البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

العلمانيون وثورة الزنج - 2 -
نهاية صاحب الزنج ودولته

كاتب المقال  د - هاني السباعي   
 المشاهدات: 7733


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يقول ابن جرير الطبري:


في سنة 270هـ : "وانتهى الموفق إلى نهر أبي الخصيب، فوافاه البشير بقتل الفاجر، ولم يلبث أن وافاه بشير آخر ومعه كف زعم أنها كفه، فقوي الخبر عنده بعض القوة. ثم أتاه غلام من أصحاب لؤلؤ يركض على فرسه ومعه رأس الخبيث، فأدناه منه، فعرضه على جماعة ممن كان بحضرته من قواد المستأمنة، فعرفوه. فخر لله ساجداً على ما أولاه وأبلاه، وسجد أبو العباس وقواد موالي الموفق وغلمانه شكراً لله، فأكثروا حمد الله والثناء عليه، وأمر الموفق برفع رأس الفاجر على قناة ونصبه بين يديه، فتأمله الناس وعرفوا صحة الخبر بقتله فارتفعت أصواتهم بالحمد لله"

أقول: إنه منظر مهيب يحرك المشاعر ويلين القلوب قبل العيون .. أن ترى جيشاً بأسره ساجداً لله على ما أيدهم بنصره.. إنها صورة مهيبة بحق تهز كيان الإنسان وتزلزل مشاعره وأحاسيسه وهو يرى خليفة المسلمين وولي العهد وكبار القادة وسائر الجند وعوام المسلمين كبيرهم وصغيرهم يؤدون وظيفة العبودية لله وهم يمرغون وجوههم في التراب شكراً وحمداً لله رب العالمين قاصم الجبابرة.. الأمة كلها ساجدة لله رب العالمين؛ الذي أنقذهم وحررهم من هذا الورم الخبيث المسمى بصاحب الزنج الذي كاد أن يقضي على الأخضر واليابس.. وكادت شمس الخلافة أن تغيب!! إنه منظر يهيج القلوب المتعطشة إلى شفاء الصدور وذهاب الغيظ.. لقد كانت التسابيح والتهاليل تهز أركان الخلافة مغردة بالنصر المبين وشاكرة للرب العظيم.. لم نسمع طبلاً ولا زمراً ولم نر رقصاً ولا عربدة لانتصارات مزيفة ولأبطال من ورق!! بل ردت الأمة وقادتها الأمر كله لله وحده.. وهذه المعاني لا تلامس شغاف قلوب العلمانيين لذلك لا يفهمونها ولا يشعرون بها!!

ويلخص لنا الطبري تلكم الحقبة بقوله: "وكان خروج صاحب الزنج في يوم الأربعاء لأربع بقين من شهر رمضان سنة خمس وخمسين ومائتين، وقتل يوم السبت لليلتين خلتا من صفر سنة سبعين ومائتين، فكانت أيامه منذ خروجه إلى اليوم الذي قتل فيه أربع عشرة سنة وأربعة أشهر وستة أيام، وكان دخوله الأهواز لثلاث عشرة ليلة بقيت من شوال سنة سبع وخمسين ومائتين"

يقول أبو عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي في أحداث 255هـ:


"وللنصف من شوال هذه السنة‏:‏ ظهر في نواحي البصرة رجل زعم أنه علي بن محمد بن أحمد بن علي بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وكان يقول أن جده لأمه خرج مع زيد بن علي على هشام بن عبد الملك وكان من أهل) ورزنين) وكان عبادًا يتكلم في علم النجوم فربما كتب العوذ فخرج في نفر من الزنج فأخذه محمد بن أبي عون فحبسه ثم أطلقه فخرج في قراب البصرة في مكان يقال له‏:‏) برنجل) وجمع الزنج الذين كانوا يكتسحون السباخ فاستغواهم ثم عبر دجلة ونزل (الديناري) وكان هذا الرجل متصلًا بقوم من أصحاب السلطان يمدحهم ويستميحهم بشعره ثم خرج من) سامراء) سنة تسع وأربعين ومائتين إلى البحرين وادعى أنه من ولد علي بن أبي طالب ودعا الناس إلى طاعته فتبعه جماعة وأباه جماعة فوقع بينهم قتال على ذلك فانتقل عنهم إلى الإحساء فضوى إلى حي من بني تميم وصحبه جماعة من أهل البحرين ثم كان ينتقل في البادية من حي إلى حي ولم يزل أمره يقوى إلى سنة سبعين"

يوحى إلى صاحب الزنج بالاتجاه إلى البصرة!!:
" وكان يقول‏:‏ أوتيت آيات من آيات القرآن إمامتي منها لقيت سورًا من القرآن لا أحفظها فجرى بها لساني في ساعة واحدة منها‏:‏ سبحان والكهف وص وألقيت نفسي على فراشي فجعلت أفكر في الموضع الذي أقصد له وأقيم فيه إذ نبت بي البادية فأظلتني سحابة فبرقت ورعدت وقيل لي‏:‏ أقصد للبصرة فمضى إليها فقدمها في سنة أربع وخمسين. ونزل في بني ضبيعة فاتبعه جماعة منهم علي بن أبان المهلبي ووافق ذلك فتنة البصرة بالبلالية والسعدية فرجى أن يتبعه منهم أحد فلم يتبعه فهرب وطلبه محمد بن رجاء عامل السلطان بها فلم يقدر عليه فأتى بغداد فأقام بها فاستمال جماعة فلما عزل محمد بن رجاء عن البصرة وثب رؤوس الفتنة من البلالية والسعدية ففتحوا الحبوس وأطلقوا من كان فيها فبلغه ذلك فخرج إلى البصرة في رمضان سنة خمس وخمسين وأخذ حريرة وكتب عليها‏:‏ (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) ‏.. وكتب اسمه واسم أبيه وعلقها على رأس مردي وخرج في السحر من ليلة السبت لليلتين بقيتا من شهر رمضان"

يأمر الغلمان بضرب مواليهم:
" فلقيه غلمان فأمر بأخذهم وكانوا خمسين غلامًا ثم صار إلى مكان آخر فأخذ منه خمس مائة غلامٍ ثم صار إلى الموضع آخر فأخذ منه مائة وخمسين غلاما وجمع من الغلمان خلقًا كثيرًا وقام فيهم خطيبًا فمناهم ووعدهم أن يقودهم ويرأسهم ويملكهم ولا يدع من الإحسان شيئًا إلا فعله لهم ثم دعا قد أردت ضرب أعناقكم لما كنتم تأتون إلى هؤلاء الغلمان الذين استضعفتموهم وقهرتموهم وحملتموهم ما لا يطيقون فكلمني أصحابي فيكم فرأيت إطلاقكم فقالوا‏:‏ إن هؤلاء الغلمان أباق فهم يتهربون منك فخذ منا مالًا وأطلقهم لنا ‏.‏ فأمر بهم فبطح كل قوم مولاهم وضرب كل واحد منهم خمسين سوطًا أحلفهم بطلاق نسائهم أن لا يعلموا أحدًا بموضعه وأطلقهم"

صاحب الزنج يحرض العبيد:
"ثم خرج حتى عبر دجيلًا واجتمع إليه السودان فلما حضر العيد ركز المردي الذي عليه لواؤه وصلى بهم وخطب للعيد وذكر ما كانوا فيه من الشقاء وأن الله سبحانه استنقذهم من ذلك وأنه يريد أن يرفع أقدارهم ويملكهم العبيد والأموال والمنازل ويبلغ بهم أعلى الأمر ثم حلف لهم على ذلك وكانوا جمعًا كبيرًا وليس لهم إلا ثلاثة أسياف وأهدي له فرس فلم يجد له سرجًا ولا لجامًا فركبه بحبل وسنفه بليف. وما زال ينتقل من مكان إلى مكان ويأخذ ما يقدر عليه وينتهب السلاح وغيره حتى صار له قوة وخاف الموالي منه أن يردهم إلى مواليهم فحلف لهم يوثق من نفسه وقال‏:‏ ليحط بي منكم جماعة فإن أحسوا مني غدرًا فليقتلوني ‏.‏ وأعلمهم أنه لم يخرج لعرض الدنيا بل غضبًا لله عز وجل ولما رأى من فساد الدين"

أول سبي لصاحب الزنج:
"ومر على قرية فخالفوه فانتهب منها مالًا عظيمًا وجوهرًا كثيرًا وغلمانًا ونسوة وذلك أول سبي سباه وما زال يعيث وينتهب فجاءه رجل من أهل البصرة فسأله عن البلالية والسعدية فقال‏:‏ إنما جئت إليك برسالتهم يسألونك شروطًا فإن أعطيتهم إياها سمعوا لك وأطاعوا ‏.‏ فأعطاهم ما سألوا (..) إلى أن اجتمع عليه خلق كثير من أهل البصرة فقال‏:‏ اللهم إن هذه ساعة النصرة فأعني فزعموا أنه رأى طيورًا بيضاء فأظلتهم. ‏ وكان سبب هزيمة أعدائه وقتلهم فقوي عدو الله ودخل رعبه في قلوب أهل البصرة وكتبوا إلى السلطان يخبرونه خبره فوجه جعلان التركي ونزل الخبيث سبخة وأمر أصحابه باتخاذ الأكواخ وبثهم في القرى يغيرون"

وفي أحداث سنة 270 هـ يقول ابن الجوزي: "فمن الحوادث فيها‏:‏ وقعة كانت بين أبي أحمد وصاحب الزنج في المحرم أضعفت أركان صاحب الزنج واسمه) بهبوذ) وفي صفر قتل وشرح القصة‏:‏ أن أبا أحمد ألح على حربه ورغب الناس في جهاد العدو وصار معه جماعة من المطوعة ورتب الناس وأمرهم أن يزحف جميعهم مرة واحدة وعبر يوم الاثنين لثلاث بقين من المحرم سنة سبعين فنصر ومنح أكتاف القوم فولوا منهزمين واتبعهم الناس يقتلون ويأسرون فقتل ما لا يحصى وخربت مدينة الخبيث بأسرها واستنقذوا ما كان فيها من الأسارى من الرجال والنساء والصبيان وهرب الخبيث وخواصه إلى موضع قد كان وطأه لنفسه ملجأ إذا غلب على مدينته فتبعه الناس فانهزم أصحابه وغدا أبو أحمد يوم السبت لليلتين خلتا من صفر فسار إلى الفاسق وكان قد عاد إلى المدينة بعد انصراف الناس فلقي الناس قواد الفسق فأسروهم وجاء البشير بقتل الفاسق ثم جاء رجل معه رأس الفاسق فسجد الناس شكرًا لله تعالى وأمر أحمد فرفع على قناة فارتفعت أصوات الناس بحمد الله تعالى وشكره وأمر أبو أحمد أن يكتب إلى أمصار المسلمين بالنداء في أهل البصرة والأبلة وكور دجلة والأهواز وكورها وأهل واسط وما حولها مما دخله الزنج بقتل الفاسق وأن يؤمروا بالرجوع إلى أوطانهم.‏ وولي البصرة والأبلة وكور دجلة رجلًا من قواده ومواليه وولى قضاء هذه الأماكن محمد بن حماد وقدم ابنه العباس إلى بغداد ومعه رأس الخبيث ليراه الناس فيسروا فوافى بغداد يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى في هذه السنة والرأس بين يديه على قناة فأكثر الناس التكبير والشكر لله تعالى والمدح لابن الموفق وأبيه ودخل أحمد بن الموفق بغداد برأس الخبيث وركب في جيش لم ير مثله من سوق الثلاثاء إلى المخرم وباب الطاق وسوق يحيى حتى هبط إلى الجزيرة ثم انحدر في دجلة إلى قصر الخلافة في جمادى هذه السنة وضربت القباب وزينت الحيطان"


3 ـ قول العلامة ابن الأثير:


ذكر الحافظ عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري في أحداث 257هـ وفيه أحرق الزنج مدينة البصرة وغدروا بأهلها:

"فلما كان في شوال أزمعا الخبيث على جمع أصحابه لدخول البصرة والجد في اخرابها لضعف أهلها وتفرقهم وخراب ما حولهم من القرى ثم أمر محمد ن يزيد الدارمي وهو أحد من صحبه بالبحرين أن يخرج إلى الأعراب ليجمعهم فأتاه منهم خلق كثير فأناخوا) بالقندل) ووجه إليهم العلوي سليمان بن موسى الشعراني وأمرهم بتطرق البصرة والإيقاع بها ليتمرن الأعراب على ذلك ثم أنهض علي بن أبان وضم إليه طائفة من الأعراب وأمره بإتيان البصرة من ناحية بني سعيد وأمر يحيى بن محمد البحراني بإتيانها مما يلي نهر عدي وضم إليه سائر الأعراب‏.‏
فكان أول من واقع أهل البصرة علي بن أبان و(بفراج) يومئذ بالبصرة في جماعة من الجند فأقام يقاتلهم يومين ومال الناس نحوه"


الغدر بأهل البصرة:
"وأقبل يحيى بن محمد فيمن معه نحو الجسر فدخل علي بن أبان وقت صلاة الجمعة لثلاث عشرة بقيت من شوال فأقام يقتل ويحرق يوم الجمعة وليلة السبت وغادى يحيى البصرة يوم الأحد فتلقاه (بفراج) و(برية) في جمع فردوه فرجع يومه ذلك‏.‏ ثم غاداهم اليوم الآخر فدخل وقد تفرق الجند وهرب برية وانحاز بفراج ومن معه ولقيه إبراهيم بن يحيى المهلبي فاستأمنه لأهل البصرة فأمنهم فنادى منادي إبراهيم‏:‏ من أراد الأمان فليحضر دار إبراهيم فحضر أهل البصرة قاطبة حتى ملأوا الرحاب فلما رأى اجتماعهم انتهز الفرصة لئلا يتفرقوا فغدر بهم وأمر أصحابه بقتلهم فكان السيف يعمل فيهم وأصواتهم مرتفعة بالشهادة فقتل ذلك الجمع كله ولم يسلم إلا النادر منهم ثم انصرف يومه ذلك إلى الحربية‏.‏ ودخل علي بن أبان الجامع فأحرقه وأحرقت البصرة في عدة مواضع منها المربد وزهران وغيرهما واتسع الحريق من الجبل إلى الجبل وعظم الخطب وعمها القتل والنهب والإحراق وقتلوا كل من رأوا بها فمن كان من أهل اليسار أخذوا ماله وقتلوه ومن كان فقيرًا قتلوه لوقته وبقوا كذلك عدة أيام"

أقول: هكذا كانت أمجاد صاحب الزنج؛ الغدر واحراق المساجد وقتل الأغنياء والفقراء.. فأين مبادئ ثورة الخبز ونصرة الفقراء كما يزعمون؟!!

وفي أحداث سنة 256هـ يقول ابن الأثير: "ثم رحل إلى المدينة التي سماها صاحب الزنج المنيعة من سوق الخميس يوم الثلاثاء لثمان خلون من ربيع الآخر من هذه السنة وسلك بالسفن في نهر مساور، وسارت الخيل بإزائه شرقي نهر مساور حتى جاوزوا براطق الذي يوصل إلى المنيعة وأمر بتعبير الخيل وتصييرها من الجانبين وأمر ابنه العباس بالتقدم بالشذا بعامة الجيش ففعل فلقيه الزنج فحاربوه حربًا شديدة ووافاهم أبو أحمد الموفق والخيل من جانبي النهر فلما رأوا ذلك انهزموا وتفرقوا وعلا أصحاب أبي العباس السور ووضعوا السيوف فيمن لقيهم ودخلوا المدينة فقتلوا فيها خلقًا كثيرأن وأسروا عالمًا عظيمأ وغنموا ما كان فيها وهرب الشعراني ومن معه وتبعه أصحاب الموفق إلى البطائح فغرق منهم خلق كثير ولجأ الباقون إلى الآجام‏.‏
ورجع أبو أحمد إلى معسكره من يومه وقد استنقذ من المسلمات زهاء خمسة آلاف امرأة سوى من ظفر به من الزنجيات وأمر أبو أحمد بحفظ النساء وحملهم إلى واسط ليدفعن إلى أهلهن ثم بكر إلى المدينة فأمر الناس بأخذ ما فيها فأخذ جميعه وأمر بهدم سورها وطم خندقها وإحراق ما بقي بها من السفن وأخذوا من الطعام والشعير والأرز وغير ذلك ما لا حد عليه، فأمر ببيع ذلك وصرفه إلى الجند"

يقول عنه الذهبي في أحداث سنة 270 هـ في كتابه العبر في اخبار من غبر:


"سنة سبعين ومائتين فيها التقى المسلمون والخبيث فاستظهروا ثم وقعة أخرى قتل فيها‏.‏ وعجل الله بروحه إلى النار واسمه علي بن محمد العبقسي المدعي أنه علوي ولقد طال قتال المسلمين معه واجتمع مع الموفق نحو ثلاثمائة ألف مقاتل أجناد ومطوعة وفي آخر الأمر التجأ الخبيث إلى جبل ثم تراجع هو وأصحابه إلى مدينهم فحاربهم المسلمون‏.‏ فانهزم الخبيث وتبعهم أصحاب الموفق يأسرون ويقتلون ثم استقبل هو وفرسانه وجملوا على الناس فأزالوهم فحمل عليه الموفق والتحم القتال وإذا بفارس قد أقبل ورأس الخبيث في يده فلم يصدقه فعرفه جماعة من الناس فحينئذ ترجل الموفق وابنه المعتضد والأمراء فخروا لله سجدًا وكبروا وسار الموفق فدخل بالرأس بغداد وعملت القباب وكان يوما مشهودًا وأمن الناس وشرعوا يتراجعون إلى الأمصار التي أخذها الخبيث وكانت أيامه خمس عشرة سنة‏.‏ قال الصولي‏:‏ قتل من المسلمين ألف ألف وخمسمائة ألف‏.‏ قال‏:‏ وقتل في يوم واحد بالبصرة ثلاثمائة ألف وكان يصعد على المنبر فيسب عثمان وعليًا وعائشة ومعاوية‏.‏ وهو اعتقادً الأزارقة وكان ينادي في عسكره على العلوية بدرهمين وثلاثة وكان عند الواحد من الزنج العشرة من العلويات يفترشهن وكان الخبيث خارجيًا يقول‏:‏ لاحكم إلا لله‏.‏ (على طريقة الخوارج طبعاً).. وقيل‏:‏ كان زنديقًا يتستر بمذهب الخوارج وهو أشبه فان الموفق كتب إليه وهو يحاربه في سنة سبع وستين يدعوه إلى التوبة والإنابة إلى الله مما فعل من سفك الدماء وسبي الحريم وانتحال النبوة والوحي فما زاده الكتاب إلا تجبرًا وطغيانًا‏"
وذكر الملك المؤيد إسماعيل بن أبي الفداء في تاريخه في أحداث سنة 270 هـ :" فـي هـذه السنـة قتـل صاحـب الزنـج لعنـه اللـه بعـد قتـل وغَـرقِ غالـب أصحابه وقُطع رأسه وطيف به على رمح وكثر ضجيج الناس بالتحميد ورجع الموقف إِلى موضعـه والـرأس بين يديه وأتاه من الزنج عالم كثير يطلبون الأمان فأمنهم ثم بعث برأس الخبيث إِلـى بغـداد وكـان خـروج صاحب الزنج يوم الأربعاء لأربع بقين من رمضان سنة خمس وخمسين ومائتين وقتل يوم السبت لليلتين خلتا من صفر سنة سبعين ومائتين فكانت أيامه أربع عشرة سنة وأربعة أشهر وستة أيام"


أبو المحاسن جمال الدين يوسف بن تغري بردي:


يقول في نجومه الزاهرة في أحداث 255هـ: "فيا كان ابتداء خروج الزنج، وخرج قائدهم بالبصرة، فلما خرج انتسب إلى زيد بن علي (..) بن الحسين بن علي بن أبي طالب؛ وهذا نسب غير صحيح، وانضم إليه معظم أهل البصرة وعظم أمره وفعل بالمسلمين الأفاعيل"

أما في أحداث 270 هـ يقول ابن تغري بردي: "وفيها توفي علي بن محمد صاحب الزنج وكانت مدة اقامته أربع عشرة سنة وأربعة أشهر وعشرة أيام. ولقي الناس منه في هذه المدة شدائد؛ قال الصولي: قتل من المسلمين ألف ألف وخمسمائة ألف مابين شيخ وشاب وذكر وأنثى، وقتل في يوم واحد بالبصرة ثلاثمائة ألف. وكان له منبر في مدينته يصعد عليه ويسب فيه عثمان وعلياً ومعاوية وطحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم. وهذا رأي الخوارج الأزارقة ـ لعنة الله عليهم ـ واستراح المسلمون بموته كثيراً ولله الحمد والمنة"


الحافظ جلال الدين السيوطي:


ذكر السيوطي في ترجمة الخليفة العباسي المعتمد على الله أبي العباس: "وفي أيامه دخلت الزنج البصرة وأعمالها وأخربوها، وبذلوا السيف وأحرقوا وخربوا وسبوا، وجرى بينهم وبين عسكره عدة وقعات، وأمير عسكره في أكثرها الموفق أخوه (..) واستمر القتال مع الزنج من سنة ستة وخمسين إلى سنة سبعين، فقتل فيها رأس الزنج ـ لعنه الله ـ واسمه بهبوذ، وكان ادعى أنه أرسل إلى الخلق فرد الرسالة وأنه مطلع على المغيبات (..) وكان ينادي على المرأة العلوية بدرهمين وثلاثة، وكان عند واحد من الزنج عشرة من العلويات يطؤهن ويستخدمهن"

الفقيه المؤرخ أبو الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي:


قال في أحداث 255هـ: "فيها فتنة الزنج وخروج العلوي القائد الزنج بالبصرة فعسكر ودعا إلى نفسه وزعم أنه علي بن محمد (..) بن الشهيد زيد بن الحسين بن علي. ولم يثبت نسبه فبادر إلى دعوة عبيد أهل البصرة والسودان، ومن ثم قيل الزنج، والتف إليه كل صاحب فتنة حتى استفحل أمره واستباح البصرة وغيرها وفعل الأفاعيل وامتدت أيامه إلى أن قتل إلى غير رحمة الله في سنة سبعين"

وفي أحداث 259هـ يقول ابن العماد: "كان طاغية الزنج قد نزل بالبطيحة وشق حوله الأنهار وتحصن فهجم عليه الموفق فقتل من أصحابه خلقاً وحرق أكواخه واستنقذ منه النساء خلقاً كثيراً فصار الخبيث إلى الأهواز ووضع السيف في الأمة فقتل خمسين ألفاً، وسبى مثلهم"

وفي أحداث 270هـ: "وكان يصعد المنبر فيسب عثمان وعلياً ومعاوية وعائشة وهو اعتقاد الأزارقة، وكان ينادي في عسكره على العلوية (أي القرشية) بدرهمين أو ثلاثة وكان عند واحد من الزنج العشرة من العلويات يفترشهن، وكان الخبيث خارجياً يقول لا حكم إلا لله! وقيل كان زنديقاً يتستر بمذهب الخوارج وهو أشبه، فإن الموفق كتب إليه وهو يحاربه في سنة سبعة وستين يدعوه إلى التوبة والإنابة إلى الله مما فعل من سفك الدماء وسبي الحريم وانتحال النبوة والوحي فما زاده إلا تكبراً وطغياناً"


الحافظ ابن كثير:


يقول في أحداث 255هـ: "خارجي آخر ادعى أنه من أهل البيت بالبصرة (..) زعم أنه علي بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ولم يكن صادقاً وإنما كان عسيفاً ـ يعني أجيراً ـ من عبد القيس واسمه علي بن محمد بن عبدالرحيم"
في أحداث 270هـ: "انتهت أيام صاحب الزنج المدعي الكذاب قبحه الله"
في أحداث 257هـ: "كانت الزنج تحيط بجماعة من أهل البصرة وكان يقول بعضهم لبعض (كيلوا) ـ وهي إشارة القتل ـ فيحملون عليهم بالسيوف فلا يسمع إلى قول أشهد ألا إله إلا الله، من أولئك المقتولين وضجيجهم عند القتل ـ أي صراخ الزنج وضحكهم ـ فإنا لله وإنا إليه راجعون. هكذا كانوا يفعلون في كل محال البصرة أيام نحسات، وهرب الناس منه كل مهرب، وحرقوا الكلأ من جبل إلى جبل، فكانت النار تحرق ما وجدت من شئ من انسان أو بهيمة أو آثار أو غير ذلك، وأحرقوا المسجد الجماع. وقتل هؤلاء جماعة كثيرة من الأعيان والأتباع والفضلاء والمحدثين والعلماء. فإنا لله وإنا إليه راجعون"

أقول: هذه هي ثورة الزنج التي يدافع عنها العلمانيون ومن على شاكلتهم!! ثورة الخبز والفقر وتحرير العبيد!! إنها ثورة اللصوص وسفاكي الدماء.. إنهم يضحكون وهم يسمعون صراخ وعويل الضعفاء والشيوخ وهم يصرخون بكلمة التوحيد .. أي قلوب هذه؟! وأي ثورة هذه التي يدافع عنها العلمانيون ويتمسحون بالدين الإسلامي؟!


المؤرخ أبو الحسن علي بن الحسن بن علي المسعودي:


يقول في مروجه في أحداث 255هـ: "وكان خروج صاحب الزنج بالبصرة في خلافة المهتدي (..) وكان يزعم أنه علي بن محمد (..) بن الحسبن بن علي بن أبي طالب، وأكثر الناس يقول: إنه دعي لأبي طالب ينكرونه وكان من أهل قرية من أعمال الري يقال لها ورزنين، وظهر من فعله ما دلّ على تصديق ما رمي به من أنه كان يرى رأي الأزارقة من الخوارج؛ بأن أفعاله في قتل النساء والأطفال وغيرهم من الشيخ الفاني وغيرهم ممن لا يستحق القتل يشهد بذلك عليه، وله خطبة يقول في أولها: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله ، والله أكبر ألا لا حكم إلا لله.. وكان يرى الذنوب كلها شركاً"

الناس يأكلون القطط والكلاب ويأكلون بعضهم:
يقول المسعودي: "ولما ركن من بقي من البصرة إلى هذا الفعل من المهلبي (أحد قواد صاحب الزنج بها) اجتمعوا في بعض الجمع، فوضع فيهم السيف، فمن ناج سالم، ومن مقتول، ومن غريق، واختفى كثير من الناس في الدور والآبار، فكانوا يظهرون بالليل فيأكلون الكلاب ويذبحونها ويأكلونها والفئران والسنانير، فأفنوها حتى لم يقدروا منهم على شئ، فكانوا إذا مات منهم الواحد أكلوه ويراعي بعضهم موت بعض، ومن قدر منهم على صاحبه قتله وأكله، وعدموا مع ذلك الماء العذب"

ويصف لنا المسعودي هول ما لاقاه الناس من فتنة الزنج وذكر عن امرأة أنها "أحضرت امرأة تنازع ومعها أختها، وقد أحتوشوها ينتظرون أن تموت فيأكلون لحمها. قالت المرأة: فما ماتت حتى ابتدرناها فقطعنا لحمها وأكلناها، ولقد حضرت أختها وقد جاءت على النهر ونحن على مشرعة عيسى بن أبي حرب وهي تبكي ومعها رأس أختها فقيل لها: ويحك مالك تبكين؟ قالت اجتمعوا على أختي ما تركوها تموت موتاً حسناً حتى قطعوها، فظلموني فلم يعطوني من لحمها شيئاً إلا رأسها هذا، وهي تشتكي ظلمهم لها في أختها مثل هذا كثير وأعظم مما وصفنا"

أقول: هذه ثورة الزنج .. ثورة الجياع!! التي أوصلت الناس إلى هذا الهوان.. ثورة الفقراء التي جعلت الناس يأكلون الفئران والكلاب بل ويأكلون ذويهم ويتعجلون وفاتهم!! العجب العجاب أن هؤلاء العلمانيين لا يزالون يدافعون ويشيدون بصاحب الزنج وثورته رغم كل جرائمه البشعة.. ألا يستحون!!


نساء آل البيت يطؤهن عبد زنجي:
انظر إلى تحرير المرأة وحفظ كرامتها على أيدي الزنج وصاحبهم الملهم علي بن محمد! يقول المسعودي: "وبلغ من أمر عسكره أنه كان ينادي فيه على المرأة من ولد الحسن والحسين والعباس وغيرهم من ولد هاشم وقريش وغيرهم من سائر العرب وأبناء الناس، تباع الجارية منهم بالدرهمين والثلاثة، وينادى عليها بنسبها؛ هذه ابنة فلان الفلاني، لكل زنجي منهم العشرة والعشرون والثلاثون؛ يطؤهن الزنج، ويخدمن النساء الزنجيات كما تخدم الوصائف، ولقد استغاثت إلى علي بن محمد امرأ' من ولد الحسن بن علي بن أبي طالب كانت عند بعض الزنج وسألته أن ينقلها منه إلى غيره من الزنج أو يعتقها مما هي فيه. فقال لها: هو مولاك وأولى بك من غيره"
أهكذا يكون صاحب الزنج علوياً ينتسب إلى آل البيت وهو يمعن في إذلال نسائهم وهتك أعراض بناتهم واسترقاقهن وهو الحرائر العفيفات.. ثم يأتي علمانيو هذا الزمان ويدافعون عن فتنته العمياء!! لقد تعمدنا نقل كلام المسعودي لعلمنا بتشيعه وميوله إلى العلويين والطالبيين وبغضه للعباسيين ونظراً لاطراء كثير من المستشرقين بالمسعودي فيما يتعلق من هجومه على الولاة العباسيين!!
ورغم كل ما ذكرناه فماذا عسى دعاة تيار اليسار الإسلامي والعلمنة المتمحكة بالإسلام.. ماذا عسى العقلنة الاعتزالية أن تقول ازاء هذه الشهادات الدامغة من علماء الأمة على اختلاف مشارهم وتباين عصورهم؟! أعتقد أن جوابهم جاهز: إنها مؤامرة تاريخية كبرى!!


الحافظ شمس الدين الذهبي:


يقول الحافظ في كتابه (سير أعلام النبلاء) في ترجمة علي بن محمد تحت عنوان (الخبيث): "هو طاغية الزنج، علي بن محمد (..) افترى وزعم أنه من ولد زيد بن علي العلوي، كان من منجماً طرقياً ذكياً حرورياً ماكراً، داهية منتحلاً، على رأي فجرة الخوارج، يتستر بالإنتماء إليهم وإلا فالرجل دهري فيلسوف زنديق. ظهر بالبصرة واستغوى عبيد الناس وأوباشهم فتجمع له كل لص ومريب، وكثروا فشد بهم على أهل البصرة، وتم له ذلك واستباحوا البلد، واسترقوا الذرية، وملكوا، فانتدب لحربهم عسكر المتعمد، فالتقى الفريقان وانتصر الخبيث واستفحل بلواؤه، وطوى البلد وأباد العباد، وكاد أن يملك بغداد وجرت بينه وبين الجيش عدة مصافات، وأنشأ مدينة سماها (المختارة)، في غاية الحصانة، وزاد جيشه إلى مائة ألف، ولولا زندقته ومروقه لاستولى على الممالك"

سبب خروجه ودعوته إلى فتنته:
يقول الذهبي: "بعد مصرع المتوكل وابنه أولئك الخلفاء المستضعفين المقتولين، نقض أمر الخلفاء جداً وطمع كل شيطان في التوثب، وخرج الصفّار بخراسان، اتسعت ممالكه، وخرج هذا الخبيث بالبصرة وفعل ما فعل، وهاجت روم وعظم الخطب"

عقيدة ومبادئ صاحب الزنج:
يقول الذهبي: "وادعى أنه هو عبد الله المذكور في (قل أوحي إلي) وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم ما يمتاز عليه إلا بالنبوة" "وزعم أنه تكلم في المهد؛ صيح به: يا علي! فقال لبيك" "وكان يجمع اليهود والنصارى، يسألهم عما في التوراة والإنجيل من ذكره وهم يسخرون منه، ويقرأون له فصولاً فيدعي أنها فيه، وزاد من الإفك، فنفرت منه قلوب خالق من أتباعه ومقتوه"

كان يدعي الزهد والتقشف وهو أبعد الناس من ذلك:
يقول الذهبي: "ولم يجد لجيشه لما كثروا من من بد من أرزاق، فقرر للجندي في الشهر عشرة دنانير، فحسده قواده الفرسان، وانشغل بإنشاء الأبنية وتفر عن الزنج فهموا بالفتك به"


العلامة عبد الرحمن بن خلدون:


"كان أكثر دعاة العَلًوّية الخارجين بالعراق أيام المُعْتَصِم وما بعده أكثرهمِ من الزيْدِيَّةِ وكان من أئمتهم علي بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد الشهير وكان نازلاً بالبصرة لما وقع البحث عليه من الخلفاء ظفروا بابن عمّه عليّ بن محمد بن الحسين فقتل بفدك ولأيام من قتله خرج رجـل بالـريّ يدّعي أنه علي بن محمد بن أحمد بن عيسى المطلوب وذلك سنة خمس وخمسين ومائتين أيام المهتدي‏.‏ ولما ملك البصرة لقي عليّاً هذا حياً معروف النسب فرجع عن ذلك وانتسب إلى يحيى قتيل الجوزجان أخي عيسى المذكور‏.‏ ونسبـه المسعـوديُّ إلـى طاهـر بـن الحسيـن وأظنـه الحسيـن بـن طاهر بن يحيى المحدِّث بن الحسين بن جعفـر بـن عبـد اللـه بـن الحسيـن بـن علـيّ لـأن ابـن حـزم قـال فـي الحسيـن السبـط إنـه لا عقـب لـه إلّا من علـيّ بـن الحسيـن وقـال فيـه علـيّ بـن محمـد بـن جعفـر بـن الحسيـن بـن طاهـر‏.‏ وقـال الطبـري وابن حزم وغيرهم من المحقّقين إنه من عبد القيس واسمه عليّ بن عبد الرحيم من قرية من قرى الريّ ورأى كثـرة خـروج الزيديّـةِ فحدّثتـه نفسه بالتوثّب فانتحل هذا النسب ويشهد لذلك أنه كان على رأي الأزارقة من الخوارج ولا يكون ذلك من أهل البيت"

ويقول ابن خلدون: "واستنقذ العباس من نساء الكوفة وواسط وصبيانهم أكثر من عشرة آلاف وأعطى ما وجده في (المنصورة) من الذخائر والأموال للأجناد"


الشيخ محمد الخضري:


يقول في محاضراته التاريخية: "ولم يكن يدري إلا الله ماذا تكون العاقبة لو انتصر هذا الرجل بزنوجه على آل العباس بأتراكهم كان الأمر ينتقل من أيدي الـراك إلى أيدي الزنوج فتقع الأمة في الشر العظيم والوباء الوبيل لأن هؤلاء الزنوج ليس لهم أدب معروف بل لا يكادون يفقهون قولاً.. فانتصار العباسيين عليهم خلاص للأمة من شر مستطير"

صفوة القول


من خلال عرضنا االسابق نخلص إلى النقاط التالية:

" إن صاحب الزنج دعي آل طالب كذاب ونسبه ليس بالصحيح.. وأن اسمه علي بن محمد بن عبد الرحيم بن بني عبد القيس.
" لو افترضنا صحة نسبه لآل البيت فإن هذا لا يغني في دين الله.. فماذا أغنت قرابة أبي لهب وأبي جهل من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
" إن صاحب الزنج لم يكن علوياً بل استغل ادعاء النسب لآل البيت لحب عامة الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأحفاده. وليس كما ذهب أحمد علبي الذي يقول إن عقيدة الشيعة في ذلك الوقت هي عقيدة عامةالناس وهذا خطأ فعقيدة أهل السنة هلي التي كانت سائدة ولازالت إلى وقتنا الحاضر.
" هب أن صاحب الزنج علوي صحبح النسب! فكيف يستقيم هذا مع رجل يسمح بإذلال نساء آل البيت وخاصة من أبناء الحسن بن علي رضي الله عنهم؟! كيف يسمح بانتهاك حرمة هؤلاء العفيفات.. كيف يسمح باسترقاق هؤلاء الحرائر من آل البيت وبيعهن بأوكس الأثمان؟!! كيف يكون علوياً صحيح النسب وهو الذي كان يلعن علي بن أبي طالب من على المنبر ويأمر بذلك؟!
" كيف يستقيم ادعاؤه أنه من العلويين وهو الذي قتل علي بن زيد صاحب الكوفة سنة 260هـ.
" أما عن اعتقاده فكان أشبه بمعتقد الخوارج الأزارقة من قتل النساء والأطفال والأشياخ، واستحلال الفروج وكان يرفع نفس شعار الخوارج أيام التحكيم (لا حكم إلا لله)!! وإن كنا نميل إلى رأي الحافظ الذهبي أنه كان زنديقاً لا خارجياً ولا علوياً بل كان يتستر بهذين المذهبين لارتكاب الأفاعيل والجرائم في حق المسلمين.
" كان هذا الخبيث يزعم أنه نزل عليه الوحي وأنه خوطب من الملائكة: (إنما البصرة كانت خبزة لك تأكلها من جوانبها)!!
" ادعى أنه رأى طيوراً بيضاء حاربت معه.
" ادعى أنه عرضت عليه النبوة فأباها لأن لها أعباء: خفتُ ألا أطيقها!!
" إن صاحب الزنج شخص مغامر استغل حالة الفوضى التي حلت بأرض الخلافة بعد مقتل بعض الخلفاء وليس كما زعم فيصل السامر وعلبي ومحمد عمارة إذ لم يكن يدور في خلد هؤلاء الزنوج التقسيم الذي أفرزته الثورة البلشفية لمجتمعات بروليتارية: عمال وفلاحين، وبرجوازية: أصحاب رؤوس الأموال والأملاك والإقطاعيين وأهل الحكم.. لم تكن هناك أسباب اجتماعية واقتصادية وسياسية وجيوسياسية وغير ذلك من تحليلات لم يسمع عنها أصحاب الزنج ولا أتباعه، فما حدث ليس إلا حالة من الفوضى لرجل زنديق استغل أعجمية هؤلاء الزنوج وعدم فهمهم للغة العربية مع وجود عدد كبير من الأعراب وقطاع الطرق والهاربين من الأحكام .. فهؤلاء المطاريد هم جند أصحاب الزنج!! فلم يكن لدى صاحب الزنج معتقد واضح ولا برنامج محدد، بل كلها شعارات لتهييج هؤلاء العبيد بأن يملكهم أراضي مواليهم ويحررهم.. ولم يحدث وكذب عليهم واستمروا في الرق فترة حكمه بل زاد في الرق حيث استرق الحرائر والأحرار من المسلمين!!
" نلاحظ أن عنصر الزنج لم يشترك في هذه الفتنة إلا بعد سبع سنوات من بدء دعوة صاحب الزنج علي بن محمد سنة 249هـ فأول زنجي انضم سنة 255هـ وكان كل أتباع هذا الدعي من الأعراب، الذين كانوا يهددون قوافل الحجاج ويأوون اللصوص والهاربين من الأحكام.. حتى بعد انضمام الزنج فإن معظم قواده من كانوا من هؤلاء الأعراب، وكان الزنج عبارة عن جيش من المرتزقة سرعان ما انقلبوا عليه وهربوا منه لما تيقنوا كذبه ودجله..
" جيش الخلافة الذي كان يحارب الزنج كان به فرق زنجية كاملة وكانت تحارب بإخلاص وبسالة ضد جيش صاحب الزنج.. لم يلتف هؤلاء العبيد حول الثورة المنشودة! ثورة الخبز والفقر التي تخلصهم من رق العبودية!!
" إذا كان هناك بطل لهذه الفتنة فإنه أبو أحمد الموفق أخو الخليفة العباسي المعتمد، وكذلك ابنه العباس الذي صار خليفة المسلمين وتلقب باسم المعتضد بالله..
" هؤلاء هو أهل الثناء والإشادة بعد توفيق الله سبحانه وتعالى.. هذا هو الأنموذج الذي يقدم لأمتنا؛ أخلاق أولاد النبي الأكرم.. أما الأنموذج الذي يقدمه لنا العلمانيون ويتباكى عليه اليسار الإسلامي ومن على شاكلتهم فهو الأنموذج الملفوظ، وهو الصورة القبيحة الدامية التي تعجب الماركسية الحمراء!!
" هؤلاء العلمانيون خيالهم خصب ويسبحون في أوهام من الباطل صنعها لهم ماسنيون وبروكلمان ورغم أن التاريخ يكذبهم جميعاً إلا أنهم يصرون على الدفاع عن أكابر المجرمين وسفاكي الدماء ومنتهكي الأعراض وقتلة الأطفال والشيوخ.. ثم بعد كل ذلك يقولون إنها مؤامرة تاريخية كبرى ضد صاحب الزنج!! (إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)..

************
د - هاني السباعي
مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية بلندن


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

علمانية، صاحب الزنج، ثورة، ثورة الزنج، الدولة العباسية، ابن خلدون، ابن الأثير، ابن كثير، الحافظ الذهبي، ابن جرير الطبري، جلال الدين السيوطي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 7-08-2009  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمود طرشوبي، أحمد بوادي، صلاح الحريري، حسني إبراهيم عبد العظيم، عواطف منصور، مصطفى منيغ، رافع القارصي، د. عادل محمد عايش الأسطل، سامح لطف الله، مجدى داود، رحاب اسعد بيوض التميمي، ياسين أحمد، محمد أحمد عزوز، صفاء العراقي، حميدة الطيلوش، رمضان حينوني، محمد يحي، د - الضاوي خوالدية، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد شمام ، ماهر عدنان قنديل، محرر "بوابتي"، عمار غيلوفي، أنس الشابي، فتحي الزغل، نادية سعد، سفيان عبد الكافي، أحمد ملحم، سليمان أحمد أبو ستة، إيمى الأشقر، د - صالح المازقي، د. أحمد بشير، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، فتحـي قاره بيبـان، العادل السمعلي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد الياسين، ضحى عبد الرحمن، عبد الله الفقير، د- محمود علي عريقات، د- جابر قميحة، د - عادل رضا، مراد قميزة، محمد الطرابلسي، طلال قسومي، د. طارق عبد الحليم، رضا الدبّابي، خبَّاب بن مروان الحمد، أشرف إبراهيم حجاج، عزيز العرباوي، كريم السليتي، علي عبد العال، فهمي شراب، د. أحمد محمد سليمان، عبد الغني مزوز، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حسن عثمان، أحمد النعيمي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سامر أبو رمان ، عبد الله زيدان، صلاح المختار، خالد الجاف ، د. عبد الآله المالكي، حاتم الصولي، سيد السباعي، عبد الرزاق قيراط ، منجي باكير، سلوى المغربي، محمد العيادي، محمود فاروق سيد شعبان، سعود السبعاني، مصطفي زهران، د - شاكر الحوكي ، د - مصطفى فهمي، د - محمد بن موسى الشريف ، تونسي، د.محمد فتحي عبد العال، رافد العزاوي، رشيد السيد أحمد، عراق المطيري، د- هاني ابوالفتوح، أحمد بن عبد المحسن العساف ، يزيد بن الحسين، د - المنجي الكعبي، د. مصطفى يوسف اللداوي، صباح الموسوي ، جاسم الرصيف، كريم فارق، المولدي الفرجاني، إسراء أبو رمان، محمود سلطان، فوزي مسعود ، صالح النعامي ، صفاء العربي، د - محمد بنيعيش، إياد محمود حسين ، أ.د. مصطفى رجب، سلام الشماع، فتحي العابد، الهيثم زعفان، عمر غازي، الهادي المثلوثي، وائل بنجدو، د. صلاح عودة الله ، محمد عمر غرس الله، د. خالد الطراولي ، الناصر الرقيق، أبو سمية، علي الكاش، يحيي البوليني، أحمد الحباسي، حسن الطرابلسي، د- محمد رحال،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة