من أجل التأسيس لنصرة غزة
القسم الأول : أحداث غزة في المدى المباشر والقريب
محمد شمام
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6184
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بعد إتمام مدخل ملف أحداث غزة ، سنشرع في تناول أقسامه بإذن الله . وهذا المدخل - كما رأينا - يتكون من مقدمات ثلاث ، يشكل موضوع "كلمة الجمهور...” المقدمة الأولى منها، وموضوع "هل انتهت أحداث غزة؟" المقدمة الثانية . وأما مقدمته الثالثة فقد كانت في مضامين منهجية ، وقد رأينا فيها أقسام هذا الملف التي ستليها وتلي المدخل بإذن الله .
(1) أقسام ملف غزة :
أقسام هذا الملف ستة يشمل كل قسم منها مواضيع عديدة التي لنا فيها الآن (الأقسام والمواضيع) تصنيف وترتيب أولي ، والتي نقدر أنها ستتطور مع التقدم في الانجاز بإذن الله ... ويتعلق القسم الأول منها بـ" أحداث غزة في المدى المباشر والقريب".
وسيتركز اهتمامنا في هذه الأقسام وموضوعاتها – كما سبق أن لاحظنا - على أحداث غزة بحقائقها وكوامنها، وأيضا بآثارها وأبعادها وآفاقها... ولن يكون مناط تركيزنا على الأحداث المباشرة ونتائجها القريبة ، ولكن على تلك الحقائق والكوامن والآثار والأبعاد والآفاق .
وسنُعمِل - في المضامين والمادة المتجمعة في هذا الملف - المنهجيةََ المبيّنة في المقدمة الثالثة من المدخل التي خلُصت إلى أن منهجية التكرير بطبيعتها التصعيدية الحضارية هي الجواب عن سؤال : كيف نستفيد من الكم الهائل من الكتابات والتفاعلات مع أحداث غزة ؟ وأن هذا التكرير ليس هو أي تكرير، ولكنه تكرير مزوّد بمصفاة بتلك المضامين المنهجية ، هذه لقطة منها :
سنتناول ملف غزة تناولا متناغما مع رؤية وطرح الجمهور، وتناولا مفتوحا على كل الكتابات والتفاعلات مع قضية غزة ، متطوّرين به خطوة خطوة نحو مشروع حضاري معبّر على أوسع دائرة من العرب والمسلمين .
نحن هنا لا نقوم بعمل إعلامي ، ولكن نجتهد في قراءة بخلفية حضارية نهدف منها للخلوص إلى عمل حضاري بل وإلى مشروع حضاري . إلا أن هذا العمق الحضاري الذي نطمح أن نقرأ به الأحداث ، قد تأتي عليه بعض الأخطاء المنهجية، من أبرزها نوعان يمكن أن نطلق عليهما الموضوعية المهلكة والموضوعية الموهومة.
وحتى لا تكون الموضوعية مهلكة فالمطلوب أن تكون هذه الموضوعية حيادا علميا وعقليا وتحليليا من زاوية عمليات التشخيص والتحليل في عملية التغيير، وأما المواقف المطلوبة فهو الانحياز الذي هو في وجه من وجوهه موقف اعتباري كما يعبر عليه مثل قوله تعالى :” من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا".
وتكون الموضوعية وهمية مهلكة إذا سقطت في الموضوعية "الموضِعية" وهي تلك الموضوعية المغمورة في اللحظة وفي الحدث، غافلة عن المآل وعن الشمول (أي عمن معها وحواليها) ؛ وأيضا إذا سقطت في موضوعية "المآل" وهي تلك التي تستحضر المآل ويغمرها حتى تنسى الحاضر بمعناه الموضعي أو الشمولي.
بهذا العمق الحضاري وبهذه الموضوعية ، سنجتهد إذن في تناول ملف غزة الذي سنتعرض فيه إلى مواضيع كثيرة، مصنفة إلى أقسام عديدة ، في اتجاه التقدم خطوة خطوة نحو مشروع حضاري . إنه طريق طويل ، ولكنه طريق نأمل منه ليس فقط أن يحقق مشروعا معبرا على الجمهور وعن حجم الفعل الذي قدمه في حرب غزة، ولكن أيضا أن يكون معبرا على أوسع دائرة من أبناء العرب والمسلمين بقدر كامل أو جزئي .
إن مثل هذا الأسلوب يريد أن يقول أن الجمهور في حقيقته وروحه ومخزونه هو الأصل، وليس السلاطين ولا النخب ، فمن توافق مع هذه الحقيقة وهذا العمق وهذا المخزون فقد توافق مع الأصل وكان معه ، ومن خالف هذه الحقيقة وهذا العمق وهذا المخزون فقد خالف الأصل وكان ضده . هذا الأصل هو إذن المحور والمركز المطلوب الالتفاف حوله والتمحور عليه وليس على أي شيء آخر.
(3) أين موقع القسم الأول من جملة أقسام الملف؟ :
ويتعلق القسم الأول من أقسام الملف بـ" أحداث غزة في المدى المباشر والقريب". هذه الأحداث - كما عايشناها وعايشها العالم - كانت مبدؤها محرقة ، وكذلك استمرت إلى أن توقفت الحرب ، وكانت ثانيا صمودا وثباتا من حيث لم يحتسب أحد ، وبما يخالف منطق الحسابات كلها.
إن هذه الأحداث هي إذن :
1. المحرقة وما يرتبط بها (القسم الأول) .
2. وحقائق الإيمان والتأييد والنصر الربانيين ومتعلقاتها (القسم الثاني) .
3. ولا يمكن بطبيعة الحال أن تنفك هذه الأحداث عن سياق وإطار ومسار ، ليس فقط فيما يتعلق بقضية فلسطين ، ولكن فيما يتعلق أيضا بالأمة وحتى بالبشرية (بقية الأقسام الأربعة) .
(4) موضوعات القسم الأول :
ذاك هو موقع القسم الأول من جملة الأقسام الأخرى ، وسنشرع في تناوله بإذن الله بدءا من هذه الحلقة وفق المواضيع التالية :
1. هل أحداث غزة محرقة ( أخدود العصر) أم صمود ومقاومة؟
2. هل كشفتْ غزة سوءاتِنا أم سوءاتَ الآخرين ؟
3. هل كانت انتفاضة الغضب على أنفسنا أم على الآخرين؟
4. هل بدأ بالفعل يتحول الجمهور إلى الإيجابية والمبادرة؟
5. هل هي بداية الوعي والخروج من الفتنة ؟
6. هل نبادر فنعيد الاعتبار إلى الجمهور أم يعيدها إلى نفسه؟
لقد كانت أحداث غزة محرقة شهدها الجمهور، وشهد تزييف الحقائق وقلبها من طرف الصهاينة والغرب ومن والاهم ، وشهد الخذلان والقعود من الجهات الرسمية خاصة العربية (الموضوع 1) .
وكان بكل هذا كشفا للبشرية جميعها ، عرّى وفضح حتى المتابع نفسه . وضاعف من هذه الفضيحة ذلك الصمود الخارق للعادة الذي شهده الجميع من عموم جمهور غزة ، من الرجال والنساء ، ومن الصغار والكبار، ومن النخب والزعامات والقيادات والعوام ، ومن المعافين والمصابين والمبتلين ، بل حتى ممن وهم يموتون حيث نشهد منهم بسَمات الصمود (الموضوع 2) ...
فولّدت تلك المحرقة وتلك الفضيحة :
غضبا عارما لدى الجمهور العربي والإسلامي ، والتجربة علمته أن يكون عاقلا (الموضوع 3) / وحولت هذا الجمهور ودفعته إلى المبادرة ، خاصة وقد يئس من كل الجهات الرسمية (الموضوع 4) / وأخرجته من الالتباس في خصوص هذه الرسمية العربية والغربية والأممية ، فنفض يده من هؤلاء جميعا ومن عموم الغرب . وأفضل من ذلك أنه بدأ يتحرر من موازين الحسّ ومنطق الحساب الرياضي ...(الموضوع 5) / ونتج عن كل هذا تحولا نوعيا بالجمهور في اتجاه البحث عن ذاته والتعبير عنها ، وفي اتجاه الحضور في واقعه وتحديد مصيره ... (الموضوع 6) .
وسنبدأ في الحلقة القادمة - بإذن الله - في تناول الموضوع الأول ، موضوع "هل أحداث غزة محرقة ( أخدود العصر) أم صمود ومقاومة؟".
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: