تساوي الجميع أمام القانون فإنه بذلك يمثل تهديدا لمصالحهم . و هو في إعتقادي السبب الذي يقف وراء محاولات إنتاج النظام القديم بصيغ جديدة و يجعل هذا التحالف قائدا للثورة المضادة يدير العملية السياسية من وراء الستار (وهنا أوكد على وجود حكومة ظلّ) و في كثير من الأحيان من أمامه و بدون خجل.

كان النظام الديكتاتوري يبدو متماسكا و تبدو "ميكانيزماته" مترابطة و تسير على أحسن ما يرام بحيث يصعب اختراقه. إلا أن هاته المقولة سرعان ما انهارت أمام إرادة الشعب الثائر الذي أكد صحّة كلام الفيلسوفة الألمانية "هانا أرندت": "إنّ خاصية الدكتاتورية أن كل شيء فيها يبدو على ما يرام إلى حدّ الربع الأخير من الساعة الأخيرة".

كان النظام في تونس على شكل هرم مقلوب حين سقط رأسه تداعى كل الهرم إلى السقوط و على الثوار مواصلة النضال حتى يتفكك هذا الهرم و لا يعيد إنتاج رأس جديد.
رغم كل المؤشرات التي تؤكد أن نظام بن علي لم يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد، فإنه بات من المسلّم أن الناس لا يمكن أن تقبل بعد اليوم بالعيش في نفس الظروف البائسة التي عانوا منها على مرّ السنين.


إن الإيمان المتجدّد بالقدرة على التغيير و تسرّب المبادئ الثورية من حرية و كرامة و عدالة اجتماعية إلى قلوب كل واحد منا هي وحدها الكفيلة بحماية الثورة من محاولات الالتفاف. و كما يقول ماوتسي تونغ: "إنّ الشعب، و الشعب وحده هو القوة المحرّكة في خلق تاريخ العالم".


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة المضادة، الثورة التونسية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 28-07-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  فوضى الإعلام التونسي
  تونس : الإنتخابات ليست حلاًّ
  عن مواجهة الإرهاب
  رؤوس أقلام
  لحظة الإنحياز
  حملة إنتخابية
  الحرب على غزة : الأسباب، النتائج و الدروس
  الوقوف أمام محكمة الشعب
  شرعية "يقين"
  أهداف العدوان الإمبريالي ضد سوريا
   لنلتفت إلى الأرياف
  بن جعفر : الصهيوني الوقح
  لتسقط كل الدمى: ردا على مقال د.سالم الأبيض "طبقة الدمى السياسية"
  حول الإنتخابات المصرية
  "الإتحاد العام لطلبة تونس الممثل الشرعي و الوحيد"
  واقعيّة حمص
  فلسطين والارتماء في أحضان الأمم المتحدة
  "استفتاء الخداع"
   السّبسي... كش مات!
  بنية النظام و أركانه المتشبثة بالحكم
  رفض التطبيع من أهداف الثورة التونسية

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. طارق عبد الحليم، د - صالح المازقي، سلام الشماع، عبد الغني مزوز، سعود السبعاني، د. أحمد بشير، عزيز العرباوي، أنس الشابي، صلاح المختار، د. صلاح عودة الله ، نادية سعد، رافد العزاوي، ياسين أحمد، محرر "بوابتي"، طلال قسومي، أشرف إبراهيم حجاج، علي الكاش، صفاء العربي، د. خالد الطراولي ، د. أحمد محمد سليمان، وائل بنجدو، منجي باكير، صفاء العراقي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، رافع القارصي، يحيي البوليني، فتحي الزغل، عراق المطيري، الهادي المثلوثي، د.محمد فتحي عبد العال، أبو سمية، رحاب اسعد بيوض التميمي، عبد الله زيدان، علي عبد العال، رضا الدبّابي، فوزي مسعود ، رشيد السيد أحمد، محمد يحي، عمر غازي، د. عبد الآله المالكي، محمود سلطان، سليمان أحمد أبو ستة، مراد قميزة، مصطفي زهران، إسراء أبو رمان، أحمد ملحم، مصطفى منيغ، إياد محمود حسين ، جاسم الرصيف، د - مصطفى فهمي، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، حسن عثمان، محمد شمام ، د- محمد رحال، خالد الجاف ، عبد الله الفقير، حسني إبراهيم عبد العظيم، حميدة الطيلوش، سامر أبو رمان ، عواطف منصور، أحمد بوادي، حسن الطرابلسي، د - المنجي الكعبي، د- محمود علي عريقات، فهمي شراب، سلوى المغربي، كريم السليتي، د - الضاوي خوالدية، د. مصطفى يوسف اللداوي، مجدى داود، أ.د. مصطفى رجب، سيد السباعي، د - عادل رضا، صلاح الحريري، أحمد النعيمي، حاتم الصولي، عمار غيلوفي، المولدي الفرجاني، يزيد بن الحسين، محمد الياسين، محمد اسعد بيوض التميمي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد عمر غرس الله، الهيثم زعفان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، سفيان عبد الكافي، محمود طرشوبي، فتحـي قاره بيبـان، تونسي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، العادل السمعلي، د- جابر قميحة، إيمى الأشقر، د - شاكر الحوكي ، سامح لطف الله، ماهر عدنان قنديل، د- هاني ابوالفتوح، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد الطرابلسي، د - محمد بنيعيش، الناصر الرقيق، رمضان حينوني، عبد الرزاق قيراط ، محمد العيادي، ضحى عبد الرحمن، محمود فاروق سيد شعبان، أحمد الحباسي، كريم فارق، صباح الموسوي ، خبَّاب بن مروان الحمد، فتحي العابد، محمد أحمد عزوز، صالح النعامي ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة