البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

المرأة الداعية والإيجابية المنشودة

كاتب المقال فاطمة عبد الرؤوف   
 المشاهدات: 5836



إذا كان لكل عصر من العصور سماته وقضاياه، فإن الكثير من قضايا العصر الحديث مرتبطة بالمرأة؛ فالحديث لا يتوقف ولا يهدأ عن تحرر النساء وحقوقهن السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وعن إزالة كافة أشكال التمييز عنهن، وكثر الحديث عن المرأة في التاريخ وعند الفلاسفة، والمرأة بين علم النفس وعلم الاجتماع.

بل ظهرت فلسفة حديثة أُطلق عليها الفلسفة النسوية أو الأنثوية، أخذت على عاتقها أن ترى الوجود كله بعيون الأنثى، حتى العلوم الطبيعية أخذت نصيبها من هذه الفلسفة، حتى القرآن الكريم وجدنا من تتبجح وتخضعه لتلك الفلسفة كما فعلت آمنة ودود مثلًا في كتابها المعنون بـ"القرآن والمرأة .. إعادة قراءة النص القرآني من منظور نسائي".

ومن هنا، لا نبالغ إذ نقول: إن العبء الذي يثقل كاهل المرأة أصبح مضاعفًا، وأخص بالذكر: المرأة الداعية، التي أصبحت في مواجهة مفتوحة مع تيارات متنوعة الاتجاهات والمشارب، لكنها جميعًا تقف في خندق واحد ضد المرأة ذات التوجه الإسلامي.
"
الصمت لم يعد ممكنًا"، هذا ما ينبغي أن يكون شعار المرأة الداعية، أو تلك المؤهلة للدعوة في الفترة القادمة؛ فلقد تعين عليها أن تخوض هذه المعركة بنفسها، فلم يبق غيرها على هذا الثغر، ولتتذكر قول الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ...} [التوبة: 71].

فإذا كانت المرأة المسلمة على مدار التاريخ الإسلامي كله مكلفة بالدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلا أن المستجدات التي حدثت مؤخرًا على ساحة الفكر العالمي ـ بصورة غير مسبوقة ـ جعلت المرأة المسلمة المعاصرة في سابقة تاريخية ليس لها نظير، فقبل بزوغ عهد النبوة لم تكن المرأة في شبه الجزيرة العربية ولا في بلاد فارس أو بلاد الروم أو مصر ذات حضور وأهمية من أي نوع، فكانت القناعة لدى الجميع ـ والمرأة في مقدمتهم ـ أن النساء لا يتساوين من الناحية الإنسانية مع الرجال.

ويعلم جميع دارسي الحضارات القديمة أن ألوانًا بشعة من الظلم والانتهاكات وقعت بحق النساء، دون أن يحركن ساكنًا لرفع هذا الظلم والجبروت الواقع عليهن حتى نزل الوحي الإلهي على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ليبدأ عهد جديد للنساء، {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35].

ويستشعر النساء ما لهن من قيمة، حتى نجد من ترفض الزوج الذي يفرضه عليها أبوها، وعندما يترك لها الرسول صلى الله عليه وسلم الخيار في إتمام هذا الزواج أو رفضه تفصح عن السبب الحقيقي؛ وهو إعلام النساء بحقوقهن الأصيلة في اختيار الزوج وعدم إجبارهن على ما يكرهن.

ونجد النساء وقد انتبهن عندما يصعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنبر ويقول: (يا أيها الناس ...)، فهن من الناس؛ أي إن جميع الخطاب القرآني والنبوي يخصهن عدا ما جاءت القرينة لتشير أنه خاص بالرجال فحسب.

وبينما كان ذلك الرقي صبغة للحضارة الإسلامية، كانت أوضاع النساء في باقي الحضارات كما هي في دياجير الظلام، وظلت الأوضاع هكذا، حتى تذبذبت مكانة المرأة في المجتمع الإسلامي نفسه وفقًا لموجات من الصعود والهبوط الحضاري التي مر بها.

ومع بداية العصر الحديث ـ الأوروبي بالطبع ـ ومع قيام الثورة الصناعية والحاجة للمزيد من الأيدي العاملة، ومع حروب عالمية استهلكت البشر كما استهلكت البيئة، كان التدشين لعصر جديد للنساء يدخلن فيه آلة العمل بقوانينها الجبارة، وكان لابد من قيام أفكار وفلسفات جديدة لخدمة هذا التوجه؛ فكانت حرية المرأة، وحرية الجسد، والبحث عن دور جديد للنساء، و...إلخ.

ومع دخول النصف الثاني من القرن العشرين؛ دخلت قضايا المرأة في طور جديد هو طور الفلسفة النسوية المتطرفة، فلم يعد البحث عن حقوق المرأة المهدرة وعن صيغة أكثر عدالة في علاقتها بالرجل، ولكن أصبح العالم كله يتم النظر إليه من منظور أنثوي ضيق، كبديل للمنظور الإنساني الرحب، وأصبح الحديث: أنه آن الأوان أن تحل الأفكار النسوية محل الأفكار الذكورية والأبوية التقليدية النمطية، لأن الأنثى هي الأصل، وغير ذلك من ترهات النسوة اللاتي يخضن حربًا أو بالأحرى يفتعلن حربًا مع الرجال دون أي اعتبارات للقيم الخلقية الرفيعة، التي يرين أنها قيود وضعها الرجال من أجل تكبيل الإناث.

الكارثة الحقيقية أن هذه الترهات تم تدشينها في وثائق دولية نافذة، وتأخذ طريقها إلى القوانين المعمول بها في الدول الإسلامية، والأسوء من ذلك كله أنها تأخذ طريقها إلى عقول بناتنا ونسائنا من خلال دعاية إعلامية مكثفة وأعمال درامية مؤثرة تخاطب المشاعر والعواطف من جهة، وتلقي الشبهات في العقول من جهة أخرى، وتستغل بعض الوقائع المؤسفة التي تحدث في بيئات منعزلة عن الدين؛ ليكتمل مثلث الحصار الذي تواجهه المسلمة المعاصرة، فأين نساؤنا الداعيات من هذا كله؟ وما هي الخطة المنظمة الدقيقة لمواجهة هذا المد النسوي الذي يحتمي بمظلة النظام العالمي الجديد؟

لابد للداعية المسلمة من طاقة إيجابية تستمدها من دينها العظيم للعمل على العديد من المحاور، فلابد من وجود الداعية المفكرة الملمة بالتيارات الفلسفية والسياسية الموجودة على الساحة، وفي الوقت ذاته المتعمقة في فهم قضايا دينها للرد الفكري على الشبهات المثارة، ولابد من وجود الداعية الحركية المتخصصة في دعوة فئة معينة وطبقة خاصة من النساء، فالخطاب الدعوي لفئة المتعلمات المثقفات يختلف عن لغة الخطاب الموجه للسيدات البسيطات واللاتي لم يحظين بقدر من التعليم، والخطاب للطبقة الثرية يختلف عن الخطاب الموجه للطبقة المهمشة الفقيرة.
ولابد من الداعية المتخصصة في التخطيط والتي تعد البرامج التربوية المختلفة للقطاعات المتنوعة، وتلك التي تمتلك مهارات النقد الذاتي والقدرة على تصحيح المسارات.

لا أعني من كل ما سبق أنني أستبعد جهود الدعاة الرجال ومساندتهم وخططهم، ولكن أعني أنه آن أوان عمل المرأة الداعية لسد ثغرة هي أعلم بخباياها وأقدر على مواجهتها بعون وتوفيق من الله عز وجل.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

المرأة، الأسلمة، تغريب، الأسرة، المرأة الداعية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 10-05-2011   http://www.shareah.com موقع لواء الشريعة

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد بن عبد المحسن العساف ، أشرف إبراهيم حجاج، أحمد الحباسي، د - شاكر الحوكي ، عراق المطيري، محمود سلطان، سفيان عبد الكافي، عمار غيلوفي، د- هاني ابوالفتوح، د- جابر قميحة، صالح النعامي ، محمد الياسين، فوزي مسعود ، علي الكاش، عبد الله زيدان، أبو سمية، منجي باكير، رمضان حينوني، سامر أبو رمان ، د - مصطفى فهمي، فهمي شراب، خالد الجاف ، علي عبد العال، صباح الموسوي ، المولدي الفرجاني، د. خالد الطراولي ، د. عادل محمد عايش الأسطل، عواطف منصور، حسن عثمان، محمد الطرابلسي، حسن الطرابلسي، ماهر عدنان قنديل، سلام الشماع، أحمد ملحم، أحمد بوادي، د.محمد فتحي عبد العال، صفاء العربي، د - صالح المازقي، د. طارق عبد الحليم، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سيد السباعي، الهادي المثلوثي، محمد شمام ، الهيثم زعفان، محرر "بوابتي"، د. أحمد بشير، عزيز العرباوي، نادية سعد، د. ضرغام عبد الله الدباغ، طلال قسومي، أحمد النعيمي، محمد العيادي، خبَّاب بن مروان الحمد، يزيد بن الحسين، عبد الرزاق قيراط ، مراد قميزة، د - المنجي الكعبي، رحاب اسعد بيوض التميمي، مصطفى منيغ، يحيي البوليني، مصطفي زهران، د. مصطفى يوسف اللداوي، رضا الدبّابي، كريم فارق، وائل بنجدو، عبد الله الفقير، محمد أحمد عزوز، حميدة الطيلوش، محمد عمر غرس الله، صلاح الحريري، صلاح المختار، محمود فاروق سيد شعبان، جاسم الرصيف، د. أحمد محمد سليمان، حسني إبراهيم عبد العظيم، مجدى داود، رشيد السيد أحمد، الناصر الرقيق، د - محمد بن موسى الشريف ، كريم السليتي، فتحـي قاره بيبـان، عبد الغني مزوز، محمد يحي، د- محمد رحال، سليمان أحمد أبو ستة، محمد اسعد بيوض التميمي، حاتم الصولي، سلوى المغربي، د- محمود علي عريقات، العادل السمعلي، إيمى الأشقر، رافد العزاوي، أ.د. مصطفى رجب، عمر غازي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. عبد الآله المالكي، أنس الشابي، سعود السبعاني، فتحي الزغل، محمود طرشوبي، ضحى عبد الرحمن، د - عادل رضا، د. صلاح عودة الله ، صفاء العراقي، إسراء أبو رمان، ياسين أحمد، فتحي العابد، تونسي، د - الضاوي خوالدية، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - محمد بنيعيش، رافع القارصي، إياد محمود حسين ، سامح لطف الله،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة