البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

أين اللؤلؤ؟

كاتب المقال سلام الشماع - البحرين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7968 Salam_alshamaa@yahoo.com


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


رسخ في ذهني منذ الطفولة أن اللؤلؤ بمنزلة الذهب والمعادن الثمينة والأحجار الكريمة التي لا يمتلكها الفقراء..

كانت جدتي رحمها الله تسميه (الليلو)، وكذا العراقيون جميعا، وهذه التسمية عمرها أكثر من خمسة آلاف سنة في العراق، وعندما كانت تصف جمال أسنان بنت تقول إن (سنونها جنها ليلو)، أي كأنها لؤلؤ، وروت لي أنني لم أسلم الطفح الجلدي الذي يظهر على وجوه الأطفال وأجسامهم إلا بتعليق قلادة ليلو، تمت استعارتها من عائلة ميسورة، في رقبتي لأيام.. كانوا يطببون الطفح الجلدي بهذه الطريقة التي توارثوها عن أجدادهم منذ أكثر من خمسة آلاف عام أيضاً.

والعراقيون كانوا يوصون الذاهب إلى البحرين أو القادم منها أن يجلب لهم من اللؤلؤ شيئاً، فإن الذاهب إلى ساحل اللؤلؤ، كما كان يسمى الخليج العربي، أو الآيب منه لابد أن يستطيع جلب هذا الشيء الثمين معه.

لا أريد أن أتحدث لكم عن عملية الغوص وأقدم لكم معلومات عن اللؤلؤ وأنواعه لاني سأكون كمن يبيع الماء في حارة السقائين او من ينقل تمرا الى هجر او البصرة، ولكني سأتحدث عن بغداد والعراق ككل وماذا يعني لديهم اللؤلؤ.

وعندما أقول أن علاقة أهل العراق باللؤلؤ تمتد إلى خمسة آلاف سنة فإنما استند في ذلك إلى العلاقة التاريخية التي ربطت حضارات وادي الرافدين بحضارة دلمون، وإلى ما يعتقده الباحثون المعاصرون من أن أول ذكر لرحلة الغوص كان ما ورد في ملحمة جلجامش عن زهرة الخلود، وأن المقصود بهذه الزهرة هو اللؤلؤ، مستدلين على ذلك بوصف طريقة الحصول على الزهرة من قاع البحر، وامتداد جذورها في أرضه وإن الباحث عن هذه الزهرة يستعين بحجر ثقيل لإيصاله إلى القاع... وإلى آخر ما ذهبت إليه الأسطورة..
وتدل آثار الآشوريين على احتفائهم باللؤلؤ الذي اطلقوا عليه اسم (عيون السمك)، وقد تكلم المؤرخ (بلينى) على (تايلوس) وكيف أنها كانت تشتهر باللؤلؤ.

وعلق اللؤلؤ في ذهني من الحكايات التي كانت ترويها لنا جدتي أيام الشتاء ونحن نتحلق حول الموقد الذي يقينا من البرد، ومن تلك الحكايات حكاية رجل جائع ليس في جيبه من نقود يستطيع شراء الطعام بها، عثر على كيس حرير وجد في داخله عقداً ثمينا من اللؤلؤ وحدث نفسه أن يبيعه ليشتري الطعام ولكنه وجد شيخاً في السوق ينادي: من وجد كيسا صفته كذا وكذا له ( 500 ) دينار من الذهب، فأعطى الشيخ الكيس ولم يأخذ المكافأة لأنه جعلها على الله، وبعد مدة سافر الرجل في البحر وغرقت السفينة ومات جميع من فيها إلا هو فقد تعلق بقطعة منها أوصلته إلى اليابسة حتى قذف به البحر إلى جزيرة فيها أميّون لا يقرأون ولا يكتبون، فجلس في مسجدهم وعلمهم القراءة والكتابة وطلبوا منه الزواج من فتاة يتيمة ثرية لكي يستقر في قريتهم، وعندما رآى الفتاة وجد عقد اللؤلؤ عندها وكان أبوها الشيخ قد توفي وأخبر أهل القرية بقصة العقد ثم أنجبت له المرأة ولدين ماتت وماتا وآل العقد إليه وباعه بمائة ألف دينار.

وقصص أخرى مثل هذه كانت تلهب خيالنا الطفل، لكننا كنا نسمع من كبار السن أيضاً أن اللؤلؤ يستطب به من بعض الأمراض ويستعمل في علاج الامراض الجلدية لميسوري الحال فلمسحوق اللؤلؤ مع بعض المستخلصات الحيوانية والنباتية قابلية شفائية للصدفية والاكزيما والامراض الجلدية المستعصية، ويستعمل مسحوقه ايضا في تراكيب لبعض امراض القلب او لتصفية الدم من السموم السحرية كما يستعمل في تراكيب تجميلية لازالة الاثار المستعصية الازالة في الجلد عامة وفي الوجه وفي عملية السنفرة وتبييض البشرة واعادة الشباب وازالة التجاعيد.

والمعروف المالوف لدى كبيرات السن ان ينصحن الامهات الحديثات الولادة بتعليق قطعة حلي تحوي اللؤلؤ على كتف الطفل الوليد في اول ايامه لتفادي الطفح الجلدي او الشري الذي يصيبه نتيجة تغير المحيط البيئي للطفل.
وقد ورد اسما اللؤلؤ والمرجان مقترنين في القران لانهما بحريان ويستخرجان بالطريقة والجهد نفسهما فهما مكنونان ووصف القائمون في خدمة الجنان كانهم اللؤلؤ المكنون مايدل على التباهي ببديع خلقه وعظيم صنعه.

نافست العقود المصنوعة من اللؤلؤ العقود المصنوعة من الألماس، فقد كان اللؤلؤ من مقتنيات أصحاب الثروات وأصحاب السلطان، وظل محافظا على مكانته إلى منتصف القرن الماضي، إذ طورت اليابان صناعة اللؤلؤ وجعلت زراعته بكميات كبيرة أمرا ممكنا في مزارع خاصة، وكانت النتيجة انخفاض قيمة اللؤلؤ كحجر نادر، وتحوله إلى احجار متوفرة للجميع وبأسعار متباينة حسب نوعيتها، وسرعان ما أصبح العقد الذي كان يساوي عشرة آلاف دولار يباع مثيله من لؤلؤ مزارع اليابان بمبلغ لا يزيد على مائة دولار، ومع هذه التطورات كلها ظل اللؤلؤ ثمينا في نظر الكاتب الساخر شلش العراقي الذي خاطب قيادتي حزبي الطالباني والبرزاني، قبل أيام، بعد أن ذكر لهم المثل: (اتريد لؤلؤ؟ أغطس في البحر)، بقوله: (كركوك أغلى من اللؤلؤ بس لو تغطسون بالمحيط ما تصير كردية).

وقد صدق شلش لأن كركوك ليست كردية ولا عربية ولا تركمانية.. إنها مدينة عراقية فيها ألوان العراق كلها.
وكان من سوء حظي أن يتحقق حلمي أخيرا بزيارة البحرين، بل والإقامة فيها ولكن بعد أن انهزم اللؤلؤ أمام التكنولوجيا الحديثة وانسحبت بقايا قواته لتستقر في المتاحف.

----------
نشر من قبل بجريدة البلاد البحرينية



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، البحرين، اللؤلؤ، أطفال، ذكريات،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 7-10-2009  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
حميدة الطيلوش، سلام الشماع، د - مصطفى فهمي، إيمى الأشقر، منجي باكير، خبَّاب بن مروان الحمد، ماهر عدنان قنديل، عبد الله زيدان، العادل السمعلي، صلاح الحريري، سعود السبعاني، رافع القارصي، عزيز العرباوي، أحمد النعيمي، يحيي البوليني، د. خالد الطراولي ، د - صالح المازقي، أحمد الحباسي، د - محمد بن موسى الشريف ، د. أحمد محمد سليمان، د - الضاوي خوالدية، رضا الدبّابي، حسن الطرابلسي، د.محمد فتحي عبد العال، أحمد بوادي، أبو سمية، رافد العزاوي، سفيان عبد الكافي، ضحى عبد الرحمن، حسني إبراهيم عبد العظيم، حاتم الصولي، محمد أحمد عزوز، إياد محمود حسين ، علي عبد العال، محمد العيادي، د. عادل محمد عايش الأسطل، طلال قسومي، محمد شمام ، الهيثم زعفان، المولدي الفرجاني، محمود فاروق سيد شعبان، سلوى المغربي، محمد الطرابلسي، محمود سلطان، محمد عمر غرس الله، د. أحمد بشير، د - محمد بنيعيش، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، فتحي العابد، د. عبد الآله المالكي، وائل بنجدو، مجدى داود، د- هاني ابوالفتوح، د - المنجي الكعبي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، فوزي مسعود ، حسن عثمان، مراد قميزة، د- جابر قميحة، فتحـي قاره بيبـان، مصطفي زهران، الهادي المثلوثي، مصطفى منيغ، صفاء العراقي، أشرف إبراهيم حجاج، أحمد بن عبد المحسن العساف ، سيد السباعي، كريم فارق، عراق المطيري، سليمان أحمد أبو ستة، فتحي الزغل، أنس الشابي، د- محمود علي عريقات، د- محمد رحال، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عواطف منصور، رشيد السيد أحمد، سامح لطف الله، علي الكاش، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. صلاح عودة الله ، أ.د. مصطفى رجب، الناصر الرقيق، محمد الياسين، د - شاكر الحوكي ، محمد يحي، نادية سعد، صفاء العربي، جاسم الرصيف، د. طارق عبد الحليم، عمر غازي، محمد اسعد بيوض التميمي، د - عادل رضا، أحمد ملحم، تونسي، عبد الرزاق قيراط ، رحاب اسعد بيوض التميمي، صباح الموسوي ، محمود طرشوبي، كريم السليتي، صالح النعامي ، رمضان حينوني، عبد الله الفقير، يزيد بن الحسين، عبد الغني مزوز، محرر "بوابتي"، خالد الجاف ، ياسين أحمد، عمار غيلوفي، سامر أبو رمان ، صلاح المختار، إسراء أبو رمان، فهمي شراب،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة